#1  
قديم 05-15-2014, 06:55 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,139
ورقة موقف الفكر الإسلامي من الأطروحات الفكرية الغربية


موقف الفكر الإسلامي من الأطروحات الفكرية الغربية*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ

16 / 7 / 1435 هــ
15 / 5 / 2014 م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

الإسلامي الأطروحات الفكرية الغربية _6251.jpg


موقف الفكر الإسلامي من الأطروحات الفكرية الغربية (نهاية التاريخ أنموذجا)

أ . م . فائز صالح محمود اللهيبي

ـــــــــــــــ

في عالم السياسة الذي لا يعتبر مجموعة من الوقائع والمواقف والأفكار والمبادئ فحسب, وإنما صيغ معينة من التفكير والسلوك, يرى بعض المفكرين والمؤرخين أن الأمة الإسلامية تعاني في العصر الراهن من حالة تحد, بعد أن أخذ التعامل مع المدنية الغربية منذ أواخر القرن الثامن عشر صيغة الانبهار والتقليد.

ثم جاءت معطيات العقدين الأخيرين من القرن العشرين التي تفردت فيها الولايات المتحدة بالزعامة الدولية, لتدفع بعض الكتاب لإطلاق مصطلح "الناظم العالمي الجديد" عليه, ولتظهر عدة أطروحات ونظريات في الغرب تسوغ الواقع الجديد, وأهمها "نهاية التاريخ"لفرنسيس فوكوياما, والذي ستحاول هذه الدراسة مناقشة أطروحته وتقويمها وموقف الفكر الإسلامي منها عبر ثلاثة مباحث وخاتمة.

تناولت الدراسة في مبحثها الأول لمحة عن صاحب نظرية وأطروحة "نهاية التاريخ" فرانسيس فوكوياما "المفكر الأمريكي المعاصر من أصل ياباني, والمولود في شيكاغو بأمريكا عام 1952م, وأستاذ مادة الاقتصاد الدولي في جامعة جورج ماسون ومدير برنامج التنمية الدولية في جامعة "جونز هوبكنز" والذي أحيا نظرية الانتصار الغربي من خلال مقال نشره أولا في مجلة (the national interest) في صيف عام 1989م, ثم حوله إلى كتاب بعنوان "نهاية التاريخ والإنسان الأخير" عام 1992م, بشر فيها بنهاية التاريخ وأن الغرب كسب المعركة.

ومن الملاحظ أنه قدم في نهاية كتابه هذا صورة حكائية لما توقعه "أو يعتقده" بصدد ما بعد نهاية القرن العشرين, وأنه أراد بأطروحته معارضة فكرة نهاية التاريخ في نظرية ماركس, كما أن الملاحظ تأثر فوكوياما بآراء الفيلسوف الألماني "هيجل" الذي ربط بين نهاية تاريخ الاضطهاد الإنساني واستقرار نظام السوق الحرة في الديمقراطيات الغربية.

وقد توصل فوكوياما في أطروحته أن نهاية التاريخ تعني نهاية الحروب والثورات الدموية, وأن حياة الإنسان الأخير هي حياة الأمان الشخصي والوفرة المادية, مؤكدا أن السبيل الوحيد لمستقبل البشرية هو اختيار (الديمقراطية الليبرالية) بوصفها النموذج الأمثل للعيش بسلام ورخاء وحرية.

وعن الجذور الفكرية لفلسفة نهاية التاريخ تحدثت الدراسة عن أن أطروحة فوكوياما ليست بجديدة على الفكر الإنساني, فقد سبقتها في ذلك فلسفات دينية وأيديولوجية, إذ تصور نفسها على أنها إجابات مقدسة مطلقة وأبدية, (كالجمهورية) لأفلاطون, و(مدينة الله) لأوغسطين و(الشيوعية) لكارل ماركس.

ويمكن القول بأن المجتمعات غالبا ما تميل إلى إنتاج فلسفة نهاية التاريخ في حالتين هما: هزيمتها وانهيارها أو انتصارها.

في المبحث الثاني حاولت الدراسة تقويم أطروحة نهاية التاريخ, من خلال التأكيد على أن الدور الحقيقي لأية فكرة جديدة هو الدور الذي تأديه, وإذا كانت فكر ة نهاية التاريخ تؤكد على الانتصار النهائي لليبرالية فلماذا تخصص أمريكا مبالغ هائلة للدفاع في ميزانيتها؟؟

وحصرت الدراسة أفكار فلسفة نهاية التاريخ بثلاثة عناصر هي:

1- الديمقراطية المعاصرة كبديل عن الأنظمة الديكتاتورية.

2- الصراع التاريخي بين السادة والعبيد لا نهاية واقعية له سوى الديمقراطية الغربية واقتصاد السوق الحر.

3- الاشتراكية الراديكالية أو الشيوعية لا يمكنها منافسة الديمقراطية الحديثة والمستقبل للرأسمالية.

وإذا كانت معظم الانتقادات للأطروحة تركز على كون أصل الفكرة مكرورة وليست بجديدة, فإن النقد الأهم للنظرية يكمن بأنها انعكاس لبيئة فوكوياما المتأثر برؤية أمريكا التي تعيش لحظتها العالمية وترغب باستدامتها, إضافة إلى أنه لا يمكن الجزم بنظرية شمولية للعالم أجمع, لأنها ستصطدم بلا شك بالواقع الاجتماعي والاقتصادي الذي يفرزه طبيعة الحكم الأفضل كما يراه الشعب, ناهيك عن سعي الأطروحة لقتل الروح الوطنية وتدجين البشر جميعا على وفق رأي واحد.

وأكدت الدراسة على أن الدافع الأهم لأطروحة فوكوياما إنما هو التنظير للعولمة والنظام العالمي الجديد, مصورا التاريخ صراعات, بينما الحقيقة أنه سيرة شاملة تمثل قصة الإنسان.

في المبحث الثالث تناولت الدراسة موقف الفكر الإسلامي من أطروحة نهاية التاريخ, تلك الأطروحة التي تلغي البعد التاريخي عن رؤى عالمنا المعاصر, وتضع الأمم والجماعات كافة عراة قبالة الأنموذج الغربي التي تنزع إلى تسوية الجميع إزاء مطالبها, وهي بشكل أو بآخر مناورة فكرية تمنح خلفيات تنظيرية لممارسات تتجاوز منظومة القيم الأخلاقية وثوابت العقائد والأديان.

إن إلغاء الذاكرة التاريخية, وتحكيم الأنموذج الاقتصادي الغربي المتسلح بكل قوى العلم والتكنولوجيا والتفوق العسكري, لن يجعل الفقير غنيا, بل ستجعل كل المستضعفين في الأرض – ومنهم المسلمون – ينسلخون عن تاريخهم ويفقدون تميزهم, ويزدادون التصاقا بالقوى المتحكمة بآليات الاقتصاد العالمي.

وقد ذكرت الدراسة أن التغاير والاختلاف والتدافع والتنوع, هي من صميم النشاط البشري عبر مسيرته التاريخية الطويلة, وهو ما أكده القرآن في أكثر من موضع, قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} البقرة/251 وقال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ..} هود/118-119 .

وبالإضافة لما سبق فإن النفس البشرية جبلت على الانتماء للتاريخ كما هو معلوم, وكل محاولات فك الارتباط بين الإنسان وتاريخه باءت بالفشل, وبالتالي فإن على العالم الإسلامي اليوم ألا تذهب به الهزيمة النفسية إزاء التفرد الغربي الأمريكي إلى أبعد مدى, وأن يبذل جهده لكي يتماسك وينهض مستفيدا من حالة الثنائيات العدائية الغربية المتغيرة "روما بمواجهة أثينا, فرنسا بمواجهة بريطانيا وألمانيا وروسيا ..الخ".

وبغض النظر عن كل ما سبق فإن قدرات الإسلام الذاتية - على كل المستويات النفسية والفكرية والإستراتيجية والاقتصادية والحضارية - قادرة على حماية الوجود الإسلامي من التفكك والذوبان, وأن تمضي من جديد باتجاه مواقع أكثر تقدما على خرائط العالم المعاصر.

إن فلسفة المركز الذي يحكم الأطراف والذي يؤمن به الفكر الغربي مناقض للعلم والمنطق والتاريخ, فافتراض أن الإنسان الغربي وحده يستطيع قيادة العالم وكأنما الأمر يتم بالوراثة أمر غير منطقي, فالتطور البيولوجيس لا يتم في فترة زمنية محسوسة كهذه الفترة, وإنما يستغرق ملايين السنين.

وفي الختام أكدت الدراسة أن الفكر الإسلامي يؤكد على حاجة الإنسان إلى الإيمان الذي يجعلنا نفهم (بطلان الرقي المادي من خلال الرقي نفسه), وأن التغاير والاختلاف والتدافع والتنوع هي من صميم النشاط البشري عبر مسيرته التاريخية الطويلة, والإسلام مؤهل ليعيد الفكر الإنساني إلى جادة الصواب.

جزى الله الباحث على هذه الدراسة القيمة ونفع بها المسلمين, والحمد لله رب العالمين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*{التأصيل للدراسات}
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
موقف, الأطروحات, العربية, الفكر, الفكرية, الإسلامي


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع موقف الفكر الإسلامي من الأطروحات الفكرية الغربية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
القيادة في الفكر الإسلامي عبدالناصر محمود شذرات إسلامية 0 04-23-2014 07:24 AM
التجديد في الفكر الإسلامي عبدالناصر محمود شذرات إسلامية 0 12-31-2013 08:45 AM
أهمية المصطلح في الفكر الإسلامي عبدالناصر محمود دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 0 05-05-2013 07:00 PM
تحديات الفكر والثقافة العربية في الفكر والأدب Eng.Jordan دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 0 02-19-2012 09:36 AM
تحديات الفكر والثقافة العربية في الفكر والأدب الدكتور سليمان الأزرعي مهند دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 0 01-09-2012 06:47 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 04:22 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59