#1  
قديم 11-20-2012, 01:26 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي عرب الخليج في المصادر الهولندية 1602 – 1784


تأليف : ب . ج . سلوت – عرض وتحليل أ.د. أحمد زكريا الشلق
الكتاب في مجمله يعالج موضوعات رئيسية ثلاثة هي القبائل والتجار ومكاتب الرسوم وقد اختار المؤلف فترة دراسته الزمنية علي اعتبار أنها تمثل من وجهة نظره ” نمو الدول العربية ” ذات الأساس القبلي كقوي إقليمية في المنطقة التي كانت مملكة هرمز تسيطر عليها سابقاً ، كما أنها نفس الفترة التي شهدت محاولات القوي الأوروبية وضع أقدامها في المنطقة ولذلك سيركز الكتاب علي سكان البحر والسواحل من العرب والتجار الأوروبيين .
ومن المهم أن نلاحظ أن سلوت اعتمد أساساً المصادر الأوروبية كما قرر بنفسه وإن استفاد من المصادر العربية الأولية والمطبوعة مع استفادته بشكل أساسي من الأرشيف الهولندي بدلاً من البريطاني حيث كانت شركة الهند الشرقية الهولندية خلال الفترة التي يتناولها الكتاب اقوي قوة أوروبية في المنطقة وإن لم يغفل المؤلف المصادر البريطانية والفرنسية بطبيعة الحال ويشير المؤؤلف إلي ندرة المصادر المحلية مبرراً بذلك اعتماده علي السجلات الأوروبية بشكل أساسي ويفيد أنه ليست هناك أي سجلات عن تاريخ الوحدات السياسية أو القبلية المنفردة في المنطقة باستثناء بعض الاعمال عن عمان ، ومن ثم عمد إلي جمع الإشارات الصغيرة الواردة هنا وهناك في المصادر ووضعها في خلفية الأحداث العامة .
والكتاب يبين كيفية ولادة الكيانات السياسية العربية الحديثة المؤقتة منها والمستمرة حتي عام 1784 أي حتي أواخر القرن 18 ويري أنه قد نشأت عدة كيانات تشكل النمط الاساسي للبناء السياسي الفعلي . فظهرت كل من عمان ونواة الإمارات العربية والبحرين وقطر والكويت في أشكالها الحالية .
والكتاب في مجمله يعالج محورين اساسيين أولهما خلال الفصلين الاول والثاني ويتمثل في وصف الجغرافية والتاريخية للمنطقة وأوضاعها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقوي المحلية والإقليمية والأوروبية وصراعاتها بالمنطقة وثاينهما عرض تاريخي ( الفصول من الثالث إلي العاشر ) يرصد كيف ألزم البرتغاليون علي إفساح المجال أمام العرب والفرس والأوروبيين فضلاً عن انبثاق الكيانات السياسية الجديدة في الخليج من خلال الصراع الإسلامي – الاوروبي ، حتي تبلور وضع العرب في المنطقة إلي ما يقرب وضعهم الحالي .
في الفصل الأول ” جغرافية الخليج ” يتناول المؤلف دراسة الخرائط القديمة وما ورد بها من معلومات جغرافية اعتماداً علي الخرائط الملاحية والتقارير الجغرافية برغم أنها لا تعطي في فترة مبكرة معلومات وافية أو إحصائية ويقرر أن أقدم تقرير جغرافي وضعه تاجر بندقي يدعي بالبي عام 1580 ثم ينتقل إلي دراسة النظام السكاني وظروف البداوة وطبيعة قري الصيادين والفلاحين في سلسلة جبال عمان وشمال الخليج ويشير إلي أن القبائل العربية كانت تسكن المنطقة الساحلية من الخليج بينما الساحل الفارسي كان قليل السكان من الفرس .
ويتحدث المؤلف عن الهولة فيذكر أنهم مجموعة من القبائل التابعة للساحل الشمالي في منطقة جنوب الخليج وكانوا بدواً يسكنون الساحل أو بحارة وصيادي سمك ويعتبر اللقب أسماً مشتركاً يتداوله الأغراب للإشارة إلي بعض القبائل العربية الخاصة التي يسكن في منطقة جنوب الخليج تختلف مذاهبهم الدينية وإن كان معظمهم من الحنابلة السنة . كما تفرقهم المنازعات القبلية والهولة في القرن 18 كانوا عرباً سنة هاجروا من شبه الجزيرة إلي ساحل بلاد فارس في منطقة جنوب الخليج ، أما الآن فيستخدم الاسم في كل دول الخليج لكل جماعات المهاجرين من ساحل إيران الجنوبي والذين لا يمتون إلا بصلة ضئيلة للهولة الأصلييين .
وينتقل المؤلف إلي الساحل الجنوبي للخليج ويؤكد أنه منطقة ليست معروفة للأوروبيين في القرن 17 ، 18 فقلما كان الأوروبيون يضعون أقدامهم خارج الموانئ الرئيسية .. ويعرض أوضاع الكويت من خلال تقرير كينبهاوزن عام 1756 باعتباره أول نص يحمل معلومات واضحة عن الكويت ويؤكد أن نشأة الكويت وتطورها ظهر علي خرائط القرنين 17 ، 18 وأنه منذ عام 1720 ظهر الأسم ( كاظمة ) ويمكن رؤية الاسم علي أول خريطة ذكرت هذا المكان وهي خريطة سانسون عام 1652 كذلك يحدد النصف الأول من القرن 17 أول المراجع عن مقر العتوب في المنطقة ويذكر أن مقرهم الأساسي كان في القرين وهو اسم الكويت القديم وأنهم قبيلة كبيرة من البحارة والغواصين ، ولأن قواربهم كانت صغيرة لم يستطيعوا أن تعمقوا إلي ما بعد البحرين ، ثم يتحدث عن القطيف باعتبارها مدينة هامة بسط الأتراك سيادتهم عليها ثم انتقلت السلطة عليها لبني خالد الذين بسطوا سيطرتهم علي معظم المنطقة بين القطيف وشط العرب . أما البحرين والمحرق فقد وجدنا علي جميع الخرائط والرسومات وإن كان ذلك بأسماء غريبة غالباً وظل شكل الجزيرتين مجهولاً لجميع راسمي الخرائط حتي حوالي سنة 1840 وكانت البحرين مأهولة بالسكان ولها موارد غنية بالتمور ومغاصات الللؤ ، أما قطر فتظهر في الرسومات البحرية علي انها مدينة أكثر منها إقليم وقد مر الرحالة الإنجليزي ( سالبيكي ) عبر البحرين إلي قطرمتخذاً قافلة إلي شبه جزيرة مسندم ، وتبدو قطر في بعض الرسومات الهولندية التي يعود تاريخها للقرنين 16 ، 17 باعتبارها شبه جزيرة صغيرة وهناك وثيقة هولندية يعود تاريخها إلي 1675 تشير إلي قطر والحسا والبصرة والبحرين من بين المنافذ الرئيسية لتجارة العبور من مسقط .
ويشير المؤلف إلي ظهور رأس الخيمة وكلبا ودبي وعجمان والشارقة وصير بني ياس في خرائط الرحالة البندقي ( بالبي ) التي يعود تاريخها إلي عا 1580 ، ويضيف أن قائمة بالبي ذكرت أن أبوظبي تأسست عام 1762 وكذلك وردت الشارقة في وثيقة هولندية تعود لعام 1756 حيث ذكر أنها من المناطق القليلة المأهولة بالسكان ، بينما يذكر ( نيبور ) أنها جزيرة صغيرة تحت حكم شيخ القواسم .
ويقدم الفصل الثاني وعنوانه القوي السياسية والاقتصادية في الخليج والدول الاجنبية دراسة شاملة للتركيبة السياسية بين عامي 1600- 1784 فيتحدث عن عرب الخليج وعلاقتهم بالبرتغاليين والفرس والعثمانيين خلال القرنين 17 ، 18 فضلاً عن موقفهم من البرتغاليين والهولنديين والإنجليز ، فيبدأ بالإشارة إلي إحباط آخر محاولات البرتغاليين استعادة نفوذهم في الخليج وفقدان فارس قوتها خلال القرن 18 ثم تحول الوجود العثماني إلي وجود رمزي وكذلك تراجع الإنجليز والهولنديون حوالي عام 1760 عن منطقة جنوب الخليج وعدم اهتمامهم باقتصادها بينما ظل التدخل الاوروبي في شمال الخليج قوياً ، وإن كان ذلك لم يدم طويلاً ..
ثم يشير المؤلف إلي تاريخ مملكة هرمز البحرية وسيطرتها علي سواحل الخليج منذ العصور الوسطي وإن كان يعني بشكل خاص بانتهاء المملكة بعد أن صارت لعقود سابقة علي فترة الدراسة – محمية برتغالية – ويركز علي بنائها السياسي والاقتصادي ثم ينتقل إلي النفوذ الفارسي في الخليج ويؤكد أنه لم يكن في البداية قوياً بسبب سيطرة البرتغاليين ويفيد أنه برغم أن فارس كانت وقتذاك دولة كبيرة جداً ، إلا أنها لم تكن مهتمة بممارسة نفوذ فعال في الخليج ومن ثم ظلت قوة داخلية برية تمارس سلطة ضئيلة علي الساحل ثم يخلص إلي أن العرب المقيمين علي شواطئ الخليج تركوا لنزاعاتهم الخاصة ، حيث كانوا يمارسون التجارة بين البصرة والهند أما الإمبراطورية العثمانية فرغم أنها حاولت بسط سيادتها علي المنطقة الواقعة بين البصرة وقطر إلا أن سلطتها في الأحساء كانت ضعيفة بل تكاد تكون قد اختفت في غضون القرن السابع عشر ، ومن الملاحظ أن نفوذ العثمانيين قد بدأ يقوي في البصرة في النصف الثاني من القرن 17 ، ومن ذلك لم تتمكن البصرة من ممارسة دورها كبوابة عبور بين الشرق والغرب إلا بصورة جزئية بسبب اعتراض القبائل العربية .
أما الفصل الثالث يتناول ” تدهور القوة البرتغالية في الخليج فيرصد اندفاع الإنجليز والهولنديين إلي آسيا ودورهم في التنافس الأوروبي واقتطاعهم جزءاً من أرباح البرتغاليين فضلاً عن قيامهم بعمليات عسكرية ضد المسسات والسفن البرتغالية ثم دور فارس وتوسعها نحو الساحل الشمالي من الخليج وكذلك دور القبائل الداخلية في شبه الجزيرة وضغوطها علي الساحل الجنوبي ، كل ذلك أثر تأثيراً بالغاً علي النفوذ البرتغالي في المنطقة .
ويركز الفصل علي دور الشاه عباس الأول في تحطيم الاحتكار البرتغالي لتجارة الخليج والضغوط القبلية علي إقليم البصرة وسيطرة العثمانيين علي بعض معاقل شبه الجزيرة ، ثم تواكب ذلك مع تفاقم الوضع الداخلي في هرمز وفساد الإدارة البرتغالية فيها ، ثم كان استيلاء الفرس علي البحرين سنة 1602 وانتزاعها من الحكم البرتغالي بمثابة ضربة قاصمة لأن الملاحة بين البصرة وهرمز إحدي الطرق الحيوية للتجارة الآسيوية البرتغالية فصارت أكثر تعرضاً لهجمات القبائل العربية المعادية وقد هاجم الفرس جمبرون في نفس العام كذلك بمساعدة القبائل العربية وقد حدثت انتفاضة واسعة النطاق ضد هرمز والحكم البرتغالي فيها ما لبثت أن انتشرت في المنطقة الواقعة بين جلفار وصحار .
ويشكل اتصال الشاه عباس بالإنجليز وفتح تجارة الحرير في فارس أمامهم عاملاً هاماً منافساً ومضعفاً للوجوه البرتغالي وسجل عام 1616 وصول السفن الإنجليزية إلي ساحل بلوشستان ورسوها في جاسك ودورها المتزايد فيما بعد كما تقرب الشاه من الهولنديين وإن كان هؤلاء لم يهتموا كثيراً بالتجارة مع فارس . وقد حاول البرتغاليون الرد علي ذلك وأرسلوا قوة بحرية سنة 1619 لاستعادة السيطرة علي الخليج ، وبناء حصن جديد في جزيرة (الجسم ) لإعاقة الغنجليز ولكن فشلت المحاولة البرتغالية بعد معركة مع السفن الإنجليزية سنة 1620 انتصر فيها الإنجليز لقلة كفاءة الأسطول البرتغالي فضلاً عن تفاقم الخلافات في صفوف البرتغاليين في المنطقة وقد نجح الإنجليز والفرس في حصار الجسم وهزيمة الحامية البرتغالية فيها .
ويتابع الفصل الرابع وعنوانه سيطرة عرب عمان والهولنديين والإنجليز يتابع مسألة سقوط النفوذ البرتغالي في الخليج فيتحدث عن سقوط هرمز ونشوب الخلاف بين الإنجليز والفرس حول الاتفاقيات المعقودة بينهم لذلك وضع عباس الأول خططاً لإقامة علاقات مع القوي الأوروبية الاخري وضد العثمانيين أيضاً ، وقد ظل الوضع متوتراً جنوب الخليج بعد الغزو الفارسي الإنجليزي لهرمز .
وأنتقل المؤؤلف لدراسة أحوال دولة اليعارية في عمان وانتخاب الاباضية لناصر بن مرشد إماماً حيث تمكن من السيطرة علي أجزاء كبيرة من عمان كإقليم عبري ونزوي وفي سبيل سيطرته علي التجارة الخارجية كان لابد له من الصدام مع البرتغاليين وقد بدأت عمليات ضدهم قبل عام 1623 في جلفار والوثائق الهولندية تتضمن أعمال العرب الهجومية في عامن والبصرة وهزيمة البرتغاليين .
كذلك باءت المحاولات الفارسية لتحقيق السيطرة علي ساحل الخليج الجنوبي بالفشل ويعود الفضل في حصول بلاد فارس علي منفذ حر ف يالخليج والسيطرة علي جزر الجسم ولارك إلي مساعدة الإنجليز لم عام 1622 وإلي التدخل العسكري الإنجليزي الهولندي عام 1625 .. وكان التقدم الأساسي الذي تم إحرازه في تلك الفترة بعد سقوط معاقل البرتغاليين أ، أصبحت الملاحة في الخليج حرة ، إلا أن هذه الحرية سوف تواجه الخطر عندما تبدي القوي المختلفة في الخليج رغبتها في زيادة عائداتها من تحصيل الرسوم .
يتناول الفصل الخامس موضوع التوسع العربي فيبدأ بالحديث عن توحيد عمان بعد تحرير مسقط وبداية عهد جديد في تاريخ الخليج وانتهاء سيطرة البرتغاليين علي الملاحة حول ساحل شبه الجزيرة العربية وكذلك ظهور محاولات جديدة من جانب الهولنديين لملء الفراغ الناشئ عن إبعاد البرتغاليين ثم يوضح الكاتب مهمة التاجر الياس بوران في مسقط عام 1651 موفداً من قبل الهولنديين ويصف تدهور أحوال التجارة في مسقط حتي لقد روادت الإمام فكرة إعادة تسليم المدينة إلي البرتغاليين وقد استقبلت النشاطات الهولندية في مسقط استقبالاً حسناً يم يتعرض الفصل لما سماه المغامرات الهولندية والإنجيزية في الخليج بين عام 1650 – 1660 ثم تزايد الطلب الأوروبي علي اللؤلؤ وحصول المكاتب الهولندية علي أرباح هائلة ثم يشير المؤلف إلي انحدار النفوذ الإنجليزي وتعرض شركة الهند الشرقية الإنجليزية للإفلاس وتأسيس شركة الشرقية الإنجليزية للإفلاس وتأسيس شركة إنجليزية أخري لم يصل وكلاءها إلي الخليج قبل عام 1659 ومنذ ذلك الحين شرع الإنجليز يخططون للقيام بأول مغامرة استعمارية فعلية في المنطقة ويشير إلي مهمة المندوب البريطاني وينسفود لافتتاح وكالة في مسقط كرد فعل للعروض الفارسية وقد عرض المندوب البريطاني مسألة تكوين حامية عسكرية بريطانية عمانية في مسقط ولم يقدر للمهمة أن تتم بسبب وفاة المندوب .
ويعالج المؤلف ” الصراع بين فارس وعمان ” في الفصل السادس فيتابع مراحله منذ أن بدأت فارس اهتمامها في التوسع نحو عمان وكان وجود الفرس في مسقط وجلفار خلال فترة قصيرة 18 – 1623 وكانت عمان في نزاع مستمر مع حكام الهند من مسلمين وهندوس ومع البرتغاليين ايضاً وفي عام 1695 قامت السفن العمانية بمهاجمة بندر كنج وسلب المدينة والاستيلاء علي سفن برتغالية كانت راسية في الميناء وكان الهدف أنها دور بندر كنج كمنافس تجاري لمسقط ولمركز البرتغاليين وفي عام 1697 خطط الفرس لغزو عمان بمساعدة الهولنديين في النقل ولكن فشلت الخطة لعدم توفر الجنود ويبدو أن العمانيين أحرزوا نجاحاً في تحقيق أهادفهم في السيطرة علي التجارة بين الخليج والهند والمعروف أنه في عام 1707 انتهت الحرب بين عمان وسورات وتفرغ العمانيون ثانية لشن حروبهم ضد الفرس .
أما الفصل السابع فقد تناول الازمة الافغانية والقبائل العربية في جنوب شرق بلاد فارس وأرض الصير واتساع نفوذ هذه القبائل حيث بدأت منطقة جلفار وهي الإقليم الشمالي الغربي من عمان تتصرف كقوة مستقلة وقد برزت أسماء عدد من الشيوخ العرب في المصادر الأوروبية منهم رحمة بن مطر القاسمي أمير جلفار وهو أكثر الشيوخ أهمية وقد أعطي وجوده ووجود القواسم في جلفار حماية للمنطقة ضد أطماع المسؤولين الفرنسيين بينما عاني غيره من الشيوخ من قرب المسافة بينهم وبين السلطات الفارسية وكان أكثرهم قوة هو الشيخ راشد حاكم باسيدو في أقصي الغرب من جزيرة الجسم .
ويشير المؤلف الشيخ جبارة هو من اطهري علي ساحل بلاد فارس وكان أحد الشخصيات الهامة في المنطقة كما لعب آل علي في شارك وقيس والعبيدلي في نخيلوه وهما فرعان من الهولة دوراً مهما في أحداث الخليج لأنهم كانوا من البحارة وكانوا يتبعون إلي حد ما قيادة الشيخ راشد حاكم باسيدو فترة من الزمن ، ثم تابع المؤلف دراسة التطورات و الأحداث التي مرت بها فارس نتيجة تأثرها بالغزوات الافغانية وسقوط حكم الصفويين عام 1722 في أعقاب انتهاء الحرب الطولية بين بلاد فارس وعمان مع رصد الانقساك الداخلي في عمان وأثره علي الأوضاع العامة في الخليج ومن الملاحظ أن الغزو الأفغاني لفارس قد أوصل القوات الافغانية إلي بندر عباس عام 1727 وإن ظلت جزيرة الجسم وهرمز في أيدي الصفويين والملاحظ كذلك أن هذه الفترة شهدت آخر تدخل للبرتغاليين في الخليج حيث تمكنوا من الاستفادة من الاضطرابات في عمان عام 1727 واستولوا علي ممباسا ثم احتلوا مكتب الرسوم في باسيدو وسلبوا ممتلكات الشيخ راشد الذي قاوم مع حلفائه من آل علي وتمكن من العودة إلي باسيدو وطر البرتغاليين عام 1730 .
أما الفصل الثامن فيتابع فيه المؤلف ” حروب نادر شاه في عمان ” فيري أن الفترة بين عامي 1737 ، 1744 من أكثر السنوات اضطراباً في تاريخ الخليج ولم تكن محاولات الحكومة الفارسية لاحتلال عمان امراً جديداً فقد استمرت المحاولات لفرض السلطة الفارسية علي شبه الجزيرة العربية منذ الشاه عباس ويري أن رغبة الفرس في السيطرة علي عمان لم تكن مظهراً لرغبتهم في التوسع الإقليمي بل إن أكثر الدوافع أهمية كانت تنحصر في تجارة البصرة مع الهند ، ولذا كانت سياسة الفرس التجارية في الخليج جزءاً من صراعها مع الدولة العثمانية ، وأنه كان من المفروض أن تكون الحرب الفارسية في عماد مجرد تدخل لمساعدة أحد الأحزاب في الحرب الأهلية العمانية وليس غزواً وقد اعتبر الفرس أن الهولنديين والإنجليز ملزمون بمساعدتهم ، ولكنهم لم يتلقوا المساعدة المتوقعة رغم معونة الإنجليز ببعض السفن وتقديم الهولنديين سفنهم للنقل وليس للقتال ، وقد نتج عن مطالب الفرس المتكررة لاستخدام السفن الهولندية أن تكبدت الشركة الهولندية خسائر باهظة . ” سوادي ” ولكن الفرس سيطروا بعد ذلك علي الموقف فشنوا حملة موفقة علي مسقط أحرزوا نجاحاً سريعاً مكنهم من تعيين سيف بن سلطان حاكماً ليكون ألعوبة في أيديهم بينما صحار صامدة تحت قيادة أحمد بن سعيد ولم يتمكن الفرس من احتلال مسقط والسيطرة عليها تماماً ، حيث دارت حرب عصابات كلفت الفرس الكثير . فتوالت انتصارات القبائل العربية ويعد صراع مرير وافق أحمد بن سعيد في يناير 1743 علي توقيع اتفاقية استسلام مشروطة مع الفرس ، حيث ثبت حاكماً علي صحار وبقيت قوة فارسية في عمان وعموماً رغم أن الحرب استمرت سنوات وإلا أنها أبرزت مدي شعف إمبراطورية نادرة شاه .
وفي خريف عام 1746 رفض سلطان عمان دفع الضرائب للفرس وتذكر مذكرة جمبرون أن القوات العربية استطاعت استعادة مسقط ولكن ذلك لم يكن صحيحاً والمعروف أن ثورة أندلعت في بوشهر قامت ضد الحاكم الفارسي للمنطقة وجاء مقتل نادر شاه نفسه في 1747 في ظروف تداعي سيطرته علي الخليج واندلاع الثورات ضد حكمه في كثير من المناطق فضلاً عن انتفاضة الهولة وتعاون بني خالد والعتوب مع الشيخ جبارة حاكم طاهري في محاولة ضد البحرين .. إلخ
وأخيراً يرصد المؤلف النتائج الاقتصادية لسنوات الحروب والفوضي السابقة ونقل عن وثيقة هولندية 1747 أن الوضع الاقتصادي قد تردي وتدهورت التجارة بسبب عدم الأمان وأن العرب عانوا معاناة شديدة حيث أن بلادهم كانت مسرح الحرب ، وكانت بلادهم نقطة التحول لكثير من التجارة بين الخليج والهند وقد دمر إقليم بندر عباس اقتصادياً كما كانت الحروب التي دارت حول جزيرة الجسم ، وتواجد القوات الفارسية بين جلفار ومسقط كل ذلك دمر النظام الاقتصادي الذي كان العرب يعملون في إطاره . ومع ذلك تمكن الإقليم الساحلي لشبه الجزيرة العربية من استعادة ازدهاره .
أما الفصل التاسع فقد تناول استعادة العرب سيطرتهخم في أعقاب انحلال السلطة الفارسية علي ساحل جنوب الخليج فتتبع الصراع الداخلي في عمان بعد الفراغ الذي نشأ عن رحيل القوات الفارسية عن جلفار ومسقط واستسلام مسقط لحكم أحمد بن سعيد حاكم صحار ، حيث أعلن إماماً كما هو معروف ويصفه المؤلف بأنه كان بطيئاً في فرض سلطته نحو الغرب ، كما لم يتمكن من السيطرة علي القواسم وكانت النتيجة نشأة دولة عربية مستقلة جديدة وقد امتدت الحدود بين عمان ودولة القواسم الجديدة إلي ما بعد مسندم كما واجه الإمام الجديد صعوبات في تثبيت سلطنة علي مناطق العمانية في شرق إفريقيا كما واجه معارضة قادة القبائل في عمان حيث لم تتمكن عمان لفترة طويلة من استعادة مجدها السابق كقوة سياسية رغم الازدهار الاقتصادي الكبير الذي شهدته نتيجة تدهور التجارة في بندر عباس وتدهور التجارة الأوروبية في الخليج .
وبالإضافة إلي اختفاء الفرس من الخليج صارت سيطرة قادة القبائل تشمل كل مكان بما فيه الجانب الفارسي من الخليج ويشير تقرير هولندي صدر عام 1749 إلي أن كل شيخ عربي قد اصبح سيداً مستقلاً ، ثم يعالج المؤلف فترة استيلاء الشيخ ناصر حاكم بوشهر علي البحرين وكان نادر شاه قد استولي علي البحرين عام 1736 إلا أن فترة الحكم الفارسي لها لم تدم طويلاً ، فقد تمكنت إحدي قبائل الهولة ( قبيلة الحرم ) من بسط سلطتها علي البحرين في أعقاب وفاة نادر شاه وجاء حاكم بوشهر ليغزو البحرين من جديد عام 1750 متعاوناً مع حاكم بندر ريج ، ولكن قبيلة الحرم تمكنت من استعادة البحرين مرة أخري فاضطر الشيخ ناصر إلي محاصرتها ثم عجز عن احتلالها وتكبد خسائر فادحة نتيجة معاونة قبائل الهولة الأخري لقبيلة الحرم .
ويرصد المؤلف عناصر القوة المسيطرة علي الأوضاع التجارية في شمال الخليج ، فنجد منها خمسة عناصر عربية : بنو خالد في الحساء والعتوب في الكويت بنو كعب في شرق شط العرب الزعاب في بندر ريج والمطاريش في بوشهر أما العنصران الآخران فهما من غير العرب ، والجزء الكبير من بلاد فارس تحت سيطرة كريم خان والزند ثم البصرة العثمانية .
ولم يكن دور بني خالد فعالاً في الخليج ويبدو أن مدينتهم التجارية (القطف ) قد استفادت من الصراع حول البحرين ، ولكن الثابت أن نفوذهم الفعلي علي العتوب قد تدهور تماماً ، ومنذ ذلك التاريخ أصبح والعتوب عنصراً هاماً في الخليج حيث صارت مدينتهم (القرين) المحطة البديلة إلي جانب البصرة لقوافل التجارة القادمة من البحر المتوسط ,.
ويعتبر المؤلف أن تقرير كينبهاوزن لعام 1756 و أكثر المصادر تفصيلاً لتاريخ الكويت القديم ، حيث يتحدث عن جزيرة فيلكا والقرين في مقابلها علي البر وقبيلة العتوب الحاكمة ، ودورهم الاقتصادي في صيد اللؤلؤ وتجارته ويصفها بأنها تضم أربعة آلاف رجل من الأقوياء وأنهم في نزاع دائم مع الهولة وأهم شيوخهم مبارك بن الصباح ومحمد بن خليفة ، وأن افتقارهم للمدفعية عاق توسعهم السياسي والاقتصادي وأنهم تمكنوا من التطور والنمو في شمال الخليج دون مشاكل بسبب علاقاتهم المنطقية مع العثمانيين والأوروبيين ، ويعتبر المؤلف أن كينبهاوزن هو المصدر الوحيد الذي أشار إلي وجود آل صباح ويعطي معلومات دقيقة وصحيحة عنهم وأن معلوماتنا عن تاريخ الكويت في هذه الفترة كان يعتمد علي الآراء المحلية والوثائق الإنجليزية وكلها تري أن الكويت تأسست علي يد صباح الأول ( 1756 – 1762 ) إلا أن هذه الآراء كانت خاطئة تماماً ذلك أن صباح توفي قبل عام 1756 وخلفه مبارك .
أما الفصل الأخير فيعالج تدهور القوة الأوروبية في الخليج فتحدث فيه المؤلف عن نهاية المغامرة الهولندية في جزيرة خارج حين عمدت الشركة الهولندية علي تحديد وجودها في الخليج علي موكلين تجاريين أحدهما في خارج والآخر في مسقط وكان أن تدخل الهولنديون بالتعاون مع جنود شيح بوشهر ضد ميرمهنا ومع سير الحرب صارت السفن الهولندية في وضع حرج حتي اضطر القائد الهولندي إلي التفاوض مع ميرمهنا الذي قبض عليه فأستسلم الهولنديون فأطلق مير مهنا سراحهم مكتفياً بالأسلحة والمال والمعدات وتم إبعاد الهولنديين عن خارج تماماً .. ثم انتقل المؤلف إلي دراسة موقف الإنجليز من مسألة أمن الخليج وإزدياد نشاطهم التجاري في البصرة والخليج بشكل عام نتيجة انتصاراتهم ضد فرنسا (1756 – 1763) فإزداد نشاطهم لتصدير الأقمشة الصوفية بواسطة شركة الهند الشرقية إلي الخليج .. ومنذ وفاة نادر شاه زادت تجارة الإنجليز في البصرة وقد أدي بهم ذلك إلي الصراع مع حاكم بني كعب فساعد الإنجليز حكومة البصرة عسكرياً ضد بني كعب . وعندما غزا ميرمهنا خارج استطاع الاستيلاء علي بعض السفن التي كانت ترفع العلم الإنجليزي ولذا حاصر الإنجليز خارج وطالبوا بتعويضهم عن خسائرهم ولجأ ميرمهنا إلي الأتراك في البصرة الذين قبضوا عليه وأعدموه .
وأنتقل المؤلف لمتابعة الصراع بين ناصر خان وكريم خان في جنوب الخليج سنة 1769 وتحالف عمان ومع السلطات العثمانية في البصرة واستيلاء الفرس علي بعض السفن العمانية ، وتحول كريم خان عن ولائه للإنجليز الذين كانوا يساندون السلطات العثمانية في البصرة ، ثم تحوله مرة أخري سنة 1774 وطلبه مساعدة الإنجليز والعثمانيين في حملة ضد مسقط ورفضهم ومن ثم فشل مشروع الحملة .. واتجاه كريم خان وبجيشه نحو البصرة وقد حصل كريم خان علي مساعدة الشيخ خليفة حاكم الكويت وبعد حصار دام شهوراً استولي الفرس علي البصرة التي كانت قد أخليت منها الوكالة الإنجليزية ورغم إعادة فتحها سنة 1775 إلا أن العلاقات البريطانية – الفارسية ظلت متوترة .
ويؤكد المؤلف علي أن تاريخ منطقة جنوب الخليج بات معقداً بعد عام 1760 لوجود فجوات في المصادر نظراً لغياب الأوروبيين عن المنطقة المهم أنه يرصد لنا أربعة متنافسين علي السلطة في جنوب الخليج هم : ملا علي شاه في بندر عباس وإمام عمان ، وناصر خان في لار وحاكم رأس الخيمة القاسمي .. وتنافس هؤلاء الأربعة علي مساندة القبائل العربية نصف المستقلة ، وكان التوازن غير ثابت حيث اعتمد علي تحالفات مؤقتة مع شيوخ القبائل العربية الذين كانوا متقلبين في ولائهم أحياناً .
وفي عام 1759 – 1760 قام ناصر خان بمحاولة أخيرة للسيطرة علي ساحل جنوب الخليج ولكن اضطر إلي الأنسحاب بسبب اضطرابات في الداخل وقد استطاع الشيخ رحمه بن مطر القاسمي حاكم صبر أن يستولي علي حصون هرمز وبندر عباس في أواخر عام 1759 – وقد ترك الصراع اذلي نشب بين ملا علي شاه والشيخ رحمة آثاراً خطيرة علي كليهما واضطر حمة إلي مغادرة هرمز لوقوف بني معن وآل علي ضده وتحريرهم بندر عباس ثم هرمز .. وكان الإنجليز بدورهم يخططون لاحتلال هرمز مدعين إحباط محاولة قام بها الهولنديون لاحتلالها رغم أن الهولنديين كانوا يخططون فعلاً للانسحاب من الخليج كلية ، والثابت أن الأنجليز اختلفوا الخطر الهولندي للقيام ببعض المغامرات لحماية وكالتهم في بندر عباس .
كما كانت البحرين محطاً لطموحات الإنجليز فإن تجارة العبور عبر البحرين إلي فارس ستكون أربيح من تجارة العبور التي كانت تمارسها الشركة الروسية بين إنجلترا وفارس عن طريق روسيا ومع هذا لم ينفذ المشروع ، ويشير المؤلف إلي الجهود التي بذلت عام 1760 للتوصل إلي سلام بين القوي المختلفة في منطقة جنوب الخليج فتصالح القواسم وآل بورسعيد في عمان ، بينما فشلت جهود مماثلة لإقامة سلام بين جلفار وتحالف بنو معن وآل علي ثم يعالج المؤلف انتصارات كريم خان وحكمه لمنطقة لارستان وحملته علي عمان عام 1770 وما أحدثته من إضطرابات كبير في المنطقة حين كان يرغب في استعادة سلطة مماثلة لنادر شاه علي عمان ، ولكن أدت مشاريعه إلي تكوين تحالف من عدائه السابقين أمام عمان والقواسم وشيخ هرمز ، وكان لديهم جميعاً أسباب تجعلهم يخشون تفاقم السلطة الفارسية في جنوب الخليج وفي عام 1774 أرسلت قوة بحرية فارسية إلي عمان لكنها فشلت وعادت بعد أن تكبدت خسائر فادحة ودون نتائج ، لذلك بدأ كريم خان ويتردد في التورط في عمليات عسكرية أخري ضد عمان .. ومن ثم عمد إلي إلحاق الأضرار الاقتصادية بها بوضع حد لتجارتها مع البصرة بسهولة .
وفي عام 1776 بدأ العمانيون يواجهون عدداً من المشاكل مع القواسم الذين أدت قوتهم البحرية إلي صعوبة في استعادة سيطرة عمان علي الخليج وقد شن وإلي مسقط حملة عام 1778 علي رأسي الخيمة إلا أنها فشلت في الاقتراب من سواحلها بسبب ضحالة المياه ..
وظلت محاولات عمان استعادة سلطتها السابقة ضعيفة فقد كان عليها استعادة أقاليم من عدة قوي استفادة من سقوط البعارية ، كما أبعدت مشاكل المستعمرات الأفريقية إمام عمان عن الاهتمام بالخليج .
وقد عرض المؤلف في نهاية الفصل لنتائج غزو الفرس للبصرة خاصة علي الحركة التجارية ، ثم قيام ثورات قبلية جديدة في شمال الخليج .
ويشير إلي هجرة جزء من العتوب عن الكويت 1766 حيث أسسوا مدينة لهم في الزيارة في قطر ، ثم تبعتهم موجة أخري عام 1767 وكانت كلها بقيادة آل خليفة وآل جلاهمة ، فهاجمهم كريم خان في الزيارة عام 1777 لكن هجومه فشل .. وفي وسط الخليج تزايدت سلطة العتوب وهاجموا البحرين وسلبوا المنامة .. فأمر حاكم شيراز بشن هجوم علي الزيارة عام 1782 فدارت معركة لم تكن حاسمة وشن العتوب هجوماًُ آخر علي البحرين واستولوا علي حصنها الرئيسي هذه المرة كما شن العتوب وبنو كعب وبنو خالد هجوماً مكشتركاً علي البصرة .
لقد أصبحت منطقة جنوب الخليج العربية خالصة تقريباً ، وظل في منطقة وسط الخليج وجنوبه وثلاث قوي رئيسية وهي عمان والقواسم والعتوب .. ومن الثابت وأن توسع العتوب سيتوقف نتيجة غزو الوهابيين للزيارة ، حين ظهروا في آخر سنوات القرن الثامن عشر كحلفاء للقواسم .
وكانت قوة الشركة الإنجليزية تتزايد في الهند نتيجة حاجتهم للإتصال السريع بين أوروبا والهند .. وكان الخليج هو الطريق الوحيد لإيصال الرسائل بسرعة إلي البحر المتوسط ولضرورة اهتمام الجزء الغربي الكبير من الهند حيث كان الإنجليز مسيطرين – بممارسة التجارة في الخليج ، ولم يعد للشركة الإنجليزية منافسون أوروبيون لذلك استطاعت فرض قوانينها الخاصة .
وفي النهاية لابد من استنتاج العوامل التي أثرت في تاريخ عرب الخليج في القرنين السابع عشر والثامن عشر ، وتتمثل هذه العوامل في سقوط مملكة هرمز العربية البرتغالية وظهور فارس كقوة إقليمية مؤثرة ونشطة علي سواحل الخليج ، ثم إنفساح المجال في الخليج أمام القوي الأوروبية ممثلة في الإنجليز والهولنديين واحتداد التنافس الدولي ثم العامل الذي يمثله ضعف القوتين الإسلاميتين الكبريين في المنطقة وهما الفرس والعثمانيون ، مما فسح المجال لنمو الإمارات العربية المستقلة وتبلور كياناتها وتطويرها .
وكان صراع القبائل العربية لرسم الحدود وامتلاك مصادر الثروة وانتعاش الفرس والعثمانيين قد تسبب في حصول عرب جنوب بلا فارس نوالعراق علي استقلالهم التام أو المحافظة عليه .. بينما كان الأمر مختلفاً بالنسبة لعرب ساحل شبه الجزيرة العربية ، حيث لم يتمكن الفرس من التدخل بقوة كافية ومن هنا تمكنت بعض القوي العربية من البقاء ، فبرزت الكويت وقطر والبحرين وعمان منذ تلك الفترة أما إمارة القواسم فبسبب موقعها بين عمان والخليج فقد حالت دون تدخل العمانيين في المنطقة الساحلية ، بينما أخذت تتطور الإمارات الأخري التي شكلت فيما بعد دولة الإمارات العربية .
ولابد من التأكيد علي أن بلاد فارس خلال الحقبة التي يعالجها هذا الكتاب فلما كانت قوة خليجية كذلك لم تكن الدولة العثمانية قوة خليجية أما الأوروبيون فكان وجودهم بهدف الأرباح فقط حتي وإن استخدموا وسائل عسكرية فقد كان سعياً لمزيد من الأرباح ، ومن ثم لم يكن لهم نفوذ حقيقي مؤثر علي التركيبة السياسية لنمو الكيانات العربية ، إن العرب رغم عدم توحدهم هم الذين صنعوا بأنفسهم خريطة الساحل العربي من الخليج .
ورغم الجهد العلمي والتوثيق التاريخي وتحليل المؤلف ونقده لمصادره فإن ثمة ملاحظات منهجية وانطباعات يخرج بها قارئ هذا العمل الحاد الرصين وهذه الملاحظات تجعل الكتاب يبدو كما لو كان رداسة وثائقية لمصادر هولندية أو لأوراق شركة الهند الشرقية الهولندية أكثر منه دراسة لعرب الخليج فالمؤلف عالج ما ورد في مصادره أكثر مما عالج قضايا عرب الخليج في فترة دراسته في ضوء كل المصادر التاريخية هولندية وغير هولندية ، ومن هنا لم يصحبنا في البحث عن أصول وجذور القضايا التي أثارها فضلاً عن تتبعها وصولاً إلي الحقائق التاريخية وإكسابها رؤية وتحليلاً جديرين بالدرس التاريخي .
لقد اعتمد المؤلف بشكل جوهري علي مصادر الشركة الهولندية وأوراقها وتقاريرها واعترف – للإنصاف باستفادته من الأرضيف ” الهولندي بدلاً من البريطاني ” رغم أنه لم يغفل ” المصادر البريطانية والفرنسية وفي البحث التاريخي لا يغني مصدر عن آخر ، مهما بلغت أهميته وضرورته وربما كان العنوان الذي اقترحه في البداية لكتابه أقرب إلي الدقة من العنوان الذي نشره به باعتبار أن الكتاب تناول القبائل والتجار مكاتب الرسوم .. لقد أعطي منهج المؤلف انطباعاً واضحاً بأنه يؤرخ لدور وموقف الهولندين وشركتهم في الخليج فضلاً عن القوي الأوروبية الأخري ، أكثر منه دراسة لأوضاع “عرب الخليج ” .
لقد أدت الملاحظات السابقة إلي نتيجة تتمثل في أن مؤلفنا أطلق أحكاماً تتعلق بنشأة وتبلور التكوينات وةالكيانات القبلية والسياسية العربية في الخليج خاصة العتوب والقواسم والعمانيين وهي أحكام تفتقر إلي دقة التحقيق التاريخي الذي تقتيه دراسة المصادر العرية القديمة والمصادر الأوروبية الإنجليزية والفرنسية الحديثة .. فليته تتبع نشأة ونمو هذه الكيانات مستفيداً من هذه المصادر التي تعطي حقائقاً تختلف ، في أكثر من موضع لما تعطيه المصادر الهولندية وتلك أمور يلاحظها المتخصصون في تاريخ الخليج الحديث بسهولة ويسر .
وأخيراً يلاحظ أن تقسيم الموضوع إلي فصول يحمل كل منها عنواناً خاصاً جاء أمراً يعوزه الدقة المنهجية ، فالفصل الأول عن جغرافية الخليج التاريخية ، جاء معتمداً علي المعلومات الملاحية وسجلات السفن وخرائطها وكلها تعطي معلومات غير مترابطة أو متكاملة عن عرب المنطقة ، والفصل السابع عن ” الأزمة الأفغانية والقبائل العربية ” تناولا الصراع الأفغاني – الفارسي بشكل أساسي وليس ثمة دراسة لتأثيره علي عرب الخليج باستثناء بعض الإشارات مما جعل الفصل بعيداً نسبياً عن موضوع الكتاب والفصل العاشر رغم إغراء عنوانه ” تدهور القوة الأوروبية في الخليج ” إلا أنه لم يعالج موضوعه وإنما تعرض لنمو دور الغنجليز وصراعات حكام فارس فيما بينهم ومع القوي العربية أيضاً دون رصد وتحقيق تاريخي لأسباب وكيفية تدهور القوي الاوروبية .
ولا تعني هذه الملاحظات العامة التقليل من أهمية الكتاب أو جهد المؤلف الذي قدم لنا ” مصدراً ” هاماً بتناولا جوانب من تاريخ عرب الخليج في المصادر الهولندية وهو أمر تفتقر إليه المكتبة العربية و الخليجية بشكل عام وهو ما يستحق كل إشادة واهتمام .
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
1602, 1784, المصادر, الخليج, الهولندية, غرب


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع عرب الخليج في المصادر الهولندية 1602 – 1784
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الخطوط الهولندية تعلن تعليق رحلاتها للقاهرة عبدالناصر محمود شذرات مصرية 0 09-16-2016 06:44 AM
مدارس الاستشراق ... المدرسة الهولندية Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 0 06-02-2013 01:11 PM
الجزيرة العربية في المصادر العثمانية والتركية Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 05-30-2012 09:29 AM
عيد المساخر ) البوريم اليهودي Eng.Jordan أخبار الكيان الصهيوني 0 04-17-2012 09:24 PM
لقاء إسلامي مسيحي في مدينة إده الهولندية احمد ادريس المسلمون حول العالم 0 03-27-2012 05:49 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 09:18 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59