#1  
قديم 03-17-2013, 01:18 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي تشخيص ومكافحة ظاهرة الفقر في الجزائر


حمل المرجع كاملاً من المرفقات







د.ناصر مراد
جامعة سعد دحلب البليدة
المقدمة
لقد عرف الإنسان الفقر منذ القدم، والذي اتسع نطاقه خاصة مع هيمنة العولمة الاقتصادية، وأصبح ظاهرة تصيب عدة فئات من المجتمع سواء المتخلفة أو المتقدمة، لذلك يشكل من أهم التحديات التي يواجهها العالم، فرغم التقدم الكبير في مجال الإنتاج والتكنولوجيا والاتصالات إلا أن العالم ما زال يعاني من تواجد الفقر، وبعض الدول تعاني من المجاعة والفقر المزمن .
لقد اكتسب تحليل ظاهرة الفقر أهمية كبيرة منذ مطلع التسعينات وذلك في ظل النتائج المخيبة للتوقعات نتيجة تطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي في عدد كبير من الدول النامية، وفي سنة 2000 تضمن تقرير الأمم المتحدة تأكيدا على أولوية محاربة الفقر في السياسات التنموية . والجزائر لم تهتم كثيرا بمكافحة الفقر في بداية الإصلاحات الإقتصادية، لكن مع تصاعد حدة الفقر وظهور إنعكاساتها السلبية على المجتمع، أصبح الإهتمام بمكافحة الفقر يتزايد باستمرار . في هذا المجال نتساءل على واقع الفقر في الجزائر ومدى فعالية الإستراتيجية المنتهجة لمكافحة هذه الظاهرة ؟
أولا : مفهوم ومظاهر الفقر

يوجد عدة تعاريف للفقر يمكن تصنيفها إلى قسمين هما :
التعريف الكمي للفقر الذي يتعلق بانخفاض الدخل بحيث لا يستطيع الفرد تلبية حاجاته الأساسية وفي ظلالتحليل الكمي لظاهرة الفقر نجد مستوى أدنى للمعيشة يعتبر من لا يحصل عليه من ضمن الفقراء ويسمى خط الفقر الذي يحسب على أساس مفهوم الدخل كمؤشر لمستوى المعيشة في الدول المتقدمة وعلى أساس الإنفاق الإستهلاكي كمؤشر لمستوى المعيشة في الدول النامية ،و لقد أستخدم مؤشر خط الفقر لأغراض تقدير إنتشار الفقر في العالم حيث حدد خط الفقر الدولي بانفاق الفرد دولارا أمريكيا واحدا في اليوم إلا أن إستخدام هذا المؤشر واحه عدة صعوبات متعلقة بالمقارنات الدولية كما أن التعريف الكمي للفقر ذو نظرة ضيقة ومحدودة بحيث يحدد الفقر بدلالة السلع وملكيتها فقط .
التعريف الكيفي للفقر والذي يرتكز على رفاهية الفرد من خلال تحقيق ملكية السلع والمنفعة والقدرات الإنسانية (1). وعليه فإن الفقر لا يقتصر على إنخفاض الدخل وعدم تلبية الحاجات الأساسية بل يشمل أيضا التهميش ورعاية صحية متدنية وإنخفاض فرص التعليم وتدهور البيئة السكنية ،و على هذا الأساس فإن الفقر عكس التنمية البشرية .
و في سنة 1996 حدد تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة فقر المقدرة الذي يركز على نقص القدرة على الحصول على التغدية الملائمة والصحة الجيدة والمستوى التعليمي المناسب، في هذا المجال نلخص مؤشرات عدم المقدرة في العناصر التالية: (2)
- مؤشرات الصحة والتعليم الذي يتضمن معدل وفيات الأطفال ومعدل وفيات الأمهات، وتوقع الحياة ومعدل سوء التغدية للأطفال ومعدل الأمية .
- مؤشرات الإقتناء مثل الحصول على المياه الصالحة للشرب .
- مؤشرات الحرمان مثل البطالة .
و في سنة 2001 تبنى تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة مقياس للفقر البشري لتحديد الفقر وإظهار نقاط الحرمان البشري من خلال حساب معدل الوفيات للأطفال الرضع ومعدل الأمية ودرجة النقص في الحصول على الحاجات والخدمات الضرورية ودرجة سوء التغدية (3) .
يتضح مما سبق أن الفقر ظاهرة متعددة الأبعاد تشمل عدة مؤشرات كمية وكيفية، ويمكن تلخيص مظاهرها فيما يلي :

1- البطالة :
تعتبر معدلات البطالة المرتفعة في الجزائر عن حالة الإختلال التي يشهدها سوق العمل، وقد ساهم برنامج التصحيح الهيكلي في إتساع حدة هذا المشكل من خلال إنخفاض الطلب الكلي، كما أن من أهم مكاسب العولمة يكمن في التقدم التقني الذي يسمح بزيادة إنتاج السلع إلا أنه لا يخلق مناصب عمل جديدة بل قد يتسبب في القضاء على بعضها حيث أصبح إكتساب التكنولوجيا المتطورة يتم على حساب مناصب العمل .
2- إتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء :
إن إتساع الهوة على مستوى العالم يعني إنكماش الثراء في فئة معينة، ففي سنة 2000 تملك الدول المتقدمة 80 % من الدخل العالمي وهي تمثل 20 % من سكان العالم ،و بالتالي أصبح العالم تحت سيطرة تلك الدول . ونشير أن التفاوت في الدخل لدي الدول النامية أشد فظاعة حيث فئة قليلة تملك 90 % من الثروات وعامة الناس يتقاسمون 10 % الباقية .
3- الإنفجار السكاني :
يشكل تزايد السكان ضغطا على الموارد والبيئة، كما يؤثر على نوعية الحياة على الكرة الأرضية، خاصة إذا كانت تلك الزيادة تتم بين السكان الذين يعيشون في حالة فقر، كما أن الحياة على الكرة الأرضية لا يمكنها أن تتحمل 6 مليارات نسمة الأخدين في التزايد بحيث سيصبح عدد سكان العالم 10 مليارات نسمة خلال السنوات القادمة (4).
4- الصراعات والحروب :
تشكلالصراعات والحروب عاملا هاما في تفاقم حدة الفقر سواء الداخلية أو الإقليمية خاصة في الدول المتخلفة، ومن أهم اثارها السلبية نجد مشكلة الاجئين، تدني أوضاع التنمية البشرية خاصة التعليم، الصحة، الإسكان والرعاية الإجتماعية، بالإضافة إلى الأزمة الإقتصادية وتزايد حدة الفوارق الإجتماعية
5- الديون الخارجية :
تعتبر المديونية إحدى التحديات الرئيسية التي تواجه الدول النامية بحيث أن تسديد الديون وأقساطها يستنزف جزءا هاما من مداخيل الدول المدينة ويزداد الوضع خطورة إذا كان الإقتراض قصد تسديد فوائد وأقساط الديون السابقة، لذلك تصبح تلك الدول تعاني من حلقة مفرغة مما سوف يساهم في إستمرار تفاقم أزمات ومشاكل عديدة وبالتالي تكريس حالة الفقر .
6- التهميش والحرمان :
يعاني الوطن العربي من عدة مشاكل جوهرية أهمها البطالة والأمية وفقدان الأمن الغدائي والمائي والصحي مما سمح باتساع حدة الفقر .

7- فقدان الديمقراطية :
إن الديمقراطية لا تتعايش مع الفقر إذ أن الفئات المهمشة ماديا وإجتماعيا لا تجد الوقت الازم للنشاط السياسي والمشاركة في تنظيمات المجتمع المدني بل تقضي وقتها لإشباع حاجاتها الأساسية. والتاريخ السياسي لأوروبا يؤكد أن التوترات الإجتماعية والإضطرابات الشعبية و إنتشار البطالة ساهم في إنتكاس الديمقراطية .

ثانيا : أسباب الفقر
يعتبر الفقر محصلة تفاعل عوامل إقتصادية وإجتماعية وسياسية، لذلك فإن أسباب زيادة حدة الفقر تختلف من مجتمع إلى آخر، وهي تتعلق بالعوامل السابقة .
- الأسباب الإقتصادية :
تتعلق بانخفاض معدل النمو الإقتصادي وتدني الدخول وإرتفاع تكاليف المعيشة وتخلي الدولة عن دعم المواد الغذائية، بالإضافة إلى السياسات الإقتصادية التي تركز على رفع الدعم عن السلع الضرورية وتخفيض الإنفاق الإجتماعي، بالإضافة إلى الخوصصة والإنكماش الذي يؤدي إلى تقليص فرص العمل، في هذا المجال فإن سياسة الإصلاح الهيكلي وسوء تسيير الأوضاع الإقتصادية أدى إلى تسريح 400 ألف عامل أضيفوا إلى الفقراء (5) .
بالإضافة إلى ما سبق فإن من أسباب تفشي الفقر بمستويات عالية نجد أزمات الإقتصاد الكلي التي تتميز بتفاقم شدة التفاوت والإنكماش الإقتصادي، ورغم محاولات التنمية إلا أن إستمرار الأزمات وفشل أنماط التنمية أدى إلى إستفحال ظاهرة الفقر .
- الأسباب الإجتماعية :
تتعلق بالنمو الديمغرافي بحيث نجد النمو السريع للسكان بوتيرة أكبر من معدلات النمو في الناتج الداخلي الخام، وشدة التفاوت في توزيع الدخل، بالإضافة إلى الأوضاع المتدهورة في الريف مما دفع بالكثير من سكان الأرياف الهجرة إلى المدن مشكلين بذلك لظاهرة البيوت القصديرية أين يشتد التهميش والحرمان .
- الأسباب السياسية والأمنية :
تتمثل في مخلفات الإستعمار والصراعات الداخلية التي أدت إلى عدم الإستقرار السياسي الذي إنعكس سلبا على الوضع الإقتصادي والإجتماعي، كما أن الظروف الأمنية الصعبة خاصة خلال العشرية السوداء ( 1990-200 ) وسعت كثيرا من دائرة الفقر .

ثالثا : واقع الفقر في الجزائر في ظل الإصلاحات الإقتصادية

يعتبر الفقر من أبرز المشاكل الإقتصادية والإجتماعية التي تهدد إستقرار الجزائر ،و قد ساهم تنفيذ الإصلاحات الإقتصادية في الثمانينات وبرنامج التعديل الهيكلي في التسعينات في تفاقم ظاهرة الفقر وتدهور الأوضاع الإجتماعية للفئات الضعيفة في ظل التحول من نظام إقتصادي إشتراكي إلى نظام إقتصادي تحكمه قواعد السوق ويضبطه قانون المنافسة، ومع وجود جهاز إنتاجي ضعيف أثر سلبا على مستوى معيشة المواطنين . ومن خلال الإصلاحات الإقتصادية المتخذة في الجزائر نجد إعادة الهيكلة التي تعتمد على إستخدام الأساليب الإنتاجية كثيفة رأس المال مما أثر على مستوى التشغيل، بالإضافة إلى إعتماد إجراء التصفية للمؤسسات المفلسة وبالتالي الإستغناء كليا عن العمالة، وإقرار الخوصصة التي تسعى إلى رفع درجة الكفاءة الإقتصادية للمؤسسات وإهمال الإعتبارات الإجتماعية أي تحقيق أقصى الأرباح بأقل التكاليف، وبالتالي التخلص من العمالة الزائدة، ومع تخفيض قيمة الدينار الجزائري وتحرير الأسعار ورفع الدعم عن السلع الأساسية سنة 1992 أدت إلى تخفيض القدرة الشرائية وتدهور مستوى معيشة لأفراد لذلك نجد 14 مليون جزائري (6) في حاجة إلى مساعدة إجتماعية .
لقد أدت سياسات التعديل الهيكلي المتبعة سنة 1994 إلى عدة إنعكاسات كون أن ذلك التعديل يتطلب سياسات إنكماشية من خلال الضغط على الطلب مما يقلص من مستويات النمو، وبالتالي تفقير فئات واسعة من السكان، لذلك فإن التكلفة الإجتماعية الناجمة عن التعديلات الهيكلية كانت معتبرة بالمقارنة بالنتائج المنتظرة والغير المضمونة (7) .
و تعكس المؤشرات الإجتماعية لسنة 2005 إستمرار التوترات الإجتماعية والتي تتجلى في المطالبة برفع الأجور وتحسين ظروف المعيشة، فقد بلغ معدل البطالة 15.3 % (8) نتيجة تسريح العمال بعد حل عدة مؤسسات عمومية وعدم وجود إستثمارات جديدة معتبرة، بالإضافة إلى ذلك عرف مستوى المعيشة تدهورا كبيرا نتيجة لتحرير الأسعار، ورغم توسع مجال تدخل الدولة من خلال الشبكة الإجتماعية لمساعدة الفئات المحرومة إلا أن حدة الفقر إزدادت حدة .
و لتشخيص واقع الفقر في الجزائر نقدم بعض الإحصائيات للوضع الإجتماعي بالجزائر كما يلي :


حمل المرجع كاملاً من المرفقات
المصدر: ملتقى شذرات

الملفات المرفقة
نوع الملف: doc 60338.doc‏ (106.0 كيلوبايت, المشاهدات 21)
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الجزائر, الفقر, تسييس, ظاهرة, ومكافحة


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع تشخيص ومكافحة ظاهرة الفقر في الجزائر
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
يلدريم يبحث مع بارزاني تعزيز العلاقات ومكافحة الإرهاب عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 02-28-2017 08:12 AM
الجزائر : غلام يدعو الحكومة لمحاربة ظاهرة التشيع عبدالناصر محمود شذرات إسلامية 0 10-12-2016 07:17 AM
تسييس فقر الفكر العربي عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 11-12-2014 08:59 AM
تسييس الفتوى، تطليق المصريات أنموذجا.. عبدالناصر محمود شذرات مصرية 0 02-03-2014 09:30 AM
تسييس الفساد ! مهند مقالات وتحليلات مختارة 0 01-08-2012 04:35 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 02:01 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59