#1  
قديم 11-03-2012, 12:56 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي قصور بني أمية في دمشق معالم أثرية شواهد على العبقرية المعمارية العربية الإسلامية


- د. عبد القادر الريحاوي مثّلت «دمشق» طوال عصر التاريخ، حاضرة عريقة متألقة بطبيعتها الساحرة وبدائع عمائرها الباذخة، ومن يطُف بأحياء دمشق القديمة، تُطالعه إلى اليوم تلك المعالم الجميلة الباقية من عهود تاريخية متوالية، وفيها الجوامع والمدارس والمكتبات والقصور والبيوت، التي تبقى شواهد على أصالة المبدعين الدمشقيين، وعبقريتهم الفنية والمعمارية، وهنا نعرض لمجموعة من قصور العهد الأموي بدمشق، ونضيء صفحات من تاريخ المدينة الخالدة.



العبقرية المعمارية العربية الإسلامية 12-4ff94c237112b.jpg
1- قصر معاوية – الخضراء:
استمر اسم الخضراء يُطلق على المحلة التي كان فيها قصر معاوية، حتى عهد متأخر، وقد سُميت دار معاوية بالخضراء لوجود قبة خضراء فيها أطلق المؤرخون أيضاً على قصر معاوية هذا اسم دار الإمارة، ودار الملك.
وموقع الخضراء معروف على وجه التأكيد وهو إلى الجنوب من الجامع الأموي، محاذياً لجداره الجنوبي، وكان لدار معاوية باب يصلها بحرم الجامع، حيث محراب الصحابة ومقصورة الخلفاء، وظل هذا الاتصال بين القصر والجامع لما بعد تشييد جامع الوليد.
ثم سُد في عهد متأخر، وكان يُدعى قديماً باب الخضراء، وهو في الأصل أحد فتحات الباب الثلاثي لمعبد جوبيتر الذي تحول إلى كنيسة في العهد البيزنطي ثم تحول نصفها الغربي إلى مسجد بعد الفتح.
ويبدو أن قصر معاوية كان في الأصل بناءً قديماً جدّده معاوية فكان أول قصر عربي يُشاد في دمشق بعد الإسلام، أصابه الخراب في الانقلاب العسكري، ثم احترق في أواخر عهد الفاطميين كما سنرى.
وأقدم من يحدثنا عن قصر معاوية الحسن المهلبي، صاحب كتاب (المسالك والممالك) المتوفى سنة 380ه-990م، يقول: (وفي ظهر الجامع كانت خضراء معاوية وهي داره، وهي الآن مجلس الشرطة ودار الضرب).
وذكره المقدسي وهو جغرافي معاصر للمهلبي قال (ومن الخضراء وهي دار السلطان، أبواب إلى المقصورة) والمقصورة المكان الذي يصلي فيه الخلفاء والأمراء في الجامع الأموي، أمام المنبر والمحراب.
وذكر ابن عساكر الخضراء في مواضيع عديدة منها قوله (الخضراء من بناء أهل الجاهلية من البناء القديم).
ويحدثنا عن قصة بناء الخضراء فيقول: (لمّا بنى معاوية الخضراء بدمشق، وهي دار الإمارة، بناها بالطوب، فلما فرغ منها قدم عليه رسول ملك الروم، فنظر إليها، فقال له معاوية: كيف ترى هذا البنيان؟ قال: أما أعلاه فللعصافير، وأما أسفله فللفار، قال: فنقضها معاوية وبناها بالحجارة).
وفي رواية أخرى يقول: (لما استُخلف عبد الملك بن مروان طلب من خالد بن يزيد بن معاوية شري الخضراء، وهي دار الإمارة بدمشق، فابتاعها منه بأربعين ألف دينار وأربع ضياع بأربعة أجناد من الشام اختارهن..الخ).
ويُحدثنا ابن كثير عن دار معاوية فيقول: (وقد بنى معاوية أيام ولايته على الشام دار الإمارة قبلي المسجد، وبنى فيها قبة خضراء، فعرفت الدار بكاملها بها، وسكنها معاوية أربعين سنة).
كما يُحدثنا عن حريق الخضراء مع الجامع الأموي في سنة 461/1068 فيقول: (ألقيت نار بدار الملك، وهي الخضراء المتاخمة للجامع من جهة القبلة، فاحترقت وبادت الخضراء فصارت كوماً من تراب بعدما كانت في غاية الإحكام والإتقان وطيب الغناء، ونزهة المجالس وحُسن المنظر، فهي إلى يومنا هذا لا يسكنها لرداءة مكانها إلا سفلة الناس وسقّاطهم، بعدما كانت دار الخلافة والملك والإمارة، منذ أسسها معاوية بن أبي سفيان).
ويبدو مما تقدم أن الخضراء دار معاوية أو قصره ظلت من بعده دار الملك والسلطان يتوارثها الأبناء عن الآباء وتنتقل من أسرة إلى أخرى ويقطنها كل من ولي الخلافة من بني أمية، ثم تهدمت في سنة 132/749 خلال الانقلاب العباسي، ويبدو أن التخريب الذي أصابها على يد العباسيين لم يكن كبيراً، فقد استمرت على قيد الحياة، وتحولت إلى مجلس للشرطة ودار لضرب النقود، إلى عام 380/990 كما قال المهلبي.
ولكنها زالت من الوجود كلياً في الحريق الذي حدث عام 461/1068 على رأي ابن كثير أو في عام 458/1065 على رأي ابن الجوزي وغيره. وظل مكانها خراباً إلى أن أُقيم على الجانب المحاذي لجدار الجامع الجنوبي سوق جديد للنحاسين (حيث يوجد سوق الخياطين اليوم) شاهده ابن جبير خلال زيارته لدمشق في عام 580/1184.
وشُيد على الجانب الآخر من مكان الخضراء قيسارية سكنها الصياغ، أرّخ ذلك النعيمي، قال في سنة 631/1233 كملت عمارة القيسارية التي هي قبلي النحاسين وحوّل إليها سوق الصاغة) واستمر سوق الصاغة في هذه القيسارية ودُعي بالصاغة الجديدة من قبل المؤرخين إلى أن احترقت في صيف عام 1960، ولعل المهتمين بالتنقيبات الأثرية يسبرون أرضها قبل بنائها، علّهم يجدون بعض آثار الخضراء، وهو كشف ثمين، إذا اقترن بالنجاح.
يبدو أن حدود الخضراء، المحلة التي أطلقت على مكان القصر، كانت تمتد إلى ما وراء الصاغة نحو الجنوب لتشمل قصر العظم والزقاق المحاذي له من الجنوب أيضاً، حيث توجد المدرسة التنكزية، فلقد أشار القدماء إلى أن هذه المدرسة بنيت بالخضراء، ويريدون بذلك المكان الذي كانت تحتله الخضراء، وظلت هذه المنطقة تُعرف بدار معاوية حتى عهد متأخر، فقد قال البديري في خبر بناء أسعد باشا لقصره سنة 1163/1749 ما يلي: (أخذ أسعد باشا دار معاوية وأخذ ما حولها من الخانات والدور والدكاكين وهدمها وشرع في عمارة دار، السرايا المشهور التي هي قبلي الجامع الأموي).
ويُحدثنا المؤرخ ابن كثير نقلاً عن ابن عساكر عن دار سليمان بن عبد الملك كانت عند موضأة جيرون الآن (عند باب الجامع الأموي الشرقي)، وأنه بنى داراً كبيراً (قصراً) مما يلي الباب الصغير (باب في سور المدينة الجنوبي)، موضع درب محرز جعلها دار الإمارة، وعمل فيها قبة صفراء تشبيهاً بالقبة الخضراء (في قصر معاوية).
2- القصور الأموية الأخرى:
لا يزال أحد أحياء دمشق يحمل اسم قصر الحجاج، ويقع إلى الجنوب الشرقي من باب الجابية، وهذا الحي قديم، ذكره ابن عساكر في عداد الأحياء الواقعة خارج السور في عهده، وقال إن القصر يُنسب إلى الحجاج بن عبد الملك بن مروان، وكان أميراً على دمشق، ويُقال إن أمه بنت محمد بن يوسف، أخي الحجاج الثقفي.
وكانت دار الخليفة عمر بن عبد العزيز ووالده من قبله إلى جوار الجامع الأموي، حيث أقيمت الخانقاه الشميساطية فيما بعد وهي عند باب الجامع الشمالي (باب الكلاسة أو باب الناطفين) سنة 453/1061 وهي اليوم مدرسة ابتدائية، قال النعيمي: (وكانت هذه الخانقاه دار عبد العزيز بن مروان بن الحكم وابنه عمر، وذلك مكتوب على عتبة الباب إلى اليوم).
وقصر الخليفة هشام بن عبد الملك كان إلى الجنوب من الجامع الأموي، في المنطقة الواقعة داخل سور معبد جوبيتر الخارجي، في السوق المعروف اليوم بسوق القلبقجية، وقد تحول إلى مدرسة في مطلع القرن السادس عرفت بالمدرسة المجاهدية، نسبة إلى واقفها الأمير مجاهد الدين أبي الفوارس بزان أحد مقدَّمي الجيش في أيام نور الدين، وهي ما تزال باقية إلى اليوم، وقد نقش على ساكف بابها كتابة كوفية تؤرخ بناءها. ذكر هذا القصر العمري فقال: المدرسة المجاهدية المعروفة بقصر هشام.
ومما يؤسف له أن قصور الأمويين في دمشق لم يبقَ لها أثر، علماً بأن عدداً من قصورهم خارج دمشق لا تزال باقية أطلالها ومعالمها إلى اليوم في البادية السورية (قصرا الحيرة الغربي والشرقي)، وفي الأردن وفلسطين (قصر المشتى، وقصر عمرة وقصر هشام أو خربة المفجر بالقرب من أريحا، وقصر الطوبة) وقصر في لبنان في موقع عنجر.




المصدر : العدد 61 تموز 2012
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
لمدة, أثرية, لعالم, المعمارية, العبقرية, بني, دمشق, شواهد, على, قصور


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع قصور بني أمية في دمشق معالم أثرية شواهد على العبقرية المعمارية العربية الإسلامية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصور وشقق فاخرة للسيارات عبدالناصر محمود الصور والتصاميم 0 04-06-2015 07:18 AM
المملكة العربية السعودية ستمثل مجموعة الدول العربية في أعلى هيئة تنفيذية في الأمم المتحدة لمدة عامين Eng.Jordan أخبار عربية وعالمية 0 10-16-2013 09:45 PM
شواهد القبور: روائع من الأدب الوعظي Eng.Jordan أخبار ومختارات أدبية 0 12-12-2012 08:28 PM
قناة «العربية»: الجيش الحر يقصف مطار دمشق الدولي يقيني بالله يقيني أخبار عربية وعالمية 0 07-19-2012 09:44 AM
بنو أمية: أولى السلالات الإسلامية من الخلفاء، حكمت مابين 661-750 م Eng.Jordan شذرات إسلامية 2 04-18-2012 09:57 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 12:11 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59