#1  
قديم 05-01-2017, 07:17 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي معوقات تمكين المرأة في المجتمع العراقي


معوقات تمكين المرأة في المجتمع العراقي دراسة ميدانية في جامعة القادسية
ثائر رحيم كاظم
جامعة القادسية/ كلية الآداب
حمل المرجع من المرفقات
الملخص
أن قضية تمكين المرأة ومدى مشاركتها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالمجتمع العراقي، يعد مشكلة بحثية تستحق الدراسة، ذلك لما للمجتمع العراقي من سيسيولوجيا خاصة، فعندما نستحضر المجتمع العراقي، فيتبادر إلى أذهاننا تلك التركة الاجتماعية المعقدة والمتشابكة، ذلك لأن هذا المجتمع يحمل في أرجائه كافة العناصر والطبقات بدءاً من التقليدية وانتهاءاً بالمعاصرة والحديثة. وأن قضية التمكين للمرأة تزداد بشكل واضح في ظل بعض المجتمعات التي تحصر دور المرأة في الإنجاب، وإدارة شؤون المنزل. وتزداد المشكلة تعقيداً خاصة في ظل أن القانون العراقي الذي يساوي بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات.
ويهدف البحث الى معرفة أهم المعوقات التي تواجه تمكين المرأة العراقية من أجل خدمة وتنمية مجتمعها. ومعرفة مدى اختلاف هذه المعوقات التي تعيق تمكين المرأة من أجل خدمة وتنمية مجتمعها، باختلاف النوع . ومن اجل تحقيق هذه الاهداف فقد استخدم الباحث المنهج المسحي الاجتماعي الذي يتم عن طريقه دراسة الظاهرة كميا وكيفيا، وذلك بتحليل الظاهرة وكشف العلاقات بين أبعادها المختلفة , واختيرت العينة التي كان عددها (214) بالطريقة العشوائية العنقودية .
توصلت نتائج البحث الى أكثر العوامل إعاقة لتمكين المرأة هي العوامل الاجتماعية تلاها العوامل الاقتصادية والسياسية ثم أخيرا العوامل الشخصية. واوصى الباحث على تصحيح الصورة السائدة عن المرأة في المجتمع عن طريق تقديم المناهج الدراسية والبرامج التلفزيونية وجميع وسائل الإعلام التي ترفع من قيمة المرأة ودورها والعمل على تدعيم المرأة وترشيحها في الحياة السياسية وللمناصب القيادية والسياسية واخير تصميم البرامج التدريبية لزيادة ثقة المرأة وقدراتها الإدارية لكي تتمكن من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المختلفة .
الكلمات المفتاحية:المعوقات ،تمكين المرأة.

Abstract
The issue of empowering woman and the extent of her participation in social, economic and political life in the Iraqi community is a research problem which is necessary to be studied due to the sociological nature of the Iraqi community. When evoking this community, the complicated and tangled social legacy comes to our minds for this community has all elements and layers starting from tradition and ending with modernism. The issue of empowering woman is clearly rising in some communities that limit the role of woman in giving birth, managing the affairs of the house. But the problem becomes more complex when coming to Iraqi law that equalizes among man and woman in the rights and the duties.
The study aims to arrive at the most important obstacles that face woman’s empowerment for the sake of serving and developing her community as well as the extent these obstacles are different according to type for the benefit of serving and developing her community. To achieve these objectives, the researcher used social survey curriculum which is built on studying the phenomenon quantitatively and qualitatively through analyzing the phenomenon and finding out the relations between its different dimensions. The sample of 214 was chosen in a cluster random way.
The research arrived at conclusions that the factors than hinder woman’s empowerment are social factors, which come in the first position, economic and political as well as personal factors. The researcher recommends to change the common view of woman in the community through presenting school curriculum TV programs and all media that give importance to the role of woman and support her in political life. Finally, the researcher advises to design training programs to increase her self-sufficiency and her administrative abilities to empower her in all different fields; social, economic and political .
Keywords:Obstacles, Woman’s Empowerment.
المقدمة:
يشكل الحديث عن تمكين المرأة نقطة تقاطع ما بين ثقافة العزل والتهميش والتمييز وبين ثقافة النوع والمشاركة , فالثقافة السائدة تحول المرأة إلى كائن محبط مهمش فاقد لأبسط حقوق الانسانية باسم الشرف تارة وباسم الحفاظ على قيم الاسرة تارة أخرى غير أن عملية تمكين المرأة تفتح لها نوافذ وعي جديد بذاتها , وتهيئ المجتمع لخلق تصورات جديدة عن أدوارها (1).
وقد تزايد الاهتمام العالمي بشكل ملحوظ بقضية المرأة وضرورة مشاركتها وإدماجها في عمليات المساواة، والتنمية، والسلام، منذ المؤتمر العالمي الأول للمرأة في المكسيك عام 1975 والثاني في كوبنهاجن 1980، والمؤتمر الثالث في نيروبي 1985، كما بدأ ذلك واضحاً في نتائج المؤتمر الدولي الرابع للمرأة في بكين 1995 حيث أكدت نتائج وتوصيات هذه اللقاءات على بعض المصطلحات أو المناهج التي تحمل مفاهيم تنموية هامة مثل منهج التمكين للمرأة والذي يهدف إلى تعزيز صورة المرأة عن نفسها، وثقتها بقدراتها الذاتية، وقيمتها في المنزل والمجتمع (2).
وبالرغم من تلك المؤتمرات الدولية التي نادت بحقوق المرأة نجد حضوراً غير ملموس للمرأة في مجالات الحياة المختلفة وعلى رأسها المجال السياسي، وذلك بسبب العادات والتقاليد والميراث الفكري والثقافي السائد، أضف على ذلك أسباب وعوامل أخرى منها ارتفاع نسبة الأمية، وانخفاض وعي المرأة بدورها وحقوقها، فضلا عن الأعباء الثقيلة التي تقع على المرأة داخل المنزل وخارجه (3).
و أكدت النتائج على حق المرأة في المشاركة الفعالة في الحوار والمناقشة، والتحليل للظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية المؤثرة في قدراتها ومكانتها إضافة إلى حقها في المشاركة في صنع القرارات الخاصة بها وبأسرتها، وحقها في التوعية والتدريب، لتصبح عاملاً فاعلاً في المجتمع بهدف تحقيق العدل والمساواة بمفهومها الشامل وعلى المستويات كافة (4).
إن اندماج المرأة في النشاط الاقتصادي وارتفاع نسبة مشاركتها في سوق العمل يؤدي إلى تحقيق العديد من المكاسب الاقتصادية،منها الحصول على فرص التوظيف التي تؤمن لها مصدراً دائما للدخل، كذلك تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد البشرية المتاحة على المستوى القومي،مما يؤدي للوصول على معدلات النمو الاقتصادي المستهدفة، ورفع القدرة التنافسية للمرأة في سوق العمل في ظل اقتصاديات السوق والخصخصة والعولمة وتخفيض معدلات البطالة. كما تعتبر المشاركة الاقتصادية للمرأة ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة. إن مشاركة المرأة في النمو الاقتصادي تدفع عجلة النمو التقدم الاقتصادي، وذلك ان المرأة ليست كائناً يسعى لمجرد البقاء ، وإن المشاريع التي تقوم بها المرأة سواء صغيرة أم متوسطة الحجم تساهم وبشكل إيجابي وفعال في تعزيز الاقتصاديات الوطنية(5).
وفي ضوء ما سبق عرضه يرى الباحث أن كل المؤشرات الواقعية تدل على عدم تمكين المرأة بالشكل المطلوب، وربّ سائلٍ يقول ما هي معوقات تمكين المرأة العراقية؟
مشكلة البحث: تعد قضية التمييز ضد المرأة في مجتمعنا العربي مشكلة باتت تهدد أمننا القومي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ويظهر هذا التمييز في عدم تمكين المرأة اجتماعياً واقتصاديا وسياسياً. وقضية عدم التمكين هذه، قضية اتجاهات اجتماعية غالبة, ومستمدة من العادات والتقاليد والقيم السائدة في المجتمع التي مازالت تشكل موروثات ثقافية بالغة الأثر في هذا المجال (6).ً
وأن عدم تمكين المرأة مشكلة تواجه الكثير من المجتمعات النامية، بل وأحيانا المتقدمة، وعدم التمكين هذا يظهر في صور متعددة لعل أهمها هو عدم المساواة بين الرجل والمرأة الأمر الذي يؤدي إلى وجود تمييز في المجتمع مما يولد الكثير من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية (7).
وبالرغم تنامي دور المرأة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، إلا أنه ما زال دون الطموح، فهناك الكثير من أشكال التمييز بين الرجل والمرأة تعيق انخراط المرأة في ميادين التنمية الشاملة، وأشكال هذا التمييز متعددة، فمنها ما يعود إلى عوامل ثقافية واجتماعية موروثة، ممثلة ببعض العادات والتقاليد، إذ يشير عدد كبير من الدراسات إلى تحيز الموروث الاجتماعي والقيمي ضد مشاركة المرأة في الحياة السياسية والعامل العام. ومنها يعود إلى المرأة ذاتها، إذ تشير الدراسات إلى أن بعض الخصائص النفسية والشخصية والمعرفية للمرأة تحول دون انخراطها في العمل العام والسياسي(8).
وتعاني المرأة العراقية ولسنيين طويلة من التهميش والإقصاء الاجتماعي والسياسي، والاقتصادي، ويرجع هذا التهميش الى الجذور التاريخية النابعة من السلطة الذكورية، التي استخدمت الأساليب القهرية ضد المرأة. وقد أدى ذلك إلى أن المرأة اصبحت مقتنعة بأنها لا يمكن أن تجاري الرجل أو تتفوق عليه في أي ميدان، لذلك فأن مشكلة تمكين المرأة مشكلة لا تحققها – فقط- القوانين والتشريعات فحسب، لاسيما وأن الدستور العراقي لعام 2005 ضمن للمرأة الكثير من الحقوق دون تمييز على أساس النوع الاجتماعي. فقد كفل لها حق التملك وحقها في التعليم والرعاية الصحية والمشاركة الاقتصادية وحقها في الحياة والأمن والحرية، وضمن لها المشاركة السياسية وتبوئها للمناصب القيادية(9).
بناءاً على ذلك يرى الباحث أن تناول قضية تمكين المرأة ومدى مشاركتها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالمجتمع العراقي، يعد مشكلة بحثية تستحق الدراسة، ذلك لما للمجتمع العراقي من سيسيولوجيا خاصة، فعندما نستحضر مجتمعاً كالمجتمع العراقي، فيتبادر إلى أذهاننا تلك التركة الاجتماعية المعقدة والمتشابكة، ذلك لأن هذا المجتمع يحمل في أرجائه كافة العناصر والطبقات بدءاً من التقليدية وانتهاءاً بالمعاصرة والحديثة.
و يرى الباحث أن قضية التمكين للمرأة تزداد بشكل واضح في ظل بعض المجتمعات التي تحصر دور المرأة في الإنجاب، وإدارة شؤون المنزل. وتزداد المشكلة تعقيداً خاصة في ظل أن القانون العراقي يساوي بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات
وإضافة لما سبق وجد الباحث ندرة في الدراسات التي تبحث في موضوع تمكين المرأة العراقية على وجه الخصوص. مما يعد مبررا إضافيا لإجراء هذا البحث.
ويمكن صياغة مشكلة البحث الحالي في التساؤلات التالية:
1-ما أهم المعوقات التي تواجه تمكين المرأة العراقية من أجل خدمة وتنمية مجتمعها؟
2-هل تختلف هذه المعوقات التي تعيق تمكين المرأة من أجل خدمة وتنمية مجتمعها، باختلاف النوع ؟
أهمية البحث :
الأهمية النظرية:
1-يبرز أهمية البحث الحالي من تناولها موضوعاً ذا اهتمام محلي وعالمي تعكسه الأدبيات الاجتماعية ذات العلاقة بمعوقات تمكين المرأة في المجتمع. فتمكين المرأة العراقية من الموضوعات التي مازالت تخضع للبحث والمناقشة ، من أجل أن تأخذ المرأة فرصتها وحقها في مجتمعها، لاسيما في ظل المتغيرات الحديثة التي تطرأ على البناء الاجتماعي للمجتمع العراقي.
2-يسلط البحث الضوء على الدور المجتمعي الواسع الذي يلعب دوراً كبيرا إيجابا أو سلبا في تمكين المرأة في المجتمع العراقي.
3-أيضاً أهمية البحث تنبع من تعديل النظرة التقليدية للمرأة ،وأنها قادرة على تولى أدوار اجتماعية مهمة في المجتمع.
الأهمية التطبيقية:
-من المتوقع أن تفيد نتائج هذا البحث في التعرف على المعوقات الفعلية لتمكين المرأة العراقية،وتقديمها إلى الجهات المعنية لتقديم الحلول المناسبة لها،مما قد يسهم في تغيير وضع المرأة العراقية نحو الأفضل داخل مجتمعها.
-من الممكن تلفت نتائج هذ البحث الانتباه إلى ان التفضيل الذكوري في المجتمع العراقي مازال قائماً .
أهداف البحث: يهدف البحث الى تحقيق ما يلي:
1-معرفة أهم المعوقات التي تواجه تمكين المرأة العراقية من أجل خدمة وتنمية مجتمعها.
2-معرفة مدى اختلاف هذه المعوقات التي تعيق تمكين المرأة من أجل خدمة وتنمية مجتمعها، باختلاف النوع .
مفاهيم البحث :
1- المعوقات:
التعريف اللغوي: تعريف كلمة عاق – عوقاً : منعه وشغله عنه , فهو عائق (10)
التعريف الاصطلاحي: المعوقات هي كل النتائج، والعمليات التي تحد من تكيف النسق الاجتماعي أو توافقه، كما تتضمن ضغطاً وتوتراً في المستوى البنائي. كما يشير إليها على أنها العثرات والأشياء التي تقف وتحول دون تحقيق التقدم المنشود (11).
ويقصد الباحث بالمعوقات في هذه الدراسة: مجموعة الصعوبات التي تواجه المرأة في المجتمع العراقي وتؤدي إلى عدم تمكينها بداخل مجتمعها.
تمكين المرأة: يعرف التمكين لغوياً بأنه تمكن الشخص من الشيء، ويقال فرن " لا يمكنه" شيء أي لا يقدر عليه أو لا يستطيع النهوض به (12).
التمكين كمدخل يمكن أن يضيف طريقة ما لإعادة التفكير في الممارسة الحالية للخدمة الاجتماعية وتنظيم المجتمع لإنجاز التغيير الاجتماعي المطلوب وبالطرق التي تدعم المشاركة خاصة للفئات المستهدف زيادة مشاركتها (13).
كما يعرف التمكين بأن: العمليات التي يقوم بها أخصائي تنظيم المجتمع النشط لمساعدة جماعة أو مجتمع في تحقيق تأثير معين لتحقيق مطالب شرعية لهم (14).
وتمكين المرأة عملية مركبة، تعني بإيجاد الخبرات والإمكانات المادية والفنية التي لا توفرها التنشئة الاجتماعية للمرأة، إلى جانب خلق تصورات ذاتية للمرأة عن نفسها تنطوي على الثقة وشجاعة اتخاذ القرار،والرأي الصائب، فضلاً عن تغير النظرة التمييزية للمجتمع ضدها. والتمكين بهذا المعنى ليس تدريباً بل هو عملية اجتماعية، نفسية توفر للمرأة فرصة الإسهام في حياة المجتمع،وتعزز أدوارها الايجابية سواء في البيت أو في العمل، أو في علاقتها مع الآخرين (15).
أن تمكين المرأة يعني مساعدتها على التطور وزرع الثقة بالنفس والتخلص من معوقات الانجاز ومشاركتها الفعالة في المسئوليات, ويمكن النظر إلى مفهوم التمكين من زوايا عديدة منها ذو بعد مجتمعي يدعو إلى إفساح المجال للمرأة لكي تشارك في كافة نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ومن ثم إعطائها القدرة على التحكم في كافة خياراتها وتشجيع التنمية وتحفظ النمو السكاني(16).
ويعرف التمكين بانه استخدام السياسيات العامة والاجراءات التي تهدف إلى دعم مشاركة النساء في الحياة السياسة والاقتصادية او غيرها وصلا الى مشاركتهن في صنع القرارات التي لها تأثير مباشر على المجتمع ومؤسساته المختلفة (17), وايضا يعرف أنه هو التحكم في العلاقات الانتاجية التي من خلالها تمكن المرأة في المساهمة اقتصاديا واجتماعيا والتي تؤدي بدوها الى رفاهية الاسرة وتقدم المجتمع (18).
وهناك من يركز على مفهوم التمكين بمعنى تدريب المرأة وتوفير الخبرات الفنية والمهنية لها حتى تستطيع أن تجد لها فرص عمل وأن تسهم في مسيرة التنمية (19).
يعرف الباحث تمكين المرأة :
المشاركة الفعالة للمرأة في كافة الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية داخل المجتمع العراقي.
وضع المرأة في العراق:
يمكن ان نحدد وضع المرأة في العراق بالمؤشرات التالية (20):
-نسبة التحاق المرأة بالدراسة اقل بكثير مقارنة مع الذكور.
-نسبة اشتغال أقل من الذكور.
-نسبة البطالة أعلى من الذكور (14.3%) مقابل (19.6%) .
-زواج مبكر إذن أن (28%) من النساء اللواتي شملهن المسح متعدد المؤشرات تزوجن قبل سن (18) سنة.
-تقع كثير من النساء العراقيات كضحايا للفقر،مما يجعلهن عرضة للاتجار والدخول في ظلمة شبكات البغاء والاستغلال الجنسي.
-أن مشاركة المرأة العراقية في الحياة السياسية محدودة ،وحتى اللواتي بالوزارات أو البرلمان لا يمثلن النساء العراقيات بل يمثلن في الغالب أحزابهن ولذلك تبدو المشاركة شكلية
والدستور العراقي كفل للمرأة حقوقها، فالمادة (14) من الحقوق المدنية نصت على (أن العراقيين متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي ), والمادة (20) نصت على أن (للمواطنين رجالاً ونساء، حق المشاركة في الشؤون العامة، والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح) وبالنظر لهذه المواد نجد أن الدستور قد مكن للمرأة في ممارسة حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية (21).
معوقات تمكين المرأة:إن البحث عن معوقات تمكين المرأة يجعلنا نضع فرضية تنص على أن هناك مجموعة من العوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والشخصية التي وقفت عائقاً من تمكين المرأة العراقية، وفيما يلي شرح هذه العوامل بشيء من التفصيل.
1- العوامل الاجتماعية: حصر المجتمع بنظرته الضيقة، وبخلفياته الثقافية والاجتماعية التقليدية والعرفية دور المرأة العربية في البيت وفي بعض الأعمال الفنية، كما أنه لم يضمن لها الحرية الكافية للتخطيط لمستقبلها بشكل حيادي، أو المساحات الكافية للاختيار، ووفق ثقافة المجتمع العربي القائمة على "ثقافة العيب والحرام من جهة" وعلى اعتبار المرأة أماً وزوجة في المقام الأول، فقد تم تحديد دورها الأهم في أسرتها فقط، وتقليص دورها في التنمية سواء كانت الاجتماعية أو الإدارية أو الثقافية أو السياسية (22).
وتوجد العديد من المعوقات والصعوبات ذات المضمون الاجتماعي، التي تعرقل انطلاق دور المرأة المساند والمكمل لدور الرجل في مجالات الحياة كافة.
وعلى المستوى العراقي وقد بينت نتائج البحوث أن أسباب عزوف المرأة العراقية للعمل بالمشروعات الإنتاجية والصناعية المهمة والتي تماس كبير مجالات قوى التنمية البشرية التي يحتاجها البلد، هذه الأسباب تعود إلى اتجاهين هما:
- الاتجاه الأول: هو تقليدي محافظ: يرى في المرأة أنها كائناَ ضعيفاً وظيفتها في شئون الأسرة فقط، وأن دورها في تربية الأولاد ومسئوليتها عن الأسرة، وأن خروج المرأة مع الرجل خارج المنزل واختلاطها بالرجال أمر مناف للتعاليم الروحية والأعراف الاجتماعية.
- الاتجاه الثاني: وهو اتجاه يتميز بتحرره نسبياً، ويعترف بحق المرأة في العمل،ويرى هذا الاتجاه أن هناك مهن تتناسب وطبيعة عمل المرأة مثل مهن الخياطة، والتعليم والتربية، بينما هناك أعمال لا يجوز للمرأة العمل بها، وذلك لأنها تتعارض مع طبيعتها ومع التقاليد الاجتماعية الموروثة (23).
وتشير البيانات المستخلصة من الدراسات والإحصاءات التي قامت بها جامعة الدول العربية (إدارات الإحصاء وإدارة المرأة والأسرة) حول واقع المرأة العربية أن أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية تؤثر في مشاركتها في النشاط الاقتصادي لمجتمعها وموضوعها على السلم الإداري والوظيفي، لذا فالفقر والأمية، والرغبة في تكوين أسرة في عمر مبكر، وتكوين أسرة كبيرة، وما يتبعها من ضرورة الاعتناء بها، والتفرغ التام لها، يجعلها بعيدا عن تمكينها إدارياً واجتماعياً، فالدور الأسري للمرأة قد يجبرها على اختيار الأعمال التي تتطلب وقتاً وجهداً أقل. ونتيجة للظروف التي تمر بها من حمل وولادة وتربية الأطفال، يجعلها غير قادرة على تحمل متطلبات الأعمال الإدارية وما تتطلبه من متابعة، وتنفيذ، وجهد وسفر، ومن اختلاط دائم وحيوي مع الموظفين، وما تفرضه طبيعة العمل من تداخلات وظيفية يومية (24).
اضافة الى انالموروث الاجتماعي السلبي تنعكس أثاره على المرأة مما يمنعها من ممارسة دورها في بناء المجتمع والمشاركة في عملية التنمية التي لا تتم إلا بتكامل الأدوار بين كل من المرأة والرجل، وما زال هذا الموروث يترك أثراً يحتاج إلى عمل جاد ودؤب لتصحيح المفاهيم المغلوطة لهذه المعتقدات والمورثات ومن ثم الحفاظ على ما هو أصلي منها وتنقيتها مما هو نتيجة تراكمات لا أساس لها من الصحة (25).
وكأحد العوامل الاجتماعية فان الدين الإسلامي ليس له علاقة بأية ممارسات خاطئة تجاه المرأة، نظراً لأن مثل هذه الممارسات تعود في الأساس إلى عوامل اجتماعية وسياسية متمثلة في التنشئة والعادات والتقاليد التي يتوارثها الأفراد جيلا بعد جيل (26).
2-العوامل الاقتصادية والسياسية: يكتسب دور الحكومات أهمية خاصة في إقرار السياسات المتعلقة بخصوص المرأة، والمشاركة بين الرجال والنساء، وإزالة العقبات القانونية التي تميز ضد المرأة، والحكومات إذا أرادت فهي التي تدفع بالمرأة إلى مراكز القيادات، إلا إن الحكومات ما زال دورها ضعيفا في إيصال المرأة إلى السلطة التشريعية , وللأحزاب السياسية أيضا دورا هاما ، حيث تعتبر نسبة مشاركة المرأة في الأحزاب السياسية متدنية جدًا، فالنساء عازفات عن الانتساب إلى الأحزاب السياسية، كما إن الأحزاب لا تتوجه للنساء (27).
إن هيمنة الثقافة البطريركية (الأبوية) المتداخلة مع قيم الهيمنة والتفوق والإخضاع والتي حصرت دور المرأة في الوظيفة الاجتماعية والأسرية أدت وتؤدي دوراً بالغ السوء في قضية تمكين المرأة.
فضلاً عما سبق يمكن الإشارة إلى ضعف فاعلية المنظمات النسائية ، ويمكن إرجاع ذلك إلى ما يأتي(28):
- قلة الموارد المالية، فالدعم الذي تلقاه هذه المنظمات قليل جداً، وهذا يستلزم بناء استراتيجية مستمرة لتوفير الدعم والتمويل الذاتي والوطني لهذه المنظمات.
- غياب استراتيجية تمكين شاملة، وضعف الوعي بأهمية التمكين ومفهومه الحقيقي لدى هذه المنظمات وأجهزتها التنفيذية والقدرة على التوجه إلى جميع الشرائح النسائية والقواعد الشعبية خصوصاً المرأة الريفية.
- ضعف عملية بناء قدرات المنظمات النسائية وتحويلها إلى مؤسسات فاعلة ذات قيادات مؤهلة ومدربة.
– الافتقار إلى التفاعل والتواصل وتبادر الخبرات مع الأطراف المختلفة ذات الخبرات والإمكانيات.
- وجود القوانين المقيدة لنشاط الجمعيات، فالتشريعات العربية تقيد بدرجات متفاوتة حرية تكوينالجمعيات وتخضعها عندما تنشأ لأشكال مختلفة من الإشراف والرقابة.
3- العوامل الشخصية: على الرغم من اتفاق الباحثين على أن هناك معوقات للمشاركة الفعالة للمرأة في أنشطة المجتمع المختلفة، وأن تلك المعوقات دائما ترتبط بعوامل اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية ،إلا أن هناك معوقات شخصية لدى المرأة وتصوراتها حول قدراتها وأدوارها، وهو ما يحول دون أن تستفيد من الفرص المتاحة أمامها للمشاركة الرسمية واكتساب الأدوار والمكانات القيادية ليست فقط التطوعية،وإنما الرسمية لأنه على الرغم من ما إتاحته القوانين والتشريعات من فرص المشاركة إلا أن المرأة لم تستفد منها على قدر توفرها، وهو يؤكد على فكرة التمكين والمساعدة الذاتية للحصول على تلك الفرص .
والمعوقات الشخصية هي تلك المرتبطة بالمرأة نفسها وتتضمن ضعف قدرة المرأة على تنظيم الوقت، والخوف من الفشل (29) , وكذلك خوف النساء من تحمل المسئوليات الاجتماعية وعدولهن عن القيام بمهام تتطلب الخروج من البيت والبقاء خارجه مدة طويلة وعدم الرغبة في الانضمام إلى المؤسسات الاجتماعية (30)
من الطرح السابق يتضح تنوع العوامل المؤثرة على عملية تمكين المرأة، فقد شملت هذه العوامل متعلقة بالعادات والتقاليد والمورثات الاجتماعية، وعوامل اقتصادية وأخرى ذاتية تتعلق بالمرأة نفسها. أما عن أكثر هذه العوامل وأشدها تأثيراً على تمكين المرأة العراقية لخدمة وتنمية مجتمعها فهذا ما سوف تكشف عنه الدراسة الميدانية التالية.
أن أي قضية خاصة بالمرأة يجب النظر اليها بوصفها مشكلة اجتماعية، ناتجة عن خصائص اجتماعية خاصة بكل مجتمع.
منهج البحث: يعتمد هذه البحث على المنهج الوصفي التحليلي التي يتجه إلى معرفة ووصف خصائص ظاهرة عينة من خلال جمع البيانات وتحليلها وتفسيرها. كما يعتمد أيضا هذا البحث على المنهج المسحي الاجتماعي الذي يتم عن طريقه دراسة الظاهرة كميا وكيفيا، من خلال تحليل الظاهرة وكشف العلاقات بين أبعادها المختلفة.
عينة البحث :تكونت عينة البحث من (214) فرداً من العاملين بكليات جامعة القادسية المختلفة، تم اختيارهم بالطريقة العشوائية العنقودية.
أداة البحث:تم إعداد استبيان لمعرفة العوامل (المعوقات) المختلفة التي تحيل بين المرأة وبين تمكينها بالمجتمع. وتم الاطلاع على التراث السابق والأدب النظري الذي اهتم بدراسة الصعوبات التي تواجهه المرأة العربية بصفة عامة والمرأة العراقية بصفة خاصة في تمكينها من ممارسة حقوقها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
وبعد ذلك قام الباحث بصياغة فقرات الاستبيان، وتصنيفها إلى محاور كل محور يعبر عن تحدي معين يواجه تمكين المرأة. وهذه المحاور هي:
1- معوقات تصل بالعوامل الثقافية والعادات والتقاليد.
2- المعوقات الاجتماعية.
3- المعوقات الذاتية.
صدق الأداة:تم التأكد من صدق الأداة من خلال عرض الاستبيان على عشرة من المختصين، طُلب منهم الحكم على مدى ملائمة كل فقرة من فقرات الاستبيان لقياس التحديات المختلفة التي تواجه تمكين المرأة العراقية، وأيضا مدى ملائمة كل فقرة للمحور الذي تنتمي إليه، أية ملاحظات أخرى يرونها، وقام الباحث بتجميع آراء المحكمين وتعديل فقرات الاستبيان في ضوء وجهة نظر المحكمين.
المصدر: ملتقى شذرات

الملفات المرفقة
نوع الملف: doc humanities_ed22_39.doc‏ (208.0 كيلوبايت, المشاهدات 1)
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
معوقات, المجتمع, المرأة, العراقي, تمكين


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع معوقات تمكين المرأة في المجتمع العراقي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تمكين المرأة في أفريقيا والعالم العربي Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 11-05-2015 10:20 AM
خلافة أم تمكين أم نهضة؟ عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 08-26-2015 07:02 AM
الدور الأمريكي في تمكين الشيعة عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 03-31-2015 08:11 AM
معوقات العمل الإغاثي الإسلامي في ميدان الكوارث عبدالناصر محمود المسلمون حول العالم 0 04-20-2013 10:56 PM
معوقات الاتصال Eng.Jordan بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 0 01-26-2012 12:40 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 04:43 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59