#1  
قديم 08-31-2019, 08:24 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي دور السياحة المستدامة في تفعيل وتأهيل المعالم التراثية


دور السياحة المستدامة في تفعيل وتأهيل المعالم التراثية فندق الرمانة بتلمسان نموذجا






حمل المرجع كاملا من المرفقات






أ : يحياوي العمري
أ: بن حمو محمد
أستاذان مساعدان صنف -أ-
كلية العلوم الإنسانية و الاجتماعية
قسم التاريخ و الآثار – جامعة تلمسان - الجزائر
yahiaouieloumeri@yahoo.fr البريد الالكتروني :
الملخص:
تعد التنمية السياحية احد أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة لما لها من قدرة على تحسين ميزان المدفوعات وتوفير فرص عمل وخلق فرص مدرة للدخل، فضلاً عن المساهمة في تحسين أسلوب ونمط الحياة الاجتماعية والثقافية لعموم أفراد المجتمع.
إن الاهتمام المتزايد بالسياحة دفع إلى تعاظم دورها في التنمية حيث يؤثر تشجيع الاستثمار في إنشاء المشروعات السياحية في إطار الإعفاءات الضريبية على واردات السياحة كما ستوفر فرصاً مهمة لمساهمة الدول في إنشاء مشاريع البنى التحتية في البلاد , ويعد قطاع السياحة رائداً في خلق التشابكات مع بقية الفروع والأنشطة الاقتصادية حيث الروابط الأمامية والخلفية لذلك القطاع .
وإن من أهداف السياحة المستدامة هو الحفاظ على المواقع التراثية وإعادة تأهيلها ودمجها في الحياة اليومية للأشخاص وإشراكها في مسار التنمية حتى تضطلع مرة أخرى بوظائف وخدمات سواء للسكان أو للزوار و السياح، ومن هنا نجد أن هناك علاقة تأثير وتأثر قائمة بين تلك المواقع الأثرية و ركب السياحة المستدامة ، وتسليط الضوء على هذا الطرح والإلمام بأبعاد الموضوع ، حاولنا القيام بدراسة لأحد النماذج الهامة في مدينة تلمسان و التي تبرز دور السياحة المستدامة في تفعيل المعالم الأثرية وبث الروح فيها من جديد و الحفاظ عليها ، ففندق الرمانة الأثري الذي يقع في قلب مدينة تلمسان يعود تاريخه إلى العهد الزياني وهو من جملة الفنادق التي ذكرتها المصادر التاريخية والتي بنيت لمواكبة حركة التجارة و العلاقات الاقتصادية التي شهدتها المدينة آنذاك ، فهذا المعلم ونظرا لإقبال الزوار و السياح عليه تم إعادة توظيفه في إطار المشاريع السياحية و الاقتصادية ، بحيث أصبح معلما تراثيا و في نفس الوقت تم تأهيله ودمجه في الحياة الاقتصادية مما أعطى من جديد حركية سياحية ووثبة اقتصادية، وسننطلق في بحثنا هذا من إشكالية رئيسية وهي : مامدى مساهمة السياحة المستدامة في إعادة إحياء وتأهيل المعالم الأثرية ودور هذه الأخيرة في المساهمة في دفع وتيرة السياحة المستدامة.
مقدمة:
تحتلقضيةالحفاظعلىالتراثالحضاريمكانامتقدمافيسياقالقضاياالتيتهمدول العالم،لمالهذه القضيةمنأهميةتنبعمنقيمةالتراثذاته،فالتراثهوذلكالسجلالخالد الذييحفظتاريخالأمموالشعوب،والدليلالواضحعلىتقدمالحضارات،وهوكذلكالمعين الذيتستقيمنهالأجيالاللاحقةثقافتهاوخصائصها،وبمعنىاعمواشملفانالحفاظعلى الوسطالتاريخيللمدينةيعنيالإبقاءعلىماتتضمنهمنقيممعمارية،وتاريخية،وأثرية،واجتماعية،واقتصادية،وسياسية،حيثأنالوسطالتاريخيلأيبلديتكونمنمجموععناصر التراثالحضاري،وخاصةالمعماريمنها،فالمناطقالتاريخيةلأيمدينةتعتبرجزءامن الثروةالوطنيةلهذاالبلد،وخاصةمنالناحيةالاقتصاديةإذاتماستغلالهالأغراضالسياحة.منهناتأتىأهميةالحفاظعلىالوسطالتاريخيللمدن،وضرورةالعملعلىحلمشاكله
التيتهددهوتنذرباندثارهوذوبانهوسطالتطورالعمرانيحوله. تمتازمعظمالمدنوالبلدات في الوطنبوجودوسطتاريخيلهأهميةتاريخيةوحضارية،ممايوجبضرورةالحفاظعلية وإعادةتأهيلهلمواجهةالتحدياتوالمشاكلالكثيرة المتنوعة.
وإن من أهداف السياحة المستدامة هو الحفاظ على المواقع التراثية وإعادة تأهيلها ودمجها في الحياة اليومية للأشخاص وإشراكها في مسار التنمية حتى تضطلع مرة أخرى بوظائف وخدمات سواء للسكان أو للزوار و السياح، ومن هنا نجد أن هناك علاقة تأثير وتأثر قائمة بين تلك المواقع الأثرية و ركب السياحة المستدامة ، وتسليط الضوء على هذا الطرح والإلمام بأبعاد الموضوع ، حاولنا القيام بدراسة لأحد النماذج الهامة في مدينة تلمسان و التي تبرز دور السياحة المستدامة في تفعيل المعالم الأثرية وبث الروح فيها من جديد و الحفاظ عليها ، ففندق الرمانة الأثري الذي يقع في قلب مدينة تلمسان يعود تاريخه إلى العهد الزياني وهو من جملة الفنادق التي ذكرتها المصادر التاريخية والتي بنيت لمواكبة حركة التجارة و العلاقات الاقتصادية التي شهدتها المدينة آنذاك ، فهذا المعلم ونظرا لإقبال الزوار و السياح يحتاج إلى إعادة توظيف في إطار المشاريع السياحية و الاقتصادية ، بحيث يصبح معلما تراثيا و في نفس الوقت يتم تأهيله ودمجه في الحياة الاقتصادية مما يمنحه من جديد حركية سياحية ووثبة اقتصادية، وسننطلق في بحثنا هذا من إشكالية رئيسية وهي : ما مدى مساهمة السياحة المستدامة في إعادة إحياء وتأهيل المعالم الأثرية ودور هذه الأخيرة في المساهمة في دفع وتيرة السياحة المستدامة، وما ما هي الأهداف المرجوة من الاهتمام بالنشاط السياحي؟.
تعرفالسياحةلغةبالتجولفيأرضاللهالواسعة - منساحَيَسيحُأيجالَوانطلق،
واصطلاحاتعنيالتجولفيأرضغيرالوطنوأماكنغيرمألوفةللعين [i](وارتبطتالسياحةبالمسافةالتييقطعهاالمسافرمنمكانلآخر،وأصلكلمةسياحةمأخوذ
وهيتعنييجولأويَدور. " Tour " منالكلمةالإنجليزية ،بالإضافةإلىأنهانظاممنالعلاقاتوشبكاتالعملوالنشاطاتوالممارساتالتييشتركفيهاأفرادومؤسساتمندولمختلفةوثقافاتمتنوعةمنأجلتنظيمرحلاتدوليةوتوفير،الإقامةوالنشاطاتالثقافيةوالترفيهيةفيأماكنخارجالبيئةالمعتادةلمدةمحددة. وقدوردلفظالسياحةفيالقرآنالكريمبمعنى "الصيام" والرابطبينهاأنالسياحةتعنيالتجولفيالأرضوالبُعدوالانقطاععنالوطنالأصلي،والصياميعنيالانقطاعوالبُعدعن " المحارماستجابةلأمرالله،قالتعالى "فسيحوافيالأرض[ii]" وهناكالعديدمنالتعريفاتلكلمة "سياحة" تموضعهامنقبلالعديدمنالباحثينكأمثالفيغنروروبنسون ...إلخ،وجميعهذهالتعريفاتتدلعلىالتنقلمنمكانلآخرطلبًاللراحة والاستجماموالاستكشاف[iii] لمتتفقجمهرةالباحثينلحدالآنعلىالتعريفالموحدللسياحة ولذانرىوجودتعاريف عديدةللسياحةإلىدرجة أنأحدالباحثين ( الدكتور برنكر Bernikrالنمساوىالجنسية ) أكد أن للسياحةتعاريفمتنوعةبقدرعددالباحثين.ولعلاختلافالباحثينوالمؤلفينفيتعريف السياحةيكمنفياختلافالجوانبالتييتناولهاهؤلاءالباحثون. فالاقتصادييؤكدعلىالنواحي الاقتصاديةلهابمات***همنمواردالماليةوتأثيرذلكعلىالدخلالقوميوميزانالمدفوعات،أما رجالالإعلاموالصحافةفينظرونإليهامنحيثكونهاوسيلةإعلاميةوجغرافيةينظرإليهامن زواياأخرىوهكذابقيةالمختصين.[iv]
فالسياحةعبارةعنمجموعةمنالظواهروالأنشطةالبشريةوالعلاقاتالتيتتولدنتيجةعملياتالانتقالالوقتيالتييقومبهاعددمنالأشخاص،السياحإلىأماكنخارجمناطقإقامتهمالدائمةلأغراضغيرمتعلقةبالربحالمادي، ولا ريب أن النمو الذي يشهده النشاط السياحي الدولي أبرز الظواهر الاقتصادية و الاجتماعية الجديرة بالاهتمام و الملاحظة في القرن الماضي وبداية الألفية الثالثة ، حيث ارتفع عدد السياح و معدل نمو العائدات السياحية حتى فاق معدل النمو في مكونات الاقتصاد العالمي مما جعل السياحة الدولية واحدة من أكبر مجالات التجارة الدولية ، وتعد السياحة مزيجا لمنتج متنوع من السلع و الخدمات و المعارف ويرتبط بحقائق الجغرافيا الطبيعة الاقتصادية و البشرية إضافة إلى حقائق التاريخ الحضاري و الثقافي و الانجازات المعاصرة المختلفة لأي بلد ، كما أن السياحة اليوم تواجه مشكلات عديدة في معظم البلدان النامية و الأقل نموا ، وتتراوح هذه المشكلات بين نقص المعرفة الفتية وضعف الأنشطة التطويرية و الوعي العام الشعبي ، وعدم كفاية البنية التحتية الأساسية للسياحة و الاستثمارات فيها ، وتحديات الأمن و السلامة السياحية وهذا ما تعالجه بعض الاستراتيجيات الوطنية في بعض الدول ، وصولا لتحقيق التنمية المستدامة وفقا لأسس وخطط وبرامج قصيرة ومتوسطة الأجل .[v]
تعودأسبابالاهتمامبقطاعالسياحةفيمختلفدولالعالمإلىعددمنالآثارالإيجابية
علىالمستويين: الجزئيوالكليفيالاقتصاد،ومنذلك:
أ- الأثرعلىالناتجالمحليالإجمالي:
ب- الأثرعلىميزانالمدفوعات:
ج- الأثرعلىالتوظيفوالعمالة:
د- الأثرعلىالاستثمارفيالبنىالتحتية:
ه- تنميةالمناطقالريفيةوالنائية:
و- تمويلالموازنةالعامة:[vi]
فالتنمية في مفهومها البسيط هي سلسة من العمليات الرامية إلى إحداث تغيير مرغوب في واقع موجود وعند ربط هذا المفهوم بالقطاع السياحي فإن التغيير يشمل النهوض بالخدمات السياحية ، وإبراز مقوماتها وإعطائها الدور الكامل ، وصولا إلى زيادة العرض بهدف زيادة الطلب السياحي وتوفير المردود الاقتصادي المأمول للمنطقة ليصبح هذا القطاع رديفا للقطاعات الاقتصادية الأخرى[vii].
يعرف الباحثون التنمية السياحية المستدامة و المتوازنة بأنها تنمية يبدأ تنفيذها بعد دراسة علمية كاملة و مخططة داخل إطار التخطيط المتكامل للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية و البيئية داخل الدولة ككل[viii]
أو داخل أي إقليم من الدولة تتجمع فيه مقومات التنمية السياحية من عناصر جذب طبيعية وحضارية ، كما عرف الاتحاد الأوروبي للبيئة و المنتزهات القومية في عام 1993 التنمية السياحية المستدامة على أنها نشاط يحافظ على البيئة ويحقق التكامل الاقتصادي و الاجتماعي ويرتقي بالبيئة المعمارية .
ويذكر Archer وِCooper في عام 1998 أن التنمية السياحية المستدامة هي المحور الأساسي في إعادة التقويم لدور السياحة في المجتمع ، كما أن هناك تعريف آخر للتنمية السياحية المستدامة على أنها التنمية التي تقابل وتشبع احتياجات السياح و المجتمعات المضيفة الحالية وضمان استفادة الأجيال المستقبلية ، كما أنها التنمية التي تدير الموارد بأسلوب يحقق الفوائد الاقتصادية و الاجتماعية و الجمالية مع الإبقاء على الوحدة الثقافية و استمرار العمليات الإكولوجية و التنوع البيولوجي ومقومات الحياة الأساسية[ix]، ومن بين مبادئ و أهداف التنمية السياحية المستدامة :
1-حماية البيئة وزيادة التقدير و الاهتمام بالموارد الطبيعية و الموروثات الثقافية للمجتمع .
2-مقابلة الاحتياجات الأساسية للعنصر البشري و الارتقاء بالمستويات المعيشية .
3-تحقيق العدالة على مستوى الجيل الواحد وكذلك بين الأجيال المختلفة من حيث الحق في الاستفادة من الموارد البيئية وزيادة الدخل .
4-خلق فرص جديدة للاستثمار و بالتالي فرص عمل ودخول جديدة ونمو الاقتصاد.
5- زيادة عوائد الحكومة من خلال فرض الضرائب على مختلف النشاطات السياحية . [x]
تضطلع قضية المحافظة على التراث الحضاري أولوية مهمة في سلم اهتمامات دول العالم ـ لما تمثله هذه القضية من أهمية تنبع من قيمة التراث ذاته ، فالتراث هو ذلك السجل الخالد الذي يحفظ تاريخ الأمم و الشعوب ، و الدليل الواضح على تقدم الحضارات ، وهو كذلك المعين الذي تستسقي منه الأجيال اللاحقة ثقافتها وخصائصها ، وبمعنى أعم وأشمل فإن الحفاظ على الوسط التاريخي للمدينة يعني الإبقاء على ما تتضمنه من قيم معمارية ، وتاريخية ، أثرية ، واجتماعية و اقتصادية ، وسياسية ، حيث أن الوسط التاريخي لأي بلد يتكون من مجموع عناصر التراث الحضاري ، وخاصة المعماري منها ، فالمناطق التاريخية لأي مدينة تعتبر جزءا من الثروة الوطنية لهذا البلد ، وخاصة من الناحية الاقتصادية إذا تم استغلالها لأغراض السياحة [xi]. فهناك الكثير من المواقع الأثرية من لم تنل نصيبها من الاهتمام و العناية من طرف الدولة و المصالح المختصة رغم قيمتها التاريخية و دورها في المحافظة على هوية الأمة وأصالتها ، فالحاجة ملحة اليوم إلى إشراك مثل هذه المآثر الحضارية في ركب التنمية السياحية المستدامة هذا البرنامج الطموح الذي سيعيد لها بريقها التاريخي و الجمالي ، حتى تساهم المعالم الأثرية – في عائدات الدولة ومداخليها القومية ، وهذا سيكون طبعا بعد أن تتوفر فيها الشروط الملائمة من التهيئة و ال***** و الترميم ،حتى تكون جاهزة لتحقيق مقاصد التنمية السياحية وهي *** عدد أكبر من السياح و الزوار ، ومن أبرز الأمثلة عن المعالم التي قد تلعب دورا كبير في عملية التطور السياحي ، نجد فندق الرمانة[xii] ، الذي يقع في قلب مدينة تلمسان وبالضبط في المكان المسمى القيسرية و يوجد مدخله بالجهة الجنوبية، يحيط به من جانبيه الشرقي و الغربي حوانيت، أما الجهة الشمالية فمسكن، ندخل إلى الفندق عبر باب خشبي بدفتين تنفتحان إلى الداخل(أنظر الصورة 1) و قياس عرضه حوالي 1.50م أما ارتفاعه فيبلغ حوالي 3م، نجد أنفسنا في سقيفة مستطيلة الشكل(أنظر الصورة 2) تفضي بدورها إلى صحن الفندق و تطل عليه بعقدين مدببين، و طول هذه السقيفة حوالي 6م أما عرضها و ارتفاعها نفس عرض و ارتفاع المدخل و نجد على جانبيها مصاطب للجلوس(أنظر الصورة 3) بارتفاع حوالي 1.50م و تسير على طول السقيفة بطول حوالي 4.50م قد تكون استعملت أيضا في القديم لوضع الحمولات من على ظهر الدواب كما كان عليه الأمر في بعض المنازل، بالنسبة لأرضية السقيفة فهي ليست في مستوى واحد بل متدرجة، بحيث أن الفراغ الذي يلي الباب مباشرة قياسه حوالي 1.50م ثم نجد درجة صغيرة الارتفاع إلى المستوى الثاني قياسها حوالي10سم، و هذا المستوى أطول من الأول و قياسه حوالي 2.50م و منه نصل إلى الصحن بدرجة أخرى قياسها نفس قياس الدرجة السابقة، و هو المستوى الثالث و قياسه حوالي2م، نظن أن السقيفة لم تكن في القديم بهذا التدرج إذا أخذنا بعين الاعتبار الدواب المثقلة بالبضائع التي كانت تدخل إلى الفندق إذا كان هذا الأخير قد خصص لإيواء الدواب، حيث أن الظاهر أنه لا يوجد إسطبلات و لا حظائر، فربما كان مخصصا فقط لخزن البضائع و عرضها و بيعها في الصحن و على هذا فربما أن مستوى الأرضية هذه كان كذلك)، بالنسبة لهذه السقيفة فقد سقفت بأعمدة خشبية يظهر أنها أصلية(أنظر الصورة 5) يظهر فوقها مباشرة القصب ثم بعده التراب المدكوك الذي استعمل في التسقيف في العصور الوسطى و قد ذكر بن خلدون في مقدمته تقنية إنجاز مثل هذا التسقيف، أما أرضيتها فغطيت بالآجر إما بشكل مستوي أو عمودي(الصورة 6)، أما الجدران فقد صبغت بطلاء جيري و نجد دعامتين مدمجتين في هذين الجدارين و هما متقابلتان و يظهر بروزهما فوق مصطبتا الجلوس و ترتفعان إلى السقف، و سقّف الفراغ المحصور بين الدعامتين و بين العقد المطل على صحن الفندق و هو أعلى من مستوى سقف السقيفة بنفس نظام التسقيف المستعمل في السقيفة ، و على يسار المدخل مباشرة أي في نفس هذا الجدار الجنوبي نجد فراغ صغير يشبه الذي على اليمين .
صحن الفندق(الصورة 5) طوله حوالي 8م و عرضه حوالي 7.50م و هو بهذا شبه مربع بني في وسطه مصطبة مربعة الشكل قياسها حوالي 4م على 3م غرست في وسطها شجرة رمان التي سمي الفندق باسمها، على يمين الداخل مباشرة نجد فراغ كالسقيفة الصغيرة(الصورة6) و به مدخل بباب حديدي حديث و هو مغلق ككل الغرف الموجودة بهذا الفندق و يعلو هذا المدخل عقد مدبب أصغر حجما من عقد المدخل الأصلي من السقيفة .
في الجدار الشرقي أي الذي يوجد على يمين الصحن نجد مدخلين متتابعين لغرفتين مغلقتين(الصورة 7)، أما الجدار المقابل للمدخل و هو الجدار الشمالي فنجد به أيضا مدخلين(الصورة 8)، و في الجدار الذي على يسار الداخل أي في الجدار الغربي ففيه ثلاثة أبواب و هي أيضا مغلقة(الصورة9)، هذه المداخل التي بها أبواب إما حديدية أو خشبية هي عبارة عن مداخل الحوانيت و هي الآن ملك لأصحابها الباعة الموجودين في أحياء القيسرية، أما أرضية الصحن فهي الآن من الإسمنت و هي بهذا ليست أصلية .
هذا بالنسبة لغرف الطابق الأرضي، أما في الطابق الأول الذي نصل إليه عبر سلم بعشر درجات بعرض حوالي 1م و الذي يوجد في أقصى يمين الجدار الشرقي(الصورة9) أي الذي على يمين الداخل لصحن الفندق، و يعلو مدخل الدرج قوس مدبب، نجد مدخلين أحدهما على اليمين و الآخر على اليسار و هما مغلقان، أما الذي على اليمين فقد أعيد بناؤه و هو الآن يشغل الفراغ الذي فوق السقيفة أو بالأحرى يعلو الجدار الجنوبي (جدار المدخل)، أما الذي على اليسار فهو بدوره يعلو الجدار الشرقي و الظاهر أنه بقي محافظا على طرازه القديم، درجات السلم من الآجر أما سقفه فمن الخشب .
أما الجداران الشمالي و الغربي فلا نجد فوقهما بناء و إذا أخذنا بعين الاعتبار التكوين المعماري للفنادق فإن الطابق الأول الذي يعلو هاذين الجدارين قد تهدم .
مواد البناء:
لقد استعمل في بناء هذا الفندق الحجر و الآجر و الخشب بتقنيات مختلفة، أما الحجر فقد استعمل حجر الدبش و هو ما يظهر في الجدار الشرقي و الشمالي(الصورة 10) و هو عبارة عن حجارة غير منتظمة في صفوف متتالية تعلوها طبقة أخرى من الآجر .
الآجر بالإضافة إلى استعماله في أرضية السقيفة فإنه استعمل في بناء الأقواس و أيضا استعمل في الجدران مع الحجر بتقنيتين التقنية المستوية (أي قطعة آجر مع قطعة أخرى في وضعية عرضية) أو بتقنية السنابل حيث يكون الآجر في في وضعية مائلة(الصورة 11) .
استعمل أيضا الملاط و هو الذي يربط بين مواد البناء المذكورة أعلاه، كما استعملت أيضا المونة التي غطيت بها الجدران .
كما استعمل في تسقيف الفندق الخشب بواسطة أعمدة خشبية فوقها طبقة من القصب يعلوها تراب مدكوك أو أعمدة خشبية فوقها التراب المدكوك مباشرة، و هي التقنية التي كانت مستعملة في العصور الوسطى .
الأقواس: نجد بهذا الفندق أربعة أقواس أكبرها هو قوس ا لمدخل الذي نفضي منه إلى الصحن مباشرة و هو قوس مدبب و على جانبيه قوسان آخران يشبهانه لكن بحجم أقل و هما يعلوان الفراغان الموجودان على يمين و يسار الداخل لصحن الفندق، أو بعبارة أخرى أن الواجهة الداخلية للجدار الجنوبي، أما عن القوس الرابع فهو الذي يعلو مدخل السلم الذي يؤدي إلى الطابق الأول و الذي يقع في أقصى يمين الجدار الشرقي و هذا النوع من الأقواس استعمله الزيانيون و له أمثلة في الجامع الكبير في الزيادة المضافة .
الزخارف: ما يلفت الإنتباه نوعين من الزخرفة لا نشك في أنهما أصليان، النوع الأول يكتنف العقود الثلاثة التي في الجدار الجنوبي جدار المدخل و عددها ستة أشكال زخرفية، اثنان على جانبي كل قوس و هو مشكلة بالآجر على شكل مستطيل في ضلعيه العلوي و السفلي مثلث قائم على رأسه، أما النوع الثاني من الزخرفة فهو تلك الكوة التي تعلو قوس مدخل السلم و هي أيضا مشكلة بالآجر بطريقة فنية رائعة حيث نجد مستطيل قائم يعلوه شكل كروي و فوق هذا الأخير مثلث رأسه إلى الأعلى(الصورة 13) .
حالة الفندق الراهنة: في حقيقة الأمر أن هذا الفندق في حالة سيئة، فنصف سقف السقيفة مغطى بغطاء بلاستيكي(الصورة 17) من الداخل مما يدل على أن التربة الموجودة فوق الأخشاب تتساقط .
أرضية الصحن هي الآن مبلطة بالإسمنت و نجد بها مستويات مرتفعة عن بعضها البعض، كما أنه قد نزعت بعض الأجزاء منها .
الجدران تساقط الكثير من كسائها (المونة) فظهرت مواد البناء و إن كانت هذه التكسية من الإسمنت أيضا، و لا شك أن هذا أثر و يؤثر على مواد البناء خاصة الملاط منها .
درجات السلم مهترئة و تفكك معظم آجرها، أما العقد الذي يعلو السلم فزالت المونة التي كانت تغطيه و ظهرت قطع الآجر التي يتكون منها العقد .
الطابق الأول الذي يعلو جدار المدخل أعيد بناؤه بالإسمنت و لا شك أنه بهذا قد ازداد ثقله على الطابق الأرضي مما سيؤثر لا محالة على هذا الأخير، ثم إن عدم تجانس المواد الحديثة مع القديمة قد أثر على المنظر الجمالي لهذا المعلم .
إن هذا الفندق مهمل و أصبحت كل غرفة من غرفه محلا يستغله بعض الباعة الذين بالقيسرية منذ زمن بل إن منهم من اتخذه سكنا له، أضف إلى ذلك لم يحاول أي شخص منهم المحافظة الفعلية على هذا الأثر وفق الشروط التي تحتفظ بأصالته و يؤدي في نفس الوقت نفس الوظيفة التي كان يؤديها .
إن الأهداف السامية التي تصبو التنمية السياحية المستدامة من شأنها أن تساعد في إبراز التنوع الثقافي و الحضاري للدولة ، فيما يخص المواقع الأثرية و ما تحويه من معالم معمارية ، ما يزال الكثير منها في زاوية النسيان و الإهمال ، حيث هم في أمس الحاجة إلى خطة تنموية شاملة تخرج مثل هذه المآثر الحضارية إلى الوجود مسايرة ركب التطور و التنمية خاصة السياحية منها لأن هذه الأخيرة تعكف على إعادة توظيفها وتأهيلها في إطار الحياة اليومية ومن ثم استقطاب عدد أكبر من السياح و الزوار قصد تمكينهم من التعرف عن قرب عن أبرز الخصائص المعمارية و الفنية التي تمتاز بها هذه المعالم و في الوقت ذاته فإن التنمية السياحية المستدامة تدب الحياة من جديد في هذه الصروح الحضارية وتعيد إليها بريقها التاريخي المعهود ، حتى تصبح شريكا في النهضة الحضارية للبلاد ومقوما من مقومات اقتصادياتها يدر عليها مداخيل تضاهي ما تتحصل عليه بعض الدول في إطار المحروقات التي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الزوال.



خاتمة :
إن التنمية السياحية المستدامة هي السبيل الوحيد و الأنجع للحفاظ على الموروث الثقافي و الحضاري للدول وفق دراسة شاملة ودقيقة تراعي كل ما تمتاز به الدولة من خيرات وثروات طبيعية وبشرية ، من شأنها أن تساعد في مواكبة الركب السياحي ، الذي ستكون هذه المواقع الأثرية بما فيها المعالم من المقومات الرئيسية للتنمية ، حيث سينصب الاهتمام على تمكين هذه المواقع الأثرية من الاضطلاع بأدوار اقتصادية واجتماعية وثقافية في إطار السياسة التنموية للبلاد وهذا بعد تجهيزها وإعادة تأهيلها في الحياة اليومية للأفراد ، ومن هنا فالعلاقة بين التنمية السياحية المستدامة و هذه المواقع الأثرية هب علاقة تأثير وتأثر ، حيث تعتبر الوسط التاريخي وما يحيويه من إمكانات هو المادة التي ترتكز عليها جهود التنمية السياحية المستدامة ، وفي نفس الوقت تعتبر هذه الآخيرة هي المحرك لنهضة بروز هذه المعالم الحضارية إلى الوجود و الظهور بأبهى حلة لاستقطاب السياح و الزوار الذين يترددون على مثل هذه الأماكن.

- ابن منظور ، لسان العرب ، ص32.[i]

- سور ة التوبة، الآية 02.[ii]

لبنى محمود محمد عجعج ، تخطيط وتنمية السياحة التراثية في محافظة نابلس ، رسالة ماجستير،جامعة النجاح بنابلس، فلسطين، 2007،ص.19[iii]

- أزاد أمين محمد النقشبندي ، التنمية السياحية وأثرها على البيئة الطبيعية، ص80.[iv]

-- وزارة السياحة اليمنية، اتجاهات إستراتيجية التنمية السياحية ، ، اليمن ، ص03.[v]

-[vi]3- الهيئة العليا للسياحة ، الأهمية و الأثر الاقتصادي لتنمية قطاع السياحة حالة المملكة العربية السعودية ، أبها المملكة العربية السعودية ، 2001م ، ص –ص 3-5.
4- يونس موسى النوايسة ، التنمية السياحية في مدينة الكرك ، رسالة ماجستير من كلية الدراسات العليا ، الجامعة الأردنية ، 2001، ص 02.

-5- محمد إبراهيم عراقي و فاروق عبد النبي عطا الله ، التنمية السياحية المستدامة في جمهورية مصر العربية دراسة تقويمية بالتطبيق على محافظة الإسكندرية ، الإسكندرية ، ص04.

6- نفسه ، ص 05.

7- نفسه ، ص05

8- إسماعيل حسان إبراهيم رباع ، تخطيط وإعادة تأهيل الوسط التاريخي( البلدة القديمة ) في الظاهرية ، رسالة ماجستير من جامعة النجاح ، فلسطين ، 2004،ص02

*الفنـدق: يشبه في تخطيطه الخان* و هو منزل مؤثث مهيأ للطعام و الشراب و النوم يقصده المسافرون من التجار و الحجاج و الرحالة و غيرهم للإقامة المؤقتة نظير أجر معلوم، و هو أيضا دكان أو حانوت كبير للتجارة، و الفندق إصطلاح شاع في شمال إفريقيا و كان يتكون من فناء أوسط تحيط به من جهاته أربع أبنية ذات طابقين خصص الأرضي منها للدواب و كمخزن، بينما خصص العلوي الذي كان يشمل على رواق يدور حول الصحن يفضي إلى غرف لإيواء التجار و المسافرين، و كانت هذه الفنادق في الغالب داخل المدن([xi]). أنظر :
10-عبد العزيز فيلالي، تلمسان في العهد الزياني، ج1، موقم للنشر و التوزيع-الجزائز،2002م، ص135-136
و يسمى الفندق في المشرق بالخان و الوكالة و الربع و هو كما يعرفه توفيق عبد الجواد عبارة وحدة مباني تطل على فناء داخلي و تتكون من عدة طوابق، الأرضي منها خصص لحفظ بضائع التجار الوافدين أو لعرض السلع التجارية المعدة للبيع أو التبادل بالإضافة إلى أماكن مخصصة للدواب، أما الطوابق العليا فكانت عبارة عن غرف نوم مستقلة و معدة للنزلاء، من هذا التعريف يظهر التشابه في التخطيط العمراني للخان و الوكالة و الربع بالفندق و هي كما ذُكر أعلاه إختلاف في التسمية فقط مع إمكانية الإختلاف الشكلي في الحجم و بعض المرافق الملحقة ، أنظر :
11عبد العزيز فيلالي، المرجع السابق، ص136 .
12عمر بلوط ، الفنادق في مدينة تلمسلن الزيانية ، رسالة ماجستير من جامعة الجزائر ، الجزائر ، 2003-2004، ص90.


المصدر: ملتقى شذرات

الملفات المرفقة
نوع الملف: docx download.docx‏ (2.05 ميجابايت, المشاهدات 0)
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
المستدامة, المعالم, الترابية, السياحة, تفعيل, وتأهيل


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع دور السياحة المستدامة في تفعيل وتأهيل المعالم التراثية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تهويد المعالم الإسلامية بالقدس عبدالناصر محمود المسلمون حول العالم 0 02-26-2016 07:47 AM
حصاد مياه الأمطار باستخدام القنوات الترابية Eng.Jordan الزراعة 0 01-17-2016 03:47 PM
إغلاق العديد من المعالم الأثرية عبدالناصر محمود أخبار منوعة 0 11-17-2014 08:22 AM
المعالم العقدية في الصيام ام زهرة شذرات إسلامية 0 07-14-2013 11:52 PM
قانون التظاهر‏..‏ وديوان المظالم يقيني بالله يقيني مقالات وتحليلات مختارة 0 07-11-2012 04:10 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 04:29 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59