العودة   > >

بحوث ودراسات منوعة أوراق بحثية ودراسات علمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 06-21-2013, 04:09 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,422
افتراضي مِن تاريخ حَيفا العثمانيّة دِراسَة في أحوالِ عمرانِ السّاحل الشامي


للدّكتور محمّد عَدنان البخيت
في سنة 438هـ/ 1046م عندما كان الداعية الإسماعيلي ناصر خسرو([1]) (ت ح 452هـ/ 1060م) في طريقه من مرو إلى القاهرة، مركز الدعوة الفاطمية آنذاك، مرّ بحيفا([2]) التي يصفها لنا بقوله: "ثم غادرتها (أي عكة) إلى قرية تسمى حيفا في طريق به كثير من الرمل الذي يستخدمه صياغ العجم، والمسمى بالرمل المكي. وحيفا مشيّدة على البحر، وبها نخل وأشجار كثيرة. وهناك عمال يصنعون السفن البحرية المسماة بالجودي"([3]). وبعد ذلك بقرن من الزمان يشير الجغرافي أبو عبدالله محمد بن محمد الإدريسي الحسني([4]) (ت 560هـ/ 1160م) إليها بقوله: "وحيفا تحت طرف الكرمل، وهو طرف خارج في البحر وبه مرسى حسن لإرساء الأساطيل وغيرها. ومدينة حيفا هي فرضية لطبرية وبينهما ثلاث مراحل خفاف"([5]). إن هذه الصورة المشرقة لحيفا في القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي، تنعكس وتبدو مكفهرّة في المصادر العربية، وذلك بسبب الخراب الذي لحق بها بعد استرجاعها من أيدي الفرنجة: فهذا شهاب الدين ياقوت الحموي (ت 626هـ/ 1228م)، لا يذكر شيئاً عن صناعة السفن فيها، ولا يشير إلى مرساها؛ وجلّ ما يسجّله لنا عنها على أنها "حصن على ساحل بحر الشام، قرب يافا، ولم يزل في أيدي المسلمين إلى أن تغلّب عليه كندفري([6]) الذي ملك القدس في سنة 494هـ/ 1099م وبقي في أيديهم إلى أن فتحه صلاح الدين يوسف بن أيوب في سنة 583هـ/ 1187م([7]) وخرّبه([8]). ولم تمكث حيفا طويلاً في أيدي المسلمين، إذ استرجعها الفرنجة منهم. والجدير بالذكر أن الملك لويس التاسع، حوالي سنة 1250- 1251م، حصَّن فيها القلعة التي تعرضت للخراب ثانية على يد المماليك، وذلك في سنة 663هـ/ 1265م. فيذكر القاضي محيي الدين بن عبدالظاهر (ت 692هـ/ 1292م)، في أخبار سنة 663هـ/ 1265م، ما يلي: "وفي سادس وعشرين جمادى الأول (2 آذار 1265م) توجّه السلطان (الظاهر بيبرس) إلى جهة عتليت جريدة وسيّر الأمير شمس الدين اقسنقر السلاح دار الظاهري والأمير عز الدين الحموي والأمير شمس الدين سنقر الالفي الظاهري إلى حيفا، فساروا إليها ودخلوا قلعتها، فنجا الفرنج بأنفسهم إلى المراكب بعد أن قتل منهم وأسر، وأحضرت الاسارى والروس، وأخربوا المدينة وقلعتها وأحرقوا أبوابها، وجعلوها خاوية على عروشها كأن لم تغن بالأمس. وكان أخذها وما اعتمد فيها من قتل وأسر واخراب واحراق في يوم واحد، وعاد الأمراء سالمين"([9]). ويؤكد على هذه الصورة من الخراب أحمد بن يحيى ابن فضل الله العمري (ت 741هـ/ 1341م) الذي ينقل عنه الكاتب الموسوعي شهاب الدين أحمد القلقشندي (ت 821هـ/ 1418م)، وصفه لحيفا بهذه الكلمات: "وهي خراب على الساحل"([10])، وإلى مثل ذلك أشار البحارة العثماني بيري محيى الدين ريس([11]) (ت ح 962هـ/ 1554/1555م) في مؤلفه: كتاب بحرية، الذي قدمه سنة 932هـ/ 1525/ 1526م إلى السلطان سليمان القانوني، حيث ذكر أن قلعتها مدمرة لكن ميناءها يصلح للرسوّ([12]).
كانت حيفا في العهد المملوكي جزءاً من عمل اللجّون([13]) الذي كان تابعاً لصفد، التي هي بدورها كانت تشكل القاعدة الخامسة من قواعد المملكة الشامية([14])، ولم تتبدل هذه التبعية في العهد العثماني. فمن المعروف أن العثمانيين بعد قضائهم سنة 927هـ/ 1521م، على حركة العصيان التي قادها ضدهم الأمير المملوكي جان بردى بن عبدالله الغزالي المولى على دمشق "ومعاملاتها"([15])، من قبل السلطان سليم الأول، قسموا بلاد الشام إلى ثلاث ولايات: ولاية حلب، ولاية طرابلس الشام، وولاية دمشق الشام. وقسمت الولاية الأخيرة إلى عدد من السناجق (الألوية) هي: دمشق، تدمر، عجلون، الكرك (كانت في معظم الأحيان تدمج مع عجلون)، غزة، القدس الشريف، نابلس، صفد واللجون([16]). وعند العودة إلى دفاتر الطابو (الأراضي) العائدة إلى سنجق اللجون نجدها تذكر حيفا كقرية في ناحية ساحل عتليت الغربي التابع للسنجق المذكور. ولعله من المفيد هنا أن نقارن المعلومات الواردة عن حيفا في دفترين من دفاتر الطابو: الأول منهما([17]) يعود تاريخه إلى سنة 945هـ/ 1538م، أما الثاني([18]) فيرجع تاريخه إلى سنة 1005هـ/ 1596م.
[IMG]file:///C:\Users\user\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\c lip_image002.jpg[/IMG]
نلاحظ من هذين الإحصائين أنه خلال العهد العثماني من القرن السادس عشر الميلادي أن عدد السكان بحيفا كان قد تضاعف. وهذه الزيادة العالية جاءت متفقة مع ظاهرة زيادة السكان التي شهدتها ولاية دمشق حتى مطلع سبعينات القرن السادس
([19])عشر، إلا أن سكان حيفا لم يتناقصوا على غرار ما لوحظ في ولاية الشام([20]). ولقد واكب هذه الزيادة ارتفاع في كميات الضرائب المحصلة إذ ارتفعت من 4751 أقجة([21]) بموجب الدفتر الأول إلى عشرة آلاف أقجة حسبما جاء في إحصاءات الدفتر الثاني. بجانب ذلك نلحظ ارتفاع الأسعار، فمثلاً كانت غرارة([22]) الحنطة تقدر بمائة وعشرين أقجة سنة 945هـ/ 1538م فأصبحت تقوم بمائة وأربعين أقجة بعيد نهاية القرن. وعلينا أن نتذكر هنا، أن الدولة العثمانية في أواخر القرن السادس عشر الميلادي قد بدأت تعاني من أزمة تضخم مالي كبيرة، إذ إن عملتها الفضية لم تعد قادرة على مواجهة ضغط العملات الأوروبية خاصة الفلوري الإيطالي الذهبي الذي بدأ يغزو الأسواق العثمانية المفتوحة نتيجة لتدفق كميات ضخمة من الذهب والفضة من أمريكا على أوروبا. وكان اجتهاد الدولة العثمانية الذي ألحق الضرر الكبير بعملتها يتخلص بإنقاص كمية الفضة في تلك العملة، فارتفعت نتيجة لذلك أسعار السلع وبهذا ضعفت القوة الشرائية للأقجة([23]).
كما نرى من قائمة الضرائب المدونة سابقاً، أن الدولة العثمانية كانت تأخذ ربع الحاصل الشتوي عيناً أو قميته نقداً([24]). أما فيما يتعلق بأشجار الزيتون فلقد نص قانون لواء اللجون على ما يلي: إذا كان الزيتون روماني فنصف حاصله يعطى للسباهية، أما إذا كان الزيتون إسلامياً فلقد كانت الدولة تجبي أقجة عثمانية واحدة عن كل شجرتين. وكانت الدولة تأخذ عن كل مائة شجرة من الكرمة خمس اقجات عثمانية. والجدير بالملاحظة أن الضريبة على الأشجار يشار إليها في هذه الدفاتر بالمصطلح الإسلامي المعروف "خراج"([25]). أما الضريبة المحصلة عن الماعز فيشار إليها باسم "رسم"، والقاعدة التي اتبعت في جبايتها أن تؤخذ أقجة واحدة عن كل رأسين من الماعز([26]). والطريف أن العثمانيين كانوا يجبون رسوماً عل المناحل بمعدل أقجة واحدة عن كل منحلة([27]). ويلمس الدارس لدفاتر الطابو المتعلقة ببلاد الشام أن تربية النحل كانت منتشرة في هذه البلاد.
لقد شهدت المحاكم في بلاد الشام في العهد العثماني إجراءات جديدة تتمثل في جمع رسم محدد عند النظر في الدعاوى والقضايا، أو عند عقد نكاح وكذلك عند تسجيل حجة. فكانت الرسوم التي تجمع عند عقد نكاح بكر أو مطلقة أو أرملة يطلق عليها اسم "رسم عروس"([28])، كان جزء من هذه الرسوم يخصص للقاضي ولمن يعمل معه في المحكمة، والقسم الأكبر كان يعطى لأصحاب "الخاص" أو "الزعامت" أو "التيمار" حسبما يحدد ذلك دفتر الطابو لكل بلدة أو موقع. أما الضرائب الطارئة والمتفرقة وهي تشبه ما كان يشار إليه في العهد العباسي باسم "الطيارات"، فإن المصادر العثمانية عادة ما تعبر عنها بالمصطلح الفارسي "بادهوا"([29]). وعند وقوع جريمة قتل أو سرقة أو انتحار فإن الدولة كانت تأخذ من المسؤولين عن تلك الجريمة رسوماً تعرف باسم "رسم جرم وجنايت". أما إذا كان المتسببون بذلك مجهولين فإن أهالي الحارة كانوا يجبرون على دفع تلك الرسوم([30]) .
إذا ما أجلنا النظر في قائمة الضرائب المدونة سابقاً نجدها تشير إلى ضريبة تسميها محصول اسكلة([31]) (ميناء). وإذا ما عدنا إلى قانون نامه لواء اللجون فإننا لا نجد نصاً بوضوح القاعدة التي كان يتم بموجبها جمع هذه الضريبة. إلا أن قانون نامه لواء الشام، لحسن الحظ، يحدد بالتفصيل مقدار الرسوم المحصلة سواء على المواد المصدرة أو المستوردة ويشير إلى ذلك بما يلي: "يطلق على ما يجبى من جمارك ورسوم وغيرها من الواردات عند أبواب الموانئ الكائنة في ولاية الشام كبيروت وصيدا وصور وعكة ويافا، يطلق عليها اسم موجب باب الميناء. ويزودنا قانون نامه المذكور أعلاه بقائمة طويلة ومفصلة بأسماء السلع والمواد المستوردة أو المصدرة ومقدار الرسم المتوجب عليها مبيناً القاعدة المتبعة في تقدير قيمة البضاعة والرسم المستحق([32]). وهناك ضريبة تذكر في الدفتر الأول فقط بينما لا يذكرها الدفتر الثاني، حيث ترد باسم معادية وليس لدينا معلومات عنها، ولربما كانت المعادية تشبه الضريبة التي كانت تجمع في لواء نابلس من المسلمين باسم "رسم رجالية" بمعدل 40 أقجة على الخانة المسلمة الواحدة([33]). وأخيراً فإن هذين الدفترين لا يشيران إلى ضريبة تجمع عن أشجار النخيل في حيفا مما يدل على عدم وجودها، وهذا مع العلم أن ناصر خسرو كما رأينا في رحلته يشير إليها في حيفا بقوله: "وبها نخل وأشجار كثيرة".
إن كلا الدفترين يشيران إلى أن قرية حيفا كانت من ضمن إقطاع أسرة آل طراباي([34]) التي أصبحت تعرف فيما بعد باسم الأسرة الحارثية([35]). فالدفتر الأول يذكرها من ضمن الإقطاعات التي أعطتها الدولة العثمانية "لأمير الدربين" طراباي بن قراجة. كما أن الدفتر الثاني يبين أن ريعها كان موزعاً ما بين أحمد وعلي: ولدي طراباي و****هم (كتخداهم) داؤد. هذا بالإضافة إلى خمس مزارع جوار حيفا بلغ مجموع ما يتوجب منها سبعة آلاف أقجة موزعة بين ثلاثتهم([36]). إلا أنه من الملاحظ أن هذه الأسرة لم تسع إلى تطوير ميناء حيفا واستغلاله تجارياً مع أوروبا التي نمت تجارتها مع سواحل بلاد الشام في مطلع القرن السابع عشر، على غرار ما أقدم عليه معاصرهم فخر الدين المعني في تطوير وتوفير الأمن في موانئ بيروت وصيدا وعكا. بل كانوا في سياستهم تلك يلتقون إلى حد بعيد مع سياسة الزعيم السني يوسف باشا سيفا (ت 1034هـ/ 1625م) في طرابلس([37]) في عدم إكتراثه بتشجيع التجارة مع الأوروبيين. بل أكثر من ذلك فإن أحد الأحكام الشريفة المرسلة من السلطان إلى قاضي اللجون بتاريخ 17 شوال 1019هـ/ 2 كانون الثاني 1611م، يشير إلى أن تجار الإفرنج الذين كانوا يفدون على حيفا للتجارة كانوا يتعرضون للأذى والخطر من جانب أمير اللواء وآخرين من رجاله. لذا فإن هؤلاء التجار لم يعودوا يرتادون حيفا وأن الحكم طلب من القاضي أن يمنع أمير اللواء ورجاله من التعرض بأي أذى لهؤلاء التجار([38]).
ويمكننا القول إنه نتيجة الصراع الذي نشب ما بين الأمير فخر الدين المعنى والأمير أحمد الحارثي (ت 1057هـ/ 1647م) فإن حيفا قد أصيبت بأضرار بالغة. ففي سنة 1032هـ/ 1622م تبين لفخر الدين المذكور، زعيم الجناح القيسي في بلاد الشام، أن أحمد الحارثي، زعيم الجناح اليمني آنذاك، يعمل ضده فأرسل فخر الدين أحد رجاله "نصوح بلوكباشي مسك بر حيفا" فما كان من علي الحارثي، شقيق أحمد، إلا أن أغار على ساحل عكا وأخذ طرشه وعاد إلى بلاده ماراً على حيفا فطلع إليه ولاقاه نصوح بلوكباشي بسكمانيته وبيرقه في برج حيفا لأن الأمير كان أوقفه فيه كما ذكرنا، وحاربه وقصد بذلك أخذ الطرش منه واستخلاصه فركضوا عليه وعلى جماعته بالخيل وجماعة مشاة فقتل نصوح المذكور مع رجلين آخرين وانهزم الباقي إلى البرج، فدخل عليهم الوهم ونزلوا في مركب وجاؤوا إلى عكا([39])... وصارت عرب الأمير أحمد بن طرباي تغير على بلاد كفركنا وتأخذ طرشها وغلالها وصيرتها دكا، واستمروا على ذلك إلى أن وصل إليهم خبر كسرة عسكر الشام"(39) في معركة عنجر(40). فبعد انتصار فخر الدين في تلك المعركة، قام في شهر شعبان 1033هـ/ 1624م بالتوجه إلى شمالي فلسطين حيث أعادها إلى سيطرته، وكان من ضمن ذلك حيفا. "وأبقى في برج حيفا ترتر حمزة بلوكباشي وحط عنده عازقاً(41) يكفيه وعمل الأمير فخر الدين في هذه المنزلة أوتراق([40]42) ثلاثة أيام"( 43[41])وكانت قد جرت اتصالات للصلح ما بين المعنيين والحوارث، "وفي عاشر شهر شوال (1033هـ/ 27 تموز 1924م) صار بين الأمير فخر الدين وبين الأمير أحمد بن طرباي مكاتبات ومراجعة ومراسلات وحصل الاتفاق بينهما أن الأمير فخر الدين بن معن يرفع سكمانيته من برج حيفا وأن الأمير أحمد بن طرباي يمنع عربانه عن التخريب في بلاد صفد وتصير المصافاة بينهما على بعد، ففعل كل منهما ذلك، غير أن الأمير أحمد بن طرباي أرسل هدم برج حيفا المذكور بعد خروج السكمانية منه ومشت الدروب بين بلاد حارثة وبلاد صفد وما عاد أحد يتعرض إلى أحد"(44) فلربما بسبب هذا الخراب نرى أحمد الحارثي يخرج عن سياسته التقليدية القائمة على عدم الاهتمام بالميناء فنجده يسمح لأحد الرهبان الكرمليين سنة 1041هـ/ 1631م ببناء مساكن في الميناء ويعطيه بذلك دستوراً يقول فيه: "... وكذلك في المينا يعمر ما يحتاج إليه من المساكن وأعطيناه دستور في ذلك، فبموجب ذلك لا أحد يعترض لهم في ذلك بوجه من الوجوه لا من أهل البلد ولا من غيرهم من العربان والفلاحين، وكل من يعترض لهم لا يلوم إلا نفسه والحذر من المخالفة في ذلك، وذلك جرى في أواخر شهر جمادى الأول سنة واحد وأربعين بعد الألف"([42]45). وكما يبدو أن هذه التجربة لم يكتب لها النجاح إذ إن هناك بعض الإشارات تفيد أنه بدأ يضايق الرهبان بل زيادة على ذلك سجن أحدهم ولم يطلقه إلا بعد أن دفع ذاك الراهب لأحمد الحارثي فدية عن نفسه(46[43]).
كانت الدولة العثمانية السنية تنظر بمزيد من الحذر لتحركات الأقليات من الجماعات والطوائف غير السنية في بلاد الشام خاصة في منطقة الشوف وجبل عاملة والجليل الأعلى. فلقد كان سكان هذه المناطق خاصة جنوبي لبنان وشمالي فلسطين، خليطاً من الدروز والشيعة الاثني عشرية (المتاولة) والعناصر المسيحية التي كان من أبرزها الموازنة الذين دأبوا على الهجرة من الشمال إلى الجنوب بتشجيع من فخر الدين المعني الثاني، هذا إذا أخذنا أيضاً بعين الاعتبار الهجرة اليهودية في القرن السادس عشر(47[44]) إلى منطقتي طبرية وصفد. يضاف إلى كل ما ذكر أعلاه تواجد العناصر البدوية، ولعلنا لا نجانب الحقيقة إذا قلنا أن نسبة العناصر السنية المستقرة كانت في تلك المنطقة ضئيلة بالنسبة لمجموع السكان. فمن أجل معالجة هذا الأمر نجد أن الدولة العثمانية تحاول سنة 1023هـ/ 1614م، بعد هروب فخر الدين المعني إلى تسكانيا، إجراء تنظيم إداري جديد في ولاية دمشق الشام. فاقتطعت ناحيتي صيدا وبيروت ولواء صفد وشكلت منها ولاية جديدة عرفت باسم ولاية صيدا، وكانت الغاية الأولى من وراء ذلك مراقبة وضبط حركات الدروز(48[45]). إلا أن الحياة لم تكتب لهذه المحاولة إذ إن الدولة العثمانية عادت وصرفت النظر عنها وأعادت الولاية الجديدة إلى ما كانت عليه في السابق من حيث تبعيتها لولاية دمشق الشام. والمحاولة الثانية التنظيمية جاءت سنة 1660م وهدفت كالأولى إلى ضبط العناصر المحلية من المعنيين والشهابيين والحمادية والشيعة، وكانت كما وصفها المطران الماروني اسطفان الدويهي (ت 1704م) مشيراً إلى خطورة خطوة الوزير محمد باشا كوبريلي والي دمشق الشام آنذاك: "... وحتى يحطم ذراع أولاد العرب عمل صيدا باشاوية وكتبها على علي باشا الدفتردار"(49[46]). وبالرغم من هذا التنظيم الإداري الجديد ظلت حيفا جزءاً من لواء اللجون وتابعه لولاية دمشق الشام مع العلم أن مساحات كبيرة من الأراضي المحيطة بحيفا بما في ذلك خليجها الشمالي، كانت قد ضمت إلى أراضي الولاية الجديدة. وربما كان هذا من حسن حظ حيفا إذ إنها بسبب بعدها عن عين سلطة دمشق أصبحت مأوى للقراصنة وللتجار المهربة حتى أصبح يطلق عليها اسم "مالطة الصغرى". فأخذت السفن تقصدها متجاوزة عن عكا وصيدا وعلى الأغلب للتهرب من دفع الضرائب المستحقة أو لشراء مواد لم تكن الدولة تسمح بالمتاجرة بها كالقمح والبارود وللتزود بالماء. وكان القنصل الهولندي في عكا طرفاً في عملية التهريب تلك، فكان ذلك مدعاة لإثارة حفيظة زميله القنصل الفرنسي نظراً للأضرار التي لحقت بالتجارة الفرنسية التي كانت تعتمد ميناءي صيدا وعكا. ونتيجة للشكاوى الفرنسية، أصدرت الدولة العثمانية سنة 1716م فرماناً إلى خليل باشا واليها في صيدا، تشير فيه إلى حركة القرصنة وتأمره ببناء عدد من الأبراج حول ميناء حيفا، في محاولة منها لوضع حد لعملية التهريب تلك. واستجابة لذلك قام الوالي المذكور بزيارة استطلاعية للمنطقة وكانت توصياته تتلخص بإعادة بناء القلعة، ولكن وفاته المفاجئة أجلت الموضوع إلى أن استؤنف النظر فيه سنة 1722م(50[47]). وكان قرار الدولة العثمانية يتخلص في تعمير برجين على جانبي الخليج، بدل إعادة تعمير القلعة نظراً لما كان يتطلبه إعادة بنائها من التكاليف الباهظة. وكلفت واليها عثمان باشا أبو طوق([48]51) في صيدا بالإشراف على تنفيذ هذا القرار. فتم إنجاز تعمير البرج الأول على الجهة الشرقية في سنة 1723م وفرغ من إقامة البرج الثاني على الجهة الغربية من الميناء في سنة 1725م. وأقام عثمان باشا أبو طوق في كل منها ستة وثمانين من جنود المدفعية(52[49])وستة وثلاثين من الجبجبة (53[50])ولقد زار الرحالة الإنجليزيRichard Pocockeحيفا سنة 1737م وأشار إلى أن الهدف من وراء تشييد هذين البرجين، كان صد هجمات القرصان. ومن خلال تفاصيل رحلته يلاحظ القارئ نشاط القرصان من مالطا في منطقة شرقي البحر الأبيض المتوسط(54[51]). كل ذلك تم وحيفا ما زالت تابعة لولاية الشام، فمن أجل تصحيح هذا الوضع ووضع الأمور في إطارها الطبيعي صدرت أوامر الدولة في سنة 1725م بضمها وضم طنطورة إلى ولاية صيدا(55[52]). ورغبة من الدولة في تعمير حيفا، وعدت ستة من أصحاب التيمارات في سنجق اللجون وخمسة وثلاثين من أصحاب التيمارات في السنجق المذكور بإعفائهم من دفع بدل رواتب الجنود الذين كان يجب عليهم توفيرهم على حسابهم الخاص مقابل حصولهم على تلك الزعامات والتيمارات، فيما إذا انتقلوا وسكنوا في بيوت تقام لهم بالقرب من البرجين المذكورين. وزيادة في التشجيع على سكنى حيفا وعدت الدولة المسيحيين الذين ينتقلون للإقامة في حيفا بإعفائهم من الجزية وكذلك من سائر التكاليف العرفية(56[53])، ولقد كانت الاستجابة من جانب أصحاب الزعامات والتيمارات والينكجرية كبيرة، ويلاحظ أنه بعد انتقالهم للسكنى في حيفا بدأوا بالعمل في الزراعة مما جعلهم يصطدمون مع الأهالي من سكان حيفا ومع الفلاحين هناك. ولقد عقد اجتماع في أواخر صفر 1138هـ أوائل تشرين الثاني 1725م، برئاسة الوالي الحاج عثمان باشا أبو طوق المذكور أعلاه للنظر في الأمر وللبحث عن حل للمشكلة. وتم الاتفاق في ذلك الاجتماع على أن لا يتعرض الأهالي ولا الفلاحون أصحاب الزعامات في حراثة وفلاحة الأراضي المهجورة. وسجلت بنود هذا الاتفاق في حجة شرعية باللغتين العربية والعثمانية وحفظت نسخة منها في "الجباخنة" للعودة إليها. ونظراً لأهمية هذه الحجة فإننا نثبت نصها العربية التالي([54]57):
"لما انعقد المجلس الشرعي في القلعة المجددة موجب الفرمان العالي الشريف غربي اسكلة حيفا بحضرة جناب الدستور المكرم المشير المفخم ناظم مناظم الأمم الحاج عثمان(58[55]) باشا محافظ ايالة صيدا حالا زاده الله رفعة وإجلالاً وبحضرة فخر الاشباه الحاج مصطفى(59[56]) حمود زاده ضابط([57]60) اسكله حيفا الملحقة باسكلة عكا(61[58]) وفخري المستحفظين([59] 62) طوبجي إبراهيم آغا وشعبان آغا وفخر الاشباه حسين بيك أميرلاي(63[60]) سنجق اللجون حالا وأميرالاي السنجق المزبور سابقاً مصطفى زعيم([61]64) الطيرة([62]65) وحيفا وبحضرة الشيخ رافع(66[63]) والشيخ أحمد مرعي([64]67) المتكلمين على أهالي حيفا وكافة الاسباهية والينكجرية بقلعة حيفا الشرقية وأحمد مصلح وسائر الفلاحين(68) المرموقين. إن الشيخ رافع والسيد أحمد مرعي مشايخ حيفا يتعارضونهم في أراضي ناحية حيفا قائلين وزاعمين إنها لهم ولا يأذنون لهم في حرثها وزرعها وطلبوا دفعهم عنهم وعدم المنازعة لهم. فسئل من مشايخ حيفا المذكورين ومن فلاحيها عن ذلك فأجابوا منكرين المنازعة والمعارضة، بل لسائر سكان القلعتين الشرقية والغربية أن يزرعوا ويحرثوا في أي أرض أرادوا زرعها وحرثها إن كانت من أرض السعادة(69[65]) أو الحوارث(70[66]) وسائر أراضي أحمد زيدان(71[67]) وأتباعه النازحين عن قريتهم، وأي أرض تركها أهلها ثلاث سنوات معطلة وغامرة من غير حرث ولا زرع لهم أن يحرثوا ويزرعوا ويتصرفوا بها كما شاءوا واختاروا شرعاً وفرعاً، لا ينازعهم منازع ولا يعارضهم معارض، فعندها كان من كلام جناب الوزير المشار إليه أن هذه الأراضي حيث تركها أهلها ونزحوا عن بلادهم رجعت رقبتها وتصرفها لبيت مال المسلمين وصار أمرها مفوضاً لوكلاء حضرة السلطان نصره العزيز الرحمن ولضابطي المقاطعات، ولما كان الأمر كذلك، صدر الأمر منه أن من سكن في إحدى القلعتين المزبورتين من الفلاحين والزراعين والحراثين وساير الرعايا على موجب الفرمان العالي الشأن السلطاني وعمر بهما بيتاً من حجر ومدر وسكن واستقر بهما لأجل محافظة بلاد المسلمين ونفوس المؤمنين ففي أي أرض حرث وزرع من سائر أراضي سنجق اللجون لا يدفع من محصولاتها إلا العشر الشرعي للمعشر كما هو مسطر في كتب الفقه ويكونون معافون (كذا) من جميع التكاليف الشاقة وغيرها، فعندها التمس سكان القلعتين سنداً شرعياً يكون بيدهم مخلداً، فقرر مشايخ حيفا أن بلدهم خمسية ومن الآن كل من طلبوا منه ما هو متوجب عليه من المال فيفر عنهم ويسكن في إحدى القلعتين فيلزم منه خراب بلدتهم، فعندما صدر الأمر من جناب الوزير المشار إليه أن من فر من أهالي حيفا وسكن بإحدى القلعتين فمهما كان متوجب عليه من المال يدفعه لهم ولا ينازعهم من سكان القلعتين منازع ومن تاريخ هذا الكتاب من أراد السكنى من أهالي حيفا في إحدى القلعتين فلا يواويه أحد من سكانهما وارتضى كل من الفريقين على ذلك وأقره كل منهم وانفصل الأمر عليه والتمس كل منهما كتب هذا الصك وحفظه في كل من القلعتين في الجبخانة العامرة ليكون للفريقين سنداً شرعياً، فكتب ما وقع وحرر بالطلب في أواخر صفر لسنة ثمان ثلاثين ومائة وألف".

شهود

الحاج يوسف بيك
رجب بيك
أحمد بيك
محمد بيك زعيم
أحمد بيك
قرا حسن طوبجي
وغيرهم
إبراهيم بيك زعيم
عوض بيك
يوسف جبجي
لقد اتسم العهد العثماني في بلاد الشام، مقارنة بغيره من العهود الإسلامية، بتوفير الأمن والحماية لسواحل تلك البلاد، ولقد واكب ذلك ازدهار تجاري أوروبي مع السواحل الشامية، فكان من النتائج التي ترتبت على ذلك أن السواحل التي كانت مهجورة منذ إخراج الفرنجة منها سنة 1291م، قد دبت فيها حركة العمران، ونتيجة للإغراءات التجارية ونظراً للانقسام الذي أصاب الكنيسة الأرثوذكسية، أصبحت العناصر السكانية، خاصة المسيحية منها تهاجر بالتدريج من الداخل إلى الساحل الذي أصبح يكتسب سمة مسيحية بارزة. وزيادة على ذلك فإن مراكز الثقل الحضاري والتجاري والفكري والسياسي قد بدأت تتحول تدريجياً عن الداخل نحو الساحل. ومن هنا لم يكن ظهور الزيادنة وأحمد باشا الجزار ثم دور مدن السواحل في القرن التاسع عشر والعشرين عفوياً.
إن حركة العمران تلك التي عرضنا لها في حيفا لم تكن الوحيدة في بلاد الشام خلال القرن الثامن عشر بل إن هناك تجارب مشابهة، والذي يهمنا أن ندعو إليه هنا أنه من أجل فهم دقيق وموضوعي للقرن التاسع عشر، أنه آن الأوان لدراسة القرن الثامن عشر من مختلف جوانبه لفهم حركة الإصلاح والتجديد، قبل هبوب رياح الحضارة الأوروبية على المجتمع الشامي الإسلامي لتتركه على مفترق الطرق.








(1) أبو معين الدين ناصر خسرو القبادياني المروزي من مواليد سنة 394هـ/1003هـ، عمل، بعد دراسته مختلف فروع المعرفة المعروفة في عصره آنذاك موظفاً في مرو وتقلب في عدد من المناصب، إلا أنه تركها وغادر مرو لأداء فريضة الحج، وربما جاء ذلك تلبية لدعوة من الخليفة الفاطمي في القاهرة. بعد إقامة له بالقاهرة أدى فريضة الحج وعاد إلى بلخ وهو يحمل "لقب الحجة في الدعوة"، طارده السلاجقة فالتجأ إلى مناطق يمكان حيث انصرف للتأليف والدعوة، توفي سنة 452/ 453هـ- 1060/1061م، حول مؤلفاته ورحلته انظر:
E. Berhels, “Nasir-i: Khusraw” E. I. Vol. iii, PP. 869-70.
كذلك انظر المقدمة التي صدر بها يحيى الخشاب الترجمة العربية لسفر نامه، الطبعة الثانية، دار الكتاب الجديد، بيروت، 1970، ص 5- 32.

(2) حول حيفا انظر: Vol. iii. PP.324-6 “Hayfa” E.I,
كذلك النصوص المجموعة عنها:
Palestine Under The Moslems, by Guy Le
Strange, Khayats, Beirut, 1965, P. 446.
وفي كتاب بلدانية فلسطين العربية للأب أ. س. مرمرجي الدومنيكي، مطبعة جان دارك، 1948، ص65. أما عن حيفا في القرن التاسع عشر فانظر كتاب:
Leurence Oliphant, Haifa or Life in Modern Palestine. London, 1887.
أشكر الأستاذ عبدالعزيز الدوري والدكتور عوض خليفات اللذين زوداني بنسخة مصورة عن هذا الكتاب، كذلك انظر مقالة:
Archdeacon Dawling, “The Twon of Haifa”, Palestine Exploration Found, Vol. (1914) PP. 184- 91.
أما عن حيفا في مطلع القرن العشرين فراجع محمد رفيق التميمي ومحمد بهجت الحلبي، ولاية بيروت- القسم الجنوبي، مطبعة الإقبال، بيروت، 1335هـ، ص 226- 270.

(3) ناصر خسرو، سفر نامه، ص 35، أما الجودي فهي مفردة قرآنية ترد في سورة هود في معرض قصة سفينة نوح عليه السلام حيث يقول سبحانه وتعالى: "وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعداً للقوم الظالمين" آية رقم 44. وفسرت الجودي هنا بأنها مكان، حيث يذكر ياقوت ذلك بقوله: "الجودي ... هو جبل مطل على جزيرة ابن عمر في الجانب الشرقي من دجلة من أعمال الموصل، عليه استوت سفينة نوح عم لما نضب الماء"، ومثل ذلك يذكره ابن منظور إلا أنه يضيف إليها معنى آخر نقلاً عن الجواليقي فيقول: "والجودياء بالنبطية أو الفارسية الكساء"، وذكرت الكلمة في بيت من الشعر بمعنى "جبة السمور"، حتى هنا نرى أن هذه اللفظة لا تستخدم بمعنى السفينة، والجدير بالذكر أن شمس الدين محمد بن أحمد بن أبي بكر البناء البشاري المقدسي (ت 375هـ/ 985م) عند تعداده لبعض أنواع السفن لا يذكر الجودي، زيادة على ذلك لا يأتي على ذكر حيفا عند تناوله إقليم الشام. كما أن حبيب الزيات في مقاله "معجم المراكب والسفن في الإسلام" لا يذكرها، وعند العودة إلى كتاب جورج فضلو حوراني فإنه لا يذكر الجودي، راجع موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقي (ت 540هـ/ 1145م) المعرب من الكلام الأعجمي على حروف المعجم، تحقيق وشرح أحمد محمد شاكر، طبعة الأوفست، طهران، 1966م، ص111، انظر أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، تحقيق دوغويه ليدن 1906م، ص81، ص151- 192، معجم البلدان، 6 م، تحقيق فردناند وستفيلد، طبعة مصورة، طهران، 1965م، م 2، ص144، لسان العرب، 14 م، دار صادر بيروت، 1955- 1956م، م 3، ص 138- 139، حبيب الزيات، "معجم المراكب والسفن في الإسلام"، المشرق، م 43، (1949م) ص321- 264.
Geoge Fadlo Hourani, Arab Seafaring in the Indian Ocean in Ancient and Early Medieval Times, Khayats, Beirut, 1993.

(4) حول حياة الإدريسي انظر:
G. Oman, “al-Idrisi” II2 Vol.iii, PP. 1032- 5.

(5) الإدريسي، نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، المجلد الرابع، روما، 1974م، ص 365.

(6) كندفري المقصود به هو Godfrey de Bouillon (1060- 1100م) دوق لورين الدنيا، كان قد استجاب مع إخوته لنداء البابا أوريان الثاني في إرسال حملات صليبية لاستخلاص قبر السيد المسيح من أيدي المسلمين، وشارك في حصار القدس والدخول إليها في 15 تموز سنة 1099م، حيث وقع عليه الاختيار ليكون أول ملك فرنجي للقدس ولكنه رفض لقب ملك واكتفى بلقب:
Advocatus Sancti Sepulchri
ولقد كانت وفاته يوم الأربعاء في 18 تموز سنة 1100م وخلفه على ملك القدس أخوه بلدوين انظر حول هذه الأحداث:
S. Runciman, A History of the Crusades Vol. I, Cambridge U.P, PP.112, 145- 7, 280-6, 291- 318.

(7) ذكر ياقوت خطأ أن تاريخ استرجاع حيفا كان سنة 573هـ/ 1177م، والواقع كان ذلك بعد عشر سنوات من التاريخ الذي ذكره. حول ذلك انظر العماد الأصفهاني، محمد بن صفي الدين (ت 597هـ/ 1201م)، الفتح القسي في الفتح القدسي، تحقيق وشرح محمد محمود صبيح، القاهرة، 1965م، ص94، حيث يذكر أن حيفا استسلمت إلى بدر الدين دلدرم وغرس الدين قليج بعد فتحهم قيسارية.

(8) ياقوت، معجم البلدان، م 2، ص 381.

(9) حول هذا الدمار الذي لحق بحيفا في عهد السلطان الظاهر بيبرس، انظر محيى الدين بن عبدالظاهر، الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر، تحقيق ونشر عبدالعزيز الخويطر، الرياض، 1976م، ص234، وكذلك راجع بيبرس الدواداري المنصوري (ت 725هـ/ 1325م) زبدة الفكرة في تاريخ الهجرة، المتحف البريطاني رقم 23325Add. ورقة 70 ب، راجع أيضاً تقي الدين أحمد بن علي المقريزي (ت854هـ/ 1450م)، السلوك لمعرفة دول الملوك، م1/ق2، تحقيق محمد مصطفى زيادة، القاهرة، 1936م، ص 527- 528، والملاحظ أن الشيخ قطب الدين يونس بن محمد البونيني (ت726هـ/ 1326م) لا يذكر خبر مهاجمة حيفا في أخبار سنة 663هـ/ 1265م، انظر ذيل مرآة الزمان، 2 م، حيدر اباد الدكن، 1375هـ/ 1955م، م 2، ص318. أما أبو الفداء إسماعيل بن عمر ابن كثير (ت 774هـ/ 1372م) فيشير إلى أن الظاهر بيبرس فتح قيسارية "وتسلم قلعتها في يوم الخميس الآخر خامس عشرة فهدمها وانتقل إلى غيرها، البداية والنهاية، 14 م، بيروت، 1966م، م13، ص244.

(10) القلقشندي، صبح الأعشى في صناعة الإنشاء، 14 م، المطبعة الأميرية، دار الكتب المصرية، 1913- 1919م،م 4، ص155.

(11) حول حياة هذا البحار انظر:
France Babinger, “Piri Myhyi al- Din Reis” E. I, Vol. iii, PP. 1070- 71.

(12) انظر هذا الوصف في النص الذي ترجمه ونشره:
U. Heyd, “A Turkish De******ion
of the Coast of Palestine in the Early Sixteenth Century”, Isreal Exploration Journal, Vol. Vi, (1956), PP. 201- 216.

(13) حول اللجون انظر صدر الدين محمد بن عبدالرحمن العثماني الدمشقي (ت 780هـ/ 1376م) حيث يذكره على أنه ولاية من العمل السابع في صفد وأن أهله من عشير يمن
Bernard Lewis, “An Arabic Account of the Province of Safad” BSOAS, Vol. XV/3, (1953), P. 483.
انظر أيضاً ياقوت، معجم، م 4، ص 351.

(14) حول صفد المملوكية انظر العثماني المذكور أعلاه، والقلقشندي، صبح الأعشى، م 4، ص 149.

(15) حول هذه الحركة انظر شمس الدين بن طولون (ت 953هـ/ 1546م) مفاكهة الخلان في حوادث الزمان، 2 م، تحقيق محمد مصطفى، القاهرة، 1962- 1964م، م 2، ص 123- 124، كذلك لنفس المؤلف، إعلام الورى بمن ولي نائباً من الأتراك بدمشق الشام الكبرى، تحقيق محمد أحمد دهمان، دمشق، 1964م، ص 231- 237.

(16) حول هذه التقسيمات انظر:
U. Heyd, Ottoman Documents on Palestine
1552- 1615, (O. U. P.) 1960, P. 35.

(17) هذا الدفتر محفوظ بمديرية المحفوظات التابعة لرئاسة الوزراء بإسطنبول، تحت رقم 192. والجدير بالذكر أنه يوجد بنفس المديرية دفتر طابو آخر تحت رقم 1038، غير مؤرخ يزودنا بالمعلومات التالية عن حيفا: "قرية حيفا تابع مرج بني عامر، خانة 16، حاصل قسم من الربع،
حنطة/ غراره
شعير/ غراره
خراج زيتون
خراج تين
رسم معزة
رسم نحل
15
8
1950
560
1165
50
135
250
يكون 4110، ص 221"، ويبدو أن هذا الدفتر أقدم بعض الشيء من دفتر رقم 192م.

(18) مديرية الأراضي والطابو بأنقره، رقم 181، لقد استخدم كل من
W. D. Hutteroth and K. Abdul Fattah
هذا الدفتر في دراستهما المعنونة باسم:
Historical Geography of Palestine, Transjordan and Southern Syria in the Late 16th, Erlangen 1977.
عن دفاتر الطابو انظر أيضاً:
O. L. Barkan “Daftar-i Khakani: E. I2. Vol, ii PP. 81-3.
وأما عن الدفاتر المتعلقة بالبلاد العربية انظر:
B. Lewis, the Archives as a Source for the History of the Arab Lands” JRAS, London, PP. 139- 55.
Ibidum, “Studies in the Ottoman Archives I. BSOAS, Vol. XVI/3, London (1953) PP. 469- 501.
هذه بالإضافة إلى الدليل الواسع الذي أعده:
Midhat Sertoglu, Muhteva Bakimindam Basvalet Arsivi, Ankara, 1955.
أما بشأن مديرية محفوظات إسطنبول التابعة لرئاسة الوزراء، انظر:
B. Lewis, “Basvekalet Arsivi” E. I2., Vol. i, PP.1089-91.

(19) الخانة: وحدة تعداد السكان في الدولة العثمانية، والمقصود بذلك الأسرة، ويقدر الدارسون لهذا الموضوع عدد أفرادها ما بين 5-7 أشخاص. أما الذين لم يكن لهم أسر فكانوا يدونون تحت عنوان مجردين أي غير متزوجين.

(20) حول سكان لواء دمشق الشام في القرن السادس عشر، انظر:
M. A. Bakhit, The Ottoman Pvovince of Damascus in the 16th Century Ph. D. London, 1972, PP. 44- 49.

(21) الأقجة: الاسم الذي كان يطلق على وحدة النقد العثماني المضروبة من الفضة وتشير إليها المصادر الأوروبية عادة باسم أسبر المحرف عن اليونانية. حول تاريخ هذه الوحدة النقدية، انظر:
H. Bowen, “Akce” E. I. vol. I., PP. 317-8.

(22) كانت غرارة دمشق تزيد بقليل عن 250 لتر، حول ذلك انظر:
B. Lewis “Jaffa in the 16th Century According to the Ottoman Tahrir Registers” in Arabic and Islamic Studies in Honour of Hamilton A. R. Gibb, Leiden, P. 437, Footnotes.


(23) حول أسباب هذه المشكلة من التضخم وارتفاع الأسعار، انظر:
B. Lweis, The Emergency of Modern Turkey, (O. U. P.) 1965, PP. 29-32.
وانظر أيضاً:
Halil Sahilliogle, “Sivis Year Crises” in Studies in the Econmic History of the Middle East, Edited by M. A. ****, O.U., P. 1970, PP. 240-1


(24) انظر:O. L. Barkan, Kanunlar, Istanbul, 1945, P. 220.

(25) دفتري طابو، 181 (أنقرة)، ص2.

(26)المصدر والمكان ذاتهما.

(27) ينص قانون نامة لواء الشام على ما يلي:
“ve iki Kavana Bir Para resimolina” Barkan, Kanunlar, P. 220


(28) حول هذه الضريبة انظر:
B. Lewis, “Arus Resmi” E. I2. , Vol. P. 679.
وكانت القاعدة في دمشق الشام أنه عند عقد نكاح بنت بكر أن تأخذ الدولة مائة وخمسة وعشرين درهماً، عشرون منها تعطى للقاضي العثماني الحنفي، ودرهم واحد للمأذون الذي أجرى العقد، وأربعة للشهود، أما المائة الباقية فكانت إما أن تحول للخاص السلطاني، أو لخاص أمير اللواء أو لأحد أصحاب التيمارات حسبما يحدد ذلك دفتر الطابو. أما في حالة الأرملة أو المطلقة فكان الرسم دون ذلك ويبلغ خمسة وسبعين درهماً، خمسة وعشرون منها توزع بالطريقة المشروحة أعلاه والباقي تحول إما للخاص أو لصاحب الزعامة أو للمستفيد من التيمار، انظر:
Bakhit, the Ottoman Province of Damascus, PP. 139- 40.

(29) بادهو (ريح الهواء) مصطلح فارسي مركب من كلمتين – باد- ريح وهواء العربية، وهي الضرائب المتفرقة حول هذه الضريبة راجع:
B. Lewis, “Bad- i Hawa” E. I, Vol, P. 850.

(30) حول هذه الضريبة انظر:Bakhit, The Ottoman Province, p. 140.
حول الغرامات والعقوبات التي تلحق المرتكب "للجرم والجنايات" في قانون العقوبات العثماني، انظر:
U. Heyd, Studies in Old Ottoman Criminal Law, Edited by V. L. Menage, (O. U. P.) 1973, P. 276.

(31) كلمة اسلكة مفردة من أصل يوناني تفيد معنى التحميل والتنزيل، دخلت إلى اللغة الإيطالية وعن طريق هذه اللغة وبسبب النشاط التجاري للمدن الإيطالية تسربت هذه الكلمة للغة العربية على شكل "سقالة" وإلى اللغة التركية باسم اسكلة- أي الميناء. حول تاريخ هذه المصطلح البحري انظر:
H. Kahane and A Tietze, The Lingua Farnce in the Levant, Turkihs Nautical Terms ot Italian and Greek Origin, Urbana, 1953, PP. 568- 72.
انظر أيضاً:
R. Dozy, Supplement aux Dictionnaires Arabes, 2 Vols, Brill, Leiden, 1881, Vol. i. P. 23.

(32)J. Redhouse, Turkse- Inglizce Sozlugu, Istanbul, 1966, P. 550.
Barkan, Kanunlar, PP. 224-6.

(33) طابو دفتري 1038 (إسطنبول)، ص235.

(34)طابو دفتري 192، ص4.

(35) حول هذه الأسرة انظر دراستي: الأسرة الحارثية في مرج بني عامر 885هـ/ 1480م- 1088هـ/ 1677م. المقدمة إلى ندوة تاريخ العرب الحديث، جامعة عين شمس، أيار 1977، وكذلك مقالة:
M. Sharon, “The Political Role of the Bedouins in Palestine in the Sixteenth and Seventeenth Centuries” in Studies on Palestine During the Ottoman Period, Jerusalem, 1975, PP.11-30.

(36) طابو دفتري 181 (أنقرة)، ص19.

(37) حول حياة ودور هذا الزعيم في مجريات الأحداث المحلية انظر محمد أمين بن فضل الله (ت1111هـ/1699م) خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، 4 م، تصوير مكتبة خياط، بيروت، لا، ت، م 4، ص 503 وكذلك دراسة:
K. Salibi, “The Sayfas and the Eyalet of
Triolo 1579- 1640” Arabica, Vol. XX, (1973), PP. 25- 52.
كذلك مقالتي "أحداث بلاد طرابلس الشام 1015/ 1016هـ، 1605/ 1606م، مجلة مجمع اللغة العربية الأردني، العدد الأول، 1978، ص171- 206 والمصادر المذكورة في هذا المقال:

(38)U. Hyed, Ottoman Documents on Palestine, P. 129.

(39) الشيخ أحمد الخالدي الصفدي (ت 1034هـ/ 1624م)، تاريخ الأمير فخر الدين المعني الثاني، تحقيق أسد رستم وفؤاد البستاني، بيروت، الطبعة الثانية، 1969، ص139.

(40) المصدر ذاته، ص 142.
(41) العازق، محرفة عن أزيق التركية وهي المؤونة، انظر رد هاوس، ص82-83 (طبعة 1921).
(42) أوتراق: الإقامة، انظر رد هاوس، ص904 (طبعة 1968).
(43) الخالدي الصفدي، المصدر ذاته، ص193.

(44) الخالدي، المصدر ذاته، ص 197- 198، يذكر طنوس الشدياق (ت 1859م) دون أن يذكر مصدره أن هدم البرج كان جزءاً من بنود الاتفاق، أخبار الأعيان في جبل لبنان، 2 م، تحقيق فؤاد أفرام البستاني، بيروت، 1970م، م 1، ص 284- 285، يشير جميل البحري إلى برج العجوز أو برج الزورة على أنه "صخرة منتصبة على شاطئ من بقايا البرج الذي هدمه أحمد الحارثي. هذا مع العلم أن ظاهر العمر الزيداني سنة 1750م هدم حيفا وبنى مدينة جديدة بالقرب منها أسماها العمارة الجديدة وأنه بسبب ذلك وعلى الأرجح، لم يعن بالبرج القديم، انظر، جميل البحري، تاريخ حيفا، المطبعة الوطنية، 1922، ص5، كذلك راجع:
L. A. Mayer and J. Pinkerfeld, Some Principal Muslim Religious Buildings, Jerusalem, 1950, PP. 39- 40.
(45) انظر نص هذا الدستور في كتاب جميل البحري، تاريخ حيفا، ص50، ويذكر البحري أنه نقله عن مخطوط موجود في مكتبة دير الكرمل.

(46) انظر محمود العابدي، صفد في التاريخ، عمان، 1977، ص70.

(47) انظر حول ذلك:
B. Lewis, “The Jews in Palestine in the 16th Century” in Notes and Documents From the Turkish Archives, Jerusalem, 1952, PP. 5- 47, See also U. Heyd “Turkihs Documents Concerning the Jwes of Safed in the Sixteenth Century” in Studies on Palestine During the Ottoman Period, PP. 111- 18.

)48) U. Heyd. Ottoman Documents on Palestine, PP. 47- 8.

(49) الدويهي، اسطفان (ت 1704م)، تاريخ الأزمنة، تحقيق الأب فردينان توتل اليسوعي، بيروت، 1951، ص 357- 359، حول منزلة اسطفان الدويهي التاريخية انظر:
Kamal Salibi, Maronite Historians of Medieval Lebanon, Beirut, 1959, PP. 89- 160.
الشدياق، أخبار الأعيان، م1، ص 296- 297، راجع أيضاً:
A. Rafeq, The Province of Damascus 1723- 1783, Khayats, Beirut, 1966, pp. 3-4, 32.

(50) انظر:
Amnon Cohen, Palestine in the 18th Century, Patterns of Government and Administration, Jerusalem, 1973, PP. 137- 140.
وحول تواجد القناصل في الدولة الإسلامية انظر:
B. Supler “Consul” E. I2. Vol. ii. PP. 60- 61.
والجدير بالذكر أن السيد محمد مرتضى الحسيني الزبيدي (ت 1205هـ/ 1791م)، يعرف القنصل بقوله: "قلت ويعبر به عن ال**** للكفار في بلاد الإسلام"، تاج العروس، م 8، ص89.

(51)القبودان عثمان باشا أبو طوق (ت 17 ربيع الثاني 1139هـ/ 26 كانون الأول 1726م)، كان زوجاً لشقيقة السلطان، تولى حكومة دمشق الشام أكثر من مرة، وكذلك البصرة وصيدا، وأثناء توليه دمشق كان أمير قافلة الحج الشريف أكثر من مرة ومن هنا اكتسب لقب حاج. ولي أحد أبنائه الذي كان زوجاً لابنة السلطان صيدا وآخر ولي القدس. اتسم عهده بدمشق بظهور فئة أطلق عليها اسم العوانية، ألحقت الضرر بالناس وابتزت أموالهم مما دفع العامة بقيادة المفتي محمد خليل البكري الصديقي (ت1173هـ/ 1759م) إلى أن يهاجموا العوانية "فمنهم من قتل ومنهم من صلب وأخبروا الدولة العلية بما وقع وصدر"، حول أوضاع بلاد الشام في عهده انظر، محمد بن جمعة المقار (ت ح 1156هـ/ 1743م)، كتاب الباشات والقضاة نشره صلاح الدين المنجد مع نصوص أخرى باسم ولاة دمشق في العهد العثماني، دمشق، 1949م، ص 57- 60، الشدياق، أخبار الأعيان، م 1، ص57، م 2، ص 316، حيدر أحمد الشهابي (ت 1835م)، م 2، ص17، عبدالكريم رافق، بلاد الشام ومصر، دمشق، 1968م، ص223- 224، ولنفس المؤلف:
The Province of Damascus PP. 77- 85, 112- 13.
يذكر عبد الأمير محمد أمين شخصاً باسم الوزير عثمان باشا متسلماً للبصرة ما بين 1712- 1714م، القوى البحرية في الخليج العربي في القرن الثامن عشر، بغداد، 1966م، ملحق رقم 3، ص93، حول حياة الشيخ البكري، راجع محمد خليل المرادي (ت 1206هـ/ 1791م) سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، م 2، ص83- 97.

(52) تذكر المصادر العثمانية جنود المدفعية باسم طوبجو، حول هذا المصطلح انظر:
H. A. R. Gibb and H. Bown, Islamic Society and the West, (O. U. P) 1963, Vol. i, part i, PP. 66.7.

(53) الجبجية: الجنود الذين يلبسون الدروع، انظر المرجع السابق، الصفحة ذاتها.

(54) يصف ذلك بقوله:
“The are also ruins of a large building that seems to have been the castle; and thay have built two forts, as adefence against the corsairs”, A De******ion of the East and some other Countries, Vol. ii, part i. Observation on Palestine or the Holy Land, Syria, Mesopotamia, Cyprus and Candia, W. Bowyer, 1745, PP. 51, 56.

(55) امنين كوهين، المرجع ذاته، ص 140.

(56) المرجع ذاته، ص 140- 141.

(57) الحجة التي نثبت النص العربي منها هنا وجدتها ملصقة في داخل دفتر الطابو رقم 181 الموجود في مديرية الأراضي بأنقرة، وتاريخها "أواخر صفر الخير لسنة ثمان وثلاثين ومائة وألف" بينما يشير امنين كوهين إلى وثيقة مشابهة لها ضمن مجموعة المالية المدورة بإسطنبول ولكن تاريخها 13 ربيع الثاني 1138هـ/ 19 كانون الأول 1725م. انظر كوهين، المرجع ذاته، ص141، 142، وهامش رقم 96.

(58) انظر هامش رقم 51 أعلاه.

(59) لم أعثر على ترجمة للحاج مصطفى حمود زاده إلا أنه كما يبدو أن عائلة حمود الصيداوية خلال مطلع القرن الثامن عشر قد كانت تلتزم جباية الضرائب المتوجبة على عكا وصور وصيدا وبيروت، وبهذا الخصوص يذكر عبود الصباغ ما يلي: "بما أن عكا لما كانت في ذلك الوقت في يد ضاهر بك كان ملتزمها على آغا حمود الذي كان مقيماً في صيدا ويلتزم من كل وزير يحضر عكا وبيروت وصور أقلام صيدا ويرسل إلى الأماكن المذكورة متسلماً من طرفه". الروض الزاهر في أخبار ضاهر، المكتبة الوطنية، باريس، Araba 4610، ورقة 9 أ.

(60) إن طبيعة عمل الضابط من خلال هذا النص ونصوص أخرى تبدو لنا أنها تعني الالتزام بالضرائب ولكن على نطاق ضيق ومحدود. وعلى الأرجح أنه ليس ذا بعد عسكري. وكان هذا اللقب يطلق على الملتزمين بغض النظر عن دينهم، فمثلاً يذكر حيدر أحمد الشهابي أن فارس الدهان (مسيحي) كان ضابط الكمرك لدى الجزار، على أية حال فإن الضابطية كمؤسسة بحاجة لدراسة أوفى، انظر تاريخ أحمد باشا الجزار، نشره الأب أنطونيوس شبلي والأب أغناطيوس عبده خليفة، مكتبة أنطوان، بيروت، 1955م، ص 103، انظر أيضاً:
B. Lewis, “Debit”. E. I2. , Vol.ii, P. 74.

(61) حول تطوير عكا في القرن الثامن عشر انظر، امنين كوهين، المرجع السابق، ص 128- 137، راجع أيضاً النصوص التي جمعها عنها الأب مرمرجي الدومنيكي، بلدانية فلسطين، ص161- 166، كذلك انظر:
F. Buhl, “Akka” E. I2. , Vol. I, 341.

(62) المتسحفظان: هم الجنود الذين كانوا يوضعون لحماية القلاع.

(63) الآي كلمة تركية تعني مجموعة من العسكر، انظر: جب، وبون، المرجع ذاته، م 1، ج 1، ص1، 51، 145.

(64) زعيم رتبة في نظام التيمار العثماني، كان صاحبها يمنح إقطاعاً من صنف الخاص، انظر المرجع السابق، ص 46- 56.

(65) في القرن السادس عشر كان هناك ثلاث قرى باسم الطيرة، منها أولا قرية طيرة اللوز تابع ساحل عتليت الغربي التي كان عدد سكانها سنة 945هـ/ 1538م، 69 خانة ومجردين، وقيمة حاصلاتها المستحقة 2031 أقجة (ص 5- 6)، أما في سنة 1005هـ/ 1596م، فإن عدد سكانها يتناقص إلى 52 خانة، وكانت قيمة وريع حاصلاتها 22000 أقجة، أما رسم الماعز والنحل المحصل منها فكان 300 أقجة، ومثل ذلك "البادهوا ورسم عروس". خمسة عشر ألف أقجة من هذه العائدات كانت مخصصة كجزء من زعامات أحمد وعلي ولدي طراباي وكتخداهم (****هم داود). (ص 18- 19)، أما الطيرة الثانية، فكانت تعرف باسم الطيرة الشمالية، عدد سكانها بموجب الدفتر الأول ثلاث خانات وقيمة ربع حاصلاتها 1942 أقجة. والطيرة الثالثة تذكر باسم الطيرة القبلية عدد سكانها 5 خانات وقيمة ربع حاصلاتها 1970 أقجة (29- 30)، وبموجب الدفتر الثاني تذكر الطيرة الشمالية والقبلية كمزارع من زعامات أحمد وعلي ولدي طراباي وقيمة ربع حاصلاتها في السنة 12000 أقجة (ص17). من هذا يظهر أن المقصود بقرية الطيرة هي المشار إليها باسم طيرة اللوز لأن الأخيرتين تحولتا إلى مزارع. ويشير U. Heyd إلى أن الأمير عساف آل طراباي في سنة 987هـ/ 1579م، كان قد بنى مسجداً في قرية الطيرة، راجع:
U.Heyd, Ottoman Docments on Palestine, P. 110. n.4.

(66) إن كلمة شيخ الشائعة والمتداولة منذ زمن بعيد في التاريخ العربي الإسلامي ذات مدلولات مختلفة، فعند النسابين تفيد معنى المتنفد في العشيرة، وبالنسبة للصوفية تعني من بلغ مستوى رفيعاً في الطريقة، ولدى أصحاب الحرف والأصناف تدل أيضاً على المستوى الرفيع في تنظيمهم الهرمي، وهي رتبة علمية في وسط العلماء. والملاحظ أن مثل هذا اللقب يشيع استعماله في ريف بلاد الشام بين الفلاحين والزراع ولا يقتصر استخدامه على المسلمين السنة فقط بل إن غيرهم من بعض الأسر الدرزية والمسيحية كان لها مثل هذا اللقب. والسؤال الذي يطرح نفسه، هل لقب أمير وشيخ ومقدم الذي تذكره المصادر كان يمنح ويستخدم بموافقة الدولة العثمانية أم أنه كلقب كان يدل على منزلة اجتماعية نشأ محلياً؟ من ناحية أخرى حافظت الدولة العثمانية على مؤسسة المشيخة التي كانت استمراراً لمؤسسة إمارة العرب التي وجدت في العهد الأيوبي واستمرت في عهد المماليك. والذي يبدو أن المشايخ في القرى كانوا أصحاب نفوذ ولم يكونوا أصحاب سلطة إلى أن بدأوا يعملون كملتزمين صغار ربما باستنثاء ظاهر العمر الذي يصفه عبود الصباغ بقوله "قصار الاسم إلى ظاهر عند الدولة والمشيخة عند الفلاحين" وأنه كان يحارب "مشايخ الفلاحين الذين بالقرب منه ويأخذ بلادهم ويلتزمها" وأصبح لقبه كما يذكره المرادي "شيخ شيوخ البلاد الصفدية". وعلى الأرجح أنه لم يكن للشيخ في القرى في هذه المرحلة السلطة والصلاحيات وشبه الصفة الرسمية التي كان يتمتع بها الشيخ في القرية المصرية في القرن الثامن عشر. حول من تلقب بهذا اللقب انظر الشيخ حسن البوريني (ت1024هـ/ 1615م)، تراجم الأعيان في أبناء الزمان، 2 م، تحقيق صلاح الدين المنجد، دمشق 1959م، 1963م، م 2، ص224- 225، الخالدي الصفدي، المصدر ذاته، ص13، 14، 26، ص34، 41، 62، 129، 130، 196، المرادي، سلك الدرر، م 3، ص184، عبود الصباغ، المصدر ذاته، ورقة 3 ب 7 أ، حيدر الشهابي، الغرر الحسان، م 2، ص6.
عن الشيخ في مصر في القرن الثامن عشر انظر:
عبدالرحيم عبدالرحمن عبدالرحيم، الريف المصري في القرن الثامن عشر، مطبعة جامعة عين شمس، 1974م، ص 18- 23.
انظر أيضاً عن سياسة الدولة العثمانية تجاه القبائل واحياء المشيخة في القرن الثامن عشر:
Barbir, Carl K., The Dynamics of Ottoman in Damascus During the First Half of the Eighteenth Century Ph. D. Princeton 1976, PP. 135-139.

(67) لم أعثر على ترجمة أو أية معلومات عن الشيخ رافع أو الشيخ أحمد مرعي.

(68) إن قوانين نامه الولايات العربية في الدولة العثمانية (قوانين نامه الموصل، القدس، الشام ومصر). تذكر الفلاحين في معرض إعطائهم نصف محصول الزيتون الروماني، وأن الفلاحين كما نص قانون نامة لواء دمشق الشام ليسوا جزءاً من ملكية الأرض وأن اقتسامهم مخالف للقانون، والملاحظ أن الفلاحين في القرن الثامن عشر في بلاد الشام أصبحوا قوة محلية ذات رئاسة متمثلة بالمشايخ. ويلمس من يقرأ الروض الزاهر في تاريخ ضاهر، أن عبود الصباغ يكثر من استخدام هذا المصطلح مثل "... والمشيخة له عند الفلاحين" وأنه كان "... يصطبر على الفلاحين لثاني سنة فلأجل ذلك كان الفلاحين داخل البلاد جميعاً يحبوه" ورقة 3 ب، 6 أ، 16 ب، حول كلمة فلاح في قوانين نامة انظر:
Barkan, O. L., Kanunlar, Istanbul 1945, PP. 122, 178, 217, 226, 359- 72.
انظر أيضاً الخالدي، الصفدي عن الفلاحين في شمال فلسطين، المصدر ذاته، ص193.

(69) بذكر الخالدي نهراً في لحف جبل الكرمل اسمه نهر السعادة فلربما كانت الأرض المحيطة به تسمى أرض السعادة، الخالدي، الصفدي، المصدر ذاته، ص193.

(70) أي أرضي الأسرة الحارثية، ثم يذكر عبود الصباغ أن ظاهر العمر فيما بعد صار يتغلب على بلاد حارثة ويأخذها من مشايخ الفلاحين التي بها، الروض الزاهر، 10أ، ب، حول أسرة الحوارث، انظر الملاحظات المذكورة في هامش رقم 35 أعلاه.

(71)إن المصادر التاريخية المتوافرة لدينا غير واضحة في المادة التي توردها عن ظاهر العمر الزياداني، فمثلاً المرادي (ت 1206هـ/ 1791م) وهو من أقدم المصادر عن ظاهر يترجم له تحت حرف العين فيقول: "عمر بن صالح الملقب بالظاهر الصفدي الزيداني حاكم مدينة عكا وشيخ شيوخ البلاد الصفدية صاحب المواقع الشهيرة الخارج عن طاعة الدولة العثمانية، مولده بصفد سنة ست ومائة وألف (1694م)، ومن غريب الاتفاق أن هذا التاريخ أعني تاريخ مولده موافق لعدد لقبه ظاهر ... وكان والده وجده وأعمامه حكاماً بصفد وعكا ويعرفون ببني زيدان وهم حمولة كبيرة"، من هنا يظهر لنا حسبما جاء عند المرادي أن اسمه عمر وأن اسم أبيه صالح وظاهر هو عبارة عن لقبه. وإذا عدنا إلى تاريخ ميخائيل نقولا الصباغ (ت 1861م) نجده يذكر أن الأسرة كانت تسكن في معرة النعمان وأن كبيرها كان اسمه علي وأن ابنه الذي تولي مشيخة العائلة كان اسمه عمر تزوج من السردية فأنجبت له ثلاثة أولاد: علي توفي بعد والده عمر، وسعد وظاهر، وأن الأسرة بقيادة عمر هاجرت إلى الخليل "وقاموا جميعاً جهزوا حالهم وشدوا رحالهم وسافروا ونزلوا عند قيسارية فأقاموا قليلاً فما أعجبهم ذلك المكان لقبحه وخرابه فانتقلوا إلى نواحي الأردن إلى طبرية ونزلوا بكبير قومها وبأهلها فأعجبتهم فاستوطنوها ورأوا أراضيها خصبة فاستفلحوا بها واشتروا الغنم والبقر وأخصبت معهم تلك السنة وكان ذلك سنة 1701، وكان ظاهر له من العمر اثنتا عشرة سنة"، وفي سنة 1730 انتقلوا من طبرية إلى قرية عرابة، فمن المعروف أن قيسارية تقع قريبة من جنوبي حيفا وربما كان جد ظاهر اسمه أحمد زيدان، أو أن أحد أقاربه كان يحمل هذا الاسم وعرفت الأرض به بعد انتقال العائلة من قيسارية إلى طبرية ثم فيما بعد إلى عرابة. انظر المرادي سلك الدرر، م 3، ص 184- 187، عبود الصباغ، الروض الزاهر في تاريخ ظاهر، ورقع، أ- 3ب، ميخائيل نقولا الصباغ، تاريخ الظاهر العمر ورقع 1 أ- 3 أ، حيدر الشهابي، الغرز الحسان، م 2، ص6، ص7. انظر أيضاً الرسالتين اللتين نشرهما عيسى إسكندر المعلوف بعنوان "تاريخ الشيخ ظاهر العمر الزيداني" المشرق، م 24، (1926م)، ص 539- 560، حول أبناء وأقارب ظاهر انظر:
Cohen, Palestine in the 18th Century, PP. 8-10, 14, 25, 34, 46, 58, 81,84, 85, 95- 96.
حول قيمة مخطوط عبود الصباغ انظر:
George, Haddad, “The Chronilce of Abbud al- Sabbagh and the fall of Daher al- Umar of Acre” al- Abhath, Vol. XX (1961), PP. 37- 44.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
أحوالِ, مِن, الصامد, السّاحل, العثمانيّة, تاريخ, حَيفا, دِراسَة, عمرانِ


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع مِن تاريخ حَيفا العثمانيّة دِراسَة في أحوالِ عمرانِ السّاحل الشامي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل أنت الصالح ؟ صابرة الملتقى العام 0 09-26-2016 06:23 AM
جزاء العمل الصالح عبدالناصر محمود شذرات إسلامية 0 06-12-2015 07:18 AM
بنكيران ..الإسلامي الصامد عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 12-25-2014 08:19 AM
أجمل 10 قصص عن السلف الصالح Eng.Jordan شذرات إسلامية 0 08-10-2014 10:43 AM
الجرف الصامد على غزة عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 07-08-2014 04:06 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 11:19 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59