#1  
قديم 04-19-2012, 12:19 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي العلامة محمود شاكر بين الانشطار والانكسار والانتحار والانتصار


للدكتور : محمد عباس
· هل يمكن أن يكفي هذا المقال للحديث عن العلامة محمود شاكر ؟
· بل هل يمكن أن تكفي صفحات هذه المجلة لأداء هذا الغرض ؟
· بل لو اقتصرت أعداد المجلة أعواما للحديث عنه فهل تكفيه ؟
· محمود شاكر الذي قيل أنه قد رزق عقل الشافعي ، وعبقرية الخليل ، ولسان ابن حزم ، وشجاعة ابن تيمية .
· محمود شاكر الذي تحدث عنه الأستاذ كمال النجمي فقال : " إنه ليقف اليوم وقد انتهت إليه الرئاسة في علوم اللغة وآدابها ، قائما بسلاحه علي نفس الثغرة التي كان يدفع عنها الأعداء منذ ستين عاما ، منفردا متوحدا ، قد خلا الميدان إلا منه لأن حربه التي أعلنها علي الفساد لا تضع أبدا أوزارها .
· محمود شاكر الذي قال تلميذه وصديقه الدكتور محمود الطناحي أنه حصَّل من المعارف والعلوم العربية ما لم يحصله أحد من أبناء جيله ، ثم خاض تلك المعارك الدامية الحامية ، فحارب الدعوة إلي العامية ، وحارب الدعوة إلي كتابة اللغة العربية بالحروف اللاتينية ، وحارب الدعوة إلي هلهلة اللغة العربية ، والعبث بها بحجة التطور اللغوي .
ثم يستطرد قائلاً : " ولكن كيف أكتب عنك أيها الشيخ الجليل ، ومن أين أبدأ وكيف أمضي ، وإلي أين انتهي ؟ والحديث عنك إنما هو تاريخ هذه الأمة العربية الشريفة ، عقيدة ولغة وفكرا ورجالا وآمادا رحبة متطاولة ، لا يقدرها إلا أنت ، ولا يعرف كنهها إلا أنت ، وتاريخ أمتنا حاضر بين يديك ، مائل أمام عينيك ، لم يغب عنك لحظة ولم تخدع عنه لحظة ، فماذا أنا قائل فيك ، وماذا أنا أبالغ من الكتابة عنك ؟ " ومعذرة ثم معذرة شيخي أنا فهر إذ أكتب عنك بهذه الوجازة التي تراها ، أراك الله الخير كله ودلك عليه ، ورغبك فيه "
أنا أيضا يا سيدي وشيخي وأستاذي سيكون كلامي منتزعا من كلامك ، مدلول عليه بفكرك ، فأنا إنما أكتب عنك بك وأتقدم منك إليك !!.. بل لعلي أقول أنه من الصعب جدا أن يتحدث الإنسان عنك بغير ألفاظك الهائلة وفكرك الشامخ المعجز وبصيرتك النافذة وفكرك المحيط الشامل .. خطان متوازيان جمعاني بالعلامة محمود شاكر .. خط في أعلي الجبل كان هو يطير عليه . وخط علي السفح كنت أتعثر فيه ، كان هو القائد والأمير وكنت جنديا .. ولعلي – تمسحا به – أقارن بين موقفه الهائل في الدفاع عن الثقافة العربية الإسلامية ضد **** الصليبيين لويس عوض ، ومقالاته المدوية عنها في مجلة الرسالة التي انتهت بإغلاق المجلة ، وبين موقفي المتواضع في مواجهة النصيرى حيدر وأصحابه من المرتدين العلمانيين الشيوعيين فيما عرف بأزمة وليمة لأعشاب البحر حيث كتبت أربع مقالات مدوية انتهت بإغلاق صحيفة الشعب ولا تزال . وهذا وجه واحد من وجوه كثيرة .
ولكي يعرف القارئ مكانة هذا العلامة الشامخ في قلبي ، فإنني أعترف أنه في كل خلافاته مع الشهيد سيد قطب كان الصواب في جانبه ، وربما للإنصاف نقول أن هذه الخلافات والمعارك قد نشبت قبل المرحلة الإسلامية فقد كان الاختلاف ما بين الجبلين الأشمين هو أشد أنواع الخلاف والقسوة .. لأنه خلاف بين صوابين ، حيث أجد كل قلبي مع الشهيد وبعض عقلي مع العلامة . كان محمود شاكر هو الفارس الأخير كما قال عنه د. عبد القدوس أبو صالح ، وكان هو الذي حمل راية القرآن من الرافعي ، كاتب الإسلام الأكبر ، واستطاع أن يقف أمام طه حسين الذي فجر تيار التغريب في هذه الأمة ، حين مضي يدعو إلي انسلاخ مصر ، قلب العالم العربي ، عن هذا العالم ، بل عن الشرق كله ، ويدعو في كتابه " مستقبل الثقافة في مصر " إلي أن يأخذ المصريون حضارة الغرب بخيرها وشرها ، وحلوها ومرها ، وما يحب منها وما يستكره .. وكذلك أن يتصدي في " أباطيل وأسمار " إلي " لويس عوض " ، الذي يمثل الجيل الذي خلف طه حسين ، وزاد عليه في التنكر للتراث ، وفي دفع الأمة إلي مهاوى العلمانية واليسار والاشتراكية .
كتب الدكتور محمد حسان الطيان في مجلة الفيصل العدد 266 (كانون الأول 1998) يقول :
لقد كان أبو فهر صاحب بيان لا يُجاري في دنيا الأدب ، وأسلوب لا يبُاري في دنيا الكتابة ، تقرأ له فتسمو نفسك وتعلو مشاعرك حتى تكاد تلامس نجوم السماء . يأسرك أسلوبه الجزل ، ويروعك تركيب جمله وعباراته ، ويبهرك روعة استشهاده وحسن تأتيه ، ويخلبك تخيره لمفرداته وانتقاؤه لكلماته .. والأستاذ شاكر – فوق ذلك كله وقبل ذلك كله – قلب نابض يحبَّ أمته وتحقيق آمالها ، وعقل واعٍ لتاريخها وثقافتها ، وعينً راصدة لعالمها المتراحب ، وحارس أمين يحرسُها من كلَّ خطر دقّ أو جلَّ ومن كل عدو تخفّي أو تبدي . أما الكاتبة الصحافية اللامعة عايدة الشريف فتقول عنه في كتابها (محمود شاكر قصة قلم – كتاب الهلال العدد 563 " وهو مرجع رئيسي لهذه الدراسة ") : إن عالمه ليس من النوع المألوف الذي تقرأ عنه في صحفنا ومجلاتنا المعاصرة .. إن صورته هي جزء من مجالس العلم القديمة التي يصلنا شذاها عبر سطور التاريخ ومن خلال صفحات أمهات الكتب العربية ، تلك المجالس التي أضاءت بمصابيح العبقرية العربية ، متمثلة في علمائها ورواتها وشعرائها وفقهائها وكل من انتظم في ذلك العقد الفريد من هؤلاء الرجال العظام الذين مكنوا لكل ما هو عربي أصيل في هذه الأرض ,
في كتابه من أعلام العصر يتحدث أسامة أحمد شاكر عن آل شاكر ، فهم ذرية بعضها من بعض ، ويتحدث عن جده وأبيه وعمه ، محمود شاكر . فقد تقلد الأب الشيخ محمد شاكر مناصب عديدة منها أنه كان ****ا للجامع الأزهر ، ورفض أن يتقلد مشيخة الأزهر وكان وضعها البروتوكولي آنذاك يسبق رئيس الوزراء ، لأنه أدرك أنه سيجبر علي السكوت علي ما يرفضه الشرع .. وكان مقربا من الشيخ محمد عبده ، ولقد أخبر ابنه محمود شاكر ، أن محمد عبده وجمال الدين الأفغاني كانا عضوين ماسونيين وعرضا عليه الاشتراك معهما فأبي ، وقاطعهما ، ولكنه لا يتهمهما بل يلتمس الأعذار لهما بالجهل . وكانت الصداقة قد توطدت بين الشيخ محمد شاكر والسلطان عباس حلمي الثاني ، الذي ذهب للتهنئة بمولد محمود شاكر ، ومنحه الباشوية وهو رضيع في مكتب رئيس جامعة القاهرة صورة وضع حجر الأساس للجامعة المصرية ، الذي وضعه الخديوي عباس حلمي الثاني ، ويري علي يمينه الأمير أحمد فؤاد (والملك فؤاد فيما بعد) ثم الشيخ محمد شاكر **** الأزهر علي يساره الخديوي رئيس الوزراء .
تاريخ العائلة كلها تاريخ حافل ، ولكن واقعة محددة للشيخ محمد شاكر ، تظهر أكثر من سواها كيف أن هذه العائلة كانت لا تخشي في الحق لومة لائم ففي عام 1916 كان طه حسين طالبا بالجامعة المصرية القديمة التي كان يرأسها الأمير أحمد فؤاد والملك فؤاد فيما بعد ، وكان قد تقرر إرسال طه حسين في بعثة إلي فرنسا فأراد السلطان حسين كامل أن يكرمه فاستقبله استقبالا كريما وحباه بهدية قيمة . وكان من خطباء المساجد التابعين لوزارة الأوقاف خطيب متكلم مقتدر ، وهو الشيخ محمد مهدي وكان السلطان حسين مواظبا علي صلاة الجمعة يحضرها العلماء والوزراء والكبراء .. فصلي الجمعة يومها بمسجد المدبولي القريب من قصر عابدين وأراد الشيخ محمد مهدي أن يمدح السلطان ، ولكن خانته فصاحته فزل لسانه زلة لم تقم له قائمة بعدها إذ قال في خطبة الجمعة :
( جاءه الأعمى فما عبس في وجهه وما تولي ) .. وكان من شهود هذه الصلاة الشيخ محمد شاكر فقام بعد الصلاة يعلن الناس في المسجد أن صلاتهم باطلة وأمرهم أن يؤدوا صلاة الظهر بدلا من صلاة باطلة للجمعة ، فأدوها . ذلك أن الخطيب الأحمق الجاهل كفر بما شتم به رسول الله صلي الله عليه وسلم يريد أن يتملق السلطان بتفضيله علي الرسول .. وكان وضع السلطان خطيرا جدا ، فهو إن وافق الخطيب استفز الأمة المسلمة كلها وإن وافق الشيخ محمد شاكر أقر بكفر الخطيب مع ما في ذلك من تداعيات شرعية ، وانحاز السلطان في الظاهر للشيخ محمد شاكر ، ولكن تداعيات القضية استمرت بعد ذلك فترة طويلة .
كان الشيخ محمد شاكر من خطباء ثورة سنة 1919م ، وكان العلامة المحدث أحمد محمد شاكر ، شقيق العلامة محمود شاكر ، وهو واحد من كبار محدثي العصر ، وله مؤلفات وتحقيقات مشهورة ومتداولة فهو إمام المحدثين في القرن العشرين . في هذه الأسرة نشأ العلامة محمود شاكر . سوف يتعلق قلب محمود شاكر بالحروف والكلمات منذ طفولته الباكرة ، فكأنما فهم الأمر( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) وقدَر أنه هو المخصوص به بعد أن اتخذه الناس مهجورا ، يقول : فمنذ بدأت أعقل بعض هذه الدنيا ، وأري سوادها وبياضها بعين باصرة شغلتني الكلمة وتعلق قلبي بها ، لأني أدركت أول ما أدركت أن " الكلمة " هي وحدها التي تنقل إلي الأشياء التي أراها بعيني . إنه يبدأ درسه الأول في المدرسة الابتدائية تحت وطأة نظام صليبي عنصري استعماري كان قد وضعه المبشر والقسيس دنلوب ، حيث حصة اللغة الانجليزية هي الأولي مع النشاط والانتعاش وحصة اللغة العربية هي الأخيرة حيث الإجهاد والكسل والنعاس .. يقول : " اغتالت حروف اللغة – الانجليزية – الجديدة وكلماتها كلّ همتّي ، اغتالتها بالفرح المشوب بطيش الطفولة ، فقلَّ انتباهي إلي لغتي العربية ، بل لعلي استثقلتها يومئذ وكدت أنفر منها ن وكذلك صرت في العربية ضعيفاً جداً ، وهكذا أنفذ دنلوب اللعين أول سهامه في قلبي من حيث لا أشعر ، ولكن كان من رحمة الله بي أن أدركتني ثورة مصر في سنة [1919م] وأنا يومئذ في السنة الثالثة ، فلما كانت السنة الرابعة سقطت في امتحان الشهادة الابتدائية ... واتسع الوقت في السنة المعادة فصرت حراً أذهب حيث يذهب الكبار إلي الأزهر ، حيث أسمع خطب الثوار ، وأدخل " رواق السنارية " وغيره بلا حرج ، وفي هذا الرواق سمعت أول ما سمعت مطارحة الشعر وأنا لا أدري ما الشعر إلا قليلاً .
يبدأ العلامة وهو بعد طفل في المدرسة الابتدائية في قراءة ديوان المتنبي بشرح الشيخ " اليازجي " ، وكان مشكولاً مضبوطاً جيد الورق " فلم أكد أظفر به حتى جعلته وردي ، في ليلي ونهاري ، حتى حفظته يومئذ ، وكأن عيناً دفينة في أعماق نفسي قد تفجرت من تحت أطباق الجمود الجاثم ، وطفقت أنغام الشعر العربي تتردد في جوانحي ، وكأني لم أجهلها قط ، وعادت الكلمة العربية إلي مكانها في نفسي " . وبعد ثورة 1919 انتقل إلي مدرسة القربية بدرب الجماميز ، ثم دخل المدرسة الخديوية الثانوية سنة 1921م .. ونال درجة البكالوريا سنة 1925م . كان محمود شاكر منذ صباه الباكر علي علاقة بكبار كتاب عصره ، كما ربطته علاقة حميمة بكل من الكاتب الكبير الأستاذ يحيي حقي والشاعر العظيم الراحل محمود حسن إسماعيل وكان منهما يعتبر الأستاذ شاكر إماما عليما بأسرار البيان العربي في شره ونثره ، ومرجعا حيا للثقافة العربية ، وقد عبر كل منهما عن تلك الرابطة في أكثر من مقام من مقامات القول منها : قصيدة الأستاذ محمود حسن إسماعيل في تقديم قصيدة " القوس العذراء " كما ذكر الأستاذ يحيي حقي في بعض أحاديثه الصحفية أنه قرأ أمهات كتاب الأدب العربي علي الأستاذ شاكر .
لقد نهل من العلم الكثير ، وقبل أن يدخل الجامعة ، كان قد قرأ كتاب الأغاني للأصفهاني كاملا ، كما قرأ لسان العرب كله ، وتفسير الطبري وتاريخه ، ودلائل الإعجاز للجرجاني ، وأتيح له – أيضا أن يدرس اللغة العربية علي يدي الشيخ سيد بن علي المرصفي ، أستاذ طه حسين ، وصاحب كتاب " رغبة الآمل من كتاب الكامل " الذي يشرح كتاب الكامل للمبرد ، وكتاب " أسرار الحماسة " وهو في شرح ديوان الحماسة لأبي تمام . كما قرأ كثيرا من كتابات المستشرقين فقد كان يجيد الانجليزية إجادة تامة . وسوف يساعده احتفاله بالحرف والمعني علي كشف حديث إفك المستشرقين ومكرهم الخفي مبكرا . راسل الأستاذ مصطفي صادق الرافعي – عملاق العربية وشيخ أدبائها – منذ سنة 1921م . تصوروا !!.. لم يكن قد جاوز الثانية عشرة من عمره .. لا يتسع المقال لكثير من التفاصيل ، ولكن ثمة مندوحة للقول أن العلامة محمود محمد شاكر قد ولد بالإسكندرية في الأول من فبراير عام 1909 " ليلة العاشر من المحرم 1327هـ .. وكان والده الشيخ محمد شاكر من أسرة أبي علياء من أشراف جرجا بصعيد مصر ، وينتهي نسبه إلي الإمام الحسين بن علي .
وبعد حصوله علي البكالوريا التحق شاكر بكلية الآداب – قسم اللغة العربية – وهناك كانت البداية في معركته التي عاشها إلي يوم وفاته ، ومعركته ضد أعداء الأمة ، وكانت ساحة هذه المعركة هي ساحة اللغة والثقافة والأدب .. وهي المعركة التي ستظل معركته إلي أن يموت . في عام 1926 ، وبعد عشرة أعوام من موقف أبيه الشهير ضد إمام المسجد محمد مهدي ، كانت الأيام تدور ليقف الابن وهو بعد في العرف الشرعي طفل مايزال ، موقفا هائلا ضد طه حسين .. كان طه حسين صنيعة الوسائل الإعلامية الهائلة التي تكلفت بتصنيعه نجما كي يهدم الدين ، وكان عميدا لكلية الآداب ، وكان محمود شاكر في السابعة عشرة من عمره ، كان طه حسين قد عاد بجرثومة الحداثة من فرنسا ، وكانت قد تمكنت منه ، وأصبح مستعدا لهدم المقدسات جميعا ، والبداية من نقطة الصفر ، بإمكانيات قاصرة قصورها البشري بعد قصور الغرض والهوى ، من هذه النقطة الفكرية الخطيرة بدأ طه حسين يلقي محاضراته الملغمة المسمومة علي طلبته ، تلك المحاضرات التي جمعها بعد ذلك في كتابه الملعون " الشعر الجاهلي " .
وفي هذه المحاضرات كان يعلن فض فوه وبورك شانئوه " أن معظم الشعر الجاهلي مزور ، وأنه كتب بعد ذلك بقصد تزوير آخر في رأيه الشيطاني ، وهو إظهار إعجاز القرآن إذا كان القرآن قد تحدي العرب ببيانه ، وكان بيان العرب يومئذ مرتبط أشد ما يكون الارتباط بالشعر الجاهلي ، فإن إثبات أن المسلمين زوروا هذا الشعر كله سيفضي إلي أنهم قد زوروا إعجاز القرآن أيضا ، بل والقرآن نفسه ( وليلاحظ القارئ أن هذه هي دعاوى الجاهلين والكفار دائما ، ومنهم نصر حامد أبو زيد ، الذي حكمت بكفره محكمة النقض ، وليس مجمع البحوث الإسلامية ) .. لقد كان الشعر الجاهلي يمثل روعة البيان والبلاغة عند العرب ، والقرآن الكريم تحدّي العرب في أعظم ملكاتهم وهي ملكة البيان والبلاغة ، فإذا تمَّ نفي الدليل علي هذه القوة والملكة سقط معني التحدي الوارد في القرآن الكريم . شاءت المشيئة لمحمود شاكر أن يلقاه أحمد تيمور باشا ، وهو يعرف ثقافته واهتماماته ، وموقفه من المستشرقين رغم عمره ، وناوله [ المجلة الأسيوية الناطقة باللغة الانجليزية في عدد يوليو 1925م] فإذا منشور فيها مقالة للأعجمي المستشرق مرجليوث ، تستغرق نحو اثنتين وثلاثين صفحة من هذه المجلة بعنوان نشأة الشعر العربي ، وكان محمود شاكر خبيراً بهذا الأعجمي منذ قرأ كتابه عن محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم ، يقول : أخذت المجلة وانصرفت وقرأت المقالة وزاد الأعجمي سقوطاً علي سقوطه ، كان كل ما أراد أن يقوله : أنه يشك في صحة الشعر الجاهلي ، لا بل أن هذا الشعر الجاهلي الذي تعرفه هو في الحقيقة شعر إسلامي وضعه الرواة المسلمون في الإسلام ونسبوه إلي أهل الجاهلية وسخفاً في خلال ذالك كثيراً .. ولأني عرفت حقيقة الاستشراق فلم ألق بالاً إلي هذا الذي قرأت وعندي الذي عندي من هذا الفرق الواضح بين الشعر الجاهلي والشعر الإسلامي " . وكان القدر بعد محمود شاكر لدوره الباهر في المعركة الحاسمة .
وكان طه حسين في ذلك الوقت يعد المحاضرات التي سيلقيها علي طلبة كلية الآداب عام 1926 ، ثم يصدرها في كتاب عام 1927 ، وفي هذا الكتاب (في الشعر الجاهلي ) الصفحة 26 ما نصه [ للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل ، والقرآن أن يحدثنا عنهما أيضاً ، ولكن ورود هذين الأسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي فضلاً عن إثبات هذه القصة التي تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلي مكة ونشأة العرب المستعربة فيها ، ونحن مضطرون إلي أن نري في هذه القصة نوعاً من الحيلة في إثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة ، وبين الإسلام واليهود والقرآن والتوراة من جهة أخري ] .. وفي نفس الكتاب تكلم عن القراءات السبع للقرآن والثابتة لدي جميع المسلمين وزعم إنها قراءات للعرب استحدثوها لتسهيل قراءات القرآن ، وفي الصفحة 27 طعن في نسب النبي صلي الله عليه وسلم مت نصه ( ونوع آخر من تأثير الدين في انتحال الشعر وإضافته إلي الجاهليين وهو ما يتصل بتعظيم شأن النبي من ناحية أسرته ونسبه إلي قريش فالأمر ما اقتنع الناس بأن النبي صلي الله عليه وسلم يجب أن يكون صفوة بني هاشم وأن يكون بنو هاشم صفوة عبد مناف وأن يكون بنو عبد مناف صفوة بني قصي وأن تكون قصي صفوة قريش وقريش صفوة مضر ، ومضر صفوة عدنان ، وعدنان صفوة العرب ، والعرب صفوة الإنسانية كلها ) .. في الصفحة 80 ( أما المسلمون فقد أرادوا أن يثبتوا أن للإسلام أولية في بلاد العرب ، كانت قبل أن يبعث النبي وأن خلاصة الدين الإسلامي وصفوته هي خلاصة الدين الحق الذي أوحاه الله إلي الأنبياء من قبل ] .. وفي الصفحة 81 قال ( وشاعت في العرب أثناء ظهور الإسلام وبعده فكرة يجدد دين إبراهيم ومن هنا أخذوا يعتقدون أن دين إبراهيم قد كان دين العرب في عصر من العصور ، ثم أعرضت عنه لما أضلها به المضلون وانصرفت إلي عبادة الأوثان . ويقول أيضا أنه علي الباحث حين يتصدي لدراسة هذا الأمور أن يتجرد من كل شيء كان يعلمه من قبل وأن يستقبل موضوع بحثه خالي الذهن مّما قيل فيه خلواً تاماً وأنه يجب علينا حين نستقبل البحث عن الأدب العربي وتاريخه أن ننسي قوميتنا وكل مشخصاتنا ، وأن ننسي ديننا وكلّ ما يتصل به ، وأن ننسي ما يضاد هذه القومية وما يضاد هذا الدين ، يجب أن لا نتقيد بشيء ، ولا نذعن لشيء إلا مناهج البحث العلمي الصحيح ، ذلك أنّا إذا لم ننس قوميتنا وديننا وما يتصل بها فسنضطر إلي المحاباة وإرضاء العواطف وشغل عقولنا بما يلائم هذه القومية وهذا الدين ، وهل فعل القدماء غير هذا ؟ وهل أفسد علم القدماء شيء غير هذا ؟
ولم يكن أحد آنذاك سوي العلامة محمود شاكر يعلم أن كتاب الدكتور طه حسين (الشعر الجاهلي) لم يكن من بنات أفكاره .. وتصدي للمعركة وحيدا فريدا .. وقد وصف محمود شاكر رحمه الله هذه الفترة تفصيلاً في المقدمة الجديدة لكتابه " المتنبي " حيث يقول .. ( كان ما كان ، ودخلنا الجامعة ، بدأ الدكتور " طه " يلقي محاضراته التي عرفت بكتاب في " الشعر الجاهلي " ومحاضرة بعد محاضرة ، ومع كل واحدة يرتد إلي رجع من هذا الكلام الأعجمي الذي غاص في يّم النسيان ! وثارت نفسي ، وعندي الذي عندي من المعرفة بخبيئة هذا الذي يقوله الدكتور " طه " ، عندي بمذاق الشعر الجاهلي ، كما وصفته آنفا ، والذي استخرجته بالتذوق ، والمقارنة بينه وبين الشعر الأموي والعباسي .. وأخذني ما أخذني من الغيظ ، وما هو أكبر وأشنع من الغيظ ، ولكني بقيت زمناً لا أستطيع أن أتكلم .. تتابعت المحاضرات ، والغيظ يفوز بي والأدب – الذي أدينا – به آباؤنا وأساتذتنا – يمسكني ، فكان أحدنا يهاب أن يكلم الأستاذ ، والهيبة مَعْجَزة ، وضاقت علي المذاهب ، ولكن لم تخل أيامي يومئذ في الجامعة من إثارة بعض ما أجد في نفسي ، في خفوت وتردد ، وعرفت فيمن عرفت من زملائنا شاباً قليل الكلام هادئ الطباع ، جم التواضع ، وعلي أنه من أترابنا ، فقد جاء من الثانوية عارفاً بلغات كثيرة ، وكان واسع الإطلاع ، كثير القراءة حَسَن الاستماع ، جيد الفهم ، ولكنه كان طالبا في قسم الفلسفة .. لا في قسم اللغة العربية .. كان يحضر معنا محاضرات الدكتور ، وكان صفوه وميله وهواه مع الدكتور " طه " ، وذلك هو الأستاذ الجليل " محمود محمد الخضيري " .. نشأت بيني وبينه مودة فصرت أحدثه بما عندي ، فكان يدافع بلين ورفق وفهم ، ولكن حدتي وتوهجي وقسوتي كانت تجعله أحيانا يستمع ويصمت فلا يتكلم .. كنّا نقرأ معا ، وفي خلال ذلك كنت اقرأ له من دواوين شعراء الجاهلية ، وأكشف له عما أجد فيها ، وعن الفروق التي تميز هذا الشعر الجاهلي من الشعر الأموي والعباسي .. وجاء يوم ففاجأني " الخضيري " بأنه يحب أن يصارحني بشيء وعلي عادته من الهدوء والأناة في الحديث ، ومن توضيح رأيه مقسماً مفصلاً ، قال لي : إنه أصبح يوافقني علي أربعة أشياء :
الأول : أن اتكاء الدكتور علي " ديكارت " في محاضراته ، اتكاء فيه كثير من المغالطة ، بل فيه إرادة التهويل بذكر " ديكارت الفيلسوف " ، وبما كتبه في كتابه " مقال عن المنهج " وأن تطبيق الدكتور لهذا المنهج في محاضراته ، ليس من منهج " ديكارت " في شيء . الثاني : أن كل ما قاله الدكتور في محاضراته ، كما كنت أقول له يومئذ ، ليس إلا سطواً مجرداً علي مقالة " مرجليوث " ، بعد حذف الحجج السخيفة ، والأمثلة الدالة علي الجهل بالعربية التي كانت تتخلل كلام ذاك الأعجمي وأن ما يقوله الدكتور لا يزيد علي أن يكون "حاشية " وتعليقا علي هذه المقالة .
الثالث : أنه علي حداثة عهده بالشعر وقلة معرفته به ، قد كان يتبين أن رأيي في الفروق الظاهرة بين شعر الجاهلي وشعر الإسلام ، وأصبح واضحاً له بعض الوضوح وأنه يكاد يحس بما أحس به وأنا أقرأ له الشعر وأفاوضه فيه .
الرابع : أنه أصبح مقتنعاً معي أن الحديث عن صحة الشعر الجاهلي ، قبل قراءة نصوصه قراءة متنوعة مستوعبة ، لغو باطل وأن دراسته كما تدرس نقوش الأمم البائدة واللغات الميتة ، إنما هو عبث محض . وافق أن جاء في حديثه هذا في يوم من الأيام العصبية .. فالدكتور " طه " أستاذي ، وله علي حق الهيبة ، هذا أدبنا . وللدكتور " طه " علي يدّ لا أنساها ، كان مدير الجامعة يومئذ " أحمد لطفي السيد " يري أن لاحق لحامل " بكالوريا " القسم العلمي في الالتحاق بالكليات الأدبية ، ملتزما في ذلك بظاهر الألفاظ !! فاستطاع الدكتور " طه " أن يحطم هذا العائق بشهادته لي ، وبإصراره أيضا . فدخلت يومئذ بفضله كلية الآداب . قسم اللغة العربية ، وحفظ الجميل أدب لا ينبغي التهاون فيه .. وأيضا فقد كنت في السابعة عشرة من عمري ، والدكتور طه في السابعة والثلاثين ، فهو بمنزلة أخي الكبير ، وتوقير السن هذه الآداب تفعل بي فعل هوى المتنبي بالمتنبي حيث قال : رَمَي واتَقي رَمْيي وَمن دونِ ما اتقَي هوىً كاسرّ كفَّي وقوسي واسهْمَّي فَذلك ظللت أتجرع الغيظ بحتاً ، وأنا أصغي إلي الدكتور " طه " في محاضراته ، ولكني لا أستطيع أن أتكلم ، لا أستطيع أن أناظره كفاحاً ، وجهاً لوجه ، وكل ما أقوله ، فإنما أقوله في غيبته لا في مشهده .. تتابعت المحاضرات ، وكل يوم يزداد وضوح هذا السطو العريان علي مقالة " مرجليوت " ، ويزداد في نفسي وضوح الفرق بين طريقتي في الإحساس بالشعر الجاهلي ، وبين هذه الطريقة التي يسلكها الدكتور " طه " في تزييف هذا الشعر .. وكان هذا " السطو " خاصة مّما يهزّ قواعد الآداب التي نشأت عليها هزاً عنيفاً ، بدأت الهيبة مع الأيام تسقط شيئا فشيئاً ، وكدت ألقي حفظ الجميل ورائي غير مُبال ، ولم يبق لتوقير السن عندي معني ، فجاء حديث الخضري ، من حيث لا يريد أو يتوقع ، لينسف في نفسي كل ما التزمت به من هذه الآداب . وعجب الخضري يومئذ ، لأني استمعت لحديثه ، ولم ألقه لا بالبشاشة ولا بالحقارة التي يتوقعها ، وبقيت ساكناً ، وانصرفت معه إلي حديث غيره . وفي اليوم التالي جاءت اللحظة الفاصلة في حياتي . فبعد المحاضرة ، طلبت من الدكتور " طه " أن يأذن لي في الحديث ، فأذن لي مبتهجاً ، أو هكذا ظننت ، وبدأت حديثي عن هذا الأسلوب الذي سماه " منهجا " وعن تطبيقه لهذا " المنهج " في محاضراته ، وعن هذا "الشك" الذي اصطنعه ، ما هو ، وكيف هو ؟ وبدأت أدلل علي أن الذي يقوله عن " المنهج " وعن " الشك " غامض ، وأنه مخالف لما يقوله " ديكارت " ، وأن تطبيق منهجه هذا قائم علي التسليم تسليماً ما يداخله الشك ، بروايات في الكتب هي في ذاتها محفوفة بالشك ! وفوجئ طلبة قسم اللغة العربية ، وفوجئ الخضيري خاصة .. ولما كدت أفرغ من كلامي ، انتهرني الدكتور " طه " وأسكتني ، وقام وقمنا لنخرج .. وانصرف عني كل زملائي الذي استنكروا غضاباً ما واجهت به الدكتور " طه " ولم يبق معي إلا محمود محمد الخضيري – من قسم الفلسفة كما قلت – وبعد قليل أرسل الدكتور " طه " يناديني فدخلت عليه وجعل يعاتبني ، يقسو حيناً ويرفق أحيانا ، وأنا صامت لا أستطيع أن أرد .. لم أستطيع أن أكاشفه بأن محاضراته التي نسمعها كلّها مسلوخة من مقالة " مرجليوت " ؛ لأنها مكاشفة جارحة من صغير إلي كبير ، ولكني علي يقين من أنه يعلم أني أعلم ، من خلال ما أسمع من حديثه ، ومن صوته ، ومن كلماته ، ومن حركاته أيضا !! وكتمان هذه الحقيقة في نفسي كان يزيدني عجزاً عن الرد ، وعن الاعتذار إليه أيضاً ، وهو ما كان يرمي إليه .. ولم أزل صامتاً مُطرقاً حتى وجدت في نفسي كأني أبكي من ذلَّ العجزة ، فقمت فجأة وخرجت غير مودع ولا ميال بشيء .. وقضي الأمر ! ويبس الثري بيني وبين الدكتور " طه " إلي غير رجعة ! ..
ومن يومئذ لم أكف عن مناقشة الدكتور في المحاضرات أحياناً بغير هيبة ، ولم يكف هو عن استدعائي بعد المحاضرات ، فيأخذني يمينا وشمالاً في المحاورة ، وأنا ملتزم في كل ذلك بالإعراض عن ذكر سطوه علي مقالة مرجليوث ، صارفاً همي كله إلي موضوع " المنهج " و " الشك " وإلي ضرورة قراءة الشعر الجاهلي والأموي والعباسي قراءة متذوقة مستوعبة ، ليستبين الفرق بين الشعر الجاهلي والشعر الإسلامي قبل الحديث عن صحة نسبة هذا الشعر إلي الجاهلية . وهذا التماس الشبهة لتقرير أنه باطل بالنسبة ، وأنه موضوع في الإسلام ، من خلال روايات في الكتب هي في حد ذاتها محتاجة إلي النظر والتفسير . ولكني من يومئذ أيضا لم أكف عن إذاعة هذه الحقيقة التي أكتمها في حديثي مع الدكتور " طه " وهي أنه سطا سطواً كريهاً علي مقالة المستشرق الأعجمي ، فكان ، بلا شك ، يبلغه ما أذيعه بين زملائي ، وكثر كلامي عن الدكتور " طه " نفسه ، وعن القدر الذي يعرفه من الشعر الجاهلي ، وعن أسلوبه الدال علي ما أقول .. واشتد الأمر ، حتى تدخل في ذلك وفي مناقشتي ، بعض الأساتذة كالأستاذ " نلينو جويدي " من المستشرقين ، وكنت أصارحهما بالسطو ، وكانا يعرفان ، ولكنهما يداوران .. وطال الصراع غير المتكافئ بيني وبين الدكتور " طه " زماناً ، إلي أن جاء اليوم الذي عزمتُ فيه علي أن أفارق مصر كلها ، لا الجامعة وحدها غير ميال بإتمام دراستي الجامعية طالباً للعزلة ، حتى أستبين لنفسي وجه الحق في قضية الشعر الجاهلي " بعد أن صارت عندي قضية متشعبة كل التشعب ) .
سوف تنفجر قضية هذه المحاضرات التي جمعها طه حسين ليصدرها عام 1927 في كتاب الشعر الجاهلي ، وسوف تقوم الدنيا عليه ولا تقعد بعد أن تصدي له أساطين العلم والفكر والبيان وعلي رأسهم مصطفي صادق الرافعي ، أما سعد زغلول فقد شبه طه حسين بالبقر في جهله وعدم فهمه ، ولكن آنذاك ، عام 1926 ، والكتاب لم يصدر ، والمحاضرات لا يعلم بفحواها إلا عدد قليل جدا من الطلبة ، لم يكن يحفل بمحتواها إلا محمود شاكر . سوف يذهب معظم أساتذة جامعة القاهرة إلي منزل الشيخ محمد شاكر كي يقنعوا محمود شاكر بالعودة إلي الجامعة ، بل إن الدكتور طه بعث لشاكر ولمجلس أبيه بالمستشرق نلينو ليقنعه بالعدول عن موقفه ، بل إن نلينو ربما نقل للدكتور شروط الطالب شاكر للعودة إلي الجامعة ، وهي أن يعترف الدكتور طه بعملية السطو ، سوف يذهب معظم أساتذة الجامعة للغرض نفسه فيواجههم محمود شاكر بالطلب نفسه ، لقد سقطت الجامعة في عينه ، تصدعت القيمة وتلوث المعني ، وربما يرفأ الفتق ويرأب الصدع أن يعترف طه حسين أن بحثه مسروق من مرجليوت وبعدها لابد أن يعتذر عن السرقة ، وإزاء إصراره توجه طه حسين بنفسه إلي أبيه يرجو عودته ، لكن محمود شاكر كان قد سافر بالفعل ، وهذا يعني أن الدكتور طه كان لديه شعور بالذنب تجاه شاكر ، ربما لأنه يعرف بينه وبين نفسه كم هو علي حق ، حتى عندما لجأ إلي وسيلة دفاع أضرته بدلا من أن فيده ، حين استكتب مرجليوت شهادة يقول فيها أن طه حسين لم يسرق بحثه ، وإنما قضت المصادفات العجيبة (!!!) أن يصلا في ذات الوقت إلي نفس النتيجة وبذات الأسلوب !! وكانت وسيلة رخيصة جدا ، بل كانت فضيحة !
فيما بعد سوف يصف الناقد الكبير شكري عباد معركة محمود شاكر مع طه حسين وتركه للجامعة علي إثرها بأنها كانت نقطة تحول في تاريخنا الثقافي . فقد قادته هذه الحادثة إلي منهجه في التذوق ، والذي أثمر كتبا عديدة بها المكتبة العربية . وفي سنة (1928م) شدّ الرجال إلي الحجاز ، وهناك أنشأ مدرسة " جدة " وعمل مديراً لها ولكنه قد ماتت بحمي النفاس وشق ذلك كثيرا عليه . وخلال المدة (1929 – 1935م ) كان شاكر يعيش في شبه عزلة أعاد خلالها قراءة قضية الشعر الجاهلي تستبد بمعظم اهتمامه فأجاز لنفسه أن يسمي هذه المرحلة من حياته بـ " محنة الشعر الجاهلي " ، وخلال هذه الفترة كان يكتب المقالات في الصحف والمجلات ، وقد وصف معاناته في تلك الأيام أنها كانت " تطغي كالسيل الجارف يهدف السدود ويقوض كل قائم في نفسي وفي فطرتي " .
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-21-2012, 11:23 PM
الصورة الرمزية ابراهيم الرفاعي
ابراهيم الرفاعي غير متواجد حالياً
كاتب وأديب قدير
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: روضة الورد
المشاركات: 526
افتراضي

جزاك الله خيراً
وأجزل مثوبتك
وكلل دربك بالسعادة
شكراً
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-21-2012, 11:29 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي

جلّ التقدير لك أخي

وأشكر لك حضورك وردك ودعوتك

يجب أن لا ننسى هؤلاء العظماء الذين قدموا للغة وللأدب العربي الكثير الكثير


__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
محمود محمد شاكر


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع العلامة محمود شاكر بين الانشطار والانكسار والانتحار والانتصار
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الشيخ محمود شاكر وتاريخ ضخم عبدالناصر محمود أخبار ومختارات أدبية 0 05-23-2015 08:03 AM
قراءة في مجالس العلامة محمود محمد شاكر Eng.Jordan أخبار ومختارات أدبية 0 11-30-2012 10:50 PM
أبو فهر.. محمود محمد شاكر Eng.Jordan أخبار ومختارات أدبية 0 04-19-2012 10:55 AM
سهرة خاصة عن العلامة أبي فهر محمود شاكر Eng.Jordan أخبار ومختارات أدبية 0 04-19-2012 10:48 AM
محمود شاكر .. رسالة في الطريق إلى ثقافتنا احمد ادريس كتب ومراجع إلكترونية 2 01-13-2012 05:59 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 10:00 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59