#1
|
||||
|
||||
الزلزال الكاذب
الزلزال الكاذب ـــــــ (د. خالد رُوشه) ــــــــ 14 / 10 / 1437 هــ 19 / 7 / 2016 م ــــــــــــ المرجفون يبثون الكذب وقت أزمات الناس في اللحظات العصيبة للأمم يتشبث الناس بقيمهم ومبادئهم الراسخة فيهم , ويعلون من شأن ثوابتهم المتعمقة في قلوبهم ونفوسهم , فترى حقيقة الجميع , وتستطيع أن تصنف صنوف الناس تصنيفا دقيقا , فالشدائد كاشفات , والبلايا منقيات .. على إنك حتما ستجد من صنوف الناس صنفا خبيث الطباع , حقير المبادىء , خسيس المعدن , قد تملك النفاق من سلوكه , وتملك الشر من قلبه , فإذا به يبحث – في الشدائد – عن مصالحه الخاصة على حساب المصالح العامة , ويجني من أعماله القبيحة ما يضر به مجتمعه وأمته , فلا تمر الشدائد إلا وقد كثر ماله على حساب فقر الناس , وامتلأ بطنه على حساب جوعهم , وزاد ملكه على أجسادهم وجوارحهم , وارتفع في الدنيا على حساب ضررهم وأذاهم .. إن مثلهم كمثل سارقي القبور , يجدون في الموت غنى , وفي القبر شغلا , وفي الخراب حياة لهم ! .. وياليتهم استفادوا من الموت استفادة حلالا , بل جمعوا بين الخسة والحرمة ! ومهما حدثتك عن أوصافهم فلن أوفيهم حقهم في ذكر المسالب والمناقص , لكن هناك صفة من صفاتهم , يشتهرون بها في الشدائد التي تمر بالأمة والمجتمع , لا تنفك عنهم , ولايستطيعون العيش بدونها في الأزمات , إنها صفة الإرجاف ! هم المرجفون , مدمنوالكذب , وناشرو الإشاعة , وباذرو الفتنة , الذين يخفون أخبار الانتصار , ويبدون أنباء الهزيمة , بل إنهم ليقلبون النصر هزيمة في حس الناس ومعلوماتهم . إنهم يغيرون الحقائق , فيبثون إشاعات الأمن حين الخطر , وينذرون الناس شرا عندما ينتشر الأمن .. وساعة يرون الخوف قد انتشر بين اطراف المجتمع , والثقة قد اهتزت في قادته وعلمائه , والعجز والاستسلام قد دب في أوصال الناس , عندها تعمهم الفرحة , وتعتريهم النشوة , فقد حققوا مآربهم , وأنجزوا أدوارهم ! لقد حذرنا الله سبحانه منهم ومن أمثالهم بينما يصف المنافقين وصفاتهم , " وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به " , فهم ينشرون أنباء الأمن والخوف رجاء الفتنة والتأثر السلبي به , فإشاعة الأمن ضارة وقت الشدائد كإذاعة الخوف تماما وربما أكثر , فهي تدفع للكسل والقعود والغفلة والانشغال بغير واجب الوقت , كما أن إشاعة الخوف تنشر الرعب وتضعف الثقة وتدعوا للهزيمة .. لذلك حذر الله سبحانه من وجودهم بين الصفوف في وقت الشدائد :" لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ " لقد عانت الأمة كثيرا من هؤلاء المرجفين , إذ أمعنوا في فعلهم الضار الخبيث , وأوغلوا في جسد مجتمعاتهم النصل المسموم , وصار عملهم متسعا كبير الاثر , كثير الأتباع .. أنشئت وكالات أنباء خاصة على أحدث طراز لا هدف لها سوى الإرجاف ونشر السموم , وأقيمت فضائيات واشتهرت لاهم لها سوى تغيير الحقائق , وتخصص أناس في تخريج أجيال جديدة متخصصة في إلباس ثياب الزور ! حتى إن طالب الحقائق ليجهد حتى يحصلها , والراغب في المعلومات الصادقة لايكاد يجدها بين المتاح الشهير من مؤسساتها ! كما اتسعت دائرة الإرجاف لتجمع بين طياتها نشر الاسرار , والطعن في ثوابت الأمة , والنيل من علمائها ومربيها , وتشويه تاريخها , والتقليل من مقدساتها ..! الهزيمة النفسية للأمة والمجتمع كانت نصب أعينهم دائما , وكانت هدفا يقاس قياسا دقيقا كل لحظة , لتوأد الهمة , وتنكسر العزيمة الباقية في الأمة , فلا يبقى من ابنائها إلا كل خائر عاجز كسير النفس عديم الأمل ! لست معوذا أن أشير إلى أسماء أو انتماءات أو اتجاهات فيما يخص هذه الحرب المعلوماتية النفسية الواسعة ضد الأمة , فكل من يقوم بشىء من الإرجاف فهو مرجف بقدر ما يقوم به , مهما كان وصفه ومهما كان حاله , إذ إن حالة الأزمة تؤثر فيها الحروف قبل الكلمات , والانطباعات قبل التصريحات , فلا عذر لأحد وقت الشدة أن ينشر سوء أو يقتل أملا , أو يخفي حقا , أو يظهر كذبا , أو يرفع باطلا , أو ينصر ظالما .. لقد حرص القائد الفذ صلى الله عليه وسلم أن يقضي على شتى معاني الإرجاف في مجتمعه الإيماني القوي في وقت الأزمات . فأكد على إنهاء اشكال التردد , مهما استقلها الناس , فهو يشاور الناس في أحد ليخرج لعدوه أو يبقى في المدينة , فيشير عليه غالبهم بالخروج , ثم يشعرون أنهم اثقلوا عليه طلبا فى ذلك فجاءوا يتراجعون عن رأيهم كرامة له , لكنه يرفض التردد قائلا لهم " ماكان لنبي إذا لبس لامته للحرب أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه " ويقضي في نفوسهم على معاني الخوف من الناس , فيأمرهم بالخروج من حمراء الاسد وهم جرحى ومرضى وقد تعرضوا لهزيمة , وقد جاءهم خبر من عدوهم يعدهم باستئصال بقيتهم , فيأمرهم بالخروج قائلا " حسبي الله ونعم ال**** " .. ويعلمهم إذا جاءتهم إشاعة الأمن أو الخوف , أن يردوها إليه , ولا ينشرونها بين الناس , فيعلم هو خبرها ومرادها . إن الإرجاف وظيفة من وظائف النفاق , ليحدث زلزالا كاذبا في صفوف أبناء أمتنا ومجتمعاتنا , وقد كشفهم القرآن وفضحهم في كل وقت وحين , وربط سلوكهم بالمنافقين والذين في قلوبهم مرض , ليعلم دورهم , ولتتبين خبيأتهم , ولتفضح سريرتهم .. قال سبحانه : " لَئِن لَّمْ يَنتَهِ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي المَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلًا " ------------------------- المصدر: ملتقى شذرات |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الزلزال, الكاذب |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع الزلزال الكاذب | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الشريم واصفا أحوال الأمة: خُوّن الأمين وأُمّن الخئون وصُدّق الكاذب وكُذّب الصادق | Eng.Jordan | المسلمون حول العالم | 0 | 06-19-2015 11:18 PM |
سرايا القدس تصرح ان لديها سلاح جديد لم تستخدمه تطلق عليه مسمى الزلزال | Eng.Jordan | أخبار عربية وعالمية | 0 | 07-27-2014 10:54 AM |
ثورة 30 يونيو .. الحمل الكاذب | عبدالناصر محمود | مقالات وتحليلات مختارة | 0 | 08-12-2013 08:02 AM |