#1  
قديم 02-28-2013, 02:54 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي إحياء الأراضي الموات في البطائح والبصرة في العهد الأموي


إحياء الأراضي الموات في البطائح والبصرة في العهد الأموي
(40ه/660م – 132ه/ 749م)
تاريخ تسلم البحث: 22/9/2003م تاريخ قبوله للنشر: 14/10/2004م
هند أبو الشعر*



حمل المرجع كاملاً من المرفقات







المقدمة:
إن دراسة الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية ضرورية للتعرف إلى حركة المجتمع بكافة جوانبه، وهذه محاولة لدراسة إحياء الأراضي في العصر الأموي في منطقتي البصرة والبطائح، حيث تسعفنا المصادر بمعلومات ثرة، ترصد محاولات الأمويين (خلفاء وأمراء وولاة) وتبين سياستهم في الإقطاع وامتلاك الأراضي واستصلاح الأراضي الموات،











* أستاذ مشارك، قسم التاريخ، جامعة آل البيت.
ويمكن في هذا المجال الاستعانة بكتب البلدان والفتوح والرحلات والخراج والفقه، حيث تعكس النصوص الفقهية الجانب الشرعي وتترجم الواقع التاريخي ضمناً.
كان العراق بمصريه (الكوفة والبصرة) بؤرة للتغيرات الاجتماعية، وكان من مظاهر التغير الاتجاه نحو إحياء الأراضي الموات، ولأن البصرة والبطائح عند الفتح العربي للعراق من أراضي الموات اعتبرت أراضٍ عشرية دون غيرها من أرض العراق، بدأ إحياء الأراضي الموات في البصرة والبطائح في زمن مبكر، وساهم فيه الولاة والخلفاء والأمراء، برسم سياسة واضحة دفعت بالأفراد إلى إحياء الأراضي وامتلاكها، وبالتالي إلى تكوين ملكيات كبيرة، أدّت فيما بعد إلى ابتلاع الملكيات الصغيرة، وإلى ظهور "نظام الإلجاء" في محاولة من المالك الصغير لحماية ممتلكاته وحفظ أمنها، وتفسر هذه الدراسة الثروة الطائلة لأهالي البصرة، فهم أصحاب ضياع وثروات، ساهمت في تكوين رأس المال للتجارة، فتضاعفت الثروات وأصبحت البصرة، هي (عين العراق) في عصر أبي عمرو بن بحر الجاحظ (163ه255ه/ 779م- 868م).
يبدو أن الإحياء كان مفتوحاً للفئات كافة، فتسارعت إليه كل الطبقات بدءاً بالخلفاء وحتى الموالي، وأسهمت فيه النساء أيضاً، وأدى تسارع هذا التيار إلى استملاك واستصلاح أراضي البصرة والبطائح في أواخر القرن الأول الهجري، حتى ان البعض كان يحتجر الأرض الموات ولا يحييها حسبما يفهم من المصادر الفقهية، فارتفعت أصوات الفئات الراغبة في امتلاك الأراضي محتجة على ذلك، وتبين هذه الدراسة تدخل الأمويين بإقطاع الأرض، وإعطاء الإذن بامتلاكها والمساهمة في حفر الأنهار وتجفيف المستنقعات وعمل القناطر وإزالة الآجام، ولم يكن إقطاعهم لأراضي البصرة خاصاً بهم أو بعمالهم، بل شمل أفراداً تألفهم الأمويون لأسباب سياسية.
الأراضي الموات وأحيائها:
وردت أحاديث كثيرة في أحياء الأرض والتشجيع على امتلاك الأرض الموات، إذ اعتبر الأحياء، وجه من وجوه التملك؛ عن عائشة رضي الله عنها (من أحيا – أو عمر أو اعمر- أرضاً ليست لأحد، فهو أحق بها)( )، وعن عبد الله ابن عباس في بعض أسانيده: (إن عادى الأرض لله ولرسوله ولكم من بعده، فمن أحيا شيئاً من موتان الأرض، فهو أحق بها)( ) وعن يحيى بن عروة عن أبيه (من أحيا أرضاً ميتة فهي له)( ) وعن رافع بن خديج (من كانت له أرضاً فليزرعها أو ليمنحها، فإن لم يفعل فليمسك أرضه)( ).
والأرض الموات هي (الأرض المعطلة، ولا يعرف أنها في يد أحد، ولا ان أحداً يدّعي فيها دعوى)( ) وهي أيضاً (الأرض التي بعدت عن العامر ولم يبلغه الماء)( ). ويفصل أبو يوسف في تحديد علامات الأرض الموات، بأنها (الأرض التي لا يوجد فيها أمر بناء، ولم تكن فناء لأهل قرية ولا مسرحاً، ولا موضع مقبرة، ولا موضع محتبطهم ولا موضع مرعى لدوابهم وأغنامهم، وليست بملك لأحد، ولا في يد أحد، فهي موات ...)( ).
يبدو من الوقائع التاريخية وعلى ضوء النصوص الفقهية، إن امتلاك الأراضي الموات في العراق، كان مرغوباً فيه، وهي الصورة التي تعكسها حالة (التحجير)( )، والتحجير في أبسط صوره شروع في الإحياء، وإشعار بالملكية بصورة مؤقتة وهي ترجمة للحديث النبوي الشريف، عن سمرة بن جندب (من أحاط حائطاً على أرض فهي له)( ) وتفسيره عند أبي يوسف (على الأرض الموات التي لا حق فيها، ولا ملك، فمن أحياها وهي كذلك، فهي له، يزرعها ويزارعها ويؤاجرها، ويكري فيها الأنهار، ويُعمرها بما فيها مصلحتها ...)( ). والنص صريح على تحديد أجل مسمى لجواز التحجير كحق للمحتجر، وبعدها يبطل مفعوله، وتزول الملكية، ويبدو ان التحديد بدأ تطبيقه أيام الخليفة عمر بن الخطاب ، عن سعيد بن المسيّب، قال عمر : (من أحيا أرضاً ميتة فهي له، وليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين)( ) وهو النص الذي يفسر وجود رغبة كبيرة لدى الناس بامتلاك الأرض، وعدم استثمارهم لكامل ممتلكاتهم. وفي نص آخر، يبدو تأكيد الخليفة عمر بن الخطاب على سياسته بمدة التحجير: (من كانت له أرض تركها ثلاث سنين فلم يُعمّرها، فعمّرها قوم آخرون، فهم أحق بها)( ).
وقد تابع الخليفة علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) سياسة عمر، في التشجيع على الإحياء، فقد أتاه رجل وقال له: (أتيت أرضا قد خربت، وعجز عنها أهلها، فكريت أنهاراً وزرعتها. قال، كل هنيئاً وأنت مصلح غير مفسد، معمّر غير مخرّب)( ) ويذكر أيضاً ان علياً وضع على (أجمة برس) وهي قرية بين الكوفة والحلة، فيها آجام، أربعة آلاف درهم، ويعقّب أبو يوسف على ذلك قائلاً (وإنما دفعها إليهم على معاملة على قصب وذلك رغبة منه في الإحياء( ).
أما في أيام معاوية بن أبي سفيان، فقد طبقت القاعدة أيضاً، وبتشدّد، إذ انه أخذ أرض عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب لأنه احتجرها ثلاث سنين ولم يُحيها، إلا أن معاوية تراجع عن الأمر، حفاظاً على (صلة الرحم)( )، وقد تابع زياد بن أبيه السياسة عينها، واستعاد أرض عثمان بن أبي العاص، بالبصرة لأنه لم يُعمّرها، وذلك لأنه تجاوز مدة التحجير (... إني لا أنفذ إلاّ ما عمرتم)( ). ويلاحظ أن زياد بن أبيه جعل مدة التحجير عامان فقط، وفي هذا إشارة إلى تزايد الرغبة في امتلاك الأرض بين الناس.
إن الأمر الملفت للانتباه، والذي تثيره كتب الفقه، مسألة اشتراط إذن الامام في الإحياء، ففي الوقت الذي أصرّ فيه أبو حنيفة على هذا الشرط( )، فإن تلميذه أبا يوسف لم يأخذ به، وبرر سبب رفضه( )، ويفهم من هذا التباين، تغير الأسباب الموجبة، ويلاحظ أيضاً، إن مجال الإحياء مفتوح أمام الجميع، إذ يحق لأهل الذمة امتلاك الأرض وإحيائها، فالمسلم والذمي يشتركان في سائر جهات التمليك( ). لأن (الأرض بمنزلة المال ...، ولا أرى أن يترك أرضاً لا ملك لأحد فيها ولا عمارة، حتى يقطعها الإمام، فإن ذلك أعمر للبلاد وأكثر للخراج ...)( ).
لقد اعتُبرت أراضي البطائح أرض موات لأنها (... الأرض التي يظهر عليهـا الماء، فيقيـم فيها حتى يحول بين الناس وبين ازدراعهـا، والانتفاع بها كالبطائح ونحوها، ثم يعالجه قوم حتى يزيلوا الماء عن الأرض، بنزح أو تسهيل حتى ينضب عنها الماء، فهي كالأرض يحييها، فتكون لمن فعل ذلك بها ...)( ) وهي أيضاً (الأرض التي يغلب عليها الغياض والآجام، ثم استخرجها مستخرج كانت كالموات يحييها ...)( ) و(من غلب الماء على شيء فهو له)( ) هذه النصوص، تدلّ على مناطق واسعة في العراق، كانت تغمرها مياه الفيضانات عند الفتح، ويملؤها القصب والآجام، وتتمثل في أراضي البصرة، حيث كانت (سباخاً وآجاما)( )، وقد أدّى إحياؤها إلى اعتبارها أراض عشرية، يدفع عنها أصحابها العشر، بعكس


حمل المرجع كاملاً من المرفقات
المصدر: ملتقى شذرات

الملفات المرفقة
نوع الملف: doc 1317.doc‏ (180.0 كيلوبايت, المشاهدات 2)
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الأموي, الأراضي, المئات, البطائح, العهد, إدخال, والبشرة


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع إحياء الأراضي الموات في البطائح والبصرة في العهد الأموي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إحياء القلوب صابرة الملتقى العام 0 05-24-2016 06:37 AM
المالكي يوجه بملاحقة من تسبب بتهجير عشيرة السعدون بالناصرية والبصرة ويتوعد بمحاسبتهم ام زهرة أخبار عربية وعالمية 1 09-19-2013 12:38 AM
دعوة إلى إحياء السنة جاسم داود شذرات إسلامية 0 09-14-2013 05:11 PM
إحياء الأراضي الموات في البطائح والبصرة في العهد الأموي Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 08-05-2012 01:34 PM
آلاف الليبيين ينزحون إلى الأراضي التونسية هروبا من تدهور الوضع الأمني Eng.Jordan أخبار عربية وعالمية 0 04-04-2012 09:47 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 11:17 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59