العودة   > >

مقالات وتحليلات مختارة مقالات ..تقارير صحفية .. تحليلات وآراء ، مقابلات صحفية منقولة من مختلف المصادر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #99  
قديم 12-29-2014, 08:53 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,184
ورقة محاولة علمانية للتشويش على الشريعة الإسلامية

محاولة علمانية للتشويش على الشريعة الإسلامية*
ـــــــــــــــــــــــــ

7 / 3 / 1436 هــ
29 / 12 / 2014 م
ــــــــــــ



منذ أن تسللت العلمانية إلى بلاد المسلمين عبر كثير من القنوات والمسالك، والحرب المعلنة ضد الشريعة الإسلامية لم تتوقف لحظة واحدة، بدءا من التشويش والتشغيب على كثير من الأحكام الشرعية وخاصة الحجاب والجهاد والحدود والقصاص، من خلال وصفها بالرجعية وغير المتناسبة مع العصر الحديث الذي نعيشه، وصولا إلى محاولات التشويه المتعمد لكثير من الثوابت الإسلامية، وليس انتهاء بمحاولة نشر الإلحاد في بلاد التوحيد.

لقد أدرك الغرب بعد صراع طويل مع الإسلام أن القوة العسكرية لا تجدي نفعا معه ما دام أتباعه من المسلمين متمسكين به عقيدة وشريعة وسلوكا، وأنه لا يمكن هزيمة المسلمين إلا من خلال محاربة مصدر قوتهم "الإسلام".

وقد بدأ الغرب أول ما بدأ في حربه المعلنة ضد هذا الدين، بإسقاط رمز وحدة المسلمين وتماسكهم، وعنوان تطبيقهم وتنفيذهم لأحكام دينهم، وبرهان صلاحية شريعتهم لكل زمان ومكان على أرض الواقع "الخلافة الإسلامية"، والتي بانهيارها بدأت مرحلة جديدة للحرب العلمانية على الشريعة الإسلامية.

نعم....إنها مرحلة محاولة وصم كل سمات التخلف والرجعية بحقبة الخلافة الإسلامية، ووصف كل فكرة أو مطلب باسترجاعها بعدم الموضوعية والواقعية، حيث تحاول النخبة العلمانية العربية دائما التشغيب على فكرة تطبيق الشريعة الإسلامية مجددا في الدول العربية، وجعلها أمر من الصعوبة بمكان، بل مستحيل وغير ممكن.

ومن أمثلة هذه المحاولات ما كتبه طلعت رضوان على موقع الحوار المتمدن العلماني بامتياز تحت عنوان: "التشريعات الوضعية تتحدى الأصولية الإسلامية"، والذي حاول فيه باختصار الدفاع عن القوانين الوضعية المستقاة من العلمانية، ونقد فكرة تطبيق الشريعة الإسلامية في الدول العربية.

وقد بدأ الكاتب مقاله بالقول: "أعتقد أنّ التشريعات الوضعية بقدر ما هى تتحدى الأصولية الإسلامية، تلك الأصولية التى تتغافل عن التطور البشرى، بقدر ما أنّ تشريعات الأصوليين (الذين يتمنون فرضها على شعبنا) تُـجسد الصراع بين إرادتيْن: إرادة الموت وإرادة الحياة ".

وأول ما يلفت النظر في هذا الكلام هو استخدام مصطلحات الغرب التي زرعها عبر إعلامه العلماني المسيطر في أذهان كثير من المنبهرين بمدنيته وحضارته المزعومة، فمصطلح "الأصوليين والأصولية" مصطلح قام الغرب بتحريفه عن معناه اللغوي إلى معنى آخر يصف المسلمين المطالبين بتطبيق الشريعة الإسلامية "بالمتشددين" ! ناهيك عن وصفه إرادة تطبيق الشريعة بالموت، بينما الحقيقة أن الحياة بتطبيق شرع الله تعالى.

ومن الأمور التي يجدر الوقوف عليها في مقال الكاتب - عدا تكراره للمصلحات الغربية - قدحه بشعار "الإسلام هو الحل"، مع أن الحقيقة أن الإسلام عبر التاريخ كان بالفعل هو الحل والمنقذ للعرب من ظلمات الجهل والتخلف والتشرذم إلى النور والعلم والحضارة والوحدة، ناهيك عن وصفه العهود الإسلامية بالتخلف والرجعية دون أي دليل أو برهان، بينما يصف العهد العلماني الذي تسلل إلى مصر منذ عهد محمد علي بالتقدم والانفتاح دون أي دليل أيضا فقال:

" يُشكل شعار (الإسلام هو الحل) تحديًا أمام شعبنا، لأنه يضعه أمام الاختيار بين نظاميْن للحكم: نظام حكم الدولة الدينية، ونظام حكم الدولة العلمانية التي رسّختْ آليات الليبرالية بشقيْها الفكري والسياسي، والتي أنتجتْ بدورها المفهوم العصري للديمقراطية بتفريعاتها المتعددة من حريات جماعية وحريات فردية، وبالتالي فإنّ الاختيار بين هذيْن النظاميْن للحكم سيُحدد مصير شعبنا لعدة عقود قادمة: إما الاستمرار في التخلف الحضاري الذي يتراكم يوماً بعد يوم، والذي يترتب عليه المزيد من التراجع عن الخصائص والمزايا التي حققتها الدولة المصرية منذ عهد محمد علي، وبصفة خاصة التشريعات المدنية والجنائية إلخ، أو التطلع نحو المستقبل لتحقيق مجتمع العدل والحرية والتنمية والرفاهية".

ومع عدم إمكانية الرد على جميع ما ذكره الكاتب من شبهات حول الأحكام الإسلامية، إلا أن الخلاصة التي يمكن التركيز عليها، والتي أراد الكاتب إيهامها للقارئ، هي أن الإسلام لا يصلح للتطبيق في هذا العصر، نظرا لأن أحكام من أمثال: قطع يد السارق و رجم الزاني المحصن، وحد شرب الخمر وحد الحرابة وحد القذف....الخ لا يمكن أن تطبق في العصر الحديث ؟!

والحقيقة أن هذه الشبهات قد أشبعت بحثا وردا من علمائنا، ولعل أقل ما يقال بشأنها أنها باتت شماعة العلمانيين لمواراة وستر فشل قوانينهم الوضعية الذريع في وضع حد لمعدلات الجريمة التي تزداد يوما بعد يوم في المجتمعات العلمانية، فضلا عن فشل هذه القوانين في معالجة المجرمين أو إعادة تأهليهم اجتماعيا.

وبينما حاول الكاتب في آخر مقاله اتهام التيار الإسلامي باختطاف عقول الشعوب العربية، مطالبا التيار الليبرالي باسترجاعه وجاعلا العقل هو المرجعية في تشريع القوانين وسنها، من خلال قوله: "أعتقد أنّ أخطر مسألة تواجه أي شعب، هي مشكلة اختطاف عقله، وقد نجح التيار الديني الأصولي في مصر في سرقة عقول غالبية شعبنا، ومن هنا يكون السؤال الحاسم هو: كيف يمكن للتيار الليبرالي أنْ يعيد إلى المصريين عقولهم، ليكون العقل هو المرجعية ونحن نـُشرع لواقعنا، كي نخطط لمستقبل أفضل"

فإن الحقيقة التي غفل عنها الكاتب أو تغافل عنها على ما يبدو, أن الشعوب العربية مسلمة بالفطرة، وأنه لا يمكن للعقل وحده أن يستقل بالتشريع دون أن يستنير بنور الشريعة الإسلامية، وأنه يكفي الشعوب العربية ما حصدته من التشريعات والقوانين العلمانية.

________________________________________
*{التأصيل للدراسات}
ـــــــــــ
رد مع اقتباس
  #100  
قديم 01-29-2015, 09:07 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,184
ورقة أسباب ظهور العلمانية في الغرب

أسباب ظهور العلمانية في الغرب
ــــــــــــــــ

(د. محمد أحمد عبدالغني)
ـــــــــــــ

9 / 4 / 1436 هـ
29 / 1 / 2015 م
ــــــــــ




أسباب ظهور العلمانية في الغرب
-------------------

لقد نشأت العلمانية في الغرب نشأةً طبيعية نتيجة ظروف ومعطيات تاريخية؛ دينية، واجتماعية، وسياسية، وعلمية، واقتصادية.

وأهم هذه الظروف والمعطيات التي برَّزت وأنضجت التجربة العلمانية في الغرب هي:


أولاً: طغيان رجال الكنيسة: لقد عاشت أوروبا في القرون الوسطى تحت طغيان رجال الكنيسة وهَيمَنتِهم،
-----------

وفساد أحوالهم، واستغلال السلطة الدينية لتحقيق أهوائهم، وإرضاءِ شهواتهم، تحت قناع القداسة التي يضفونها على أنفسهم، وقد شملت هيمنة الكنيسة النواحي الدينية، والاقتصادية، والسياسية، والعلمانية، ففرضت بطغيانها هذا عقيدةَ التثليث قهرًا، التي عملت دسائس اليهود منذ القرن الأول الميلادي على إدخالها في المسيحية، وحرَّمت ولعنت مخالفيها.

والأحكام التشريعية معظمها أوامر وقرارات كَنَسيَّة بابوية، وهي تحلل وتحرم[1].

ونصَّبت الكنيسة نفسها عن طريق المجامع المقدسة "إلهًا" يُحلُّ ويُحرِّمُ، ينسخ ويضيف، وليس لأحد حق الاعتراض، أو على الأقل حق إبداء الرأي، كائنًا من كان، وإلا فالحرمان مصيره، واللعنة عقوبته؛ لأنه كافر (مهرطق)[2].

وقد كان الختان واجبًا فأصبح حرامًا، وكانت الميتة محرمة فأصبحت مباحة، وكانت التماثيل شركًا ووثنية فأصبحت تعبيرًا عن التقوى، وكان زواج رجال الدين حلالاً فأصبح محظورًا، وأضافت الكنيسة إلى عقيدة التثليث عقائد وآراء أخرى، والتي هي خليط من وثنيات العالم القديم، نحو: التعميد، والعشاء الرباني، وتقديس الصليب وحمله، وعقيدة الخطيئة الموروثة، وصُكوك الغفران، والحرمان، بل سرعان ما دخلها عنصر جديد فاضح، ذلك ما يسمى "الاعتراف"، فكان على المذنب أن يعترف بذنبه في خلوة مع قسيسه؛ ليستطيع هذا القسيس أن يغفر له ذنبه[3].

ويمكن إيجاز مظاهر الطغيان الكَنَسي المالي في الأملاك الإقطاعية بقول ديورانت[4]: "أصبحت الكنيسة أكبر ملاك الأراضي، وأكبر السادة الإقطاعيين في أوروبا، كما كانت الكنيسة تملك المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية باعتبارها أوقافًا للكنيسة.

وقد قال المصلح الكَنَسي "ويكلف" - وهو من أوائل المصلحين -: "إن الكنيسة تملك أراضي إنجلترا، وتأخذ الضرائب الباهظة من الباقي، وطالب بإلغاء هذه الأوقاف، واتهم رجال الدين بأنهم "أتباع قياصرة لا أتباع الله"[5].

كما فرضت الكنيسة على كل أتباعها ضريبة (العشور)، وبفضلها كانت الكنيسة تضمن حصولها على عشر ما تغلُّه الأراضي الزراعية والإقطاعيات، وعشر ما يحصل عليه المهنيون وأرباب الحرف غير الفلاحين، ولم يكن في وُسع أحد أن يرفض شيئًا من ذلك؛ فالشعب خاضع تلقائيًّا لسَطوتِها[6].

أما الطغيان السياسي، فقد بلغت سلطة البابا الدينية المهيمنة على ذوي السلطة الإدارية والسياسية أَوْجَهَا، حتى كان باستطاعة البابا أن يُتوِّجَ الملوك والأباطرة، وأن يخلع تيجانهم إذا نازعوه ورفضوا أوامره.

ثانيًا: الصراع بين الكنيسة والعلم:
------------------
وكان ذلك في عصر انفجر فيه بركان العقلية في أوروبا، وحطم علماء الطبيعة والعلوم سلاسل التقليد الديني، فقامت قيامة الكنيسة، وقام رجالها المتصرفون بزمام الأمور في أوروبا وكفَّروهم واستحلوا دماءهم وأموالهم.

1 - القسيس "كوبرنيق" أتى والكنيسة آخذةٌ بنظرية "بطليموس" التي تجعل الأرض مركز الكون، وتقول: إن الأجرام السماوية جميعها تدور حولها، فقال بنظرية مخالفة في كتابه: "حركات الأجرام السماوية"، فثارت ثورة الكنيسة ضده، وقبل أن يساق إلى محكمة التفتيش أدركته منيته، فحرمت الكنيسة هذا الكتاب، ومنعت تداوله، وقالت: إن ما فيه هو وساوس شيطانية مغايرة لروح الإنجيل.

2 - العالم الطبيعي المعروف "جيوردانو برونو"، نقمت منه الكنيسة آراءً، من أشدها قوله بتعدد العوالم، ونادى بنظرية "كوبرنيق"، فقبضت عليه محكمة التفيش، وزجت به في السجن ست سنوات، فلما أصرَّ على رأيه حكمت عليه بالقتل، واقترحت بألا تراق قطرة من دمه، وكان ذلك يعني أن يُحرقَ حيًّا، وكان ذلك سنة (1600).

3 - "جاليليو" الذي توصل إلى صنع المنظار الفلكي "التلسكوب"، فأيد بمشاهداته نظرية "كوبرنيق"، وقال بدوران الأرض، فسِيقَ إلى محكمة التفتيش، وحكم عليه سبعة كرادلة بالسجن، وفرضوا عليه تلاوة مزامير الندم السبعة مرة كل أسبوع طوال ثلاث سنوات، ولما خاف "جاليليو" من المصير الذي انتهى إليه "برونو" أعلن توبته ورجوعه عن رأيه، وركع أمام رئيس المحكمة قائلاً: "أنا جاليليو وقد بلغت السبعين من عمري، سجين راكع أمام فخامتك، والكتاب المقدس أمامي ألمسه بيدي، أرفض وألعن وأحتقر القول الإلحادي المخطئ بدوران الأرض".

وتعهد للمحكمة بأن يبلغها عن كل ملحد يوسوس له الشيطان بتأييد هذا الزعم المضلل.

ثالثًا: الثورة الفرنسية: ونتيجة لوضع الكنيسة ودينها المحرف، دبَّر اليهود مكايدهم لاستغلال الثورة
-------

النفسية التي وصلت إليها الشعوب الأوروبية، لا سيما الشعب الفرنسي، فأعدوا الخطط اللازمة لإقامة الثورة الفرنسية الرامية إلى تغيير الأوضاع السائدة، وفي مقدمتها عزل الدين النصراني المحرف - الذي حارب العلم - عن الحياة، وحصره في داخل الكنيسة، وفعلاً قامت الثورة الكبرى عام (1789م)، ومما يدل على أن الثورة الفرنسية هي من صنع اليهود وتدبيرهم ما تتبجح به بروتوكولاتهم فتقول: "تذكروا الثورة الفرنسية التي نسميها (الكبرى)، إن أسرار تنظيمها التمهيدي معروفة لنا جيدًا؛ لأنها مِن صنع أيدينا"[7].

ونجحتِ الثورة، وأحَلَّت الجمعيات الدينية، وسرَّحتِ الرهبانَ والراهباتِ، وصادرَت أموال الكنيسة، وألغَتْ كل امتيازاتها، وحوربت العقائد الدينية هذه المرة علنًا وبشدة...[8].

رابعًا: طبيعة التعاليم النصرانية: إن التعاليم النصرانية قد تحوَّلت إلى طقوس جامدة لا حياة فيها، مثل: "من لطمك على خدك الأيمن، فحوِّل له الآخر أيضًا، ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك، فاترك له الرداء أيضًا، ومن سخَّرك ميلاً واحدًا فاذهب معه اثنين"[9]، "لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون، ولا للجسد بما تلبَسون"[10].

لقد نظَرت أوروبا إلى هذه التعاليم الموغلة في السماحة فوجدتها بعيدة عن واقع الحياة وظروف العصر.

خامسًا: دور اليهود: وليس غريبًا أن يكون اليهود وراء الدعوة إلى إقامة الحياة على غير الدين؛ وذلك من أجل السيطرة، ومن أجل إزالة الحاجز الديني الذي يقف أمام اليهود حائلاً بينهم وبين أمم الأرض[11].

وبعد، فلقد عاشت أوروبا بسبب دينها المحرَّف المبدل انفصامًا رهيبًا بين العلم والدين، فكان الدين يحارب العلم، حتى إن كثيرًا من علماء أوروبا قد أُحرِقوا بالأفران، وسُمِلتْ أعينهم، وعلقوا على أعواد المشانق، بحجة أنهم خالفوا كلمة الله، والتاريخ الإسلامي لم يعرف تلك التعاسة التي عاشتها أوروبا؛ فإن الإسلام فتح للعلم أبوابه وذراعيه؛ فالتاريخ الإسلامي هو تاريخ التلاحم بين الدين الذي كان أول ما نزل منه: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [العلق: 1]، وبين العلم الذي هو ثمرة من ثمرات التمسك بهذا الدين، واستجابة لأمر الله عز وجل بالعلم والتعلم والقراءة؛ لذلك فإن الذين يريدون نقل العلمانية إلى بلاد المسلمين يتجاهلون هذا الفرقَ الكبير بين تاريخ الإسلام ودين الإسلام، وبين تاريخ أوروبا ودين أوروبا.

------------------------------------
[1] انظر: كواشف زيوف لعبدالرحمن الميداني ص 23.
[2] انظر: العلمانية لسفر الحوالي ص 128، والهرطقة - كما فهمتها الكنيسة إذ ذاك - هي: مخالفة رأي الكنيسة؛ فرأي يراه عالم في العلوم الكونية هرطقة، ومحاولة فهم الكتاب المقدس لرجل غير كنسي هرطقة، وانتقاد شيء يتصل بالكنيسة هرطقة؛ انظر: المسيحية، لأحمد شلبي ص 256.
[3] المسيحية لأحمد شلبي ص 255، والنصرانية لأبي زهرة ص 203.
[4] ديورانت: هو مؤلف كتاب قصة الحضارة، وهو كتاب كبير يقع في 30 مجلدًا، تحدث فيه عن قصة الحضارة منذ فجر التاريخ إلى العصر الحاضر، انظر: مقدمة كتاب قصة الحضارة.
[5] انظر: تاريخ أوربا لفيشر (2/362 - 364).
[6] المرجع السابق (2/380).
[7] انظر: البروتوكول الرابع في الخطر اليهودي لمحمد خليفة التونسي ص 118.
[8] انظر: العلمانية لسفر الحوالي ص 169.
[9] متى: 40: 5 - 42.
[10] لوقا: 22: 12.
[11] انظر: أحجار على رقعة الشطرنج لوليام غاي كار ص: 75 وما بعدها، أخطار على الغزو الفكري على العالم الإسلامي لصابر طعيمة ص: 209، الموسوعة الميسرة ص: 371، احذروا الأساليب الحديثة ص: 199.



---------------------------
رد مع اقتباس
  #101  
قديم 02-11-2015, 08:04 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,184
ورقة هل تحل العلمانية مشكلة التعددية؟

هل تحل العلمانية مشكلة التعددية؟
ــــــــــــــــ

(أ.د. جعفر شيـخ إدريـس)
ــــــــــــــ

22 / 4 / 1436 هــ
11 / 2 / 2015 م
ـــــــــــ




على أي أساس يضع المواطنون في بلد ما دستورهم ويصدرون قوانينهم إذا كانوا منقسمين إلى أديان مختلفة؟

يثير هذا السؤال عدة مسائل:
--------------------

المسألة الأولى: أن دعاة العلمانية ولا سيما في بلادنا العربية في هذه الأيام، يقولون إن الحل الأمثل هو الحل الذي لجأت إليه أوربا وأمريكا وسائر الدول التي قلدتها، وهو أن تكون الدولة علمانية لا تلتزم بدين لكنها لا تمنع أحداً من ممارسة دينه في حياته الخاصة. بهذا يكون المجال العام، مجال التشريع والتنفيذ والقضاء، مجالاً مفتوحاً لكل أفراد المجتمع يشاركون فيه باعتبارهم مواطنين لا باعتبارهم منتمين إلى هذا الدين أو ذاك، ويكونون بهذا متساوين في حقوقهم السياسية.

نقول نعم إن هذا قد يحدث إذا تنازل كل المنتمين إلى الأديان أو معظمهم عن أديانهم، أو على الأقل عن جانب المجال العام منها، ورضوا بأن يحصروها في الجانب الخاص كما فعل الغربيون. وقد صار كثير من المسلمين المتأثرين تأثراً شديداً بالفكر الغربي يعدون هذا أمراً طبيعياً، بل يعدونه أمراً لازماً للدولة الحديثة. رأيت ذات مرة في التلفاز أحد هؤلاء وهو يدافع دفاعاً مستميتاً عن الدولة العلمانية، ثم تبين في المقابلة معه أنه من حرصه على أداء الحج بطريقة كاملة لم يكن يكتفي بالسؤال عن أركانه وواجباته بل كان يحرص حتى على مستحباته! فهذا إذن رجل يرى أنه يمكن أن ينكر جزءاً من الإسلام ويدعو إلى هذا الإنكار ويظل مع ذلك مسلما ربما لأنه لا يعلم أن من شرط الإيمان بالإسلام أن يؤمن الإنسان به كله ثم يجتهد في أن يطبق منه ما استطاع، وأن من أنكر بعض الدين كمن أنكره كله. قال تعالى { أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون * أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون } (البقرة:85-86)

هذا إذا تبنت الأغلبية المسلمة الموقف العلماني. ولكن ماذا يحدث إذا ظلّ عدد كبير منهم مستمسكاً بدينه كله؟ هل يمكن أن يقال عن أمثال هؤلاء إن لهم حقوقاً سياسية متساوية مع غيرهم من العلمانيين الذين يشرعون لهم قوانين يخالف بعضها أوامر أديانهم؟ كلا. قد يقال لماذا لا يقبلون رأي الأغلبية ويعيشون تحت قوانين يعلمون أنها مخالفة لدينهم؟ نقول هب أنهم فعلوا ذلك، فالسؤال ما يزال قائما. هل يقال عن مثلهم إن لهم حقوقا سياسية متساوية مع العلمانيين الذين يتولون التشريع له؟ كلا. إذن فالعلمانية لا تحل مشكلة التعددية.

الثانية: أن الخلافات بين الناس ليست محصورة في الخلافات الدينية، بل هنالك خلافات أخرى كثيرة وعميقة كالخلافات الاقتصادية السياسية بين دعاة الرأسمالية ودعاة الاشتراكية. فهل يشعر الاشتراكي في الغرب أنه مساو سياسيا للرأسمالي الذي يشرع للمجتمع تشريعات اقتصادية مبنية على الرأسمالية؟ وقل مثل ذلك عن بعض الاختلافات الاجتماعية والفلسفية والخلقية التي لا علاقة لها بالدين.
كيف تحل هذه المشكلة إذن؟ هذا يقودنا إلى المسألة الثالثة: وهي أن جون رولز الأمريكي الذي كان يعد أكبر فلاسفة السياسة والأخلاق المعاصرين، زعم في كتابه الشهير اللبرالية السياسية political liberalism أنه توصل إلى إجابة عن هذا السؤال لأنه توصل كما يقول إلى مبدأ يمكن أن تتفق عليه كل الأديان والفلسفات والمبادئ الخلقية المتناقضة تناقضات عميقة لأن كلا منها سيجد له مكانا في دينه أو فلسفته أو معتقده الخلقي بشرط أن يكون ذلك الدين أو تلك الفلسفة أو ذلك المبدأ الخلقي (معقولاً). لكن تبين أن مربط الفرس كما يقولون إنما هو في كلمة (معقول) هذه. تساءل ناقدوه عن معيار المعقولية هذه عند رولز فوجدوه يرجع إلى الموافقة على مبادئ فلسفته اللبرالية السياسية. فقالوا له إنك لم تفعل شيئاً.
قلت إنك توصلت إلى مبدأ يوافق عليه كل أولئك المختلفين ويجعلونه معياراً، ويكونون بهذا متساوين سياسيا في الدولة اللبرالية الديمقراطية، ثم جعلت شرط موافقتهم عليه أن يكونوا موافقين على فلسفتك السياسية اللبرالية. ولعل من الطريف الذي يبين صدق هذا النقد للقارئ السوداني أن من بين التصورات الدينية التي رآها رولز معقولة كلاماً لمحمود محمد طه نقله إليه أحد الأساتذة، كلاما يفسر فيه محمود الإسلام تفسيراً جديداً لا يكاد يختلف في شيء عن الديمقراطية اللبرالية!
لقد تعجبت كيف ظن هذا الفيلسوف الكبير أنه سيجد حلاً لمشكلة يستحيل عقلاً أن تحل؟ أعني أنه يستحيل عقلاً أن توجد دولة لها دستور وقوانين ترضى عنها كل فئات المجتمع المختلفة لأنها تجد لها مسوغا في دينها أو فلسفتها أو مبدئها الخلقي.

الرابعة: أن الحل المكن عملياً كما هو الواقع في البلاد الغربية مثلاً هو أولاً: أن تبنى الحياة في المجال العام على أحد المبادئ التي لا يشترط أن توافق عليها كل فئات المجتمع المختلفة ذلك الاختلاف الذي ذكره رولز، لكنها ترضى بها بها لكي تعيش مع غيرها في سلام في وطن واحد. لكن هذا يعني بالضرورة أن لا يكون المواطنون متساوين في الحقوق السياسية. وثانياً أن تكون لهؤلاء المواطنين جميعا حقوق إنسانية متساوية باعتبارهم مواطنين وبغض النظر عن الحكم الذي يخضعون له.

الخامسة: يتبين من هذا أن مثل العلمانية في هذا كمثل الحكم الإسلامي في كونها ليست محايدة بين الأديان أو المعتقدات الأخرى كما يصورها لنا القائمون بالدعاية لها، لأنها يمكن أن تشرع تشريعات تجيز بعض ما تمنعه بعض تلك الأديان والمذاهب أو تمنع ما تجيزه. وهي ليست بمحايدة بالنسبة للإسلام بالذات بل محادة له لأنها يمكن أن تحل ما حرم الله وتحرم ما أحل. وفي التجربة الأمريكية أدلة كثيرة على أن الدولة العلمانية قد تصدر حتى في مجال الممارسات الخاصة قوانين مخالفة لتعاليم بعض الأديان . ومن الأمثلة الطريفة التي يذكرونها أن تعاليم طائفة المورمون، وهي طائفة تنتمي إلى المسيحية، تبيح تعدد الزوجات تعددا لا حد له فيما يبدو. لكن المحكمة العليا منعتهم من ذلك وألزمتهم بعدم التزوج بأكثر من واحدة. كما أن القوانين في البلاد العلمانية الأوربية تبيح كثيرا من الممارسات الجنسية التي لا يوافق عليها كثير من اليهود والنصارى المستمسكين بدينهم.

السادسة: بعض الناس ـ حتى من المنتمين إلى بعض الأديان ـ ما زالوا يفضلون أن يكون الحكم في بلادهم علمانيا لا إسلاميا لأن بعضهم ما يزال مخدوعا يظن أن العلمانية محايدة، وأن دولتها دولة مدنية يجد فيها كل المواطنين حقوقا سياسية متساوية. إن هؤلاء يغفلون عن كون العلمانية هي أيضا دين إذا أخذنا الدين بمعناه العربي الواسع، أو هي على الأقل مذهب من مذاهب الحياة لأنها تتضمن مبادئ وتشريعات وأوامر ونواه. فهي إذن ليست ضد الإسلام وحده وإنما هي ضد كل دين له تشريعات ومبادئ مختلفة عن تشريعاتها ومبادئها.

السابعة: من الدعايات التي يلجأ إليها بعض دعاة العلمانية في تنفير غير المسلمين من الحكم الإسلامي زعمهم بأنه ما دامت القوانين التي تصدرها هيئة تشريعية إسلامية هي بالضرورة قوانين دينية، فإن الدولة التي تصدرها تكون قد فرضت عليهم دينا لا يدينون به. لست أدري لماذا لا يقولون الشيء نفسه عن القوانين التي تصدرها الهيئات التشريعية العلمانية؟ لماذا لا يقولون إن كل قانون تصدره هيئة تشريعية علمانية هو بالضرورة علماني مخالف لدينهم؟

لماذا لا ينظرون إلى القوانين الإسلامية نظرتهم إلى القوانين العلمانية فيلتزمون بها لأنها قوانين أصدرتها دولتهم ولا ينظرون إلى عقائد من أصدروها ولا إلى دوافعهم كما أنهم لا يفعلون ذلك بالنسبة إلى القوانين التي تصدرها الدولة العلمانية؟ إن الدولة العلمانية بإمكانها نظريا ان تصدر قوانين متوافقة توافقا كاملا مع الإسلام، كأن تمنع الخمر أو الربا، فهل سيقول أمثال هؤلاء إنها لم تعد دولة علمانية بل صارت إسلامية تفرض عليهم دينا لا يدينون به؟

الثامنة: أليس من التناقض أن يكون الإنسان من المنادين بالديمقراطية ثم يعترض اعتراضا مبدئيا على إسلامية دولته مهما كان عدد المطالبين بذلك من مواطنيها؟ كيف توفق بين الديمقراطية التي تعطي المواطنين الحق في اختيار نوع الحكم الذي يريدون وتكون مع ذلك مناديا بمنع طائفة منهم من هذا الحق؟ إن منع فئة من المواطنين من المناداة بأن تكون دولته إسلامية لا يتأتى إلا باللجوء إلى قوة قمعية تحول بينهم وبين ذلك كما كان الحال في بعض البلاد العربية.

تاسعاً: لقد قال كثير من المنادين بالحكم الإسلامي ونقول معهم إن الحكم الإسلامي ليس حكما دينيا بالمعنى الغربي للكلمة، أي أنه ليس حكماً ثيوقراطيا يتولى الأمر فيه أناس يزعمون أنهم يتلقون أوامرهم بوحي مباشر من الله تعالى كما كان بوش يزعم أن الله تعالى أخبره بأن يفعل كذا ويفعل كذا وهو قائم على رأس دولة تعتبر علمانية. إن الحكم الإسلامي يختلف عن الحكم الثيوقراطي في ثلاثة أمور مهمة. أولها أنه قائم في النهاية على دستور مكتوب مفتوح لكل الناس هو نصوص الكتاب والسنة. وثانيهما أنه لا يجبر أحداً على الدخول فيه كما كانت الطوائف الدينية النصرانية في الغرب تفعل حين تؤول السلطة إلى واحدة منها.

كان النصارى يخيرون اليهود في الأندلس بين الدخول في النصرانية أو الموت أو مغادرة البلاد. وكانت الطائفة التي تؤول إليها السلطة تجبر الطوائف الأخرى على اعتناق معتقداتها. وهذا هو الذي تسبب فيما أسموه في التاريخ الغربي بالحروب الدينية التي كانت كما يرى بعضهم هي السبب في نبذ الناس للحكم الديني واللجوء إلى الحكم العلماني. ثالثا إن الحكم الإسلامي يعطي غير المسلمين حقوقا مثل ما يعطيهم إياها الحكم العلماني أو أكثر. قد يقول بعضهم كيف تقول هذا والدولة العلمانية تساوي بين المواطنين ـ من الناحية النظرية على الأقل ـ في حقهم في أن يتولوا رئاسة الدولة مثلا، بينما الإسلام يشترط في من يتولى هذا المنصب أن يكون مسلماً. أقول والعلمانية تشترط فيه أن يكون علمانياً! نعم إنه لا يهمها ـ من الناحية النظرية ـ أن يكون مسلماً أو نصرانياً أو يهودياً أو بوذياً ما دام انتسابه إلى دينه انتساباً ترضى عنه العلمانية، أي أن يكون تدينه تدينا محصوراً في الجانب الشخصي. أما في المجال العام فهو ملزم بالدستور والقوانين العلمانية. وبما أن الإسلام لا يفصل هذا الفصل الحاسم بين جانب الدين الخاص وجانبه العام، بل يعد رأس الدولة إماماً للمسلمين في دينهم كما أنه إمام لهم ولغيرهم في دنياهم كان من الطبيعي أن يشترط في رأس الدولة أن يكون مسلماً.

-----------------------------------------------
رد مع اقتباس
  #102  
قديم 03-12-2015, 08:20 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,184
ورقة نقد أوهام العلمانيين عن الإسلام

نقد أوهام العلمانيين عن الإسلام*
ـــــــــــــــــــ

21 / 5 / 1436 هــ
12 / 3 / 2015 م
ـــــــــ



ينطلق العلمانيون في حكمهم على أي دين سماوي من الصورة الغربية الراسخة في ذهنهم، من أنه عبارة عن خرافات وأوهام تتناقض تماما مع العلم، بالإضافة لكونه لا يصلح لتنظيم حياة الناس ومعاشهم، وأن مكانه الصحيح في أحسن الأحوال – إن كان لا بد من الأخذ به - هو دور العبادة فحسب.

وإذا كانت هذه الصورة نتيجة طبيعة لفترة الحكم الكهنوتي التي خضعت له أوروبا في العصور الوسطى، حيث هيمنت الكنيسة وكهنتها بنصوص التوراة والإنجيل المحرف على الحياة العامة طوال تلك الفترة، فإن الأمر مختلف تماما في ظل الإسلام الذي لا يمكن أن تجد تعارضا بين نصوصه والعلم، ناهيك عن أن كلام الله في القرآن غير محرف، والإسلام فوق كل ما سبق دين ودنيا ونظام حياة.

بعد هذا التوضيح يمكن فهم مقال الكاتب صباح كنجي على موقع الحوار المتمدن العلماني تحت عنوان: "من أجل تحرير المسلمين وإنقاذهم من هذا الدين"، فقد اعتمد الكاتب الصورة الغربية عن الدين بشكل عام للهجوم على الإسلام.

بدأ الكاتب هجومه على الإسلام بوصفه الدين السماوي الحق الوحيد على وجه الأرض بعد تحريف اليهودية والنصرانية فقال: "يستند الدين الإسلامي كغيره من الأديان في جوهر معتقداته، إلى الخرافة والأساطير التي تكون أسُسْ قاعدته الفكرية ومنظومة عقائده النابذة للحرية وقيمها، في سياق عدم احترام الإنسان وإلغاء عقله بالمطلق، وجعله عبداً لله وخاضعاً خنوعاَ لمن يعتقدُ انه **** لصاحب العرش في الأرض المتحكم بالعباد...".

وأول ما يتبادر إلى الذهن من هذا الكلام: هو جنوح العلمانية وأتباعها بشكل عام إلى الإلحاد، فهي وإن بدت بصورتها الغربية متسترة بالنصرانية، إلا أن حقيقتها دعوة صريحة إلى الإلحاد وعدم الاعتراف بوجود "الإله"، ولعل في كلام الكاتب السابق ما يشير إلى ذلك الإلحاد بشكل لا يقبل الريبة أو الشك.

وبما أن العلمانية لم تجد في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة ما يدعم مزاعمهم وافتراءاتهم على دين الله الإسلام، فقد ذهبوا إلى إفراغ ادعاءاتهم الباطلة على أي فصيل أو مجموعة تدعي الانتساب للإسلام، وإن كان الإسلام بريء من تصرفاتهم وأفعالهم براء الذئب من دم يوسف.

ومن هنا راح الكاتب العلماني يصور للقارئ أن الإسلام هو ما يسمى "تنظيم الدولة الإسلامية"، وأن ممارسات هذه المجموعة من ذبح وحرق وسبي وهدم للمساجد و.....الخ هي اللسان الناطق باسم الإسلام، ظانا أن ذلك يكفي كدليل على افتراءاته على دين الله.

وبغض النظر عن مصداقية ما تبثه وسائل الإعلام عن "داعش"، وعن حقيقة هذا التنظيم، ومن وراءه، ومن صنعه، ولمصلحة من يعمل...الخ، فإن جميع علماء الأمة الثقات قد أكدوا براءة الإسلام الصحيح من ممارسات هذا التنظيم، فهل بعد ذلك يمكن لهذا العلماني أن يستدل بأفعال "داعش" للنيل من الإسلام ؟!

ومما يلفت النظر في كتابات العلمانيين عموما، أنهم يتغاضون عن وحشية أسيادهم الأوروبيين في كل من العراق وأفغانستان ومالي وإفريقيا الوسطى...الخ، بل ويتغاضون عن همجية البوذيين والشيوعيين واليهود بحق المسلمين، طوال عقود وقرون خلت، ولا يذكرون إلا عنف حفنة ممن ينسبون أنفسهم إلى الإسلام ؟!

نعم...لقد نعت الكاتب العلماني الإسلام بجميع أصناف وألوان العنف "العدوانية.. الوحشية.. القاسية..المجردة من الرحمة.. المرادفة للإرهاب المتعطش للدماء بلا حدود.. الذي يبيح إبادة الجماعات وسحقهم.. باسم نصوص الدين.. ووصايا الخالق وأحاديث الرسول.. " لمجرد أن تنظيم الدولة رفع شعار الخلافة الإسلامية، بينما لم نسمع من أمثاله من العلمانيين كلمة إنصاف للمسلمين الذي يذبحون ويقتلون في بورما وإفريقيا الوسطى على يد البوذيين والجماعات المسيحية المتطرفة.

وعلى الرغم من براءة جمهرة علماء المسلمين من ممارسات "داعش"، إلا أن الكاتب العلماني أبى إلا أن يتهم المسلمين عامة بالصمت عن ممارسات هذا التنظيم، وهو ما يشير إلى فراغ جعبة العلمانيين من الأدلة ضد المسلمين، واعتمادهم على الكذب للنيل من هذا الدين.

لا تنتهي ولن تنتهي أباطيل وأوهام العلمانيين عن الإسلام، فهم لا يتحدثون عن هذا الدين ضمن أصول العلم والموضوعية التي يتشدقون بها، بل يتحدثون عنه بدافع هوى النفس وتفريغ الحقد الموروث.

-------------------------------------------
*{التأصيل للدراسات}
ـــــــــــ
رد مع اقتباس
  #103  
قديم 04-22-2015, 08:00 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,184
ورقة العلمانية ( الشاملة والجزئية ) وحجاب المرأة

العلمانية ( الشاملة والجزئية ) وحجاب المرأة*
ــــــــــــــــــــــ

3 / 7 / 1436 هــ
22 / 4 / 2015 م
ـــــــــــــ



منذ زمن ليس بالبعيد ناقش الدكتور عبد الوهاب المسيري في كتابة المعنون بـ"العلمانية الشاملة والعلمانية الجزئية" قضية التطبيق العلماني للعلمانية، وخلال كتابه فرق المسيري بين تطبيقين أساسيين للعلمانية، أو مفهومين محوريين لها، أما الأول فهو المعروف بـ"العلمانية الشاملة"، وأما الثاني فهو المعروف بـ"العلمانية الجزئية".

فأما العلمانية الشاملة فهي- بحسب رؤية المسيري- رؤية شاملة للكون بكل مستوياته ومجالاته، لا تفصل الدين عن الدولة وعن بعض جوانب الحياة العامة وحسب، وإنما تفصل كل القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية عن كل جوانب الحياة العامة في بادئ الأمر، ثم عن كل جوانب الحياة الخاصة في نهايته، إلى أن يتم نزع القداسة تماماً عن العالم. بحيث يتحول العالم (الإنسان والطبيعة) إلى مادة استعماليه، أو ما أسماه المسيري بـ(التشيؤ) أي تحويل الإنسان إلى مجرد شيء، مثل ما حدث من إبادة للهنود الحمر، وما فعله هتلر من عمليات إبادة ضد الساميين، فهنا تعامل هؤلاء مع الإنسان كشيء غير مرغوب فيه ومطلوب التخلص منه.

أما العلمانية الجزئية فهي- بحسب رؤية المسيري- رؤية جزئية للواقع تنطبق على عالم السياسة، وربما على عالم الاقتصاد، وهو ما يُعبَّر عنه بفصل الكنيسة عن الدولة، والكنيسة هنا تعني "المؤسسات الكهنوتية"، أما الدولة فهي تعني "مؤسسات الدولة المختلفة"، ويبين المسيري: أنه قد توسّع البعض في هذا التعريف ليعني فصل الدين (والدين وحده) عن الدولة بمعنى الحياة العامة في بعض نواحيها.

والفارق الأهم بين العلمانية الشاملة والعلمانية الجزئية أن الأخيرة لا تعلن عدائها للدين بشكل سافر مباشر، كما تذهب العلمانية الشاملة، لكنها في الوقت ذاته، لا ترى للدين أي حق أو سلطة على حياة الناس، فللإنسان الحق في فعل ما يشاء وقتما يشاء دون أن يكون للدين مجال فيما يراه أو يتحدث به أو يفعله.

ففي الوقت الذي تعلن فيه العلمانية الشاملة الحرب الضروس على الدين وكل ما يرتبط بالدين من عقائد وشرائع وقيم ومُثُل، نرى العلمانية الجزئية تكفل للمنضوين تحت لوائها تبني ما يرتضونه من أفكار سواء اتفقت مع الدين أو اختلفت معه، بل تحمي رغباتهم، وقد تضع القوانين التي تكفل لهم حق تحقيق تلك الرغبات.

ولعل أوضح الأمثلة على ذلك ما نلاحظه في قضية اللباس الإسلامي، خاصة النقاب والحجاب، فعلى الرغم من تبني كل من أمريكا وفرنسا للعلمانية، وعمل كلا الدولتين بمقتضى القيم العلمانية إلا أن الموقف العلماني من قضية اللباس الإسلامي يختلف من علمانية أمريكا إلى علمانية فرنسا. فعلمانية أمريكا ترى في مسألة اللباس حرية شخصية وتكفل الحق للمسلمة- على سبيل المثال- في لبس ما تشاء من زي، أما علمانية فرنسا فتحارب النقاب والحجاب بضراوة شديدة.

والذي يفسر هذا الاختلاف في المواقف نوع التطبيق العلماني المتبنى، فعلمانية أمريكا "جزئية" لا تعلن عدائها للدين بشكل صريح، أما علمانية فرنسا فهي علمانية "شاملة" تعلن عدائها للدين بشكل صريح وقاطع. ولعل هذا ما دفع البعض- وهو موقف خاطئ- إلى تسمية العلمانية الجزئية بالعلمانية "المؤمنة"، في مقابل وصف العلمانية الشاملة بالعلمانية "الملحدة".

وقد ناقش الدكتور البشير عصام المراكشي هذا الأمر في تدوينة له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، مشيراً وقوع كثير من الناس في خلط شديد في حقيقة العلمانية المناقضة للإسلام، فيظنونها محصورة في العلمانية المعادية والمحاربة للأديان عموما وللإسلام خصوصا. وليس الأمر كذلك!

مبيناً أن حقيقة العلمانية: ''نزع القيم الدينية عن الممارسة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية''، فالعلمانية تحصر الدين في الدائرة الشخصية، وتمنعه من أي تأثير في الدائرة العامة. وهي بذلك مناقضة للإسلام أشد ما تكون المناقضة، لأن الإسلام يفرض أن تطبق تشريعاته في مجالات الحياة كلها: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).

بهذا يُعلم أن اغترار البعض بشعارات الحرية التي ترفعها العلمانية والمساحة الرخوة التي تتركها للدين وهم لا يمكن له بحال من الأحوال أن يغير من طبيعة العلمانية المعادية للدين، فالعلمانيتان الشاملة والجزئية، كلاهما معادي للدين. فالعلمانيتان "الجزئية" و"الشاملة" هما دائرتان لهم نفس المحور، فالعلمانية الجزئية هي الدائرة الصغرى التي تحتويها العلمانية الشاملة.

فمن يرى أن للمسلمة حق ستر جسدها بالشكل الذي يرضاه الدين، ثم يرى في الوقت ذاته أن التعري حق هو الآخر، وحرية مكفولة، يعادي الدين الذي يحرم التعري، ويرى فيه خروجاً وإثما وجرماً يستوجب العقاب، وذنب يستوجب التوبة والعودة، بل وربما كفراً إن استحل الفاعل هذا الفعل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*{التأصيل للدراسات}
ـــــــــــ
رد مع اقتباس
  #104  
قديم 04-28-2015, 07:23 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,184
ورقة العلمانية المؤمنة، أكذوبة لا وجود لها

العلمانية المؤمنة، أكذوبة لا وجود لها*
ــــــــــــــــــ

9 / 7 / 1436 هــ
28 / 4 / 2015 م
ــــــــــــ




ما أسهل اللعب بالألفاظ والتحايل على العقول في هذا الزمان، سيما في بلادنا الإسلامية التي فشا فيها الجهل، وعلت فيها الأصوات المنحرفة، ووسد فيها الأمر لغير أهله، فأصبحت ألفاظ كثيرة تستخدم في غير مواضعها وبغير معانيها التي وضعت لها، وهي عادة وطبيعة درج عليها الملتوون والمتلونون في هذا الزمان، وفي كل زمان.

ومن الأمور التي سميت بغير أسمائها "العلمانية"، فالعلمانية ترجمة خاطئة لكلمة تحمل مضامين فكرية وعقائدية تختلف مع الواقع الإسلامي، ولذا نحا مترجمو الكلمة نحواً فيه كثير من الخداع؛ لتزيين هذه الكلمة وتحسينها، كي تقبل ولا ترفض في الواقع الإسلامي.

يوضح الدكتور سفر الحوالي هذا الأمر في كتابه عن العلمانية بقوله: ""لفظ العلمانية ترجمة خاطئة لكلمة (secularism) في الإنجليزية، أو (secularite) في الفرنسية، وهي كلمة لا صلة لها بالعلم ومشتقاته على الإطلاق. فالعلم في الإنجليزية والفرنسية معناه (science) والمذهب العلمي نطلق عليه كلمة (scientism) والنسبة إلى العلم هي (scientific) أو (scientifique) في الفرنسية.

ثم أن زيادة الألف والنون غير قياسية في اللغة العربية، أي في الاسم المنسوب، وإنما جاءت سماعاً ثم كثرت في كلام المتأخرين.. والترجمة الصحيحة للكلمة هي: اللادينية، أو الدنيوية، لا بمعنى ما يقابل الأخروية فحسب، بل بمعنى أخص، هو ما لا صلة له بالدين، أو ما كانت علاقته بالدين علاقة تضاد".

فالعلمانية فلسفة إلحادية تعادي الدين وتشن الحرب الضروس عليه، وترفض مسلماته، كما ترفض دخول الإنسان تحت لوائه، وهي على أقل أحوالها تؤسس لفكرة الانسلاخ من الشرع ومن أحكامه وضوابطه، وتطلق للإنسان العنان لكي يتصرف في هذه الحياة وفق ما يراه عقله.

وفي التطبيق الواقعي للعلمانية يظهر للمتابع أن العلمانية علمانيتان، أولاهما ما يطلق عليه "العلمانية الشاملة"، وهي علمانية فجة تُظهر عدائها الشديد للدين، بشكل صريح وواضح، ويسعى أتباعها بكل ما أوتوا من سلطة لعزل الإنسان عن دينه، ومحو كل أثر للدين في هذه الحياة.

أما التطبيق الثاني للعلمانية فيطلق عليه "العلمانية الجزئية"، وهي أقل من حيث الدرجة، لكنها تحمل ذات المضامين التي تحملها "العلمانية الشاملة"، فالفارق إذن في التطبيق، وطريقة العرض، لكن النتيجة واحدة، والغاية واحدة، وهي عزل الدين عن الحياه، بتحويل الدين إلى حالة ذاتية لا تأثير لها في الواقع العملي.

وبين العلمانية الشاملة والعلمانية الجزئية ظهر فصيل من الكتاب العرب، سيما بعد ما لاقوه من نفره واغتراب، ينادي بما أسماه بـ"العلمانية المؤمنة"، مدعياً أن بها الحل لكل المشكلات الحاصلة بالعالم العربي والإسلامي والحياة بصفة عامة.

ففي مقاله الأخير المعنون بـ"العلمانية هي الحل" أخذ الكاتب "إكرام لمعي" في بيان المراد بالعلمانية، وبيان ما وقع في فهم البعض لها من خلط- بحسب فهمه هو-، ثم ختم مقاله منادياً بما أسماه "بالعلمانية المؤمنة" بقوله: "هذه هي العلمانية كما نفهمها وإن كان المصطلح سيئ السمعة عند العامة فلنقل العلمانية المؤمنة، وإذا قال البعض إن العلمانية لا تصوم ولا تصلى إنها نظرية فلندعوها العلمانية بإذن الله".

فهذا الأسلوب التسطيحي وهذه العبثية الفكرية يجلس الكاتب ليعبث بعقول قرائه مزيفاً لحقيقة العلمانية التي ظهرت بالأساس للوقوف في وجه رجال الكنيسة، ورفض كل ما يقولون به من أمور دينية وثوابت عقائدية.

و"العلمانية المؤمنة" تقابل عند آخرين ما يسمى بـ"الإسلام العلماني"، حيث يرى فصيل من الكتاب أن الإسلام دين علماني يسمح للبشر بمساحات رخوة من شأنها أن تؤسس لهذا التعايش السلمي بين الإسلام والعلمانية.

وهي دعوة عبثية تفترض وجوداً تخيلياً للشيء ونقضيه، فكيف لدين الإسلام الذي ينادي بإعمال قيمه وشرائعه وأسسه في كل شي في الحياة، كيف لهذا الدين أن يتعايش في العلمانية التي ترفع شعار العداء للأديان، كل الأديان، ولا تألوا جهداً في محو أي أثر للدين في حياة الناس؟

إن هذه الدعوة تأتي من قبل فصيل من العلمانيين رؤوا ما لمصطلح العلمانية من سمعة سيئة سيما في الوسط الإسلامي، فأرادوا تحلية هذا المصطلح وتجميله من خلال تحميله مضامين جديدة تتوافق مع العقلية الإسلامية وتتعايش معها، فعلمانيتهم هي هي العلمانية الأم، لكنهم يسعون إلى عرضها بوجه جديد به كثير من البهرج والتزييف والعبث.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
*{التأصيل للدراسات}
ـــــــــــــ
رد مع اقتباس
  #105  
قديم 04-28-2015, 07:23 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,184
ورقة العلمانية المؤمنة، أكذوبة لا وجود لها

العلمانية المؤمنة، أكذوبة لا وجود لها*
ــــــــــــــــــ

9 / 7 / 1436 هــ
28 / 4 / 2015 م
ــــــــــــ




ما أسهل اللعب بالألفاظ والتحايل على العقول في هذا الزمان، سيما في بلادنا الإسلامية التي فشا فيها الجهل، وعلت فيها الأصوات المنحرفة، ووسد فيها الأمر لغير أهله، فأصبحت ألفاظ كثيرة تستخدم في غير مواضعها وبغير معانيها التي وضعت لها، وهي عادة وطبيعة درج عليها الملتوون والمتلونون في هذا الزمان، وفي كل زمان.

ومن الأمور التي سميت بغير أسمائها "العلمانية"، فالعلمانية ترجمة خاطئة لكلمة تحمل مضامين فكرية وعقائدية تختلف مع الواقع الإسلامي، ولذا نحا مترجمو الكلمة نحواً فيه كثير من الخداع؛ لتزيين هذه الكلمة وتحسينها، كي تقبل ولا ترفض في الواقع الإسلامي.

يوضح الدكتور سفر الحوالي هذا الأمر في كتابه عن العلمانية بقوله: ""لفظ العلمانية ترجمة خاطئة لكلمة (secularism) في الإنجليزية، أو (secularite) في الفرنسية، وهي كلمة لا صلة لها بالعلم ومشتقاته على الإطلاق. فالعلم في الإنجليزية والفرنسية معناه (science) والمذهب العلمي نطلق عليه كلمة (scientism) والنسبة إلى العلم هي (scientific) أو (scientifique) في الفرنسية.

ثم أن زيادة الألف والنون غير قياسية في اللغة العربية، أي في الاسم المنسوب، وإنما جاءت سماعاً ثم كثرت في كلام المتأخرين.. والترجمة الصحيحة للكلمة هي: اللادينية، أو الدنيوية، لا بمعنى ما يقابل الأخروية فحسب، بل بمعنى أخص، هو ما لا صلة له بالدين، أو ما كانت علاقته بالدين علاقة تضاد".

فالعلمانية فلسفة إلحادية تعادي الدين وتشن الحرب الضروس عليه، وترفض مسلماته، كما ترفض دخول الإنسان تحت لوائه، وهي على أقل أحوالها تؤسس لفكرة الانسلاخ من الشرع ومن أحكامه وضوابطه، وتطلق للإنسان العنان لكي يتصرف في هذه الحياة وفق ما يراه عقله.

وفي التطبيق الواقعي للعلمانية يظهر للمتابع أن العلمانية علمانيتان، أولاهما ما يطلق عليه "العلمانية الشاملة"، وهي علمانية فجة تُظهر عدائها الشديد للدين، بشكل صريح وواضح، ويسعى أتباعها بكل ما أوتوا من سلطة لعزل الإنسان عن دينه، ومحو كل أثر للدين في هذه الحياة.

أما التطبيق الثاني للعلمانية فيطلق عليه "العلمانية الجزئية"، وهي أقل من حيث الدرجة، لكنها تحمل ذات المضامين التي تحملها "العلمانية الشاملة"، فالفارق إذن في التطبيق، وطريقة العرض، لكن النتيجة واحدة، والغاية واحدة، وهي عزل الدين عن الحياه، بتحويل الدين إلى حالة ذاتية لا تأثير لها في الواقع العملي.

وبين العلمانية الشاملة والعلمانية الجزئية ظهر فصيل من الكتاب العرب، سيما بعد ما لاقوه من نفره واغتراب، ينادي بما أسماه بـ"العلمانية المؤمنة"، مدعياً أن بها الحل لكل المشكلات الحاصلة بالعالم العربي والإسلامي والحياة بصفة عامة.

ففي مقاله الأخير المعنون بـ"العلمانية هي الحل" أخذ الكاتب "إكرام لمعي" في بيان المراد بالعلمانية، وبيان ما وقع في فهم البعض لها من خلط- بحسب فهمه هو-، ثم ختم مقاله منادياً بما أسماه "بالعلمانية المؤمنة" بقوله: "هذه هي العلمانية كما نفهمها وإن كان المصطلح سيئ السمعة عند العامة فلنقل العلمانية المؤمنة، وإذا قال البعض إن العلمانية لا تصوم ولا تصلى إنها نظرية فلندعوها العلمانية بإذن الله".

فهذا الأسلوب التسطيحي وهذه العبثية الفكرية يجلس الكاتب ليعبث بعقول قرائه مزيفاً لحقيقة العلمانية التي ظهرت بالأساس للوقوف في وجه رجال الكنيسة، ورفض كل ما يقولون به من أمور دينية وثوابت عقائدية.

و"العلمانية المؤمنة" تقابل عند آخرين ما يسمى بـ"الإسلام العلماني"، حيث يرى فصيل من الكتاب أن الإسلام دين علماني يسمح للبشر بمساحات رخوة من شأنها أن تؤسس لهذا التعايش السلمي بين الإسلام والعلمانية.

وهي دعوة عبثية تفترض وجوداً تخيلياً للشيء ونقضيه، فكيف لدين الإسلام الذي ينادي بإعمال قيمه وشرائعه وأسسه في كل شي في الحياة، كيف لهذا الدين أن يتعايش في العلمانية التي ترفع شعار العداء للأديان، كل الأديان، ولا تألوا جهداً في محو أي أثر للدين في حياة الناس؟

إن هذه الدعوة تأتي من قبل فصيل من العلمانيين رؤوا ما لمصطلح العلمانية من سمعة سيئة سيما في الوسط الإسلامي، فأرادوا تحلية هذا المصطلح وتجميله من خلال تحميله مضامين جديدة تتوافق مع العقلية الإسلامية وتتعايش معها، فعلمانيتهم هي هي العلمانية الأم، لكنهم يسعون إلى عرضها بوجه جديد به كثير من البهرج والتزييف والعبث.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
*{التأصيل للدراسات}
ـــــــــــــ
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الآلام, الحلف, الرجوع, إلى, والتقدم


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الرجوع إلى الأمام والتقدم إلى الخلف
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تجار الآلام عبدالناصر محمود شذرات إسلامية 0 09-04-2015 02:04 PM
الحلف المصري الإماراتي عبدالناصر محمود شذرات مصرية 0 08-27-2014 03:17 PM
الرئيس اوباما يتمتع بصلاحيات شن هجوم على سوريا دون الرجوع للكونغرس عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 09-08-2013 06:48 AM
علماؤنا الرواد رفعوا مشعل النهضة والتقدم Eng.Jordan علماء عرب 0 11-03-2012 12:45 PM
حكم الحلف بحياة القرآن جاسم داود شذرات إسلامية 0 10-15-2012 04:14 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 05:08 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59