#1  
قديم 12-05-2015, 09:56 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة حلقة من حلقات الصراع في الهند


المدارس الشرعية... حلقة من حلقات الصراع في الهند
ــــــــــــــــــــــــــ

(أحمد أبو دقة)
ـــــــ

23 / 2 / 1437 هــ
5 / 12 / 2015 م
ــــــــــــ

710502122015021432.jpg


لكي تصل إلى بلدة ديوبند بالهند سالكاً طريقاً يمر بالمجتمعات الحضرية الواسعة في مدينة دلهي وهي من أكبر المدن الهندية، يجب عليك حينها أن تمر على أحد المناطق الأكثر اكتظاظاً بالسكان على وجه الأرض، حيث كانت بيوتها في الماضي عبارة عن أكواخ صغيرة، وتضم المبانيَ السكنية، وأفرانَ الطوب المصنوع من الطين، ومحطاتِ البنزين وحقولَ قصب السكر بالإضافة إلى مزارع شجر الحور والكينا. هناك ستقع عيناك على لوحات إعلانية بألوان زاهية تعلن للناس عن دروس في الكمبيوتر أو إعلانات لمدارس خاصة في بلد توصَف برداءة التعليم الحكومي فيها. وعندما تصل إلى قلب البلدة تجد هناك مدرسة واحدة جعلت من بلدة ديموند بلدة شهيرة مدة طويلة من الزمن، إنها المدرسة الإسلامية دار العلوم.

يقول الكاتب في صحيفة "فايننشال تايمز" فيكتور ماليت: لقد رحب بنا في هذه الواحة الأكاديمية الهادئة والتي يعني اسمها "بيت المعرفة" رجل بلباس أبيض ولحية بيضاء اسمه أرشد مدني، وهو عالم موقر له هيبته ومكانته بين 500 مليون مسلم في جنوب آسيا، حيث يطلق عليه لقب "مولانا"، وعندما تنظر إلى وجهه ترى أثر السجود أو الزبيبة تعلو جبهته، وهي علامة دائمة تظهر نتيجة السجود المتكرر في الصلاة. لقد حفظ مدني القرآن كله عن ظهر غيب وهو في الثامنة من عمره، حيث يقول:" إنه أمر سهل أن تحفظ القرآن كله عن ظهر غيب؛ وذلك لأن الله قد جعل القرآن ميسراً للذكر". كما أن مدني وعلى الفور اتخذ موقفاً دفاعياً وأشار علينا أن نذهب إلى غرفة الاجتماعات لإجراء مقابلة معه، وهناك رأينا المئات من الأولاد يجلسون في صفوف قريبة مضاءة بالمصابيح، وبهذه الصورة فهم يحاكون ذكريات طفولته ويسيرون على خطاه حيث يجلسون على الأرض ويغمغمون بآيات القرآن الكريم. ونحن معه انطلق مدني في حديثه يشرح عن تعاليم المدرسة وعن دور أتباع المدرسة الديبوندية في الحَراك الإسلامي في أفغانستان وبنغلاديش.

ويؤكد مدني قائلاً: "إننا نعلِّم أطفالنا الحب قبل التعليم الشرعي"، لقد ولد مدني في عام 1941م وذلك قبل ست سنوات من إعلان استقلال الهند وانفصالها، فهو رجل عالم في علوم الحديث النبوي. ويقول:" إننا نعلِّم أطفالنا معاني السلام والحب، لذا نرى كيف أنهم لا يتورطون في أي أعمال تنافي تعاليم الإسلام.
تقول دراسة أعدتها صحيفة الفاينانشيال تايمز البريطانية إن المدارس الشرعية في آسيا وأبرزها الديبوندية أصبحت رمزاً يشار إليه حينما يجري الحديث عن الجماعات الجهادية التي تستهدف المصالح الغربية، وتضيف أن انتشار وتكاثر المدارس الشرعية التابعة للتيار الديبوندي في كل مكان في آسيا منذ تأسيس المدرسة الديبوندية في عام 1866م كان ينظر لها المسلمين فيما مضى على أنها "حصون للدين الإسلامي" في ظل حالة التغريب التي انتشرت بسبب الحكم البريطاني للهند في مرحلة تاريخية ماضية وهو ما يعرف بالراج البريطاني.

وفي الآونة الأخيرة ظلت توصف هذه الأماكن بأنها مراكز للجهاد. لقد وصف أتال بيهاري فاجبايي رئيس الوزراء الهندي في ذلك الحين والقائد في حزب الشعب الهندي المدارس الشرعية في باكستان المتاخمة للهند "بمصانع الإرهاب"، وذلك في أعقاب هجوم الإسلاميين على البرلمان الهندي، الذي جر البلدين إلى شفير هاوية حرب في عام 2011م.

ويبدو أن الأرقام متضاربة في ما يتعلق بأعداد المدارس الدينية الموجودة فعلياً على أرض الواقع هناك؛ وذلك لأنه وإلى حدٍّ ما فإن العديد منها غير مسجل رسمياً، ولكن من المؤكد أن هناك عشرات الآلاف منها في جنوب آسيا هذه الأيام. وهناك ترى جيلاً بعد جيل ممن تخرجوا من المدارس الديبوندية قد قاموا بتأسيس مؤسسات خاصة بهم في جميع أنحاء المنطقة؛ حيث سجل أحد التقارير المئوية (أي تسجل كل مائة عام) والذي صدر عام 1967م تأسيس 8934 مدرسة أساسية ومكتبة دينية ديبوندية في المائة سنة الأولى.

وفي باكستان نرى كيف أن عدد المدارس الدينية قد ارتفع من 244 مدرسة في عام 1956م إلى حوالي 24000 مدرسة في يومنا هذا، حيث إن معظمها يتبع المدرسة الديبوندية. وفي بنغلاديش أيضاً نشهد تضاعُفاً في أعداد تلك المدارس وبسرعة. أما في الهند فقال الملا أرشد مدني إنه لا علم لديه بعدد المدارس الدينية في الهند، ولكن بحسب ما قال: "لا يوجد مدينة دون أن يكون فيها مدرسة واحدة"؛ حيث إن 99% منها هي مدارس دينية ديبوندية، وربما يوجد في الدول الثلاثة الهند وباكستان وبنغلاديش ستة ملايين طالب يتلقى العلم في هذه المدارس.

وهذه الحصة التي تحدثنا عنها هي في الواقع حصة صغيرة من السكان المسلمين الذين يلتحقون بالمدارس. إن قادة البشتون من طالبان أفغانستان بما فيهم المرحوم الملا عمر قد تلقوا تدريبهم في المدارس الشرعية الديبوندية على الحدود الباكستانية الأفغانية، وذلك قبل أن ينشئوا إمارة أفغانستان الإسلامية. كما أن المقاتلين الباكستانيين من حركة طالبان قد تعلموا في المدارس الشرعية الديبوندية في المنطقة نفسها. وقبل عامين من الآن قامت وزارة المالية الأمريكية بتصنيف مدرسة غاني في مدينة بيشاور الباكستانية على أنها مركز تدريب للجهاديين، وذلك بالرغم من أن مدير المدرسة أكد أن المدرسة هي مؤسسة شعرية بحتة، يجدر الذكر بأن مدير المدرسة يتبع أهل الحديث أو ما يعرف بالمذهب السلفي، وهو تيار محافظ على أصول الدين وما يرد عن صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام، ويختلف قليلاً عن التيار الديبوندي. وبالنظر إلى الهند فإننا لا نجد هناك مدينة دون مدرسة شرعية حيث إن 99 بالمائة من هذه المدارس هي مدارس تتبع التيار الديبوندي.

يقول عبد القاسم نعماني وهو خريج ويعمل نائب مستشار مدرسة دار العلوم، والذي يتفق مع الملا مدني في تأكيده على أنه لا علاقة للمدرسة الديبوندية بكل الهجمات ذات الطابع "الإرهابي". لقد تم تأسيس المدرسة لكي تدافع عن الدين الإسلامي. ويقول نعماني: "إن رسالتنا الأساسية تتمثل في الحفاظ على الثقافة الإسلامية والقرآن الكريم".
والنتيجة هي ما كتبه المؤرخ بربرا دالي ميتكالف عن النهضة الإسلامية في الهند البريطانية قائلاً بأن بلدة ديبوند ومنذ عام 1860 إلى عام 1900م كانت تضم مدرسة بدأت بصورة متواضعة في مسجد الشطة القديم تحت شجرة الرمان الكبيرة بطالب واحد ومعلم واحد، ثم نمت لتصبح مؤسسة مهنية كبيرة تدرِّس الدين الاسلامي فضلاً عن القانون والمنطق والفلسفة.

إن المدارس الشرعية كانت موجودة بالفعل منذ ما يقرب من ألف عام، حيث تأسست في بداية الأمر في ولاية راجاستان في الهند في عام 1911م، لكن مؤسسي التيار الديبوندي قاموا بتحويلها إلى مركز "للاقتباسات الشرعية المحافظة المكتشفة حديثاً في الإسلام"، وذلك بحسب ما يقوله الدبلوماسي البريطاني أليكسندر إيفانز والذي زار العشرات من المدارس الشرعية في جنوب آسيا قبل عقد من الزمن لأغراض بحثية. وكتب في ما بعد قائلاً: "لقد أوصدت مؤسسة دار العلوم أبوابها أمام المعرفة الحديثة والتي كان ينظر لها على أنها نوع من الفساد والتلوث بسبب ارتباطها بالبريطانيين".

هذه المدرسة الشرعية لها أهداف أهمها التصدي للنفوذ الهندوسي واعتداءاته على المسلمين، وكذلك الحفاظ على تعاليم الإسلام ومحاربة التشيع، يقول مدني إن الهنود: " تشربوا الإسلام ولكن بشكل ومعنى مختلف؛ مثل الركوع لقبور الأولياء الصالحين وطلب قضاء حاجاتهم... والدين الإسلامي يقول إنه لا أحد غير الله قادر على كل شيء. لا تركعوا ولا تنحنوا لأي شيء". ولكن من المؤكد أن هناك من وجه له سؤالاً يقول فيه: هل الإسلام تغير عندما وصل إلى الهند بالقدر الذي تغير فيه الهندوس بقدوم الإسلام؟ وكانت إجابته واضحة حيث قال: "الإسلام لا يتغير أبداً لأن أساس هذا الدين هو كتاب الله وسنة نبيه".
ولا ينظر لمدرسة دار العلوم في قلب الهند ذات الغالبية الهندوسية على أنها مدرسة تقوم بالترويج لما يسمى بلغة الغرب "الإرهاب" المعاصر؛ فأجهزة الأمن الهندية قامت بعزل المؤسسة بصورة عامة عن منطقة الجنوب الآسيوي، والإداريون في المؤسسة يتعرضون لضغط مستمر لإجبارهم على التحدث ضد ما يزعم الغرب بأنه "إرهاب إسلامي" وأنها مؤسسة بعيدة كل البعد عن معمعة السياسة. لقد استضافت المدرسة ذات مرة طلاباً من الصين وماليزيا والعراق وجنوب إفريقيا وبورما والمملكة العربية السعودية، ولكن الآن لا يتم منح تأشيرات ولا يوجد حالياً في المدرسة إلا حوالي 20 طالباً من الأفغان. ويقول مدني: "إننا نخاف من أن يتم تسميم عقول الطلبة ولكننا لا نفعل ذلك"، فالذين يرفضون فكرة أن المدرسة الديبوندية مسؤولة عن تصرفات المنتسبين إليها في الخارج يقرُّون وبشكل ضمني أن المشكلة تكمن في شتات الديبونديين في دول أخرى. ويقول: "إننا لا نتحمل مسؤولية أفعالهم لكنهم يتبعون منهجنا، لا يوجد جهاديون هنا لأننا نتحكم وبشكل كامل بالمنهج الذي ندرسه للطلاب".

بنغلاديش:
-------

نشهد هذه الأيام مناقشات وجدلاً في أوساط القادة السياسيين والمسلمين في ما يتعلق إذا كان هناك حاجة للضغط على المدارس الشرعية. وفي الهند وبنغلاديش وباكستان يتم تقسيم المؤسسات بين تلك التي تقع في دائرة رقابة الدولة والتي عادة ما تدرس المقررات المنهجية الرسمية مثل اللغة الإنجليزية والرياضيات، وبين تلك التي تبقى خارج إطار الرقابة الحكومية والتي تزداد احتمالية إدارتها من قبل الإسلاميين. ويتحدث المسؤولون الرسميون والمسلمون باستمرار عن الحاجة إلى " تطبيق الاتجاه السائد" في آلاف المدارس الشرعية غير قانونية، والتي يتم تمويل العديد منها بالمال السعودي؛ سواء بشكل مباشر أو من خلال الحوالات النقدية للعمال المهاجرين في دول الخليج.

خذ بنغلاديش مثالاً؛ حيث يقول المدوِّن الملحد والناشط الاجتماعي الليبرالي سيد أحمد: "في قريتي وقبل 10 سنوات كان هناك مدرسة شرعية واحدة فقط والآن هناك 19 مدرسة"، ويصيح الليبراليون البنغلاديشيون بأن ما يشهدونه هو عبارة عن هجوم يقوم به الإسلاميون الذين يستلهمون أفكارهم من السعودية ضد الثقافة الفنية والأدبية والموسيقى ذات الطابع المنفتح في بنغال.

تقول صحيفة فينانشال تايمز إن ظاهرة العنف تنمو ليس لأن" الإسلام متطرف" ولكن لأن سياسات البلد متشددة. وفي الوقت الذي ربما تقوم فيه حكومة الشيخة حسينة العلمانية بمضايقة المعارضة باستمرار، هناك جماعة شرعية ريفية جديدة تطلق على نفسها اسم حَفَظة الإسلام قد بدأت تبزغ من الظل.
لقد قُتل 58 شخصاً على الأقل قبل عامين، وذلك عندما قامت قوات الأمن بتفريق عشرات الآلاف من أنصار جماعة حفظة الإسلام الذين يطالبون بتعليم الدين الإسلامي في جميع أنحاء البلاد ويطالبون أيضاً بفصل الرجال عن النساء؛ حيث تجمع هؤلاء بشكل غير متوقع في دكا لمواجهة شباب بنغلاديش علمانيين يُعتقد أنهم ملحدون. إن الدين الإسلامي يسير نحو تحقيق المزيد من النجاحات والناس أصبحوا أكثر ورعاً وتديناً.

إن المدرسة الديبوندية الرئيسية في دكا هي الجمعية القرآنية العربية، التي تأسست عام 1950م في الشوارع المزدحمة في المدينة القديمة. وهنا نرى أن المعلمين يعارضون العنف تماماً مثل المعلمين في دار العلوم. ويقول المفتي فايز الله، والذي يدرس مادة الفقه والحديث لألف وثمان مائة طالب: "الإسلام لا يحرِّم فقط قتل الإنسان ولكنه يحرم قتل النملة أيضاً". ولكنه وعلى حد سواء يصر على رفض المحاولات الرسمية للسيطرة على المناهج، واتهم الحكومة بأنها تقوم بتلفيق تهمة القتل باسم الإسلام لطلاب المدارس الشرعية في دكا، ويؤكد بأنه عضو في حلف المعارضة السياسية (وعلى غرار العديد من معارضي حسينة واجد، فقد تم إغراق فايز الله بالمحاضر الجنائية التي وصلت إلى 42 محضراً في قضيته، ويقول إنه لا يستطيع أن يغادر المدرسة خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى اختفائه).

إنه يشعر بالفرح حيال التطورات الحديثة التي صنعها الإسلام في بنغلاديش. ويقول فايز الله: "الإسلام يسير نحو تحقيق المزيد من النجاحات والناس أصبحوا أكثر ورعاً وتديناً".
تعتبر الجمعية القرآنية العربية من الجمعيات التي تختار طلابها بشكل دقيق؛ حيث يتم قبول 500 طلب من أصل 10000 طالب سنوياً، وذلك بعد أن يتم إخضاع المتقدمين لاختبار أكاديمي والتعليم فيها مجاني. ويقول المفتي إنه يتم تمويل الجمعية من خلال إيرادات الإيجار العائدة من الممتلكات التي تم تقديمها كهدية للمدرسة، ومن خلال بيع جلود الحيوانات التي تم ذبحها، ومن خلال متبرعين بنغلاديش يعيشون في المملكة المتحدة ودول الخليج.

وفي المدرسة نرى الأولاد والشبان الذين تتراوح أعمارهم ما بين الثماني سنوات إلى الثلاثين سنة وهم يجلسون منحنيي الأكتاف يقرأون القرآن الكريم وكتب قواعد اللغة العربية والقانون. وفي أحد الصفوف الدراسية يقوم أحد المدرسين بشرح أهمية الإجازات والأعياد الإسلامية. ويقول المفتي طيب حسين: "إن يوم عاشوراء هو بكل تأكيد يوم عادي، إنه يوم احتفال للشيعة ولا يجوز الاحتفال به في الإسلام". ويقول فايز الله: "إن المدرسة الدينية تأخذ بعين الاعتبار وضع حصص لتعليم العلوم الطبيعية ولكنها ستكون معتمدة على العلوم الإسلامية كأساس لها". وأثناء حديثه اقتبس فايز الله بعض آيات من القرآن تتحدث عن الشمس والقمر ومداراتهما. إن خريجي هذه المدارس عادة ما يصبحون رجال علم حيث نجد في قطر لوحدها 200 من خريجي هذه المدارس، وهناك عدد منهم في شرق لندن وفي ولاية نيويورك، ونجد منهم من يذهب للعمل في محلات الملابس الجاهزة أو يعمل في مجال الرقابة في البنوك الإسلامية.
محمد بوركوت يبلغ من العمر 20 عاماً، التحق بالمدرسة الشرعية قبل سبع سنوات عندما عاد والده أستاذ الهندسة من المملكة المتحدة من أجل أن يقوم بتسجيل أولاده في المدارس الشرعية. ويعبر بوركوت عن إعجابه بالتوجه السلفي المحافظ بشكل كبير، ويشعر بالأسف لأن معلميه يخجلون ويتهربون من مناقشة مسألة الجهاد. وعند سؤاله عن المهنة التي يرغب بها؟ قال من المحتمل أن يعمل في الشراكة التجارية، ولكنه "في المقام الأول أريد أن أسافر حاملاً معي الفلسفة وأمتعتي الخاصة".

لاهور (باكستان):
---------

هناك على بعد أكثر من 2000 كيلو متر نحو الغرب، وتحديداً في المدينة الباكستانية لاهور يدافع طاهر أشرفي عن الديبوندية الأصلية على أنها أيديولوجية معتدلة و "بعيدة كل البعد عن التطرف ". يعتبَر طاهر من أتباع التوجه الديبوندي ويترأس مجلس علماء باكستان الذي يعد المظلة التي يتجمع تحتها العلماء المسلمون. ويقول أشرفي إن هذا الأمر مهم لكي تعيه البلدان التي تهيمن عليها الديبوندية مثل باكستان وأفغانستان وطاجاكستان وحتى بالنسبة لماليزيا وإندونيسيا في الشرق، لا سيما أن السلطات الهندية تمنع معظم سكان تلك البلاد من الذهاب إلى ديبوند بأنفسهم. وبحسب أشرفي فإن هناك 2 مليون ولد و250،000 بنت في حوالي 24،000 مدرسة دينية باكستانية، وأن أكثر من نصفها تقع تحت رقابة مجلس علماء باكستان، وربع هذه المدارس تقدم دروساً في اللغة الإنجليزية والرياضيات بالإضافة إلى الدراسات الشرعية.

ذكرت السلطات الحكومية بأن المدارس التي لا تقر المواد الرئيسية السائدة في تعليمها سوف يتم تصنيفها على أنها "ليست مدرسة"، ومن ثم فهي غير مؤهلة للحصول على تمويل من الدولة. هذا الإجراء - الذي يعد جزءاً من خطة الدولة التي يسيطر عليها الهندوس حالياً - هدفه القضاء على المدارس الشرعية تحت ذريعة عدم قدرتها على مواكبة العلوم التطبيقية واكتفائها بتدريس العلوم الشرعية.
وفي بنغلاديش أيضاً تحدثت الحكومة عن خطة مماثلة لوضع كلِّ المدارس الشرعية تحت سيطرة الحكومة حيث قالت الحكومة: "الناس في المجتمعات الفقيرة لا يتعلمون إلا اللغة العربية وهذا نقص، بالإضافة إلى أنهم يتعلمون القرآن وتلاوة القرآن، ومن ثم ماذا يستطيعون أن يفعلوا؟ يستطيعون أن يكونوا أئمة في المساجد أو يقومون بأداء العبادات الدينية. إننا نحاول أن نجعلهم يجارون الناس عن طريق تدريسهم لغات أخرى أيضاً. هناك مدارس شرعية لم تكن ترفع علم البلاد أو تردد النشيد الوطني. بالطبع تعلم اللغة العربية أولاً ولكن تعلم لغتك البنغالية أيضاً وتعلم الإنجليزية كذلك".

يقول أختر وصي الخبير في تاريخ التعليم الإسلامي إن المدارس الشرعية الديبوندية السابقة كانت تدرس منهاجاً متحرراً وواسعاً يشمل العلوم والأدب في ذلك الوقت، وكانت تخرِّج الأطباء والمهندسين بالإضافة إلى رجال الدين. ويتذكر قائلاً إن أول وزير للتعليم في الهند المستقلة كان أبو القلم آزاد وهو العالم المسلم الذي أكد على أهمية التعليم الأساسي للجميع بمن فيهم الفتيات. ويشكو أختر وصي من غطرسة الفاسدين الذين يهيمنون على باكستان وبنغلاديش حديثاً، والتي أدت إلى تشويه صورة الإسلام.
يقول الباكستاني حافظ باشا الخبير الاقتصادي ووزير التعليم السابق: "59% من الصدقات والتبرعات في هذه البلاد تذهب إلى بناء المساجد". عندما كان حافظ باشا صغيراً كان هناك مسجد واحد يقوم برفع الآذان عند كل صلاة ويسمعه من الحي الذي يقيم فيه "أما اليوم فهناك ست مساجد ترفع الآذان للصلوات".
إذا اتجهنا إلى تفاصيل المجتمع المسلم في الهند فسنجد أن عدد المدارس الشرعية تضاعف من أربعة إلى خمسة أضعاف خلال السبعين سنة الماضية، وزاد عدد المساجد عشرة أضعاف عما كانت عليه في السابق. وتشير الدلائل إلى أن المدارس الشرعية سوف تستمر بالتضاعف والتكاثر في جنوب آسيا في السنوات القادمة.

---------------------------------
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الصراع, الهوي, حلقات, حلقة


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع حلقة من حلقات الصراع في الهند
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كيف تصنع جهاز حلقات الدخان Eng.Jordan الملتقى العام 0 10-08-2015 01:40 PM
تابع أحد حلقات مسلسل المؤامرات الكبرى على مصر Eng.Jordan شذرات مصرية 0 06-10-2014 01:35 PM
باسم يوسف : انتقدت «مرسي» 30 حلقة ولم يمنعني و «السيسي» لم يتحملني حلقة Eng.Jordan شذرات مصرية 0 12-07-2013 12:06 PM
حلقات الأزمة الأوروبية وأزمة الرأسمالية والعولمة Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 0 01-05-2013 01:09 PM
حلقات الجودة Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 06-20-2012 12:50 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 07:25 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59