#1  
قديم 09-01-2016, 07:08 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة أمريكا وصناعة الأقليات في اليمن


أمريكا وصناعة الأقليات في اليمن
ــــــــــــــــ

(د. عبد الله الزنداني)
ـــــــــ

29 / 11 / 1437 هـ
1 / 9 / 2016 م
ـــــــــــ

الأقليات 830082016121218.png



قبل أيام التقى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في اجتماع عُقد في جُدة في المملكة العربية السعودية مع مسؤولين سعوديين وخليجيين لبحث مستقبل المستجدات اليمنية وفرص نجاح الحل السياسي في اليمن، وقدم كيري مقترحات للحل السياسي في اليمن وقد لاقت هذه المقترحات استهجان ومعارضة كثير من المتابعين اليمنيين، وخلال حديث كيري وصف جماعة الحوثي بأنها "أقلية"! وهذا التصريح من وجهة نظري هو امتداد للسياسة الأمريكية في اليمن، والتي قامت في بلدان كثيرة ومنها اليمن مؤخراً بزراعة الأقليات ورعاية ودعمها وتشجيعها ذريعةً لتدخُّلها المباشر في شؤون تلك الدول والبلدان تحت لافتة حماية هذه الأقليات وفرض حقوقها، ولكي نتعرف على بعض ملامح ومراحل استنبات وزراعة ورعاية الولايات المتحدة الأمريكية لميليشيا الحوثي وتحويلها من ميليشيا مسلحة متمردة إلى أقلية حاكمة في اليمن سنعود بذاكرتنا قليلاً إلى الوراء.

الرعاية الأمريكية للنشاط الشبابي والسياسي للحوثيين:
--------------------------------

عقب ثورة الشباب السلمية في مطلع 2011م تحركت جماعة الحوثي المسلحة بتوجيهات ورعاية ودعم أمريكي على ثلاثة محاور:

الأول: المحور الشبابي: حيث شارك الحوثيون في الوجود الشبابي في ساحة التغيير بصنعاء عبر مكون "شباب الصمود"، والذي سعى للوجود في ساحات مختلفة غير ساحة التغيير بصنعاء كما حدث في تعز وغيرها، وقد شكل هذا النشاط الشبابي لافتة حوثية للنشاط والاستقطاب وبث الأفكار وحشد واستقطاب الشباب والنشاط بفعاليات تخدم الجماعة وتوجهاتها.

الثاني: التحرك السياسي: حيث نشطت الجماعة سياسياً وأظهرت نشاطها للعلن في العاصمة صنعاء ومناطق كثيرة، وأقامت فعاليات وكشف أعضاء وأنصار لها عن توجههم ونشاطهم في إطارها، باعتبار أن الفترة السابقة كانت فترة استبداد وظلم حرمت الجماعة من نشاطها وحرصت السفارة الأمريكية من خلال مؤتمر الحوار في صنعاء على إعطاء الجماعة حصة كبيرة جداً وهي 30 عضواً في مؤتمر الحوار رغم أن الجماعة خلال فترة انعقاد المؤتمر لم تكن قد تخلت عن السلاح! وليس هذا فحسب بل كانت تتوسع بقوة السلاح في مناطق كثيرة، ونشط مكون الجماعة وشكَّل ما يشبه التحالف مع مكونات كثيرة في مؤتمر الحوار: كمكون الحَراك الجنوبي والمنظمات المدنية والمرأة وغيرها من المكونات التي اختارتها السفارة الأمريكية بعناية، وأدخل موادَّ تخدمه في المستقبل وضغطت السفارة الأمريكية وبن عمر على السلطة لتعتذر عن تدخل الجيش لإخماد التمرد الحوثي في صعدة تحت لافتة "الاعتذار للجنوب وصعدة"، كما وجهت السفارات الأمريكية جميع السفارات الأجنبية بصنعاء وكافة المنظمات المدنية والحقوقية بالتعاون مع الحوثيين باسم "تشجيعهم على الانخراط السياسي والتوجه المدني لهم"، كل هذا تم برعاية ودعم أمريكي مباشر لزراعة ورعاية الأقلية الحوثية في اليمن .

التحرك الحوثي العسكري بحماية أمريكية:
------------------------

المحور الثالث: التحرك العسكري للجماعة المسلحة: حيث صعَّدت الجماعة من نشاطها المسلح فتوسعت عسكرياً في صعدة ومناطقَ بحجة مستغلةً انشغال السلطة والمعارضة في صنعاء بالأحداث السياسية، وشكَّل التحرك الحوثي جزءاً من المخطط الأمريكي حيث مارس السفير الأمريكي في صنعاء جيرالد فايرستاين ومن بعده ماثيو تولر ضغوطاً كبيرة على السلطة الانتقالية بعدم التدخل في ما يحدث كما أعطت السفارة الأمريكية بصنعاء توجيهات صارمةً لوزارة الدفاع أيام الوزير السابق محمد ناصر أحمد بحيادية الجيش أمام ميليشيا الحوثي التي راحت تتوسع نحو الجوف وحجة وعمران حتى انتهى بها الحال إلى اجتياح العاصمة والسيطرة على مناطق الشمال وكثير من مناطق الجنوب، كل هذا والولايات المتحدة تبارك هذه التحركات وتدعمها بكل أنواع الدعم وتوجه المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن باعتبار ما يحدث صراعاً مسلحاً بين مجموعات مسلحة، وقد أقنعت السلطة في صنعاء وأطرافاً دوليةً وإقليمية بأن الحوثيين هذه "القوة الفتية" ستعمل على تهيئة المشهد اليمني للقبول بمخرجات الحوار عبر التخلص عسكرياً من القوى التقليدية القبلية والقوى الإسلامية والجناح العسكري الموالي لحزب الإصلاح في الجيش ممثلاً بالفرقة الأولى مدرع، ثم ستعود هذه القوى كيانات سياسيةً يمنيةً، وقد انطلت هذه الخدعة الكبرى على السلطة في صنعاء وعلى أطراف إقليمية أيضاً.
خلال تلك الفترة التي سبقت اجتياح ميليشيا الحوثي للعاصمة بالتعاون مع القوات الموالية لصالح، كان السفير يدعو الحوثيين لترك السلاح والعودة للسياسة، وفي الواقع يقدم لهم كل أنواع وألوان الدعم. كما لعب المبعوث الدولي إلى اليمن جمال بن عمر دوراً كبيراً بتوجيهات أمريكية لرعاية الأقلية الحوثية ودعمها، وانتهى دعمه لها بتوقيع ما سمي بـ "اتفاق السلم والشراكة" الذي وقعته السلطة في صنعاء تحت فوهات بنادق الحوثيين ومدافعهم، والذي يضمن لهم امتيازات كبيرة جداً تحولهم إلى أقلية حاكمة وليس ميليشيات مسلحة خرجت على الدولة والأمة وارتكبت كل الجرائم.
وصمتت الولايات المتحدة عن اجتياح الحوثي للعاصمة وكافة الممارسات الانقلابية والإجرامية للحوثيين، بل عرقلت صدور أي قرار أو إدانة دولية في الأمم المتحدة ومجلس الأمن وغيرها لممارساتهم رغم أنها لا تقدم ولا تؤخر.

الرعاية الأمريكية بعد الانقلاب الحوثي:
---------------------

رغم اجتياح ميليشيا الحوثي للعاصمة وارتكابها الفظائع والجرائم والممارسات الإرهابية وتنكيلها بالخصوم، مع هذا رفضت الولايات المتحدة الأمريكية إدراج ميليشيا الحوثي منظمةً إرهابيةً، وظلت تعتبرهم جماعة سياسية تشارك في مؤتمر الحوار وفي مفاوضات سويسرا وفي مفاوضات الكويت، وإن كانت قد أوعزت لمجلس الأمن إدراج بعض أسماء قيادات من الحوثيين في سجل العقوبات من باب دعم الحوثيين عند أنصارهم أنهم "ضد أمريكا"، ولم تكتف أمريكا بموقفها السياسي الداعم للحوثيين بل قدمت لهم كل ألوان الدعم المالي تحت ستار الدعم الإنساني ودعم النازحين وعبر الوكالة الأمريكية للتنمية وعبر منظمات أخرى؛ مع أن كل المساعدات التي وصلت لشمال اليمن عقب عاصفة الحزم حتى اليوم هي مساعدات مباشرة للحوثيين ودعم للمجهود الحربي للحوثيين، ولم ينل المواطن العادي منها أي شيء، هذا غير الدعم المالي الأمريكي الضخم للحوثيين الذي وصل عبر سلطنة عمان وتم تهريبه لليمن؛ حيث وصلت شحنات كثيرة جداً من المساعدات الأمريكية المباشرة للحوثيين، ومنها شحنة ضخمة جداً من الدقيق أرسلتها الوكالة الأمريكية للتنمية وصلت إلى ميناء الحديدة وقام الحوثيون ببيعها للتجار وتوزيعها على مقاتليهم وغيرها.

زراعة الأقليات في أدبيات مؤتمر الحوار:
------------------------

لكي تضمن الولايات المتحدة الأمريكية تدخلها في اليمن في المستقبل وضمان بقاء الأقلية الحوثية التي زرعتها والأقليات الأخرى التي تقوم بزراعتها الآن حرصت على تضمين حقوق الأقليات في مخرجات مؤتمر الحوار حيث ورد في وثيقة مؤتمر الحوار في الفقرة (184) من تقرير فريق الحقوق والحريات ما نصه: "تكفل الدولة حقوق الأقليات في التمتع بثقافتهم الخاصة وإقامة شعائرهم واستخدام لغتهم" وورد في الفقرة (137) من تقرير فريق الحقوق والحريات صفحة (207) في الوثيقة النهائية للحوار الوطني ما يلي: "حرية ممارسة الشعائر الدينية لكل مواطن حسب دينه ومعتقده ومذهبه".
ثم تحدثت أدبيات مؤتمر الحوار عن سن التشريعات التي تعطي هذه الأقليات دوراً سياسياً مؤثراً في الحياة السياسية اليمنية؛ حيث نصت في الفقرة (183) من تقرير الحقوق والحريات على أن "تلتزم الدولة باتخاذ تدابير تشريعية لتعزيز الحريات السياسية والحقوق السياسية للمواطنين المنتمين للأقليات (إن وجدت)".
كما ورد في وثيقة مؤتمر الحوار في تقرير بناء الدولة الفقرة (4) من تقرير بناء الدولة، الصفحة (93) ما نصه: "المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد...".

أهداف زراعة أمريكا الأقليات في اليمن:
-------------------------

لو تأملتم جيداً لوجدتم أن المواد السابقة التي تضمنتها مخرجات الحوار كانت تمهيداً للمرحلة القادمة؛ فلماذا تضمنت حقوق الأقليات وحرية المعتقد "حرية الردة والكفر"؟ وأين هي الأقليات والكل يعلم أن اليمن ليس فيها سوى دين واحد فحسب وهو الإسلام أو مجموعة من اليهود يقدر عددهم بحوالي 200 شخص ولا يمثلون حتى أقلية؟!
عن أي دين ومعتقدات كان يتحدث هذا الفريق سوى تلك المعتقدات الوافدة التي ستزرعها أمريكا لخلق أقليات دينية في اليمن ستؤدي إلى صراعات تحرم اليمن واليمنيين من الاستقرار والتنمية والبناء؟!
وإن كنا قد أدركنا سبب زراعة أمريكا للأقلية الحوثية في اليمن، فقد أدركنا أيضاً سبب نشاط البهائيين الذي ظهر للعلن في صنعاء؛ حيث قال ناطقهم عبد الله العلفي في حوار مع "المشاهد اللبنانية" قبل أيام إنهم "أصبحوا 2000 شخص"، وهؤلاء ارتدوا عن الإسلام واعتنقوا البهائية وصاروا يطالبون بحماية دولية بصفتهم يتعرضون للتحريض والاضطهاد وأنهم أقلية دينية.

كما أن هناك توجهات للإسماعيليين المكارمة لإنشاء حزب سياسي علماني لهم وللعلمانيين وللبهائيين ينشطون من خلاله وتحت مظلته، وقد شرعت ناشطة علمانية معروفة بكراهيتها للإسلام مؤخراً في هذا الأمر والتقت في صنعاء شخصيات من الإسماعيليين والبهائيين لهذا السبب، ولديهم الآن خطة عمل مشتركة وتحركات لتأسيس هذا الحزب بضوء أمريكي أخضر للعلمانيين والبهائيين والليبراليين وللإسماعيليين... ومستقبلاً ستسعى أمريكا والمجتمع الدولي والمؤسسات الدولية كالأمم المتحدة وغيرها لفرض العلمانية في اليمن وتثبتها في الدستور؛ لأن اليمن أصبح فيه أقليات دينية وسياسية؛ فهذه الأقليات التي يجري زرعها في اليمن هي أدوات أمريكا لتنفيذ أهدافها وأجندتها؛ فهل عرفتم ما وراء الأكمة؟!
لقد أفصح تصريح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قبل أيام في جُدة عن رأس جبل الجليد؛ فحين اعتبر جماعة الحوثي أقلية فهو يكشف عن المخطط الأمريكي للتدخل المباشر بذريعة حماية الأقليات في اليمن، والتي ضمنت لها الاتفاقات الدولية حقوقها ونشاطها كما ضمنت لها مخرجات مؤتمر الحوار بصنعاء ــ إحدى مرجعيات خطة كيري ــ حقوقاً ودوراً وتأثيراً "إن وجدت" وقد أوجدوها.

الخلاصة:
-----

هل أدركنا ما وراء تصريح كيري الذي لم يكن زلة لسان ولكنه مقدمة وتمهيد للتدخل المستقبلي الأمريكي في اليمن لحماية الأقليات التي أوجدوها مبرراً للتدخل في الشأن اليمني وسيحمونها كونها أداة لهم تنفذ مخططاتهم وأجندتهم؟!



------------------
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
أمريكا, الأقليات, اليمن, وصناعة


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع أمريكا وصناعة الأقليات في اليمن
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
غسل الأدمغة وصناعة القتلة! Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 0 07-05-2016 01:11 PM
الإعلام التونسي وصناعة الرأي العام عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 05-14-2015 10:44 AM
الصين وصناعة الإرهاب عبدالناصر محمود المسلمون حول العالم 0 08-07-2014 07:00 AM
ليبيا وصناعة عراق جديد عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 08-01-2014 06:46 AM
العناصر الأرضية النادرة وصناعة الأجهزة الحديثة Eng.Jordan علوم وتكنولوجيا 0 11-08-2012 11:21 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 02:02 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59