#1
|
||||
|
||||
في أحراش يعبد
في أحراش يعبـد ــــــــــــــــــــــ ـ هل هناك توافق بين اسم المكان ( يعبد ) وبين ما وقع على أرض هذه القرية الصغيرة من عمل يعد في صلب العبادة لله؛ وسيكون لهذا العمل أثر بالغ فيما بعد في الصراع على أرض فلسطين ؟ إن اسم هذه القرية اسم جميل ، وكأنه في اشتقاقه العربي مأخوذ من ( العبادة ) التي هي رمز العلاقة بين المسلم وبين ربه سبحانه وتعالى . ـ في هذه القرية كان أول صدام مسلح بين المسلمين واليهود ، ولنبدأ القصة من أولها : إن أرض فلسطين جزء من بلاد الشام ، وفيها القدس والمسجد الأقصى الذي بارك الله فيه وفيما حوله، تعرضت هذه المنطقة بعد الحرب العالمية الأولى لمشروع استيطاني احتلالي يهودي تحت رعاية وتعاطف بريطانية التي كانت دولة منتدبة ( وصية ) على فلسطين من قبل عصبة الأمم . بدأت الهجرة اليهودية تزداد ، وشعر الفلسطينيون بالخطر لكثرة أعداد المهاجرين واستقرارهم في فلسطين ، ثم تهريب الأسلحة والتدرب عليها . ـ قاوم الزعماء السياسيون هذه الخطوات بالاحتجاج والشكوى لدى الحاكم البريطاني على فلسطين ولكن دون جدوى . ـ إنها قصة صراع طويل منذ أن جاء ( نابليون ) لاحتلال مصر ثم ارتداده عند أسوار عكا في فلسطين ، ثم مجيء بريطانية وفرنسا وتقسيمهم لبلاد الشام ووضعها تحت الوصاية ، وكأن شعوب هذه المنطقة لا تستطيع أن تقوم بنفسها . قاوم السوريون الاحتلال الفرنسي لبلدهم وكان من الذين حملوا عبء المقاومة عالم ديني من مدينة (جبلة) الواقعة على ساحل البحر المتوسط، إنه عزالدين القسَّام (1880 ـ 1935م ) ولكن فرنسا استطاعت بسط نفوذها على سورية ، وحكمت على الشيخ وغيره من الزعماء بالإعدام . فخرج القسام من سورية متوجهاً إلى فلسطين عام 1921م واستقر في مدينة حيفا ، ومن حيفا كانت البداية : كان مشروع الشيخ واضحاً،وهو تحرير الوطن من الاحتلال الأجنبي ، وفي حيفا عمل في التدريس ، وخطب في مسجد الاستقلال ، وكان يهيئ النفوس ويعدها لمقاومة الأعداء . سكن في حي شعبي فقير ، معظم سكانه من العمال والفلاحين الذين اضطروا إلى بيع أراضيهم بسبب فداحة الضرائب والديون . وكان الشيخ يعلمهم دينهم ، ويجلس معهم ويزورهم، فألفوه وألفهم ، وأحبوه وأحبهم، وشاركهم أفراحهم وهمومهم، واهتم بالفقراء ، وسعى جاهداً لمحو الأمية من بين صفوفهم . كانوا على الفطرة السليمة ، وكانوا أحب إليه من الزعماء السياسيين الذين يحضرون حفلات المندوب البريطاني ، ويتمنون على بريطانية أن تعطيهم حقوقهم . ـ أقام القسام علاقات قوية مع أهالي الشمال وكان يزورهم ويعلمهم ويدعوهم لمقاومة بيع الأراضي لليهود ، وكان يرى في هؤلاء الفلاحين علامات القوة والشجاعة ، والبعد عن الترف وأنهم أقرب إلى الإيمان والتضحية ، بل كان يرى فيهم أنهم أقوى بنية وأكثر احتمالاً للمشاق والمتاعب ؛ فغالبية الذين انضموا مع القسام لتحرير الوطن من المحتلين هم من العمال أو الفلاحين أو أصحاب المحلات الصغيرة ، وإن واجب الذكرى لهؤلاء التلامذة أن نذكر بعض أسمائهم : 1ـ فرحان السعدي : جندي من جنود الدولة العثمانية ، عمل بعدئذ في سلك الشرطة، ثم استقال ورجع إلى قريته ( المزار ) وهو من الأبطال الشجعان . 2ـ حسن الباير : فلاح من قرية ( برقين ) يقول : كنت قبل أن أتعرف على الشيخ القسام أسرق وأرتكب المحرمات ، فنهاني الشيخ عن ذلك وعلمني الصلاة . 3ـ نمر السعدي : فلاح من قرية ( شفا عمرو ) . 4ـ العبد قاسم : بائع السولار ( الجاز ـ الكاز ) في حيفا . 5ـ خليل محمد عيسى : بائع في دكان صغير في حيفا ، إلى عشرات ومئات من تلامذته ومؤيديه . *ـ بدء قتال العدو : ــــــــــــــــــــــــــ في عام 1928م ادعى اليهود أن لهم حقاً في حائط البراق وهو الحائط الغربي من المسجد الأقصى ، فقامت المظاهرات من المسلمين احتجاجاً على هذا الادعاء ، ولكن تلامذة القسام رأوا أن الشكاوى لا تنفع ، وأن الإنجليز وعصبة الأمم لا يسمعون للضعفاء ، وقرروا مقابلة القوة بالقوة وتحرير الأرض المقدسة . ـ خطب الشيخ آخر خطبة له في حيفا ، وأحس الحاضرون بالوداع وأجهشوا بالبكاء ، وودع الشيخ أهله ، وكذلك فعل الذين سيذهبون معه للقتال وباعوا كل ما يملكون ليشتروا به عتاداً للمقاومة ، واتجه الجميع نحو قرى الشمال التي كانت تعرف الشيخ وتلامذته ، ووصل المجاهدون إلى قرية يعبـد ، واتخذوا أحراشها مكاناً لهم ، وكانت الخطة تحريض الناس وتجميعهم والتهيؤ لمعركة طويلة مع المحتلين ، ولكن أخباراً وصلت إلى حاكم فلسطين البريطاني بأن هناك أناساً مسلحين في الشمال فأرسل ( 150 ) من أفراد الشرطة وتعجل بالصدام حتى لا يجتمع حول الشيخ أعداد كبيرة ، وفي صباح 20 ـ 11 ـ 1935م دارات معركة كبيرة ، واستبسل الشيخ والذين معه ، واستمرت المعركة إلى منتصف النهار ، استشهد الشيخ القسام على أثرها وخمسة من رفاقه وجرح آخرون . ـ كانت معركة يعبد أول مواجهة بين مسلمي فلسطين والاحتلال الإنجليزي الصهيوني، كانت معركة صغيرة ولكن آثارها كبيرة جداً ، لقد أعادت الثقة والأمل إلى نفوس أهل فلسطين ، وعملوا أن استجداء الحقوق من العدو لا يجدي نفعاً . كانت معركة يعبد مقدمة لثورة كبيرة ستقوم ما بين 1936 ـ 1939م ، وسيقودها تلامذة القسام . ـ كتب أحد زعماء فلسطين : إن أشد ما يؤسفني أنني تلقيت خبر استشهاده ونحن جلوس ؛ فخجلت من أن نحرم من ميتة كميتته . وقال آخر : ( إننا لا نؤبن ملكاً ولا زعيماً ولا رئيساً ، ولكن رجلاً من صميم الشعب، شغل دولة بأسرها ) . وكتب رئيس تحرير صحيفة الدفاع : ( في يعبد لنا جامعة ، لنا أساتذة ، لنا شهداء ) . { رحم الله الشيخ عز الدين القسّام ورفاقه ومن سار على الدرب } .:Palestine: ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ م: كتاب المنتدى الإسلامي ـ لندن وذكرهم بأيام الله ـ محمد العبدة ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ المصدر: ملتقى شذرات |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
لحراس, يعبد |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|