#1  
قديم 07-16-2018, 11:12 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,372
افتراضي جورج سوروس الملياردير الذي حذَّر من انحراف الرأسمالية


جورج سوروس الملياردير الذي حذَّر من انحراف الرأسمالية.. هو نفسه يشكل خطراً على المبادئ التي يدعو لها

عربي بوست، ترجمة


في أواخر مايو/أيار 2018، في اليوم نفسه الذي أقالت فيه الشبكة التليفزيونية الأميركية ABC الممثلة الأميركية الكوميدية روزان بار بسبب تغريدتها العنصرية عن مستشارة أوباما فاليري غاريت المسلمة ذات الأصول الإفريقية، كانت بار تشن هجوماً على الديمقراطيين في مكان آخر. فبعد أن عوقبت روزان بار لأنها قالت في تغريدتها «إذا أنجب الإخوان المسلمون والقردة طفلة ستكون النتيجة فاليري غاريت»، وجهت بار اتهاماً لتشيلسي كلينتون ابنة الرئيس الأسبق بأنَّها متزوجة من ابن أخي الملياردير جورج سوروس. وكتبت بار في تغريدةٍ على تويتر: «تشيلسي سوروس كلينتون»، وهي تعلم أنَّ تركيبة الأسماء كافية لإحداث ردة فعل واسعة. ردت ابنة كلينتون الصغيرة على روزان في المحادثة الطائشة التي تلت ذلك بمدح أعمال سوروس الخيرية عبر مؤسسات المجتمع المفتوح المملوكة له. وردت بار بأكثر الردود إثارةً للكآبة، مكررةً المزاعم الباطلة التي نشرها إعلاميون يمينيون في السابق: «أعتذر لأنَّني غردتُ معلومةً خاطئةً عنكِ! أرجوكِ سامحيني! بالمناسبة، جورج سوروس نازي وشى برفاقه اليهود ليُقتلوا في معسكرات العمل النازية وسرق ثرواتهم، هل كنتِ تعرفين هذا؟ لكن، كلنا نخطئ، صحيح يا تشيلسي؟». سُرعان ما أعاد المُحافظون نشر تغريدة بار، ومن ضمنهم دونالد ترمب الابن. ولم يكُن ينبغي أن يفاجئ هذا أحداً. فسوروس مكروهٌ من اليمين المتطرف بقدر آل كلينتون، حسب ما ورد في مقال نشرته صحيفة The Guardian البريطانية لدانيال بيسنر الذي يدرس الدراسات الدولية في جامعة واشنطن ومؤلف كتاب «الديمقراطية في المنفى».
كل المحافظين يكرهونه حتى الذين يرفضون الجانب المتطرف
يقول بيسنر إن سوروس أشبه بلازمات الكلام التي تناسب أي جملة، بالمفتاح الذي يدخل في كل ثقب. فاسم سوروس يست*** «صيحة غضب انفعالية من الجماهير المتعصبة لقضايا اليمين»، كما قال عضو جمهوري سابق بالكونغرس لصحيفة Washington Post الأميركية. هم يرونه «شخصاً شريراً يمارس ألاعيبه في الظلام». وهذه الصورة المعادية للسامية عن سوروس لاحقت رجل الأعمال المحب للخير لعقود. لكنَّها تطورت في الأعوام الماضية إلى ما يُشبه أشرار جيمس بوند. وحتى بين المحافظين الذين يرفضون اليمين المظلم الأكثر تطرفاً، لا يجادل أحدٌ في وصف موقع بريتبارت لسوروس بأنَّه «ملياردير داعمٌ للعولمة»، يكرس جهوده لتحويل أميركا إلى أرضٍ خرِبة ليبرالية، باعتبار ذلك من المعلوم بداهةً.
رغم أن أغلبهم لا يعرف أفكاره ولكنهم يكرهون رفضه للإمبراطورية الأميركية والعنصرية

ليست مجرد إخفاقات شخصٍ واحد، بل إخفاقات طبقةٍ بأسرها
المفاجئ أنَّ الاهتمام بأفكار سوروس قليل، مع كل هذا الهوس به. لكن على عكس أغلب أبناء طبقة المليارديرات، الذين يرددون الكليشيهات ويبتعدون عن الانخراط الجدي في الحياة المدنية، فإنَّ سوروس مفكر. والشخص الذي ينبثق من كتبه ومقالاته العديدة ليس بلوتوقراطياً (حكم الأغنياء) منفصلاً عن الواقع يستمد نفوذه من ثرائه، لكنَّه مفكر متسق الفكر ومحرض، يكرس جهوده لدفع العالم في اتجاهٍ كوزموبوليتاني (الانفتاح والتعدد)، تصبح معه العنصرية وتفاوت الدخل والإمبراطورية الأميركية واغتراب الرأسمالية المعاصرة أشياءً من الماضي. وهو واعٍ إلى أقصى حد بحدود الأسواق الرأسمالية والنفوذ الأميركي في السياقات المحلية والعالمية على حدٍ سواء. باختصارٍ، هو من أفضل ما أنتجت سياسة الاختيار على أساس الجدارة. هذا هو السبب الذي يجعل إخفاقات سوروس كاشفة، فهي ليست مجرد إخفاقات شخصٍ واحد، بل إخفاقات طبقةٍ بأسرها، وإخفاقات طريقةٍ بأسرها لفهم العالم.
ويبدو أن الرأسمالية التي يُؤْمِن بها بعيدة المنال
يؤمن سوروس، منذ بدايات عمله بالقطاع البنكي في لندن ما بعد الحرب، بصِلةٍ حتمية بين الرأسمالية والكوزموبوليتانية. والمجتمع الحر بالنسبة له، وكذلك بالنسبة لأغلب أبناء جيله وأغلبية قيادات الحزب الديمقراطي، هو مجتمع يعتمد على الأسواق الحرة (وإن كانت خاضعة للتنظيم). لكن هذه الصلة المفترضة اتضح زيفها، حسب كاتب المقال. فقد أظهرت عقود ما بعد الحرب الباردة أنَّ الرأسمالية، في غياب عدوٍ وجودي ملموس، تميل إلى تقويض ثقافة الثقة والرأفة والتعاطف التي يرتكز عليها مجتمع سوروس «المفتوح»، عن طريق تركز الثروة في أيدي أقليةٍ صغيرة جداً.
والآن هناك وريث أبله يحكم أميركا وسوروس استفاد من النظام الذي ينتقده
وبدلاً من اليوتوبيا الرأسمالية العالمية التي تنبأ بها أولئك الذين أعلنوا نهاية التاريخ في التسعينيات المزدهرة، يحكم الولايات المتحدة الآن وريثٌ أبله يتربح لحساب عائلته (ترمب)، بينما يفكك «النظام الليبرالي الدولي» الذي كان من المفترض أن يحكم عالماً مسالماً مزدهراً متحداً. وفي حين اعترف سوروس قبل كثيرين بأوجه قصور الرأسمالية المفرطة، فإنَّ موقعه الطبقي أفقده القدرة على المناداة بالإصلاحات الجذرية الضرورية لتحقيق العالم الذي يرجوه. النظام الذي سمح لجورج سوروس بتكديس كل هذه الثروة أثبت كونه نظاماً لن تجِد الكوزموبوليتانية فيه مستقراً لها.
الطفل اليهودي المضطهد يخبرنا عن الدوافع وراء أفكار الملياردير

تعرف على الفيلسوف كارل بوبر المولود في أستراليا، الذي صار فيما بعد محاوره الأعظم وصاحب الأثر المحوري في فكره.
أبرز الأحداث في حياة سوروس معروفةٌ جيداً. وُلِد جورج لعائلةٍ يهودية من الطبقة المتوسطة في بودابست عام 1930 باسم جورجي شوارتز، وغير والده اسم العائلة إلى سوروس في 1936 اجتناباً للتمييز المعادي للسامية.

حظيَ سوروس بطفولةٍ هادئة حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية، حين أُجبِر هو وعائلته، بعد الاحتلال النازي للمجر، على اتخاذ هوياتٍ مسيحية والعيش بأسماءٍ زائفة. نجا سوروس وعائلته من الحرب بمعجزة، وهربوا من المصير الذي لاقاه أكثر من ثلثي يهود المجر.

وفي 1947، هاجر سوروس إلى بريطانيا بعد شعوره بالاختناق في عهد النظام الشيوعي الجديد بالمجر. ودرس في كلية لندن للاقتصاد، وتعرف على الفيلسوف كارل بوبر المولود في أستراليا، الذي صار فيما بعد محاوره الأعظم وصاحب الأثر المحوري في فكره.

لقد أصبح المثقف الذي أسس واحداً من أنجح صناديق التحوط في التاريخ وحطم بنك إنكلترا
في 1956، انتقل سوروس إلى نيويورك سعياً للعمل في القطاع المالي. وبعد عقدٍ من العمل في وظائف عدة بوول ستريت، أسس في أواخر الستينيات صندوق كوانتام، الذي أصبح من أنجح صناديق التحوط في التاريخ. وفي حين جمع صندوقه أرباحاً مذهلة، برز سوروس شخصياً بصفته تاجراً أسطورياً. وكانت أشهر صفقاته في نوفمبر/تشرين الثاني لعام 1992 حين ربح أكثر من مليار دولار و»حطم بنك إنكلترا» بالمراهنة على أنَّ الجنيه الإسترليني سعره المحدد أمام المارك الألماني أعلى من اللازم.
وبات من أغنى رجال العالم ولكن تبرعاته لها هدف مختلف عن أقرانه
سوروس من أغنى رجال العالم اليوم، وهو واحدٌ من أكثر رجال الأعمال الأميركيين المشاركين في العمل الخيري تأثيراً في السياسة الأميركية، إلى جانب بيل غيتس ومارك زوكربرغ. لكن على عكس غيتس وزوكربرغ، لطالما أشار سوروس إلى الفلسفة الأكاديمية باعتبارها مصدر إلهامه. يتمحور فكر سوروس ومسيرته الخيرية حول فكرة «المجتمع المفتوح»، المصطلح الذي وضعه بوبر وأكسبه شعبيةً في عمله الكلاسيكي «المجتمع المفتوح وأعداؤه«. ويقول بوبر إنَّ المجتمعات المفتوحة تضمن الحوار العقلاني وتحميه، في حين تُجبر المجتمعات المغلقة الناس على الخضوع للسلطة، سواءٌ كانت سلطةً دينية أو سياسية أو اقتصادية.
الدولانية هي مبدأه الذي يرى أنه الطريقة الوحيدة لتغلب الإنسانية على تحدياتها الوجودية
منذ 1987، نشر سوروس 14 كتاباً وعدداً من المقالات في مجلة New York Review of Books، وصحيفة New York Times، وغيرها. هذه النصوص توضح أنَّ المبدأ الفكري المعرف لسوروس، مثل كثيرين من أبناء اليسار الوسطي الذين برزوا في التسعينيات، هو الدولانية. فالهدف من الوجود الإنساني المعاصر عند سوروس هو تأسيس عالم تُعرِّفه لا الدول ذات السيادة، بل مجتمع عالمي تفهم عناصره أنَّ الجميع يتشاركون اهتماماً بالحرية والمساواة ورغد العيش. خلق مثل هذا المجتمع المفتوح العالمي، في رأيه، هو الطريقة الوحيدة لضمان تغلب الإنسانية على تحدياتها الوجودية، المتمثلة في التغير المناخي والانتشار النووي.
وهو يرغب في التصدي لمعاداة السامية والإسلاموفوبيا
وعلى عكس غيتس، الذي تركز أعماله الخيرية في غالبيتها على مشاريع تخفيف المعاناة مثل القضاء على الملاريا، يرغب سوروس حقاً في تغيير وجه السياسة والمجتمع على المستويين الوطني والدولي. وسواءٌ كان بإمكان رؤيته الصمود أمام موجة القومية اليمينية المُحمَّلة بمعاداة السامية والإسلاموفوبيا وكراهية الآخر الصاعدة في الولايات المتحدة وأوروبا أم لا هو أمرٌ في علم الغيب. الأكيد هو أنَّ سوروس سيقضي ما تبقى من عمره يُحاول تحقيق ذلك. بدأ سوروس أنشطته الخيرية في 1979، حين «قرر بعد تفكرٍ أنَّ لديه ما يكفي من المال»، ومن ثمَّ أمكنه تكريس نفسه لجعل العالم مكاناً أفضل. أسس سوروس لهذا الغرض صندوق المجتمع المفتوح، الذي تحول سريعاً إلى شبكة مؤسسات عابرة للحدود.
وكان همه الأول هو الكتلة الشيوعية في أوروبا الشرقية
ومع أنَّه بذل جهداً في تمويل المنح الأكاديمية للطلاب السود في جنوب إفريقيا تحت الفصل العنصري، كان شغل سوروس الشاغل هو الكتلة الشيوعية في أوروبا الشرقية. وبحلول نهاية الثمانينيات، كان سوروس قد افتتح مكاتب للمؤسسة في المجر وبولندا وتشيكوسلوفاكيا وبلغاريا والاتحاد السوفييتي نفسه. إذ اعتبر سوروس، وبوبر من قبله، أنَّ بلاد غرب أوروبا الشيوعية هي النماذج المطلقة للمجتمعات المغلقة. وإن تمكن من فتح هذه الأنظمة، يمكنه أن يُظهر للعالم أنَّ المال يقدر، في بعض الحالات على الأقل، أن يتغلب سلمياً على القمع، وبذلك تنتفي ضرورة التدخل العسكري أو التخريب السياسي، الأدوات المفضلة لقادة الحرب الباردة. أنشأ سوروس أول مكتب أجنبي لمؤسسته في المجر في 1984، وتُعَدُّ مجهوداته فيها نموذجاً لأنشطته في هذه الفترة. على مدار العقد، قدَّم سوروس المِنح للمفكرين المجريين لاستقدامهم إلى الولايات المتحدة، وزوَّد المكتبات والجامعات بماكينات النسخ والطباعة، وتبرع للمسارح والمكتبات والمفكرين والفنانين والمدارس التجريبية.
حتى أنه يعتبر نفسه مساهماً في انهيار الاتحاد السوفييتي
وكتب سوروس في كتابه «فتح النظام السوفييتي» المنشور عام 1990 أنَّه يعتقد أنَّ منظمته قد أسهمت في «تدمير احتكار الدوغما [في المجر] عن طريق إتاحة مصدر بديل لتمويل الأنشطة الثقافية والاجتماعية»، وهو ما لعب في تقديره دوراً محورياً في الانهيار الداخلي للشيوعية. استخدام سوروس لكلمة الدوغما يشير إلى عنصرين أساسيين في فكره: أولهما إيمانه القوي بأنَّ الأفكار تشكل الحياة، أكثر من العوامل الاقتصادية، وثانيهما ثقته في قدرة البشرية على التقدم. وطريقة التفكير الدوغماتية التي ميزت المجتمعات المغلقة جعلت من المستحيل عليها التكيف مع التقلبات التاريخية المتغيرة وفقاً لسوروس. بدلاً من ذلك، «مع تغير الأوضاع الفعلية»، اُجبِر الناس في المجتمعات المغلقة على الالتزام بأيديولوجيا بالية غير مقنعة بدرجةٍ متزايدة. وحين يتضح تماماً انفصال هذه الدوغما عن الواقع، تقوم ثورة تطيح بالمجتمع المغلق، على حد زعم سوروس. بالمقارنة، كانت المجتمعات المفتوحة ديناميكية وقادرة على تصحيح المسار كلما ابتعدت مبادئها الفكرية أكثر من اللازم عن الواقع.
ثم وضع استراتيجية لحماية ممارسات المجتمع المفتوح لشعوب شرق أوروبا المحررة
وحين شهد أفول الإمبراطورية السوفييتية بين 1989 و1991، احتاج سوروس إلى الإجابة عن سؤالٍ استراتيجي بالغ الأهمية: الآن ومجتمعات أوروبا الشرقية المغلقة في طريقها إلى الانفتاح، ماذا ينبغي لمؤسسته أن تقوم به؟ عشية تفكك الاتحاد السوفييتي، نشر سوروس نسخةً محدثة من كتابه «فتح النظام السوفييتي» بعنوان «ضمان الديمقراطية»، كشف فيها عن استراتيجيته الجديدة: سيكرس جهوده لبناء مؤسسات دائمة تحافظ على استمرارية الأفكار التي حفزت قيام الثورات المناهضة للشيوعية، بينما يصوغ ممارسات المجتمع المفتوح لشعوب شرق أوروبا المحررة. أهم هذه المؤسسات هي الجامعة المركزية الأوروبية التي افتُتِحَت في بودابست في 1991. كان هدف الجامعة، الممولة من سوروس، هو أن تكون منبع عالم أوروبي جديد عابر للحدود، ومعسكر تدريب لنخبة أوروبية جديدة عابرة للحدود.
ومن تجربته الشخصية استلهم هذا النموذج
كيف أمكن لسوروس أن يضمن بقاء المجتمعات المفتوحة جديداً حرةً؟ لقد بلغ سوروس سن الرشد في عصر خطة المارشال (التي موَّلت فيها الولايات المتحدة إعادة إعمار أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية)، وجرب السخاء الأميركي مباشرةً في لندن ما بعد الحرب. أظهرت هذه التجربة له أنَّ المجتمعات الضعيفة المنهكة لا يمكن إعادة إعمارها دون استثمارٍ سخي من المعونات الأجنبية يخفف حدة الظروف القاسية، ويوفر الحد الأدنى من الأساس المادي الذي يسمح بازدهار الأفكار الصحيحة عن الديمقراطية والرأسمالية. لهذا السبب جادل سوروس مراراً وتكراراً في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات بأنَّ «عصا المعونة الغربية *****ية» هي الوحيدة القادرة على جعل الكتلة الشرقية ديمقراطية بشكلٍ دائم. وزعم سوروس أنَّ «الشعب الذي عاش حياته كلها في كنف نظامٍ شمولي يحتاج مساعدةً من الخارج لتتحول طموحاته إلى حقيقة». وأصر سوروس على أنَّ تقدم الولايات المتحدة وأوروبا الغربية معوناتٍ نقدية ضخمة، وتوفر لهم دخول السوق الأوروبية المشتركة، وتعزز الروابط الثقافية والتعليمية بين الغرب والشرق «الملائمة لمجتمعٍ تعددي». وعد سوروس أنَّ هذا، ما إن يتحقق، لابد وأن ترحب أوروبا الغربية بدخول الشرقية المجتمع الأوروبي، ما سيحول دون إعادة تقسيم القارة مستقبلاً.
والآن أحلامه يبدو أنها قد تبددت فالحكومات الفاسدة وذات النزعة القومية هي التي تسود
لكنَّ رجاءات سوروس المتبصرة ذهبت أدراج الرياح، حسب وصف الكاتب دانيال بيسنر . ويُعزي سوروس ظهور الحكومات الفاسدة والنزعة القومية المفرطة في دولِ الكتلة الشرقية منذ التسعينيات وما بعدها إلى غياب الرؤية والإرادة السياسية عن الغرب في هذه اللحظة الحرجة. وكتب الملياردير موبخاً في 1995 قائلاً أنَّ «الديمقراطيات» على ما يبدو «تعاني الافتقار إلى القيم، وسمعةً سيئة بالعزوف عن بذل أي جهد طالما أنَّ مصالحها الذاتية الحيوية غير مهددة تهديداً مباشراً». لقد فشل الغرب بالنسبة لسوروس في مهمةٍ كان لها أن تصنع التاريخ، وكشف بهذا عن قصر نظره واستهتاره.
لكن ما أعاق الغرب كان أكثر من مجرد الافتقار إلى الإرادة السياسية.. إنه المال يا عزيزي
ففي عصر «العلاج بالصدمة«، تدفق رأس المال الغربي إلى شرق أوروبا بالفعل، لكن في صورة استثماراتٍ أغلبها في القطاع الخاص، لا المؤسسات الديمقراطية أو بناء المجتمع الأهلي، ما ساعد الحكومات الفاسدة وأعداء الديمقراطية على اقتناص السلطة والتشبث بها. كان سوروس قد تعرف على مشكلةٍ رئيسية، لكنَّه عجز عن تقدير حتمية أنَّ منطق الرأسمالية في حد ذاته، الذي يضع الربح فوق كل شيء، سيقوض مشروعه الديمقراطي. بقي سوروس متمسكاً أكثر من اللازم بالنظام الذي قهره. لقد كرَّس سوروس جهوده في صحوة الحرب الباردة لاستكشاف المشاكل الدولية التي تحول دون تحقق المجتمع المفتوح العالمي.
تم اتهامه بالمسؤولية عن الأزمة المالية الآسيوية وبعدها ألف كتباً لكشف عيوب الرأسمالية الحالية
الأزمة المالية الآسيوية في عام 1997، اتهم البعض سوروس بالمسؤولية عنها والتي هبطت خلالها العملات في جنوب شرق آسيا مما أدى لكساد اقتصادي عالمي. وبعد هذه الأزمة ألَّف سوروس كتباً تعالج أكبر تهديدين للمجتمع المفتوح في اعتقاده: العولمة المفرطة وأصولية السوق، وكلاهما كان قد اكتسب هيمنةً بعد انهيار الشيوعية. جادل سوروس بأنَّ تاريخ عالم ما بعد الحرب الباردة، ومعه تجاربه الشخصية بصفته من أنجح التجار في القطاع المالي الدولي، يُظهر أنَّ الرأسمالية العالمية غير المنظمة تُضعِف المجتمع المفتوح بثلاث طرق مختلفة. الأولى هي حرمان البلاد الغربية من التمويل الضروري لتوفير السلع العامة للمواطنين، لأنَّ رأس المال قادر على الانتقال إلى أي مكان تفادياً لدفع الضرائب. والثانية هي انخراط جهات الإقراض الدولية في «ممارسات إقراض غير سليمة» تهدد الاستقرار المالي، لأنَّها لا تخضع للتنظيم الكافي. والأخيرة، خشيَ سوروس أن يشجع ما سبق الناس على ارتكاب «أفعالٍ يائسة» لم يحددها تضر بسلامة النظام العالمي، لأنَّ الحقيقتين السابقين زادتا من غياب المساواة على المستويين المحلي والدولي.
حتى أنه تنبأ بأن الولايات المتحدة تتجه لتقويض ديمقراطيتها
رأى سوروس، قبل كثير من رفاقه اليساريين الوسطيين بكثير، المشاكل الموجودة في قلب «الاقتصاد الجديد» غير الخاضع للتنظيم الذي يركز على القطاع المالي في التسعينيات وبداية القرن الحالي. وأقر، أكثر من أيٍّ من أقرانه الليبراليين، بأنَّ اعتناق الأشكال الأكثر تطرفاً من الأيديولوجيا الرأسمالية ربما يقود الولايات المتحدة إلى دعم سياسات وممارسات تقوض ديمقراطيتها، وتهدد الاستقرار في الوطن وخارجه. ويرى سوروس أنَّ الطريقة الوحيدة لإنقاذ الرأسمالية من نفسها هي تأسيس «نظامٍ عالمي لاتخاذ القرارات السياسية» يُخضِع القطاع المالي العالمي لتنظيم صارم. لكنَّه اعترف مبكراً في 1998 بأنَّ الولايات المتحدة هي العدو الأول للمؤسسات العالمية، إذ كان الأميركيون بحلول هذا العام قد رفضوا الانضمام إلى محكمة العدل الدولية، ورفضوا توقيع معاهدة أوتاوا لحظر الألغام، بل وفرضوا العقوبات الاقتصادية منفردين أينما وحينما ارتأوا الأمر مناسباً. ومع ذلك، أمل سوروس في أنَّ صناع السياسات بالولايات المتحدة سيتقبلون، بطريقةٍ ما، أن تحقيق مصالحهم نفسها تقتضي قيادة تحالف من الدول الديمقراطية يكرس جهوده لـ»دعم نشأة المجتمعات المفتوحة وترسيخ القانون الدولي والمؤسسات المطلوبة لمجتمعٍ عالمي مفتوح».
وتبين أن الثغرة الرئيسيّة في فكره كانت تتعلق بالناخب الأميركي
لكنَّ سوروس لم يكن لديه برنامجٌ لكيفية تغيير العداوة المتزايدة عند النخب الأميركية لأشكالٍ من الدولانية لا تخدم قوتهم العسكرية أو تقدم لهم منافع اقتصادية مباشرة ملموسة. وكانت هذه ثغرةً هائلة في فكر سوروس، خاصةً بالنظر إلى إصراره على صدارة الأفكار في إنتاج التغير التاريخي. لكنَّه أعلن ببساطة، بدلاً من التمعن في هذه المشكلة، أنَّ «التغيير ينبغي أن يبدأ بتغييرٍ في المواقف، ما سيُترجَم تدريجياً إلى تغيرٍ في السياسات». مكانة سوروس بصفته عضواً بنخبة النخبة، واعتقاده بأنَّ التاريخ على كل عثراته يسير في الطريق الصحيح، أفقدته القدرة على النظر بشكلٍ كامل في العقبات الأيديولوجية التي تقف في وجه الدولانية.
وهذا الحدث التاريخي المروع جعله يحول انتباهه من الاقتصاد للسياسة
استجابة إدارة جورج بوش الابن العسكرية لهجمات 11 سبتمبر/أيلول أجبرت سوروس على تحويل انتباهه من الاقتصاد إلى السياسة. كان كل شيء في أيديولوجيا إدارة بوش ملعوناً بالنسبة لسوروس. إذ اعتنق بوش وزمرته، كما كتب سوروس في كتابه «فقاعة التفوق الأميركي» في 2004، «صورةً بدائية من الداروينية الاجتماعية» تفترض أنَّ «الحياة صراع على البقاء، ويجب علينا الاعتماد على استعمال القوة بشكلٍ رئيسي من أجل البقاء». قبل الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، «كان شطط هذه الأيديولوجيا الباطلة خاضعاً للاحتواء بالسير الطبيعي لأعمال الديمقراطية الأميركية»، ولكن بعد الأحداث «غذَّى بوش عمداً الخوف الذي استشرى في البلاد» من أجل قمع المعارضة وكسب التأييد لسياسة الأحادية العسكرية ذات النتائج العكسية.
وسمع عبارات ذكرته بالخطابين النازي والشيوعي
بالنسبة لسوروس، كانت جملٌ مثل «إما أن تكون معنا أو تكون مع الإرهابيين» تحمل بشكلٍ مخيف صدى الخطاب النازي والسوفييتي، الذي كان يأمل أنَّه قد تركه خلف ظهره حين غادر أوروبا. شعر سوروس بقلقٍ حكيم من أنَّ إدارة بوش ستقود البلاد إلى «حالةٍ دائمة من الحرب» تتميز بالتدخل الأجنبي والقمع الداخلي. وهكذا لم يكن الرئيس الأميركي جورج بوش الابن يهدد السلام العالمي فقط، من وجهة نظره، بل يهدد أيضاً فكرة المجتمع المفتوح في حد ذاتها.
ثم خابت توقعاته بفوز جون كيري بالرئاسة
ومع ذلك، كان سوروس واثقاً من أنَّ «أيديولوجيا التطرف» الخاصة ببوش لا تنسجم «مع معتقدات أغلبية الأميركيين وقيمهم»، وتوقع أن يربح جون كيري انتخابات الرئاسة في 2004. إذ كان فوز كيري، كما توقع سوروس، سيحفز «إعادة نظر متعمقة في دور أميركا العالمي»، يؤدي بالمواطنين إلى رفض الأحادية وقبول التعاون الدولي. لكنَّ كيري لم يربح الانتخابات، ما أجبر رجل الأعمال على التشكيك، للمرة الأولى، في الفطنة السياسية العامة الأميركيين.
وتوصل إلى قناعة بأن المشكلة أن المجتمع الأميركي يفضّل من يضلله
ومر سوروس بعد انتخابات 2004 بأزمةٍ إيمانية من نوعٍ ما. ففي كتابه المنشور عام 2006 «عصر اللاعصمة»، أرجع سوروس إعادة انتخاب بوش إلى حقيقة أنَّ المجتمع الأميركي «مجتمعٌ يحب المزاج الجيد ويعزف عن مواجهة الحقيقة المرة». أقرَّ سوروس بأنَّ الأميركيين يفضلون أن «تضللهم إدارة بوش تضليلاً فادحاً» على أن يواجهوا الإخفاقات في أفغانستان والعراق والحرب على الإرهاب مباشرةً. ويُكمل سوروس أنَّ الأميركيين، لتأثرهم بأصولية السوق وهوسهم بـ»النجاح»، يتعطشون للتسليم بمزاعم السياسيين بأنَّ البلد يمكن أن تربح شيئاً شديد العبثية مثل الحرب على الإرهاب. أقنع انتصار بوش سوروس بأنَّ الولايات المتحدة لن تبقى مجتمعاً مفتوحاً إلَّا إذا بدأ الأميركيون في الاعتراف «بأنَّ الحقيقة مهمة»، وإلا سيستمرون في دعم الحرب على الإرهاب والأهوال التي ستستتبعها. لكنَّ سوروس لم يوضح كيفية تغيير العقول الأميركية.
وبعد ذلك بدأ يعلق آماله على أوروبا بدلاً من الولايات المتحدة
شجعت الأزمة المالية في 2007 و2008 سوروس على العودة إلى التركيز على الاقتصاد. لم يفاجئه الانهيار، فقد اعتبره النتيجة المتوقعة لأصولية السوق. إنَّما أقنعه الانهيار بأنَّ العالم على وشك أن يشهد، كما أعلن في كتابه المنشور عام 2008 «النموذج الجديد للأسواق المالية»، «نهاية مدةٍ طويلة من الاستقرار النسبي المبني على الولايات المتحدة بصفتها القوة المهيمنة، والدولار بصفته العملة الاحتياطية الدولية الرئيسية». بدأ سوروس، متوقعاً التراجع الأميركي، في تعليق آماله في تحقق المجتمع العلمي المفتوح على الاتحاد الأوروبي، برغم غضبه السابق على أعضاء الاتحاد لفشلهم في الترحيب الكامل بأوروبا الشرقية في التسعينيات. ومع أنَّه اعترف بأنَّ الاتحاد الأوروبي يعاني مشاكل جسيمة، فهو مع ذلك منظمة «وافقت فيها الدول طوعاً على انتدابٍ محدود لسيادتها» تحقيقاً للصالح الأوروبي العام. وبذلك قدمت المنظمة نموذجاً إقليمياً لنظامٍ عالمي مبني على مبادئ المجتمع المفتوح.
غير أنَّ آمال سوروس في الاتحاد الأوروبي سُرعان ما تحطمت بفعل ثلاث أزمات هزت استقراره
كانت هذه الأزمات الثلاث هي الكساد الدولي الآخذ في التعمق، وأزمة اللاجئين، وعدوان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الانتقامي على الأعراف والقانون الدولي استرداداً للأرض. وفي حين اعتقد سوروس بأنَّ البلدان الغربية كان بإمكانها نظرياً تخفيف حدة هذه الأزمات، فقد استنتج أنَّهم، في تكرارٍ لإخفاقات فترة ما بعد الحرب الباردة، من غير المرجح أن يجتمعوا على حل الأزمات. خاب أمل سوروس في الأعوام العشرة الأخيرة بسبب رفض الغرب محو ديون اليونان، وفشله في تطوير سياسة مشتركة لاستقبال اللاجئين، وعدم التفكير في تعزيز العقوبات على روسيا بالدعم المادي والمالي الذي احتاجته أوكرانيا للدفاع عن نفسها بعد ضم بوتين جزيرة القرم في 2014. وانزعج سوروس أكثر من أنَّ العديد من بلدان الاتحاد الأوروبي، من بريطانيا إلى بولندا، شهدت عودة نزعة قومية عرقية يمينية كان يُعتقد أنَّها صارت تاريخاً. وما إن صوَّتت بريطانيا لمغادرة الاتحاد في 2016، اقتنع سوروس بأنَّ «تفكك الاتحاد الأوروبي لا رجعة فيه عملياً». لم يقدم الاتحاد الأوروبي النموذج الذي علق سوروس آماله عليه.
وها هو الآن يجرب عمليا تأثيرات السلطوية المتطرفة على أهم أعماله
جرب سوروس عن قربٍ السلطوية المتطرفة التي هددت في العقد الماضي الاتحاد الأوروبي، بل والديمقراطية في أوروبا عموماً. فمنذ 2010، نشبت نزاعات متكررة بين رجل الأعمال الخيري وفيكتور أوربان، رئيس الوزراء السلطوي المناهض للهجرة في المجر. اتهم سوروس أوربان مؤخراً بأنَّه «يحاول إعادة تأسيس ديمقراطية زائفة من النوع الذي حكم المجر في الفترة ما بين الحربين العالميتين». وقضى أوربان، في حملة إعادة انتخابه الناجحة في بداية العام، أغلب وقت الحملة في شيطنة سوروس واللعب على كليشيهات معاداة السامية، وزعم أنَّ سوروس يتآمر سراً لإرسال ملايين المهاجرين إلى المجر. بل حتى هدد أوربان أيضاً بإغلاق الجامعة الأوروبية المركزية، التي تسميها حكومته جامعة سوروس من باب السخرية، ومرر البرلمان الشهر الماضي يونيو/حزيران 2018 تشريعاتٍ جديدة معادية للهجرة تحت اسم قوانين «أوقفوا سوروس«.
ولكن ترمب يهدد المجتمع المفتوح في العالم كله وليس بدولة صغيرة كالمجر فقط

ألف العديد من الكتب
وفي حين يهدد أوربان مجتمع المجر المفتوح، لكنَّ دونالد ترمب هو من يهدد المجتمع المفتوح على نطاقٍ واسع.

ويُرجِع سوروس انتصار ترمب إلى الآثار المضرة التي تسببت فيها أصولية السوق والركود العظيم للمجتمع الأميركي. وفي مقالٍ افتتاحي نشره في ديسمبر/كانون الأول عام 2016، جادل سوروس بأنَّ الأميركيين صوتوا لترمب، «محترف فن النصب والدكتاتور المستقبلي»، لأنَّ «القادة المنتخبين أخفقوا في تلبية توقعات الناخبين وطموحاتهم المشروعة، وهذا الإخفاق أدى بالناخبين إلى السخط على النسخ السائدة من الديمقراطية والرأسمالية».

وبدلاً من توزيع الثروات التي صنعتها العولمة توزيعاً عادلاً، يجادل سوروس بأنَّ «الرابحين» الرأسماليين فشلوا في «تعويض الخاسرين»، ما أدى إلى زيادةٍ حادة في أوجه انعدام المساواة الداخلية، وإلى الغضب.

والآن يخشى سوروس تحالف السلطويين الذي يهدد حلمه وهو يرد بطريقته
ومع أنَّ سوروس اعتقد أنَّ «دستور الولايات المتحدة ومؤسساتها قوية بما فيه الكفاية لمقاومة تجاوزات الجهاز التنفيذي»، أبدى قلقه من أنَّ يشكل ترمب تحالفاتٍ مع بوتين وأوربان وغيرهما من الحكام السلطويين، ما سيجعل بناء مجتمعٍ عالمي مفتوح أمراً شبه مستحيل. ومن الواضح، في المجر والولايات المتحدة ومناطق كثيرة من العالم أولاها سوروس اهتمامه واستثماراته، أنَّ مشروعه قد تعطل. طريق سوروس في المستقبل غير واضح المعالم. فمن جِهة، تُشير بعض أفعاله الأخيرة إلى أنَّه مال إلى كفة اليسار، خاصةً في مجالات إصلاح العدالة الجنائية ومساعدة اللاجئين. وأسس سوروس مؤخراً صندوقاً للإسهام في حملة لاري كراسنر، المدعي العام الثوري بمدينة فيلادلفيا الأميركية، ودعم ثلاثة من المرشحين لمنصب المدعي العام بولاية كاليفورنيا كرسوا برامجهم للإصلاحات النيابية. واستثمر أيضاً 500 مليون دولار لتخفيف أزمة اللاجئين العالمية.
والمشكلة أنه يدافع عن الديمقراطيين حتى لو تورطوا في التحرش
ولكن من جِهة أخرى، تشير بعض سلوكياته إلى بقائه ملتزماً تجاه حزب ديمقراطي تقليدي غير مُجهَّز لحل المشاكل الأبرز في لحظتها المأزومة الحالية. وفي السباق الأولي للترشح للرئاسة عن الحزب الديمقراطي في 2016، كان سوروس مؤيداً صريحاً لهيلاري كلينتون. ووبَّخ مؤخراً المرشحة المحتملة للرئاسة عن الحزب الديمقراطي كيرستن جيليبراند لأنَّها طالبت السناتور الأميركي آل فرانكن بالاستقالة على خلفية تحرشه الجنسي بمذيعة الراديو ليان تويدن. ويعلق الكاتب قائلاً إن استمر سوروس في تمويل المشروعات التقدمية الحقيقية، فسيُسهم إسهاماً كبيراً في تأسيس المجتمع المفتوح، لكن إن قرر الدفاع عن الديمقراطيين المبتذلين، فسيسهم في الانحدار المستمر للحياة العامة الأميركية.
والخلاصة أنه رغم القيم التي يدعو لها فإن نفوذه الشخصي الواسع أمر كارثي من منظور ديمقراطي
أجرى سوروس في مساره المهني عدداً من التدخلات الحكيمة والمثيرة. لكنَّ قدرة هذا الشخص الثري بمفرده على تشكيل الشؤون العامة أمرٌ كارثي من منظورٍ ديمقراطي، حسب كاتب المقال. فقد اعترف سوروس نفسه بأنَّ «الصلة بين الرأسمالية والديمقراطية هشةٌ على أحسن تقدير». ومشكلة المليارديرات أمثال سوروس هي ما يفعلونه بهذه المعلومة، إذ يتصور المجتمع المفتوح عالماً يعترف فيه الجميع بإنسانية الآخر، ويتعاملون مع بعضهم البعض بصفتهم متساوين. لكن، يقول الكاتب إن كان أغلب الناس يتقاتلون على آخر القطع الباقية من الكعكة الآخذة في التقلص، يصعب تخيل كيف يمكن بناء العالم الذي يود سوروس، وكثيرون منا بالطبع، العيش فيه. في الوقت الحاضر، تبقى أحلام سوروس الكوزموبوليتانية مجرد أحلام. السؤال هو لماذا، والإجابة، حسب وجهة نظر كاتب المقال، قد تكون أنَّ المجتمع المفتوح لا يمكن تحققه إلا في عالم لا يُسمَح فيه لأي أحد، سواءٌ كان سوروس، أو غيتس، أو ديفوس، أو زوكربرغ، أو بافيت، أو ماسك، أو بيزوس، بأن يصبح ثرياً إلى هذا الحد.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الملياردير, الذي, الرأسمالية, انحراف, حذَّر, خوري, سوروس


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع جورج سوروس الملياردير الذي حذَّر من انحراف الرأسمالية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأثر الفارسي في انحراف التشيع عبدالناصر محمود دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 0 03-13-2016 08:46 AM
انحراف الأبناء ثمن الأمومة الغائبة ام زهرة البيت السعيد 0 06-10-2013 04:09 PM
انحراف الأطفال ومسؤولية الأبوين Eng.Jordan الملتقى العام 0 11-14-2012 11:42 PM
سليمان الراجحي.. الملياردير الذي بدأ "حمّال أمتعة" Eng.Jordan الملتقى العام 1 06-10-2012 04:47 PM
دور الأسرة في انحراف الأولاد الأسباب والعلاج Eng.Jordan بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 0 03-18-2012 02:38 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 08:58 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59