#1  
قديم 04-19-2012, 12:39 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي الأصالة والتواصل قراءة في تاريخ الفينيقيين وحضارتهم


د. فاروق حبلص
القلمون – لبنان
25-7-2010
بدأ سباتينو موسكاتي, أحد أبرز الباحثين المعاصرين في تاريخ الحضارة الفينيقية, كتابه عن الحضارة الفينيقية بالقول: " الفينيقيون, شعباً وحضارة, كانوا وما زالوا يثيرون إهتماماً كبيراً في الغرب. فمنذ أن كشف هوميروس عن خصائصهم البحرية والتجارية, وإتّضح أن أبجديتنا ( أي الأبجدية الغربية) مستمدّة منهم, أصبحوا محطّ إنتباه شديد لا يقلّ عمّا منحته شعوب الشرق القديم الأخرى.... .."[1]. هذا الإهتمام أدى إلى ظهور آلاف المجلّدات التي تناولت تاريخ الفينيقيين وحضارتهم, وإعترفت بفضلهم على العالم أجمع في وضع الأبجدية ونشرها, وأقرّت بإسهاماتهم في تطوير الفنون وبخصوصياتهم وحضارتهم التي تخطّت الحدود الجغرافية لبلادهم, وإنتشرت في بلدان حوض البحر المتوسّط كافّة (معظم العالم القديم). لكنّ هذه المجلّدات ركّزت على إظهارهم على شكل تجار تهالكوا على تحقيق المكاسب المادية, فشوّهت بذلك صورتهم, وتنكّرت للقيم الإنسانية التي تحلّوا بها طيلة تاريخهم, وعملوا على نشرها في العالم, فكانت سرّ نجاحهم في التجارة والحضارة على السواء, وفي طليعتها الأصالة والإنفتاح على الآخر والرغبة في التواصل معه على قاعدة الإحترام والإعتراف بحقوقه.
ونحن ورثة الفينيقيين في أرضهم, لم نتعرّف بعد على تاريخنا معرفة صحيحة تحيي في عقولنا مضامين ماضينا المجيد الزاخر بالعطاء الحضاري والإنساني، والمتميّز بالأصالة والتواصل مع الآخر والإنفتاح عليه, وتعيد الإعتبار لهذا الشعب الذي سعى منذ أربعة آلاف سنة إلى تقارب الشعوب وتكاتفها من أجل خير البشرية.
فالفينيقيون حوّلوا العالم, بأساليب سلميّة, إلى عالم واحد يكتب بأبجدية واحدة, ويعبّر عن نفسه ومعتقداته وأفكاره وأذواقه بأساليب فنيّة متقاربة, قبل أن تبدأ الحضارة الغربية بالعمل على عولمة العالم بحوالي ثلاثة آلاف سنة ونيّف, بمنهجيّة مختلفة تقوم على نشر الفوضى الخلاّقة وإختلاق الفتن المتنقّلة من قاّرة لقارّة. والباحثون في تاريخ بلدان حوض البحر المتوسّط وحضاراته, يؤكّدون تحوّله في النصف الأول من الألف الأول ق.م. إلى بيحيرة فينيقية, بعدما إستوطن الفينيقيون جزره, وإنتشروا من جزر بحر إيجه إلى قبرص وكريت ومالطة وصقلية وصولاً إلى كورسيكا وجزر البليار, وزرعوا مستوطنات لهم على إمتداد شواطئه من اليونان إلى إيطاليا وإسبانيا والمغرب وتونس وليبيا. ولقد أكّدت المكتشفات الأثرية في هذه البلدان, ما ذهب إليه هؤلاء الباحثين, بعد العثورعلى المنشآت المعمارية واللقى الأثرية الفينيقية في مستعمرات قادش وترشيش وملطية وصبراتة وتونس وقبرص إلخ…
تزامناً عرف العالم القديم حضارات أخرى عديدة عاصرت الحضارة الفينيقية, كالفرعونية في وادي النيل, والكنعانية والآرامية في الداخل السوري وفلسطين, والعمورية البابلية في بلاد الرافدين, والآشورية في شمالي سوريا, والحورية الميتانية في شمالي سوريا أيضاً, والحثية في الأناضول، والكريتية –الميناوية في جزر بحر إيجه. وقد دلّت المكتشفات الأثرية في مواقع هذه الحضارات أنها كانت كلّها خلاّقة ومبدعة, صنعتها شعوب جبّارة, أقامت دولاً قويّة, وتوسّع بعضها خارج حدوده ليصبح إمبراطورية مترامية الأطراف, كالفرعونية والحثّية والآشورية. لكن أحداً من هذه الشعوب, لم يستطع أن ينشر حضارته خارج حدود وطنه الأم, وفي أحسن الأحوال خارج حدود إمبرطوريته.
في هذا الوقت الذي عجزت فيه الإمبرطوريات الكبرى ذات التنظيم السياسي المتماسك , عن نشر حضارتها خارج أراضيها ونطاق سيطرتها العسكرية, نجد أن الشعب الفينيقي الذي لم يعرف الوحدة السياسية والإدارية يوماً, والذي أمضى آلاف السنين منقسّماً إلى دول مدن متعددة, لا تتعدى سيطرة الواحدة منها حدود المدينة الواحدة, هذا الشعب تمكّن, على ضعفه السياسي والعسكري, وفشله في إقامة وحدة سياسية وعسكرية, من نشر حضارته في العالم المعروف في زمانه, وداخل أعتى الإمبرطوريات قوّة وجبروتاً. هذه المعطيات التاريخية التي باتت بديهية بعدما أكّدتها نتائج الحفريات الأثرية في بلدان حوض المتوسّط, تثير لدى الباحث الناقد الإشكالية الآتية: كيف تمكّن شعب منقسم على نفسه, أو بعبارة أدقّ كيف تمكّنت مدينة مثل صور أوصيدا, من تحويل البحر المتوسّط إلى بحيرة ملحقة بها إقتصادياً وحضارياً طيلة قرون من الألف الأول ق.م., في حين عجزت عن ذلك الإمبرطوريات الكبرى التي كانت معاصرة لها؟ حقاً إنها مفارقة غريبة, تستدعي التوقّف عندها.
كانت الحضارة الفينيقية سبّاقة في التوسّع والإنتشار في بقاع العالم القديم[2]. والمكتشفات الأثرية في بلدان المتوسط دلّت على أن شعباً لم يسبق الفينيفيين بنقل حضارته إلى بلدان بعيدة عن بلده. هم كانوا أوّل من حوّل البحر المتوسط, إلى وسيلة إتصال وتواصل بين الشرق والغرب, بعدما كان يشكّل حاجزا يفصل بينهما قبل بداية إنتشارهم على طول سواحله منذ مطلع الألف الأول ق.م. بدأ هذا التحوّل في دور البحر المتوسّط, بعيد موجة القحط والجفاف الأخيرة التي ضربت الشرق الأدنى وبلدان المتوسّط في الربع الأخير من الألف الثاني ق.م.[3]. ذلك أن هذه الموجة تسبّبت في سقوط الدول الكبرى التي كانت تضغط على فينيقيا, كالدولة الحثية والدولة الكاشية والدولة الفرعونية الوسطى, كما دمّرت الحضارة الكريتية الميناوية في بحر إيجه[4]. وما أن إنتهت هذه الموجة في مطلع الألف الأول ق.م., حتى وجد الفينيقيون أنفسهم أحراراً من أي ضغط خارجي عسكري أو سياسي, فراحوا يجوبون البحر المتوسّط, ويزرعون المستوطنات على شواطئه وجزره. وبعد مضي قرنين من الزمن, أي بحلول القرن التاسع ق.م., أصبح المتوسّط بمثابة بحيرة فينيقية. ولقد شغلت المكتشفات الأثرية الفينيقية التي عثر عليها في المواقع الممتدة على طول سواحل المتوسط,, علماء الآثار والباحثين في تاريخ الحضارة. وظهرت المؤلفات العديدة عن تاريخ الحضارة الفينيقية. وتناولت هذه المؤلّفات الفنون الفينيقية, كالنحت والرسم وصناعة الأواني الخزفية والمعدنية والحلي والعاجيات والعمارة, وصوّرت الفينيقيين كتجار ماهرين, وجعلت من التجارة الدافع الأول والرئيس للتوسّع والإنتشار الفينيقي وما رافقه من نشر الأبجدية الفينيقية في العالم. بل رأى بعضهم أن التجارة كانت العامل الفعّال في ولادة وتطوّر الحضارة الفينيقية, مع إقرارهم وإعترافهم بأهميّة هذه الحضارة ودورها الريادي في تاريخ العالم القديم.
فقد رآى سباتينو موسكاتي أحد أبرز الباحثين في الحضارة الفينيقية, أن أرض فينيقيا كانت تمدّ سكانها بموارد إقتصادية ممتازة مثل خشب الأرز والزيتون والكرمة والحنطة والتين والجمّيز والنخيل, ورآى أن هذه الموارد ما كانت لتفيدهم إلاّ على أساس التبادل التجاري الفعّال الذي مارسه الفينيقيون مع جميع بلدان المتوسّط مما جعلهم أشهر تجار العالم القديم وأكثرهم قدرة[5]. وإذا إعتبرنا فرضية موسكاتي صحيحة, لكان علينا أن نرى شعب كل منطقة غنية بثروات يحتاجها الآخرون, شعباً إشتهر بالتجارة مثل الفينيقيين. فكان علينا أن نرى على سبيل المثال شهرة سكان الأناضول بالتجارة لأن بلادهم كانت غنية بالمعادن التي إفتقرت إليها بلدان أخرى كثيرة. وكان علينا أيضاً أن نرى شهرة سكان إسبانيا في الألفين الثاني والأول ق.م. بالتجارة لأن بلادهم كانت غنية بالذهب والفضّة والقصدير[6] التي إحتاج إليها ملوك بلاد الرافدين ومصر, لكن التاريخ لا يحدّثنا عن مثل ذلك. إذن لم تكن موارد فينيقية هي الدافع الوحيد الذي دفع الفينيقيين نحو التجارة, أوالسبب الذي جعل منهم أشهر تجار العالم القديم, ولا بد بالتالي من التفتيش عن سبب آخر لشهرتهم وتفوّقهم في عالم التجارة.
بيد أن نظرة تأمليّة في تاريخ الفينيقيين بكافّة جوانبه لجهة التنظيم السياسي والمعتقدات الدينية, والأعمال العسكرية, والإنتاج الفني من نحت وخزفيات وحلي وأوان نذرية إلخ... تأخذ في الإعتبارالأماكن التي وصل إليها هذا لإنتاج,تبيّن لنا أن الإنتشار الفينيقي في الإغتراب, لم يكن نتيجة حركة تجارية بسيطة قامت على المكاسب المستعجلة والإستغلال التجاري الرخيص والعابر, بل كان بمثابة ثورة عمرانية وحضارية فجّرها الفينيقيون حيثما حلّوا. فالشعب الذي بنى المدن والمؤسسات التجارية في بلدان الإغتراب, وأنشأ فيها المزارع, وعلّم أبناءها زراعة الزيتون والعنب والتين والكرمة, ونشر بينهم الأبجدية, وعلّمهم القراءة والكتابة, إلى جانب علاقته التجارية معهم, هو شعب شكّلت تجارته سبباً لنشوء الحضارة في البلدان التي وصل إليها[7]. أمّا سرّ نجاحه في التجارة والإستيطان, فكان يكمن فيأصالته وإنفتاحه. فالأصالة ساعدته في الإحتفاظ بشخصيته الفينيقية وتقاليده الموروثة, في حين ساعده إنفتاحه على التواصل مع الشعوب الأخرى, وتطعيم ثقافته الأم بثقافات البلدان التي ذهب إليها.
والإنفتاح على الآخر عند الفينيقي, لم يكن مجرّد تصرّف ظرفي أو آني مفتعل, تظاهر به لكسب ودّ الغير ريثما يصل إلى مبتغاه, بل كان نهجاً ومسلكاً في حياته, يمارسه يومياً في جميع حركاته وسكناته وعلاقاته داخل مجتمعه وخارجه, بدليل أنه يمكن للباحث تلّمسه في كافّة نشاطات الفينيقي السياسية والفنيّة والدينية والعمرانية والتجارية والإستيطانية التوسّعية. ويمكن القول أن الفينيقي تربّى على الإنفتاح على الغير والتواصل معه سلمياً, تماماً كما يتربّى أطفال المجتمعات الغربية اليوم على الديموقراطية.
فعلى الصعيد السياسي, حدّثنا التاريخ أنكل مدينة فينيقية مثل صور- صيدا –أوغاريت- جبيل- أرواد إلخ ... كانت تشكّل دولة مستقلّة تماماً عن الأخرى, وكان لكل منها ملكها وجيشها وآلهتها. وقد ظلّ الفينيقيون منذ بداية تاريخهم في مطلع الألف الثاني ق.م. إلى نهايته في أواخر الألف الأول ق.م. متمسّكين بهذا النظام السياسي الذي عرف بنظام الدولة-المدينة, ومشرذمين سياسياً, رغم حاجتهم الماسّة إلى الوحدة السياسية لآن بلادهم كانت تباعاً عرضة لغزوات الهكسوس والفراعنة والحثيين وشعوب البحر والشمال والآشوريين والكلدانيين والفرس والإغريق. في ذلك الوقت كانت الشعوب الأخرى المجاورة لهم قد أدركت ضرورة الأخذ بمفاعيل التطورات الإقتصادية والسياسية, فتخلّت عن نظام الدولة-المدينة وحقّقت وحدتها السياسية كالمصريين القدامى الذين وحّدوا مصر السفلى والعليا منذ أواخر الألف الرابع ق.م., وسكان بلاد الرافدين الذين توصّلوا إلى وحدتهم السياسية في أواخر الألف الثالث ق.م.
وقد ردّ العديد من الباحثين هذا التشرذم إلى عجز عند الفينيقيين وعقم في تفكيرهم السياسي. غير أنه لا يبدو من السهل التسليم بهذه المقولة, لعدّة معطيات أهمها:
1 - أن الفينيقيين تمكّنوا من تحويل البحر الأبيض المتوسّط في مطلع الألف الأول ق.م. إلى بحيرة فينيقية, بعدما أقاموا عشرات المستعمرات على إمتداد سواحله, بخطط سلمية وبدون إراقة دماء, وذلك بإعتراف هؤلاء الباحثين أنفسهم.
2 – بدت فينيقيا في أواسط القرن التاسع ق.م. مهدّدة بخطرين كبيرين, الخطر الآشوري القادم من الشرق, والذي إزداد إثر معركة قرقر سنة 845 ق.م. التي أشّرت على بداية تراجع قوّة الآراميين في الداخل السوري, وإقتراب سيطرة الآشوريين على الساحل ووضع يدهم بالتالي على ثروات المدن الفينيقية. في نفس الوقت بدأ المدّ الإغريقي في السواحل الغربية للمتوسّط بتهديد المستعمرات الفينيقية هناك. لمواجهة هذين الخطرين, تمخّضت العبقرية السياسية عند الفينيقيين عن بناء مستعمرة قرطاج التي هرّبوا إليها جزاءً كبيراً من ثرواتهم ووضعوها بعيداً عن الخطر الآشوري[8]. كما تمكنوا بفضل موقع قرطاج المشرف على الممرات الواصلة بين الحوضين الشرقي والغربي للبحر المتوسّط, من وقف التوسّع اليوناني في الحوض الغربي منه, ومن الإحتفاظ بالسطرة على هذا الحوض حيث توجد أغنى مستعمراتهم وأكثرها ثروة مثل قادش.
إذن من البديهي القول أن شعباً تمتّع بهذه العبقرية, كان بإمكانه توحيد بضعة دول- مدن (الدول المدن الفينيقية), لولا أنه كان متمسّكاً بالإنفتاح على الآخر على قاعدة الإعتراف بحرّيته وإحترام مبادئه ومعتقداته. ذلك أن الفينيقيين آمنوا بأن كل دولة مدينة كانت ملكاً لمثلّث إلهي معيّن, يقوم الإله الراعي فيه بتنصيب الملوك عليها, ويدعم حكمهم. وكان هؤلاء بدورهم يمثّلون هذه الآلهة وينفّذون أوامرها. وإنطلاقاً من هذا الإيمان الديني, كانت كل دولة مدينة-فينيقية, تعتقد أن السيطرة على دولة مدينة أخرى يعتبر بمثابة إعتداء على آلهه هذه الأخيرة وعلى معتقدات أبنائها, فامتنعت عنه وفضّلت التمسّك بالإعتراف بالآخر, وإحترام معتقداته, ولو تعارض ذلك مع مصالحها السياسية.
ويدلّ تاريخ الشرق الأدنى القديم على أن فينيقيا كانت في وضع حرج وحساس في النصف الثاني من الألف الثاني ق.م.. ففي عصر البرونز الأخير خضع الشمال الفينيقي من أرواد إلى أوغاريت للنفوذ الميتاني ثم الحثي من بعده, في حين خضعت المنطقة الممتدة من أرواد إلى صور للنفوذ المصري. ورغم النزاعات العسكرية المتلاحقة بين المصريين والميتانيين والمصريين والحثيين, فقد إحتفظت المدن الفينيقية بعلاقات حسنة مع هذه القوى المتصارعة, وإستطاعت أن تلعب, بفضل تواصلها معهم وإنفتاحها عليهم, دور الوسيط بينهم, وأن تحافظ على دورها الحضاري والتجاري المميز[9]
.
هذا التواصل مع الآخر المبني على قاعدة إحترامه والإعتراف بحقوقه, جعل من الفينيقي إنساناً مسالماً, لا يعرف العنف, ولا يجنح إلى الحرب ولا يضعها في حساباته, بإستثناء حروب قرطاج التي كانت بمجملها ردّ فعل, وليست فعلاً, وكانت تهدف إلى ردع الإعتداء عليها, ومنع المساس بمصالحها. هذه الفكرة تبدو ظاهرة بوضوح في مسلاّت الملوك الفينيقيين التي إنحصرت موضوعاتها بالعبادة وبناء المعابد للآلهة وتقديم القرابين لها. وليس ثمّة مسلّة فينيقية واحدة, على ما دلّت المكتشفات الأثرية حتى اليوم, تصوّر الملك على شكل محارب يخوض المعارك ويدوس على جثث الأعداء ويفاخر بجرّ الأسرى وراءه, على نحو ما يبدو في مسلاّت ملوك بلاد ما بين النهرين[10], والملوك الحثيين, وفراعنة مصر[11]. ولا شك أن غياب هذه مشاهد الدماء والعنف عن المسلات الفينيقية, يفسّر بوضوح النزعة السلمية عند الفينيقي وتمسّكه بفضيلة إحترام الغير والإنفتاح عليه. ولعلّ الكتابة المنقوشة على ناووس ملك جبيل يحمومِلك, تشرح بوضوح هموم الملوك الفينيقيين. فلقد جاء فيها: " .... أنا يحمومِلك ملك جبيل بن يحار بعل حفيد أوري مِلك ملك جبيل الذي نصّبته بعلات ملكاً على جبيل. لقد دعوت ربيتي بعلات جبيل وشيّدت لربتي بعلات جبيل هذا المذبح البرونزي ...... ألا فالتبارك بعلات جبيل يحمو مِلك ملك جبيل وليعش وليدم ملكه على جبيل لأنه ملك عادلُ ...."[12] . وتأتي أهميّة هذا الدعاء الذي يترجم إفتخار صاحبه بأنه عادل وصالح, من أنه جاء في وقت كان فيه ملوك الفرس يجوبون بجيوشهم الجرارة فينيقيا وبلاد الرافدين, ويدوسون المعارضين بأقدام خيولهم, ويفاخرون بتدمير المدن المعارضة وإحراقها, على نحو ما فعل أرتحشويرش أوخوس عندما أحرق مدينة صيدا حوالي سنة 354 ق.م.[13], وما فعله بعده الإسكندر المقدوني الذي مدينة صور سنة 332 ق.م.[14]. أن تمسّك الفينيقي بالعدل والصلاح والفضائل في مواجهة الإعتداء والظلم والعدوان, هو خير دليل على إحترامه للآخر وإنفتاحه عليه.
وتبقى الفنون الفينيقية على تعددها كالنحت والعمارة وصناعة الحلي والفخار وغيرها, خير دليل على إنفتاح هذا الشعب على كافّة الشعوب الأخرى التي عاصرته, وشاهداً على تواصله معها. ذلك أن هذه الفنون تحمل عناصر إستعارها الفنان الفينيقي من شعوب أخرى سبقته إلى إستخدامها. فالمعابد الفينيقية المكتشفة في المستعمرات, تدلّ على أن تمسّك سكانها بمعتقداتهم الدينية وحملها معهم أينما إستوطنوا, لم يمنعهم من تطعيم معابدهم التي بنوها هناك بعناصر معمارية جديدة إقتبسوها من التقاليد المعمارية المحلّية لسكان المناطق حيث شيّدت هذه المستعمرات[15]. هذا الأمر وحده يساعدنا في شرح التباينات الواضحة في فنّ العمارة الدينية الفينيقية بين فينيقيا ومستعمراتها
وفي ميادين فنون النحت والزخرفة, فقد بذل الفنان الفينيقي جهده لإرضاء ذوق سكان المستعمرات الأصليين. هذا الأمر يبدو ظاهراً بوضوح في إخراج الموضوعات الفنية التي زيّن بها الأواني النفيسة التي صنعت للتصدير إلى الخارج. فقد تعمّد الفنان الفينيقي إختيار الموضوعات المحبّبة إلى الشعوب التي تستورد هذه الصناعا. ونورد مثالاً على ذلك الصحنين الذهبيين اللذين إكتشفا في أوغاريت, والمزينين برسومات ذات تأثير مصري واضح. أحد هذين الصحنين موضوع في متحف اللوفر, وعليه نقش ماعز جبلي يجري بعضه خلف بعض بينما تركض أمامه ثيران بريّة يلحق بها كلب. وتظهر في هذا الصحن العربة والحصان والتأثيرات المصرية مع الإحتفاظ بالتصميم الفينيقي المستقلّ. والصحن الثاني نقش على سطحه الخارجي ثلاهة مشاهد متواصلة ومستقلّة تتوالى في ثلاثة حقول, مثيلاتا معروفة في مصر وبخاصّة في عهد توت عنخ آمون. وفي الدائرة الصعرى المحيطة بقاع الصحن, تظهر الماعز وهي تقفز حول شجرة الحياة. وفي الدائرة الوسطى التي تليها, نرى ثيراناً متوحّشة وأسوداً تفصل بينها أشجار. وفي المشهد الثالث نقشت حيوانات خرافية محبّبة إلى الذوق الفرعوني, كأبي الهول والثور المجنّح والماعز مع مشهد رجلين يهاجمان بالرماح أسوداً متوحّشة[16].
وكذلك ظهرت على الصناعات العاجيّة الفينيقية تأثيرات مصرية, ومنها اللوح الذي حفر على وجهيه موضوعات دينية لأمراء وجنود وآلهة أوغاريت تحيط بها أزهار اللوتس. فعلى الوجه الأول لهذا اللوح نرى ستة مشاهد منفصل بعضها عن بعض: مسلّح يحمل رمحاً, يليه شخصان في موقف غرامي, ثم مشهد لربّة أوغاريت الكبرى عنات مجنّحة ترضع شخصين واقفين وعلى رأس كل منهما تاج الربّة حاتور المصرية, يليه إمرأة تحمل إناء زهرة لوتس, ثم صياد يحمل وعلاً[17].
وعلى الأختام الأسطوانية التي عثر عليها في أوغاريت تظهر التأثيرات الآشورية والميتانية والمصرية واليونانية, التي أخضعت لذوق الأوغاريتيين الذين نحتوا عليها آلهتهم ورموزها.
وكذلك قلّد الأوغاريتيون القبارصة في صناعة الأواني الفخارية الملوّنة بخطوط سوداء أو حمراء, ورسموا على بعضها أشكال نباتية أو حيوانية مختلفة. وكانت هذه الأواني يقليداً واضحاً للأواني الفخارية الفاخرة المستوردة من قبرص والعالم الإيجي[18]
ويبدو الإنفتاح على فنون الشعوب الأخرى وأذواقها في فن النحت الجنائزي, وتحديداً في نحت ناووس أحيرام. عثر على هذا الناووس في المقبرة الملكيّة في جبيل, وهو محفوظ اليوم في المتحف الوطني في بيروت. وهو يحمل نقوشاً تشير إلى إنفتاح الفنان الفينيقي على الفنون الحثية والمصرية والإغريقية والرافدية. فالأسود الأربعة المنحوتة بإتقان مستعارة من الفن الحثي. وصورة الملك أحيرام فوق عرشه وملابسه وغطاء رأسه وخصلات لحيته تحمل جميعها ميزات رافدية. أمّا زهرة اللوتس المنكّسة التي يحملها الملك بيده, وهي علامة الموت, وكذلك لباس رجال حاشيتهه, فهي جميعها من التأثير المصري, لكن الرسوم العامّة وإستعمال الناووس يدلان على أصالة فينيقية[19]. واللافت في هذا الناووس أنه بالرغم من تعدد التأثيرات الفنية التي يحملها, فإن العناصر المكوّنة لنقوشه تنمّ بمجموعها عن تناسق وأصالة إلى درجة كبيرة[20]. وكذلك عثر المنقّبون على نواويس في أماكن متفرّقة في فينيقيا, وهي تعود إلى أواخر العصر الفارسي, وتحل تأثيرات مصرية وإغريقية واضحة في هيئة رأس الأشخاص المنحوتة عليها وفي قصّة الشعر.
ولعلّ أبرز دليل على تواصل الفينيقيين مع غيرهم وإنفتاحهم عليه, يظهر في الألواح الكتابية التي عثر عليها في القصر الملكي في أوغاريت, والتي عرفت بالأرشيف الملكي. ذلك أن هذا الأرشيف وجد مكتوباً باللغات الأكادية والحورية والحثيّة والقبرصية والكريتية, إضافة إلى الأبجدية الأوغاريتية.
كان من شأن هذا الإنفتاح الواسع على الشعوب الأخرى, أن يطمس الشخصية الفينيقية, لولا أن الفينيقيين ظلّوا أصيلين أوفياء لثقافتهم ووطنهم. وتبدو أصالتهم, كما بدا إنفتاحهم, في كافّة أعمالهم الفنيّة ونشاطاتهم السياسية.
ففي الجانب السياسي, ظلّ المهاجرون الفينيقيون إلى قرطاج أوفياء لمدينتهم الأم صور, وإستمروا بإرسال الأموال لها. وكذلك ظلّ المهاجرون الصوريون إلى مستعمرة بوزولي على ساحل إيطاليا شمالي نابولي مرتبطين بمدينة صور, وأوفياء لوطنهم الأم خمسة قرون بعد إستيلاء الإسكندر على مدينة صور والساحل الفينيقي. هذا ما يدلّ عليه نقش كتابي محفوظ في متحف الآثار بمدينة نابولي. ويتضمّن نص هذه الكتابة على رسالة موجّهة من أبناء بوزولي إلى مدينة صور جاء فيها: " رسالة موجّهة إلى مدينة الصوريين, العاصمة المقدّسة والمستقلّة لفينيقيا وللمدن الأخرى, والمدينة الأولى على البحر ... إلى الموظّفين وإلى مجلس الشورى وإلى مجلس الشعب, شعب الوطن العظيم ... الصوريون المقيمون في بوزولي ... تحيّة ..." ثم يتابع أبناء بوزولي في بطلب إعفائهم من الضريبة التي يقدّمونها لمدينة صور, لأن روما فرضت عليهم أتاوات وضرائب بعدما تزايد نفوذها في إيطاليا. وإضافة إلى ذلك طالب أصحاب الرسالة بإعانة مالية من صور من أجل أماكن العبادة ومذابح الآلهة الصورية في مستعمرتهم. ثم ختموا الرسالة بالقول : " ... إننا إذ نتوجّه إليكم ... إن مصيرنا متعلّق بكم ... إهتمّوا بالقضية." . كتبت هذه الرسالة في بوزولي في مطلع شهر آب في عهد قنصليّة كل من غالوس وفلاكوس, وقد حدد جان مازيل تاريخها بسنة 174م.
وقد ردّ مجلس الشعب في صور على طلب أبنائهم في بوزولي بأن حكومة صور توافق على إعفاء رعاياها في بوزولي من الضرائب المترتبة عليهم, لكنها ترفض تقديم الإعانة المالية, وذكّرهم بالروح الوطنيّة التي يعتزّ بها الصوريون[21].
لا شكّ أن هذه الرسالة والجواب عليها يدلان على أصالة واضحة عند الفينيقيين بعدما كشفا أن مستعمرة بوزولي ظلّت تدفع الضريبة لصور حتى بعدما فقدت هذه الأخيرة قوّتها ونفوذها وباتت ترزح تحت سيطرة روما.
وفي الجانب الديني, تتجلّى الأصالة الفينيقية في تمسّك مستوطنو المستعمرات البعيدة المنتشرة في شواطئ المتوسّط بالديانة الفينيقية للمدن الأم. فالمكتشفات الأثرية في المستعمرات الواقعة في الحوض الغربي للمتوسّط, تدلّ على إستمرار فينيقيي هذ المستعمرات مثل قادش وقرطاج بتقديس الإله الصوري ملقارت وعبادته. فقد كان هيكله في قادش أحد أهمّ وأشهر المعابد المقدّسة في العصور القديمة, كما إنتشر صيته في جميع أنحاء منطقة البحر المتوسّط منذ أواخر الألف الثاني ق.م.[22]. وكذلك نشر المستعمرون الصوريون عبادة عشتار في جميع أنحاءمنطقة البحر المتوسّط في قبرص زمالطة وصقلية وسردينيا حيث توجد شواهد كثيرة على عبادتها. وأقدم نقش فينيقي عثر عليه في شبه جزيرة البيرينه, هو نقش مهدى لعشتروت بالذات. وقد حفر هذا النقش على أسفل قاعدة تمثال صغير للآلهة عارية, جاء فيه أن هذا التمثال مهدى لعشتروت من الأخوين بعلياتون وعبدو بعل, أبناء داميلك كاهني وسيط الوحي[23]. وكذلك شدّد الكتّاب القدامى على أن طقوس العبادة في معبد قادش كانت شرقية فينيقية حسبما ذكر ديودوروس وأريان وأبيان. وكذلك أشار يولي بركوفيتش إلى التقارب الكبير بين تماثيل آلهة الخصب الأم العظيمة عشتار التي عبدت في فينيقيا, وتماثيل تنيت آلهة الخصب في المستعمرات الفينيقية في الحوض الغربي للمتوسّط,. ولاحظ كذلك عدم وجود إختلافات كبيرة بين معتقدات المستعمرين الصوريين الدينية وموطنهم في الشرق[24]. فالقبور التي إكتشفت في قرطاج تشبه تماماً القبور التي إكتشفت في صيدا والتي جاءت على شكل الملك أشمونصر[25].
وتبدو الأصالة أيضاً في تمسّك الفينيقيين بطراز العمارة التي ألفوها في موطنهم الأصلي في صيدا وصور وأرواد, حيث كشفت التنقيبات الأثرية في المستعمرات الفينيقية الإسبانية أن المهاجرين الفينيقيين حملوا معهم من موطنهم تقنيات البناء, وإستخدموها في أبنيتهم. لكن إنفتاحهم على المجتمع الجديد والبيئة الجديدة, لم يمنعهم من إستخدام الآجرّ الخام في أبنيتهم, وذلك خلافاً لسكان فينيقيا الآسيوية[26].
وكذلك تبدو الأصالة في تغنّي أبناء مستعمرة قادش الفينيقيين بمدينة صور, وتعظيمهم لقوّة هذه المدينة[27]. وقد خلص الباحث في الحضارة الفينيقية في إسبانيا يولي بركوفيتش إلى القول: " هكذا كانت الحياة اليومية والإقتصادية في المدن الفينيقية في إسبانيا, وقد شابهت في العديد من جوانبها, الحياة في مدن فينيقيا, وتميّزت عنها بجوانب عديدة أخرى. ويصحّ القول نفسه على الفن والدين والكتابة عند الفينيقيين الإسبان."[28]
وفي النهاية يمكننا القول أن إستمرار الخصائص التي تميّزت بها حضارة المدن الفينيقية الأم, صور وصيدا وأرواد وجبيل وأوغاريت,في المستعمرات الفينيقية وتطوّرها في هذه المستعمرات في خارج فينيفيا, هو دليل ساطع على أصالة الفينيقيين وتمسّكهم, إلى جانب إنفتاحهم على الآخر, بأصولهم وثقافتهم الموروثة, وبخاصّة في مجالات الفن والسياسة والدين. هذا الأمر شكّل برأي سباتينو موسكاتي السبب الرئيس في جعل المستعمرات الفينيقية جزءاً هامّاً من عالم الفينيقيين, وفي جعل حضارة المستعمرات مثل قرطاج وغيرها, هي إستمرار لحضارة المدن الفينيقية الأم مثل جبيل وصيدا وصور[29].
وخلاصة القول أن المعجزة الفينيقية لا تكمن في نجاح الفينيقيين في التجارة, ولا في تمكّنهم, على ضعفهم العسكري, من تحويل البحر الأبيض المتوسّط إلى بحيرة فينيقية, ولا في فكرهم الديني والسياسي, بل إن المعجزة في كلّ هذه الأمور, تعود إلى أن الفينيقي تحلاّ في آن معاً بفضيلتي الأصالة والإنفتاح, اللتين مكنتاه من نشر حضارته وتطويرها, وإطالة عمرها إلى ما يقارب الف وسبعماية سنة (2000 – 332 ق.م.). فبالأصالة حافظ على شخصيّته الفينيقية وتقاليده وعاداته الموروثة, وبالإنفتاح تمكّن من تطوير حضارته والتكيّف مع الظروف المستجدّة, وبات مقبولاً أينما حلّ في بلدان الإغتراب. فالأصالة فضيلة بحدِ ذاتها, لكنها كفيلة إذا لم تكن مقرونة بالإنفتاح, في التسبّب بتحجّر الذهن وتقهقر الحضارة وزوالها. والإنفتاح بدون الأصالة, كفيلاً بطمس الشخصية وفقدان الهوية وضياع الحضارة أيضاً.

القلمون في 11/01/2011 د. فاروق حبلص.










[1] - سباتينو موسكاتي: : الحضارة الفينيقية ترجمة نهاد خياطة, العربي للطباعة والنشر, دمشق 1988,ص 13.

[2] - دلّت المكتشفات الأثرية في بلاد مابين النهرين وشمالي سوريا, على إنتشار حضارة العبيد في الألف الخامس ق.م في الجنوب والشمال الرافدي. كما إنتشرت حضارة حلف في الألف الخامس من شمال سوريا وصولاً إلى الجنوب وعيلام. لكن ما يجب تسجيله هنا أن أنتشار كلتا هاتين الحضارتين كان ضمن مناطق برية مجاورة لها ولم يكن بينها فواصل مائية كبرى كالبحر المتوسط.

[3] - فراس السواح: آرام دمشق وإسرائيل, منشورات علاء الدين, دمشق 1995, ص 79..

[4] - المرجع السابق, ص 84.

[5] - سباتينو موسكاتي: الحضارة الفينيقية ترجمة نهاد خياطة, العربي للطباعة والنشر, دمشق 1988,ص 24-25.

[6] - يولي بركوفيتش تيسركين: الحضارة الفينيقية في إسبانيا, ترجمة يوسف أبي فاضل, جروس برس, ومختارات, بيروت 1987, ص 88.

[7] - أسد الأشقر: الخطوط الكبرى في تاريخ سورية, منشورات مجلّة فكر, ج1, ص243.

[8] - بنى الصوريون قرطاج لتهريب ثرواتهم من الآشوريين, وللتصدي لتوسّع الإغريق في الحوض الغربي للبحر المتوسّط بعدما كان هؤلاء قد نجحوا في طرد الفينيقيين من معظم مستعمراتهم في بحر إيجة و السواحل الغربية للبحر المتوسّط. أمّا ما أوردته الأسطورة عن هرب أليسار من شقيقها بغمليون ملك صور بعدما قتل زوجها, وتشييدها مدينة قرطاج هي وبضعة كاهنات من معبد ملكارت ومعبد عشتار وحفنة من المؤيدين لها, فإنه يؤشر إلى نشوء خلاف على السلطة في مدينة صور بين السلطة الدينية ممثلة بكاهن معبد الإله ملكارت زوج أليسار, وشقيقها الملك بغمليون. ويبدو أن النصر كان حليف الملك الذي قتل الكاهن الأكبر, ما أدى إلى هرب أتباعه ومؤيديه الذين حطوا رحالهم عند رأس تونس. غير أن نمو مدينة قرطاج بسرعة قياسية,إذ أنها لم تتطلب أكثر من حوالي عشرين سنة حتى أصبحت أكبر وأغنى مدينة على المتوسط, يدل على أن ذهاب أليسار إلى موقع قرطاج لم يكن لمجرّد خلاف زوجها مع أخيها, بل كان بناء على خطة مدروسة وضعتها الأرستقراطية في صور ومعها رجال المعبد والقصر لإنقاذ ثرواتهم من الآشوريين., الذين كانوا قد دخلوا مملكة دمشق الآرامية ووصلوا إلى أعالي الهضاب الساحلية في فلسطين, أي أنهم أحاطوا بالمدن الفينيقية في الساحل.

[9] - سلطان محيسن: آثار الوطن العرب القديم, المطبعة الجديدة, دمشق 1988-1989, ص 464.

[10] - نذكر على سبيل المثال مسلّة شلمنصّر الثالث المعروفة بالمسلّة السوداء, وهي محفوظة في متحف اللوفر.

[11] - نذكر على سبيل المثال نصب مرنبتاح ورسومات هذا الفرعون على جدران معبد الكرنك, ورسومات رعمسيس الثاني.

[12] - سبلتينو موسكاتي: الحضارة الفينيقية, ترجمة نهاد خياطة, العربي للطباعة والنشر, دمشق 1988, ص 69.

[13] - سبلتينو موسكاتي: مرجع سابق, ص 57.

[14] - جان مازيل: تاريخ الحضارة الفينيقية الكنعانية, تعريب ربا الخش, دار الحوار, سورية اللاذقية, 1998, ص 114.

[15] - جورج كونتينو: الحضارة الفينيقية, تعريب محمد عبد الهادي شعيرة, الهيئة المصرية العامة للكتاب,1977, ص 104- 112

[16] - سلطان محيسن, مرجع سابق, ص 277.

[17] - نفس المرجع, ص 279.

[18] - نفس المرجع السابق, ص 265-283.

[19] - سباتينو موسكاتي: مرجع سابق, ص 101.

[20] - جان مازيل: مرجع سابق, ص 63- 64.

[21] - جان مازيل: مرجع سابق, ص 114-115.

[22] - يولي بركوفيتش تسيريكين: مرجع سابق, ص 103- 104.

[23] - يولي بركوفيتش تسيريكين: مرجع سابق, ص 117- 120.

[24] - يولي بركوفيتش تسيريكين: مرجع سابق, ص 139- 141.

[25] - سباتينو موسكاتي: مرجع سابق, ص 93.

[26] - يولي بركوفيتش تسيريكين: مرجع سابق, ص 74-75.

[27] - يولي بركوفيتش تسيريكين: مرجع سابق, ص 44.

[28] - يولي بركوفيتش تسيريكين: مرجع سابق, ص 102.

[29] - سباتينو موسكاتي: مرجع سابق, ص 12.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الأصالة, الفينيقيين, تاريخ, والتواصل, وحضارتهم, قراءة


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الأصالة والتواصل قراءة في تاريخ الفينيقيين وحضارتهم
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
"الأصالة و المعاصرة" عقبة الإصلاح في المغرب عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 10-28-2016 08:00 AM
تجديد الدين بين الأصالة والعصرانية عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 11-13-2013 08:35 AM
اللغَة العربيّة بَين الأصالة والإعجاز والحَداثة Eng.Jordan دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 0 06-05-2013 09:30 AM
اسرائيل تشترط عودة فلسطينيي سورية والتنازل عن حقهم بالعودة وعباس يرفض Eng.Jordan أخبار عربية وعالمية 0 01-22-2013 10:51 PM
تاريخ اليهود Eng.Jordan أخبار عربية وعالمية 8 04-02-2012 06:33 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 03:28 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59