عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-26-2015, 04:14 PM
الصورة الرمزية يحــــــي عباسي
يحــــــي عباسي غير متواجد حالياً
كاتب وأديب قدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2015
الدولة: سليم / الجلفة / الجزائر
المشاركات: 26
افتراضي اليهودية و الجاهلية




المعروف الجلي والذي خلاف عليه أن إسرائيل هو نبي الله يعقوب عليه السلام ذلك ما قرره الحديث النبوي الذي ر واه ابن عباس قال: حضرتْ عِصابة مِن اليهود نبيَّ الله -صلى الله عليه وسلم- فقال لهم: ((هل تعلمون أنَّ "إسرائيل" يعقوب؟))، قالوا: اللهم نعم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((اللهم اشهد))، وقال ابن عباس: إن إسرائيل كقولك: "عبدالله " رواه أحمد : 1 / 257 ابن النبي إسحاق ابن أب الملة وخليل الرحمان إبراهيم عليه السلام الذي رزقه الله على الكبر بغلامين" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ [إبراهيم : 39] "الغلام الحليم إسماعيل يقول الله تعالى "فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ [الصافات : 101] " و الغلام العليم إسحاق "لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيم [الذاريات : 28]" وبدون التفرقة بين الرسل و الأنبياء و لكن على مبدأ التفاضل الذي اقره الله تعالى في كتابه بين الأنبياء نقول أن إسماعيل عليه السلام كان أفضل من إسحاق عليه السلام كون الأول كان نبيا رسولا ' وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا [مريم : 54]"كما أنه لا حلم بدون علم و بهذا يفضل إسماعيل أخاه إسحاق الذي كان نبيا فقط "وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ [الصافات : 112]" عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ولكن الله أكرم اسحاقا بميراث النبوة فحملها ذريته كابرا عن كابر فكان الجد يعقوب نبيا و الأب نبيا ثم يوسف وموسى وهارون وأيوب وداود وسليمان و زكريا ويحي كلهم من نسل يعقوب - إسرائيل – غير أن مسك الختام و تمام النعمة تعود مرة أخرى إلى نسل إسماعيل عليه السلام متجسدة في سيدنا وسيد الخلق محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء والرسل وأفضلهم على الإطلاق كيف لا وهم من بشروا به وانتظرته الدنيا والناس صاحب الشفاعة الكبرى " ....وأخّرت الثّالثة ليوم يرغب إليّ الخلق كلّهم حتّى إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم الحديث أخرجه أحمد (ج5 ص127، 129) ".
وكأن الله ادخر الكرم كله لسيدنا إسماعيل ليظهر في نبي الرحمة و الرسالة العالمية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام .
وهذه القسمة فيها من الحكمة والعلم ما لا يحصى وسيتبين ذلك لاحقا إن شاء الله . فتواتر الأنبياء والرسل في سلالة بني إسرائيل سببها نفسية هذه السلالة و التي تعكس نفسية الإنسان في جوهره و طبيعة خلقه . فهم العينة الأصيلة المأخوذة من البشر . لذلك وفي أخر المطاف انتزعت منهم النبوة و شمولية الرسالة و سلمت لأمة تستطيع أن تقاوم أصلها و تنحرف عن طبعها إلى إرادة الله العلي , امة تملك الخروج من ذاتيتها لترى غيرها و تدعوهم إلى الخير الذي وصلها من الرب الكريم .
قلنا أن بني إسرائيل هم ظل البشر في الطبع و الخلقة و الميول و لذلك لا نجد كلمة " بني" في القرآن تطلق إلا على بني آدم و بني إسرائيل على طول القرآن وعرضه و هذه "البنوة" إنما هي بنوة كبرى و صغرى الكبرى يدخل في مجالها كل ولد آدم أما الصغرى فيدخل في مجالها هذه السلالة التي تمثل الكل و تحمل مواصفات الكاملة للعموم الآدمي .
وعليه من أراد أن يعرف البشر على الحقيقة التي خلقهم الله عليها ,فلينظر إلى بني إسرائيل ويعاين ما هم عليه من طبع و خُلق بل من أراد أن يفهم القرآن وجب عليه أن يدرس محل هؤلاء في القرآن و مكانتهم التي استحوذوا عليها في كلام رب جاء لكافة الناس و اقرأ الآية الكريمة " إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [النمل : 76]" يعني أن من غايات القرآن و مرادات الله العلي أن يقص, على هؤلاء ما اختلفوا فيه و يحكم بينهم و يظهر ما هم عليه و لفظة "إن هذا القرآن" لم تتكرر إلا هنا و في أية أخرى تنعت القرآن و رسالته يقول الله تعالى "إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10) وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا [الإسراء : 9] " القرآن الذي جاء بتمام المنهج و بالبشرى للمؤمنين هو نفسه الذي يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون و لاحظ ذكر الإنسان في الآية التي تلحق بها . وطبعا من طباعه الذي هو العجلة , و هو ربط يدلل على ما نقول من كون بني إسرائيل هم النسخة الأصلية من بني آدم في خلقتهم الأولى الجانحة إلى المعصية المندفعة إلى التفلت من أوامر الله العلية, المتعجلة في غير فهم للحكمة المرادة . وإذا أردنا أن ندلل على أن بني إسرائيل مستأصل فيهم الانحراف الذي هو طبع بشري لا يمكن أن نهذبه إلا بهداية من الله و توجيه من الخالق الذي هو اعلم بمن خلق فالعاصي الأول و الذي آلا على نفسه أن يضل أبناء آدم و يوردهم المهالك و يسلك بهم سبلا غير سبيل الله . لقد كانت معصية إبليس الكبر و الحسد و ينقل القرآن الكريم الموقف فيقول الله "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِين" " قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُون" "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا " هذا موقف إبليس من آدم استكبر وغار من الخلق الذي كرمه الله عليه حتى صار يعترض على أصل الخلقة والآن انظر إلى موقف إخوة يوسف من يوسف عليه السلام و هم أبناء إسرائيل "إذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِين" نفس الموقف الانحراف الأول يتجسد هنا في نفوس أبناء إسرائيل و يظهر في تعاملهم مع الأخ الطاهر الكريم ابن الكريم يوسف . إنه خلل الكبر و الحسد حسدوه على حب يعقوب له . فسبحان الله .
محل بني إسرائيل من القرآن محل عظيم حتى قيل كاد أن يكون القرآن لبني إسرائيل وانظر إلى نوعية الخطاب القرآني المشترك بين بني إسرائيل و الناس وبني آدم عليه السلام "يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُون [البقرة : 40] " "يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ [البقرة : 47] " والكثير من الآيات الكريمات على هذه الشاكلة التي تعد نعمة الله و تذكر بمننه على هذا النسل هو نفس العد و التذكير الذي يخاطب به عموم الناس من ولد آدم عليه السلام " يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ " "يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون" " أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ [الأعراف : 26] " هذا التقارب بين الخطاب العام و الخطاب الخاص إنما هو دليل على ما قلنا سابقا , فهناك قص و هنا قص و هناك تذكير بالنعمة و المنة و هنا أيضا .
الخلاصة أن المعني ببني إسرائيل في القرآن هم أولاد يعقوب الذين ورثوا النبوة و تواترت في نسلهم حتى المسيح عيسى عليه السلام و أنهم نسخة مصغرة من بني آدم بكل انحرافات هذا المخلوق , إنهم السلالة التي لم تستطع أن تخرج من ذاتيتها و تتغلب على طبعها واستمرت في خطأ العصيان ولم تنحرف و تحنف إلى الصراط المستقيم . فعالجهم الله بكثرة الأنبياء و الرسل حتى كان جل من بعث منهم .
اليهود
الذي لا خلاف عليه أن اليهود أعم من بني إسرائيل وهؤلاء لب اليهود و عصبهم الذي يلتفون حوله و عليه و لكن الخلاف وقع في الأصل الذي تعود إليه كلمة "يهود" فمنهم من ردها إلى الهود أي الرجوع لقوله تعالى " وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155) وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156 الأعراف ) " ومنهم من ردها إلى يهوذا احد أبناء يعقوب وهناك من رجحه على القول الأول و لكننا على العكس نرجح القول الأول و ذلك لاعتبارات يمكن سردها كالأتي :
لسانا – لغة - على اعتبار أن القرآن جاء باللسان العربي المبين و لم تخالطه لوثة العجمة و لم تداخله مفردات غير المفردات العربية حتى الأسماء منها و هذا ما نعتقده و لا نسلم لمن قال خلاف هذا تصديقا لكلام ربنا .
جاء في لسان العرب في مادة ه – و – د
الهَوْدُ: التَّوْبَةُ، هادَ يَهُودُ هوْداً وتَهَوَّد: تابَ ورجع إِلى الحق، فهو هائدٌ. وقومٌ هُودٌ: مِثْلُ حائِكٍ وحُوكٍ وبازِلٍ وبُزْلٍ؛ قال أَعرابي: إِنِّي امرُؤٌ مِنْ مَدْحِهِ هائِد وفي التنزيل العزيز: إِنَّا هُدْنا إِليك؛ أَي تُبْنا إِليك، وهو قول مجاهد وسعيد بن جبير وإِبراهيم. قال ابن سيده: عدّاه بإِلى لأَن فيه معنى رجعنا، وقيل: معناه تبنا إِليك ورجعنا وقَرُبْنا من المغفرة؛ وكذلك قوله تعالى: فتُوبوا إِلى بارِئِكم؛ وقال تعالى: إِن الذين آمنوا والذين هادوا؛ وقال زهير:
سِوَى رُبَعٍ لم يَأْتِ فيها مَخافةً، ولا رَهَـقـاً مِـنْ عـابِــدٍ مُـــتَـــهَـــوِّد

قال: المُتَهَوِّد المُتَقَرِّبُ. شمر: المُتَهَوِّدُ المُتَوَصِّلُ بِهَوادةٍ إِليه؛ قال: قاله ابن الأَعرابي. والتَّهَوُّدُ: التوبةُ والعمل الصالح.
والهَوادَةُ: الحُرْمَةُ والسبب. ابن الأَعرابي: هادَ إذا رجَع من خير إِلى شرّ أَو من شرّ إِلى خير، وهادَ إذا عقل

موضوعيا

1- كون أن يهوذا لا ميزة له ترفعه فوق إخوته الذين هم أبناء يعقوب , خاصة وأن ذكر اليهود في القرآن لا يشير إلى هذا بل أن ذكرهم جاء بصيغة العموم لا يتعلق بنسب بقدر ما تعلق باعتقاد وهاك الآيات "وقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُون"
"وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ "
"وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ " "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين"
"وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِين"
"لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ "
"وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُون"
2- اختلاف الخطاب القرآني بين اليهود و بني إسرائيل فاليهود لم يذكروا في القرآن إلا و ذمهم الله أو اخبر عن مقدار عداوتهم لأهل الحق و بخاصة للذين آمنوا و أما خطابه لبني إسرائيل فهو خطاب تذكيري تقويمي غير غافل عن الذين آمنوا منهم و صدقوا واتبعوا هدى الله , و هذا الاختلاف يؤكد كون اليهودية حالة موضوعية مثلها كمثل الجاهلية التي سبقت الإسلام وظهور محمد عليه الصلاة والسلام وقد شاعت اليهودية في بني إسرائيل فانحرفت بهم عن الجادة وسلكت بهم مسلكا اعوجا لا يتناسب و النعمة التي اصبغها الله عليهم و المنة التي غمرهم بها الرب العلي . على اعتبار أن اليهود هم من امن بما آمنت به بنو إسرائيل ولكنهم حرفوا و بدلوا و ابتدعوا في أصل الدين و كان منهم لفيف من بني إسرائيل .
3-
الهود أو الرجوع و التوبة المذكورة في القرآن لم تكن إلا على عهد موسى عليه السلام و رجوعا عن الخطأ و المعصية " وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155) الأعراف" و هؤلاء الذي اختارهم موسى عليه السلام لميقات الله و عاينوا الرجفة التي كادت أن تأخذ بهم و تهلكهم هم من كانوا بداية التهود
مما يعزز القول أن اليهودية أمر يتعلق بالاعتقاد وليس بالنسب , والظاهر أن تاريخ اليهودية كحالة موضوعية يبدأ من هذه النقطة ويزداد تمكنا و ترسخا بعد موسى عليه السلام أين بدأ التحريف للتوراة وكانت النتيجة ظهور التلمود . و لعل الآية الكريمة " {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}[البقرة : 140] توضح ما نود قوله بجلاء لا لبس فيه و تفرق بين النسب و الاعتقاد المبتدع آلا و هو اليهودية , و تنزه أكابر الأنبياء و الرسل و من تبعهم و آمن بدعواهم عن هذه الدعوى المنكرة و عن هذا الانحراف الخطير .

هذه الاعتبارات تجعلنا نرجح القول أن اليهودية تعود إلى اليوم الذي هاد فيه بني إسرائيل ومن كان معهم إلى ربهم و تابوا من معصيتهم وليست اليهودية لنسبة إلى ابن يعقوب يهوذا فلا يوجد سبب وجيه أو منطقي يجعل اليهود ينتسبون لواحد من أبناء يعقوب دون غيره من الأبناء والخطاب القرآني يفرق بين بني إسرائيل و اليهود فالقرآن ذكر اليهودية كونها اعتقاد وملة لا كونها نسبا كما فعل مع بني إسرائيل وهذا يوضح أن اليهود هم من اختلاط ببني إسرائيل و غير في معتقداتهم التي تواتر الأنبياء على ترسيخها وقد وجد هؤلاء أن النفسية الإسرائيلية لها القابلية لهذا الأمر ومولعة بهذا الانحراف فكانت اليهودية حالة عمت بني إسرائيل مثلما عمت الجاهلية العرب قبل الإسلام و الجدير بالذكر أن نفرق بين اليهودية و الجاهلية كونهما يتقاربان من ناحية الماهية غير أن الملاحظ أن اليهودية انتشرت بعد التوراة أي بعد نزول الهداية من الله أما الجاهلية فكانت بعد ظهور الإسلام أين انتهت فعليا الجاهلية كحالة كانت سائدة لمدة طويلة والتي يمكن أن تبعث في أي مرحلة من مراحل التاريخ غير أن علاجها متوفر في القرآن وما صح من السنة الشريفة لأنهما محفوظان من التحريف و التبديل أما اليهودية فقد أتت على الأصل السليم الصحيح في التوراة و الإنجيل و غيرته و إلى العلاج و بدلت تركيبته حتى صار الانحراف عقيدة تدور حوله الديانة . لذا فسيصعب معالجة الاعتقاد اليهودي لأنه اعتقاد أسس على الفساد و لأنه اعتقاد منغلق مصمت ينظر إلى سائر البشر من غير اليهود على أنهم لا يستحقون هذا التكريم الموهوب من الله .
اليهودية و الجاهلية

إذا أردنا المقارنة بين الحالتين الموضوعتين اليهودية و الجاهلية التي سبقت الإسلام نلاحظ الأتي
1- أن الجاهلية سابقة للإسلام لم فيها العرب يعرفون نبيا و لا رسولا إلا ما كانوا يسمعونه من أهل الكتاب .أما اليهودية فلاحقة شوهت الصحيح و حرفت الكتاب و قتلت الأنبياء .
2- أن عرب الجاهلية قبلوا النور و الهدى من الله و نشروا دينه و ابلوا فيه البلاء الحسن , أما الذين عمتهم اليهودية من بني إسرائيل فكانوا أهل جحود و مكابرة و خبراء تحريف و تدليس .
3- بأن الجاهلية حالة موضوعية يمكن أن تتكرر في تاريخ الأمة الإسلامية مصدقا لحديث الرسول " لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه". قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: "فمن؟! أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء باب ما ذكر عن بني إسرائيل 3/1274ح 3269، ومسلم في كتاب العلم باب اتباع سنن اليهود والنصارى 4/2054ح 2669. " و في الحديث ذكر اليهود و من يشر الرسول صلى الله عليه و سلم إلى بني إسرائيل . و لكن عالجها متوفر كونها لن تخرج في أمة الإسلام من كونها حالة موضوعية تصيب الأمة في بعض فترات عمرها و التي تعالج بالرجوع إلى صحيح الدين الذي يكتسب الصلاحية و الصحة .
4- خطر اليهودية في كونها خرجت من كونها حالة موضوعية انتشرت في بني إسرائيل لتكون دينا لكثرة ما حرفوا و زيفوا و بدلوا .
في الأخير نرجو أن نكون قد بينا و لو بجهد المقل أن اليهودية غير ما يسمى في القرآن الكريم ببني إسرائيل بل هي جاهلية أصابتهم بعدما تبين لهم الحق و عاينوا من آيات الله ما يجعلهم أكثر الناس إيمانا و لكنهم نكسوا و ارتدوا على أعقابهم , و هي تختلف عن الجاهلية السابقة للإسلام كونها صارت دينا و لم تبق على أصلها الأول فلا علاج لها و قد غشوا الدواء و شوهوا الحق . و الله أعلم

المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59