#1  
قديم 06-21-2013, 04:17 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,419
افتراضي تأهيل أعضاء هيأة التدريس للتدريس بالعربية





للدكتور عبدالكريم خليفة

(رَئيسُ مَجمع اللغة العَربيّة الأردني)
قرّر مجلس اتحاد الجامعات العربية أن يكون الموضوع الرئيسي للمؤتمر العام الرابع للاتحاد هو "تعريب التعليم الجامعي"، فكان هذا القرار معبراً عن النتائج والتوصيات التي انتهت إليها المؤتمرات والندوات العربية حول تعريب التعليم الجامعي.
منذ حوالي ثمانية عشر عاماً، وعلى وجه التحقيق في المدة الواقعة بين الثالث إلى العاشر من شهر أيار (مايو) سنة 1961، اجتمع ممثلو الدول العربية في حلقة لدراسة التعليم الجامعي في مدينة بنغازي, وكان لي شرف المشاركة فيها, وكنا إذ ذاك, في الأردن, نكافح من أجل تأسيس جامعة وطنية في بلدنا.
وقد صدر عن الحلقة توجيهات وتوصيات مهمة, نتيجة دراسات موضوعية, وبروح الانتماء إلى أمة واحدة, تكون اللغة العربية الفصيحة مقوماً أساسياً من مقومات وجودها. وأود هنا أن أقف عند بعض الإشارات فيما يتعلق بالتوصيات حول التعريب الجامعي؛ فالإشارة الأولى تتمثل بالمبدأ؛ إذ قررت الحلقة آنذاك أن التعريب وتدريس العلوم باللغة العربية ضرورة علمية, علاوة على أنه ضرورة قومية .. إلى أن تقول: "هذا إلى أن الفكر الأصيل لا يخلق في الأمة إلاّ إذا كانت تعلّم بلغتها, وتكتب بلغتها أيضاً ..."([1]).
والإشارة الثانية التي أود أن أقف عندها أيضاً هي اتفاق الحلقة بالإجماع على مبدأ تعريب التعليم الجامعي والعالي؛ ثم خلصت من ذلك إلى توصيات تتناول وسائط التنفيذ. وها أنذا أُشير إلى توصيتين من التوصيات الخمس؛ فقد نصت التوصية الأولى على ما يلي:
"أنْ تسرع الجامعات العربية بتعريب التعليم في كلياتها المختلفة .....". وجاء في التوصية الخامسة ما يلي:
"العمل على توفير أمّهات المراجع باللغة العربية، وكذلك الدوريات العلمية، وإصدار المجلات الخاصة لنشر مختصرات عربية لكل البحوث الأجنبية المهمة"([2])، وتوالت المؤتمرات والندوات العلمية لدراسة مختلف مشكلات التعليم الجامعي والعالي، وكان الرأي دائماً متّفقاً على تعريب التعليم الجامعي والعالي في جميع كلياته.
ومنذ ذلك التاريخ أيضاً تسارعت حركة تأسيس الجامعات في الوطن العربي؛ ففي تلك الحلقة التي عقدت سنة 1961، لم يكن عدد الجامعات العربية المشتركة فيها يزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة إلاّ قليلاً. وفي الحلقة الثانية التي عقدت ببيروت سنة 1964 شاركت سبعَ عشرة جامعة عربية من مختلف أرجاء الوطن العربي. وهكذا أخذ التعليم الجامعي يحتل مكانة حية في البناء الثقافي والاقتصادي في البلاد العربية، في دور تحرّرها من نير الاستعمار المباشر. فازداد عدد الجامعات العربية. وقد بلغ أربعين جامعة، كما ورد في دليل اتحاد الجامعات العربية المنشور سنة 1976.
إن وطننا العربي بحاجة شديدة إلى أعداد كثيرة من الجامعات والمعاهد ومؤسسات البحث العلمي؛ ولكنني أود أن أتساءل فيما إذا كانت المستويات العلمية والإنجازات المبدعة قد سايرت هذه الحركة المباركة من الانتشار الأفقي في التعليم الجامعي والعالي في وطننا العربي، وهو يخوض كفاحاً مريراً للتغلّب على مخلفات الاستعمار، ومراكز نفوذه، ومصالحه في مجال الثقافة والاجتماع، وكذلك في مجال الاقتصاد والسياسة!.
لا شك أن المستويات العلمية العالية والإنجازات المبدعة التي يجب أن يحققها التعليم الجامعي في الوطن العربي ما زالت بعيدة عن الواقع؛ وأن من أهم أسباب هذه النتائج هو التردد والتلكؤ حتى الوقت الحاضر في تعريب التعليم العالي والجامعي.
فإذا نظرنا إلى جوهر هذه القضية الحيوية، التي تتصل اتصالاً عضوياً بكيان أمتنا ونهضتها العلمية الأصيلة، وجدنا أنها تتوقف على عاملين أساسيين: العامل الأول هو سياسة الدولة وإدراكها أهمية التعريب في بنيانها السياسي والاقتصادي والعلمي؛ ولذا فإن الدولة مدعوّة إلى اتخاذ قرار في أعلى مؤسساتها التشريعية، يجسّد إرادتها السياسية في تعريب التعليم الجامعي والعالي، في جميع ميادينه ومستوياته، وأن تكون العربية الفصيحة لغة العلم والتقنيات والحضارة الحديثة.
أما العامل الثاني فهو عضو هيئة التدريس، بل الإنسان المعلّم، الركيزة الأساسية في بناء الأمة. فقد أصبح من البَدَهيّات القول إن التقدم يعتمد بصورة كبيرة على مميزات وقابليات أعضاء هيئة التدريس، سواء أكانت مميزاتهم الإنسانية أم التربوية والعلمية أم التقنية.
ونحن إذا اعتبرنا التربية حياة ونموّاً، تمتد بالإنسان من المهد إلى اللحد، وتهدف دائماً إلى تطوير الشخصية الإنسانية، وتسعى إلى التقدم الروحي والخلقي والاجتماعي والاقتصادي للمجتمع، نجد الإنسان المعلّم محور هذه العملية. وإن من عوامل هذا التقدم في مجتمعنا العربي استخدام اللغة القومية للتعبير عن جميع حاجاتنا الحضارية، وعن حصيلة ما وصل إليه الإنسان في جميع مجالات العلوم والتقنيات الحديثة. وسنقتصر في بحثنا هذا على جانب مهم واحد من جوانب هذه القضية الخطيرة؛ وهذا الجانب يتمثل بكيفية تأهيل عضو هيئة التدريس في جامعاتنا العربية، لكي يصبح قادراً على استخدام اللغة العربية في التدريس والتأليف والبحث.
ربما كان من المفيد أن ننطلق من واقعنا في الجامعات العربية، لكي نستشرف المستقبل، مستفيدين من تجاربنا وخبراتنا، وكذلك من تجارب الأمم الأخرى التي سبقتنا في هذا المضمار.
فإذا أخذنا إحصائية 1976، كما وردت في دليل اتحاد الجامعات العربية، وجدنا أن ثمّة أربعين جامعة عربية، تفرّدت من بينها الجامعات السورية، وعلى رأسها جامعة دمشق منذ أكثر من خمسين عاماً، بتدريس جميع العلوم والفنون في مختلف الكليات الجامعية باللغة العربية؛ وأن العلوم الإنسانية قد سجّلت نجاحاً كبيراً في التعريب في كثير من جامعاتنا، وإن كان الأمر لا يخلو من نكسات مؤسفة، لا يمكن أن نجد لها مبرراً في مجال العلم والمنطق والمصلحة. أما من حيث اللغة العربية فأخالنا قد اتفقنا منذ زمن بعيد على أن القضية لا تتعلق باللغة العربية من حيث هي لغة، ولكنها تتعلق بعوامل أخرى غريبة عن مصلحة الأمة، كما هي غريبة عن لغتها وتراثها.
إن نظرة شاملة للكفايات العلمية العالية التي يتمتع بها كثير من علمائنا من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات العربية تشير إلى تعدّد المصادر الثقافية والعلمية التي تشارك في التكوين العلمي والثقافي لكثير من هؤلاء العلماء؛ فثمة أعضاء هيئة تدريس أنهوا دراساتهم في جامعات أمريكية وروسية وبريطانية وفرنسية وألمانية وإيطالية، فضلاً عن الجامعات الأخرى من إسبانيّة وبولونيّة ويوغسلافية وغيرها.
فإذا كانت الفترة الاستعمارية حتى الحرب العالمية الثانية وبعيدها بقليل قد جعلت مشرق البلاد العربية منطقة مغلقة على اللغة الإنجليزية، ومغربها منطقة مغلقة على اللغة الفرنسية، مع انعكاس هذا الوضع على لغة التعليم الجامعي وغيره، فان هذا الأمر لم يعد قائماً، بل أصبح كثيراً ما يدعو للسطحية والسخرية. فكيف نطلب من خريج هذه الجامعات المشهورة في ألمانيا أو روسيا أو غيرها أن يدرّس باللغة الإنجليزية، مثلاً، معتمداً على ما تبقى عنده من تعلّمه في المرحلة الثانوية.. في حين يفترض فيه العجز سلفاً في التعبير بلغته القومية التي رضعها مع لبان أمه، وتعلّمها وتعلّم بها في كثير من مراحل التدريس .....؟
بل قد يصل الأمر إلى حال من السخرية عجيبة .. فكيف يمكن لهذا المدرس الجامعي الذي نال جميع شهاداته باللغة البولونية أو الروسية أو الألمانية، مثلاً، أن يدرّس بالإنجليزية!! ولكي يعيّن للتدريس بكلية تدرّس باللغة الإنجليزية توفده هذه الجامعة أو تلك إلى بلد ناطق بالإنجليزية لكي يعود ليدرس باللغة الإنجليزية!. في حين تنكر عليه حقّ التعبير بلغته القومية التي نشأ وترعرع في أفيائها!!
نريد من هذه الإشارة العابرة أن نخلص إلى القول إن مصادرنا في تكوين أعضاء هيئة التدريس في جامعاتنا باتت متعددة ومتنوعة، وإن الحلّ الوحيد الذي لا ثاني له في مواجهة هذا الوضع هو جعل "اللغة العربية" لغة البحث والتدريس في جميع هذه الجامعات، وبين جميع هؤلاء العلماء من أعضاء هيئة التدريس.
فإذا سلّمنا بالقيمة التي يشغلها الإنسان من حيث هو محور كل عملية تربوية، فإن من أهم العوامل التي تُعيق الانطلاق في عملية "التعريب الجامعي" هي هذه الحرب النفسية التي تشنّها وسائل الإعلام المختلفة من الخارج والداخل، تدعمها سياسات معيّنة تكون نتيجتها إيحاء عدم الثقة بالنفس، وتكون العقدة أمام تفوق الأجنبي، فتنعكس هذه القيم على ضعف عضو هيئة التدريس باللغة العربية، أو كسله، وهو المختص بمادته العلمية، عن بذل الجهد في التعريب، واتصاله بالجذور التاريخية لهذه العلوم الحديثة، من خلال التعرّف على نصوص هذا التراث العلمي. وربما دفعته هذه الحال من عدم الثقة بالنفس إلى استعلائه على مواطنيه، بهجره لغتهم إلى التحذلق بكلمات وتعابير أجنبية.
إن القناعة بضرورة التعريب، ووجود الدوافع الكافية بين أعضاء هيئة التدريس في التعليم العالي والجامعي، من أجل بذل الجهد اللازم للتعريب، شرطان أساسيّان لكيّ نضمن نجاح أي برنامج يهدف إلى جعل اللغة العربية لغة التدريس والبحث العلمي في جميع مجالات العلوم. ولذا فإن عقد المؤتمرات، وإقامة الندوات، وإثارة الحوار حول قضايا التعريب ومشكلاته ووسائله، في جميع الأقطار العربية، بل في جميع المؤسسات العلمية والجامعية، يساعد كثيراً في التغلب على هذه الرواسب النفسية.
وإن معظم هذه الحرب النفسية يَتّجه إلى طبيعة المستوى العلمي، وإطلاق التحذيرات من ضعفه، والانحدار في هاوية التخلف إذا ما انتقل عضو هيئة التدريس إلى التعليم باللغة العربية.
إن عضو هيئة التدريس الذي يستوعب مادة تدريسية، ويحقق مستوى علمياً ممتازاً في تدريسه الجامعي بلغة أجنبية، سيرتفع مستوى تدريسه عندما يعبِّر باللغة العربية، لغته القومية؛ والسبب في ذلك أنه بحاجة أولاً إلى استيعاب المضمون في مصادره الأجنبية، وفهمه وهضمه، ثم التعبير عنه باللغة العربية.
فكيف يمكن أن يهبط المستوى إذا كان الشخص نفسه ينتقل من التدريس بلغة أجنبية إلى التدريس بلغته العربية؟ فهو في مثل هذه الحال يرى أن من واجبه أن يستوعب المصطلحات والمفاهيم التي وردت عند المؤلف، وأن يستبدل بها صيغاً بلغته العربية؛ وفي ذلك ما فيه من عملية ذهنية نشطة مبدعة؛ في حين أن عضو هيئة التدريس الذي يدرّس بلغة أجنبية قد تجذبه المادة الجاهزة، ويميل به الكسل إلى تكرارها دون أن يتفهم دقائقها تفهماً عميقاً. ونحن إذ نتحدث في هذا الباب عن "تعريب التعليم الجامعي" فإننا نعني به العمق والأصالة، وننأى به عن أن يكون مجرد ترجمة سريعة رديئة قد يقوم بها غير المؤهلين لممارستها.
ويطيب لي في هذا الصدد أن أستشهد بتجربة خاصة في العلوم الهندسية خاضها الأستاذ الدكتور علي محمد كامل، وسردها في حديثه عن "تعريب العلوم الهندسية في جامعة عين شمس"، الذي ألقاه في مؤتمر تعريب التعليم الجامعي المنعقد في بغداد من الرابع إلى السابع من شهر آذار 1978. والأستاذ – حيّاه الله- كان قد حصل على الدكتوراه في الهندسة من إنجلترا، يقول:
"مضى عليّ من الزمان وأنا أزاول التدريس بالخليط العربي الإنجليزي، قبل أن أستجمع عزيمتي – وقد أصبحت أستاذ المادة التي أدرّسها، ورئيس القسم الذي أعمل به، وهو قسم هندسة الطاقة بكلية الهندسة بجامعة عين شمس في القاهرة – واستندت إلى نصّ قانون الجامعة الذي يعتبر العربية لغة التدريس، ما لم تكن هناك عقبات في سبيل ذلك. وخطوت نحو التعريب الكامل للمحاضرة، فلم أجد العقبات التي كان بعض الناس يتصوّرها.
فكثير من المصطلحات كان متداولاً، وإن احتاج بعضه إلى شيء من التهذيب، وغيرها كانت تحتويه المعاجم، وإن اعتراه بعض التشتيت؛ أما الباقي فقد أفادتني خبرة التدريس لعشر سنوات خلت في الوثوق من معناه إلى درجة تؤدي في يسر إلى اختيار اللفظ العربي الصالح لتأديته.
وكان عليّ أن أتعود اتباع الأسلوب العلمي الصارم في التعبير .. حتى أصل من أقرب الطرق وأوضحها إلى أذهان الدارسين، فأنقل إليهم المفاهيم في ترتيب منطقي سلس."([3]).
وثمة تجارب أخرى كثيرة في هذا الصدد؛ وإن أكبر مثال وأوضَحَه تلك التجربة الجماعية الخصبة التي توفّرها لنا جامعة دمشق وأساتذتها منذ أكثر من خمسين عاماً. فقد انطلق هؤلاء الأساتذة الأعلام، بمجهوداتهم الفردية والجماعية أحياناً، وفي إطار ظروف صعبة وإمكانيات مادية محدودة، للتعريب في محاضراتهم الجامعية، وفي ترجماتهم ومؤلفاتهم وبحوثهم ... هذا مع العلم أنهم قد تكوّنوا في الأصل علمياً في جامعات أجنبية.
لا أحد يزعم أن هؤلاء الرواد في النهضة الحديثة لم يواجهوا مشكلات حقيقية؛ بل على النقيض من ذلك، فقد واجهوا وما زالوا يواجهون تحديّات صعبة في مجال إلقاء المحاضرات باللغة العربية. والمحاضر في حقيقة الأمر يقوم بنقل العلم من اللغة التي تعَلّمه بها إلى اللغة العربية، من خلال عملية ترجمة فكرية، ومجهود علمي عقلي مبدع في اختيار الصِيَغ، وتركيب الجُمَل باللغة العربية، لتأدية تلك المعارف والمفاهيم، وبالتالي للوقوع على المصطلحات العلمية.
لاشك أن ممارسة التدريس الجامعي والبحث العلمي والتأليف باللغة العربية هي الطريق الوحيد الذي يضعنا على بداية الطريق في تنفيذ سياسة التعريب التي يجب أن تتبناها الدولة؛ فمن خلال هذه الممارسة يستطيع أعضاء هيئة التدريس إيجاد المصطلحات العلمية، والوصول إلى الصِيَغ اللغوية العلمية، مستفيدين من الإنجازات العظيمة التي بُذِلت في بعض الجامعات العربية وفي المجامع اللغوية العربية. وثمة تجربة متواضعة قام بها مجمع اللغة العربية الأردني: فقد قام، ضمن إمكانياته المادية المحدودة، بمشروع ترجمة الكتب العلمية الأساسية التي تُدَرَّس في السنة الأولى في الجامعة الأردنية وجامعة اليرموك. فاختار أحدث الكتب العلمية التي تُدَرَّس في الجامعات الأجنبية في مجال الرياضيات والكيمياء والأحياء والجيولوجيا والفيزياء، وشكّل لجاناً من أعضاء هيئة التدريس المتخصصين الذين يقومون بالتدريس الجامعي في هاتين الجامعتين، وجميعهم من الأساتذة النابهين الذين تخصصوا في الجامعات الأجنبية. وخلال بضعة أشهر أنجزت الترجمة، ودفعت معظم المشاريع إلى الطباعة. وقد استفاد هؤلاء الأخوة من جميع الجهود الخيّرة التي بُذِلت في الجامعات والمجامع اللغوية العربية، ومن المؤلفات والترجمات التي وُضعت باللغة العربية. حدثني أحد هؤلاء المتخصصين النابهين، وقد أتمّ جميع دراساته الجامعية في الفيزياء في إنجلترا، أنه وقف أمام بعض المصطلحات، ولم يكن أمامه إلا أن يأخذ اللفظة الأعجمية بأصواتها الناشزة كما هي، أو أن يأخذ ترجمة التعبير إلى اللغة العربية. ثم قال: وفي أثناء مطالعاته لمقال في هذا المجال في مجلة "المقتطف" 1930 ... كانت فرحته عظيمة حين وجد كاتب المقال يستعمل لفظة "حَشَكَ" للتعبير عن المدلول المطلوب، فاستعملها هو ... لقد حدثني بذلك للتندر، لأن هذه اللفظة، بمدلولها المحدَّد، شائعة وذائعة في لغة العامة عندنا ... وعلى كلّ فهي كلمة معجمية فصيحة.
وتجربة مجمعنا تجربة متواضعة، نرجو أن تكون بداية طريق للنجاح في تعريب التعليم الجامعي، وبالتالي جعل اللغة العربية لغة التدريس والبحث والتأليف دون تأخير ودون تردُّد.
لقد أوردتُ هذه الأمثلة السابقة لكي أخلُص إلى القول: إنّ عملية تعريب العلوم، وجعل اللغة العربية لغة التدريس الجامعي والبحث العلمي والتأليف المبدع، إنما عملية تنمو وتتقدم عبر الممارسة الفعلية والتنسيق المستمر بين ذوي الاختصاص العلمي في جميع الجامعات العربية، ومؤسسات البحوث العلمية، والمجامع اللغوية العربية.
كلُّ ذلك يجري في تفاعل مستمرّ من أجل التهذيب والتشذيب والتصحيح، من أجل مسايرة اللغة العربية لجميع متطلَّبات الحضارة الإنسانية الحديثة. فهي عملية حيَّة نامية، وسرُّ حياتها يكمُن في الاستعمال والتطبيق والممارسة. فاللغة تحيا بالاستعمال، وتنمو بالتطبيق والممارسة، ولا تحيا في بطون الكتب وفهارس المعجمات. وفي هذه العملية يمثّل عضو هيئة التدريس المكانة الأولى من حيث الفاعلية والتطبيق.
الثورة العلمية والتعريب
لقد أصبح من الحقائق الثابتة القول: إنّ العلاقة بين التنمية والتربية والتعليم العالي والجامعي عميقة وجوهرية؛ وإن كل توسع في هذا المجال من التعليم يجب أن يتمَّ في ضوء حاجات القوى العاملة، وحاجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الحاضر وفي المستقبل، وذلك ضمن الأهداف الإنسانية الرفيعة التي تهدف إلى رُقيّ الفكر الإنساني والحضارة الإنسانية في جميع جوانبها.
وقد رأينا كثيراً من الدول الحديثة التي اجتازت مرحلة التخلُّف، ودخلت مضمار الثورة العلمية، كاليابان في أوائل القرن العشرين، والصين الحديثة في النصف الثاني من القرن العشرين، قد رفعت لواء العلم للتنمية وللمجتمع. ومن البَدَهيات أن تدخل هاتان الأمتان وغيرهما من الأمم الحديثة مضمار هذه الثورة العلمية من خلال اللغات القومية. وما كان من الممكن مطلقاً أن تصل اليابان إلى ما وصلت إليه من ذروة العلم والتقنيات الحديثة إلاّ من خلال لغتها اليابانية؛ وكذلك القول في الصين، وقد ورثت قروناً من التخلّف، تراكمت على إرثها القديم من حضارة إنسانية عريقة في القدم.
وكانت هذه الأمم قد أعادت النظر في جميع أنظمتها الجامعية والتربوية، ووضعت خططاً بعيدة المدى وأخرى قصيرة المدى، آخذة بعين الاعتبار ما تتطلبه التحوّلات الجذرية في الثورة العلمية، سواء منها ما يتعلق بسيطرة الآلة والتسيير الذاتي، أم ما يتعلق بالمكانة الخاصة التي يحتلّها البحث العلمي، من حيث هو عنصر أساسي في زيادة الإنتاجية. ولا شكّ أن هذا الاتجاه الجديد يحتّم على النظام التربوي أن يُعِدَّ أنماطاً جديدة من الاختصاصيين والفنيين؛ وفي طليعة هؤلاء يأتي الاختصاصيون بالصناعات الإلكترونية، والعلماء الباحثون في ميادين الكيمياء وعلم الحياة والذرّة بصورة خاصة، وكذلك الفنيون الخبيرون بالوسائل الحديثة في الإدارة والتسيير والتنظيم بصورة عامة([4]).
وفي جميع الأحوال كانت اللغة القومية المنطلق الأساسي الذي تنطلق منه هذه الأمم جميعها في ثورتها العلمية. فما كان لشعار "العلم للتنمية وللمجتمع" أن يكون له معنى خارج اللغة القومية، وسيلة للتعبير، ومقوِّماً من مقوّمات فكرها الإبداعي وهُوِيّتها المميزة. ولذا رأينا التأهيل اللغوي لأعضاء هيئة التدريس وغيرهم من الباحثين والفنيين في مجال التخطيط يحتلّ مكانة خاصة في برامج الإعداد والتدريب المستمر. وهكذا نستطيع القول: إن الثورة العلمية قد أدّت إلى تعميق مفهوم التربية المستمرة أو الدائمة في حياة الإنسان، وفي حياة الجامعات والمؤسسات العلمية والحضارية المختلفة.
وما كان لهذا المفهوم التربوي أن تكون له آثاره العلمية والحضارية بمعزل عن اللغة القومية.
ونحن إذا وَجّهنا نظرنا صوب مجتمعنا العربي، وبصورة خاصة صوب جامعاتنا العربية، حيث يكوّن أعضاء هيئة التدريس جوهر وجودها، وجدنا أننا بالفعل أمام ثورة علميّة لا بد قادمة، لكي تزيل ما تراكم من غبار القرون في التخلف والجهل، وتصهر من جديد ما تراكم من مخلفات الاستعمار، لكي تزيل الأوشاب، ويظهر من جديد عنصر هذه الأمة سليماً نقيّاً، لكي تعاود مسيرتها المبدعة في ركب العلم والحضارة الإنسانية.
إن التعريب، أو استعمال اللغة العربية في التدريس الجامعي في جميع مستوياته ومجالاته، وفي البحث العلمي والتقنيات الحديثة، هو القاعدة الأساسية التي تُبنى عليها ركائز هذه الثورة العلمية المقبلة إن شاء الله. ومن دون ذلك يصبح كل تخطيط لا معنى له، لأنه يكون قد خالف طبائع الأشياء، ونواميس التقدم والرقي. وفي مجال هذا التخطيط، يهمّنا في هذا البحث جانب واحد من جوانب قضية التعريب، هو الجانب الذي يتعلق بكيفية الوصول بعضو هيئة التدريس في جامعاتنا العربية، ولاسيما في الكليات العلمية، إلى المستوى اللغوي اللائق، لكي يستطيع أن يتكلّم ويكتب بلغته العربية بشكل سليم، وإن كان الهدف البعيد الذي يجب أن تسعى إليه جامعاتنا العربية هو أن يكون المتخصص في أي علم من العلوم على معرفة واسعة باللغة العربية، إلى جانب إتقان لغة أو لغتين من اللغات العالمية الحية.
لا بد لكل تخطيط ناجح يهدف إلى تأهيل أعضاء هيئة التدريس وجَعْلهم قادرين على استعمال اللغة العربية في محاضراتهم وأبحاثهم أن يرتكز على منطلقات الواقع وما يستشرفه من مستقبل يتطلَّع إليه؛ سواء أكان ذلك في مجال بناء خطّة بعيدة المدى، أم خطة قصيرة الأجل، تهدف إلى معالجة قضايا التحوّل وفترات الانتقال. وربما كان من المفيد أن لا ندخل في جزئيات هذا التخطيط، الذي لابد أن يتأثر بالظروف والأحول المختلفة في كل قطر من أقطار العروبة، وإنما نعالج الموضوع من حيث المنطلقات العامة التي تُقَيّدها مبادئ وأهداف، أصبحت تعتبرها أُمَّتنا من المسلّمات التربوية في بنائها الحضاري والقومي والإنساني.
يمكن أن ننظر إلى موضوع إعداد أعضاء هيئة التدريس لغوياً على مرحلتين: فالمرحلة الأولى تشمل إعدادهم قبل العمل الجماعي، والمرحلة الثانية تتناول إعدادهم في أثناء الخدمة والعمل الجامعي.
إعداد أعضاء هيئة التدريس لغوياً قبل العمل الجامعي:
لا يخفى على كل مهتمّ بقضايا اللغة العربية أن يسجِّل حقائق محزنة في مجال ضعف المثقفين العرب، والمتخصصين منهم في شتى العلوم في لغتهم العربية. وقد يصل هذا الضعف، مع الأسف، إلى بعض المتخصصين في اللغة العربية، وليس من مهمتنا في هذا البحث أن نستبين أسباب الضعف وطرق العلاج، فقد أقيمت ندوات في هذا الموضوع، وَوُضعت توصيات مهمة، ولكنها، مع الأسف، تنتظر طريقها إلى التنفيذ ... ولكن ما نودّ أن نشير إليه هو أننا لا نستطيع أن نبحث في ضعف أعضاء هيئة التدريس الجامعيين في اللغة العربية بمعزل عن ضعف طلابهم في لغتهم القومية، وبمعزل عن أسباب الضعف المتراكمة في تعليم هذه اللغة منذ الطفولة، وعبر المدرسة: بمراحلها الابتدائية والإعدادية والثانوية. بل لا نستطيع أن نبحث في ضعف أعضاء هيئة التدريس باللغة العربية بمعزل أيضاً عن ضعف الطلبة الجامعيين في هذه اللغة.
وهكذا لا بد من إعادة النظر بصورة جذرية في تعليم اللغة العربية في جميع مراحل الدراسة، من حيث أساليب تدريس اللغة العربية، واستخدام التقنيات الحديثة في التربية، ومن حيث الكتاب المدرسي، مادة وطباعة وإخراجاً، ومن حيث المنهاج في مرونته وشموله وقابلياته لمسايرة حجم المعارف الأساسية المتسارعة في نموِّها ... وقبل ذلك كله، العمل على إعداد المعلم الناجح إعداداً خلقياً وعلمياً ومهنياً.
إن مرحلة الإعداد الأولى هذه تتطلب، من حيث الأساس، رعاية اللغة العربية في مراحل الطفولة، نطقاً وتعبيراً وتذوُّقاً، وأن تكون هذه الرعاية إحدى المرتكزات الأساسية التي تقوم عليها سياسة الدولة التربوية. فلو ألقينا نظرة على مدارسنا الابتدائية والإعدادية والثانوية، في الأقطار العربية التي درجت على التعليم باللغة العربية في جميع هذه المراحل، ومنذ خمسين عاماً تقريباً ... وسألنا أنفسنا:هل نحن نعلّم حقيقة باللغة العربية في هذه المراحل ....؟ ونحن إذ نتحدث عن اللغة العربية لا نعني بطبيعة الحال سوى اللغة الفصيحة، لغة القرآن الكريم، العامل الأبدي في وحدة أمتنا ووجود كيانها.
وفي الجواب عن هذا السؤال، نسارع فنقول: مع الأسف كلّا، فإن اللغة التي نعلّم بها جميع المواد في هذه المراحل المعرَّبة قانوناً وعرفاً، هي خليط من اللغة الفصيحة والعامية؛ وقد يتعدّى الأمر ذلك في بعض الأحيان، لكي نرى مدرسي اللغة العربية يدرّسون (النحو) باللغة العامية، أو بهذا الخليط المستهجن من المفردات والتعابير ... فرعاية اللغة العربية في المراحل التعليمية الثلاث: الابتدائية والإعدادية والثانوية، والاهتمام بتطوير برامجها التدريسية ووسائلها التعليمية، ضرورة أساسية، يجب أن توضع في مقدمة الموضوعات التي يجب أن تهتم بها الدولة في سياستها التربوية والتعليمية. ولا شك أن العناية باللغة العربية على هذه الشاكلة، واستخدام اللغة الفصيحة في تدريس جميع المواد، وفي تلك المراحل التعليمية التي تسبق التعليم الجامعي، ضرورة أساسية في البناء اللغوي السليم لجميع الذين ينهون الدراسة الثانوية، سواء منهم الذين يخرجون للحياة العملية أم أولئك الذين يلتحقون بالمعاهد المهنية أو الجامعات.
فالإعداد اللغوي في هذه المرحلة قبل التعليم الجامعي يشكل الأساس المهم في تأهيل هؤلاء الذين سيواصلون دراساتهم، وبالتالي يصبحون في المستقبل الهيئة التدريسية في الجامعات. ونحن نُوْلي هذه المرحلة أهمية كبرى في الإعداد اللغوي، وذلك لأهمية المرحلة التربوية التي يجتازها الفرد في تكوينه العقلي والعاطفي، ولأن بعض هؤلاء النابهين قد يلتحقون مباشرة بجامعات أجنبية في الخارج، حيث يحصلون على جميع درجاتهم العلمية. وفي مثل هذه الحال يصبح إعدادهم اللغوي حتى نهاية المرحلة الثانوية، ركيزة سليمة في نقل العلوم والمعارف التي يتعلمونها باللغة الأجنبية إلى اللغة العربية.
أما المرحلة الثانية في الإعداد اللغوي لأعضاء هيئة التدريس فتتمثل في التركيز على ضرورة رفع مستوى الطالب الجامعي في اللغة العربية، وذلك عن طريق وضع مناهج متطورة وبرامج تدريسية لتعلم اللغة، والتركيز على قواعدها الأساسية، وجعل محور هذا البرنامج الممارسة الفعلية في مجالات التخصص العلمي بكفاية وفعالية. فمعظم أعضاء هيئة التدريس سيكونون ممن أنهوا دراساتهم الجامعية الأولى في جامعات عربية، وحصلوا على درجاتهم الجامعية العليا المتخصصة من جامعات أجنبية. ولذا فإن الاهتمام برفع مستوى الطالب الجامعي، بصورة عامة، باللغة العربية، هدف أساسي يجب أن تحققه جامعاتنا العربية. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن هذا التعليم الجامعي هو الذي يُمِدّ التعليم الإعدادي والثانوي، غالباً، بالمدرسين. ومن هنا نرى مدى العلاقة الجوهرية بين التعليم الثانوي والتعليم الجامعي والعالي، ولاسيما في مجال التعريب والعناية باللغة العربية.
فالتعريب، من حيث هو استخدام اللغة العربية لغة للتدريس في جميع العلوم، والعناية باللغة العربية السليمة، من حيث الممارسة وفهم قواعدها النحوية والصرفية الأساسية، واستيعاب متطلباتها كل ذلك يكوّن وحدة متكاملة توفّر للطالب الجامعي الحد الأدنى لفهم الحقائق العلمية، وإدراك المعارف المختلفة، والتعبير عنها بسهولة ويسر. وفي جميع الأحوال، نحن نعتقد أن دراسة النصوص العربية المختارة يجب أن تكون محور هذه الدراسة في جميع الكليات والأقسام العلمية.
ونحن في هذا البحث لا نريد أن نعالج جزئيات هذا المنهاج الذي يمكن أن يكون أساساً في النهوض بمستوى الطالب الجامعي في اللغة العربية؛ ولكن من المفروض أن تحدّد الجامعة مستوى معيناً في اللغة العربية يجب أن يجتازه جميع طلبة الجامعة، مهما كانت تخصصاتهم. ولا شك أن مثل هذه الدراسة لن تكون هامشية، بل يجب أن تؤدي إلى رفع مستوى الطلبة العلمي، وزيادة كفاياتهم في فروع تخصصاتهم؛ فقد يَشْتَرِط كثير من الجامعات العريقة في البلاد المتقدمة، عند استخدام عضو هيئة التدريس، أن يجتاز مستوى معيناً في اللغة التي سيدرِّس بها. وما أحوجنا في الجامعات العربية إلى تطبيق هذه السياسة، على أن نَدْعَمَها بتنظيم برامج معينة في الدراسات العليا تهدف إلى تأهيل عضو هيئة التدريس الجامعي المرتقب، لكي يصبح قادراً على استخدام اللغة العربية في مجال تخصصه، تدريساً وبحثاً وتأليفاً، وأن يؤخذ هذا البرامج بالتقدير والاعتبار عند تعيين عضو هيئة التدريس في الجامعة.
إعداد أعضاء هيئة التدريس لغوياً في أثناء الخدمة

ربما يمضي وقت طويل قبل أن نصل إلى تحقيق أهدافنا في مختلف المراحل التعليمية: قبل المرحلة الجامعية منها، وخلالها، وما يتبعها من دراسات عليا. وليس في مقدورنا أن نضمن، في المستقبل المنظور، أن أية نسبة كبيرة من طلاب الدراسات العليا سيستفيدون من هذه البرامج والخبرات للتأهيل باللغة العربية. ومهما يكن من أمر، فإن الحقيقة الواقعة تنبئ بأن نسبة كبيرة من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات في الوقت الحاضر، ولوقت قد يكون في المستقبل، ستكون من هؤلاء الذين قد تمّ استخدامهم في الكليات والمعاهد والجامعات. وإذا انطلقنا من واقعنا المرير، حيث يشكو أعضاء هيئة التدريس من الضعف في اللغة العربية، فإننا نخلص إلى القول: إنه من الواجب، مع البدء بعملية التعريب عن طريق الممارسة الفعلية، أن تقوم كل جامعة، بل كلّ كلية وكل قسم مختص فيها، بتخطيط برنامج يكفل رفع مستوى أعضاء هيئة التدريس في اللغة العربية، وتدريبهم أثناء الخدمة، لكي يتمكنوا من استعمال العربية لغة للتدريس والبحث العلمي.
لقد اشترطت معظم الجامعات، عند تعيين عضو هيئة التدريس فيها، أن يكون حاصلاً على شهادة الدكتوراه في مجال تخصصه، ثم وضعت شروطاً معيَّنة في الإنجازات العلمية والبحث العلمي من أجل الترقية من مرتبة إلى أخرى ..... ولكنْ أمام حجم المعارف الأساسية الذي يتزايد كل يوم، وأمام هذا التسارع الهائل في تطوّر العلوم، ولاسيما العلوم التطبيقية والنظرية البحتة، باتت الجامعات والمؤسسات العلمية مدعوة لأن تخطط برامج محددة، موجهة لأعضاء هيئة التدريس، من أجل تجديد معلوماتهم وزيادة فعالياتهم، وأن لا تترك هذا الموضوع الخطير لقواعد وشكليات جامعية قد تجاوزت مرحلتها التاريخية. ففي الوقت الذي تشير فيه الإحصائيات، مثلاً، إلى أن بعض العلوم الهندسية تتبدَّل كلياً كل عشر سنوات، وأخرى كل خمس عشرة سنة، ولا تستطيع هذه الجامعات وتلك المؤسسات العلمية أن تقف جامدة في إطار قواعد وأنظمة قد تجاوزها الزمن. هذا كله يستلزم عملية دؤوباً هادفة، من شأنها أن تجعل أعضاء هيئة التدريس يسايرون التطورات الجديدة والنظريات العلمية الحديثة في مجال تخصصاتهم، وبالتالي تؤدي إلى تعديل مستمر للمناهج، وتبديل مبدع للكتب المعتمدة في جميع هذه العلوم.
إن من ضرورات الثورة العلمية المرتقبة أن تتجاوز جامعاتنا العربية هذا الإطار التقليدي من القواعد والأنظمة، التي أُخذ معظمها تقليداً لجامعات أجنبية قد تجاوزت ظروفنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإن ما تطبقه من هذه التركة يأتي في كثير من الأحيان مشوهاً لا هوية له. وكيف يمكن للتقليد أن يرقى إلى درجة الأصالة، حتى لو حسنت النيات وأخلص القائمون على التنفيذ. فلا بد للجامعات العربية إذن، من أجل قيامها بدورها التاريخي في نهضة هذه الأمة، من أن تخطط وتنفّذ، بفعالية وبمستوى رفيع، برامج علمية ولغوية وتربوية تهدف إلى تهيئة أعضاء هيئة التدريس الجدد في الجامعة، من ناحية، وإلى نموّ مزدهر ومستمر لقدرات أعضاء هيئة التدريس القدامى من جهة أخرى. ولا شك أن هذا الوضع هو ترجمة عملية لمفهوم التربية المستمرة، أو الدائمة، في عصر هذه الثورة العلمية، وإن هذه الحياة العلمية المتسارعة في نموّها وتطوّرها لا يمكن أن تكتسب أصالتها في أمتنا العربية إلاّ من خلال لغتنا القومية.
في هذا الإطار من التخطيط الشامل للتدريب المستمر في أثناء الخدمة الجامعية لأعضاء هيئة التدريس في الجامعة يأتي دور وضع برنامج مستمر لتأهيل أعضاء هيئة التدريس كي يصبحوا قادرين على التدريس والبحث العلمي والتأليف باللغة العربية في أثناء خدمتهم. ونحن نعتقد أن مثل هذا البرنامج يجب أن يُعَدّ إعداداً على أسس علمية سليمة، وفق ما وصل إليه العلم الحديث في النظريات اللغوية والتربوية؛ وإن التطور السريع في وسائل التقنية لتعليم اللغات، لا بد أن يغني هذا البرنامج، ويزيد من فعالياته وحيويته.
وربما كان من الواجب أن يرتكز التخطيط لهذا البرنامج على منطلقات تمثّل سياسة تربوية ثابتة للدولة، في مبدأ جعل اللغة العربية لغة البحث والتدريس في التعليم الجامعي في مختلف مستوياته ومجالاته. وأن كل خطّة تهدف إلى التدريس باللغة العربية، وتهيئة عضو هيئة التدريس علمياً ونفسياً، وتدريبه المستمر في أثناء الخدمة، يجب أن تحقق ما نصبو إليه من المستوى العلمي الرفيع الذي نريد إيصال الجامعيين إليه. وانطلاقاً من مفهومنا الشامل لعملية التعريب ومقوماتها الأساسية المترابطة ترابطاً عضوياً نرى أن هذا البرنامج يجب أن يتّجه إلى مجالين رئيسين: فالمجال الأول يخصّ عضو هيئة التدريس بصورة قاصدة، والمجال الثاني يخص الوسائل والإمكانيات التي تشكّل البيئة العلمية الخصبة لعملية التعريب، ومن دونها فإن فعاليات عضو هيئة التدريس تبقى جامدة محدودة.
يهدف البرنامج في المجال الأول الذي أشرنا إليه إلى تنظيم دورات مركزة في اللغة العربية، وإلقاء محاضرات خاصة بالتعريب والمشكلات اللغوية، وتتناول القواعد الأساسية في النحو والصرف، والوسائل اللغوية التي تمكّن عضو هيئة التدريس من اختيار الألفاظ المناسبة للمفاهيم والمصطلحات العلمية، وضعاً أو استنباطاً أو تعريباً، بالمعنى الاصطلاحي الضيّق للتعريب. ولا شكّ أن من أهم هذه الوسائل اللغوية التي لا بد من أن يركّز عليها هذا البرنامج هي الاشتقاق بأنواعه، والإبدال والقلب، والمجاز، والنحت، والتوليد، والترجمة، وكذلك التعريب، سواء أكان بصياغة اللفظ بالنقل الصوتي إلى العربية مع تحريف في الحروف والحركات والأوزان، لتتناسق وباقي الألفاظ العربية، أم بصياغة اللفظ بأصواته الأعجمية كما هي.
وإن تنظيم الندوات والحلقات الدراسية كي تناقش فيها جميع مشكلات التعريب، والقضايا المهمة التي يواجهها أعضاء هيئة التدريس، وإيجاد الحلول المناسبة، يشكلان جزءاً مهماً من معالم هذا البرنامج. وإن استعمال وسائل التقنية المتطورة في التعليم، يجعل هذا البرنامج ميسراً وأكثر فعالية، وذلك مثل استعمال الأفلام العلمية المتخصصة، وكذلك الأفلام الراجعة (الفيدوتيب) والشرائح، والكتب العلمية المبرمجة، وغير ذلك من الوسائل الحديثة. فإن تسجيل محاضرة علمية باللغة العربية وإعادتها للدراسة وملاحظة الأخطاء التي اقترفها عضو هيئة التدريس في برنامج التدريب لهي وسيلة فعالة في التصحيح الذاتي وتنمية القدرة اللغوية السليمة ... وهكذا فالنقاش المفتوح والحلقات الدراسية والتطبيق، واستعمال التصوير المتلفز، من أجل تقويم الأخطاء، تشكّل بنوداً مهمة في برنامج تأهيل أعضاء هيئة التدريس لاستخدام اللغة العربية.
إن تصميم هذا البرنامج يجب أن يتخذ من النص محوراً أساسياً لجميع فعالياته، وإن اختيار هذه النصوص عملية في غاية الأهمية بحيث توفر للدارس روافد لغوية مهمة في مجال تخصصه العلمي، فضلاً عن فصاحة اللغة وجمال الأسلوب. ومن خلال هذه النصوص والمصادر العلمية المختارة من التراث العربي، يستطيع عضو هيئة التدريس أيضاً أن يربط العلم الحديث بجذوره التاريخية التي تمتدّ عميقة في هذا التراث العربي، ليحقّق بذلك انطلاقة الأصالة العلمية إلى جانب الإثراء اللغوي في التعابير والمصطلحات.
ودون أن نخوض في دقائق هذا البرنامج، ومجالاته العلمية واللغوية، نقول: إنه من الضروري أن يُعْنَى بفن الترجمة عند عضو هيئة التدريس، لأنه في حقيقة الأمر مترجم ماهر سواء أكان ذلك في إعداد محاضراته أم في التأليف والترجمة العادية. وإنه من المهم أن يعرف عضو هيئة التدريس اللغة التي يُتَرجِم عنها معرفة دقيقة، وكذلك معرفة اللغة التي يترجم إليها؛ فضلاً عن معرفة دقيقة لمجال تخصّصه العلمي، وهو موضوع الترجمة. فالترجمة ليست قضية لغوية فحسب، ولكنها من حيث الجوهر تتعلق باختصاص وبمضمون معيّن، يحتلّ فيه صاحب الاختصاص العلمي المكانة الأولى، حيث تتّضح له وحدة حقائق العلم ودقائقه. ولذا فمن الواجب أن نضع المعجم المختص في موقعه الطبيعي، إذ لا يكفي أن يلجأ المترجم، أيّاً كان، إلى معجم مختصّ؛ فما يذكره المعجم المختصّ لا يفهمه سوى صاحب الاختصاص. ومن هنا نريد أن نقرر أن اللغوي غير المختصّ لا يمكن أن يكون إلاّ عاملاً مساعداً في عملية التعريب والترجمة. ولعلّ من أعظم الخدمات التي يمكن أن يقدمها اللغويون في هذا المجال وضع كتاب شامل في اللغة والنحو والصرف، ليستطيع المثقف العربي، كما يستطيع عضو هيئة التدريس المختص في أي علم من العلوم، أن يعود إليه بين الفينة والفينة، من أجل تقويم وزن أو تصحيح تركيب لغوي أو نحوي. وإن كتاب المرشد في اللغة يجب أن يوجِّه لمعالجة المشكلات اللغوية والنحوية والصرفية التي يمكن أن تواجه المثقف العربي في حياته العلمية، وذلك من خلال نصوص أدبية وعلمية حيّة.
وطالما نحن بصدد الحديث عن (النصوص) العلمية: القديم منها والحديث، نجد من الواجب أن نشير إلى قضية فرعية، ولكنها على جانب كبير من الأهمية، وهي ضرورة "الشكل"، ولا سيما في النصوص العلمية باللغة العربية.

[IMG]file:///C:\Users\user\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\c lip_image002.jpg[/IMG]
والتقنيات الحديثة، كما ذكرنا لا بمجرد ترجمة هذا الكتاب أو ذاك.

وهنا لا بد من أن نشدّد على ضرورة وجود التعاون التام والتنسيق الكامل بين هذا المركز الرئيسي وبين المراكز العلمية المتخصصة، والجامعات، والمؤسسات العلمية، ومجامع اللغة العربية، من أجل وضع المقابلات العربية للمصطلحات العلمية والتقنية، وتغطية ما يُسْتَحدث منها. فقد دلّت الإحصاءات التي بين أيدينا على أن عدد المصطلحات التي تُسْتَحْدَث كل عام يربو على عشرين ألف مصطلح.
وإن تعريب هذه المصطلحات العلمية المتسارعة في نموّها لا يوازيه في الأهمية إلا قضيّة توحيدها في الوطن العربي، لئلا تنشأ لغات علمية مختلفة نتيجة استعمال مصطلحات علمية مختلفة؛ وفي هذا ما فيه من خطر كبير.
لقد باتت الحاجة ملحة لإقامة مثل هذا المركز الرئيسي، وإذا أردتُ أن أحدّد هذا المشروع، أجدني أقول: ولماذا لا تَتَبَنّى، مثلاً، دولة من الدول ذات الإمكانيات المادية الهائلة موضوع تأسيس جامعة دون طلبة، تُطْلِق عليها اسم "جامعة التعريب" تحشد فيها خيرة العلماء المتخصصين، لفترات دورية، وتكون مهمتهم نقل العلوم والتقنيات الحديثة إلى اللغة العربية؟! وفي رحاب هذه الجامعة العتيدة تعقد المؤتمرات واللقاءات بين المتخصصين لبحث مشكلات التعريب التي يواجهونها في أثناء ممارساتهم الفعلية المبدعة، سواء منها ما يتعلق بالمصطلحات أم بالمصادر العلمية أم غيرها.
إن جامعة مثل تلك المقترحة ستدخل التاريخ الثقافي والعلمي لهذه الأمة من أوسع أبوابه؛ هذا مع العلم أن مجالها الحيوي سيكون الوطن العربي كله في جميع أقطاره، في جامعاته ومؤسساته العلمية وطلابه وعلمائه، ولاسيما أن من بعض أوجه نشاطها العلمي إصدار المجلات العلمية والدوريات المتخصصة للعلوم المختلفة باللغة العربية العلمية الموحدة.
الخلاصــة:
وخلاصة القول إن وطننا العربي مُقْبل، ولا شك، على ثورة علمية، لابد من أن ترتكز على تعريب التعليم في جميع مراحله ومستوياته، وجعل اللغة العربية لغة التدريس والبحث العلمي في جميع حقول المعرفة. إن مثل هذه الثورة العلمية والتعليمية ستكون الوسيلة الوحيدة لكي تجتاز أمتنا العربية وضعها الحاضر، حيث تقبع على هامش الحضارة الإنسانية، لكي تأخذ دورها في المشاركة العلمية الكاملة، وبناء حضارة أصيلة، تصل ماضيها بحاضرها، وتندفع نحو مستقبل زاهر، فترفد بخصوبتها حضارة الإنسان ورقيَّه، ويحتلّ العلم بصورة عامة، وعضو هيئة التدريس في المعاهد والجامعات بصورة خاصة، المكانة الأولى في هذه النقلة الحضارية ... وفي ضوء هذا التطور السريع في الوسائل التقنية للتعليم في جميع مراحله، سيَحْدُّث تغيير أساسي في دور أعضاء الهيئة التدريسية، من حيث استخدام الوسائل التقنية، والتأكيد على مسؤولية الطلاب أنفسهم في عملية مفهوم التربية المستمرة أو الدائمة. ولا بدّ من توجيه الاهتمام إلى تطوير كلّ ما من شأنه أن يبعث على التعلّم.
وإن الركيزة الأساسية في هذه الانطلاقة العلمية والتربوية ستكون اللغة العربية، من حيث كونها اللغة التي يستطيع أن يعبّر بها المواطن العربي عن جميع حاجاته الحضارية وعن كل ما يتعلمه من معارف في جميع مراحل التعليم المختلفة، ومن حيث كونها لغة التدريس الجامعي والبحث العلمي، ولغة العلوم والتقنيات الحديثة. ونحن نعتقد أن عملية التعريب عملية متكاملة، تدور حول محور أساسي هو المعلم بصورة عامة وعضو هيئة التدريس في الجامعات والمعاهد العليا بصورة خاصة. ومن أهم الجوانب التي يجب أن يُعْنَى بها في تأهيل أعضاء هيئة التدريس لكي يتمكنوا من التدريس الجامعي والبحث العلمي باللغة العربية ما يلي:
1- أن تَتَّخِذ الدولة قراراً سياسياً، في أعلى مؤسساتها التشريعية، بوجوب جعل اللغة العربية لغة البحث العلمي والتدريس في جميع مراحله: الابتدائية، والإعدادية والثانوية، والجامعية، والدراسات العليا؛ وذلك لكي تأخذ على عاتقها الدعم المادي والمعنوي من أجل تنفيذ هذه النقلة التاريخية.
2- العناية التامة باللغة العربية منذ مراحل الطفولة الأولى، وفي جميع مراحل التعليم، وضرورة إعادة النظر في الكتب المدرسية والمناهج، ووسائل التعليم، وسياسة إعداد المعلمين، في ضوء النظريات التربوية والوسائل التقنية الحديثة. وكذلك وجوب جعل اللغة العربية الفصيحة لغة التدريس في جميع المواد، وأن تنطلق في هذه المراحل من المبدأ القائل إن كل معلم هو معلم للغة العربية. هذا مع الحرص على شكل جميع الكتب المدرسية شكلاً كاملاً.
3- أن تفرض الجامعات، في جميع الكليات، مستوى معيناً في اللغة العربية يُعْتبَر متطلباً أساسياً لتخرُّج الطالب الجامعي في مجال تخصصه.
4- أن تُنَظَّم دراسات لغوية في أثناء الدراسات العليا، تهدف إلى تمكين من ينضمّ إليها من أن يقوم بالبحث العلمي والتدريس الجامعي باللغة العربية، وأن يقدَّر من ينهي هذا البرنامج تقديراً مجزياً عند التعيين في عضوية هيئة التدريس الجامعي.
5- أن تُنَظَّم برامج للتدريب المستمر لأعضاء هيئة التدريس في الجامعة في أثناء خدمتهم، وذلك لتأهيل أعضاء هيئة التدريس من أجل القيام بأعبائهم التدريسية باللغة العربية، وأن تشتمل هذه البرامج على القضايا الأساسية في النحو والصرف واللغة, ومشكلات التعريب والترجمة, وذلك عن طريق محاضرات وحلقات وندوات للنقاش المفتوح, مع الاستفادة من وسائل التقنية الحديثة في مجال التعليم, مثل التصوير المتلفز, والنصوص المبرمجة, والتسجيلات, وغير ذلك.
6- أن يوضع في أيدي أعضاء هيئة التدريس كتابٌ خاص باللغة وقضاياها الأساسية في النحو والصرف والأساليب اللغوية, لكي يكون مرشداً يمكن الرجوع إليه بين الفينة والأخرى من أجل التصحيح الذاتي.
7- إنشاء مراكز علمية متخصصة في جميع حقول المعرفة من أجل جَمْع الأعمال العلمية في أهم اللغات الحية وفهرستها, لمساعدة أعضاء هيئة التدريس في بحوثهم وإعداد محاضراتهم.
8- إنشاء مركز رئيسي للتعريب والترجمة والنشر, وربما كان "جامعة" دون طلبة, حيث يُحْشد فيها أهم المتخصصين والعلماء, وتكون مهمتهم تعريبَ العلوم والتقنيات الحديثة, وإصدار الموسوعات العلمية, والمجلات, الدوريات المتخصصة باللغة العربية, ليكون مجالُها الحيوي جميع الأقطار العربية: بجامعاتها ومؤسساتها العلمية وطلابها, وأن يُحْرَص على أن يكون جميع منشوراتها باللغة العربية مشكولة شكلاً تاماً؛ وذلك لأن شكل أواخر الكلمات ضرورة قصوى تتطلبها طبيعة الأسلوب العلمي الدقيق، ولا سيما في نقل المفاهيم العلمية، كما أن شكل أول الكلمة ووسطها يزيل اللبس. ويتحوّل إلى عادة متأصلة في الكتابة.
9- إن تأهيل أعضاء هيئة التدريس لكي يستطيعوا استخدام اللغة العربية في البحث العلمي والتدريس لا يمكن أن يُنْظَر إليه إلا من خلال جميع هذه العوامل بصورة كلية، ومن خلال الممارسة الفعلية والبدء بالتعريب الكامل، دون تأخير أو تأجيل.
الدكتور عبدالكريم خليفة




المصادر والمراجع
1- مشكلات التعليم الجامعي في البلاد العربية – الحلقتان الأولى والثانية
الحلقة الأولى: بنغازي – مايو 1961.
الحلقة الثانية: بيروت – مايو 1964.
القاهرة
2- المؤتمر الأول لإعداد المعلمين في المملكة العربية السعودية
8 – 13 صفر 1394 الموافق 4/7/ مارس 1974.
3- مؤتمر تعريب التعليم العالي في الوطن العربي
بغداد 4 – 7/3/1978.
4- دليل الجامعات العربية، القاهرة 1976
5- جورج شهلا وعبدالسميع مريلي، الوعي التربوي ومستقبل البلاد العربية، بيروت، 1961م.
6- عبدالله عبدالدائم، التربية في البلاد العربية – حاضرها ومشكلاتها، ومستقبلها بيروت 1974م.
7- عبدالغني النوري وعبدالغني عبود، نحو فلسفة عربية للتربية، 1976.
8- نعيم عطية، معالم الفكر التربوي في البلاد العربية في المئة سنة الأخيرة، بيروت.
9- علي محمد كامل، تجربة في العلوم الهندسية، بغداد 1978.
10- يول وودرنج، اتجاهات حديثة في إعداد المعلم، ترجمة الدكتور حسين سليمان فودة، القاهرة.
PAUL L. DRESSEL, The undergraduate curriculum in higher education, Washington, 1963.
JENN THOMAS, Teachers for the schools of tomorrow, UNESCO, 1968.

(1) انظر: مشكلات التعليم الجامعي في البلاد العربية, الحلقتان الأولى والثانية ص 53- 58.

(2) انظر: مشكلات التعليم الجامعي في البلاد العربية، الحلقتان الأولى والثانية ص53- 58.

(3) تجربة في العلوم الهندسية، الدكتور علي محمد كامل، ص3- 4.

(4) انظر: التربية في البلاد العربية، الدكتور عطاالله عبدالدائم، ص223.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
للتدريس, أعضاء, التدريس, تأهيل, بالعربية, إدلب


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع تأهيل أعضاء هيأة التدريس للتدريس بالعربية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
8 جامعات تركية عريقة تبدأ التدريس بالعربية Eng.Jordan أخبار منوعة 0 01-11-2017 12:09 PM
اتجاهات أعضاء هيئة التدريس بكلية التربية بجامعة الملك سعود نحو أساليب وطرق تقويم أدائهم Eng.Jordan بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 1 03-16-2016 02:26 AM
مؤشرات التخطيط الاستراتيجي في كليات البنات في الجامعات السعودية من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس Eng.Jordan بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 2 04-01-2013 12:48 AM
تنمية اتجاهات الوعي المعلوماتي الرقمي لدى أعضاء هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 12-30-2012 02:08 PM
الفرق بين طرائق التدريس وأساليب التدريس واستراتيجيات التدريس Eng.Jordan الملتقى العام 0 03-10-2012 06:29 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 05:09 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59