#1  
قديم 02-28-2012, 04:35 AM
الصورة الرمزية جاسم داود
جاسم داود غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: سوريا
المشاركات: 1,456
سؤال متى نفترق حباً


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



متى نفترق حباً



كلمات تَسْكن جوف القلب، يُطْلِقها اللِّسان :

كيف أنتزِعُ رغبتي من ذاتي؟ كيف أحوز سموِّي وجمال أخلاقي؟



هذه نفسي تُنازعني شَقائي؛ لتمنع عنِّي دوائي، وتحقر فِيَّ إنسانيتي، نفس تلهَّت وظنَّت باستسلامي ستكون سعادتي، علَّمتني كيف أطفو من أعماق صفائي؛ لأُحاكِيَ أعدائي، كيف أُسامر الهوى، وأعانق النَّجوى، نفسٌ تأمَّرَت، واستحدثت بالسُّوء الوسائل، تُعاصر الحقد والجحود حتَّى صرت أُدافع عن ديني بِجَهلي، وأُناهض الحقيقةَ بعنادي.


أيَا نفسي، الآن دعيني أُنصِت يقيني وإيماني، وددتُ حصاد الصِّدق، وشعاع النُّور، وجواب الحق، وددتُ القرب من نهر المَحبَّة طاعةً لربي، ورحمةً بأمِّي وأبي، والنُّصح من أختي وأخي، رغبتُ مذاق الحبِّ الحقيق بين الأناسيِّ، الحبُّ ستر وعفوٌ ووفاء، وحنانٌ ورحمة، وإنِّي أريد أن أفوز بك.


إيَّاك والفتور؛ فإنه سخط وغضب ولا مبالاة، تمنَّيت أن توقظي أحجار الكرامة في صخر وجدي؛ فقد تألَّم الحبُّ وبانت خيوط العنكبوت في تاجه المسحور، وأخشى عليه من أوان الغضب، فكثير ما رآنا نرعى الفجور، فابدئي بعتابك ولوميني، حقِّقي حبَّك بالصلاح والخير.


حتَّى سكتَتْ نفسي، تُتمتِم في عينيها سيلُ العبرات، تنظر إلى ركن الظَّلام يزيد أنينها؛ إذْ بِنُقطة مضيئة تَظهر ثم تختفي، نقطة لَها صوتٌ فيه أنفاس السَّكينة مغزولة بالنُّور، تقول: أنا الحبُّ الحقيقي الذي فيه مكارم الأخلاق، إنْ تعايَشْنا به زالت عن صدورنا عثرات النِّفاق، وتبدَّلت فضيلة ووفاق .

يومًا ستزول البحار بأُجاجها رغم ذوبان الثَّلج واختفاء العصور، رغم احتباس الدِّفء، وسحاب الدُّخان المنشور، رغم اشتياق صقيع البرد لِلَمْس لفحات الحَرُور، حتمًا كلاهما سيَتلاشى، فكلاهما يومًا سيصير ماضيًا بعد أن ظلَّ قُرونًا حاضرًا لا تُسقطه خشخشةُ الزُّروع، ولا يرعى اهتمامَه أنينُ الطيور، صراعٌ مزركش بين الظَّلام والنور، بين الحقِّ والضلال، صراع صُرِعَتْ من أجله الأنا، واستجارَتْ من هوله ثنايا الدُّهور، بأيدينا صنعنا الفَناء، وبِظُلمنا حفرنا لأجسادنا القبور.



يا أخي في الإنسانية، مَهْما عِشْت فأنت ميِّت، هكذا قال ربِّي في حديثه القدسيِّ لحبيبه محمَّدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم -:

((عِشْ ما شئتَ فإنَّك ميِّت، وأحبِبْ مَن شئت فإنَّك مُفارقه، واعمل ما شئت فإنَّك مجزيٌّ به)).



لماذا نفْنَى وفي قلبنا بُغض وكِبْر؟

متى نفتَرِقُ حبًّا؟

أو نَلْتقي بلا فتور؟!

متى ننظر بعين المَحبَّة والسلام؟



هيا نمتطي جوادَ الصِّدق، إمَّا فراق جميل، أو لقاء بالودِّ مَجْدول، ولَئِن صدَقْنا الحُبَّ، لن نخشى يومًا وداعًا، والنفس ترتِّل قول الرب الغفور:

﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ﴾ [الأنعام: 122]؟!



تقول: أيا ظلِّي لا تُخْفي بِخَطيئاتي وذنُوبي نوري، يا أخي في الإنسانية هيا نركض ركض اعتذارٍ صريح، نستسمح به الحبَّ والفضيلة، إنِّي أراها تفرُّ وتفلُّ، في سرعة تغزل اليقين، تعزل الشَّك وتُبعده، قد آثرَتْ فضاء الحياء، وجوار كواكب الصِّدق الجميلة، أخي تأمَّل ضميرك وما يحمله وَجْدُك، كُن كتلةً إنسانية جميلة تتحرَّى الصِّدق مع نفسها واستَحِ؛ فمن ينظر إلى صدرك هو ربُّك، وهو مَلِك يوم الدِّين، ولو أنَّ الناس يرَوْن الخفايا لما رَضُوا بكشف البلايا، نتتبَّع لنكشف الستر، ونَنْعى أخلاق النَّاس حين تعمَّدوا مثلنا وكشفوا الغِطاء، والكلُّ مَعِيب.



أخي، رغم ضباب الرُّؤى؛ علينا أن ننتظر بشوقٍ قطارَ الأماني الذي أطَلْنا قدومَه بفراقنا، ونأمل ألاَّ يكون صفيرُه سرابًا، أراني الآن ألزمُ شُرفات الأمل، أترقَّب شروق شمس الرَّحمات، للفجر علامات، ولِنُور اليقين بقدوم الخيرِ كرامات، وإن أصلحت ما بداخلِك معي، لن نَسُوق إلاَّ الخيل المسوَّمة، وسِيماها النُّور والرَّحمة .


اللهمَّ احلل بقدرتك على الأرض السَّلام، واكفِنا بِعظَمتِك مكر اللِّئام، جنِّبنا الفواحش، أنت كاشف الضُّر وكافي العباد شرورَ النَّفس والناس.






دمتم برعاية الرحمن وحفظه

الكاتبة عفاف عبد الوهاب صديق


المصدر: ملتقى شذرات

__________________

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
حباً, نفترق


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع متى نفترق حباً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لبكاء حباً لله ام زهرة شذرات إسلامية 0 03-26-2014 05:28 PM
قلوب تهتف حباً جاسم داود الملتقى العام 2 06-30-2012 09:01 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 07:32 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59