#1  
قديم 01-20-2012, 08:08 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي هل تنتهي الرأسمالية الحديثة؟


بواسطة: أ. محمود الفقي*





الرأسمالية الحديثة؟ filemanager.php?action=image&id=1552


كتب أ. كينيث روجوف*

خاص المركز العربي للدراسات والأبحاث

يستهل الكاتب مقاله بقوله إنه لطالما تعرض لسؤال عن مدى قابلية الرأسمالية الحديثة للاستمرار وعن فرضيات نهايتها بسبب الأزمة المالية الحالية في العالم. ويرى الكاتب السؤال غريبا لأن الرأسمالية الحديثة من وجهة نظره لم يتحضر لها بعد بديل واضح الملامح إن تكلمنا عن زوالها ابتداءً، سيما والبديل عن النموذج الأنجلو-أميركي الحالي هو نوع آخر أشرس من الرأسمالية أيضا.

فأما الرأسمالية الأوروبية فتجمع ميزات كثيرة منها المعاشات والتأمينات والإعانات الصحية السخية للمواطنين مع قدر معقول من ساعات العمل والعطلات الرسمية والمعاش المبكر وحرية تداول المعلومات والتساوي النسبي في الدخول لكنها ليست مضمونة البقاء بأية حال.

وهناك الرأسمالية الداروينية في الصين بقدرتها التنافسية الرهيبة بين شركات التصدير رغم شبكات التأمين الاجتماعي الضعيفة في الصين والتدخل الحكومي القمعي السائد لكن هذه الرأسمالية الداروينية تعتبر وريث الرأسمالية الغربية بالنظر إلى كون الصين عملاقا اقتصاديا ذا معدل نمو ثابت.

لكن يبقى من غير الواضح أيضا إلى أي حد ستصمد الصين سياسيا واقتصاديا وماليا سيما وأوجه الضعف لديها كثيرة بسبب ما فيها من قمع.

وقد اكتسبت رأسمالية اليوم زخمها منذ الثورة الصناعية ما يقرب من قرنين ولها الفضل في رفع الكثير من الفقراء إلى مصاف الأغنياء بعدما ذاقوا ويلات الفقر المدقع أو الحروب ككوريا الجنوبية مثلا ناهيك عن مقارنتها بالتاريخ الكارثي للاشتراكية والماركسية القمعية.

لكن العالم الآن حتى الرأسمالي منه صار استهلاكيا بشكل كبير، وقد فشل في التوحد حول اتفاقات تحمي البيئة مثلا، وتُعني بأمر المناخ والهواء النظيف وتنقية الأجواء وما إلى ذلك مما فيه خير البشرية واكتفت الرأسمالية بتصدير تقنياتها المعقدة إلى آسيا ثم أفريقيا.

وعن عيوب الرأسمالية الواضحة فهو التفاوت الطبقي الرهيب سيما والثروة تمكن غير المستحقين من نيل الحظوة والسلطة والنفوذ السياسي الذي يولد المزيد من الثروة والاحتكار فيدع الفقير أفقر والغني أغنى. ودول قليلة فقط هي من استطاعت الخروج من تلك الدائرة الخبيثة ومنع تدهور النمو مثل السويد والمجموعة الإسكندنافية التي يراها الكاتب مثالا لأجود أنواع الرأسمالية.

والمشكلة العويصة الآن في المجتمعات الرأسمالية هو ارتفاع تكاليف العلاج مقارنة بالدخول حيث تخطت التكاليف العلاجية 30 بالمائة من إجمالي الناتج القومي في تلك المجتمعات. وطبقا للمركز الأمريكي للتحكم في الأمراض فإن 34 بالمائة من الأمريكيين يعانون من السمنة المفرطة.

ولا تضمن الرأسمالية الرفاهية للأجيال القادمة بل يكتفي الرأسمالي السياسي بالقول إن الحاضر دائما أفضل من الماضي وأهل الحاضر أولى ممن هم في رحم الغيب المستقبلي وأن معيشة الناس قد تحسنت بالتقنيات الحديثة.

لكن ثمة حلولا مبنية على السوق منها مثلا استخدام الضرائب في إعادة توزيع الدخل وتحديد تسعيرة معينة بحيث تكون معقولة للخدمات الطبية.

وهكذا كان مقال روجوف قصيرا وضعيفا في رأيي لكن الدسامة كلها في التعليقات التي لم أتعجب أن تكون كثيرة جدا هكذا ويبدو أن الأمر يشغل بال القارئ الغربي لكون الموضوع يتصل بفلسفة النهايات التي صار الغربي مغرما بالقراءة عنها كنهاية الأديان ونهاية العالم ونهاية الأيديولوجية ونهاية الإنسان وهلم جرا.

يستشهد أحد القراء بمقولة لألمهاتما غاندي الذي يصفه القارئ بأنه أحد أصح العقول في القرن العشرين حيث يقول غاندي "ثمة ما يكفي في العالم لكل احتياجات البشر جميعا وهو ما لا يكفي في حد ذاته جشع إنسان واحد." ويلخص القارئ المشكلة كلها في الجشع الذي يقترن بالرأسمالية والليبرالية الجديدة التي يمثلها النموذج الأنجلو-أميريكي وما يسمى بالمؤسساتية الاستهلاكية. ويرى القارئ مثل بعض القراء الآخرين أن النموذج الاسكندنافي وألمانيا هو الناجح والأبقى لأنه أكثر ديمقراطية وشفافية. ويختلف القارئ هنا مع الكاتب في أن الصين يتطور اقتصادها ليلحق بالنموذج الأوروبي الشمالي لأن الظروف متباينة جدا بين الطرفين.

ويعلق أحد القراء بقوله إن روجوف قد اعتبر استخدام الضرائب كأداة للتحكم في التلوث أو تحسين الخدمات الصحية باعتبار ذلك آلية سوقية إنما يمثل في الحقيقة اعترافا بفشل السوق لأن هذا أمر غير واقعي ومشكلة الكاتب أنه مؤدلج. فمشكلة الرأسمالية أنها تحولت إلى مؤسسات تجارية جشعة خرجت عن سيطرة الحكومة نفسها خلافا لما هو معروف عن الحكومة الصينية مثلا.

ويستشهد القارئ هنا بمثال فذٍّ وهو صعود ديمقراطيي الكلب الأزرق الذي يكشف حسب وجهة نظره أنه أيا ما كان الحزب الذي في السلطة تستطيع المؤسسات العملاقة اختراق العملية التشريعية لتقنن ما هو في صالحها من القوانين المفصلة على مقاسها.

وفي هذا السياق نحن نعرف أن حركة الكلب الأزرق هذه تسعى إلى تثبيت ما كان بوش الابن قد وعد به ونفذه من التخفيضات الضريبية لصالح الطبقة الغنية والمتوسطة والذي يحاول أوباما ومن معه من الديمقراطيين المعتدلين وبعض المحافظين الإبقاء عليه.

ولا أدري كيف يشعر القارئ العربي وهو يقرأ نعْي أحد القراء على المنتجات الأمريكية وكيف أنها هي السبب في تراجع الاقتصاد الأمريكي لا الرأسمالية التي هي خير كلها من وجهة نظره. فالعربي يعرف أن السوق الأمريكية هي التي أنتجت آبل وبرامج الإنترنت والكمبيوتر المعقدة وصناعات التعدين الثقيلة والخدمات المصرفية والمالية الهائلة ومع كل هذا يرى القارئ أن السبب هو في كون هذه السوق غير مبدعة!

ولأن تعريف الرأسمالية مُحير بل وأي تعريف في الصياغة الدقيقة له محير يقول أحد القراء إنه لمن العار أن يكون تعريف الرأسمالية هو الشيء وضده لدى كاتب المقال الذي يعد من صفوة الصفوة بين اقتصاديي الولايات المتحدة إذ رفْع الضرائب لإعادة توزيع الدخل منها على المواطنين هو عين الرأسمالية وعدم فعل ذلك هو عين الرأسمالية أيضا، وتقنين التشريعات في رأيه هو الرأسمالية وعدم فعل ذلك هو أيضا رأسمالية كما قال جوزيف ستيجليتز الأمريكي الشهير الحاصل على نوبل وأستاذ الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا "السوق هي الأدْرى."

ورغم تأكيد ماركس أن الرأسمالية كانت مجرد ظاهرة تاريخية تُفهم في سياقها إلا أن الكاتب هنا يؤكد أنها حاجة طبيعية تتناسب وغرائز الإنسان حتى يصل الأمر مداه به فيعتبرها الوحيدة التي لا غنى عنها بل ولا بديل لها حاليا يمكن طرحه للنقاش وهو ما يثير عجبي واستغرابي من مقال ضعيف كهذا المقال لواحد من صفوة الكتاب الأمريكيين.

والحقيقة أن كل شيء قابل للتحديث فالرأسمالية يمكن أن تتحول إلى بستان إذ تزيد في عمق الشفافية والمساءلة وتحديث آليات السوق في عصر المعلومات الحديث (Modern Information Age) سيما ونحن في عصر متشابك تجمع بين الناس كلهم شبكة واحدة في عولمة لا ترحم وخيوط عنكبوتية لا يستطيع أحد منها فكاكا.

والرأسمالية نفسها واقعيا أثبتت جدواها واستمراريتها في وقت كانت فيه نصف الكرة الأرضية تقريبا تدين بالشيوعية التي ذهبت بنفسها إلى متاحف التاريخ الآن.

كما أن المشكلات التي ارتبطت بالرأسمالية هي هي في الصين الشيوعية نفسها ذات الممارسات الرأسمالية فالتلوث كائن هناك والفساد كائن أيضا والتفاوت الطبقي على أشده في بعض الأحياء والأحيان.

وفي العالم الرأسمالي ورغم كل ما ذكر بعض القراء من عيوب ثمة رفاهية في المعيشة بالمقارنة بالعوالم الاشتراكية والأخرى غير الرأسمالية، وفي العالم الرأسمالي ثمة تحكم في عدد المواليد ورعاية صحية وخدمية أفضل وارتفاع لمستوى الأعمار.

والإنتاجية ذات الجودة العالية بفضل التنافسية هي من أولى سمات الرأسمالية. ولنا أن نذكر مثالا طريفا هنا هو أن عدد السيارات في الولايات المتحدة في عام 1900 كان ثمانية آلاف فقط بينما صار هذا العدد في 1995 هو 200000000 سيارة على الأقل!

حتى في الصين نفسها مع كل هذا النمو والنجاح الاستثماري والاقتصادي ثمة حفنة تتحكم في كل شيء الاقتصاد والإعلام وتزوير الانتخابات وكله هذا يتم تحت شعار الديمقراطية مثلما كان يحدث لدينا في مصر حين يكون هناك تحالف بين الجنرال ورجل الأعمال والإعلامي فيما الشعب ضائع وفقير.

وما هي الديمقراطية؟ هي ببساطة حكومة من وإلى وللشعب (The Government from, for & of the people) ولأن الشيوعية كانت تعتبر نفسها قمة الديمقراطية فيجب هنا التمييز والاحتراز بالقول إن الديمقراطية يجب أن تحمي الفرد من تغول المجموع وأن يصل نفعها بالفعل إلى كل أطياف الشعب أي أن الفكرة هي في التوصيل (delivery).

وهكذا فإن الديمقراطية في الرأسمالية هي ديمقراطية الشعب ومن الشعب (Of & From the People) وليست لأجل الشعب (For the People) فيما النظام الشيوعي هو ديمقراطية الشعب ولأجل الشعب (Of & For the People) لكنها ليست ديمقراطية من الشعب نفسه (From the People).

المشكلة فقط هي في توحش رأس المال للدرجة التي يجعله فوق النفوذ السياسي ويجعله شاريا لكل سبل التسلط والاستبداد كما حدث في مصر مثلا (وهي غير رأسمالية بل ولا اشتراكية ولا أي شيء، هي فقط على دين خاطفها) عندما دخل رجل الأعمال أحمد عز إلى أضابير الحزب الوطني وتحكم في مفاصله وصار كبير المحتكرين لكونه ببساطة كما كان يقول مبارك: هو من ينفق من جيبه على الحزب لدرجة أنه في إحدى احتفالات الحزب أنفق أحمد عز خمسة عشر مليونا على التجهيزات فقط!
وهكذا يستبين لنا أن المشكلة قد تكون ببساطة هي الصراع بين الديمقراطية والرأسمالية بين القيمة والإجراءات، ولذا وصلت الاحتجاجات إلى قلب الولايات المتحدة لظهور الرأسمالية عارية بغير مثالية بعدما كانت تبذل قصارى جهدها لاسترضاء الجماهير تحت وطأة التنافس مع الخصم الشيوعي السوفيتي.

وسيظل الجدل محتدما حول الرأسمالية بداية من تعريفها وحتى آثارها لكن يا ليت لنا نحن العرب مثل هذا الجدل المحمود حول الأنظمة الاقتصادية وفلسفاتها وهذا المزدحم من الأفكار مثل الغرب وأن يُعني قراؤنا بالتعليق على المقالات ذات الوزن الثقيل لا أن يكون الهدف هو تحويل ثقافتنا إلى ثقافة النميمة والبحث عما في الصدور.


**أستاذ الاقتصاد والسياسة العامة بجامعة هارفارد وكبير الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي سابقا.

*كاتب ومترجم مصري.

المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الحديثة؟, الرأسمالية, تنتهي


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع هل تنتهي الرأسمالية الحديثة؟
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الرأسمالية الثقافية! عبدالناصر محمود الملتقى العام 0 07-10-2016 06:44 AM
تظل أحلامنا لا تنتهي صابرة الملتقى العام 0 08-31-2015 04:00 PM
أيتها الغاليــة تنبهي صابرة البيت السعيد 0 08-04-2015 06:50 AM
انهيار الرأسمالية.pdf Eng.Jordan كتب ومراجع إلكترونية 0 01-14-2013 11:13 PM
وجه الرأسمالية الجديد Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 2 04-04-2012 01:51 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 02:30 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59