#1  
قديم 08-26-2013, 07:26 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة دعوة نبي الله عيسى عليه السلام إلى التوحيد وفق التوراة والإنجيل


دعوة نبي الله عيسى عليه السلام إلى التوحيد وفق التوراة والإنجيل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(د . شاكر توفيق العاروري)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من الأمور المسلمة في الإسلام والمقررة في القرآن الكريم, أن الأنبياء جميعا جاؤوا بدعوة التوحيد, قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} النحل / 36 وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} الأنبياء/25

ولما كان أهل الكتاب من النصارى لا يؤمنون بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم, ولا بما بلغه للناس من التوحيد, وجب بيان هذين الركنين –نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ودعوته للتوحيد– كما دعا إليها عيسى عليه السلام, ليظهر للعموم أن غاية الأنبياء واحدة.

ولما لم يكن أهل الكتاب يرتضون بالتدليل على ذينك الأصلين من القرآن الكريم, رأيت إلزامهم بكتابهم, وذلك بأن نجعل العمدة والحجة عليهم بما هم يؤمنون به, ليكون ذلك مدعاة لاستجابتهم وسببا للمسارعة بالإيمان بأنه لا إله إلا الله, وأن عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله, والتدليل من كتابهم على أن محمدا رسول الله.

في البداية ذكر الكاتب أن الشريعة في دعوة نبي الله عيسى عليه السلام جاءت مكملة وليست ناقضة, جاء في إنجيل متى (5/17) (لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء, ما جئت لأنقض بل لأكمل)

ثم يمضي الكاتب ببيان وحدة المصدر لكل الكتب السماوية, وأن الذي أنزل العهد القديم هو الذي أنزل العهد الجديد, وكذلك القرآن الكريم, فلا بد أن يكون المضمون واحد ما دام المصدر واحد, وأن كثيرا من الأدلة في العهد الجديد, تؤكد على الوحدانية لله تعالى, وبعض الصفات المتعلقة به سبحانه.

جاء في سفر التثنية (32/39): (انظروا الآن أنا أنا هو وليس إله معي) وفيها دلالة على الوحدانية, وفي الرسالة الأولى إلى تيموثاوس (1/9): (فللملك الأزلي الله الواحد غير المنظور وغير الفاني, الكرامة والمجد إلى أبد الآبدين) فالله حسب النص لا يفنى ولا يموت ولا يقدر الإنسان أن يراه.

ولما خاطب الله تعالى موسى عليه السلام وكلمه كما في الخروج (33/20): (وقال : لا تقدر أن ترى وجهي لأن الإنسان لا يراني ويعيش) وهذا النص أسقط أو حذف من النسخة البولسية, كما حذف أو أسقط النص الذي ينهى الناس عن تشبيه الله تعالى بخلقه, كما جاء في أشعيا (40/25): (لذلك يقول القدوس: بمن تشبهونني وتعادلونني) و في سفر الملوك (8/23): (وقال أيها الرب إله إسرائيل ليس إله مثلك في السماء من فوق ولا على الأرض من أسفل).

ولقد أعلن نبي الله عيسى عليه السلام, أنه لا يعلم ولا يعمل أشياء من نفسه, بل الذي يعلمه هو الله تعالى, كما جاء في يوحنا (8/28): (ولست أفعل شيئا من نفسي بل أتكلم بهذا كما علمني الذي أرسلني , هو معي ولم يتركني).

ثم يمضي الكاتب إلى الركن الثاني من كتابه بعد الركن الأول المتعلق بالشريعة, والذي تناول فيه دعوة نبي الله عيسى عليه السلام إلى التوحيد فيتسائل: هل قال يسوع انه الله؟؟ وهل قال انه أقنوم إلهي ثان أو أن له طبيعة إلهية؟؟ والجواب: ان عيسى عليه السلام لم يقل شيئا من ذلك ولم يدعيه, إذ لم يقل أحد من أتباعه بأنه هو الله أو الأب, ولم يقل هو لأحد أنه الأقنوم الإلهي الثاني, ولا أن له طبيعة أو صفات إلهية, و الدليل على ذلك ما جاء في متى (19/17) (فقال له لماذا تدعوني صالحا؟ ليس أحد صالح إلا واحد وهو الله) بل إن نبي الله عيسى عليه السلام لما سئل عن الوصية قال: (إن أول كل الوصايا هي: إسمع يا إسرائيل: الرب إلهنا رب واحد, وتحب الرب إلهك من كل قلبك..) ( مرقس: 12/28–34).

ويذكر الكاتب نصين في غاية الأهمية عند النصارى فيما يتعلق بصلب المسيح وفق معتقد النصارى هما: (وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا: إلوي إلوي لم شيقتني؟ الذي تفسيره إلهي إلهي لماذا تركتني؟) (مرقس/ 15/ 34) والثاني في متى (27/46) بنفس المعنى, ويستخلص من النصين أن: لعيسى عليه السلام ربا يلجأ إليه في الشدائد ويستعين به في الملمات, فإذا كان اللاهوت المتجسد بالناسوت هو الذي ينادي على الإله العظيم أن ينجيه مما هو فيه, فهذا يعني أن المصلوب ليس بإله, بل مخلوق ضعيف يحتاج العون والنصرة كسائر المخلوقين.

لقد كان عيسى عليه السلام يؤكد أن معطي الإيمان والمتفضل على كل الأنام هو الله تعالى, وهذا ظاهر كما جاء في يوحنا(6/32) ( فقال لهم يسوع: الحق الحق أقول لكم, ليس موسى أعطاكم الخبز من السماء, بل أبي يعطيكم الخبز الحقيقي من السماء...) ولم يسجد يسوع المسيح إلا لله تعالى ولم يعبد غيره, كما هو معلن في كلام اليسوع لإبليس وفق متى (4/10) (وقال له –أي الشيطان– أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي, حينئذ قال له يسوع: اذهب يا شيطان لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد) إضافة إلى النصوص التي تظهر بكاء المسيح وخشوعه بين يدي الله تعالى, وكذلك نفيه لقدرته في تدبير أمر يخصه ناهيك عن أمر يخص غيره.

ولقد عرف نبي الله عيسى عليه السلام نفسه بأنه نبي مرسل وليس إله, ظهر ذلك جليا في تقريعه لليهود على عدم قبول كلامه ومحاولتهم قتله لأنه لنبوته ورسالته, جاء في يوحنا (8/40) (ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله) وقد أجرى الله تعالى على يده من المعجزات كغيره من الأنبياء ليصدقوه, فكان يحي الموتى بإذن الله, ويبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله, ولهذا الكلام نصوص في لوقا (7/12-16) ويوحنا (3/1) وغيرها.

كما أن نبي الله عيسى عليه السلام كان ينزل عليه الوحي كما نزل على سائر الأنبياء والمرسلين, وكان يعبر عن عجزه عن فعل كثير من الأمور كسائر البشر, وأنه لا يعرف موعد القيامة والساعة, وأنه إنسان وبشر مكلف برسالة من الله تعالى, بنصوص من العهد الجديد كثيرة, لا يمكن حصرها , فهل بعد كل هذا يمكن لعاقل أن يجادل في دعوة عيسى عليه السلام إلى التوحيد؟!!!

وينتقل الكاتب بعد هذا البيان في توحيد نبي الله عيسى عليه السلام, إلى الإجابة على بعض التساؤلات, كزعم النصارى بأن رسولهم الذي أرسل إليهم هو الله أو الإله الإبن, من غير فهم لما يقولون, فكيف يكون الإله هو الإبن ثم يعبد الإبن الأب؟؟!!, وكيف يمكن أن يكون الثلاثة في واحد والواحد في ثلاثة؟؟!! مما يؤكد عدم فهم النصارى لكثير من النصوص الواردة في أناجيلهم.

لقد حاول الكاتب جاهدا إماطة اللثام عن الكثير من الألفاظ الموجودة في الأناجيل التي توهم النصارى بأنها تدل على ألوهية المسيح عليه السلام, بينما الحقيقة أن ذلك وهم لا علاقة له بالحقيقة والواقع, بالأدلة من كتبهم وأناجيلهم, وقد مثل الكاتب لبعض هذه الألفاظ: 1-أنا في الأب والأب في 2-أنا والأب واحد (فسرها النصارى باتحاد الذات والحقيقة غير المقصود) 3-إطلاق لفظ الرب على عيسى عليه السلام (والذي يعني السيد والنبي والمعلم لا الإله) 4-إطلاق لفظ الإبن على عيسى عليه السلام (لا يلزم من ذلك البنوة الحقيقية النسبية بل المعنوية).

ثم ينتقل الكاتب إلى بيان مختصر عقيدة أهل الإسلام بنبي الله عيسى عليه السلام, المتمثلة بكون عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله, خلقه بدون أب معجزة لبني إسرائيل, بتفاصيل قصته الموجودة في سورة مريم, وأنه لم يقتل ولم يصلب كما يعتقد النصارى, بل رفعه الله إليه, وأن أتباع عيسى عليه السلام الحقيقيين مسلمين: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} آل عمران / 52

ثم ينبه الكاتب إلى أن معجزات عيسى عليه السلام لم تخرج عن نطاق معجزات الأنبياء, ولم تكن زائدة أو مفضلة لنبي على نبي إلا من فضله الله تعالى, فإذا كانت ولادة عيسى عليه السلام بدون أم, فقد كانت ولادة آدم عليه السلام بلا أب ولا أم, ومع أن آدم أمرت الملائكة بالسجود له سجود تحية, لم نسمع أحدا يستنتج من ذلك بجعل آدم إلها أو بإشراكه مع الإله؟!!!

وفي الختام يعرض الكاتب للركن الثالث من كتابه, ألا وهو نداء المسيح عليه السلام بمبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم, وبشارته بمجيئه من بعده {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} الصف/6

ومع كثرة التغيير والتحريف والتبديل لهذه البشارة في العهدين القديم والجديد, مازالت معالم هذه البشرى موجودة, فقد أحصي في العهدين 100 بشارة, كلها تبين البشارة بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم, ومن هذه النصوص:

(هو ذا عبدي الذي أعضده, مختاري الذي سرت به نفسي, وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم, لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته, قصفة مرضوضة لا قصف, وفتيلة خامدة لا يطفيء, إلى الأمان يخرج الخلق, لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض وتنظر الجزائر شريعته) أشعيا/42/1-4

وقد نقل هذا النص شيخ الإسلام ابن تيمية في عصره في كتابه: الجواب الصحيح (5/157) فإذا به اليوم مختلف عن النص الموجود في كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية, وهذا أكبر دليل على التحريف والتبديل.

إن إظهار حقيقة دعوة نبي الله عيسى عليه السلام إلى التوحيد –كما فعل الكاتب جزاه الله خيرا– من أهم الواجبات الشرعية, وكذا بيان بشارته بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم, لأن هذين الأصلين إن فسدا أو فسد أحدهما فسد الإيمان, فوجب البيان والله المستعان.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
{التأصيل للدراسات}
ـــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الله, التوحيد, الثورات, السلام, دعوة, عليه, عيسى, إلى, نبي, نفق


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع دعوة نبي الله عيسى عليه السلام إلى التوحيد وفق التوراة والإنجيل
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
نفيُ ألوهيةِ عيسى عليه السلام من خلال الإنجيل عبدالناصر محمود دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 0 02-18-2017 08:54 AM
نزول عيسى –عليه السلام- بين أهل الإسلام وأهل الكتاب (1- 2) عبدالناصر محمود بحوث ودراسات منوعة 1 02-06-2017 08:57 AM
إشكال تحديد تاريخ ميلاد النبي عيسى عليه السلام في الديانة النصرانية المسيحية عبدالناصر محمود شذرات إسلامية 0 12-29-2016 09:50 AM
نهاية عيسى عليه السلام وعودته عبدالناصر محمود دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 0 02-20-2015 08:30 AM
الشجر والحجر لاينطقان الا بعد نزول عيسى عليه السلام وقتل الدجال ام زهرة شذرات إسلامية 0 12-04-2013 08:11 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:03 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59