العودة   > >

مقالات وتحليلات مختارة مقالات ..تقارير صحفية .. تحليلات وآراء ، مقابلات صحفية منقولة من مختلف المصادر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 12-06-2020, 08:31 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,207
ورقة إتفاق السلام الأفغاني.. المقاتلون في هدنة لكن بنادقهم محشوّة!


إتفاق السلام الأفغاني.. المقاتلون في هدنة لكن بنادقهم محشوّة!
_______________________________________________

(أحمد مصطفى الغر)
______________

21 / 4 / 1442 هــــــــــــــــــــ
6 / 12 / 2020 م
_________________


الأفغاني.. المقاتلون بنادقهم 805122020110525.png



بعد أكثر من ٤٠ عامًا من الحرب المتواصلة في أفغانستان، وبعد نحو ١٩ عامًا من الصراع بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، التقى الطرفان على طاولة واحدة للمفاوضات ليوقّعوا مؤخرًا على اتفاقً سلام مبدئي يرسم الأطر العامة والإجراءات الخاصة بالتفاوض لاحقًا نحو تحقيق السلام الشامل في هذا البلد المنكوب، لا سيما وأن المتابع للأحداث خلال السنوات القليلة الماضية سيجد بسهولة أنه، وعلى الرغم من تواجد قوات أجنبية متعددة هناك، إلا أن حركة طالبان تستولي على مناطق عدة في عموم البلاد، ويشن عناصرها هجماتهم من حينٍ لآخر، أما من الناحية التنظيمية فهم مازلوا القوة الوحيدة المتماسكة الأكبر في أفغانستان، وبعد مرور تلك السنوات الطوال يبدو أن الجميع قد باتوا مطالبين بتقبل الحقيقة المرّة بشأن الحرب هناك، فالقوات الحكومية الأفغانية والقوات الداعمة لها من الولايات المتحدة ودول حلف الناتو لم تحقق أي نصر عسكري كامل حتى الآن، كما أن إلحاق الهزيمة الساحقة بحركة طالبان قد بات أمرًا مستحيلًا، فكلا الطرفان يملك مقاوماته التي تمنعه الهزيمة لكنها أنها أيضا تحرمه من الانتصار، وفي وضعٍ متعادل كهذا، وفي ظل رغبة كل طرف في أن يمحو الآخر، هل يمكن تسمية الإتفاق الأخير الذي جرى توقيعه في العاصمة القطرية الدوحة بـ"استراحة المحاربين"؟، هل كانت الـ٨٦ يومًا التي استغرقتها المفاوضات بين الطرفين كافية لإظهار الرغبة والإرادة الحقيقية للطرفين في تجاوز الخلافات وإنهاء الصراع وإرساء السلام الذي يتعطش إليه الشعب الأفغاني منذ عقود؟

أصبحنا الآن على مسافة 19 عامًا من بعد هجمات 11 سبتمبر، التي شرعت بعدها الولايات المتحدة في مهمة غزو هذا البلد الآسيوي، نجحت محاولتها في تخريبه، لكنها فشلت حتى الآن في إعادة بنائه، لم تنجح جمهورية أفغانستان الإسلامية، التي حلّت محل إمارة طالبان الإسلامية في أفغانستان، في أن تتحلى بأبسط مقاومات الدولة، وفي الواقع فإن جوهر أفغانستان لم يتغير كثيرًا منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، حيث عاشت تجربة مريرة من الحروب الأهلية التي تخللها الاحتلال الأجنبي عام 1979 متمثلًا في الغزو السوفيتي، فيما يتواصل هذا الغزو الآن مع اختلاف اسم المحتل، وبنظرة سريعة في كتب التاريخ، سنجد أن أفغانستان لم تشهد وجود دولة حقيقية منذ أواخر الثمانينيات، إذ أن آخر هيكل لدولة أفغانية جديرة بالذكر كان مزيجًا من ملكية حكمت بلا انقطاع لجيلين (1933-1973)، ثم تبعها نظام جمهوري لم يدم طويلًا تحت قيادة ساردار محمد داود خان (1973-1978)، ثم النظام الشيوعي لحزب الشعب (1978-1992)، قبل أن تبدأ المعارك الأهلية الطاحنة في حرب ضروس ظهرت من رحمها حركة طالبان، والتي كانت قادرة على السيطرة على الأرض، نظرًا لغياب مؤسسات الدولة وحالة التشرذم التي كانت سائدة، حكمت طالبان من عام 1996 وحتى العام 2001، حتى جاءت هجمات 11 سبتمبر، أما الباقي فهو تاريخ.

إذا عدنا إلى الحاضر، سنجد أن المعسكر الأفغاني الحكومي المنوط به مقاتلة طالبان، فهو يفتقر إلى القدر الكافي من الوحدة والحرفية لتحقيق النصر، كما أنه منقسم على نفسه، فالرئيس السابق حامد كرزاي، الذي حكم البللد 12 عامًا بفضل دعم غربي واسع، لم يكن قادرًا على إحداث أي طفرة تُذكر في مواجهة طالبان، أما خلفه، الرئيس أشرف غاني، فقد انتصر على منافسه، وزير الخارجية السابق عبد الله عبد الله، بشق الأنفس، فكيف له أن ينتصر في معارك شرسة لم تهدأ رحاها منذ عقود، وفي ظل هذا التنافس والانقسام بين أولئك الذين من المفترض أن يكونوا متَّحدين في كفاحهم ضد طالبان، كانت طالبان متماسكة وتعيد تنظيم صفوفها لعى وجه السرعة كلما ألمّت بها واقعة، ومنها وفاة مؤسس الحركة الملا محمد عمر، ثم خلفه الملا محمد أختر رسول، الذي قضى في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار، فعلى الرغم من هذه الخسائر الكبيرة في صفوف الحركة إلا أنها كانت سرعان ما تلملم جراحها وتعاود الهجوم على القوات الأفغانية والأمريكية المتمركزة في قواعد شديدة التحصين، لا يعني هذا أن طالبان على وشك استعادة السيطرة على أفغانستان، لكن بلا شك فإن المكاسب التي حققتها طالبان عندما تم خفض عدد القوات الأمريكية وقوات الناتو في عام 2014، وما تلا ذلك من سنوات، أوضح بجلاء أن الحركة يمكنها أن تحسن الاستفادة من الفراغ الذي ستخلفه القوات المنسحبة إذا تركت أفغانستان في أيّ لحظة، حيث ستصبح السيطرة على ربوع البلاد أمرًا ممكنًا، بل وسهلًا أيضا.



قد تكون دوافع الجميع نحو السلام عديدة، لكنها أيضا مرهونة بالشك والريبة، إذ لا يمكن نسيان أن طالبان كررت أكثر من مرة قولها إنها لن تشارك في أي مباحثات دون خروج القوات الأجنبية من الأراضي الأفغانية، كما أنها رفضت لسنوات طويلة التنازل أو التسوية، لكن التغيّر الحادث الآن في استراتيجيتها وقبولها بالتفاوض يثير العديد من التساؤلات، مما يعني أننا قد نشهد حقبة جديدة في الموضوع الأفغاني، أما بالنسبة للولايات المتحدة ومعها الاتحاد الأوروبي المفتقر دائما لعمود فقري داعم له، فإن وجود دولة فاشلة ينعدم فيها الأمن والقانون يعتبر سببًا للمخاوف، حيث تتجذر مؤامرات الإرهاب المشهودة في مثل هذه البيئات، لكن في نفس الوقت فإن تلك البلدان مثقلة بأعباء الحرب ومصاريف بقاء قواتها مرابطة في بلد بعيد، فضلًا عن اضطرارها إلى إنفاق ما يقارب الـ 45 مليار دولار سنويًا على حرب لا يعلم أحد نهايتها، ومما يزيد الطين بلة أن إعادة الإعمار التي يطمع فيها كثيرون وتعد أداة لجني مكاسب الحرب وديناميكيات السيطرة الجيوسياسية في تلك المنطقة قد باتت هى الأخرى كالسراب، وقد حضّ الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، الأفغان، في وقتٍ سابق، على اغتنام فرصة السلام، لكن الرجل كان في قرارة نفسه يتمنى أن يغتنموا الفرصة حقًا فقط كي يتمكن من إعادة جنوده إلى بلدهم وإنهاء أطول حرب تخوضها الولايات المتحدة في التاريخ الحديث.

الوضع على الأرض يتدهور ببطء، وهذا ليس بجديد على أفغانستان، لكن أمريكا حائرة بين مخاطر الخروج السريع وغير المشروط، والحد من تكاليف البقاء في هذا الميدان الوعر، لا يريد الأمريكان أن يتكرر سيناريو فيتنام وأن تظهر الولايات المتحدة أمام العالم في صورة الدولة الخاسرة، لذا فإن رئيسها الجديد جو بايدن سيحاول إيجاد صياغة تضمن لبلاده الخروج المشرّف وفي نفس الوقت ألا تترك فراغًا خلفها يستغله الآخرون مثلما حدث في سوريا، لا شك أن بايدن يعيّ جيدًا صدق ما قاله المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، خلال العام الماضي في إطار رده على ترامب الذي كان دائم الهجوم على الحركة، لقد قال مجاهد: "لا يزال يتعين على ترامب فهم ماهية الأمة التي يتعامل معها، كما يجب على مستشاريه أن يشرحوا له أن أفغانستان هي مقبرة الإمبراطوريات"، وبالفعل فقد انتهى الحال بالقوى الأجنبية التى سبق وأن احتلت افغانستان إلى الانسحاب، وكان آخرها الإمبراطورية البريطانية والاتحاد السوفياتي.

في مقال غير مسبوق في صحيفة "نيويورك تايمز"، كتب المسؤول الثاني في حركة طالبان، سراج الدين حقاني، أن "الجميع تعب من الحرب"، ولعل هذا التعب والإنهاك من طول المعارك هو ما دفع الأطراف المتفاوضة إلى اجتياز المرحلة الأولى من مفاوضاتها، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن المراحل القادمة ستكون سهلة، لأن كل طرف لديه مطالب يرفضها الآخر، كما أن الثقة التي تمّ بناءها بين طرفي التفاوض يمكن أن تتبخر في لحظة واحدة، هذا إلى جانب أن الدبلوماسية لا تنفصل أبدًا عن الحقائق والاتجاهات على أرض الواقع، فقادة طالبان يؤمنون بأن الحرب مسألة وقت فقط، ربما يكون هذا الاعتقاد صحيحًا، ولا شك أن إعلان البيت الأبيض من حينٍ لآخر عن سحب القوات الأمريكية خير دليل لتعزيز وجهة نظر طالبان بأن المستقبل يتجه نحو تحقيق مبتغاها، لقد خسرت أمريكا أرواح أكثر من ألفي جندي، وأصيب 20 ألفًا آخرون بإصابات متفاوتة، بخلاف الكلفة المالية التي تجاوزت تريليون دولار، وإذا عجزت قوات كان قوامها 100 ألف جندي عن تحقيق النصر، فهل يمكن أن تتمكن القوات الحالية التي قوامها بضعة آلاف قليلة من تحقيقه؟!




_________________________________
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
محشوّة!, الأفغاني.., المقاتلون, السلام, بنادقهم, إتفاق, هيئة


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع إتفاق السلام الأفغاني.. المقاتلون في هدنة لكن بنادقهم محشوّة!
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إريتريا تشكك في جدية اثيوبيا بتطبيق إتفاق السلام الموقع بينهما عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 07-13-2020 05:19 AM
هل يكون إتفاق السلام بين طالبان وواشنطن مقدمة لحرب أهلية جديدة في أفغانستان؟ّ! عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 03-02-2020 07:06 AM
بعثة الأمم المتحدة بليبيا: نتمنى هدنة حقيقية لتحقيق السلام على الأرض عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 08-12-2019 06:01 AM
هيئة التحرير الشام توافق على إتفاق إدلب بين روسيا وتركيا عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 10-16-2018 07:04 AM
هيئة تحرير الشام تنوي إعلان موقفها من "إتفاق إدلب" خلال أيام عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 09-26-2018 08:16 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 03:32 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59