#1  
قديم 11-11-2014, 08:21 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة قرار الدستورية وتداعياته


قرار الدستورية وتداعياته على الواقع الليبي
ـــــــــــــــــــــ

(أحمد عمرو)
مدير وحدة الحركات الإسلامية بالمركز العربي للدراسات الإنسانية
___________________________________

18 / 1 / 1436 هــ
11 / 11 / 2014 م
ــــــــــ

الدستورية وتداعياته version4_140722_0.jpg



*ـ إثر جلسة بثت على الهواء وعقدت في طرابلس يوم الخميس الماضي 6/11 أصدرت الدائرة الدستورية الليبية حكمها التاريخي والتي نزعت فيه الشرعية عن مجلس النواب المنعقد بطبرق شرقي البلاد وما انبثق عنه من قرارات ومؤسسات، ليستعيد المؤتمر الوطني العام رسميًا شرعيته.

**ـ وجاء في حيثيات الحكم أن القانون المنظم للانتخابات البرلمانية التي تمت في يونيو الماضي، والذي أعدته ما تعرف بـ"لجنة فبراير" في المؤتمر الوطني يعد ملغى, وهو ما يعني حل مجلس النواب الحالي، وكل ما ترتب على هذا المجلس من قرارات تشمل تشكيل الحكومة التي يترأسها عبد الله الثني, والإعلان عن انتخابات رئاسية. كان المؤتمر الوطني العام أنشأ وفقا للتعديل لجنة فبراير 2014 التي أجرت التعديل السابع على الإعلان الدستوري الذي انتخب بموجبه مجلس النواب لمرحلة انتقالية ثالثة.

*ـ ويُسقط هذا القرار الشرعية عن عدد من القرارات الهامة التي قام البرلمانيون الموجدون في مدينة طبرق بإصدارها قبل انعقاد المحكمة، ومن بينها قرار بإقالة محافظ مصرف ليبيا المركزي "الصديق الكبير" وتكليف نائبه "علي الحبري" بمهام المحافظ، بعدد غير معروف من الأصوات الموافقة على قرار الإقالة أو تلك الحاضرة في الجلسة التي صدر فيها القرار، وذلك بعد أن ألغى محافظ البنك المركزي قرارًا أصدره بالمخالفة نائبه علي الحبري يقضي بتحويل ما قيمته ثمانون مليون دينار من حساب المؤتمر الوطني العام إلى حساب مجلس النواب بطبرق، بالمخالفة للقوانين القاضية بضرورة أن يكون لهذا القرار محاضر تسليم واستلام بين المؤتمر والمجلس.

**ـ والسؤال الآن: إلى أي مدى من الممكن أن يؤثر حكم المحكمة الدستورية على الواقع السياسي والعسكري المعقد في ليبيا؟

يمكننا توصيف الواقع الليبي بأنه شديد الانقسام فكل شيء في ليبيا منه الحقيقي والظل فهناك برلمانان وحكومتان وجيشان ولكل من تلك المؤسسات من يدعمه من الشعب الليبي. وكل منهما يدعي أنه الحقيقي والآخر هو الظل.

حتى الواقع الإقليمي والدولي هو الآخر منقسم، فهناك قوى إقليمية ودولية تدعم الحقيقي وآخرون يدعمون الظل، ومن الشعب الليبي من اختلطت لديه المفاهيم فصار لا يفرق بين الحقيقي والظل. فلم يعد يدري من يدعم.

ويمكننا من خلال جردة سريعة في مواقف القوى الخارجية الدولية والإقليمية والقوى الداخلية أن نتبين الآثار السياسية على الواقع الليبي.

أولا: المواقف الغربية بين التردد والرفض
-----------------------

بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، صرحت السفيرة الأمريكية لدى ليبيا ديبورا جونز بقبول القرار حيثُ قالت إنها كانت تترقب الحكم، ودعت كل القوى السياسية لاحترام قرار القضاء. في حين جاء رد الفعل الإيطالي مغاير للموقف الأمريكي حيثُ أعرب وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني عن قلقه حيال قرار المحكمة العليا حل مجلس النواب، الذي انتُخب نهاية يونيو الماضي، ووصفه بأنه أمر "غير مشجّع".

باقي الدول الأوروبية تقريبًا التزمت الصمت فباريس امتنعت عن الإدلاء برد فعل رسمي حول قرار المحكمة. أما بعثة الأمم المتحدة في ليبيا فقد أعلنت أنها تعكف على دراسة قرار المحكمة عن كثب، وتُجري مشاورات وثيقة مع القوى الليبية وشركائها في المجتمع الدولي.

وبمقارنة سريعة بين موقف الدول الغربية والأمم المتحدة من قرار المحكمة السابق الذي قضت بعدم دستورية تعيين حكومة أحمد معيتيق رئيسا للوزراء إبان فترة حكم المؤتمر الوطني العام، فإن المجتمع الدولي وعلى رأسه بعثة الأمم المتحدة رحبت بالقرار في نفس اليوم الإحاطة، وقدم القرار لاجتماع مجلس للأمن بنيويورك (صباح اليوم أعلنت المحكمة العليا عدم دستورية اختيار معيتيق)، هكذا إذن يمكننا معرفة رد فعل القوى الغربية حين تدعي احترامها للحرية والقانون فقط عندما تأتي بما يتوافق مع تواجهاتها، وتصمت وتتردد إذا جاءت الديمقراطية والحرية والقوانين بما لا تشتهيه.

أما عن طبيعة موقف الدول العربية والإقليمية فإن التحالف الداعم لحفتر (الإمارات والسعودية ومصر) فظلت على مواقفها الداعمة لقوى الثورة المضادة، فأصدرت مصر بيانا أكدت على دعمها لبرلمان طبرق وحكومة عبد الله الثني. وهناك محاولات لاستصدار قرار من الجامعة العربية يدعم موقف حكومة الثني كممثل شرعي ووحيد عن الشعب الليبي لكن يبدو أن الجزائر ترفض هذا القرار.

ثانيا الواقع الداخلي:
-------------

الحقيقة أن الصراع في ليبيا يسعى في مسارين؛ الصراع العسكري بين ما يطلق عملية الكرامة بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر وبقايا النظام القديم الموالي له وقوى الثورة والتي تمتلك هي الأخرى أذرعا عسكرية منذ الإطاحة بالمقبور معمر القذافي.

والمسار الآخر (السياسي) فهناك برلمان طبرق والذي حل بقرار من المحكمة الدستورية وما انبثق عنه من حكومة (عبد الله الثني) إضافة إلى المؤتمر الليبي العام وما انبثق عنه من حكومة (عمر الحاسي).

ظاهر الأمر أن هناك ترابطًا عضويًا بين كل فريق بأذرعه العسكرية والسياسية، لكن الحقيقة أن ليس ثمة ترابطا عضويا بين برلمان طبرق على سبيل المثال ومليشيا حفتر فقد بدأ حفتر أولى خطواته العسكرية حتى قبل بدأ الانتخابات البرلمانية وقبل إعلان نتائجها، وبالتالي فإن السياسي هنا ليس له أي سيطرة ولا توجيه للذراع العسكري.

ويكاد يكون نفس الأمر منسحبًا على فريق الثورة؛ فالجناح العسكري يتخذ من المؤتمر الليبي غطاء سياسيًا لكن ليست هناك أي أطر تنظيمي ملزم بينهما.

قرار المحكمة الدستورية الأخير أعطى قبلة الحياة للمؤتمر الليبي وأصبح لوجود شرعية سياسية أكبر، غير أن موازين القوى على الأرض هي في النهاية من ستحسم الصراع، فالصراع العسكري ـ لم يكن للقرار المحكمة الدستورية سلبًا أم إيجابًا في حق أي من الطرفين ـ أن يتوقف. والشرعية في النهاية لمن سيحسم الأمر على الأرض عسكريا. غير أنه في الأخير لكي تحسم قوى الثورة في ليبيا الصراع في مصلحتها لا بد من تنسيق بين العسكري والسياسي، فالسياسة وحدها لا تحسم الصراعات، والصراع العسكري يحتاج في النهاية إلى إطار سياسي يجني من خلال ثمرات كفاحه وتضحياته، وإن ظل كل فريق يعمل بمعزل عن الآخر ويتخذ منه مجرد غطاء أمام القوى المناوئه، فستضيع ثمرات التضحيات سدى.

إذن فنحن نحتاج إلى قدر كبير من التكامل بين القوى الثورية السياسي منه والعسكري، بحيث يجني السياسي ما يحققه العسكري على الأرض، فحتى الحروب بين الدول في الأخير ينتصر المنتصر بقرار سياسي يجني ما حققته قواته المسلحة، وفي التجارب المعاصرة معظم حركات التحرر في العالم تمتلك أذرعًا عسكرية تقاتل وأخرى سياسية توافق، والاكتفاء بمسار واحد أو تغلب أحد المسارين على الآخر يؤدي إلى الفشل الذريع.

جملة ما حققه قرار المحكمة أن أعطى للفريق السياسي لقوى الثورة قبلة الحياة وقال له: أنت موجود، وبقي على الثوريين أن يجيدوا استخدام تلك الورقة السياسية بأقصى درجة ممكنة.

-------------------------------------------------------
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الدستورية, وتداعياته, قرار


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع قرار الدستورية وتداعياته
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وزيران سابقان يشبعان التعديلات الدستورية نقدا Eng.Jordan الأردن اليوم 0 09-08-2014 08:41 AM
صراع روحاني مع المحافظين وتداعياته عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 05-18-2014 07:36 AM
الحكومة المصرية تؤدي اليمين الدستورية عبدالناصر محمود شذرات مصرية 0 03-03-2014 07:22 AM
تقدير استراتيجي// : هدم الأنفاق على الحدود المصرية الفلسطينية: خلفياته وتداعياته ابو الطيب مقالات وتحليلات مختارة 1 10-27-2013 09:28 AM
سياسي مغربي: الحكومة ملزمة بتنفيذ الوثيقة الدستورية Eng.Jordan الملتقى العام 0 09-17-2012 10:55 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 05:17 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59