عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-20-2016, 08:34 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة التطاول على شعائر الإسلام


ما وراء تكرار التطاول على شعائر الإسلام بتونس
ـــــــــــــــــــــــــ

(د. زياد الشامي)
ــــــــ

10 / 4 / 1437 هــ
20 / 1 / 2016 م
ــــــــــــــ

التطاول  (1)-thumb2.jpg

لا يكاد يمر وقت على تهجم أحد الليبراليين أو العلمانيين على دين الله الإسلام في تونس – أو غيرها من الدول العربية والإسلامية - , حتى يخرج على مسرح الأحداث متطاول آخر يحاول الطعن ببعض الأحكام الشرعية او الاستهزاء بإحدى الشعائر التعبدية , في صورة تبدو مرسومة ومدروسة لإبقاء الأجواء العامة في هذا البلد المسلم أو ذاك بعيدة عن محاولة الالتزام بدين الله والتمسك بشريعته كنظام حياة .


ويتساءل المتابع لتخرصات بعض الليبراليين والعلمانيين ممن يزعمون أنهم مثقفون أو يلقون على أنفسهم لقب النخبة الفكرية في المجتمعات العربية : لماذا يتكرر التهجم على ثوابت الدين الإسلامي تحديدا مع كونه الوحيد من بين الأديان الذي لا تتناقض أحكامه أبدا مع العقل ؟ وماذا وراء استمرار ظاهرة التطاول على بعض أحكام الشريعة الإسلامية من قبل هؤلاء رغم عدم وجود ما يستدعي ذلك أو يبرره ؟!


ولا أظن أن الجواب يخفى على القارئ الفطن , فالعلمانيون والليبراليون في الدول العربية والإسلامية لا يجهلون حقيقة توافق النقل مع العقل في دين الله الخاتم , إلا أنهم مع ذلك يحاولون الطعن بأحكامه والتشويش على ثوابته دون أي برهان أو دليل لمجرد التغطية على عيوب ومثالب ومفاسد العلمانية والليبرالية الغربية التي ظهرت بشكل فاضح بعد عقود من حكمها معظم الدول العربية والإسلامية , حيث ثارت الشعوب عليها فيما سمي "بالربيع العربي" .


أما عن سر تكرار التطاول على دين الله من قبل هؤلاء , فهو على ما يبدو لقطع علاقة الناس بربهم وخالقهم سبحانه في واقع الحياة اليومية , وبالتالي قطع الطريق أمام أي تفكير بتحكيم الشريعة الإسلامية في تلك البلاد , أو حتى مجرد محاولة الاستغناء عن النظام العلماني الغربي المفروض على الشعوب منذ عقود , خصوصا بعد أن حاولت الشعوب العربية والإسلامية في دول ما يسمى "بالربيع العربي" التخلص من النظام العلماني , وأظهرت الرغبة في تطبيق الشريعة الإسلامية , إلا أنها لم تنجح في ذلك لأسباب لا مجال لذكرها في هذا التقرير , لعل أبرزها تآمر القوى العلمانية الغربية والعربية على تلك الثورات والانقلاب عليها .


من هنا يمكن فهم ما شهدته تونس منذ أيام من تطاول ليبرالي جديد على دين الله تعالى الإسلام وبعض شعائره الثابتة , فقد قامت المديرة السابقة لمعهد الصحافة وعلوم الأخبار سلوى الشرفي بالاستهزاء من وزير الشؤون الدينية محمد خليل، الذي دعا الناس في بلاغ رسمي إلى إقامة صلاة الاستسقاء وفق ما جاء في منشور لها عبر صفحتها على "فيسبوك" .
ولا يخفى أن مثل هذا الاستهزاء يأتي ضمن محاولة علمانية مكشوفة لقطع علاقة الناس بربهم وخالقهم سبحانه وتعالى , من خلال الزعم بأنه لا تأثير لصلاة الاستسقاء على نزول الغيث والأمطار , و ربط الموضوع بالأمور المادية فحسب .


لم يقتصر الأمر على تطاول الشرفي فحسب , بل انضم إليها يساري وقيادي في حزب نداء تونس "الطاهر بن حسين" الذي وصف صلاة الاستسقاء بأنها "شعوذة" على صفحته على "فيسبوك" مضيفا : "أنه إذا أصبحت الشعوذة برعاية الدولة ؛ فعلى الدنيا السلام" ؟! لتكتمل صورة مشهد محاولة العلمانيين إبعاد شعائر الله وأحكامه عن واقع حياة الناس في تونس وغيرها .


الغريب في الأمر هو التناقض الفاضح الذي يظهره أمثال هؤلاء العلمانيون والليبراليون في تعاطيهم مع بعض الطقوس الدينية غير الإسلامية , حيث يظهرون الكثير من الاحترام والتقدير لتلك الطقوس رغم تناقضها الصارخ مع العقل والواقع , بينما يفعلون عكس ذلك تماما مع أحكام الإسلام رغم توافقها مع العقل !!


فمن المعروف أن صلاة الاستسقاء سنة مشتركة بين جميع الأديان السماوية ، وخصوصا المسيحية واليهودية كما أكد الأستاذ التونسي المتخصص في الفقه الإسلامي "بدري بن منور المدني" , فهل كانت الشرفي ستستهزأ بهذه السنة لو كان من يدعو إليها قسيس نصراني أو حاخام يهودي مثلا ؟!!


ومع اليقين بأن أمثال هذه الترهات العلمانية لا تستأهل الرد عليها أو الالتفات إليها , نظرا لافتقارها لأي سند أو برهان عقلي أو نقلي , إلا أن بيان هرطقتها وتفاهتها قد يكون معينا على تبصر الناس بمآرب وأهداف العلمانيين من وراء هذا التشويش والطعن والتطاول على شعائر الله , ويدفعهم إلى المزيد من التمسك بتلك الشعائر والأحكام .

------------------------------------------
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59