العودة   > >

بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية تربية وتعليم , علم نفس ، علم اجتماع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 12-31-2013, 03:13 PM
ام زهرة غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: العراق
المشاركات: 6,886
افتراضي التعلم المختلط في الصفوف الأولية نظرات علمية


كثيراً ما ترى أولئك الذين يدافعون عن الاختلاط في مراحل التعليم الأولية يكسون دعوتهم المريبة ثياب العقل والعلم، والعالم المتعقل يعرف أنها ثياب زور لا تعبر عن الحقيقة والمضمون!
ومن ذلك ما يدعيه دعاة هذا الاختلاط من منافع شتى للاختلاط أو بعض أنواعه في التعليم.. وكثير من أصحاب البصيرة يعلمون أن تلك المزاعم محض دعاوى وخواطر، إما لا مستند لها من العلم يؤيدها أصلاً، أو هي صحيحة بيد أنه لا كبير علاقة للتعليم بها، وقد يكون الأمر مركباً منهما. ومن ذلك –على سبيل المثال- زعمهم أن المرأة أصبر وأقدر على تعليم الأولاد لذا يجب أن تعلمهم هي مجتمعين أو على أقل الأحوال منفصلين في نفس المدرسة، ولا سيما في الصفوف الابتدائية ولا أدري لماذا وقفوا ههنا!
إن قرنهم بين الصبر والقدرة فيه نوع تلبيس وقد انطلى على بعضهم مع أنه ليس له رصيد علمي يعززه! فلو سلمنا بكون المرأة أصبر وأن المعلم لا يستطيع أن يعالج هذا الصبر في ذلك الموقف؛ موقف التعليم الذي هو من صميم وظيفته التي نصب لها ويتقاضى راتباً عليها! فهل نقول بأن وجود المعلمين في المرحلة الابتدائية محض غلط لافتقادهم عنصراً من عناصر التعليم! وأن على الوزارة أن تسرحهم بإحسان أو تحولهم إلى مراحل أخرى...
وأياً ما كان فإن الربط بين الصبر أو طول البال والقدرة على التعليم بعلاقة طردية غلط، بل هو محض خرافة علمية، فليس الأصبر هو الأقدر على تعليم الصغار بكل حال أيّاً كان المعلم رجلاً أم امرأة وأيًّا كان الطالب ابناً أم بنتاً، كما أن الأشد والأقوى ليس هو الأقدر! بل للبنين ما يناسبهم وللبنات ما يناسبهن.. وكل ميسر لما خلق له، والحكمة فعل ما ينبغي كما ينبغي في الوقت والمحل الذي ينبغي!
ومن جهة أخرى فإن مقومات القدرة على التعليم كثيرة غير الصبر واختزالها في الصبر ينم عن قصور في تصور العملية التعليمة، ومن جهة ثالثة لم يُخْرِج لنا هؤلاء المدعون (الصبروميتر) أو المقياس الذي يمتِّرون به الصبر اللازم للتعليم حتى نعلم كيف قاسوا منسوب الصبر عند المعلمين والمعلمات، وكيف خرجوا بدعوى عريضة مفهومها أن المعلمين لا يمتلكون القدر المطلوب!
وهنا لمعترض أن يقول: يا من تنعى على الآخرين معاييرهم أين معيارك الذي يبين أن الفصل في تعليم الأطفال هو الأجدى!
فأقول المعايير كثيرة والعجيب أنهم لا يطالبون بها في منافسات أخرى غير تعليمية كسائر الرياضات البدنية!
ولن أعرض هنا للمعيار الشرعي فهذا بسط في مواضع وكتب فيه عدد من الأفاضل وحسبي منهم الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز رحمه الله فلينظر ما حرره.
وأعرض ههنا لأحد المعايير العلمية[1]، فلننظر ما تقوله الدراسات العلمية وما تقرره من فروق جنسية مؤثرة على العملية التعليمية، ولعلي أقتصر في هذه المقالة على أحد الفروق وبيان أثرها إيثاراً لترك الإطالة، فإن يسر الله أتبعت المقالة بغيرها مما يبين أثر تلك الفروق، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى كتابي الاختلاط في التعليم وأثره على التحصيل، ولينظر كذلك في مصادره الأصلية.
وحديثي ههنا حول حقيقة علمية وحيدة وآثارها على العملية التعليمة وذلك وفقاً لما يقوله المختصون من الغربيين.
يقول الدكتور ليونارد ساكس[2]:
في منتصف التسعينيات بدأت ألاحظ مجموعات من طلاب السنة الثانية والثالثة الابتدائية يتقاطرون نحو العيادة، ومع كل طفل أحد أبويه حاملاً ورقة من المدرسة تطالب بفحص الطفل والتأكد من إصابته بمرض اضطراب العجز عن التركيز (ADD) Attention Deficit Disorder)) يقول ساكس: في بعض الحالات لم يكن الأطفال بحاجة إلى ترياق اضطراب العجز عن التركيز، بقدر حاجتهم لمعلم يفهم الفروق العضوية بين الأولاد والبنات التي تؤثر على تعليمهم، وبعد أن تقصيت الأمر وجدت أنه لا أحد في المدرسة يعرف أن قدرة الجنسين على السماع متفاوتة[3].
ويقول أيضاً: تخيل أنك في الصف الثاني الابتدائي، ثم تخيل جستن (Justin) ذو السنوات الست جالس في آخر الصف، والمعلمة امرأة تتكلم بنبرة مناسبة بالنسبة لها، جستن لا يكاد يسمعها، يبدأ في النظر من النافذة، أو يراقب ذبابة تسير في سقف الفصل، تلاحظ المعلمة أن جستن غير منتبه.. تتكرر القصة، فتظن المعلمة أنه ربما يكون مصاباً باضطراب العجز عن التركيز! المعلمة مصيبة تماماً في وصمه بالعجز عن التركيز، لكن ليس السبب هو هذا المرض. لكنه صوت المعلمة الهادئ الناعم الذي يناسبها، ويفلح في شد بنات جنسها، بينما ينام أغلب الأولاد الذين يجلسون في الخلف[4].
قال ساكس: في إحدى المرات بعدما فحصت أحد الأولاد وكتبت توصيتي قالت لي الأم: إن المدرسة نصحتهم باستشارة طبيب آخر، "ليس لأننا لا نثق فيك يا دكتور، لكن فقط لأن المدرسة تطلب استشارة من خبير"، عندها فهمت أن الأطباء الذين تصنفهم تلك المدرسة في عداد الخبراء، هم فقط من يكتبون الوصفات الطبية دائماً! دفعني الفضول لأعرف ما إذا كانت تجربتي هذه متكررة أم لا، فأخذت تمويلاً من الأكاديمية الأمريكية لأطباء الأسرة، لإجراء مسح يشمل كل عيادات منطقة واشنطن. كنا نسأل سؤالاً بسيطاً: من هو أول من يشخص اضطراب العجز عن التركيز؟
الإجابة: أغلب حالات الاشتباه بالإصابة بالمرض ينبه إليها المعلم، ليس الوالدين، ولا الجيران، ولا الطبيب[5]!
لقد أثبت المختصون وجود اختلاف بين الأبناء والبنات في استجابة الدماغ السمعية، المتفرعة عنها القدرة على السمع، فبنت عمرها سبع سنوات، تميز أصواتاًأخفت من الأصوات الضعيفة التي ينتهي إليها تمييز ولد في عمرها نفسه، وباستخدام أجهزة اختبارات صوتية عالية النوعية، وجدوا أن إحساس البنات بالأصوات، أفضل من استشعار البنين لها بضعفين وربما ارتفعت نسبة إدراك المسموعات لدى بعضهن عن بعض البنين إلى أربعة أضعاف، وذلك في نطاق الترددات المهمة لتمييز الكلام -حوالي أربعة ألاف تردد في الثانية (4KHz)- وقد أدرك المختصون هذه النتيجة قبل قرابة نصف قرن[6]، ثم أكدتها دراسات حديثة[7]، ووجدت بعض الدراسات الحديثة أن قدرة بعض البنات على السمع في سن الثانية عشرة تفوق قدرة البنين في نفس تلك السن بنسبة قد تصل إلى سبعة أضعاف[8].
بل أشارت الأخصائية النفسية كولن أليوت (Colin Elliot)، إلى أن البنت في الحادية عشرة من عمرها يشتت ذهنها صوت أخفض بعشرة أضعاف مرة من الصوت الذي يشتت ذهن البنين، فإذا نقر طالب الدرج بأطراف أصابعه فلن ينزعج أو يزعج زملاءه، لكن ستنزعج المعلمة وسوف تنزعج الطالبات.
ويبين أثر التمايز السمعي لدى الجنسين على العملية التعليمية الدكتور ليونارد ساكس فيقول: الاختلافات الأساسية في القدرة السمعية بين البنين والبنات، تدخل ضمن أهم ممارسات التدريس. فإذا كانت بالقاعة المختلطة أستاذة، فإنها سوف تتكلم بصوت يبدو عادياً بالنسبة لها، ولن تلحظ أن صوتها لا يشد انتباه البنين هناك في آخر القاعة كثيراً. وبالمقابل إذا كان في القاعة أستاذ فسوف يتكلم بنبرة يراها مناسبة، بينما قد تراها الطالبات في الصف الأمامي أقرب إلى الصراخ فيهن!
ثم اقترح حلاً مبسطاً لهذا الإشكال بأن يجلس البنات في الخلف ويجلس البنين في المقاعد الأمامية[9].
غير أن هذا الحل وإن عالج مشكلة السمع، فلن يعالج مشاكل أخرى بعضها شائع في زماننا كقصر النظر أو طوله، وكذلك الحركة الدائبة التي يُطَالَبُ بها الأستاذ في نظم التعليم الحديثة لجذب انتباه الطلاب، وقد تقتضيها حالة التدريس في القاعة أو المعمل.
ثم لك أن تتصور اثنين أحدهما يفوق سمعه سمع الآخر ببضعة أضعاف، كيف سيكون حال أحدهما تجاه الآخر لو قام أحدهما فخاطب الأستاذ أو خاطبه الأستاذ؟ وقد أبانت بعض الدراسات بأن الطالبات قد تصرف انتباههن أصوات ضوضاء في مستويات منخفضة ربما لم تشغل عشرة أضعافها الأولاد[10]. فإذا كان هذا هو الحال في قاعات الدراسة فكيف ستكون الحال داخل المعامل والأنشطة التي تتطلب حركة وعملاً تقوم به مجموعات؟
إن مما أخشاه أن يتحول طلابنا إلى متتبعين للحشرات والذباب جراء التجارب الجديدة تماماً كما فعل (جستين) وقصته حقيقية.. ثم يوصموا زيادة على ما وصم به بألقاب أخرى تعيق البناء وتغرز في أنفسهم الشعور بالقصور.. فهذا معيار وفي الجعبة غيره معايير!

الشيخ إبراهيم الأزرق
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
المختلط, الأولية, التعلم, الصفوف, عملية, نظرات


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع التعلم المختلط في الصفوف الأولية نظرات علمية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
نظرات في غزوة تبوك Eng.Jordan شذرات إسلامية 2 04-12-2013 02:36 PM
ألعاب ومسابقات رائعة ومسلية لطلاب الصفوف الأولية Eng.Jordan التعليم والتدريب 5 02-25-2013 09:12 PM
الدافعية إلى التعلم لدى طلبة التعلم الإلكتروني Eng.Jordan بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 1 10-17-2012 06:25 AM
حقيبة تربوية لمعلم الصفوف الأولية Eng.Jordan الملتقى العام 0 03-10-2012 05:08 PM
من إستراتيجيات التعلم النشط التعلم الذاتي وتعلم الأقران Eng.Jordan بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 0 02-18-2012 07:34 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 05:07 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59