#1  
قديم 01-19-2015, 08:25 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,135
ورقة عيد الغطاس


عيد الغطاس
ــــــــ

(د. إبراهيم بن محمد الحقيل)
ـــــــــــــ

28 / 3 / 1436 هــ
19 / 1 / 2015 م
ـــــــــــ

1901238_777495048997765_2516706776355192409_n.jpg?oh=55d49ddd9a82cc2ea892807951ffe516&oe=552387B0



هذا العيد متعلق عند النصارى الشرقيين بالتعميد، والتعميد شعيرة من شعائرهم، أصلها حسب زعمهم أن يوحنا المعمدان (يحيى بن زكريا عليهما السلام) عمد المسيح عيسى عليه السلام في مياه نهر الأردن، وسمي عيد الغطاس لأنه يمثل ذكرى تغطيس المسيح عليه السلام في الماء.
والمقصود من التعميد تجديد الشخص المعمد وغسل ماضيه وإزالة خطاياه.
كما تزعم النصارى أن عيسى عليه السلام أمر تلاميذه بالتعميد فقال لهم (وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس)[1].
*ـ وهم مختلفون في التعميد:
1 - فطائفة منهم ترى أن التعميد يكون للأطفال والبالغين، ويزعم هؤلاء أن التعميد بدل عن الختان الذي سنه الخليل إبراهيم عليه السلام، وسرى في اليهود بعد ذلك، فاستعاض النصارى عن الختان بالتعميد. لكن التعميد كان موجودا عند اليهود أيضا.
2 - وطائفة أخرى يرون أنه خاص بالبالغين.
ولهم نصوص كثيرة في أناجيلهم وأسفارهم يستدل بها كل طائفة على ما ذهبوا إليه لا فائدة من سوقها هنا[2]..
*ـ وللتعميد عندهم طرق ثلاث:
الأولى: التغطيس في الماء وهو الأصل.
الثانية: التعميد بالرش.
الثالثة: التعميد بالسكب.
والعجيب في الأمر أن مسألة التعميد وإن حاول النصارى إيجاد نصوص لها في كتبهم المقدسة فإنها من إرث اليونان الوثنيين، وكانوا يطلقون على هذا العيد (ثيوفانيا) وهكذا اللاتين أطلقوا عليه (ابيفانيا) ومعناه عندهم: الظهور الإلهي.
ومن هذه الفكرة الوثنية (الظهور الإلهي) أخذ رهبان النصارى مسألة تجلي الله تعالى في شخص عيسى عليه السلام أثناء التعميد بما يسمونه (ابن الله) وينسبون إلى يوحنا أثناء لقائه بعيسى عليه السلام قوله (هو ذا حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم...وأنا لم أكن أعرفه، لكن ليظهر لإسرائيل... إلى أن قال: فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس، وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله) تعالى الله عن شركهم علواً كبيراً[3].
كما أن هذا التقليد كان موجودا عند قدماء المصريين (الفراعنة) حيث يجوبون في يومه الطرقات وهم يحملون الشموع والمشاعل إلى أن يصلوا إلى نهر النيل فيغطسون فيه معتقدين أن مياهه تشفي من الأسقام[4].
وكانوا يعتقدون أن صنمهم (أوزيريس) رب لمياه النيل[5]. ولا ينفي الباحثون الغربيون الأصول الوثنية لأعيادهم، بل يثبتونها ويوجدون المخارج لها ففي كتاب (الأصول الوثنية للمسيحية) يثبت مؤلفوه -وهم نصارى غربيون- هذه الحقيقة فيقولون: (ودارس تاريخ الأديان الوثنية والمسيحية لابد أن يلاحظ أن الأعياد المسيحية قد وقتت بذكاء من قبل الكنيسة وصار يحتفل بها في أيام الأعياد الوثنية نفسها.... ثم يذكر المؤلفون الصراع بين الكنيسة والوثنية إلى أن يقولوا: لابد من الملاحظة أن الشعوب الوثنية أحبطت جهود الكنيسة لانتزاع الطابع الوثني عن بعض الأديان وجعلت ذلك مستحيلا مما أدى بالكنيسة نفسها إلى أن تتبنى التقاليد والشعائر الوثنية، وتخلع عليها ألقابا مسيحية...)[6] ا.هـ.
وفيما يخص عيد الغطاس يقول المؤلفون: وما يسمى بعيد الغطاس فإنه أيضا مزيج من التقاليد الوثنية المسيحية وكما أشرنا من قبل إلى أن يوم 6 كانون الثاني هو اليوم الأثبت لميلاد المسيح، وقد احتفظت به الكنيسة موعدا لتعميده وميلاده معا. واتخذت الكنيسة الكاثوليكية تقليدا بأن تبارك مجاري المياه في ذلك النهار، وخاصة الأنهر والمسايل والأغادير وبما يعود ذلك إلى أن العمادة كانت تتم بتغطيس المؤمن في النهر (نهر الأردن) أما السبب الرئيسي فهو أن الكنيسة أرادت بدون شك أن تمحو من ذاكرة البسطاء ذكرى العيد الوثني للماء الذي كان يحتفل به في ذلك اليوم سواء عند عبادة (ديونيزوس) أو عبادة (إيزيس) أو (أوزوريس) فخصصت عيد العماد لذلك[7] ا.هـ.
ولعيد الغطاس عند النصارى شأن عظيم؛ ولذلك يعطلون في يومه عن العمل، وأكثرهم اعتمده في يوم (19) يناير، لكن نصارى الشرق يحتفلون فيه بذكرى تعميد المسيح عليه السلام ويتبركون فيه بالماء المعمد. وأما نصارى الغرب من الكاثوليك والبروتستانت فيحيون به ذكرى تقديس الرضيع المسيح عليه السلام على يد الحكماء الثلاثة الذين قدموا من الشرق، ويتلون فيه نصوصا توراتية وإنجيلية في الكنائس[8].
وقد أفاض المؤرخون في وصف ما يعمله الأقباط في ذلك اليوم في مصر كالمسعودي في مروج الذهب، والمسبحي في تاريخه، والمقريزي في الخطط، وغيرهم بما يطول نقله هاهنا.
وهكذا نصارى الشام لهم فيه عادات واحتفالات في ليلة هذا العيد ويومه، ويصنعون له أطعمة خاصة ويهدون الهدايا[9].
*ـ ويتلخص من هذا العرض عن هذا العيد ما يلي:
1 - أنه شعيرة دينية من شعائر النصارى ربطها الشرقيون منهم بما يعتقدونه من تعميد المسيح عليه السلام، وربطه الغربيون بما يعتقدونه من ذكرى إرضاعه.
2 - أن أصل هذا العيد والشعائر التي فيه من الغطس والتعميد هو من صميم دين الوثنية الفرعونية واليونانية، وأن أرباب الكنائس لما لم يستطيعوا القضاء على الشعائر الوثنية اعترفوا بها، وأوجدوا لها أصلا في دينهم، واخترعوا لها قصة نسبوها للمسيح عليه السلام. وهكذا التحريف في الديانات المحرفة لا يقف عند حد معين.
3 - أن هذا العيد لا زال موجودا إلى اليوم، ويحتفل به النصارى، ويشاهد احتفالهم به مسلمون سواء في البلاد المسلمة التي فيها أقليات نصرانية، أم في البلاد الغربية النصرانية التي فيها جاليات مسلمة. مما يحتم التحذير من هذا العيد الوثني النصراني ومن شعائره لئلا يغتر به بعض المسلمين فيشاركون في شيء من شعائره واحتفالاته.
**ـ وعليه فالواجب على المسلم تجاه هذا العيد ما يلي:
----------------------------------------------------
1 - عدم الاحتفال به، أو مشاركة المحتفلين به في احتفالهم.
2 - عدم إعانة الكفار على احتفالهم به بإهداء أو طبع أدوات العيد وشعاراته وبطاقاته أو إعارتهم ما ينتفعون به في هذا العيد، لأنه شعيرة من شعائر الكفر، فإعانتهم وإقرارهم عليه إعانة على ظهور الكفر وعلوه وإقرار به.
3 - عدم إعانة من احتفل به من المسلمين، بل الواجب الإنكار عليهم، لأن احتفال المسلمين بأعياد الكفار منكر يجب إنكاره.
4 - عدم تبادل التهاني بهذا العيد، لأنه ليس عيدًا للمسلمين. وإذا هنئ المسلم به من يهودي أو من مسلم فلا يرد التهنئة بل ينكره، أو يرد على من هنأه بالدعاء له بالهداية أو يسكت.
5 - توضيح حقيقة هذا العيد وأمثاله من أعياد الكفار لمن اغتر بها من المسلمين، وبيان ضرورة تميز المسلم بدينه والمحافظة على عقيدته مما يخل بها، وتذكيره بمخاطر التشبه بالكفار في شعائرهم الدينية كالأعياد أو بعاداتهم وسلوكياتهم، نصحا للأمة وأداء لواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي بإقامته صلاح العباد والبلاد، وحلول الخيرات، وارتفاع العقوبات كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود:117].
أسأل الله تعالى أن يحفظ المسلمين من مضلات الفتن وأن يقيهم شرور أنفسهم ومكر أعدائهم انه سميع مجيب. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] انجيل متى 28: 18-19.
[2] للمزيد تراجع: دائرة المعارف الكتابية (5/313-316).
[3] انظر: إنجيل يوحنا: (1/29-34) وعنه دائرة المعارف الكتابية (5/313) وانظر: معجم ديانات وأساطير العالم (1/177-178).
[4] الأعياد حسن نعمة 287.
[5] انظر: معجم المعبودات والرموز في مصر القديمة، مادة (ماء) تأليف: مانفرد لوركر (215).
[6] الأصول الوثنية للمسيحية تأليف:أندريه نايتون، وإدغار ويند، وكارل غوستاف يونغ، ترجمة سميرة عزمي الزين (ص51).
[7] المصدر السابق (ص53-54).
[8] انظر الموسوعة العربية العالمية (16/709).
[9] راجع: الأعياد حسن نعمة (285-286).


-----------------------------------------------
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الغطاس


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع عيد الغطاس
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
نبات زهره العطاس Eng.Jordan الملتقى العام 0 10-24-2012 02:12 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 08:49 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59