ملتقى شذرات

ملتقى شذرات (https://www.shatharat.net/vb/index.php)
-   مقالات وتحليلات مختارة (https://www.shatharat.net/vb/forumdisplay.php?f=84)
-   -   قراءة في الخطة الأمريكية لزرع الديموقراطية في العالمين العربي والإسلامي (https://www.shatharat.net/vb/showthread.php?t=10684)

Eng.Jordan 01-17-2013 08:55 PM

قراءة في الخطة الأمريكية لزرع الديموقراطية في العالمين العربي والإسلامي
 
د. أحمد إبراهيم خضر

تقول الكاتبة اليهودية "روث كنج " المشرفة على موقع " الربيع العربي " في تعليقها على الثورات العربية وعلاقتها بالديموقراطية: "إن الإسلام هو المحور المركزي الذي يربط كل الشعوب العربية على اختلاف بلدانها، وإن على الباحثين المتابعين لأحوال المنطقة العربية أن يقوموا بتحليل ما يجري في ضوء أن طبيعة الإسلام ثابتة وغير مهتزة و"غير ديموقراطية"، وإن شعوب هذه المنطقة كما أنها توَّاقة إلى الحرية، فهي تميلأ يضًا إلى الإسلام بشدة".



وتعتقد "روث كينج" أنه من الخطأ محاولة إقامة جسر بين ما تسميه بالاستبداد والديموقراطية، وأن الصحيح هو إقامة هذا الجسر بين الإسلام في عموميته وما تسميه بالإصلاح الإسلامي، وأن ذلك لو تم فإن فهم الديموقراطية بالمعنى الأمريكي سيكون ممكنًا.



تقول "كينج": "إذا كان الإسلام في شكله المعاصر هو الذي يوحِّد الشعوب والقبائل العربية؛ فلن يكون هناك مكان للديموقراطية، فهما عنصران لا يلتقيان، لكننا إذا نجحنا في زرع ديموقراطية علمانية في مصر، وتونس، وليبيا، وسوريا، وحتى في السعودية - فهنا نستطيع أن نحتفل ببزوغ فجر جديد، يمهد لمرحلة جديدة من السلام والرفاهية العالمية.



أما إذا انتصر الإسلام في هذه الثورات؛ فإنه سيكون كالداء الذي يفسد وينسف أنسجة النباتات والحيوانات، وعلينا بعدها أن ندفن تحت الثَّرى كلَّ مفاهيمنا القديمة عن الأنظمة السياسية العالمية وعن التنافس بينها..... علينا أن نعرف أنه لو انتصر الإسلام فإن مرحلة جديدة من الصراع الدولي القائم على الدين سوف تنشأ، وقد يكون هذا التصور خياليًّا، لكنه لو حدث فإننا سوف نفتقد كل مكتسباتنا الفكرية ونلقي بها وراء ظهورنا.



لو أن الشعوب العربية احتضنت الإسلام، وتحركت به نحو إقامة دولة الخلافة الإسلامية؛ فإن على علماء السياسة أن يعودوا إلى المدارس مرة أخرى لإعادة دراسة التاريخ والسياسة، وعليهم أن يقضوا كل أوقاتهم للدراسة في أقسام اللاهوت".



تدعم هذه الفقرة لـ "روث كنج" الخطة الأمريكية لزرع الديموقراطية في العالم العربي، التي بدأ تسريبها والإعلان عنها في عام 2002.



والواقع هو أن هذه الخطة جاءت في خطاب "ريتشارد هاس" مدير تخطيط السياسات بوزارة الخارجية الأمريكية، وكانت بداية هذه الخطة وأهم ملامحها على النحو التالي:

أولا: ينطلق مشروع هذه الخطة من قاعدة أساسية مؤداها: أن الولايات المتحدة تريد أن تكون (قوة محرِّرة)، تكرِّس نفسها لإحلال الديموقراطية ومسيرة الحرية في العالم الإسلامي، كما أشارت إلى ذلك مستشارة الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي السابقة "كوندوليزا رايس" في سبتمبر 2002، وما أضافته في تصريحات لها لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية قائلة: "إن المبادئ الجيواستراتيجية لما بعد الحرب الباردة تحتِّم على واشنطن النضال من أجل ما وصفته بالقيم الليبراليَّة الأمريكية، التي يجب "ألا تتوقف عند حدود الإسلام". وقالت أيضًا: "إن هناك عناصر إصلاحية في العالم الإسلامي نريد دعمها".




ثانيا: بدأت دراسة موضوع "دمقرطية العالم العربي والإسلامي" في أواخر أكتوبر 2002، وتم الكشف عن البرنامج المقترح لذلك بشكل أكثر وضوحًا في أول نوفمبر عام 2002. نشرت تفاصيل البرنامج أولاً في صحف أمريكية، ثم نقلته تفصيلاً صحيفة "البيان" الإماراتية يوم 3 نوفمبر 2002، في أعقاب تصريحات للرئيس بوش ومستشارة الأمن القومي "رايس"، تدور حول ما يسمى بـ "تعليم المسلمين الديمقراطية".



ثالثا: ترجم هذا المشروع إلى برنامج سري لتشجيع الديموقراطية في العالم العربي والإسلامي، يهدف إلى الحفاظ على المصالح الأمريكية في المنطقة خشية وقوع انفجار ما فيها يضر بهذه المصالح، وحتى لا تكون المنطقة أرضًا خصبة لظهور ما يسمونهم بالإرهابيين والمتطرِّفين الذين يستهدفون الولايات المتحدة، بسبب دعمها للأنظمة التي يعيشون في ظلها.



رابعًا: يقوم البرنامج على افتراض:

1- أن جانبًا كبيرًا من مشاعر العرب والمسلمين ضد الولايات المتحدة يعود إلى غياب الديموقرطية في البلدان العربية، وانتشار الفقر، مما يترتب عليه انتشار العنف الذي يوجه ضد هذه النظم، وضد الولايات المتحدة التي تتهمها شعوب هذه الحكومات بأنها تتغاضى عن انتهاك هذه الحريات في هذه الدول ورزوخها تحت الفقر، وأن السكوت الأمريكي يعني الموافقة الضمنية على ما تقوم به هذه الحكومات ضد شعوبها.



2- أن وجود هُوَّة بين الحكومات العربية والإسلامية وشعوبها قد يعطِّل قدرة هذه الأنظمة على التعاون مع الولايات المتحدة حول قضايا ذات أهمية حيوية بالنسبة للأخيرة، كما أن الضغوط الداخلية التي تتعرض لها هذه الأنظمة قد تحدّ كثيرًا من قدرتها على توفير العون للولايات المتحدة، أو الموافقة على الجهود الأمريكية الرامية إلى ما يسمى بمكافحة الإرهاب، أو التعامل مع انتشار أسلحة الدمار الشامل.



خامسًا: ترتكز حيثيات هذا البرنامج على العناصر التالية:

1- أن الديموقراطية لن تفرض على المسلمين بشكل ثوري، وإنما ستكون بالتدريج وفق ظروف كل بلد على حدةٍ، وأنه وإن كانت تلقى تشجيعًا من الخارج، فمن الأفضل بناؤها من الداخل؛ لأن فرضها سيكون غير إيجابي وغير قابل للاستمرار.



2- ستلتزم الولايات المتحدة التزامًا صارمًا بالمشاركة في نشاط أكبر في دعم الاتجاهات الديموقراطية، مما يعني تدخلها في الشؤون الداخلية لبلدان المنطقة.



3- ترى الولايات المتحدة أن الاقتصاد فقط هو المدخل للديموقراطية، ولهذا فهي تسعى إلى إنشاء البنية التحتية للديموقراطية، وذلك بالدعم المالي الذي ستقدمه واشنطن للحكومات، والذي يساعد توسيع دائرة النمو الاقتصادي.



4- يعمل هذا البرنامج على تشجيع التطوير في مجالات التعليم والاقتصاد والإصلاح السياسي، بصفتها مجالات حيوية هامة، وخاصة في البلاد التي يعاني سكانها من الإحباط وعدم الانتماء بسبب الجمود الاقتصادي والكثرة السكانية، ولا تتوافر فيها ظروف العمل.



كما تدعو الحكومات الإسلامية إلى سماع شكوى شعوبها، وإلى محاربة الفساد، واحترام حقوق الإنسان، وتطبيق حكم القانون، والعناية بالصحة والتعليم، واتباع سياسات اقتصادية مسؤولة. سعيًا وراء سد الهوَّة المتزايدة بين العديد من الأنظمة السياسية ومواطنيها.



5- يقوم البرنامج على قاعدة أن النساء عنصر حيوي في بناء الديموقراطية في العالم العربي والإسلامي، وأن تعليم المسلمين الديموقراطية سيبدأ بالنساء المسلمات، ولهذا فإن "إليزابيث تشيني" ابنة نائب الرئيس السابق "بوش" التي كانت تشرف على برنامج تعليم النساء العربيات، وكانت تعلمهن أسلوب الحملات الانتخابية وتمويلها، وشجعتهن على عدم الخوف من أي شيء، وعلى تشكيل جماعات الضغط النسائي، والإسهام في بناء المجتمع المدني[1].



سادسًا: الموقف الأمريكي من احتمال أن تتسبب الديموقراطية في نجاح التيارات الإسلامية ووصولها إلى الحكم، مما يتعارض مع مصالح الولايات المتحدة.

يقوم التصور الأمريكي في هذه القضية على ما يلي:

1- أن نجاح التيارات الإسلامية ووصولها إلى الحكم ليس أمرا مطلقًا، وليس لأنها تتمتع بثقة الشعب المطلقة، ولكن لأنها المعارضة الوحيدة المنظمة.

2- أن الولايات المتحدة وصلت إلى قناعة مؤدَّاها: "أن التعامل المباشر مع الإسلاميين الأكثر شعبية قد يكون أفضل من التعامل مع حكومات لا تعبِّر عن الشارع العربي بشكل حقيقي، وقد يكون ضررها أكبر".

3- أن التجربة التركية قد حقَّقت للولايات المتحدة ما تريده في عالم الواقع، ومصداق ذلك: ما جاء على لسان رئيس وزراء تركيا "عبدالله غول" الذي يقول فيه: "نريد أن تثبت أن الهوية الإسلامية يمكن أن تكون ديموقراطية، ويمكن أن تكون شفافة، ويمكن أن تتماشى مع العالم المعاصر، والأمريكيون على ثقة بأن الشعب التركي قادر على إثبات كل هذا، ونريد أن نساعدهم في ذلك".



أثبت هذا التصريح للولايات المتحدة أن التجربة التركية أوضحت أن الإسلاميين ليسوا كما تصورهم التقارير؛ كلهم ابن لادن أو الملا عمر، خصوصًا أن الإسلاميين الذين فازوا في أربع دول عربية وإسلامية مؤخرًا تحدثوا بشكل أكثر اعتدالاً عن الرغبة في التعاون مع أمريكا، وعدم عدائهم للشعب الأمريكي، وقَصْر خلافهم على سياسات الإدارة الأمريكية نحو قضايا العرب والمسلمين، وانحيازها لإسرائيل[2].



سابعًا: أخطر ما في هذا البرنامج هو اللعب بورقة الأقليات، أو تفتيت بعض الدول، وفصل أجزاء منها، بزعم أن هذا سيكون لصالح الاستقرار، والنموذجان المطروحان هنا في التقرير - الذي جرى تسريبه للإعلام لجس النبض - هما مصر والسعودية؛ حيث المطروح بالنسبة لمصر طرح فكرة دويلة قبطية في صعيد مصر؛ حيث يزعم التقرير أن "الدمقرطة" الكاملة والتطور السياسي الأمثل في مصر سيتحقق من خلال إقامة كيان قبطي في مصر، حفاظًا على حقوق وحريات الأقباط، لأنه لا يمكن أن يكون للأقباط حقوقهم الديمقراطية وتمثيلهم العادل في ظل تلك الأكثرية من المسلمين، وفي ظل نظام الحكم الذي يراعي أوضاعًا كثيرة في هذه المسألة، ويتجاهل عن عمد كل طلبات وشكاوى الأقباط"[3].



أما في السعودية؛ فالمطروح هو أن تكون هناك دويلة خاصة في المنطقة الشرقية، على أن يتولى إدارة هذه المنطقة شركة أرامكو، وأن تكون هذه المنطقة بمثابة المركز السياسي للإدارة السياسية الأمريكية في المنطقة!"[4].

[1] انظر: حقيقة الدعوة إلى المجتمع المدني، وما وراءها من أهداف. موقع الألوكة.
وانظر أيضا: أحمد إبراهيم خضر، ثورات الشعوب العربية: انتصار لدولة الديموقراطية أم لدولة الخلافة الإسلامية؟ تحت النشر.

[2] انظر: مصر بعد مبارك: محاولة دفع مصر إلى إسلام على الطراز التركي. موقع الألوكة.

[3] انظر: الإسلاميون ومستقبل الأقباط في مصر بعد سقوط نظام مبارك. موقع الألوكة.

[4] انظر: الخطة الأمريكية للديموقراطية. إسلام أون لاين نت (بتصرف).

الكلمات الوصفية : نقد مقالة روث كينج بخصوص الثورات العربية - دمقرطة العالم العربي والإسلامي - السياسة الأميركية تجاه الإسلام - التواجد الأمريكي في الشرق الأوسط - الثورات العربية والديمقراطية

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/***/khedr/1086...#ixzz2IFyV2iAj


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 02:21 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59