#1  
قديم 02-21-2013, 03:47 AM
الصورة الرمزية ذكريات
ذكريات غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 441
افتراضي ما يستفاد من قوله تعالى : { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا}


{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سورة هود آية: 15-16]
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى : قد ذكر عن السلف من أهل العلم فيها أنواع مما يفعل الناس اليوم ولا يعرفون معناه.
الأول: من ذلك العمل الصالح الذي يفعل كثير من الناس ابتغاء وجه الله، من صدقة وصلة وإحسان إلى الناس، ونحو ذلك; وكذلك ترك ظلم، أو كلام في عرض، ونحو ذلك مما يفعله الإنسان أو يتركه خالصا لله، لكنه لا يريد ثوابه في الآخرة؛ إنما يريد أن الله يجازيه بحفظ ماله وتنميته، وحفظ أهله وعياله، وإدامة النعمة عليهم ونحو ذلك؛ ولا همة له في طلب الجنة، ولا الهرب من النار. فهذا يعطى ثواب عمله في الدنيا، وليس له في الآخرة نصيب.
وهذا النوع ذكر عن ابن عباس في تفسير الآية، وقد غلط بعض مشائخنا بسبب عبارة في شرح الإقناع، في أول باب النية، لما قسم الإخلاص مراتب، وذكر هذا منها، ظن أنه يسميه إخلاصا مدحا له، وليس كذلك; وإنما أراد أنهلا يسمى رياء، وإلا فهو عمل حابط في الآخرة.
والنوع الثاني: وهو أكبر من الأول وأخوف، وهو الذي ذكر مجاهد أن الآية نزلت فيه، وهو أن يعمل أعمالا صالحة ونيته رئاء الناس، لا طلب ثواب الآخرة; وهو يظهر أنه أراد وجه الله، وإنما صلى، أو صام، أو تصدق، أو طلب العلم، لأجل أن الناس يمدحونه ويجل في أعينهم، فإن الجاه من أعظم أنواع الدنيا.
ولما ذكر لمعاوية حديث أبي هريرة، في الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار، وهم: الذي تعلم العلم ليقال عالم حتى قيل، وتصدق ليقال جواد، وجاهد ليقال شجاع، بكى معاوية بكاء شديدا، ثم قرأ هذه الآية.
النوع الثالث: أن يعمل الأعمال الصالحة، ومقصده بها مالا، مثل أن يحج لمال يأخذه لا لله، أو يهاجر لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، أو يجاهد لأجل المغنم، فقد ذكر هذا النوع أيضا في تفسير هذه الآية، كما في الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة” إلخ.
وكما يتعلم العلم لأجل مدرسة أهله، أو مكسبهم أو رياستهم، أو يقرأ القرآن ويواظب على الصلاة، لأجل وظيفة المسجد، كما هو واقع كثيرا; وهؤلاء أعقل من الذين قبلهم، لأنهم عملوا لمصلحة يحصلونها; والذين قبلهم عملوا لأجل المدح والجلالة في أعين الناس، ولا يحصل لهم طائل.
والنوع الأول أعقل من هؤلاء كلهم، لأنهم عملوا لله وحده لا شريك له، لكن لم يطلبوا منه الخير العظيم وهو الجنة، ولم يهربوا من الشر العظيم وهو العذاب في الآخرة.
النوع الرابع: أن يعمل الإنسان بطاعة الله، مخلصا في ذلك لله وحده لا شريك له، لكنه على عمل يكفره كفرا يخرجه عن الإسلام، مثل اليهود والنصارى إذا عبدوا الله وتصدقوا أو صاموا ابتغاء وجه الله والدار الآخرة.
ومثل كثير من هذه الأمة الذين فيهم شرك أكبر أو كفر أكبر، يخرجهم عن الإسلام بالكلية، إذا أطاعوا الله طاعة خالصة يريدون بها ثواب الله في الدار الآخرة، لكنهم على أعمال تخرجهم من الإسلام وتمنع قبول أعمالهم؛ فهذا النوع أيضا قد ذكر في الآية عن أنس بن مالك وغيره؛ وكان السلف يخافون منه.
قال بعضهم: لو أعلم أن الله تقبل مني سجدة واحدة لتمنيت الموت، لأن الله يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [سورة المائدة آية: 27] . فهذا قصد وجه الله والدار الآخرة، لكن فيه من حب الدنيا والرياسة والمال ما حمله على ترك كثير من أمر الله ورسوله، أو أكثره، فصارت الدنيا أكبر قصده.
فلذلك قيل قصد الدنيا، وصار ذلك القليل كأنه لم يكن، كقوله صلى الله عليه وسلم: ” صل فإنك لم تصل “. والأول أطاع الله ابتغاء وجهه، لكن أراد من الله الثواب في الدنيا; وخاف على الحظ والعيال، مثل ما يقول الفسقة، فصح أن يقال: قصد الدنيا. والثاني والثالث واضح.
لكن بقي أن يقال: إذا عمل الرجل الصلوات الخمس والزكاة والصوم والحج ابتغاء وجه الله، طالبا ثواب الآخرة، ثم بعد ذلك عمل أعمالا كثيرة أو قليلة قاصدا بها الدنيا، مثل أن يحج فرضه لله، ثم يحج بعده لأجل الدنيا، كما هو الواقع كثيرا.
فالجواب: أن هذا عمل للدنيا والآخرة، ولا ندري ما يفعل الله في خلقه; والظاهر: أن الحسنات والسيئات تدافع، وهو لما غلب عليه منهما; وقد قال بعضهم: إن القرآن كثيرا ما يذكر أهل الجنة الخلص، وأهل النار الخلص، ويسكت عن صاحب الشائبتين، وهو هذا وأمثاله; ولهذا خاف السلف من حبوط الأعمال. وأما الفرق بين الحبوط والبطلان، فلا أعلم بينهما فرقا بينا، والله أعلم.

[ المصدر: الدرر السنية في الأجوبة النجدية، 13/ 19- 22] .
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-24-2013, 12:38 PM
الصورة الرمزية سموالاميرة
سموالاميرة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Feb 2013
الدولة: فلسطين
المشاركات: 42
افتراضي




بارك الله بك غاليتي , ذكريات ,

جعله الله في ميزان حسناتك وسدد خطاك

وجعل مقامك عالي جنانه .. احترااااامي
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-24-2013, 04:04 PM
الصورة الرمزية ذكريات
ذكريات غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 441
افتراضي

وإياكي أختي سمو الأميرة

جعلنا الله وإياكِ ممن يستمعون القول

فيتبعون أحسنه إنه سميع مجيب
__________________
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 02-24-2013, 11:24 PM
الصورة الرمزية جاسم داود
جاسم داود غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: سوريا
المشاركات: 1,456
افتراضي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمن ِالرَّحِيمِ
الْسَّلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُه
الأخت القديرة
بارك الله فيكم
أثابكم الله وجعل جل أعمالكم في موازين حسناتكم
جعلم الله قلوبكم نوراً ووجوهكم نوراً وألبسكم ثياب الصالحين
ونحن معكم أجمعين وجمعنا حول حوض رسوله الكريم
لنرتوي الماء العذب الزلال من يدي خير المرسلين عليه أفضل الصلاة والسلام
وصلى اللهُ على سيِّدِنا مُحمَّد وَعلى آلِهِ وصَحْبه وَسلّم
دمـتي برعـاية الله وحفـظه
__________________

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 02-25-2013, 06:04 AM
الصورة الرمزية ذكريات
ذكريات غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 441
افتراضي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

اللهم آمين... جزاك الله خير الجزاء

نسأل الله لنا ولكم العافية
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
مصنع, الدُّنْيَا, الْحَيَاةَ, تعالى, يستفاد, يُرِيدُ, وَزِينَتَهَا, قوله, كَانَ


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع ما يستفاد من قوله تعالى : { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا}
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ما الفرق بين قوله تعالى صابرة شذرات إسلامية 0 09-24-2016 07:23 AM
سؤال : قوله تعالى صابرة شذرات إسلامية 0 12-14-2015 08:50 AM
مايشرع للصائم قوله عند الإفطار عبدالناصر محمود شذرات إسلامية 0 06-28-2015 04:04 AM
( إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ) صباح الورد شذرات إسلامية 0 08-06-2014 10:17 AM
آيةٌ يخطئ الكثير في تفسيرها قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } ذكريات شذرات إسلامية 2 05-21-2013 03:33 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:29 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59