#1  
قديم 07-24-2012, 05:14 AM
الصورة الرمزية يقيني بالله يقيني
يقيني بالله يقيني غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: جمهورية مصر العربية
المشاركات: 4,854
افتراضي تركيا وسوريا


74.gif

تركيا وسوريا

غازي عنتب‏,‏ إنها باريس الجنوب الشرقي هكذا يصفها أهل الاناضول‏,‏ مدينة مترامية الاطراف ومع ذلك لايسكنها سوي مليوني نسمة تقريبا‏,‏ وبرغم أنهم ينحدرون في غالبيتهم من أصول كردية‏,‏ أحد معضلات البلاد المزمنة‏
فإن المدينة خرجت إجمالا من دائرة العنف, ومعارك الجيش ضد انفصالي منظمة حزب العمال الكردستاني المستمرة منذ ثلاثة عقود خلت, وهو ما انعكس إيجابا علي النشاط التجاري.

ففي أروقتها انتشرت مراكز الأعمال, ويتوافد الغرباء عربا وأجانب بكثرة عليها شراء وبيعا وعقد الصفقات, ناهيك عن أقارب الدم من حلب والقامشلي الذين لم يجدوا اي صعوبة في الذهاب والعودة بعد تدشين الخط الحديدي الذي لم يربط المدينة بهما فحسب بل البلدين معا, ولم يكن هذا ليحدث إلا بتوافر الأمان والحيوية اللذين صارا سمتا تلك البقعة الحدودية, التي مازالت جدرانها تحتضن أسرار تاريخية لم يكشف النقاب عنها بعد.

لكن خلال السنة المنصرمة ومع تصاعد وتائر العنف في الشام الملاصق لها, قابله ترد هائل في العلاقات بين أنقرة ودمشق, بدا فضاؤها وقد إعتراه التبدل, فالأجواء دوما ملبدة بغيوم كثيفة, تراجع معها التواصل الاقتصادي وبقت الحدود مفتوحة من جانب واحد فقط, لاستقبال الفارين من بطش الاسد واعوانه, ولأن عدة عشرات من المترات تفصلها عن الاراضي السورية, لم يعد سكانها ينعمون بالهدوء والسكينة, فطلقات النار ودوي المدافع لا تتوقف ليلا أو نهارا وأزيز الطائرات والمروحيات التي قيل أنها تقصف معاقل الجيش الحر فإذا بها تستهدف قري فقيرة لا حول لها وكأنها أرادت أن تريح سكانها ــ إلي الأبد ـــ الذين أضناهم شظف العيش تحت حكم البعث العربي الاشتراكي.
ثم جاء حادث سقوط طائرة الاستطلاع التابعة لسلاح الجو التركي في الثاني والعشرين من يونيو الفائت, ولأول مرة منذ سنوات طويلة, يشاهد أهل غازي عنتب أرتالا من المدرعات والشاحنات العسكرية الضخمة تخترق شوارع مدينتهم في مشاهد أعادت إلي الاذهان مرحلة عصيبة مرت بها البلاد نهايات عقد التسعينيات من القرن المنصرم, كادت تفضي إلي نزاع مسلح بسبب احتضان دمشق عبد الله أوجلان زعيم منظمة حزب العمال الكردستاني الانفصالية.

ولأن الصراع آنذاك لم يكن مكتافئا مع جيش هو الثاني في حلف الناتو سرعان ما رضخ الرئيس الراحل حافظ الاسد, لشروط الأتراك فقام بطرد أوجلان وأتباعه, لتطوي صفحة قيل إنها إلي الأبد, كي تبدأ أخري, ولم يكن أحد يتصور قبل عام, أنها سيتم وأدها لتعود الجارتين إلي نقطة الصفر.

فبعد أن أسقطت المضادات السورية لطائرة الاستطلاع أف ــ4, وإعلان رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان, أن بلاده ستغير قواعد الاشتباك مع اي خروقات من جانب جيش الأسد النظامي, ثم جاء تطور لافت ألا هو نصب صواريخ ستينجر وانظمة دفاع جوي, وصفت بأنها تمهيد لإقامة ممر آمن ليس فقط ضمن حدود الاراضي التركية وإنما داخل سوريا وذلك بعمل منطقة عازلة علي الشريط الحدودي واعلانها منطقة محظورة الطيران, وهذا ما أكدته مصادر إعلامية نقلا عن مسئولين رفضوا الكشف عن هويتهم.
ومضت نفس المصادر في تحليلاتها وقد أشارت في أدبياتها التي وجدت طريقها إلي عدد من الصحف التركية إلي أن ما يحدث من ترتيبات جاءت بعد مشاروات مع الولايات المتحدة الأمريكية, وإمعانا في التأكيد, ذكرت أحدي الشبكات الإخبارية أن مسئولا في وزارة الدفاع الامريكية أكد علي أن تشكيل منطقة محظورة للطيران كان ضمن الطلبات التركية التي ناقشها اجتماع الناتو قبل شهر في بروكسل. من هنا كان لابد وان يطرح السؤال: هل تركيا وسوريا علي شفا حرب باتت علي الأبواب؟

الأجابة كانت سريعة علي لسان مسئولين كبار في الدولة الذين أكدوا بأنه لا توجد أي نية لتوجيه ضربات انتقامية لنظام الأسد الأبن, ولم ينس هؤلاء توجيه انتقادات غاضبة لمبالغات وسائل الإعلام العالمية في تصوريرها التحركات العسكرية نحو الحدود التركية السورية واصفين إياها بإنها تأتي في إطار الإجراءات الروتينية التي تتخذها القوات المسلحة بين الحين والآخر, وهو ما لم يكن صحيحا في مجمله, فـ أردوغان وفي لحظة حماس تصور أنه يمكن توجية ضربة سريعة تعيد له بعض الكبرياء.

لكن وبعد تأن وتفكير وتمحيص وبناء علي توصية محددة من هئية اركانه تم التراجع, اللافت وتلك أزمة في حد ذاتها, أن الاتراك أنفسهم مازالوا منقسمين حيال الملف السوري بل إن حادث الطائرة نفسه ارجعته قطاعات مهمة من النخبة السياسية إلي خطأ تتحمله حكومة العدالة والتنمية وليس الأسد, الأكثر إثارة أن هذا الانقسام مرشح للاتساع, خاصة بعد التفجيرات المروعة والتي إستهدفت مقر الامن الوطني في حي الروضة الحصين بدمشق, وتحذيرات القوميين الاتراك المتشددين من تورط البلاد في مستنقع قد لا تخرج منه.

وها هو الواقع الذي يعيشه عموم الناس وبشكل خاص في مدن الجنوب فمشاهد الغضب فيه مزدوجة سواء ضد الاسد أو أردوغان علي السواء, فالمصالح توقفت والحركة التجارية علي مشارف سبات عميق لا أحد يدري متي سيكون الاستيقاظ فالاقتصاد الموازي الذي يقتات عليه آلاف المواطنين تبخر في أقل من عشرة شهور, وها هم يضعون إيديهم علي قلوبهم متضرعين إلي السماء بالدعاء بألا يمتد بؤسهم لسنوات طويلة مثلما حدث لاقران لهم علي الحدود مع الجارة العراقية قبل عقد من الزمان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دمتم بخير

المصدر: ملتقى شذرات

__________________


رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
تركيا, وسوريا


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع تركيا وسوريا
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
السياسة السعودية وسوريا عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 01-15-2017 09:03 AM
الغرب وسوريا.. دموع التماسيح! عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 01-30-2014 09:10 AM
الجمهورية العربية المتحدة ...مصر وسوريا Eng.Jordan رواق الثقافة 0 04-17-2012 11:29 PM
ميثاق الدفاع المشترك بين مصر وسوريا 20 / 10 / 1955 Eng.Jordan رواق الثقافة 0 04-17-2012 11:23 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 02:04 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59