#1  
قديم 12-22-2012, 03:16 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,410
افتراضي الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة شاعر الدعوة الإسلامية


كتب د. محمد بن محمد الحجوي

نسبه ومكانته في قومه:

هو عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس الأكبر بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث.(1)
كان عظيم القدر في قومه، سيدا من ساداتها، وشاعرا من شعرائها الذين كانوا يردون على أعداء قومهم . و قد كان يناقض الشاعر قيس بن الخطيم في الحروب التي جرت بين الأوس والخزرج في الجاهلية.(2)

مكانة عبد الله بن رواحة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أسلم عبد الله بن رواحة مع قومه في بيعة العقبة ، وكان أحد النقباء الاثني عشر الذين أعطوا للرسول صلى الله عليه وسلم العهود والمواثيق على السمع والطاعة، وتوفير الحماية والأمن له ولإخوانهم المهاجرين، ونصرة الإسلام والدفاع عنه بالأموال والأنفس.وقد قربه عليه السلام، وأصبحت له مكانة متميزة بين الصاحبة ،رضوان الله عليهم، قال ابن سلام الجمحي: "وكان في الإسلام عظيم القدر والمكانة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم."(3)
وقد عبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن محبته له في كثير من المواطن، فقد بعثه في يوم بدر بشيرا إلى أهل العالية. وقال عنه عليه السلام، في بيان عبادته وزهده ومحبته لذكر الله في المواضع التي يرضى عنها الله ورسوله: "يرحم الله ابن رواحة، إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة."
وكان كثير التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في العبادة والسلوك والأقوال والزهد، شجاعا مقداما، غير متهيب في الحروب من أجل نصرة الإسلام وحماية رسول الله عليه السلام ، وقد شهد بدرا وأحدا والخندق، واستشهد في غزوة مؤتة.(4)
وفي عمرة القضاء في ذي القعدة سنة سبع للهجرة كان ابن رواحة يأخذ بخطام ناقة النبي، عليه السلام، وهو يرتجز برجز يذم فيه موقف المشركين في عدائهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويؤكد إيمانه بدعوته عليه السلام، وجهاده في سبيل الله، دون أن يخشى شرهم ومكرهم، وسكان مكة ما زالوا آنذاك على شركهم وعدائهم لرسول الله، ومن هذا الرجز قوله:
خلوا بني الكفار عن سبيله خلوا فكل الخير في رسوله
يا رب إني مؤمن بقيله أعرف حق الله في قبوله(5)

عبد الله بن رواحة شاعر الدعوة الإسلامية:
أصبح عبد الله بن رواحة بعد هجرة النبي إلى المدينة المنورة أحد شعراء الدعوة الإسلامية الذين كانوا يردون على شعراء قريش ومن تحالف معهم حينما تناولوا الرسول عليه السلام بالهجاء والقذف.
وشعراء الدعوة الإسلامية هم بالإضافة إلى ابن رواحة حسان بن ثابت وكعب بن مالك. وكان الأخيران يهجوان المشركين بذكر الوقائع ومثالب القوم، فكان ذلك يؤلمهم في جاهليتهم، أما ابن رواحة فكان يهجوهم بما هم فيه من كفر وضلال، فكان ذلك هينا عليهم قبل إسلامهم، وحينما أسلموا وعرفوا نعمة نور الإسلام، وما كانوا فيه من ضلال وجهل أصبح شعره أشد عليهم من ضربة سيف أو رمية سهم.
وإذا كان عبد الله بن رواحة قد تميز بشاعريته في العصر الجاهلي، إذ كان يناقض الشاعر قيس بن الخطيم في حروبهم في الجاهلية، ويرد على أعداء قومه(6)، فإنه لم يكن يحسن فن الهجاء بذكر المثالب والعيوب التي تؤلم القوم وتوجعهم مثل حسان بن ثابت، رضي الله عنهما. ذكر أصحاب الأخبار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة، وقد تناولته قريش بالهجاء، قال لعبد الله بن رواحة: "رد عني؛ فذهب في قديمهم وأولهم، فلم يصنع في الهجاء شيئا. فأمر كعب بن مالك، فذكر الحرب ،كقوله:
نصل السيوف إذا قصرن بخطونا قدما، ونلحقها إذا لم تلحق
فلم يصنع في الهجاء شيئا. فدعا حسان بن ثابت فقال: اهجهم، وائت أبا بكر يخبرك -أي بمعائب القوم- وكان أبو بكر علامة القوم ."(7)
وبرغم أن عبد الله بن رواحة لم يصنع شيئا في الهجاء الذي يتعرض للمثالب والأنساب مثل ما فعل حسان بن ثابت فإنه نظم أشعارا كثيرة أظهر فيها نعمة الإسلام على قومه الذين توحدوا بفضل هذا الدين، وزال ما كان بينهم من الضغائن والأحقاد والحروب، بينما الكفار الذين يحاربون الرسول -عليه السلام- غارقون في الجهل والضلال. كما بين فضل نبي الرحمة على هذه الأمة التي أخرجها من ظلام الجاهلية الذي كانت تتخبط فيه إلى نور الإسلام الذي أبصرت به الطريق سويا، ونص في مواضع كثيرة على إيمانه الصادق، وإقراره بأن قومه كانوا في جاهليتهم على ضلال وفرقة حتى من الله عليهم بالإسلام الذي وحدهم وأنقذهم مما كانوا فيه، وجعل عبادتهم خالصة لله، وأنهم يتأسون بعبادة وسيرة الرسول الكريم الذي جعلوه مثلا أعلى لهم في الدين وفي المعاملات. ومنها قوله -رضي الله عنه:
وفينا رسول الله يتلو كتابه إذا انشق معروف من الفجر ساطع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا به موقنات، أن ما قال واقع(8)
وفي إشارته إلى عبادة رسول الله ،و خشيته وطاعته لربه يقول:
يبيت يجافي جنبه عن فراشه إذا استثقلت بالمشركين المضاجع. (9)
ومن أشعاره التي استحسنها الرسول صلى الله عليه وسلم غاية الاستحسان،وقد أظهر فيها ابن رواحة إيمان قومه بهذه الدعوة، وقتالهم في سبيل الله لحماية الدين والرسول عليه السلام، لكونهم تفرسوا فيه الخير، فنصروه بدون تردد أو تشكيك في أقواله أو عداء له مثل ما فعل أصحاب مكة قوله -رضي الله عنه:
نجالد الناس عن عرض فنأسرهم فينا النبي، وفينا تنزل السور
يا هاشم الخير إن الله فضلكم على البرية فضلا ما له غير
إني تفرست فيك الخير أعرفه فراسة خالفتهم في الذي نظروا
ولو سألت أو استنصرت بعضهم في جل أمرك ما آووا وما نصروا
فثبت الله ما آتاك من حسن تثبيت موسى، ونصرا كالذي نصروا
قال رضي الله عنه حينما أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الأبيات: "فأقبل علي بوجهه متبسما، ثم قال: وإياك فثبت الله."(10)

جهاده في سبيل الله:
لم يتأخر عبد الله بن رواحة عن مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل يوم مؤتة شهيدا أميرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وكانت أمنيته -رضي الله عنه- أن يموت شهيدا، فكتب الله له الشهادة في ذلك اليوم، وفتحت له الجنة مع الأنبياء والشهداء والصديقين. ذكر زيد بن أرقم، وكان يتيما في حجره، أنه كان -رضي الله عنه- يتمنى الشهادة في يوم مؤتة، فقال: "فخرج بي في سفره ذلك مردفي على حقيبة رحله، فوالله إنه ليسير ليلة إذ سمعته ينشد أبياته هذه:
إذا أديتني وحملت رحلي مسيرة أربع بعد الحساء(11)
فشأنك أنعم وخلاك ذم ولا أرجع إلى أهلي ورائي (12)
وجاء المسلمون وغادروني بأرض الشام مشتهى الثواء
وردك كل ذي نسب قريب إلى الرحمن منقطع الإخاء
هنالك لا أبالي طلع بعل ولا نخل أسافله رواء(13)
فلما سمعتهن منه بكيت. قال: فخفقني بالدرة، وقال: ما عليك يا لكع أن يرزقني الله شهادة وترجع بين شعبتي الرحل."(14)
وقد استجاب الله لأمنيته، فمات شهيدا أميرا، ثابتا على إيمانه وموقفه من الدعوة منذ أن هداه الله للإسلام، مستجيبا لما دعا الله المؤمنين من القتال في سبيله كأنهم بنيان مرصوص، "إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص."(15)

خبر يوم مؤتة: (16)
وقعت غزوة مؤتة في جمادى الأولى سنة ثمان للهجرة، وكان عدد المسلمين الذين شاركوا فيها يقدر بثلاثة آلاف مجاهد. وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إمارة الجيش فيها لزيد بن حارثة، وقال عليه السلام: "إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة على الناس."(17)

دور ابن رواحة في هذه المعركة:
خرج عبد الله بن رواحة مع المجاهدين تحت إمرة زيد بن حارثة، وقد ودع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبيات من الشعر، منها قوله:
أنت الرسول فمن يحرم نوافله والوجه منه، فقد أزرى به القدر(18)
وكان -رضي الله عنه- متحمسا للجهاد في سبيل الله، راجيا من الله أن يبلي في هذه المعركة بلاء حسنا في قتال الأعداء، يجازى به عند الله خير الجزاء، فقال وهو متأهب للخروج:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا(19)
أو طعنة بيدي حران مجهزة بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا
حتى يقال إذا مروا على جدثي أرشده الله من غاز وقد رشدا(20)
وكان المسلمون -وهم في طريقهم إلى العدو- قد نزلوا في مكان يقال له: "معان" من أرض الشام، فسمعوا أن هرقل قد جهز مئة ألف من الروم، وانضم إليهم عدد كبير من لخم وجذام والقين وبهراء وبلي(21)، فاجتمع المسلمون فيما بينهم، وقرروا أن يخبروا الرسول عليه السلام بعدد العدو وبمن تحالف معه ليمدهم بالمجاهدين أو يرى رأيا، لكن ابن رواحة كان له رأي آخر، فقام خطيبا في القوم، وقال: "يا قوم، والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين: إما ظهور وإما شهادة."(22)
فلما سمع المسلمون هذا الكلام تشجعوا وأقبلوا على قتال العدو بحماسة، لا يبالون بعددهم وعدتهم ، سائلين الله النصر أو الشهادة.
وكان -رحمه الله- قد أنشد أيضا أبياتا حماسية ذكر فيها ما ***وا من خيل وعتاد ليزيد في رفع همم المسلمين لملاقاة عدوهم بصبر وجلد في ميدان القتال، وإيمان بنصر من الله لهم، فقال:
***نا الخيل من أجأ وفرع تغر من الحشيش لها العكوم(23)
حذوناها من الصوان سبتا أزل كأن صفحته أديم(24)
أقامت ليلتين على معان فأعقب بعد فترتها جموم
فرحنا والجياد مسومات تنفس في مناخرها السموم(25)

في ميدان المعركة:
دارت المعركة بين المسلمين وأعدائهم في قرية مؤتة، وكان العدو يتفوق على المسلمين بالعدد والعدة، لكن عزيمة المسلمين كانت أقوى وأشد من عددهم وعدتهم، لأنهم أصحاب رسالة ومبدأ، فإما هزيمة للعدو تزلزل الأرض من تحت أقدامه، ويستبشر بها الرسول -عليه السلام- والمسلمون في المدينة، وإما شهادة ينالون بها رضوان الله وجنته التي عرضها السماوات والأرض. فكانت المعركة بين الطرفين ضارية أبلى فيها المسلمون بلاء شديدا، وصمدوا في وجه العدو برغم كثرته وتفوقه في عدته، فاستشهد قائد المسلمين وحامل راية رسول الله زيد بن حارثة، ثم تولى القيادة بعده تطبيقا لوصية الرسول الأكرم جعفر بن أبي طالب الذي قاتل بضراوة وشدة حتى استشهد رحمه الله، ثم تولى القيادة من بعده عبد الله بن رواحة فتقدم إلى العدو لكنه تردد قليلا، وكأن رهبة الموت قد ملكت عليه نفسه، لكنه سرعان ما تخلص منها فتقدم كالأسد، وهو يلوم نفسه على هذا التردد، وقال:
أقسمت يا نفسُ لتنزلنَّهْ لتنزلنَّ أو لتكرهنَّهْ
إن أ*** الناس وشدوا الرنَّةْْ ما لي أراك تكرهين الجنَّةْ
قد طال ما قد كنت مطمئنَّةْ هل أنت إلا نطفة في شنَّةْ (26)
وقال أيضا:
يا نفسُ إلا تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صليتِ
وما تمنيتِ فقد أعطيتِ إن تفعلي فعلهما هديتِ (27)
فدخل -رحمه الله- إلى ميدان المعركة ليحقق نصرا يعلي به شأن الإسلام ، أو ينال الشهادة التي طالما انتظرها لتدخله جنة الرحمن، فقاتل بضراوة وشدة مثل القائدين السابقين حتى سقط شهيدا -رحمه الله، وقد فتحت له باب الجنة، واستجاب الله لأمنيته التي طالما انتظرها. ثم أخذ الراية ثابت بن أقرم وقال: يا معشر المسلمين! اصطلحوا على رجل منكم، قالوا: أنت. قال: ما أنا بفاعل. فاتفق المسلمون بعد ذلك أن يأخذ الراية خالد بن الوليد الذي دافع القوم حتى انصرف بالمسلمين إلى بر الأمان، لأنه رأى المعركة بين الطرفين غير متكافئة عدة وعددا، فلم يكن في حساب المسلمين ما أعد لهم العدو.
وفي تردد ابن رواحة بعض التردد حينما أخذ الراية وهمَّ بالدخول في المعركة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد علم بإصابة قادته الثلاثة: "لقد رفعوا إلي في الجنة، فيما يرى النائم، على سرر من ذهب، فرأيت في سرير عبد الله بن رواحة ازورارا عن سريري صاحبيه، فقلت: عمَّ هذا؟ فقيل لي: مضيا وتردد عبد الله بعض التردد، ثم مضى."(28)
وقد رثى حسان بن ثابت -رضي الله عنه- المسلمين الذين استشهدوا في هذه المعركة، وذكر شجاعة وإقدام قادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال:
فلا يبعدن الله قتلى تتابعوا بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر(29)
وزيد وعبد الله حين تتابعوا جميعا، وأسباب المنية تخطر(30)
وقال في قصيدة أخرى:
ثم جودي للخزرجي بدمع سيدا كان تم غير نزور
قد أتانا من قتلهم ما كفانا فبحزن نبيت غير سرور(31)

العبرة التي نأخذها من سيرة هذا الصحابي الجليل:

إن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسيرة أصحابه -رضوان الله عليهم- الذين أخلصوا له في حياته وبعد مماته، وكانوا بجانبه في جميع الظروف والأحوال، لتعد النموذج الأمثل الذي ينبغي أن يقتدي به المسلمون في كل زمان ومكان؛ فهؤلاء الرجال آمنوا بما دعاهم الرسول الأمين إليه بصدق، وأحبوه بصدق، ودافعوا عن الإسلام بإيمان قوي، وبكل ما أوتوا من قوة وجهد، لم تلههم تجارة ولا مال ولا ولد ولا زينة الحياة الدنيا.
والصحابي الجليل عبد الله بن رواحة مثل هذه السيرة البيضاء خير تمثيل، فمنذ إسلامه -رضي الله عنه- ومبايعته للرسول -عليه السلام- على السمع والطاعة مع قومه، ظل وفيا لعهده، ولازم رسول الله، وتأسى بسيرته العطرة، ودافع عن رسالة الإسلام بالكلمة الصادقة والجهاد الذي خاضه الرسول وأصحابه، فلم يتخلف عن غزوة غزاها الرسول -عليه السلام- ولم يغب عن مشهد تعلى فيه كلمة الله، ويعز فيه الإسلام والرسول الصادق الأمين. وكل كلمة قالها في شعره عبرت عن هذه المواقف الصادقة، والمشاهد النبيلة التي يرضى عنها الله ورسوله، ودلت على كراهيته الشديدة للكفر والضلال والعصيان، وعلى صدق إيمانه بكل ما جاء به الرسول -عليه السلام- وأخبر به من غيبيات، وما وعدهم به من نعيم وجنة جزاء ما قدموا من أفعال صادقة. ومما عبر به عن ذلك في شعره قوله:
يا رب لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلَنْ سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الكفار قد بغوا علينا وإن أرادوا فتنة أبينا(32)
وفي كل مناسبة كان يعبر فيها عن إيمانه وتشبثه بالعقيدة، فهذه الأبيات وإن جاءت على سبيل أعراض الكلام أبرز فيها المعاني التي جاءت في كتاب الله، وهي قوله:
شهدت بأن وعد الله حق وأن النار مثوى الكافرينا
وأن العرش فوق الماء طاف وفوق العرش رب العالمينا
وتحمله ملائكة شداد ملائكة الإله مسومينا(33)
ورثى الشهداء الذين سبقوه للشهادة لنصرة الإسلام والرسول عليه السلام، ومن ذلك القصيدة التي رثى بها سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب الذي استشهد في معركة أحد، ومنها قوله:
بكت عيني وحق لها بكاها وما يغني البكاء ولا العويل
على أسد الإله غداة قالوا: أحمزة ذاكم الرجل القتيل؟
أصيب به المسلمون جميعا هناك وقد أصيب به الرسول
أبا يعلى لك الأركان هدت وأنت الماجد البر الوصول(34)
عليك سلام ربك في جنان مخالطها نعيم لا يزول(35)

بهذا الإيمان الصادق والمواقف النبيلة انتصر الرسول -عليه السلام- وأصحابه -رضوان الله عليهم- على المشركين في مكة ومن تحالف معهم، ونشروا رسالة الإسلام في آفاق الأرض، وأخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، ونشروا العدل والسلام والأمن، فسعدت الأمم التي دخلت في هذا الدين، ونعمت بعدالة الإسلام ومساواته وأخلاقه وشريعته السمحة. وإذا كان الصحابة قد أدوا هذا الدور النبيل وهم بجانب الرسول الأمين، وظلوا أوفياء لرسولهم ، ولما دعاهم إليه بعد وفاته عليه السلام، فإن سيرة الرسول، عليه الصلاة والسلام، العطرة، وسيرة أصحابه الذين ظلوا على العهد والوفاء حتى لقوا ربهم، وهو راض عنهم، ينبغي أن تكون حاضرة في ذهن كل مسلم ليقتدي بسلوكهم وأعمالهم وأقوالهم ومواقفهم، لأن سيرتهم من توجيه نبي الرحمة الذي كانوا يرون فيه المثل الأعلى في العبادة والسلوك والأقوال والأفعال.


الهوامش:

1-السيرة:2/101. وجمهرة أنساب العرب:363.
2-طبقات فحول الشعراء:1/223.
3- طبقات فحول الشعراء:1/223.
4- السيرة:2/101.
5- ديوانه:101.
6- شعر النقائض، وهو أن ينظم الشاعر شعرا يتغنى فيه بأمجاد قومه، ويذكر مثالب الأعداء، فيعمد شاعر من أعدائه لتفنيد أقواله في قصيدة من نفس الوزن والقافية .
7- طبقات فحول الشعراء:1/ 217.
8- ديوانه:96.
9- المصدر نفسه.
10- طبقات فحول الشعراء:1/225-226.
11- الحساء: مكان فيه ماء.
12- قوله: فشأنك أنعم....، أي تصبح ناقته طليقة بعد استشهاده في سبيل الله.
13- طلع النخل: وهو الذي يشرب بعروقه من الأرض. واللكع: اللئيم.
14- السيرة: 4/18-19.
15- سورة الصف،آية 4.
16- مؤتة،قرية من أرض البلقاء من الشام.
17- السيرة:4/15.
18- المصدر نفسه:4/ 16. النوافل:العطايا والمواهب. وأزرى به القدر: قصر به.
19- ذات فرغ: ذات سعة.والزبد،هنا: رغوة الدم. وضربة مجهزة: سريعة قاتلة. تنفذ الأحشاء: تخترقها.
20- السيرة :4/ 16. والجدث: القبر.
21- بلي، وبهراء، والقين ،قبائل عربية. انظر:جمهرة أنساب العرب:419-422- 440-454.
22- السيرة:4/17.
23- أجأ: جبل بطيء،ويذكر معه جبل آخر وهو سلمى.وفرع: أطول جبل بأجأ.
24- حذوناها من الصوان سبتا: أي جعلنا للخيل أحذية حتى لا تتأذى بالحجارة. السبت: نعال من جلود مدبوغة ،وقد ذكرها هنا مجازا، أما الأحذية فهي من حديد.
25- السيرة:4/17. وديوانه:102-103.الجياد المسومات: المرسلات. والسموم: ريح حارة.
26- ديوانه:108-109. الشنه: السقاء.
27- السيرة: 4/20-20-21. وديوانه:87. قوله: إن تفعلي فعلهما، أراد الشهيدين زيدا وجعفر بن أبي طالب، رضي الله عنهما.
28- السيرة:4/22. الازورار: الميل والعوج.
29- قوله: ذو الجناحين، أراد الشهيد جعفر بن أبي طالب الذي قطعت يداه في المعركة، فجعل الله جناحين في الجنة يطير بهما.
30-السيرة :4/26.
31- المصدر نفسه:4/30.
32- ديوانه:106-107. وفي سنن النسائي، كتاب الجهاد : (والمشركون) بدلا من (إن الكفار).
33-رفع الحجب :1/137. ،وديوانه:106.
34- أبو يعلى، كنية حمزة، رضي الله عنه.
35- ديوانه:98.

المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الله, الدليل, الدعوة, الصحابي, الإسلامية, رواية, ساعر, عبد


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة شاعر الدعوة الإسلامية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عند موت الصحابي الجليل ابو بكر الصديق صابرة شذرات إسلامية 1 04-15-2016 02:59 PM
الدليل الإجرائي لبرامج التوعية الإسلامية بالمدرسة Eng.Jordan دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 2 11-22-2015 05:39 PM
راند وموقفها من الدعوة الإسلامية عبدالناصر محمود بحوث ودراسات منوعة 1 03-22-2015 03:50 PM
الدعوة الإسلامية في أنجولا عبدالناصر محمود شذرات إسلامية 0 12-27-2013 08:18 AM
قصة الصحابي ثعلبة رضي الله عنه ام زهرة شخصيات عربية وإسلامية 0 10-25-2013 10:33 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 05:11 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59