الصوفية والتطبيع مع الصهاينة

الصهاينة , الصوفية , والتطبيع

الصوفية والتطبيع مع الصهاينة بزيارة القدس.. من المستفيد ؟*
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

25 / 4 / 1436 هـــــــ
14 / 2 / 2015 م
ـــــــــــــــ






عقب وقوع فلسطين الإسلامية تحت نيران الاحتلال الصهيوني، وبالأخص وقوع مدينة القدس والمسجد الأقصى بين براثن الاحتلال؛ اتخذ العلماء من خارج فلسطين مواقف ثابتة بعدم زيارة القدس الشريف والمسجد الأقصى وهو تحت الاحتلال إلا بعد تحريرهما، ومنع أية زيارة تحصل عن طريق الحصول على التأشيرة الصهيونية لزيارته أو الاستئذان من يهود صهاينة في زيارة أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

ولازال هذا القرار فعالا ومتماسكا بين علماء الأمة وتبعهم المسلمون في ذلك، ولم يشذ عن هذا احد من المسلمين في السابق، بل إن هناك بعضا من الطوائف النصرانية اتخذت نفس الموقف في رفضها لزيارة مدينة القدس وكنيسة القيامة لنفس السبب.

ولكن بدأت قريبا نغمة في الشذوذ عن هذا الموقف تحاول كسره أو خلخلته وتبناها عدد من المحسوبين على أهل العلم أو ممن يشار إليهم بالبنان بأنهم ذوو تأثير على قطاع كبير من المسلمين، وتبعهم قيام مؤتمر في الأردن حاول فيه المؤتمرون الخروج عن هذه الفتاوى باستصدار فتاوى مضادة تحرك الساكن في هذه القضية.

وبالنظر إلى عدد ممن حاولوا كسر هذا الموقف وجد ان من تبناه وحاول هدم هذا الثابت المتقرر من فترة رجلان، هما الدكتور علي جمعة مفتي مصر الأسبق، والداعية اليمني ****** علي الجفري، ودافع عن زيارتهما في خطبته الشيخ البوطي في سوريا قبل رحيله، وكلهم من رموز الصوفية وكبار منظريها الحاليين ممن يتبنى كل المنتمين للصوفية آراءهم ويرجعون إليهم باعتبارهم أهل العلم والنظر والاجتهاد والفتوى، فلهذا كان هذا الرصد للفكرة كمحاولة صوفية لاختراق وتحطيم هذا القرار للبحث في دوافعه وأهدافه وللبحث في السؤال الأكبر: من المستفيد من هذا المسعى الحثيث لدفع المسلمين لزيارة الأقصى تحت الاحتلال؟.

الآراء والفتاوى الصادرة من العلماء في منع الزيارة في ظل الاحتلال

للَّغط الدائر حول بعض الكيانات والجماعات ونظرا لحالة الالتباس السياسي التي اختلطت بالحالة الفقهية حاول كل من أراد التملص من قرار المنع إلصاق فتوى المنع بشخص الدكتور يوسف القرضاوي فحسب، لا لشيء إلا كمحاولة لاختزال فتوى المنع في قول فرد أو جماعة سياسية ليسهل عليهم التخلص منه، فالدكتور القرضاوي حينما افتى بحرمة زيارة الأقصى تحت الاحتلال لم يكن غير مسبوق بهذه الفتوى بل سبقه إليها – وقبل أكثر من 40 عاما - كثيرون لم يشأ المطالبون بفتح باب الزيارة أن يسردوا أسماءهم نظرا للعبئ الثقيل عليهم في رد هذه الأسماء والتعليق عليها.

وهذا بيان ببعض الأعلام في الأزهر من العلماء المتعين على جمعة والجفري الرد عليهم في قولهم

- شيخ الأزهر السابق الشيخ الدكتور عبد الحليم محمود رفض أن يكون مع السادات في زيارته للقدس، رغم ان الزيارة كانت ضمن وفد رسمي ومعه رأس الدولة حينئذ إلا انه استمر على رأيه.

- الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر ومفتي مصر السابق حيث قال: [إن من يذهب إلى القدس من المسلمين آثم آثم، والأولى بالمسلمين أن ينأوا عن التوجه إلى القدس حتى تتطهر من دنس المغتصبين اليهود، وتعود إلى أهلها مطمئنة يرتفع فيها ذكر الله والنداء إلى الصلوات وعلى كل مسلمٍ أن يعمل بكل جهده من أجل تحرير القدس ومسجدها الأسير].

- الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر السابق حيث قال: [إن تلك الزيارة لن تتم في ظل الاحتلال الصهيوني، وإن ذلك ينطبق على كل علماء المؤسسة الأزهرية الذين يتبنون الموقف نفسه] وقال أيضاً: [أرفض زيارة القدس، وهي مكبلة بسلاسل قوات الاحتلال الصهيونية؛ لأن زيارة أي مسلمٍ لها في الوقت الراهن يُعد اعترافاً بمشروعية الاحتلال الصهيوني، وتكريساً لسلطته الغاشمة]

- الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الحالي الذي قال: (إن زيارة القدس لا تحقق مصلحةً للمسلمين، لأنها تتم في ظل احتلال بني صهيون ي وبإذن من سلطات الاحتلال)

- الشيخ الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر السابق حيث قال: (لن أزور القدس والمسجد الأقصى إلا بعد تحريرهما من وطأة الاحتلال الصهيوني، لأن زيارتي لها الآن أو أي مسلم على مستوى العالم تُعد تكريساً للاحتلال، واعترافاً بمشروعيته... لكن بإذن الله تعالى سأزورها ونزورها جميعاً وهي حرة مسلمة... وهذه المدينة المقدسة أمانة في عنق المسلمين، ولابد أن يبذل الجميع كل الجهد لتحريرها واستردادها بأية طريقةٍ من الطرق)

- الشيخ فوزي الزفزاف **** الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية الذي أيد تحريم الزيارة للقدس، ولكن بشرط أن نبذل كل ما نملك لتحرير المسجد الأقصى... وإن زيارة المسلمين من غير الفلسطينيين للأقصى يعطي شرعية لبني صهيون لاحتلال القدس والمسجد الأقصى.

- الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الذي قال: (إن الذهاب إلى القدس الآن يعطي انطباعاً بأن الأمور عادية، ثم أنه يلزم الداخل إلى القدس الحصول على تأشيرة وهو اعتراف بشرعية بني صهيون وأن التواصل يكون بالنصرة والصلة الدائمة عبر المساعدات الفعالة التي تعطي قوةً لإخواننا الفلسطينيين)

- الدكتور أحمد عمر هاشم عضو مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور محمد عثمان شبير والشيخ حامد البيتاوي خطيب المسجد الأقصى ورئيس رابطة علماء فلسطين، والشيخ عكرمة صبري مفتي فلسطين سابقاً وغيرهم كثير.

المجامع والهيئات التي منعت زيارة القدس تحت الاحتلال

- عقد مجمع البحوث الإسلامية جلسة طارئة بمشيخة الأزهر الخميس (19/4/2012) برئاسة الدكتور أحمد الطيب‏‏ شيخ الأزهر‏ لمناقشة زيارة المفتي- علي جمعة - للمسجد الأقصى, وأعلن المجمع أن الأزهر الشريف يؤكد موقفه الرافض لزيارة القــدس والمســجد الأقصى وهما تحت الاحتلال الصهيوني، وفي ختام جلسته جدد الأزهر الشريف قراره الرافض لزيارة القــدس والمسـجد الأقصى وهما تحـت الاحتلال. وأكد أن الأزهر الشريف استمر علي دعمه لقراره السابق بعدم جواز السفر الي القدس والمسجد الأقصى وهما تحت الاحتلال الصهيوني وذلك لما يترتب عليه من ضرورة الحصول علي تأشيرات من المحتل الصهيوني ويعد نوعا من التطبيع.

- فتوى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وهيئة علماء فلسطين فى الداخل والخارج، وذلك في بيان صادر من الدكتور علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ونائب رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث جاء فيه: " والخلاصة أن زيارة القدس في ظل الاحتلال الغاشم الذي يريد القضاء على كل المعالم الإسلامية أو المسيحية والتاريخ الإسلامي، وجعل القدس عاصمته الأبدية ومحاولاته المستميتة للتطبيع الشامل السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي تترتب عليها مفاسد جسيمة، ومضار عظيمة ونتائج وخيمة، فلا يجوز للمسلم أن يشارك في هذه الجريمة، بل عليه شد الرحال لتحرير الأقصى بكل الوسائل المتاحة "

وأهل القدس والمسجد الأسير أدرى بشعابهما

وهل كان الصوفيان جمعة والجفرى بأعلم بما يصلح فلسطين والقدس والمسجد الأقصى من أهله المقيمين فيه الذين يعلمون أي التصرفات أفضل وأصوب وأكثر نجاحا في دعم القضية التي يحيون عليها ويموتون في سبيل الله من اجلها ؟، فهذه هي آراء علماء فلسطين في أهمية المنع وخطورة إلغائه:

- رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس وخطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، يندد بزيارة مفتي الديار المصرية علي جمعة إلى المدينة القديمة والصلاة في المسجد الأقصى، قائلا " أن زيارة القدس المحتلة للصلاة في المسجد الأقصى بتأشيرة إسرائيلية وبتصريح من الاحتلال، تطبيع وإقرار بشرعية الاحتلال الإسرائيلي للمدينة"، وقال "بالنسبة للدول العربية والإسلامية وغيرها من الدول التي لا تعترف بدولة الاحتلال، فلا يجوز شرعا زيارة القدس وهي تحت الاحتلال، كونه تطبيعا وإقرارا بشرعيته لفلسطين ولمدينة القدس المحتلة"(1).

- الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني يؤكد أن زيارة علماء المسلمين إلى المسجد الأقصى المبارك وهو تحت الاحتلال الإسرائيلي لم تعد إلا بنتائج سلبية للغاية على المسجد الأسير ولم تصب إلا في صالح الاحتلال الإسرائيلي الذي يسعى إلى فرض سيطرته وسيادته وشرعنتها(2).

ورغم هذا يصر الصوفيان جمعة والجفري على أن يخرقا هذا الإجماع ويذهبا إلى المسجد الأقصى للزيارة ويصر الاحتلال أن يدخلهما المسجد من خلال باب المغاربة الذي لا يدخل المسلمون منه بل يدخل منه السياح الغربيون وغير المسلمين إمعانا في إظهار المفارقة، والغريب أن سلطات الاحتلال تسمح للرجلين وتستقبلهما بحفاوة بالغة وبعناية كبيرة وترحيب شديد في حين يمنع في نفس الأسبوع الشيخ عكرمة صبري من إلقاء خطبته بالمسجد الأقصى !!

ويدافع كلا الرجلين عن زيارته للقدس تحت الاحتلال بأنها تصب في صالح قضية المسلمين الأولى وأنها في صالح الفلسطينيين أنفسهم، ولا يبدو أن الرجلين قد سمعا شيئا من أهل فلسطين وعلمائها الذين قرروا أن ما فعلاه يضر بهم وبقضيتهم ولا يصب إلا في صالح الكيان الصهيوني، فمن المستفيد من زيارتهم التي وقف محمود عباس في مؤتمر الأردن ليطلب من المسلمين فتح باب السياحة للذهاب إلى فلسطين تحت الاحتلال ليتفق على الكيان الصهيوني سياح يقدرون بعشرة ملايين كل عام، ولتذهب قضية تحريرها من أيدي الصهاينة لغير رجعة حيث يتمكن المسلمون من زيارتها تحت التأشيرة الإسرائيلية ليضيع كل صوت مطالب بتحريرها، فهل هذا ما تخرق الصوفية إجماع العلماء المسلمين من أجله ؟، وهل تدافع الصوفية عن المصالح الإسرائيلية الصهيونية أم تدافع عن قضايا المسلمين ؟.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ

من مصادر التقرير

1- رؤية شرعية نقدية في فتاوى زيارة الأقصى والقدس بتأشيرة صهيونية - الدكتور حسام الدَّين عفانة - المركز العربي للدراسات والأبحاث

2- البيان الوافي في الرد على شبهات مبيحي زيارة المسجد الأقصى تحت الاحتلال الصهيوني وبيان خطرها - د. أسامة الأشقر - مدير مؤسسة فلسطين للثقافة ، مدير مركز المخطوطات والوثائق الفلسطينية – ملتقى أهل الحديث

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ

[1] صحيفة الأهرام المصرية على موقعها الالكتروني بتاريخ 09‏/04‏/2012

[2] وكالة فلسطين اليوم الإخبارية نقلا عن موقع "مؤسسة الاقصى للوقف والتراث" بتاريخ 12 شباط / مايو 2012
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*{التأصيل للدراسات}
--------------------

المصدر: ملتقى شذرات