العودة   > >

كتب ومراجع إلكترونية عرض وتحميل الكتب الإلكترونية ebooks

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #15  
قديم 02-18-2013, 12:17 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي

كواكبُ دَجْنٍ كلَّما غابَ كوكبٌ ... بدا كوكبٌ تأوِي إليه كواكبُهْ
أَضاءَتْ لهم أحْسابُهم ووجوهُهمْ ... دُجَى الليلِ حتَّى نظمَّ الجَزْعَ ثاقِبُهْ
وقال آخر:
خِلافُة أهلِ الأرضِ فينا وراثةٌ ... إذا مات منا سيِّد قام سيِّدُ
وقال طفيل الغنوي:
كواكبُ دَجْنٍ كُلَّما انقضَّ كوكبٌ ... بدا وانجلتْ عنه الدُّجُنَّةُ كوكبُ
وقال آخر:
إذا سيِّدٌ منا مضَى لسبيلهِ ... أَقامَ عَمودَ المجدِ آخَرُ سيِّدُ
فهذا الذي أراد الخريمي.
ولولا الثقة بأن أشباه هذا تمر بهم فلا يعرفونها، فإن تكلفوها تكلموا فيها بالجهل، لصعب على أن يفهم هذا غير أهله، ومن يستحق سماع مثله. وهذه كتب جماعتهم ممن مضى وغبر، هل نطقوا فيها بحرفٍ من هذا قط، أو ادعوه، أو ادعاه مدع لهم، أو تعرضوا له؟ وفي هذا كفاية لمن خلع ثوب العصبية وأنصف من نفسه، ونظر بعين عقله، وتأمل ما قلت بفكره؛ فإن القلب بذكره وتخيله أنظر من العين لما فقدته ورأته، وقد أحسن ابن قنبر في قوله:
إن كنتَ لستَ معي فالذكرُ منك معيِ ... يراكَ قلبيِ وإنْ غُيِّبْتَ عنْ بصريِ
والعينُ تُبصِرُ مَنْ تَهوَى وتفقِدُه ... وناظرُ القلبِ لا يخلو من النظرِ
وكأن هذا من قول بشار:
قالوا بسَلمَى تَهْذِي ولم تَرَها ... يا بُعْدَ ما غَاولَتْ بِكَ الفِكَرُ
فقُلتُ بعضُ الحديث يَشغَفُنِي ... والقلب راءٍ مالا يرَى البصرُ
وشبيه بهذا في الشناعة عيبهم قوله:
لو خرَّ سيفٌ من العَيُّوقِ مُنصلتاً ... ما كان إلاَّ على هاماتهم يقعُ
وقد رواهُ قوم: " ما كان إلا على إيمانهم يقع " ولكنا نبين صوابه وخطأ عائبه على الرواية الأولى. وهي عندي التي قال. إنما أراد أبو تمام: كل حربٍ عليهم ومعهم، وأن كل سيف يقاتلهم ليسلبهم عزهم؛ وفي مثل ذلك يقول رجل من بني أبي بكر بن كلاب، أنشدناه محمد بن يزيد النحوي:
تَرْضَى الملوكُ إذا نَالتْ مقاتِلنَا ... ويأخُذُون بأعْلَى غَايةِ الحسَبِ
وكلُّ حَيٍّ من الأَحياءِ يَطلُبُنا ... وكلُّ حيٍّ له في قتلِنا أَرَبُ
والقتْلُ مِيتَتُنا والصَّبْرُ شِيمتُنا ... ولا نُراعُ إذا ما احْمرَّتِ الشُّهُبُ
وأراد مع ذلك أنهم لا يموتون على الفرش - والعرب تعير بذلك - وأن السيوف تقع في وجوههم ورؤوسهم لإقبالهم، ولا تقع في أقفائهم وظهورهم لأنهم لا ينهزمون، ولذلك قال كعب ابن زهير في قصيدته التي امتدح بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فآمنه بها بعد أن كان نذر دمه، وأولها:
بانَتْ سُعادُ فقلْبِي اليومَ مَتْبولُ ... مُتَيَّمٌ إِثرَهَا لم يُفْدَ مَكْبُولُ
فقال فيها يمدح قريشاً:
لا يقعُ الطَّعنُ إلا في نحورِهمِ ... ليسَ لهم عن حيِاضِ الموت تَهْليلُ
فلم لم يعيبوا هذا الشعر على كعبٍ، وقد سمعه النبي - عليه السلام - وأثاب عليه؟ حدثني محمد بن العباس قال، حدثنا أبو حاتمٍ عن أبي عبيدة قال: فخر رجل من ولد حبيب بن عبد الله بن الزبير فقال: أنا أعرق الناس في القتل، قتل لي خمسة آباءٍ متصلين. وقال آخر:
قَومٌ إذا خَطَر القَنا ... جَعلُوا الصُّدورَ لها مَسالِكْ
لبِسُوا القلوبَ على الدُّرُو ... عِ مُظاهِرينَ لدفْعِ ذلِكْ
حدثني أبو عمر بن الرياشي قال، حدثنا أبي عن الأصمعي عن أبي عمرو قال: لما بلغ عبد الله بن الزبير قتل أخيه مصعبٍ وصبره في الحرب، قال: إنا والله لا نموت حبجاً كما تموت بنو أمية، إنما نموت قعصاً بالرماح، وتحت ظلال السيوف. فلو كان هذا عاراً ما فخر به. وممن عير بالموت على الفراش سهم ابن حنظلة قال يعير طفيل بن عوف:
بِحَمْدٍ من سِنانِكَ غَيْرِ ذّمٍ ... أبا قُرَّانَ مُتَّ على مِثال
ومما يروى للسموؤل وهو للحارثي:
تَسيلُ على حَدِّ السُّيوفِ نُفوسُنَا ... وليسَتْ على غيرِ الحديدِ تَسيلُ
يُقَرِّبُ حُبُّ الموتِ آجالنَا لَنا ... وتكْرَهُهُ آجالُهم فتطولُ

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 02-18-2013, 12:17 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي

وما ماتَ منا سَيدٌ في فراشِهِ ... ولا طُلَّ منا حَيْثُ كانَ قتيلُ
وجعل آخر نفوسهم غذاءً للمنايا فقال:
وإنَّا لَتَسْتَحْليِ المنايا نُفوسَنا ... وتَتْرُكُ أُخرَى مُرّةً ما تَذُوقُها
لنا نَبْعَةٌ تَهْوَى المنيَّةُ رَعْيَهَا ... فَقَدْ ذَهَبتْ إلا قليلاً عُرٌوقُها
أخبار أبي تمام مع أحمد بن أبي دؤاد
حدثني أبو بكر بن الخراساني قال، حدثني علي الرازي قال: شهدت أبا تمام، وغلام له ينشد ابن أبي دؤاد:
لقد أَنْسَتْ مَسَاوِئَ كلِّ دَهْرٍ ... محاسِنُ أحمدَ بنِ أبي دُؤادِ
فما سافرتُ في الآفاقِ إلاَّ ... ومِنْ جَدْواكَ راحِلتَي وَزَادِي
مُقيمُ الظَّنِّ عندكَ والأَمانيِ ... وإِنْ قَلِقَتْ رِكاَبي في الْبِلاَدِ
فقال له: يا أبا تمام، أهذا المعنى الأخير مما اخترعته أو أخذته؟ فقال: هو لي، وقد ألممت بقول أبي نواس:
وإِنْ جَرَتِ الألفاظُ منا بِمدْحَةٍ ... لغيرِكَ إنساناً فأنتَ الذي نَعْنِي
قال أبو بكر: وكنت يوماً في مجلسٍ فيه جماعة من أهل الأدب والعصبية لأبي نواس حتى يفرطوا، فقال بعضهم: أبو نواس أشعر من بشار، فرددت ذلك عليه، وعرفته ما جهله من فضل بشار وتقدمه، وأخذ جميع المحدثين منه، واتباعهم أثره، فقال لي: قد سبق أبو نواس إلى معانٍ تفرد بها، فقلت له: ما منها؟ فجعل كلما أنشدني شيئاً جئت بأصله، فكان من ذلك قوله:
إذا نحن أَثْنَيْنَا عليكَ بِصَالحٍ ... فأَنتَ كما نُثْنِي وفوقَ الذي نُثْنِي
وإِنْ جَرَتِ الألفاظُ يوماً بِمدْحَةٍ ... لغيرِكَ إنْسَاناً فأنتَ الذي نَعْنِي
فقلت: أما البيت الأول فهو من قول الخنساء:
فما بَلَغَ المُهْدُونَ للناسِ مدُحةً ... وإن أطنَبُوا إلاَّ الذي
(ص 143) ومن قول عدي بن الرقاع:
أُثنى فلا آلُو وأعْلمُ أنّه ... فوق الذي أثنى به
(ص143) وأما البيت الثاني فمن قول الفرزدق لأيوب بن سليمان بن عبد الملك:
وما وامَرَتْنِي النفسُ في رِحلَةٍ لها ... إلَى أَحدٍ إلاَّ إليك ضميُرها
حدثني أحمد بن إبراهيم قال، حدثني محمد بن روح الكلابي قال: نزل على أبو تمام الطائي، فحدثني أنه امتدح المعتصم بسر من رأي بعد فتح عمورية، فذكره ابن أبي دؤاد للمعتصم، فقال له: أليس الذي أنشدنا بالمصيصة الأجش الصوت؟ قال: يا أمير المؤمنين، إن معه راويةً حسن النشيد، فأذن له، فأنشده راويته مدحه له، ولم يذكر القصيدة، فأمر له بدراهم كثيرةٍ، وصك ماله على إسحاق بن إبراهيم المصعبي. قال أبو تمام: فدخلت إليه بالصك، وأنشدته مديحاً له، فاستحسنه وأمر لي بدون ما أمر لي به المعتصم قليلاً وقال: والله لو أمر لك أمير المؤمنين بعدد الدراهم دنانير لأمرت لك بذلك.
حدثني أبو علي الحسين بن يحيى الكاتب قال، حدثني محمد بن عمرو الرومي قال: ما رأيت قط أجمع رأياً من ابن أبي دؤاد، ولا أحضر حجةً، قال له الواثق: يا أبا عبد الله رفعت إلى رقعة فيها كذب كثير، قال: ليس بعجبٍ أن أحسد على منزلتي من أمير المؤمنين فيكذب علي، قال: زعموا فيها أنك وليت القضاء رجلاً ضريراً، قال: قد كان ذاك، وكنت عازماً على عزله حين أصيب ببصره، فبلغني عنه أنه عمى من كثرة بكائه على أمير المؤمنين المعتصم، فحفظت له ذاك، قال: وفيها أنك أعطيت شاعراً ألف دينارٍ، قال: ما كان ذاك، ولكني أعطيته دونها، وقد أثاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن زهير الشاعر، وقال في آخر: أقطع عني لسانه. وهو شاعر مداح لأمير المؤمنين مصيب محسن، ولو لم أرع له إلا قوله للمعتصم صلوات الله عليه في أمير المؤمنين أعزه الله:
فاشدُدْ بهارُونَ الخلافةَ إِنه ... سَكَنٌ لوحْشِتها ودارُ قَرَارِ
ولقد علمتُ بأنَّ ذلكَ مِعصَمٌ ... ما كنتَ تتركهُ بغيرِ سِوَارِ
فقال: قد وصلته بخمسمائة دينار.
قال: ودخل أبو تمام على أحمد بن أبي دؤاد، وقد شرب الدواء فأنشده:
أَعْقَبكَ اللهُ صحةَ البدَنِ ... ما هتفَ الهاتفاتُ في الغُصُنِ
(1/16)
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 02-18-2013, 12:18 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي

كيفَ وَجَدْتَ الدواءَ أَوجَدَك الله ... شِفَاءً بِه مَدَى الزَّمَنِ
لا نَزَعَ اللهُ منك صَالحةً ... أَبْليتَها من بلائك الحسنِ
لا زلتَ تُزْهَي بكلِّ عافِيَةٍ ... تَجْتَنُّهَا مِنْ مَعَارِض الفِتنِ
إنَّ بقاءَ الجوادِ أحمدَ في ... أعناقِنا مِنَّةٌ من المِنَنِ
لو أنَّ أَعمارَنَا تُطَاوِعُنَا ... شَاطَرَةُ العُمْرَ سَادةُ اليَمنِ
حدثني أبو عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بالزائر قال: حدثني أبي قال: دخل أبو تمام على أحمد بن أبي دؤاد، وقد كان عتباً عليه في شيء فاعتذر إليه، وقال: أنت الناس كلهم، ولا طاقة لي بغضب جميع الناس! فقال له ابن أبي دؤاد: ما أحسن هذا فمن أين أخذته؟ قال: من قول أبي نواس:
وليسَ للهِ بمُستنْكَرٍ ... أنْ جَمعَ العاَلَم في وَاحِدِ
سمعت محمد بن القاسم يقول: قال ابن أبي دؤاد لأبي تمام: إن لك أبياتاً أنشدتها لو قلتها زاهداً أو معتبراً أو حاضاً على طاعة الله جل وعز لكنت قد أحسنت وبالغت فأنشدنيها، قال: وما هي؟ قال: التي قافيتها " فأدْخُلَهَا " فأنشده:
قل لابن طَوْقٍ رَحَى سَعدٍ إذَا خَبَطَتْ ... نَوائِبُ الدّهرِ أَعْلاَها وأَسْفلَها
أَصْبحتَ حَاتِمهَا جُوداً، وأَحنَفَها ... حِلْماً، وكَيِّسهَا عِلْماً وَدَغْفَلَها
مالي أَرى الحُجْرةَ الفَيْحاءَ مُقْفَلَةً ... عنِّي وقد طالما استفتَحْتُ مُقْفَلَهَا؟
كأنَّها جنَّةُ الفِردْوسِ مُعْرِضَةً ... وليسَ لي عَمَلٌ زَاكٍ فأدْخلَها
حدثني عون بن محمد قال، حدثني محمود الوراق قال: كنت جالساً بطرف الحير حير سر من رأى، ومعي جماعة لننظر إلى الخيل، فمر بنا أبو تمام فجلس إلينا، فقال له رجل منا: يا أبا نمام، أي رجلٍ أنت لو لم تكن من اليمن؟ قال له أبو تمام: ما أحب أني بغير الموضع الذي اختاره الله لي، فممن تحب أن أكون؟ قال من مضر. فقال أبو تمام إنما شرفت مضر بالنبي صلى الله عليه وسلم ولولا ذلك ما قيسوا بملوكنا وفينا كذا وفينا كذا، ففخر وذكر أشياء عاب بها نفراً من مضر، قال: ونمي الخبر إلى ابن أبي دؤاد وزادوا عليه، فقال: ما أحب أن يدخل إلى أبو تمام، فليحجب عني، فقال يعتذر إليه ويمدحه:
سَعِدتْ غُرْبةُ النَّوى بسُعَادِ ... فَهْيَ طَوعُ الإِتْهَامِ والإنْجادِ
شابَ رأسِي وما رأيتُ مَشيبَ الرَّ ... أُسِ إلاَّ من فَضْلِ شَيْبِ الفُؤادِ
وكذاكَ القُلوبُ في كلِّ بؤْسٍ ... ونَعيمٍ طلائعُ الأَجْسادِ
طال إِنكاريَ البيَاضَ وإنْ عُمْى ... مِرتُ شيئاً أَنْكَرتُ لَوْنَ السَّوادِ
يا أَبا عبد الله أَوْرَيتْ زَنْداً ... في يَدِي كَانَ دَائِمَ الإِصْلادِ
أنتَ جُبْتَ الظَّلاَمَ عن سُبُلِ الْ ... آمَالِ إذْ ضَلَّ كلُّ هَادٍ وحَادي
وضِيَاءُ الآمَالِ أَفْسَحُ في الطّرْ ... فِ وَفيِ القَلْبِ مِنْ ضِيَاء البِلاَدِ
ثم وصفَ قوماً لزموا ابن أبي دؤاد، وأنه أحظ به مع ذاك منهم، فقال:
لَزِمُوا مَرْكزَ النَّدَى وذَرَاهُ ... وعَدَتْنا عَنْ مِثلِ ذاكَ العَوادي
غيرَ أنَّ الرُّبَى إلى سَبَلِ الأَنْ ... وَاءِ أَدْنَى والحظُّ حظُّ الوِهَاد
بَعْدَ ما أَصْلَتِ الوُشَاةُ سُيوفاً ... قَطَعَتْ فيَّ وهْيّ غَيرُ حِدَاد
مِنْ أَحاديثَ حِينَ دَوَّخْتَها بالرَّ ... أيِ كانتْ ضَعيفَةَ الإِسْنَاد
فنَفَى عَنْكَ زُخْرفَ القَوْلِ سَمْعٌ ... لم يكُنْ فُرصَةً لِغيرِ السَّدَاد
ضَرَبَ الحِلْمُ والوَقَارُ عَليْه ... دُونَ عُورِ الكَلامِ بالأَسْداد
وحَوَانٍ أَبَتْ عليْها المعَاليِ ... أَنْ تُسْمَّى مَطِيَّةَ الأَحْقَاد
وقد أفصح عما قرف به، واعتذر منه إلى ابن دؤاد، فقال وهو عندي من أحسن الاعتذار:

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 02-18-2013, 12:18 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي

سَقَى عَهْدَ الحِمى سَبَلُ العِهَادِ ... ورَوَّضَ حَاضِرٌ مِنْه وَبادِي
ثم قال:
وَإنْ يَكْ مِنْ بَنِي أُدَدٍ جَنَاحي ... فإنَّ أَثيِثَ رِيشيِ في إِيَادِ
لَهُمْ جَهْلُ السِّبَاعِ إذَا المنَايا ... تَمَشَّتْ في القَنَا وَحُلُومُ عَاد
لَقدْ أَنْسَتْ مَساوِئَ كلِّ دهْرٍ ... مَحاسِنُ أَحْمدَ بن أَبي دُؤَاد
مَتَى تَحْلُلْ بِهِ تَحْلُلْ جنَاباً ... رَضِيعاً لِلسَّوَاري والغَوادي
فما سَافَرْتُ في الآفَاقِ إلاّ ... وَمِنْ جَدْوَاكَ رَاحِلتَي وَزَادي
مقيمِ الظَّنِّ عِندَكَ والأمانِي ... وَإنْ قلقِتْ رِكاَبي في البِلاَدِ
وهذا من قول أبي نواس:
وَإنْ جَرَتِ الأَلفَاظُ يوماً بِمِدْحَةٍ ... لغْيِركَ إنْسَاناً فأَنتَ الذي نَعْني
مَعَادُ البْعثِ مَعْروُفٌ وَلكنْ ... نَدَى كفَّيْكَ في الدُّنْيَا مَعَادِي
أَتَانِي عَائِرُ الأنْبَاءِ تَسْرِي ... عَقَارِبُهُ بِدَاهِيَةٍ نَآدِ
بِأَنِّي نِلْتُ مِنْ مُضَرٍ وَخَبَّتْ ... إلَيْكَ شَكَّيِتِي خَبَبَ الجَوَادِ
لقد جَازَيتُ بالإحْسَانِ سُوءًا ... إِذَنْ وَصَبَغْتُ عُرْفَكَ بالسَّوَادِ
وَسِرْتُ أَسُوقُ عِيرَ اللُّؤْمِ حَتى ... أَنَخْتُ الكُفْرَ فيِ دَارِ الجِهَادِ
وَلَيْسَتْ رُعْوَتِي مِنْ فوْقِ مَذْقٍ ... وَلاَ جَمْرِي كمِينٌ في الرَّمَادِ
تَثَبَّتْ، إِنَّ قَوْلاً كانَ زُوراً ... أَتَى النُّعْمَانَ قَبْلَكَ عَنْ زِيَادِ
إلَيْكَ بَعَثتُ أَبْكَارَ المَعَانيِ ... يَلِيهَا سَائِقٌ عَجِلٌ وَحَادِي
يُذَلّلُها بِذِكرِكَ قِرْنُ فكْرٍ ... إذَا حَرَنتْ فتَسْلَسُ في الْقِيَادِ
مُنَزَّهَةُ عَنِ السَّرَقِ المُوَرَّي ... مُكَرَّمَةً عَنِ المعْنى المُعَادِ
تَنَصَّلَ رَبُّهَا مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ ... إلَيْكَ سِوَى النّصِيحَةِ وَالوِدادِ
وَمَنْ يَأذَنْ إلى الوَاشِينَ تُسْلَقْ ... مَسَامِعُهُ بأَلْسِنَةٍ حِدَادِ
وطال غضب ابن أبي دؤادٍ عليه، فما رضى عنه حتى شفع فيه خالد بن يزيد الشيباني، فعمل قصيدةً يمدح ابن أبي دؤاد، ويذكر شفاعة خالد بن يزيد إليه، وأغمض مواضع منها في اعتذاره فما فسرها أحد قط، وإنما سنح لي استخراجها لحفظي للأخبار التي أومأ إليها، فأما من لا يحفظ الأخبار فإنها لا تقع له، وأولها:
أَرَأََيْتَ أَيُّ سَوالِفٍ وَخُدُودِ ... عَنَّتْ لَنا بينَ الِّلوَى فَزَرُود؟
فقال فيها:
فاسْمَعْ مقالة زائرٍ لم تَشْتَبهْ ... أرْآؤُهُ عِنْدَ اشْتِباهِ البيدِ
أَسْرَى طَرِيداً لِلْحَيَاءِ مِنَ التَّي ... زَعَمُوا، ولَيْسَ لِرَهْبَةٍ بِطَريِدِ
كُنْتَ الرَّبيعَ أَمَامَهُ، وَوَرَاءَهُ قَمَرُ القَبائلِ خَالِدُ بن يَزِيدِ
فَالغَيْثُ مِنْ زُهُرٍ سَحابةُ رَأفةٍ ... وَالرُّكْنُ مِنْ شَيْبَانَ طَوْدُ حَديِد
زهر والحذاق قبيلتان من إيادٍ رهط ابن أبي دؤاد.
وَغَداً تَبَيَّنُ مَا بَرَاءَةُ سَاحَتِي ... لَوْ قدْ نَفَضْتَ تَهائِمي ونُجَودِي
هذَا الْوَليدُ رَأَى التَثَبُّتَ بَعْدَمَا ... قَالوا يَزيِدُ بنُ المُهَلَّبِ مُودِي
يعني الوليد بن عبد الملك، لما هرب يزيد بن المهلب من حبس الحجاج، واستجار بسليمان بن عبد الملك، وكتب الحجاج في قتله إلى الوليد، فلم يزل سليمان بن عبد الملك وعبد العزيز بن الوليد يكلمانه فيه، فقال: لابد من أن تسلموه إلي، ففعل سليمان ذلك، ووجه معه بأيوب ابنه، فقال: لا تفارق يدك يده، فإن أريد بسوءٍ فادفع عنه حتى تقتل دونه.
فَتَزَعْزَعَ الزُّورُ المؤَسَّسُ عِندَهُ ... وَبِنَاءُ هذَا الإِفكِ غَيْرُ مَشِيدِ

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 02-18-2013, 12:18 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي

وتَمَكَّنَ ابنُ أبِي سَعيدٍ مِنْ حِجَي ... مَلِكٍ بشُكْرِ بني الملوكِ سَعيدِ
- ابن أبي سعيد - يعني يزيد بن المهلب، لأن كنية المهلب أبو سعيد.
- من حجي ملك - يعني سليمان بن عبد الملك. - بشكر بني الملوك - يعني آل المهلب، أن سليمان يسعد باقي الدهر بشكرهم له.
ما خَالدٌ لِي دُونَ اَيُّوبٍ وَلاَ ... عَبْدِ العَزِيزِ وَلَسْتَ دُونَ وَليدِ
يقول: شفيعي خالد بن يزيد، وليس هو عندك بدون عبد العزيز بن الوليد، وأيوب بن سليمان عند الوليد؛ هو بك أخص من ذينك بالوليد، ولا أنت دون وليدٍ في الرأي، وجميل العفو.
نَفْسِي فِدَاؤُكَ أَيُّ بابِ مُلمَّةٍ ... لم يُرْمَ فِيهِ إلَيكَ بالإقليدِ
لَمَّا أَظَلَّتْني غَمامُكَ أَصْبَحَتْ ... تِلْكَ الشُّهُودُ عَلَىَّ وَهْيَ شُهُودِي
مِنْ بَعْدِ مَا ظَنُّوا بأنْ سَيَكُونُ لِي ... يَوْمٌ بِبَغْيِهِمِ كَيَوْمِ عَبيدِ
يعني عبيد بن الأبرص: لقي النعمان في يوم بؤسه وهو يوم كان يركب فيه، فلا يلقاه أحد إلا قتله، وخاصة أول من يلقاه، فلقيه عبيد فقتله.
نَزَعوا بَسهْمِ قَطيِعةٍ يَهْفُو بِهِ ... ريِشُ العُقُوقِ فكَانَ غَيْرَ سَدِيدِ
وإذَا أَرَادَ اللهُ نَشْرَ فَضيِلَةٍ ... طُويِتْ أَتَاحَ لَها لِسَانَ حَسُودِ
لَوْلاَ اشْتِعالُ النَّارِ فيما جَاوَرتْ ... مَا كَانَ يُعْرفُ طِيبُ عَرْفٍ العُودِ
لَوْلاَ التَّخَوُّفُ لِلْعَواقِبِ لم تَزَلْ ... للِْحاسِدِ النُّعْمَى عَلَى المحْسُودِ
الحمد الله وصلى الله على محمد النبي وعلى آله وسلم تسليما.
أخبار أبي تمام مع خالد بن يزيد الشيباني
" بسم الله الرحمن الرحيم " حدثنا محمد بن يزيد النحوي، وكان قد عمل كتباً لطافاً، فكنت أنتخب منها وأقرأ عليه، فقرأت عليه من كتابٍِ سماه كتاب - الفطنِ والمحَنِ - قال: خرج أبو تمام إلى خالد بن يزيد بن مزيد، وإلى أرمينية، فامتدحه فأمر له بعشرة آلاف درهم ونفقةٍ لسفره، وأمره ألا يقيم إن كان عازماً على الخروج. فودعه ومضت أيام، فركب خالد ليتصيد، فرآه تحت شجرة وقدامه زكرة فيها نبيذ وغلام بيده طنبور، فقال: حبيب؟ قال: خادمك وعبدك، قال: ما فعل المال؟ فقال:
عَلَّمَني جُودُكَ السَّماحَ فَما أَبْ ... قَيْتُ شَيْئاً لَدَىَّ مِنْ صِلَتِكْ
مَا مَرَّ شَهْرٌ حَتىَّ سمَحْتُ بهِ ... كأنّ ليِ قُدْرَةً كَمَقْدُرَتكْ
تُنْقِقُ في اليَوْمِ بِالْهِبَاتِ وفي ... السَّاعَةِ مَا تَجْتَبِيِه في سَنَتِكْ
فلستُ أَدْرِي مِنْ أَينَ تُنفِقُ لَوْ ... لاَ أَنَّ رَبِّى يَمُدُّ في هِبَتِكْ
فأمر له بعشرة آلاف درهم أخرى فأخذها.
وكان قوله: - علمني جودكَ السماحَ - من قول ابن الخياط المديني، وقد امتدح المهدي فأمر له بجائزةٍ ففرقها في دار المهدي وقال:
لَمَسْتُ بِكَفِّي كَفَّهُ أبْتغِي الغِنَىوَلَمْ أَدْرِ أَنّ الْجُودَ مِنْ كَفِّهِ يُعْدي
فَلاَ أَنَا مِنْهُ ما أَفادَ ذَوُو الغِنَىأَفَدْتُ، وَأعْدَانِي فَبَدَّدْتُ ما عِنْدِي
فبلغ المهدي خبره، فأضعف جائزته، وأمر بحملها إلى بيته.
حدثني عبد الله بن إبراهيم المسمعي القيسي قال، حدثني أبي قال، حدثني أبو توبة الشيباني - ولم أر أفصح منه - قال: حضرت عشيرنا وأميرنا خالد بن يزيد، وعنده رجل كثير الفكاهة حسن الحديث، فأعجبني جداً، فقال الأمير أبو يزيد: أما سمعت شعره فينا؟ ما رأيت أحسن بياناً منه، ولا أفصح لسانا!
مَا لِكَثيبِ الحِمَى إلى عَقِدِهْ ... مَا بالُ جَرْعَائِهِ إلى جَرَدِهْ
إلى أن قال:
نِعْمَ لِوَاءُ الخَميسِ أُبْتَ بهِ ... يَوْمَ خَمِيسٍ عَالِي الضُحَى أَفِدِهْ
خِلْت عُقاباً بَيْضَاءَ فيِ حُجُرا ... تِ المُلْكِ طارَتْ منه وفي سُدَدِهْ
فَشَاغَب الجوَّ وَهْوَ مَسْكَنُهُ ... وقاتَلَ الرِّيحَ وَهْيَ مِنْ مَدَدِهْ
وَمرَّ تَهْفُو ذُؤابَتَاهُ عَلَى ... أَسْمَرِ مَتْنٍ يَوْمَ الوَغَى جَسِدِهْ

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 02-18-2013, 12:19 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي

تَخْفِقُ أَثْنَاؤُهُ عَلَى مَلِكٍ ... يَرَى طِرَادَ الأبْطَالِ من طَرَدِهْ
وهَلْ يُسَاميِكَ في العُلاَ مَلِكٌ ... صَدْرُكَ أَوْلَى بالرُّحْبِ من بَلَدِهْ؟
أَخْلاَقُكَ الغُرُّ دُونَ رَهْطِكَ أَثْ ... رَى مِنهُ في رَهْطِهِ وَفيِ عَدَدِهْ
فما سمعت مثل قوله، وطربت فرحا أن يكون من ربيعة، فقلت: ممن الرجل؟ فقال: من طيئ، وولائي لهذا الأمير، فقلت: يا أسفي ألا تكون ربعياً أو نزارياً، ثم أمر له الأمير أبو يزيد بعشرة آلاف درهم بيضاً، ووالله ما كافأه. وفي هذه القصيدة ذكر شفاعة خالدٍ إلى ابن أبي دؤاد فيما تقدم ذكره، فقال:
باللهِ أَنْسَى دِفَاعَهُ الزُّورَ مِنْ ... عَوْرَاءَ ذي نَيْرَبٍ ومِنْ فَنَدِهْ
وَلاَ تناسَى أحيَاءُ ذيِ يَمَنٍ ... مَا كانَ مِنْ نصْرِهِ ومِنْ حشَدِهْ
آثَرَنِي إذْ جَعَلْتُهُ سَنَداً ... كلُّ امْرِئٍ لاَجئٌ إلى سَنَدِهْ
حدثني أبو بكر القنطري قال، حدثني محمد بن يزيد المبرد قال: كان خالد بن يزيد الشيباني بقية الشرف والكرم، وأوسع الناس صدراً في إعطاء الشعراء. دفع إلى عمارة بن عقيل ألف دينار لقوله فيه:
تَأْبَى خلائقُ خالدٍ وَفَعَالُهُ ... إلا تَجنُّبَ كلِّ أَمْرٍ عائبِ
وإذا حَضَرْنَأ الْبَابَ عِنْدَ غَدَائِه ... أَذِنَ الغَدَاءُ لَنَا برَعْمِ الحاجِبِ
قال: وأخذ أبو تمام بمدحه له أضعاف هذا.
وجدت بخط ابن أبي سعيد، حدثني إسماعيل بن مهاجر قال، حدثني **** للحسن بن سهل يعرف بالبلخي قال: استنشد خال بن يزيد أبا تمام قصيدته في الأفشين التي ذكر فيها المعتصم وأولها:
غَدَا المُلْكُ مَعْمُورَ الحَرَا وَالمْنَازِلِمُنَوَّرَ وَحْفِ الَّروْضِ عَذْبَ المَنَاهِلِ
فلما بلغ إلى قوله:
تَسَربَلَ سِرْبالاً مِنَ الصَّبْرَ وارْتَدَي ... عَليهِ بِعَضْبٍ في الكَريهِة قَاصِلِ
وَقَدْ ظُلِّلَتْ عِقْبانُ أَعْلاَمِهِ ضُحىًبِعِقْبَانِ طَيْرٍ في الدِّمَاءِ نَوَاهِلِ
أَقَامَتْ مَعَ الرَّاياتِ حَتَّى كأَنَّهَا ... مِنَ الجَيشِ إلاّ أَنَّهَا لَمْ تُقَاتِلِ
قال له خالد: كم أخذت بهذه القصيدة؟ قال: ما لم يرو الغلة، ولم يسد الخلة. قال: فإني أثيبك عنها، قال: ولم ذاك، وأنا أبلغ الأمل بمدحك؟ قال: لأني آليت لا أسمع شعراً حسناً مدح به رجل فقصر عن الحق فيه إلا نبت عنه. قال: فإن كان شعراً قبيحاً؟ قال: أنظر فإن كان أخذ شيئاً استرجعته منه!.
وقد أحسن أبو تمام في هذا المعنى وزاد على الناس بقوله: - إلا أنها لم تقاتل - ، وقد قال مسلم قبله:
قد عَوَّدَ الطيَر عاداتٍ وَثقْنَ بِها ... فهُنَّ يَتْبعْنَهُ في كلِّ مُرْتَحَلِ
وأحسن من هذا قول أبي نواس في العباس بن عبيد الله:
وَإِذَا مَجَّ القَنَا عَلَقاً ... وتَرَاءَى الموتُ في صُوَرِهُ
رَاحَ في ثنيْ مُفَاضَتِهِ ... أَسَدٌ يَدْمَى شَبَا ظُفُرِهْ
تَتآيَا الطَّيرُ غَدْوَتَهُ ... ثِقَةً بِالشِّبْعِ مِنْ جَزَرِهْ
ولا أعلم أحداً قال في هذا المعنى أحسن مما قاله النابغة، وهو أولى بالمعنى، وإن كان قد سبق إليه، لأنه جاء به أحسن. وقد ذكرنا شريطة السرقات قبل هذا، قال النابغة:
إِذَا ما غَدَوْا بالجيشِ حَلَّق فوقَهمُ ... عَصَائِبُ طَيْرٍ تَهْتدِي بَعصائِبِ
جَوَانحَ قد أَيْقَنَّ أَنَّ قَبيلَهُ ... إِذا مَا الْتَقَى الْجَمْعانِ أوَّلُ غالبِ
وهو من قول الأفوه الأودي في قصيدةٍ أولها:
يا بَنيِ هَاجَرَ سَاءَتْ خُطَّةُ ... أَنْ تَرُومُوا النِّصْفَ مِنَّا وَمَحَارْ
فقال فيها:
فَتَرى الطَّيْرَ على آثارِنَا ... رَأىَ عَيْنٍ ثِقَةً أَنْ سَتُمارُ
الحمد الله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي وعلى أله وصحبه وسلم تسليماً.
أخبار أبو تمام مع الحسن بن رجاء
" بسم الله الرحمن الرحيم "

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #21  
قديم 02-18-2013, 12:19 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي

حدثنا عون بن محمد الكندي قال، حدثني محمد بن سعد أبو عبد الله الرقي - وكان يكتب للحسن بن رجاء - قال: قدم أبو تمام مدحاً للحسن بن رجاء، فرأيت رجلاً علمه وعقله فوق شعره، واستنشده الحسن بن رجاء، ونحن في مجلس شربٍ فأنشده:
كُفِّى وَغَاكِ فَإنَّني لَكِ قَالِي ... ليسَتْ هَوَادِي عَزْمَتيِ بِتَوَالِي
أَنَا ذُو عَرَفْتِ فإنْ عرَتْكِ جَهَالةٌ ... فأَنَا المُقِيمُ قِيَامَةَ العُذَّالِ
فلما قال:
عادَتْ لَهُ أيامُهُ مُسْوَدَّة ... حتّى تَوَهَّمَ أَنّهُنَّ لَيَالِي
قال له الحسن: والله لا تسود عليك بعد اليوم. فلما قال:
لا تُنْكرِي عَطَلَ الْكَرِيِمِ مِنَ الغِنَى ... فالسَّيْلُ حَرْبٌ لِلْمَكانِ العَاليِ
وتَنَظَّرِي خَبَبَ الرِّكَابِ يَنُصُّهَا ... مُحْيِ القَرِيضِ إلىَ مُمِيتَ المَالِ
قام الحسن بن رجاء وقال: والله لا أتممتها إلا وأنا قائم، فقام أبو تمامٍ لقيامه، وقال:
لمَّا بَلغْنَا سَاحَةَ الحسَنِ انْقَضَى ... عنَّا تَمَلُّكُ دوْلَةِ الإمْحَالِ
بَسَطَ الرَّجَاءَ لَنَا بِرَغْمِ نَوَائِبٍ ... كَثْرَتْ بِهنَّ مَصَارِعُ الآمَالِ
أَغْلَى عَذَارَى الشِّعْر، إِنَّ مُهُورَهَا ... عِنْدَ الكِرَامِ إِذَا رَخُصْنَ غَوَالِي
تَرِدُ الظُّنُونَ بِهِ عَلَى تَصْدِيِقَها ... وَيُحَكِّمُ الآمَالَ في الأمْوَالِ
أَضْحَى سَمِىُّ أَبيِكَ فِيكَ مُصَدِّقاً ... بأَجَلِّ فَائِدَةٍ وَأَيْمَنِ فَالِ
وَرَأَيْتَني فَسَأَلْتَ نَفْسَكَ سَيْبَهَالِي، ثُمَّ جُدْتَ وَمَا انْتَظَرْتَ سُؤَالِي
كالْغَيْمِ لَيْسَ لَهُأُرِيدَ غِيَاثُهُأَوْ لَمْ يُرَدْ بُدٌّ مِنَ التَّهْطَالِ
فتعانقا وجلسا، فقال له الحسن: ما أحسن ما جليت هذه العروس! فقال: والله لو كانت من الحور العين لكان قيامك أوفى مهورها. قال محمد بن سعيد: فأقام شهرين فأخذ على يدي عشرة آلاف درهم، وأخذ غير ذلك مما لم أعلم به، على بخلٍ كان في الحسن بن رجاء.
حدثني أبو الحسن الأنصاري قال، حدثني نصير الرومي مولى مبهوتة الهاشمي قال: كنت مع الحسن بن رجاء، فقدم عليه أبو تمام فكان مقيماً عنده، وكان قد تقدم إلى حاجبه ألا يقف ببابه طالب حاجةٍ إلا أعلمه خبره، فدخل حاجبه يوماً يضحك، فقال: ما شأنك؟ فقال: بالباب رجل يستأذن ويزعم أنه أبو تمامٍ الطائي! قال: فقل له ما حاجتك؟ قال: يقول مدحت الأمير - أعزه الله - وجئت لأنشده، قال: أدخله، فدخل فحضرت المائدة، فأمره فأكل معه، ثم قال له: من أنت؟ قال: أبو تمام حبيب بن أوس الطائي، مدحت الأمير أعزه الله، قال: هات مدحك، فأنشده قصيدةً حسنةً، فقال: قد أحسنت، وقد أمرت لك بثلاثة آلاف درهمٍ، فشكر ودعا، وكان الحسن قد تقدم قبل دخوله إلى الجماعة ألا يقولوا له شيئاً، فقال له أبو تمام: نريد أن تجيز لنا هذا البيت، وعمل بيتاً، فلجلج، فقال له: ويحك، أما تستحي، ادعيت اسمي واسم أبي وكنيتي ونسبي، وأنا أبو تمام! فضحك الشيخ وقال: لا تعجل علىَّ حتى أحدث الأمير - أعزه الله - قصتي: أنا رجل كانت لي حال فتغيرت، فأشار على صديق لي من أهل الأدب أن أقصد الأمير بمدح، فقلت له: لا أحسن، فقال أنا أعمل لك قصيدةً، فعمل هذه القصيدة ووهبها لي، وقال: لعلك تنال خيراً، فقال له الحسن: قد نلت ما تريد، وقد أضعفت جائزتك. قال: فكان ينادمه ويتولعون به فيكنونه بأبي تمام.
حدثني أبو بكر القنطري قال، حدثني محمد بن يزيد المبرد قال: ما سمعت الحسن بن رجاء ذكر قط أبا تمام إلا قال: ذاك أبو التمام، وما رأيت أعلم بكل شيءٍ منه.
حدثني علي بن إسماعيل النوبختي قال، قال لي البحتري: والله يا أبا الحسن لو رأيت أبا تمام الطائي، لرأيت أكمل الناس عقلاً وأدباً، وعلمت أن أقل شيءٍ فيه شعره!.
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
متى, أخبار, بماء


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع أخبار أبي تمام
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ارحنا بها يا بلال صابرة شذرات إسلامية 0 12-25-2016 09:23 AM
المستدرك على ديوان أبي تمام عبدالناصر محمود أخبار ومختارات أدبية 0 04-25-2015 07:58 AM
بلال فضل يسخر من الفلاتر عبدالناصر محمود شذرات مصرية 0 09-10-2014 07:29 AM
الحياة .. دار عطاء ٍأم بلاء؟ ام زهرة مقالات وتحليلات مختارة 0 04-27-2013 01:59 PM
إغسل يديك بماء نار... صباح الورد أخبار ومختارات أدبية 0 04-26-2012 01:31 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 07:03 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59