العودة   > >

شذرات إسلامية مواضيع عن الإسلام والمسلمين وأخبار المسلمين حول العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 05-10-2017, 07:27 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,159
ورقة ما جاء في فساد مودَّة الأصحاب وخِسَّة أخلاق الرُّفَقاء


ما جاء في فساد مودَّة الأصحاب وخِسَّة أخلاق الرُّفَقاء
ــــــــــــــــــــــــــ

(د. صفية الودغيري)
ــــــــــ

14 / 8 / 1438 هـ
10 / 5 / 2017 م
ــــــــــــ

الأصحاب الرُّفَقاء 45_12.jpg?itok=NVZRA2cD





إنَّ الزَّمان لا يَثْبُت على حال، والأيام لا تَسْتقِرُّ على السَّمْعِ والطَّاعَة والانْصِياع، والأحداثُ تَتوالى وتتبدَّل، والخُطوب تَصول والنَّوائِب تَنوب، والدُّنْيا تُقْبِل بوجهٍ باسِم ثم تتوَلَّى وتُدْبِر بوجه عابِس مُتجهِّم، والسَّاعات تَحْلو وتمر، والأصحاب يتقلَّبون مع تقلُّب الزَّمان وتبدُّل الأحوال ..





فمنهم من يحفظُ صاحبَه في نفسه وأهله، وماله وعرضه، ويصون وُدَّه ولا يخونُ عهدَه، ومنهم من يَغْدِر بصاحبه ويَطْعنه في ظهره، وينْكثُ عهدَه ويُخْلف وعدَه، ويَفْصِل شِرْيان محبَّته ويقطع وَصْله، كأن لم يكن بينهما إلا حاجاتٌ تُقْضى، ومصالح تجمع ما تفرَّق بينهما إلى أجلٍ تَنْقضي فيه الحاجات والمصالح في زمن القطيعَة، أو كأنَّ ما كان بينهما إلا أحاديث مجالس تَنْفَض، ثم يَمْضى كلٌّ منهما إلى حال سبيله، ولا يَذْكُر مما مضى وانْقضى إلا العُيوبَ والمَثالب، ولا يُحًصي إلا ما يَسوءُ صاحِبَه ويَعيبُه، ويجعل كلَّ ما كان يزينُه شينًا ثم يُهينُه ..





فالرَّجُل اللَّبيب الفَطِن هو من يَعْتبِر بكلِّ هذا ويَحْتاطُ في كلِّ شُؤونِه، ويَلْزَم قيادَ الحَزْم ويُذْعِن لسَدادِ الرَّأي، ولا يُلْقي بنفسه في مَواطِن التَّهلكة فيُوَرِّط حاله في الشُّرور، فعن بِشر بن الحارث قال : قال الفضيل بن عياض : " لا يكونُ الرَّجل من المتَّقين حتى يأمَنه عَدوَّه، ولا يخافه صديقه " [1]، وقال بعضهم: "ذهبَ زمنُ الأنسِ ومن كان يعارضُ، فاحْتَفِظ مِن صديقِك كما تحتفِظ من عدوك، وقدِّم الحَزْم في كلِّ الأمور، وإيَّاك أن تُكاشِفَه سرَّك فيُجاهِرَك به في وقت الشَّر" [2] .





والرَّجل اللَّبيبُ الفَطِن هو من يَتجنَّب فسادَ مَودَّة أهل هذا الزَّمان، ويَحْذَر خِسَّةَ أخلاقِ الرُّفَقاء، ولُؤْمَ طِباع الأصْحاب، ويُعْرِض عن شِرار الإِخْوانِ والخُلَطاء، ويَطْلُب من حُظوظِ الدُّنْيا حظَّه من العِلْم النَّافِع الوافي، ويَغْنَم أَوْقاتَه في لُزومِ التفقَّه في الدِّينِ وأصوله، ويكون حَذِقًا خَبيرًا بأحْوال الدُّنْيا وشُؤونِ أَهْلِها، كي يَسْلَم من السُّقوط والانْدِحار، ويَطْلُب أخًا صالحًا مَحْمودَ الخِصال، صادِقًا أمينًا في السِّر والإِعْلان، يقضي حاجَته ويبَرُّه بكلِّ ما أوتِي من وُسْع وقُوَّة وإِمْكان، ويحوطه نُصْحًا ويُسْعِفه بكلِّ ما يجِدُ إليه الطَّاقة والسَّبيل والإِرْشاد، فلا يَمَلُّ مَجْلسَه وإن طال به المُكْتُ والمَقام ..





وفي لقائِه يعمُّ الأُنْس والاغْتِباط، ويُسَرُّ الخاطِر ويَسْتجِمُّ بحَديثِه الفؤاد، فتَنْزاحُ عن الصَّدْر الهُموم والأحزان، وفي مَقاله ومَنْطقِه عَجائِبُ البَيان وكفايَةُ المُحْتاج، ويرْدَعُه إذا غَوى أو أَمْعَن في الضَّلال، ويَردُّه عن جَهْلِه إنْ زاغَ عن الطَّريق، وَيْهديه إلى سواء السَّبيل، ويحفظ أسراره ويَسْتُر عَوْراته ويأمن زَلَّاته، ويَشُدُّ أَزْرَه ويُقَوِّي ساعِدَه إنْ سقط أو هَوى أو تمادى في الإقبال على الشَّهوات ..





والرَّجل اللَّبيبُ الفَطِن هو من يَعْتبِر بأقوالِ وأحوالِ من سَلف، فقد أَجْرى الله على لسانهم دُرَّ الكلامِ المَنْثور، وأَنْطَقَ لسانهم الفصيح بكلِّ معنى بليغ، فأَشْرَق بالعِظات وسَطع بأَنْوارِ الحكِمَ والأسرار، وأبانَ عن المَخْفيِّ من الحقائِق والعلوم والمعارف، وكشفَ عن المَخْزون في الدَّفاتِر والصُّدور، فخلَّدوا كلَّ نَفيسٍ مَحْفوظٍ مَنْضود، بحِفْظ مَن رفعَ رايَةَ العِلم وشَرَّفَ حامِلَها، وأَنْزلَه المَنْزِلَ الأَسْنى ففازَ بالحُظوظ والمقامِ المُعَلَّى ..





وقد جاء في فساد أخلاقِ الأصحاب وتغَيُّر دَخائِل الرُّفقاء والإِخْوان، وسوءِ أحوالهِم بتَقادُم العُهود وتَقلُّب الأَزْمان، وذِكْر إِسْرافهِم في الغيبة وإِضْمارِهم المَكْر والخِداع، وإِظْهارهم وَجْه المحبَّة والإخلاص، وتَلبُّسهِم بالغشِّ والمسَبَّة والخُبْث والنِّفاق، فيُرْوى عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أنه قال: " كان الناس وَرقًا لا شَوْكَ فيه، فصاروا شَوْكًاï¹° لا ورقَ فيه " [3] .





وقال بعضهم : "كنَّا نخافُ على الإخوان كَثْرةﹶ المَواعيد وشِدَّة الاعْتِذار أن يَخْلِطوا مَواعيدهم بالكذِب، واعْتِذارهم بالتزيُّد، فذهَب اليوم من يعتذِر بالخير، وماتَ من كان يعتذِر من الذَّنب " [4] .





وعن بِشر بن الحارث قال : قال الفضيل بن عياض : " لا يكونُ الرَّجل من المتَّقين حتى يأمنَه عدوه، ولا يخافُه صديقه" [5] ، وقال بعضهم : " ذهبَ زمنُ الأنُسِ ومن كان يُعارِض، فاحْتَفِظ مِن صديقك كما تَحْتفِظ من عَدوك، وقدِّم الحزم في كلِّ الأمور، وإيَّاك أن تُكاشِفَه سِرَّك فيُجاهِرَك به في وقت الشَّر" [6].

---------------------------------------
[1] تفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب/ لمحمد بن خلف بن المرزبان بن بسام المحولي تـ 309هـ ـ تحقيق: ركس سميث/محمد عبد الحليم ـ ط. الأولى 2003م : ص 5
[2] المصدر نفسه : ص 5
[3] المصدر نفسه : ص 2
[4] المصدر نفسه : ص 2
[5] المصدر نفسه : ص 5
[6] المصدر نفسه : ص 5

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
أخلاق, مودَّة, الأصحاب, الرُّفَقاء, فساد, وخِسَّة


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع ما جاء في فساد مودَّة الأصحاب وخِسَّة أخلاق الرُّفَقاء
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أخلاق آل بيت النبوة... صباح الورد شذرات إسلامية 0 08-20-2014 07:30 AM
أزمة أخلاق جاسم داود الملتقى العام 0 08-19-2013 04:21 PM
«mbc»: العريفي مريض ومكانه في المصحات النفسية Eng.Jordan أخبار منوعة 0 12-25-2012 10:02 AM
نقل الرسائل من نوكيا الى اندرويد - شرح نقل المسجات من Nokia الى Android بالصور Eng.Jordan الحاسوب والاتصالات 0 11-18-2012 12:56 PM
بعض المسجات للتهنئة بحلول عيد الفطر المبارك صباح الورد الملتقى العام 4 08-18-2012 09:56 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 09:48 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59