#15  
قديم 07-07-2012, 08:26 PM
الصورة الرمزية يقيني بالله يقيني
يقيني بالله يقيني غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: جمهورية مصر العربية
المشاركات: 4,854
افتراضي

المسألة الخامسة عشرة : مواضيع درستها ولم يدرسها القانون.

إن ثمة أحكام درستها الشريعة ولم يدرسها القانون ، مثل : أحكام المواريث والوصايا والتركات والوقف والشهادات والديات ، وإنّ مما يعجب له المرء أن يُقال بمساواة الشرعيّ للقانوني في القضاء ، بل حتى أحكام السياسة الشرعيّة لم يدرسها القانون ، وهو العلم القائم على تقدير المصالح والمفاسد ، لاسيّما عند تزاحمها أو تزاحم المصالح فحسب أو المفاسد لوحدها ،كما اشتهر قول ابن عقيل رحمه الله عنها : ( السياسة ما كان فعلاً يكون معه النّاس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد وإن لم يضعه الرسول صلى الله عليه وسلم ولا نزل به وحي ) انتهى كلامه ، وكما أشار شيخ الإسلام ابن تيمية في كلامه عن المصالح والمفاسد لقاعدة تقوم عليها ، وهي معرفة خير الخيرين وشر الشرّيْن.

بل إن العجب يكون عندما يُطلب شيءٌ من فاقده ، فإن القانون لا يُدرّس فيه للطالبات أحكاماً تخصّ النساء كالطلاق والعِدَد والرضاع وغيرها ، ثمّ يأتي اليوم من يقول ليُحاميْنَ في المحاكم عن بنات جنسهنّ !! وقد يقول قائل إن طالبات القانون يدرسن ما يخصّ النساء في قانون الأسْرة أو الأحوال الشخصيّة ، والجواب عليه بأن يُقال وهل يأتي قانون الأسرة أو الأحوال الشخصيّة بكل المسائل التي تخصّهنّ ، وبكل الأدلة ، ومناقشات علماء الشريعة !! وأضف إلى ما سبق أن القانون لم يدرس أحكام الحدود والتعزيرات في القانون الجزائي لأن فلسفته في العقوبات مختلفة ، ولم يدرس أيضاً عوارض الأهليّة وقد تقدّم المثال عليها ، ولم يدرس كذلك أحكام اللعان بين الزوجين الذي يتهم أحدهما الآخر بالزنا ولا دليل عنده ، ولم يدرس كذلك ثبوت النسب ( ملاحظة : ربما يثبت القانون العلاقة المحرمة بـ dna أو غيره لكن وجود العلاقة لا يعني ثبوت النسب شرعاً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " الولد للفراش ، وللعاهر الحجر " ) ، ولم يدرس القانون كذلك أحكام القتال بين المسلمين أنفسهم لأنه لا يُعامل الناس حسب أديانهم ، سواء أكان القتال في الداخل أو الخارج.
والأحكام لا تنتهي ، لكن هذا ما حضر في الذّهن وتهيأ إيراده.


__________________


رد مع اقتباس
  #16  
قديم 07-07-2012, 08:26 PM
الصورة الرمزية يقيني بالله يقيني
يقيني بالله يقيني غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: جمهورية مصر العربية
المشاركات: 4,854
افتراضي

المسألة السادسة عشرة : مواضيع عالجتها الشريعة قبل القانون.

عدة مواضيع عالجتها الشريعة قبل القانون ، يتضح ذلك من خلال معرفة زمن معالجة القانون لها ، لأن الشريعة عالجتها منذ صدر الإسلام الأول ، أما القانون فكثير من نظريّاته التي عالج بها هذه المواضيع تُوصّل إليها في القرن الثامن عشر الميلادي وما بعده ، فمثلاً : عندما تتأمّل قضاء الأحداث في الشريعة تجد أنها راعته في أحكامها ، فليس الصغير كالكبير ، ولا المميز كغيره ، ولا البالغ كغيره ، أما في القانون فأول قانون لقضاء الأحداث كان في عام 1899م ، ويستتبع ذلك أن القانون ليس فيه قبل هذا التاريخ تحديداً لسنّ المسؤولية الجنائية فيُعامل الناسُ ؛ صغيرُهم وكبيرُهم على نحو واحد ، ومثال آخر هو التعسّف في استعمال السلطة فإن القانون لم يعرفه إلا في القرن التاسع عشر ، كما يذكره الدكتور محمود فتحي في رسالته التي أعدّها عام 1912م ، ومثال آخر هو مبدأ الحرية في الفكر والاعتقاد والقول دون قيْد ما لم تُخالف نصّاً ، فإن الشريعة سبقت إليه بينما القانون لم يعرفه إلا بعد الثورة الفرنسية على الكنيسة التي كان الساسة مستبدون من خلالها ، ومثال آخر هو مبدأ العدالة ، فإن الشريعة تقصده في خطابها وأحكامها وتكاليفها بين الناس كلهم ، أما القانون فقد كوى الشعوب بنار الطبقيّة والفوقية والقسوة ، ولم يعرف العدالة إلا في أواخر القرن الثامن عشر عند إنشاء الإنجليز محاكم خاصّة للعدالة ، ومثال آخر هو أن القانون يقرّر أن الاعتراف سيّد الأدلّة وأقواها ، ثم اكتشف أنه ليس كذلك ، وهو حال ما إذا كذّبته القرائن القويّة ، أما الشريعة فتُقرّر أن الاعتراف من أقوى الأدلّة وليس أقواها استناداً لفعل سليمان عليه السلام في حكمه بين المرأتين اللتين اختصمتا في ولد ؛ تزعم كلُّ منهما أنه لها ، وقد جاء في حكمه أنه أوهمهما برغبته في شقّ الولد نصفين ، بحيث يكون لكل واحدة نصف ، فقالت الصغرى منهما هو لها لا تقتله ، بينما أحجمت الكبرى عن الجواب ، فحكم به للصغرى وأهمل اعترافها ، واتخذ سكوت الكبرى علامة لرضاها ، ولو كان ابناً لها لماَ رضيت ، وهذه قرينة قويّة ، والخلاصة أنه أهمل الاعتراف وعمل بالقرينة القويّة. والشيء بالشيء يُذكر ، فإن الصحابي الجليل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى الأشعري واليه على الكوفة رضي الله عنهما ما يتضمّن قواعد أصّل في كثيراً من أحكام القضاء ، ونصّ الكتاب : ( أما بعد فإن القضاء فريضة محكمة ، وسنة متبعة ، فافهم إذا أدلى إليك ، فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له ، آس الناس في مجلسك وفي وجهك وقضائك ، حتى لا يطمع شريف في حيفك ، ولا ييأس ضعيف من عدلك ، البينة على المدعي ، واليمين على من أنكر ، والصلح جائز بين المسلمين ، إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا ، ومن ادعى حقا غائبا أو بينة فاضرب له أمدا ينتهي إليه ، فإن بينه أعطيته بحقه وإن أعجزه ذلك استحللت عليه القضية ، فإن ذلك هو أبلغ في العذر وأجلى للعماء ، ولا يمنعنك قضاء قضيت فيه اليوم فراجعت فيه رأيك فهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحق ، فإن الحق قديم لا يبطله شيء ، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل ، والمسلمون عدول بعضهم على بعض ، إلا مجربا عليه شهادة زور ، أو مجلودا في حد ، أو ظنينا في ولاء ، أو قرابة ، فإن الله تعالى تولى من العباد السرائر وستر عليهم الحدود إلا بالبينات والأيمان ، ثم الفهمَ الفهمَ فيما أدلي إليك مما ورد عليك مما ليس في قرآن ولا سنة ، ثم قايس الأمور عند ذلك واعرف الأمثال ، ثم اعمد فيما ترى إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق ، وإياك والغضب والقلق والضجر والتأذي بالناس والتنكر عند الخصومة أو الخصوم ( شك الراوي أبو عبيد ) فإن القضاء في مواطن الحق مما يوجب الله به الأجر ، ويحسن به الذكر ، فمن خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس ومن تزين بما ليس في نفسه شانه الله ، فإن الله تعالى لا يقبل من العباد إلا ما كان خالصا ، فما ظنك بثواب عند الله في عاجل رزقه وخزائن رحمته والسلام عليك ورحمة الله ). ( أعلام الموقعين لابن القيّم 68/1). والمواضيع كثيرة ، لكن هذا ما حضر في الذّهن وتهيأ إيراده.

__________________


رد مع اقتباس
  #17  
قديم 07-07-2012, 08:27 PM
الصورة الرمزية يقيني بالله يقيني
يقيني بالله يقيني غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: جمهورية مصر العربية
المشاركات: 4,854
افتراضي

المسألة السابعة عشرة : دور الجهات الأكاديمية والمراكز البحثية في التأصيل الشرعي والقانوني.

عندما تتأمل واقع الجهات الأكاديمية والمراكز البحثية في بلاد المسلمين تجد أنّها هي التي أوجدت بمناهجها وأساليبها الفجوة بين الشرعي والقانوني ، وإلا فإن المنتظر منها أن تعمل مواءمة في تلقّي كل منهما لأحكام الشريعة أولاً ، ثم الإفادة مما لا يُخالف الشريعة من القانون ثانياً. ويُمكن للمواءمة أن يُتحرّى ما يلي :
1 – أن يُدرّس القانون في الماجستير والدكتوراة فحسب ، دون البكالوريوس ، وأقصد الكليّات التي لا تُدرّس إلا القانون،لأن نصوص ومواد القانون تقوم في صياغتها على مقدمات ونتائج ، يحتاج الدارس إلى فهمها ثم تطبيق الوقائع عليها ، فمثلاً يُقال في النصّ أو المادّة ( من فعل كذا ) وهذه مقدمة ، ( فعليه كذا ) وهذه نتيجة ، وقد لا يضبط حديث العهد بالمرحلة الثانوية هذا التحليل ، ومن ثم تخريج التطبيقات على المادة.
2 – تدريس ( مبادئ القانون ) في آخر مراحل كليات الشريعة ليُدرك الشرعيون الفائدة منه مما لا يُخالف الشريعة.
3 – أن تقوم البحوث المقارِنة بين الشريعة والقانون بجعل الشريعة أصلاً في البحث ، وذلك بالدليل الراجح ، ثم عرْض القانون عليها ، فما وافقها منه أُخذ ، وإلا فلا ، لا كما يفعله البعض من جعل القانون أصلاً ثم البحث عما يبرّر له في الشريعة ولو قولاً شاذاً لأحد الشرعيين أو من ينتسب لهم.


__________________


رد مع اقتباس
  #18  
قديم 07-07-2012, 08:29 PM
الصورة الرمزية يقيني بالله يقيني
يقيني بالله يقيني غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: جمهورية مصر العربية
المشاركات: 4,854
افتراضي

المسألة الثامنة عشرة : التفريق بين تقنين أحكام الشريعة وتدوينها ، وأثر كل واحد منهما في الفقه الشرعي.

يرى بعض الباحثين أن التقنين والتدوين بمعنى ، والذي يظهر أن بينهما اختلاف في المعنى ، فالتدوين هو صياغة الأحكام بطريقة معيّنة ، فإذا حصل الإلزام من السلطة بحيث تصبح هذه الأحكام التي دوّنت نظاماً أو قانوناً صار التقنين ، والخلاصة أن التقنين تدوينٌ ومعه إلزامٌ بما دُوّن.

والتدوين من دون إلزام لا يرى فيه علماء الشريعة بأساً ، وليس محلاً للتجاذب والنقاش ، وعلى هذا اتفقوا من وقت تدوين السنة والفقه ، وبناءً عليه لو حصل تدوين للأحكام الشرعية من أجل تقريب الفقه وإرشاد القضاة مثلاً دون إلزامهم به لا بأس به اتفاقاً وفي جميع الأحكام الشرعيّة.

أما التدوين مع الإلزام به وهو التقنين فهو محل التجاذب ، وعليه مدار النقاش ، والحق أنه لا يُقبل في جميع الأحكام الشرعيّة ؛ إذ إن من الأحكام الشرعيّة ما للشريعة فيه قولٌ فصْل لا يُمكن شرْعاً إلا الرجوع إليه.


وبيان ذلك أن الأحكام الشرعيّة التي مبناها على درء المفسدة وتقليلها و*** المصلحة وتكثيرها لها أمام المصالح عدة مواقف ؛ الأول مصالح معتبرة ، أي اعتبرتها الشريعة ، والثاني مصالح ملغاة ؛ ألغتها الشريعة ، والثالث مصالح مرسلة لم يكن للشريعة فيها حكم ، فالأحكام التي هي من الأول والثاني لا يُمكن شرعاً أن يدخلها التقنين إلا في إجراءات تطبيقها ، أي لا يدخل التقنينُ الموضوعَ فيها ، لأن ذلك يؤول إلى تنحية الحكم الذي حدّدته الشريعة ، ومثال ذلك أحكام النكاح ، وتطبيق الحدود ، وتحريم الربا والزنا ، وغير ذلك ، وأما الأحكام التي من الثالث – أي هي مرسلة – فهذه يُمكن أن يدخلها التقنين موضوعياً وإجرائياً.


ومما يجدر التنبيه له أن على السلطة – والمقصود بها شرعاً إمام المسلمين وولي أمرهم – أن تتوخى عند التقنين موضوعياً وإجرائياً أحكام السياسة الشرعية ، بالإضافة إلى ما ذكره علماء المسلمين من أحكام للمصالح المرسلة أو ما يسميه بعضهم الاستصلاح.


وليُعلم أن إدخال التقنين عامّةَ الأحكام الشرعيّة عواقبه وخيمة ، ومنتهاه تنحية الحكم بالشريعة ، وترك السنة ، ومخالفة الإجماع على وجوب اتباعها متى استبانت ، كما قال الشافعي رحمه الله : ( أجمع الناس على أنه من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس له أن يدعها لقول غيره ) ، كما يترتب على تقنين جميع الأحكام الشرعية أن يحكم القضاة بما لا يعتقدونه صواباً عادلاً يدينون الله به ويريح ضمائرهم ، لاسيّما من يملك الاجتهاد منهم ، وقد حكى ابن فرحون المالكي في تبصرة الحكام (1/71) الإجماع على أن التقليد لا يصح للقاضي المجتهد فيما يرى خلافه، وكذلك مما يترتب على تقنين جميع الأحكام الشرعيّة تركُ الحكم بعرْف الناس الذي لابد من تحكيمه تحقيقاً للعدالةِ ، والقضاءُ على العلم الشرعي بانكباب الناس على دراسة الأنظمة والقانون مع ترك دراسة أحكام الكتاب والسنة ، وتفاسير السلف وشروحهم ، وأقوال الفقهاء وآرائهم ، والإحاطة بمداركهم وطرقهم في استنباط الأحكام ، بحيث عندما يطلب الناس استنباط حكم شرعي لنازلة يوائم ظروف زمانهم لم يجدوا فقيهاً وعالماً بالكتاب والسنة.


وفكرة التقنين أو جمع الناس على رأي واحد ليست وليدة اليوم ، بل كما يذكر كثير من المؤرخين والباحثين أن أول من ابتدعها طالباً لها من إمام المسلمين عبدُ الله بنُ المقفع ، لكن فكرته قُوبلتْ بالرفض بدءاً من الإمام مالك رحمه الله وانتهاءاً بزماننا هذا ، كما ذكر الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام عضو هيئة كبار العلماء رحمه الله في كتابه ( تقنين الشريعة ، أضراره ومفاسده ) ، فقد ذكر أن الملك عبد العزيز رحمه الله عرض أمر تلك الفكرة شورى على علماء المملكة منذ نصف قرن تقريباً ، فاجتمع رأيه مع رأي العلماء على ردّها رحمهم الله أجمعين ، وكذلك تمّ عرض الفكرة في عهد الملك فيصل رحمه الله على هيئة كبار العلماء فصدر رأيهم بالأغلبية بردّ الفكرة عام 1393هـ ، وأجابوا بأن الداعي للفكرة – وهو التباين بين أحكام القضاة في القضايا المتماثلة – إن كان إشكالاً فليس التقنين حلّاً له ، فلازالت الدول التي فيها تقنين عندها تباين في أحكام القضاة ، ولديها محاكم نقض ، ثم استعرضت الهيئة حلولاً للتباين لو كان إشكالاً. وفي القول ( لو كان إشكالاً ) الإشارة إلى أن ليس كلّ تباين مذموم ، وبيان ذلك أن التباين والتضارب لا يخلو من أحد الأوجه التالية :


الأول : أن تكون القضيتان متماثلتين في الظاهر ، لكن أحاط بكل واحدة منهما ما يوجب أن يكون الحكم على خلاف الظاهر وما لا يطّلع عليه إلا القاضي ناظر القضيّة ، سواء أكانتا – أي القضيتان – عند قاضٍ واحدٍ أو واحدة لدى قاضٍ والأخرى لدى آخر ، فاختلاف الحكم هنا ليس مذموماً.


الثاني : أن تكون القضيتان متماثلتين من كلّ وجه عند قاضٍ واحد فقضى فيهما في زمَنين بحكمين مختلفين ، عن اجتهاد ونظر أوضحه في حكمه وبرهن عليه حيث اقتضى فيه الرجوع عن رأيه الأول إلى رأيه الثاني ، فهذا سائغ شرعاً كما وقع في ذلك عدة قضايا لعمر بن الخطاب وغيره من الصحابة رضوان الله عليهم ، وفي ذلك قولته المشهورة : ( تلك على ما قضينا يومئذٍ ، وهذه على ما نقضي اليوم ) ، فاختلاف الحكم هنا ليس مذموماً أيضاً.


الثالث : أن تكون القضيتان متماثلتين من كلّ وجه عند قاضٍ واحد فقضى فيهما بآن واحد بحكمين مختلفين ، فهذا اختلاف وتباين مذموم ، وهو ممتنع شرعاً ، ولو فرض وقوعه فإن العدالة تأخذ مجراها في القاضي وحكمه.


وإن من دواعي التعجّب معرفة أن من أهداف المطالبين بالتقنين – وأكثرهم محامون – معرفة ما سيحكم به القاضي ، وهذا يُخالف ما يرومونه في كتاباتهم وأطروحاتهم من مطالبتهم منع القضاة من أي عمل سوى القضاء كالخطابة وغيرها لئلا يُعرف رأي القضاء ، فكيف يطلبون شيئاً وخلافَه ؟ هذا مع التنبيه أن الصواب في منع القضاة من الفتوى في كل ما من شأنه أن يرجع للخصومة من معاملات الناس لما فيه من تعليم الخصوم بالحكم وإعانتهم على الفجور في الخصومة ، لا منع القضاة من الإفتاء في العبادات وتفقيه الناس في دينهم ، كما قال ابن عاصم الغرناطي :

ومنع الإفتاء للحكامِ **** في كل ما يرجع للخصامِ
وفي الختام أذكر ما قاله الأستاذ علّال الفاسي في كتابه ( دفاع عن الشريعة ص255) ردّاً على من يشعر بانهزام نفسي من أبناء المسلمين أمام تقنين غيرهم : ( وهي هزة يجب أن لا نفزع منها ، بل يجب أن نعتبرها بمثابة خفقة القلب التي تحصل لمن يخرج وحده في الظلام أحياناً ؛ عبارة عن ضعف الأعصاب وعدم الإرادة ، سرعان ما تزول إذا تذكر الخائف أن الليل والنهار سيّان بالنسبة لحركة الإنسان وسكونه ، وأنه ليس هنالك كما يعلم هو يقيناً طاريء ولا تشكّل من الكائنات ، إن هي إلا أوهام وخزعبلات ، وكما يشتد عزم ذلك الخائف فيتحدى أوهامه ، كذلك يجب أن يشتد عزم الذين يضعفون خوف الاتهام بالرجعية ، فيعلمون أن ذلك مجرد خزعبلات موروثة عن الاستعمار ومن إيحاء رجاله )

انتهى.
سلطان بن عثمان البصيري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دمتم بخير
__________________


رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
مسائل, الشريعة, يوم, والقانون


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع مسائل حول الشريعة والقانون
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عدة مسائل في الإعتكاف صابرة شذرات إسلامية 0 06-25-2016 04:30 AM
الحمل إرثه أحكامه وصوره المعاصرة بين الشريعة والقانون Eng.Jordan دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 0 04-22-2013 12:35 PM
القانون العام والقانون الخاص Eng.Jordan رواق الثقافة 0 03-11-2013 08:55 AM
الخلع بين الشريعة الإسلامية والقانون وتطبيقاته في المحاكم الشرعية Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 02-04-2013 02:36 PM
مسائل الرياضيات المفتوحة بلا حل Eng.Jordan علوم وتكنولوجيا 0 11-10-2012 09:58 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 04:24 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59