عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-23-2015, 07:24 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,159
ورقة شرك الأسلمة؛ وانتكاسة المواجهة


شرك الأسلمة؛ وانتكاسة المواجهة*
ــــــــــــــــ

4 / 7 / 1436 هــ
23 / 4 / 2015 م
ــــــــــــ

الأسلمة؛ وانتكاسة المواجهة _14287.jpg

يتأرجح مصطلح الأسلمة بين مجالين، أما الأول منهما- وهو المتبادر إلى الذهن والمباشر منهما- فيراد به تحويل شخص ما أو شعب ما من ديانة ما أو مذهب ما، أو من الإلحاد إن كان بغير مذهب أو دين- إلى دين الإسلام.

وعلى هذا فمصطلح الأسلمة من هذه الناحية يقابل مصطلحات كالتنصير أو التهويد، فهو يعني الدعوة إلى الإسلام، بهدف إدخال الناس فيه.

أما المعنى الآخر لمفهوم الأسلمة، فهو معنى محدث طارئ على الحالة الدعوية الإسلامية، حيث يراد بهذا المصطلح تطويع فكر ما أو فلسفة ما بحيث يتوافق مع الإسلام ظاهرياً، وإن ناقضته في أصوله وثوابته، وإن شئت فقل تطويع الإسلام ذاته ليتناسب مع تلك الأفكار والفلسفات!!

وتتمثل الخطورة في المعنى الأخير لمفهوم الأسلمة؛ لأن به تزييفاً للحقائق، وتزويراً للنصوص؛ حتى تتوافق مع ما يطرأ من دعوات خارجة عن السياق الإسلامي، إن كان لها سطوة وشيوع، وهو منطق ناتج عن حالة الاستضعاف التي تمر بها الأمة الإسلامية، واستشراء الفساد الفكري هذه الأيام.

وعلى هذا ينقسم حملة لواء المفهوم الثاني للأسلمة إلى نوعين، أما النوع الأول منهما فهو فريق من الدعاة المخدوعين، ممن يظنون أن في سلوكهم لهذا المنحى خدمة للإسلام، وتقريباً له لعموم الناس، وهو وهم لا شك في ذلك، بل إن لمثل هذا الأمر تبعات وآثار في غاية السوء.

أما النوع الثاني من المروجين لهذا المصطلح فهم فريق من المخربين، ممن يدركون تبعات هذا الأمر، فيتخذون من الإسلام ذرائع وحجج- خارجة عن السياق- لهدم الإسلام ذاته.

ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، ترويجهم لمصطلح "الحرية" الغربي، وإلباسه اللبوس الإسلامي بنفس مضامينه الغربية، تحت شعار "الإسلام دين الحرية"، ثم إخراجهم لهذه "الحرية" من سياقها الإسلامي، وتوظيفها لخدمة أهدافهم الخاصة التي على رأسها هدم الإسلام ذاته.

إن ما يفعله أصحاب الفريق الأول هو نوع من الدفاع الذاتي عن الإسلام- بحسب فهمهم- فهم يظنون أنهم بهذا الصنيع يقطعون الطريق أمام كل معارض للإسلام، وبهذا يخدمون الإسلام والمسلمين، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ينشرون الإسلام من خلال تحسين صورته أمام قطاعات أخرى من معارضيه.

إن ما يفعله هؤلاء الدعاة هو انبطاح وانهزامية أمام سطوة الفكر صاحب القوة والسلطة، وهو تخريب في الإسلام ذاته، وهدم لأسسه وأركانه، لا كما يظن هؤلاء؛ أن فيه نصرة للإسلام!!

إن المواجهة بين الإسلام وغيره من الفلسفات لا يمكن لها أن تكون بغير تثبيت الثوابت وحماية الأسس الإسلامية، وإلا تحولت المواجهة إلى نوع من التماهي مع الخصم، وهو الأمر الذي ظهر في دعوات الأسلمة لليبرالية والاشتراكية والعلمانية، وغيرها من الدعوات الهدامة.

فلا يمكن بحال من الأحوال أن يجتمع الشيء ونقيضه، كيف لفكر يؤسس للحرية الفردية والانسلاخ من كل معتقد وسلطة وعلى رأسها سلطة الدين؛ كالليبرالية، أن يؤطر بالإطار الإسلامي، وينسب إلى الإسلام أو ينسب الإسلام له.

إنه عبث المواجهة وضياع الأدوات؛ لهذا على دعاة الأمة، وحملة لواء الدفاع عن دينها، الوقوف في وجه كل دعوات الأسلمة التي تستهدف الإسلام من الداخل، والعودة من جديد إلى الطريق القرآني في مواجهة الخصوم والمخالفين في الفكر، حيث البيان والتوضيح والبراءة من كل ما خالف كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
*{التأصيل للدراسات}
ـــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59