#1  
قديم 11-28-2016, 09:10 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,139
ورقة معادلة الهروب إلى الوراء


السيسي ومعادلة الهروب إلى الوراء
ــــــــــــــــــ

(أحمد أبو دقة)
ــــــــ

28 / 2 / 1438 هــ
28 / 11 / 2016 م
ــــــــــــ

827112016022643.png




خلال اليومين الماضيين أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مقابلة تلفزيونية مع قناة "آر تي بي" البرتغالية، وحينما سأله المذيع هل تُؤيد بشار الأسد؟ قال نعم، أنا مؤيد لبشار الأسد ولحيدر العبادي في العراق وكذلك لحفتر في ليبيا! ولم يشر إلى موقفه من الحرب التي تشنها السعودية ضد حلفاء إيران في اليمن. لأول مرة يعلن السيسي وقوفه إلى جانب محور طهران مبتعداً عن الخليج، في صراع مصيري يدور في المنطقة. وللتعرف على أسباب هذه الخطوة ينبغي أن نرى تقلبات السياسة الأمريكية في المنطقة والنظر بعمق في تبعات ما يجري في مصر. فالحالة الاقتصادية السيئة ما بعد الثورة المصرية يمكن وصفها بالفاجعة للمجتمع المصري، دون أن نلمس حَراكاً جدياً في هذا المقام من قبل الحكومة المصرية.. الموقف الأمريكي من مصر تحدد منذ الانقلاب على الملكية في عهد جمال عبد الناصر، حيث وضعت واشنطن للعسكر في مصر مهمة أساسية، هي حماية ممر الملاحة الأهم على مستوى العالم وهو قناة السويس، والأمر الآخر حماية الأمن الصهيوني وتطويع المنطقة العربية، وما لخصته مقابلة متوفرة على موقع يوتيوب للسفير محمد كامل عبد الرحيم مع محطة إذاعية أمريكية عام 1953، هو أن واشنطن التي دعمت جيش مصر ليزيد عدد أفراده اليوم عن نصف مليون ضابط وجندي كانت تريد من وراء ذلك شرطياً جيداً يستطيع أن يحميَ مصالحها في المنطقة. مصر التي ارتبطت بواشنطن بعلاقة أمنية سرية طوال فترة الحكم الناصري، استفادت من حرب أكتوبر1973 ليزور بعدها بسنوات أنور السادات الكنيست الصهيوني وينهي فترة الخصومة مع تل أبيب، وتعلن مصر انفرادها بعلاقة سلام جدية مع الكيان الصهيوني ضاربة بعُرض الحائط جميع المواقف العربية المنددة والرافضة لتلك الخطوة.

يمكن القول اليوم إن الخدمات التي تقدمها مصر لواشنطن قليلة جداً مقارنة بالكارثة التي قد تحل لو نجحت ثورة اجتماعية قد تندلع قريباً بسبب الفاجعة الاقتصادية، فقد لا يتم تدارك النتائج مثلما حدث في عام 2011، وقد تُحدث مثل هذه الثورة إرباكاً سياسياً على مستوى الشرق الأوسط. تؤمن واشنطن بأهمية مصر كدولة للحفاظ على بقائها مستقرة لكنها لا تمنح ولاءً مطلقاً لأي نظام حاكم في العالم، لذلك أيقن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أنه بحاجة إلى حليف آخر يضمن مساندته له، في حال فكر في قمع أي ثورة مضادة قد تندلع بسبب الأوضاع الاقتصادية الحالية. جنوح السيسي نحو محور طهران، قد يبدو غريباً بعض الشيء في ظل الأزمة والحرب غير المباشرة بين المملكة العربية السعودية السند والحليف الأبرز لمصر وإيران، لأن السيسي يعي جيداً أنه إذا قرر خوض مواجهة دموية مع الشارع المصري للحفاظ على المصالح الاقتصادية للعسكر الذي يمتلك بحسب دراسة نشرها معهد كارنيجي للباحث يزيد الصايغ أكثر من 45% من اقتصاد البلاد، فإنه سيقف وحيداً وستتخلى عنه واشنطن وكل داعميه مثلما حدث مع مبارك سابقاً، لذلك هو يريد التمسك رغم خسارته المكلفة بحلف طهران موسكو ليعيد تكرار تجربة النظام السوري، فهو بذلك يضمن فيتو سياسي في مجلس الأمن ودعماً عسكرياً على الأرض.

لكن الأمر الذي لم يصل إلى مدارك نخبة السيسي السياسية، هو أن الإدارة الأمريكية الجديدة تنظر إلى طهران اليوم مثلما تنظر المملكة العربية السعودية إلى دمشق باعتبارها بوابة لدخول النفوذ الإيراني المنطقة، فبالنسبة لأمريكا أضحت روسيا اليوم تستخدم إيران لتعزيز نفوذها في البحر المتوسط وكذلك في المنطقة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تركيا بدأت تجنح لتعزيز العلاقة مع الروس على حساب العلاقة مع حلف الناتو والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة خصوصاً بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو الماضي، كذلك فإن المصالح الاقتصادية تلعب دوراً هاماً في تحديد مسار تلك العلاقة. بالإضافة إلى ذلك فإن المهمة التي تسلمتها طهران عام 2003 عقب رحيل المحتل الأمريكي من العراق قد شارفت على الانتهاء، فقد تمكنت عبر الميليشيات الشيعية من تدمير البنية السياسية للمعارضة السنية وتدمير الجيش العراقي وإفساد بنية التعليم وتحويل العراق إلى حاوية للفوضى المطلقة، كذلك الأمر بالنسبة لسوريا فقد تم تدمير الجيش والدولة وتهجير الملايين من أهل السنة الذين كانوا يمثلون الخطر الأكبر على الأمن الصهيوني، وأمريكا تعتقد أن العراق يمثل ثروة نفطية ضخمة لا يمكن السماح لإيران بالاستفراد بها، كذلك فإن إيران استنزفت بقوة خلال السنوات الماضية، وبالنسبة لواشنطن أصبحت جاهزة لتلقي ضربة مؤلمة دون أن ترد عليها، بالإضافة إلى أن أحزاب اليمين الصاعدة في الكيان الصهيوني تعتبر أن تمكُّن إيران من امتلاك قنبلة نووية قد يثير صراعاً نووياً في المنطقة بين إيران والقوى السنية مثل تركيا والمملكة العربية السعودية، وبذلك سيكون الكيان الصهيوني رهينة لتهديد استراتيجية جديدة، وخير مثال على ذلك الصراع الباكستاني الهندي، ولذلك فإن صعود دونالد ترامب لسدة الحكم رغم خطابه الهش مقارنة بالنخب السياسية الموجودة داخل الحزب الجمهوري، ورغم الارتباك الذي عاشه الناخب الأمريكي بسبب صعوده، قد يكون مجرد واجهة لتغيير جذري لسياسات واشنطن الخارجية، مثل التراجع عن الاتفاق النووي الإيراني والاستجابة لرغبة تل أبيب في ضرب طهران وبذلك يتم احتواء التوسع الروسي في المنطقة، ويدلل على ذلك أنه عقب الإعلان عن تقدم ترامب أقر مجلس النواب الأمريكي مشروعي قانون يقضي الأول منهما بتمديد فترة العقوبات المفروضة على إيران لمدة 10 سنوات، ويحدد الثاني فرض عقوبات على أي شخص يدعم نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، سواء بدعم مالي أو مادي أو تكنولوجي.

محصلة ما يمكن فهمه من الأحداث في المنطقة، أن مصر كدولة سيكون من مصلحة واشنطن الحفاظ على استقرارها لكن الأخيرة لن تتردد في التخلي عن النظام الحاكم إذا أصبح وجوده خطراً على المصالح الأمريكية وخصوصاً أمن الكيان الصهيوني.
الأمر الآخر هو أن دول الخليج وخصوصاً المملكة العربية السعودية تدعم دائماً الاستقرار في مصر وتحاول بناء علاقة عميقة مع المجتمع المصري لأنها تؤمن أنه عمق استراتيجي لها.
الأمر الأخير هو أن هناك معادلة مهمة جداً، هي أن استقرار مصر يدعم استقرار الكيان الصهيوني واستقرار الأردن؛ لذلك فإن الدبلوماسية الأمريكية في سياستها الخارجية تعتقد أن تلك الدول من الثوابت على خريطة الشرق الأوسط.





ـــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
معادلة, الهروب, الوراء


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع معادلة الهروب إلى الوراء
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الهروب الروسي الخبيث..ورعد الشمال عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 03-17-2016 08:18 AM
القتل ثمن البقاء أو الهروب من أفريقيا الوسطى عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 04-13-2014 07:44 AM
المستوى الإقتصادي المصري ينحدر للغاية ويرجع إلى الوراء عبدالناصر محمود أخبار اقتصادية 0 12-19-2013 08:08 AM
معادلة النجاح جاسم داود الملتقى العام 0 09-11-2013 05:25 PM
دور المصطلح الغربي في معادلة احتواء الشرق Eng.Jordan دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 0 02-07-2013 01:39 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:37 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59