#1  
قديم 03-13-2012, 10:29 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,372
افتراضي سيناريوهات الأزمة السورية


محمد حسن خليفة -نقلاً عن موقع النشرة في مرحلة سابقة، قلنا بأن الرئيس السوري بشار الأسد يمكن أن يبقى في السلطة، ولكن نظامه سيتغير، وفلسفة هذا الطرح تتمظهر في إبعاد المحيطين بالرئيس، الذين أعاقوا برنامجه التغييري الذي وعد به عند استلامه الحكم عام 2000، وقد لاقى هذا البرنامج ارتياحاً داخلياً وخارجياً، وقد فندنا هذا الأمر بعدة اقتراحات تتمحور حول القيام بإصلاحات جدية، تغير وجه النظام وتركيبته، ووضع استراتيجية جديدة لدور سوريا الإقليمي، يأخذ بعين الإعتبار المشهد العربي الحديث، وموجة التغييرات التي حصلت في أكثر من دولة، لكن الرئيس رهن بقاءه ببقاء النظام، برموزه وتركيبته.
الآن يدور الحديث حول إبقاء النظام وتغيير الرئيس، هذا الحديث الذي تتناقله بعض الدول الكبرى، عبر التلميح إلى تسليم السلطة إلى نائب الرئيس فاروق الشرع، وإعطاء ضمانات وحصانة للرئيس الأسد، بحيث تكون وجهته مع عائلته إلى موسكو أو أية دولة يختارها.
والترويج لهذا الإقتراح يتنامى في ظلّ استعصاء الحل للأزمة السورية، وعدم تمكن النظام أو المعارضة من حسم المعركة.
لقد تفاقم الوضع على الأرض السورية، ورغم الإستفتاء على الدستور الجديد، الذي أظهر أن النظام لا يزال يتمتع بشعبية وازنة، إلا أن بقاء المواجهة العسكرية في بعض المدن وخاصة في حمص، يؤشر إلى إطالة أمد الأزمة، وهنا مكمن الخطورة على بقاء النظام، لأن الوقت ليس في صالحه، فالحملة الإعلامية تكاد تكون مؤثرة، ومشاهد الضحايا تحاول استمالة الرأي العام العربي والدولي، وجذب الدول المترددة لتغيير موقفها من الأزمة، وتليين حدتها في المحافل الدولية، والبدء بالتحضير لمشروع قرار جديد في مجلس الأمن، يقارب القضية بطريقة مختلفة، يزيد من عزلة النظام الدولية.
لقد سارع النظام في سوريا إلى الإتكاء على الفيتو الروسي – الصيني، واطمأن إلى أن التدخل العسكري دونه صعوبات، وخاض معارك قاسية في حمص مع الجماعات المسلحة، ورغم مرور أكثر من ثلاثة أسابيع، إلا أن الأمر لم يحسم نهائياً، رغم توارد بعض الأخبار على صلة بما يجري، بأن الجيش السوري صار قريباً من إعلان سيطرته على بعض المناطق في حمص، مما يعجل من إعلان حمص مدينة آمنة.
لكن السؤال، ماذا لو طال أمد الحسم الأمني، وتعاظمت الضغوط الإقتصادية والسياسية والإعلامية على النظام، وتوالت المؤتمرات المتعلقة بالملف السوري على شاكلة مؤتمر أصدقاء سوريا في تونس؟ وتشديد اللهجة السعودية بضرورة تسليح المعارضة، الذي أصبح واقعاً غير معلن، عبر الإمدادات التي تصل إلى المقاتلين، وخاصة من جانب الحدود التركية واللبنانية مع سوريا، في ظل عدم السيطرة الكاملة على الحدود، وموضوع تهريب الصحفيين الأجانب من حمص إلى لبنان يؤكد ذلك.
الجواب يأتي سريعاً، بأن المواقف الدولية قد تتغير، والتسويات قد تتبدل، وما يبدو الآن مستحيلاً، قد يكون في مرحلة لاحقة مناسباً.
أمام ما يجري يكاد المجلس الوطني السوري يحسم بأن التدخل العسكري واقعٌ لا محالة، وأن الظروف قد نضجت لتمرير هذا التدخل دولياً لدوافع إنسانية، لإنقاذ الشعب السوري من آلة القتل ووحشية النظام، وما وصف وزيرة الخارجية الأميركية الرئيس السوري بأنه مجرم حرب، إلا مؤشراً واضحاً على نية واشنطن تغطية أي عمل عسكري في سوريا، رغم أن الوزيرة نفسها لمحت إلى الخوف من وصول السلاح المخصص للمعارضة إلى يد إرهابيين من تنظيم القاعدة، وهذه إشارة قد تستخدم من قبل النظام، بأن معركتها مع المعارضين للنظام لا تنحصر في التظاهرات السلمية، وأن قيامها بالحل الأمني يبرره التصدي للإرهاب، ومن ناحية أخرى تخوّف واشنطن وبعض الدول الدائرة في فلكها من مبادرة المسلحين إلى استلام السلطة، وعدم المقدرة على السيطرة على الأوضاع في مرحلة ما بعد النظام.
في المقابل لا تزال بعض الدول العربية وعلى رأسها قطر والسعودية، تضغط لإقناع أصحاب القرار بأن الأمور لم تعد تطاق، وأن التدخل العسكري ضرورة لوقف حمام الدم، وأن من واجب المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته أمام فداحة ما يجري، ولا داعي للخوف من مرحلة ما بعد الأسد، لأن المعارضة في ظل الدعم المتوفر لها، قادرة على التخفيف من وطأة القلق من الفراغ الذي قد يحدث بعد سقوط النظام.
ولكن عناصر القوة التي يتمتع بها الرئيس الأسد، لا زالت مانعة لإحداث تحول سريع في المشهد السوري، قالجيش يخوض معركة النظام بشراسة، على قاعدة أن المركب إذا غرق فإن أحداً لن ينجو من الغرق، ولا مجال للمهادنة أو التفريط بتماسك أركان النظام، الذي يشكل الجيش ركيزته الأساسية.
ويعتبر النظام بأن عامل الوقت المقلق، يمكنه أن يكون سيف ذو حدين، فكما أن إطالة الأزمة قد تشكل تهديداً لوضعيته، عبر محاولة فكفكة التواصل داخل الجيش من جهة، وتأليب الرأي العام المحلي والخارجي ضده، والعمل على زعزعة ثقة الداعمين له، يمكن في الوقت ذاته استغلاله ليكون عاملاً مساعداً لاستمرار حكم الأسد، ويصب لصالحه، طالما أنه صمد في وجه الحملة الكونية، التي استخدمت فيها جميع الوسائل الإعلامية والمالية والعسكرية لإسقاطه، وأنه رغم مرور أكثر من عام على بداية الإحتجاجات، لم يشهد الجيش انشقاقات كبيرة، ولم تستطع المعارضة أن تمد أخطبوطها إلى العاصمة دمشق أو إلى مدينة حلب، كما لم تنجح جميع المحاولات بتطويع الموقف الروسي أو تعديله.
كما أن إيران تقدم دعماً غير محدود إلى الرئيس الأسد، وكأن المعركة معركتها، وأنها لن تسمح بإسقاط أهم حلفائها في هذه المنطقة، الذي يشكل الخاصرة القوية للمقاومة في لبنان، وأن طهران لن تسمح لأنقرة بجني ثمار الربيع العربي، والإلتفاف على الإحتجاجات الشعبية المعارضة، لحرق أوراقها في أكثر من مكان، لتغيير المعادلة الإقليمية، وتضييق الخناق عليها تمهيداً لوقف طموحها النووي، وأن إنفلات ورقة حماس منها بعد خروج قيادييها من دمشق، وضعها في حالة تأهب قصوى، لمد النظام بما يحتاجه للبقاء، لأن الأمر لم يعد محصوراً بإسقاط الأسد، بل العملية تهدف إلى تصفية محور المقاومة، الذي يواجه المشاريع المشبوهة في هذه المنظقة.
وما تركه اندحار الجيش الإسرائيلي عن أرض لبنان وانتصار المقاومة عام 2000، واستهداف هذا البلد بعد صدور القرار 1559، الذي أتى بعد الإحتلال الأميركي للعراق عام 2003، وحصول عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري وخروج الجيش السوري من لبنان عام 2005، وإنشاء المحكمة الدولية، وحرب تموز 2006، والعدوان على غزة عام 2008، والإنسحاب المفخخ للقوات الأميركية من العراق عام 2011، إلا حلقات مترابطة ضمن سلسلة واحدة هدفها إعادة الحياة إلى مشروع الشرق الأوسط الجديد.
لقد تحولت الأزمة في سوريا إلى أزمة إقليمية، يتوقف على نتائجها تغييرات هامة، تبدأ من تشكيل نظام إقليمي جديد، تتحدد فيه مواقع الدول وأدوارها، وتمر بوضع قواعد جديدة لعملية تسوية الصراع العربي – الإسرائيلي، في ظل مواقف بعض الدول العربية التي تغيرت أنظمتها، لتخفيف القلق الإسرائيلي من الحراك العربي، وانتهاءً بإعادة إنتاج نظام عالمي، يتم بموجبه إجراء تعديلات جوهرية على مجلس الأمن، وضرب الصيغة الحالية التي تعطي حق النقض إلى دول فشلت في المساهمة بالحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.
فهل تستطيع سوريا تحميلها أوزار كل هذه النتائج، التي لن يكون من السهل استيعابها، وسوف تواجه باعتراضات كبيرة، قد تعيد إنتاج سلسلة من الحروب بين الكبار بالأصالة، أو بالوكالة في أماكن عديدة، ستكون مسرحاً لاختبار القوة.
ولأنها سوريا، القوة المؤثرة في محيطها، فالمسألة تبدو معقدة للغاية، والأمور سائرة نحو مزيد من التأزم، فما هي التوقعات أو السيناريوهات المرسومة لنهاية الأزمة؟
أولاً: دخول سوريا في أزمة مفتوحة في ظل عدم تمكن النظام أو المعارضة من حسم الصراع، تقود إلى حرب أهلية لا تعرف نتائجها الكارثية، وهذا الأمر يكرر التجربة اللبنانية، التي احتاجت إلى خمسة عشرة عاماً لوقف العنف، واحتاجت ولا تزال إلى سنوات عديدة لتثبيت الإستقرار والأمن في البلاد.
ثانياً: سقوط نظام الرئيس الأسد، وقيام جماعات إسلامية متطرفة باستلام الحكم، وممارسة سياسة الإنتقام بحق أتباع النظام، وهذا ينذر بفتنة مذهبية لن يكون لبنان بمنأى عنها، خاصة عندما يشعر حزب الله بان السكين تقترب من وريده، والخوف من أن تمتد هذه الفتنة إلى دول خليجية باتت جاهزة لحجز مقعدها في هذه التجربة المدمرة للبلاد والعباد.
ثالثاً: حصول عملية إنقلاب داخل الجيش بقيادة شخصية عسكرية من الطائفة العلوية، واستلام السلطة، وإبعاد الرئيس خارج البلاد، وهذه العملية تحصل بتغطية إيرانية وتركية، أو غض النظر عنها بحال حصولها دون علمهما، وستكون هذه العملية مفاجئة وتحدث إرباكاً للجميع، لكن سرعان ما يتم استيعابها من قبل القلقين، كون وجود هذه الشخصية على رأس النظام، لقيادة مرحلة انتقالية، يصبح مطمئناً لإيران وحلفائها في لبنان، ويحول دون استغلال تغيير النظام لتصفية الحسابات، كما يحفظ المصالح الروسية في سوريا، ويحقق ما تصبو إليه تركيا والمجتمع الدولي لإسقاط الأسد.
رابعاً: تمكن الجيش من القضاء على المجموعات المسلحة والسيطرة على المدن السورية المعارضة، وإعادة الإستقرار بشكل تدريجي للبلاد، وتقديم ضمانات للقيام بإصلاحات دستورية فعلية، تظهر أن النظام تغيرت معالمه وأسسه، ووضع استراتيجية جديدة، تتحدد على ضوئها دور سوريا خارج حدودها.
مهما يكن مستبعداً معرفة أي من هذه السيناريوهات سينهي الأزمة السورية، إلا أن المعروف أن النظام يخوض حرب حياة أو موت، وأنه لن يتراجع أمام الضغوط الخارجية، وكذلك المعارضة ليست في وارد العودة إلى الوراء، وهي لن تقبل بتسوية مع هذا النظام، وأنها طالما تتمتع بالدعم الخارجي لا يمكنها التفريط بمطالبها، مع أنها في ظل تشرذمها لا تخفي خشيتها من صياغة تسوية تنسف طموحاتها.
المعركة في سوريا، لكن الصراع في مكان آخر، ومهما تكن نتائج الأزمة، لن تظل محصورة داخلها، بل ستتشظى إلى دول أخرى، لم تتوقع لحظة أن نيران هذه الحرب ستحرقها، بل وحتى ستغير أنظمتها.
سوريا في قلب العاصفة، وفي عين التاريخ، ومخاضها العسير سيولد نظاماً إقليمياً ودولياً، كان سابقاً يحتاج إلى حروب كبيرة حتى يولد.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الأزمة, السورية, سيناريوهات


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع سيناريوهات الأزمة السورية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأزمة السورية ستنتهي برحيل الأسد عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 06-18-2016 03:42 AM
هل ثمّة مبادرة روسية لحل الأزمة السورية؟ عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 12-28-2014 09:36 AM
منعطفات الأزمة السورية بعد وادي الضيف عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 12-21-2014 09:21 AM
ورقة الأقليات والطائفية في الأزمة السورية عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 02-02-2014 08:19 AM
قمة سعودية قطرية لبحث الأزمة السورية Eng.Jordan أخبار عربية وعالمية 0 03-05-2012 10:44 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 09:29 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59