المسألة الثانية : التفريق بين القانون كمعنى والقانون كمبنى.
تبيّن فيما سبق أن من معاني القانون النظام وهو ما يريده القانونيون ، وعندما نتأمل مقاصد الشريعة الإسلاميّة نجد أن من مقاصدها أن يسير الناس وتكون سياستهم وفق نظام ، إذاً فالنظام معتبر شرعاً ، وبناءً عليه فالقانون إذا كان معناه النظام فلا مانع من إطلاقه شرعاً ، لأن الأحكام الشرعيّة تتعلّق بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ والمباني ، وقد جرت عادة فقهاء الإسلام على استخدام كلمة القانون بمعنى النظام ، ومن ذلك قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( من خرج عن القانون النبوي الشرعي المحمدي ، احتاج أن يضع قانوناً متناقضاً يردّه العقل والدين ) انتهى من الفتاوى 329/29
وأما إذا كان مبنى القانون أي موضوعه ومحتواه مخالفاً للشريعة الإسلاميّة ، سواء كان من النظريّات التي تتفق عليها البلدان والأوطان في تقنيناتها ، أو المسائل التي يختصّ بها كل بلد ، فهذا المبنى غير معتبر ، وهو الذي يردّه فقهاء الإسلام ولا يرتضونه ، وإليه تتّجه تصانيفهم الذي صنّفوها في ردّ القانون ، مثل رسالة ( تحكيم القوانين ) للشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله.