#1  
قديم 02-21-2018, 07:49 AM
الصورة الرمزية صابرة
صابرة غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 8,880
افتراضي مَنْ بَدأَ العقوق ؟!


روى ابن الجوزيِّ في كتابه بِرُّ الوالدين :
جاء رجلٌ إلى عمر بن الخطاب يشكو إليه عقوق ابنه، فأحضر عُمر الولد وأنَّبه على عقوقه لأبيه، ونسيانه لحقوقه.
فقال الولد : يا أمير المؤمنين، أليس للولد حقوق على أبيه؟
قال : بلى
قال : فما هي؟
فقال عمر : أن ينتقي له أمًا لا يُعيّر بها، ويحسن تسميته، ويعلمه القرآن
فقال الولد : يا أمير المؤمنين إنّ أبي لم يفعل شيئًا من ذلك، فأما أمي فهي زنجية كانت لمجوسي فأنا أُعيّر بها، وقد سماني جعلًا/ خنفساء، ولم يعلمني من القرآن حرفًا واحًدا!
فالتفتَ عمر إلى الأب وقال له: جئتَ تشكو عقوق ابنك، وقد عققته قبل أن يعقك، وأسأتَ إليه قبل أن يُسيء إليك!

بداية هذه القصة للآباء وليست للأبناء !
فالبرُّ هو واجب الأولاد تجاه آبائهم وأمهاتهم وليس مقابل رعاية الآباء والأمهات لهم ! بمعنى أن عدم قيام الأب والأم بواجبهما لا يُسقط عن الابن واجب البر تجاههما !

القصة التي تخص الأبناء، هي التي رأى فيها عمر بن الخطاب رجلًا يده مشلولة، فسأله عن سبب شللها، فقال: شُلّتْ بدعوة أبي عليَّ في الجاهلية
فقال عمر: هذه دعاوي الآباء في الجاهلية فكيف في الإسلام !

انتهت حصة الأبناء من الكلام هنا، والآن مع الآباء :
يحدث أحيانًا أن يُضيء الأبوان أصابعهما العشرة لأولادهما ولا يجدان بعد هذا كله غير العقوق والجحود، ولكن هذا يحصل على نطاق ضيق، فيكون أشبه بمثال شذّ عن القاعدة، ولكل قاعدة شواذ كما يقول أهل الأصول !
أما القاعدة التي ثبتتْ بالتجربة والمعايشة فإن الآباء يقطفون من الأبناء ما زرعوه فيهم !
من النادر أن يزرع الأبوان بذور الخير والتقوى في نفوس أولادهم ولا يكونان أول من يجني هذا المحصول الطيب، وأول بذرة من بذور البر يزرعها الأبوان في الأبناء هي بر الوالدين بأبويهما، فالتربية بالقدوة وليست بالتنظير ! فكما لا يمكنك أن تحدّث ابنك عن النظافة وأنتَ تلقي الأوساخ من شباك سيارتك، ولا يمكنك أن تحدث ابنك عن فضل صلاة الجماعة وأنتَ لا تمشي إلى المساجد، فكذلك لا يمكنك أن تحدث ابنك عن البر وأنتَ أساسًا تعقّ والديك، ولا أقول إن فعلنا للخطأ يعني أن لا نرشد أولادنا إلى الصواب، ولكن الفعل أبلغ أثرًا في النفوس من الكلام !

كلكم تعرفون تلك القصة التي ترويها الجدات عن الرجل الذي تقدم به العمر وكان يعيش في منزل ابنه، فضاقت زوجة الابن بالأب ذرعًا، وطلبت من زوجها أن يتخلص من أبيه، فأخذه إلى الصحراء، واستل سكينه ليذبحه ويستريح منه، فقال الأب لابنه إن كنت لا بد ذابحي فليس هنا، وإنما عند تلك الصخرة، فهناك ذبحتُ أبي !
وقد لا تصح هذه القصة بالحرف، ولكنها تصح بالمنطق والعدل، فإن التعامل دَين، ولا بد أن يُسدد الإنسان ديونه، ومن مدّ يد الخير مُدت إليه أيدي الخير، ومن حفر الحفر للناس حُفر له! لهذا أولًا على الآباء أن يقوموا بواجباتهم قبل أن يسألوا عن حقوقهم، وثانيًا : كونوا لآبائكم الأولاد الذين تحبون أن يكونوا لكم !

أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية

1.gif

المصدر: ملتقى شذرات

__________________
" يا الله أنتَ قوتي وثباتي وأنا غصنٌ هَزيل "
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
مصنع, العقوق, بَدأَ


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع مَنْ بَدأَ العقوق ؟!
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كيف أصنع نجاحى ؟ صابرة الملتقى العام 0 11-05-2016 06:04 AM
العقوق الصامت! صابرة الملتقى العام 0 05-10-2016 07:59 AM
كشف مصنع خمور برأس تنورة عبدالناصر محمود أخبار منوعة 0 08-19-2015 06:19 AM
قصف أكبر مصنع للصلب في ليبيا عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 01-06-2015 07:51 AM
مَنْ ينتفع بالقرآن ؟ ام زهرة شذرات إسلامية 0 05-15-2013 12:06 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 08:24 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59