عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 02-28-2021, 09:58 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي

خزانة كتبه.
توفي في ربيع الأخر وله أربع وثمانون سنة.
وأبو الحسن بن الخل الفقيه الشافعي محمد بن المبارك بن محمد العكبري.
أتقن المذهب على أبي بكر الشاشي المستظهري ودرس وأفتي وصنف وأقرأ.
له مصنف في شرح التنبيه ومصنف الأصول روى عن النعالي وابن البطر وطائفة.
ومات في المحرم عن سبع وسبعين سنة.
ونصر بن نصر علي أبو القاسم العكبري الواعظ.
روى عن أبي القاسم ابن اليسري وطائفة.
توفي في ذي الحجة عن سبع وثمانين سنة.
سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة
فيها اتفق السلطان ملك شاه وأخوه محمد شاه.
وسار محمد فأخذ خوزستان.
وفيها زار المقتفي مشهد الحسين ودخل واسط.
وفيها خرج إلى المدائن وكان يركب في تجمل عظيم وأبهة تامة.
وفيها قال ابن الأثير: نزل ألف وسبع مائة من الإسماعيلية على زوق كبير التركمان فجازوه فأسرع عسكر التركمان فأحاطوا بهم ووضعوا فيهم السيف فلم ينج منهم إلا تسعة أنفس.
فلله الحمد.
وفيها تمت عدة وقعات بين عسكر خراسان وبين الغز وقتل خلق.
(3/19)
________________________________________
وفيها توفي مسند الدنيا أبو الوقت عبد الأول بن شعيب بن عيسى بن شعيب السجزي ثم الهروي الماليني الصوفي الزاهد.
سمع الصحيح ومسندي الدارمي وعبد بن حميد من جمال الإسلام الداودي في سنة خمس وستين وأربع مائة.
وسمع من أبي عاصم الفضيلي ومحمد بن أبي مسعود الفارسي وطائفة.
وصحب شيخ الإسلام الأنصاري وخدمه.
وعمر إلى هذا الوقت وقدم بغداد فازدحم الخلق عليه وكان خيرًا متواضعًا متوددًا حسن السمت متين الديانة محبًا للرواية.
توفي في سادس ذي القعدة ببغداد وله خمس وتسعون سنة.
وكوتاه الحافظ أبو مسعود عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد الاصبهاني.
توفي في شعبان عن سبع وسبعين سنة وحدث عن رزق الله التميمي وأبي بكر بن ماجه الأبهري وخلق.
قال أبو موسى المديني: أوحد وقته في علمه مع طريقته وتواضعه.
حدثنا لفظًا وحفظًا على منبر وعظه.
وقال غيره: كان جيد المعرفة حسن الحفاظ ذا عفة وقناعة وإكرام للغرباء.
وعلي بن عساكر بن سرور المقدسي ثم الدمشقي الخشاب.
صحب الفقيه نصر المقدسي مدة وسمع منه سنة سبعين وأربع مائة.
ثم سمع بدمشق من أبي عبد الله بن أبي الحديد.
توفي في سن أبي الوقت صحيح الذهن والجسم.
توفي في شوال.
(3/20)
________________________________________
والعلامة أبو حفص الصفار عمر بن أحمد بن منصور النيسابوري.
روي عن أبي بكر بن خلف وأبي المظفر موسى بن عمران وطائفة ولقبه عصام الدين.
وكان من كبار الشافعية يذكر مع محمد بن يحيى ويزيد عليه بالأصول.
قال ابن السمعاني: إمام بارع مبرز جامع لأنواع من العلوم الشرعية سديد السيرة مكثر.
مات يوم عيد الضحى.
سنة أربع وخمسين وخمس مائة
فيها نهبت الغز نيسابور مرة ثالثة.
وفيها سار المقتفي إلى واسط فرماه الفرس وشج جبينه بقبيعة سيفه.
وفيها سار عبد المؤمن في مائة ألف فنازل المهدية برًا وبحرًا فأخذها من الفرنج بالأمان.
ولكن ركبوا البحر وكان شتاء فغرق أكثرهم.
وفيها قتل بعض أصحاب نقيب العلوية بنيسابور فحمى رئيس الشافعية مؤيد الدين القاتل فقصد لنقيب الشافعية فاقتتلوا بالبلد وقتل جماعة وأحرق النقيب سوق العطارين وسكة معاد.
فحشد المؤيد والتقى الفريقان واشتد الحرب وعظم الخطب وندرت الرؤوس عن كواهلها وأحرقت المدارس والأسواق واستحر القتل بالشافعية وهرب المؤيد وكاد يخرب البلد وعصى العلوي بالبلد وتعثرت الرعية وتمنوا الموت.
وجاء المؤيد أبيه القائد فشد من الشافعية فبالغ القوم في أخذ الثأر وحرقوا مدرسة الحنفية.
وفيها أقبلت الروم في جموع عظيمة وقصدوا الشام.
فالتقاهم المسلمون فانتصروا ولله الحمد وأسر ابن أخت ملك الروم.
(3/21)
________________________________________
وفيها توفي ابن قفرجل أبو القاسم أحمد بن المبارك بن عبد الباقي البغدادي الذهبي القطان.
روى عن عاصم بن الحسن وجماعة.
وأبو جعفر العباسي أحمد بن محمد بن عبد العزيز المكي نقيب الهاشميين بمكة.
روى عن أبي علي الشافعي وحدث ببغداد وإصبهان.
وكان صالحًا متواضعًا فاضلًا مسندًا.
توفي في وأبو زيد جعفر بن زيد بن جامع الحموي الشامي.
مؤلف رسالة البرهان التي رواها عنه ابن الزبيدي.
كان صالحًا عابدًا صاحب سنة وحديث.
روى عن أبي سعد بن الطيوري وأبي طالب اليوسفي وأبي القاسم الحصين.
توفي في ذي الحجة وقد شاخ.
والحسن بن جعفر بن المتوكل أبو علي الهاشمي العباسي.
سمع أبا غالب بن الباقلاني وغيره.
وكان أديبًا شاعرًا صالحًا جمع سيرة المرشد وسيرة المقتفي.
وتوفي في جمادى الآخرة.
ومحمد شاه بن السلطان محمود بن ملكشاه أخو ملكشاه السلجوقي.
توفي بعلة السل وله ثلاث وثلاثون سنة.
وكان كريمًا عاقلًا.
وهو الذي حاصر بغداد من قريب.
واختلف الأمراء من بعده فطائفة لحقت بأخيه ملكشاه وطائفة لحقت بسليمان شاه.
(3/22)
________________________________________
سنة خمس وخمسين وخمس مائة
فيها تملك سليمان شاه همذان.
وذهب ملكشاه إلى إصبهان فمات بها.
وتوفي المقتفي وعقدت البيعة يومئذ للمستنجد بالله ولده.
فأول من بايعه أخوه الكبير ثم ابن هبيرة وقاضي القضاة أبو الحسن الدامغاني.
وفيها توفي الفائز صاحب مصر وأقيم بعده العاضد.
وفيها قبضت الأمراء على سليمان شاه وخطبوا لأرسلان شاه بن طغرل بن محمد بن ملكشاه.
بقيام زوج أمه ألدكر صاحب أران وأذربيجان.
وفيها توفي العميد بن القلانسي صاحب التاريخ أبو يعلي حمزة بن أسد التميمي الدمشقي الكاتب.
حدث عن سهل بن بشر الأسفراييني.
وولي رئاسة البلد مرتين.
وكان يسمى أيضًا المسلم.
توفي في ربيع الأول عن بضع وثمانين سنة.
وأبو يعلي بن الحبوبي حمزة بن علي بن هبة الله الثعلبي الدمشقي البزبز.
سمع أبا القاسم المصيصي ونصر المقدسي.
مات في جمادى الأولى عن بضع وثمانين سنة.
وكان لابأس به.
وخسروا شاه سلطان غزنة.
تملك بعد أبيه بهرام شاه بن مسعود بن
(3/23)
________________________________________
إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سبكتكين.
وكان عادلًا سائسًا مقربًا للعلماء.
وكانت دولته تسع سنين.
وتملك بعده ولده ملكشاه.
وأبو جعفر الثقفي قاضي العراق عبد الواحد بن أحمد ابن محمد وقد ناهز الثمانين.
ولي قضاةالكوفة مدة وسمع من أبي النرسي.
ثم ولاه المستنجد في هذا العام قضاء القضاة.
فتوفي في آخر العام وقد ناهز الثمانين.
وولي بعده ابنه جعفر.
والفائز بنصر الله أبو القاسم عيسى بن الظافر إسماعيل بن الحافظ عبد المجيد بن محمد بن المستنصر العبيدي.
أقيم في الخلافة بعد قتل أبيه وله خمس سنين.
فحمله الوزير عباس على كتفه وقال: يا أمراء: هذا ولد مولاكم وقد قتل مولاكم أخواه فقتلتهما كما ترون.
فبايعوا هذا الطفل.
فقالوا سمعنا وأطعنا.
وضجوا ضجة واحدة.
ففزع الصبي وبال واختل عقله.
فيما قيل من تلك الصيحة.
وصار يتحرك ويصرع.
وتوفي في رجب من هذه السنة وكان الحل والربط لعباس.
فلما هرب عباس وقتل كان الأمر للصالح طلائع بن رزيك.
والمقتفي لأمر الله أبو عبد الله محمد بن المستظهر بالله أحمد بن المقتدي بالله عبد الله بن الأمير محمد بن القائم العباسي أمير المؤمنين.
كان عالمًا فاضلًا دينًا حليمًا شجاعًا مهيبًا خليقًا للإمارة كامل السؤدد.
وكان لايجري في دولته أمر وإن صغر إلا بتوقيعه.
وكتب في أيام خلافته ثلاث ربعات.
ووزر
(3/24)
________________________________________
له علي بن طراد ثم أبو نصر بن جهير ثم علي بن صدقة ثم ابن هبيرة وحجبه أبو المعالي بن الصاحب ثم جماعة بعده.
وكان آدم اللون بوجهه أثر جدري مليح الشيبة عظيم الهيبة ابن حبشية.
كانت دولته خمسًا وعشرين سنة.
توفي في ربيع الأول عن ست وستين سنة.
وقد جدد باب الكعبة واتخذ لنفسه من العقيق تابوتًا دفن فيه وأبو المظفر التريكي محمد بن أحمد بن علي العباسي خطيب جامع المهدي.
روى عن أبي نصر الزيني وعاصم بن الحسن وعاش خمسًا وثمانين سنة.
توفي في نصف ذي القعدة.
وأبو الفتوح الطائي محمدبن أبي جعفر محمد بن علي الهمذاني صاحب الأربعين سمع فيد بن عبد الرحمن الشعراني وإسماعيل بن الحسن الفرائضي وطائفة بخراسان والعراق والجبال توفي في شوال عن خمس وثمانين.
سنة ست وخمسين وخمس مائة
فيها ركب المستنجد بالله إلى الصيد مرتين.
وفيها توفي أبو حكيم النهراوني إبراهيم بن دينار الحنبلي الزاهد الفرضي أحد من كان يضرب به المثل في الحلم والتواضع.
أنشأ مدرسة بباب الأزج.
وقد اجتهد جماعة على إغضابه فلم يقدروا.
وكان بصيربً بالمذهب.
وعلاء الدين الحسين بن الحسين الغوري سلطان الغور تملك
بعده ولده سيف الدين محمد.
(3/25)
________________________________________
وسليمان شاه ابن السلطان محمد بن ملكشاه السلجوقي.
وكان أهوج أخرق فاسقًا بل زنديقًا يشرب الخمر في نهار رمضان.
قبض عليه الأمراء في العام الماضي ثم خنق في ربيع الآخر من هذه السنة.
وطلائع بن رزيك الأرمني ثم المصري الملك الصالح وزير الديار المصرية.
غلب على الأمور في سنة تسع وأربعين.
وكان أديبًا شاعرًا فاضلًا رافضيًا جوادًا ممدحًا.
ولما بايع العاضد زوجه بابنته.
ونقض أرزاق الأمراء فعملوا عليه بإشارة العاضد وقتلوه في الدهليز في رمضان.
وكان في نصر التشييع كالسكة المحماة.
كان يجمع الفقهاء ويناظهرهم على الإمامة وعلى القدر وله مصنف في ذلك.
وأبو الفتح بن الصابوني عبد الوهاب بن محمد المالكي المقرئ الخفاف من قرية المالكية.
روى عن النعالي وابن البطر وطبقتهما.
وكتب وحصل وجمع أربعين حديثًا.
وقرأ القراءات على ابن بدران الحلواني وغيره.
وتصدر للإقراء.
وكان قيمًا بالفن.
توفي في صفر عن أربع وسبعين سنة.
والوزير جلال الدين أبو الرضا محمد بن أحمد بن صدفة.
وزر للراشد بالله.
وكان في خير ودين.
توفي في شعبان عن ثمان وخمسين سنة.
وابن المادح أبو محمد محمد بن أحمد بن عبد الكريم التميمي البغدادي.
روى عن أبي نصر الزينبي وجماعة وتوفي في ذي القعدة.
(3/26)
________________________________________
والخاقان محمود بن محمد التركي سلطان ما وراء النهر وابن بنت السلطان ملكشاه السلجوقي.
سار بالغز في وسط السنة وحاصر نيسابور شهرين.
وكان كالمقهور مع الغز فهرب منهم إلى صاحب نيسابور المؤيد ثم خلاه المؤيد قليلا وسمله وحبسه
سنة سبع وخمسين وخمس مائة
فيها كان مصاف هائل بين جيوش أذربيجان وبين الكرج.
فنصر الله الإسلام.
وكانت الغنيمة تتجاوز الوصف.
وفيها حج الركب العراقي وحيل بينهم وبين البيت إلا شرذمةيسيرة ورد الناس بلا طواف.
وفيها توفي أبو يعلي حمزة بن أحمد بن فارس بن كروس السلمي الدمشقي.
روى عن نصر المقدسي ومكي الرميلي وجماعة.
وكان شيخًا مباركًا حسن السمت.
توفي في صفر عن أربع وثمانين سنة.
تفرد برواية الموطأ.
وزمرد الخا تون المحترمة صفوة الملوك بنت الأمير جاولي أخت دقاق صاحب دمشق لأمه وزوجة تاج الملوك بوري وأم ولديه شمس الملوك إسماعيل ومحمود.
سمعت من أبي الحسن بن قبيس واستنسخت الكتب.
وحفظت القرآن.
وبنت الخاتونية بصنعاء دمشق.
ثم تزوجها أتابك زنكي فبقيت معه تسع سنين فلما قتل حجت وجاورت بالمدينة ودفنت بالبقيع.
أما خاتون بنت أنر زوجة الملك نور الدين فتأخرت ولها مدرسة
(3/27)
________________________________________
بدمشق وخانقاه معروفة على نهر باناس.
وأبو مروان عبد الملك بن زهر بن عبد الملك الإشبيلي طبيب عبد المؤمن وصاحب التصانيف.
أخذ عن والده وبرع في الصناعة.
والشيخ عدي بن مسافر بن إسماعيل الشامي ثم الهكاري الزاهد قطب المشايخ وبركة الوقت وصاحب الأحوال والكرامات.
صحب الشيخ عقيلًا المنبجي والشيخ حماد الدباس وعاش تسعين سنة.
ولأصحابه فيه عقيدة تتجاوز الحد.
وهبة الله بن أحمد الشبلي أبو المظفر القصار المؤذن.
توفي في سلخ السنة عن ثمان وثمانين سنة وبه ختم السماع من أبي نصر الزينبي.
وهبة الله بن أحمد أبو بكر الحفار.
روى عن رزق الله التميمي.
وتوفي في شوال وكلاهما ببغداد.
سنة ثمان وخمسين وخمس مائة
فيها غزا نور الدين ونزل تحت حصن الأكراد وكبست الفرنج جيشه فوقعت الهزيمة.
وركب نور الدين فرسًا ونجا.
ونزل على بحيرة حمص وحلف لا يستظل بسقف أويأخذ بالثأر.
ثم لم شعث العسكر.
وفيها سار جيش المستنجد فالتقوا آل دبيس الأسديين أصحاب الحلة فالتقوهم فخذلت بنو أسد وقتل من العرب نحو أربعة آلاف وقطع دابرهم فلم يقم لهم بعدها قائمة.
(3/28)
________________________________________
وفيها توفي الشيخ أحمد بن محمد بن قدامة الزاهد والد الشيخ أبي عمر والشيخ الموفق وله سبع وستون سنة.
وكان خطيب جماعيل ففر بدينه من الفرنج إ فهاجر إلى الله ونزل هو وآله بمسجد أبي صالح الذي بظاهر باب شرقي سنتين.
ثم صعد إلى الجبل وبنى الدير ونزل هو وآله بسفح قاسيون.
وكانوا يعرفون بالصالحية لنزولهم بمسجد أبي صالح ومن ثم قيل جبل الصالحية.
وكان زاهدًا صالحًا قانتًا لله صاحب جد وصدق وحرص على الخير.
رحمة الله عليه.
وشهردار ابن الحافظ شيرويه بن شهردار الديلمي.
المحدث أبو منصور الديلمي.
قال ابن السمعاني: كان حافظًا عارفًا بالحديث فهمًا بالحديث فهمًا عارفًا بالأدب ظريفًا.
سمع أباه وعبدوس بن عبد الله ومكي السلار وطائفة وأجاز له أبو بكر بن خلف الشيرازي.
وعاش خمسًا وسبعين سنة.
وعبد المؤمن بن علي القيسي الكومي التلمساني صاحب المغرب والأندلس.
وكان أبوه صانعًا في الفخار فصار أمره إلى ما صار.
وكان أبيض مليحًا ذا جسم وعمم يعلوه حمرة أسود الشعر معتدل القامة وضيئًا جهوري الصوت فصيحًا عذب المنطق لايراه أحد إلا أحبه بديهة.
وكان في الآخر شيخًا أنقى.
وقد سقت أخباره في تاريخي الكبير.
مات غازيًا بمدينة سلا في جمادى الآخرة.
وكان ملكًا عادلًا سائسًا عظيم الهيبة عالي الهمة كثير المحاسن متين الديانة قليل المثل.
كان يقرأ كل يوم سبعًا ويجتنب لبس الحرير ويصوم الاثنين والخميس ويهتم بالجهاد والنظر في الأمور كأنما خلق للملك.
(3/29)
________________________________________
وسديد الدولة بن الأنباري صاحب ديوان الإنشاء ببغداد وهو محمد بن عبد الكريم بن إبراهيم الشيباني الكاتب البليغ: أقام في الإنشاء خمسين سنة.
وناب في الوزارة ونفذ رسولًا.
وكان ذا رأي وحزم وعقل.
عاش نيفًا وثمانين سنة.
والجواد جمال الدين أبو جعفر محمد بن علي الإصبهاني وزير صاحب الموصل أتابك زنكي.
كان رئيسًا نبيلًا مفخمًا دمث الأخلاق سمحًا كريمًا مفضالًا متبوعًا في أفعال البر والقرب مبالغًا في ذلك.
وقد وزر أيضًا لولد زنكي سيف الدين غازي ثم لأخيه قطب الدين مدة ثم قبض عليه في هذه السنة وحبسه.
ومات في العام الآتي فنقل ودفن بالبقيع.
ولقد حكى ابن الأثير في ترجمة الجواد مآثر ومحاسن لم يسمع بمثلها في الأعمار.
سنة تسع وخمسين وخمس مئة
فيها كسر نور الدين الفرنج وأسر الإبرنس.
وذلك أن صاحب ماردين نجم الدين نازل حارم فنجدتها الفرنج واجتمع عليها طائفة من ملوكهم وعلى الكل بيمند صاحب أنطاكية.
ففر صاحب ماردين.
وقصدهم نور الدين فالتقاهم.
فانهزمت ميمنته وتبعتهم فرسان الفرنج فمالت ميسرته على رجالة الفرنج فحصدتهم فلما ردت فرسانهم ردت خلفهم الميمنة ومن بين أيديهم الميسرة.
فأحاط به المسلمون وحمي الحرب واستحر القتل بالفرنج والأسر فأسر صاحب أنطاكية وصاحب طرابلس ومقدم الروم الدوك.
وزادت عدة القتلى على عشرة آلاف وتسلم نور الدين قلعة حارم وفي آخر السنة قلعة بانياس.
(3/30)
________________________________________
وفيها سار ملك القسطنطينية بجيوشه وقصد بلاد الإسلام.
فلما قاربوا مملكة قلج أرسلان جعل التركمان يبيتونهم ويغيرون عليهم في الليل حتى قتلوا منهم نحو العشرة آلاف فردوا بذلة.
وطمع فيهم المسلمون وأخذوا لهم عدة حصون.
ولله الحمد.
وفيها سار جيش نور الدين مع مقدم عسكره أسد الدين شيركوه فدخلوا مصر وقتل الملك المنصور ضرغام الذي كان قد قهر شاور السعدي.
ثم تمكن شاور وخاف من عسكر الشام فاستنجد بالفرنج فنجدوه من القدس وما يليه.
فدخل العسكر بلبيس وحصرهم الفرنج ثلاثة أشهر.
فلما جاءهم الصريخ بما تم على دين الصليب بوقعة حارم صالحوا أسد الدين وردوا.
وفيها توفي أبو أسعد عبد الوهاب بن الحسن الكرماني بقية شيوخ نيسابور.
روى عن أبي بكر بن خلف وموسىبن عمران وأبي سهل عبد الملك الدشتى وتفرد عنهم.
عاش تسعًا وسبعين سنة.
والسيد أبو الحسن علي بن حمزة العلوي الموسوي مسند هراة.
سمع أبا عبد الله العمري ونجيب بن ميمون وأبا عامر الأزدي وطائفة وعاش نيفًا وتسعين سنة.
وأبو الخير الباغبان محمد بن أحمد بن محمد الإصبهاني المقدر.
سمع عبد الوهاب بن منده والمطهر البزاني وجماعة.
وكان ثقة مكثرًا.
توفي في شوال.
ونصر بن خلف السلطان أبو الفضل صاحب سجستان.
عمر مائة سنة.
ملك منها ثمانين سنة.
وكان عادلًا حسن السيرة مطيعًا للسلطان سنجر.
(3/31)
________________________________________
سنة ستين وخمس مائة
فيها وقعت فتنة هائلة بإصبهان بين صدر الدين عبد اللطيف بن الخجندي وبين غيره من أصحاب المذاهب سببها التعصب للمذاهب.
فخرجوا إلى القتال وبقي الشر والقتل ثمانية أيام قتل خلق كثير وأحرقت أماكن كثيرة.
وفيها توفي أبو العباس بن الحطئة أحمد بن عبد الله بن أحمد بن هشام اللخمي الفاسي المقرئ الصالح الناسخ.
ولد سنة ثمان وسبعين وحج وقرأ القراءات على ابن الفحام وبرع فيها.
وكان لأهل مصر فيه اعتقاد كبير رحمه الله توفي في المحرم وقبره بالقرافة.
وأمير ميران أخو السلطان نور الدين.
أصابه سهم في عينه على حصار بانياس فمات منه بدمشق.
وأبو الندى حسان بن تميم الزيات.
رجل حاج صالح.
روى عن نصر المقدسي وتوفي في رجب عن بضع وثمانين سنة.
روت عنه كريمة.
وأبو المظفر الفلكي سعيد بن سهل الوزير النيسابوري ثم الخوارزمي وزير خوارزمشاه.
روى مجالس عن علي بن أحمد المديني ونص الله الخشنامي.
وحج وتزهد وأقام بدمشق بالسميساطية.
وكان صالحًا متواضعًا توفي في شوال.
وحذيفة بن سعد أبو المعمر بن الطاهر الأزجي الوزان.
روى عن أبي الفضل بن خيرون وجماعة.
توفي في رجب.
(3/32)
________________________________________
ورستم بن علي بن شهريار صاحب مازندران.
استولى في العام الماضي على بسطام وقومس واتسعت مملكته ومات في ربيع الأول وتملك بعده ابنه علاء الدين حسن.
وعلي بن أحمد أبو الحسن اللباد الإصبهاني.
سمع أبا بكر بن ماجه ورزق الله التميمي وطائفة.
وأجاز له أبو بكر بن خلف.
توفي في شوال.
وأبو القاسم بن البزري عمر بن محمد الشافعي فقيه أهل الجزيرة.
تفقه ببغداد على الغزالي وإلكيا الهراسي.
وصار أحفظ أهل زمانه للمذهب.
وله مصنف كبير على إشكالات المهذب وكان ينعت بزين الدين جمال الإسلام.
عاش تسعًا وثمانين سنة.
وأبو عبد الله الحراتي محمد بن عبد الله بن العباس العدل ببغداد.
سمع رزق الله التميمي وهبة الله بن عبد الرزاق الأنصاري وطراد بن محمد.
وكان أديبًا فاضلًا ظريفًا.
توفي في جمادى الأولى.
والقاضي أبو يعلي الصغير محمد بن أبي خازم محمد ابن القاضي الكبير أبي يعلي بن الفراء البغدادي الحنبلي.
شيخ المذهب.
تفقه على أبيه وعمه أبي الحسين.
وكان مناظرًافصيحًا مفوهًا ذكيًا.
ولي قضاء واسط مدة ثم عزل منها.
فلزم منزله.
وأضر بأخرة.
توفي في ربيع الآخر وله ست وستون سنة.
(3/33)
________________________________________
وأبو طالب العلوي الشريف محمد بن محمد بن محمد بن أبي زيد الحسني البصري نقيب الطالبيين بالبصرة.
روى عن أبي علي التستري وجعفر العباداني وجماعة.
واستقدمه ابن هبيرة لسماع السنن فروى الكتاب بالإجازة سوى الجزء الأول فبالسماع من التستري.
وأما ابن الحصري فروى عنه الكتاب عن التستري سماعًا.
وهذا لم يتابعه عليه أحد.
توفي في ربيع الأول عن إحدى وتسعين سنة.
وأبو الحسن بن التلميذ أمين الدولة هبة الله بن صاعد النصراني البغدادي شيخ قومه وقسيسهم.
لعنهم الله.
وشيخ الطب وجالينوس العصر وصاحب التصانيف.
مات في ربيع الأول وله أربع وتسعون سنة.
وياغي أرسلان بن الداشمند صاحب ملطيه.
جرى بينه وبين جاره قلج أرسلان حروب عديدة.
ثم مات وولى بعده ابن أخيه إبراهيم بن محمد فصالح قلج أرسلان.
والوزير عون الدين أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة بن سعيد الشيباني وزير المقتفي وابنه.
ولد سنة تسع وتسعين وأربع مائة بالسواد ودخل بغداد شابًا فطلب العلم وتققه وسمع الحديث وقرأ القراءات وشارك في الفنون وصار من فضلاء زمانه.
ثم احتاج فدخل في الكتابة وولي مشارفة الخزانة.
ثم ترقي وولي ديوان الخاص.
ثم استوزره المقتفي فبقي وزيرًا إلى أن مات.
(3/34)
________________________________________
وكان شامة بين الوزراء لعدله ودينه وتواضعه ومعروفه. روى عن أبي عثمان بن ملة وجماعة.
ولما ولاه المقتفي امتنع من لبس خلعة الحرير وحلف أنه لايلبسها.
وذا شي لا يفعله قضاة زماننا ولاخطباؤه.
كان مجلسه معمورًا بالعلماء والفقهاء والبحث وسماع الحديث.
شرح صحيحي البخاري ومسلم وألف كتاب العبادات في مذهب أحمد.
ومات شهيدًا مسمومًا في جمادى الأولى ووزر بعده شرف الدين أبو جعفر بن البلدي.
سنة إحدى وستين وخمس مائة
فيها ظهر ببغداد الرفض والسب وعظم الخطب.
وفيها خرجت الكرج في أرمينية وأذربيجان فقتلوا وسبوا.
وفيها أخذ نور الدين من الفرنج حصن المنيطرة.
وفيها توفي الرسمي الإمام أبو عبد الله الحسن بن العباس الإصبهاني الفقيه الشافعي مسند إصبهان.
سمع أبا عمرو بن مندة ومحمود الكوسج وطائفة.
وتفرد ورحل إليه.
وكان زاهدًا ورعًا خاشعًا بكاء فقيهًا مفتيًا محققًا تفقه به جماعة.
توفي في غرة صفر وقد استكمل ثلاثًا وتسعين سنة رحمه الله.
وعبد الله بن رفاعة بن غدير الفقيه أبو محمد السعدي المصري الشافعي الفرضي صاحب القاضي الخلعي.
توفي في ذي القعدة عن أربع وتسعين سنة كاملة.
وقد ولي القضاء بمصر ثم وأبو محمد الأشيري عبد الله بن محمد المغربي الصنهاجي الفقيه الحافظ.
روى عن أبي الحسن الجذامي والقاضي عياض.
وكان عالمًا بالحديث وطرقه
(3/35)
________________________________________
وبالنحو واللغة والنسب كثير الفضائل.
وقبره بظاهر بعلبك.
وأبو طالب بن العجمي عبد الرحمان بن الحسن الحلبي الفقيه الشافعي.
تفقه ببغداد على الشاشي وأسعد الميهني.
وسمع من ابن بيان وله بحلب مدرسة كبيرة.
عاش إحدى وثمانين سنة ومات في شعبان.
والشيخ عبد القادر بن أبي صالح عبد الله بن جنكي دوست أبومحمد الجيلي الزاهد شيخ العصر وقدوة العارفين صاحب المقامات والكرامات ومدرس الحنابلة محيي الدين.
انتهى إليه التقدم في الوعظ والكلام على الخواطر.
ولد بجيلان سنة إحدى وسبعين وأربع مائة وقدم بغداد شابًا فتفقه على أبي سعد المخرمي وسمع من أبي غالب بن الباقلاني وجعفر السراج وطائفة.
وصحب الشيخ حمادًا الدباس.
قال الشيخ الموفق: أقمنا عنده في مدرسته شهرًا وتسعة أيام.
ثم مات وصلينا عليه.
قال: ولم أسمع عن أحد يحكي عنه من الكرامات أكثر مما يحكى عنه ولا رأيت أحدًا يعظم من أجل الين أكثر منه.
قلت عاش تسعين سنة.
سنة اثنتين وستين وخمس مئة
فيها سار أسد الدين شيركوه المسير الثاني إلى مصر يمعظم جيش نور الدين.
فنازل الجيزة شهرين واستنجد وزير مصر شاور بالفرنج فدخلوا في النيل من دمياط والتقوا فنصر أسد الدين وقتل ألوف من الفرنج.
قال ابن الأثير: هذا من أعجب ما أرخ أن ألفي فارس تهزم عساكر مصر والفرنج.
(3/36)
________________________________________
قلت: ثم استولى أسد الدين على الصعيد وتقوى بخراجها.
وأقامت الفرنج بالقاهرة حتى استراشوا ثم قصدوا الإسكندرية وقد أخذها صلاح الدين.
فحاصروه أربعة أشهر ثم كر أسد الدين منجدًا له فترحلت الملاعين بعد أن استقر لهم بالقاهرة شحنة وقطيعة مائة ألف دينار في العام.
وصالح شاور أسد الدين على خمسين ألف دينار أخذها ونزل إلى الشام.
وفيها قدم قطب الدين صاحب الموصل على أخيه نور الدين فغزوا الفرنج وأخذوا غير حصن.
وفيها احترقت اللبادين حريقًا عظيمًا صار تاريخًا وأقامت النار تعمل أيامًا.
وصار أصلها من دكان طباخ وذهب للناس مالايحصى.
وفيها توفي خطيب دمشق أبو البركان الخضر بن شبل بن عبد الحارثي الدمشقي الفقيه الشافعي.
درس بالغزاليه والمجاهدية.
وبنى له نور الدين مدرسته التي عند باب الفرج فدرس بها وتعرف الأن بالعمادية.
قرأ علبى أبي الوحش سبيع صاحب الأهوازي وسمع من أبي الحسن بن الموازيني توفي في ذي القعدة.
وعبد الجليل بن أبي سعد الهروي أبو محمد المعدل مسند هراة.
تفرد بالرواية عن بيبي الهرثمية وعبد الرحمان كلار وعاش اثنتين وتسعين سنة.
وهو أكبر شيخ للحافظ عبد القادر الرهاوي.
والحافظ أبو سعد السمعاني تاج الإسلام عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزي محدث المشرق وصاحب التصانيف الكثيرة والرحلة الواسعة.
عاش ستًا وخمسين سنة.
سمع حضورًا من الشيروي وأبي منصور الكراعي.
(3/37)
________________________________________
ثم رحل بنفسه وله ثلاث وعشرون فسمع من الفراوي وطبقته بنيسابور وهراة وبغداد وإصبهان ودمشق.
وله معجم شيوخه في عشر مجلدات.

وكان حافظًا ثقة مكثرًا واسع العلم كثير الفضائل ظريفًا لطيفًا متجملًا نظيفًا نبيلًا شريفًا.
توفي في غزة ربيع الأول بمرو.
وأبوشجاع البسطامي عمر بن محمد بن عبد الله الحافظ المفسر الواعظ المفتي الأديب المتفنن وله سبع وثمانون سنة.
سمع أبا القاسم أحمد بن محمد الخليلي وجماعة وانتهت إليه مشيخة بلخ وتفقه عليه جماعة مع الدين والورع.
تفرد برواية الشمائل ومسند الهيثم بن كليب.
وقينس بن محمد أبو عاصم السويقي الإصبهاني المؤذن الصوفي.
رحل وسمع ببغداد من أبي وابن اللحاس أبو المعالي محمد بن محمد بن الجبان الحريمي العطار.
سمع من طراد وطائفة.
وهو آخر من روىبالإجازة عن أبي القاسم بن البسري.
وكان صالحًا ثقة ظريفًا لطيفًا.
توفي في ربيع الآخر وله أربع وتسعون سنة.
وأبو طالب بن خضير المبارك بن علي البغدادي الصيرفي المحدث.
كتب الكثير عن أبي الحسن بن العلاف وطبقته وبدمشق عن هبة الله بن الأكفاني وجماعة.
وعاش ثمانين سنة توفي في ذي الحجة.
ومسعود الثقفي الرئيس المعمر أبو الفرج بن الحسن ابن الرئيس المعتمد أبي عبد الله القاسم بن الفضل الإصبهاني مسند العصر ورحلة الآفاق.
توفي في رجب وله مائة سنة.
أجاز له عبد الصمد بن المأمون وأبو بكر الخطيب وسمع من جده وعبد الوهاب بن منده وطبقتهما.
(3/38)
________________________________________
وهبة الله بن الحسن بن هلال أبو القاسم البغدادي الدقاق مسند العراق.
سمع عاصم بن الحسن وأبا الحسن الأنباري وعمر نحوًا من تسعين سنة.
توفي في المحرم.
وكان شيخًا لا بأس به متدينًا.
سنة ثلاث وستين وخمس مائة
فيها أعطى نور الدين لنائبه أسد الدين حمص وأعمالها فبقيت بيد أولاده مائة سنة.
وفيها توفي أبو المعالي الباجسرائي التاني أحمد بن عبد الغني بن محمد بن حنيفة.
روى عن ابن البطر وطائفة.
توفي في رمضان وكان ثقة.
وأبو بكر أحمد بن المقرب الكرخي.
روى عن النعالي وطراد وطائفة.
وكان ثقة متوددًا.
توفي في ذي الحجة.
وله ثلاث وثمانون سنة.
وقاضي القضاة أبو البركات جعفر ابن قاضي القضاة أبي جعفر عبد الواحد بن أحمد الثقفي.
ولي قضاء العراق سبع سنين.
ولما مات ابن هبيرة ناب في الوزارة مضافًا إلى القضاء فاستفظع ذلك.
وقد روى عن ابن الحصين وعاش ستًا وأربعين سنة.
توفي في جمادى الآخرة وشاكر بن علي أبو الفضل الأسواري الإصبهاني سمع أبا الفتح السوذرجاني وأبا مطيع وجماعة.
توفي في أواخر رمضان.
(3/39)
________________________________________
وأبو محمد الطامذي عبد الله بن علي الإصبهاني المقرئ.
عالم زاهد معمر.
روى عن طراد وجعفر بن محمد العباداني والكبار.
توفي في شعبان.
وأبوالنجيب السهروردي عبد القاهر بن عبد الله بن محمد بن عمويه الصوفي القدوة الواعظ العارف الفقيه الشافعي أحد الأعلام.
قدم بغدادوسمع أبا علي بن نبهان وجماعة.
وكان إمامًا في الشافعية وعلمًا في الصوفية.
توفي في جمادى الآخرة ودفن بمدرسته وله ثلاث وسبعون سنة.
وزين الدين صاحب إربل على كوجك بن بكتكين التركماني الفارس المشهور والبطل المذكور.
ولقب بكوجك وهو بالعربي اللطيف القد والقصير.
وكان مع ذلك معروفًا بالقوة المفرطة والشهامة.
وهو ممن حاصر المقتفي وخرج عليه ثم حسنت طاعته.
وكان جوادًا معطاء فيه عدل وحسن سيرة.
يقال إنه جاوز المائة.
توفي في ذي الحجة.
وأبو الحسن تاج القراء علي بن عبد الرحمن الطوسي ثم البغدادي.
روى عن أبي عبد الله البانياسي ويحيى السيبي وجماعة.
وكان صوفيًا كبيرًا.
توفي في صفر عن سن عالية.
وأبو الحسن بن الصابي محمد بن إسحاق بن محمد بن هلال بن المحسن البغدادي.
من بيت كتابة وأدب.
سمع النعالي وغيره.
وكان ثقة.
توفي في ربيع الأول عن اثنتين وثمانين سنة.
(3/40)
________________________________________
والشريف الخطيب أبو الفتوح ناصر بن الحسن الحسيني المصري شيخ الإقراء.
قرأ علي أبي الحسن الحصيني وأبي الحسين الخشاب.
وتصدر للإقراء وحدث عن محمد بن عبد الله بن أبي داود الفارسي.
توفي يوم عيد الفطر وله إحدى وثمانون سنة.
والجياني أبو بكر محمد بن علي بن عبد الله بن ياسر الأنصاري الأندلسي.
تفقه بدمشق على نصر الله المصيصي وأدب بها.
قال ابن عساكر: ثم زاملني إلى بغداد.
وسمع من ابن الحصين وسمع بمرو من أبي منصور الكراعي وبنيسابور من سهل المسجدي وطائفة.
ثم سكن في الآخر ونفيسة البزازة واسمها أيضًا فاطمة بنت محمد بن علي البغدادية.
روت على النعالي وطراد.
وتوفيت في ذي الحجة.
والصائن أبو الحسين هبة الله بن الحسن بن هبة الله بن عساكر.
الفقيه الشافعي.
قرأ القراءات على جماعة منهم أبو الوحش سبيع وسمع من النسيب وتفقه على جمال الإسلام وسمع ببغداد من ابن نبهان وعلق الخلاف على أسعد الميهني ودرس بالغزالية وأفتى وعني بفنون العلم.
وكان ورعًا خيرًا كبير القدر.
عرضت عليه خطابة البلد فامتنع.
توفي في شعبان.
(3/41)
________________________________________
سنة أربع وستين وخمس مائة
فيها سار أسد الدين مسيره الثالث إلى مصر.
وذلك أن الفرنج قصدت الديار المصرية وملكوا بلبيس واستباحوها.
ثم حاصروا القاهرة.
وأخذوا كل ما كان خارج السور.
فبذل شاور لملك الفرنج مري ألف ألف دينار يعجل له بعضها.
فأجاب.
فحمل إليه مائة ألف دينار وكاتب نور الدين واستصرخ به وسود كتابه وجعل في طيه ذوائب نساء القصر.
وواصل كتبه يستحثه.
وكان بحلب فساق إليه أسد من حمص.
فأخذ بجمع العساكر ثم توجه في عسكر لجب فيقال كانوا سبعين ألفًا من بين فارس وراجل.
فتقهقر الفرنج ودخل القاهرة في ربيع الآخر وجلس في دست الملك وخلع عليه العاضد خلع السلطنة وعهد إليه بوزارته وقبض على شاور فأرسل إليه العاضد بطلب رأس شاور فقطع وأرسل إليه.
فلم ينشب أسد الدين أن مات بعد شهرين.
فقلد العاضد منصبه ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن نجم الدين ولقبه بالملك الناصر.
ثم ثار عليه السودان فحاربهم وظفر بهم وقتل منهم خلقًا عظيمًا.
وفيها توفي أبق الملك المظفر مجير الدين.
صاحب دمشق قبل نور الدين وابن صاحبها جمال الدين محمد بن تاج الملوك بوري التركي ثم الدمشقي.
ولد ببعلبك في إمرة أبيه عليها وولي دمشق بعد أبيه خمس عشرة سنة وملكوه وهو دون البلوغ.
وكان المدبر لدولته أنر فلما مات أنر انبسطت يد أبق ودبر الأمور الوزير الرئيس أبو الفوارس المسيب بن علي الصوفي ثم غضب عليه وأبعده إلى صرخد واستوزر أخاه أبا البيان حيدرة مدة ثم أقدم عطاء
(3/42)
________________________________________
ابن حفاظ من بعلبك وقدمه على العسكر وقتل حيدرة ثم قتل عطاء ولما انفصل عن دمشق توجه إلى بالس ثم إلى بغداد.
قأقطعه المقتفي خبزًا وأكرم مورده.
وشاور بن مجير بن نزار الهوازني السعدي أبو شجاع.
ولاه ابن رزبك إمرة الصعيد.
فتمكن.
وكان شهمًا شجاعًا مقدامًا داهية.
فحشد وجمع وتوثب على مملكة الديار المصرية وظفر بالعادل رزيك بن الصالح طلائع ابن رزيك وزير العاضد فقتله ووزر بعده.
فلما خرج عليه ضرغام فر إلى الشام فأكرمه نور الدين وأعانه على عوده إلى منصبه.
فاستعان بالفرنج على رفع أسد الدين عنه.
وجرت له أمور طويلة.
وفي الآجر وثبت عليه جرد بك النوري فقتله في جمادى الأولى لأن أسد الدين تمارض فعاده شاور فقتلوه.
وشيركوه بن شاذي بن مروان الملك المنصور أسد الدين.
قد ذكرنا من أخباره.
توفي بالقاهرة فجأة في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة ثم نقل إلى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم فدفن بها.
وكان بطلًا شجاعًا شديد البأس ممن يضرب بشجاعته المثل.
له صيت بعيد.
توفي شهيدًا بخانوق عظبم قتله في ليلة وكان كثيرًا ما يعتريه.
وورثه ولده الملك القاهر ناصر الدين محمد صاحب حمص.
وأبومحمد عبد الخالق بن أسدالدمشقي الحنفي المحدث مدرس الصادرية والمعينية.
روى عن عبد الكريم بن حمزة وإسماعيل بن السمرقندي
(3/43)
________________________________________
وطبقتهما.
ورحل إلى بغداد وإصبهان وخرج لنفسه المعجم توفي في المحرم.
وأبو الحسن علي بن محمد بن علي بن هذيل البلنسي شيخ المقرئين بالأندلس.
ولد سنة إحدى وسبعين وأربع مائة.
وقرأ القراءات على أبي داود ولازمه أكثر من عشر سنين.
وكان زوج أمه فأكثر عنه.
وهو أثبت الناس فيه.
وروى الصحيحين وسنن أبي داود وغير ذلك. قال ابن الأبار: كان منقطع القرين في الفضل والزهد والورع مع العدالة والتواضع والإعراض عن الدنيا والتقلل منها صوامًا قوامًا كثير الصدقة.
انتهت إليه الرئاسة في صناعة الإقراء عامة عمره لعلو روايته وإمامته في التجويد والإتقان.
حدث عن جلة لا يحصون.
توفي في رجب.
والقاضي زكي الدين أبو الحسن علي ابن القاضي المنتخب أبي المعالي محمد بن يحيى القرشين قاضي دمشق هو وأبوه وجده.
استعفى من القضاء فأعفي.
وسار يحج من بغداد وعاد إليها فتوفي بها وله سبع وخمسون سنة.
وأبو الفتح بن البطي الحاجب محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان البغدادي مسند العراق وله سبع وثمانون سنة.
أجاز له أبو نصر الزينبي وتفرد بذلك وبالرواية عن البانياسي وعاصم بن الحسن وعلي بن محمد بن محمد الأنباري والحميدي وخلق.
وكان دينًا عفيفًا محبًا للرواية صحيح الأصول.
توفي في جمادى الأولى.
وأبو عبد الله الفارقي الزاهد محمد بن عبد الملك نزيل بغداد.
كان
(3/44)
________________________________________
يعظ ويذكر من غير كلفة.
وللناس فيه اعتقاد عظيم.
وكان صاحب أحوال ومجاهدات وكرامات ومقامات.
عاش ثمانين سنة.
ومعمربن عبد الواحد الحافظ أبو أحمد بن الفاخر القرشي العبشمي الإصبهاني المعدل.
عاش سبعين سنة وسمع من أبي الفتح الحداد وأبي المحاسن الروياني وخلق.
وببغداد من ابن الحصين وعني بالحديث وجمعه.
وعظ بإصبهان وآمل وقدم بغداد مرات فسمع أولاده.
توفي في ذي القعدة بطريق الحجاز وكان ذا قبول ووجاهة.
سنة خمس وستين وخمس مائة
فيها جاءت الزلزلة العظمى بالشام.
أطنب في وصفها العماد الكاتب وأبو المظفر بن الجوزي وغيرهما حتى قال بعضهم: هلك بحلب تحت الهدم ثمانون ألفًا.
وفيها حاصرت الفرنج دمياط خمسين يومًا ثم ترحلوا لأن نور الدين وصلاح الدين أ***ا عليهم وعلى بلادهم برًا وبحرًا.
فعن صلاح الدين قال: ما رأيت أكرم من العاضد.
أخرج إلي في هذه المرة ألف ألف دينار سوى الثياب وغيرها.
وفيها حاصر نور الدين سنجار ثم أخذها بالأمان.
وتوجه إلى الموصل فبنى بها جامعًا ورتب أمورها.
ثم رجع فنازل الكرك ونصب عليها منجنيقين.
ثم رحل عنها لحرب نجدة الفرنج فانهزموا منه.
وفيها توفي أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع الجيلي ثم البغدادي
(3/45)
________________________________________
أحد العلماء المعدلين والفضلاء والمحدثين.
سمع قاضي المارستان وطبقته وقرأالقراءات على سبط الخياط.
وعني بالحديث أتم عناية.
وكان يقتفي أثر ابن ناصر ويمشي خلفه.
وقد لازمه مدة واستملى عليه.
توفي في شعبان وله خمس وأربعون سنة.
قال الشيخ الموفق: كان إمامًا في السنة ثقة حافظًا مليح القراءة للحديث.
وأبو بكر بن النقور عبد الله بن محمد بن أبي الحسين أحمد بن محمد البغدادي البزاز.
ثقة محدث من أولاد الشيوخ.
سمع العلاف وأبا الحسين بن الطيوري وطائفة.
وطلب بنفسه مع الدبن والورع والتحري توفي في شعبان وله اثنتان وثمانون سنة.
وأبو المكارم عبد الواحد بن أبي طاهر محمد بن مسلم بن هلال الأزدي المعدل.
أحضره أبوه أبو طاهر محمد بن المسلم بن الحسن بن هلال عند عبد الكريم الكفرطابي.
وهو في الرابعة في جزء خيثمة.
ثم سمع من النسيب وغيره.
وكان رئيسًا جليلًا كثير العبادة والبر.
اسمه عبد الواحد.
توفي في جمادى الآخرة.
وأجاز له الفقيه نصر.
وفورجة أبو القاسم محمود بن عبد الكريم الإصبهاني التاجر.
روى عن أبي بكر بن ماجه وسليمان الحافظ وأبي عبد الله الثقفي وغيرهم.
توفي بإصبهان في صفر وبه ختم جزء لوين.
ومودود السلطان قطب الدين الأعرج صاحب الموصل وابن صاحبها
(3/46)
________________________________________
أتابك زنكي.
تملك بعد أخيه سيف الدين غازي فعدل وأحسن السيرة.
توفي في شوال عن نيف وأربعين سنة.
وكانت دولته اثنتين وعشرين سنة وكان محببًا إلى الرعية.
سنة ست وستين وخمس مائة
فيها استخلف المتضيء أبو محمد الحسن بعد موت أبيه ونادى برفع الظلم والمكوس.
قال ابن الجوزي: أظهر من العدل والكرم مالم نره من الأعمار.
واحتجب عن أكثر الناس فلم يركب إلا مع الخدم.
ولم يدخل عليه غير قايماز.
وفيها سار نور الدين وأبطل عن الجزيرة مكوسًا وضرائب كثيرة.
وفيها أخذت الخزر مدينة دوين من بلاد أرمنية.
وقتلوا من المسلمين نحوًا من ثلاثين ألفًا.
وفيها مات الوزير أبوجعفر بن البلدي لأن المستضيء استوزر أبا الفرج محمد بن عبد الله ابن رئيس الرؤساء.
فانتقم من ابن البلدي وقتله وألقي في دجلة.
وأبو زرعة طاهر بن الحافظ محمد بن طاهر المقدسي ثم الهمذاني.
ولد بالري سنة إحدى وثمانين وأربع مائة وسمع بها من المقومي وبالدون من عبد الرحمن بن محمد الدوني وبهمذان من عبدوس وبالكرج من السلارمكي وبساوة من الكامخي وروى الكثير وكان رجلًا جيدًا عريًا من العلم.
توفي بهمذان في ربيع وأبو مسعود الحاجي عبد الرحيم بن أبي الوفاء علي بن أحمد
(3/47)
________________________________________
الإصبهاني الحافظ المعدل.
سمع من جده غانم البرجي ورحل فسمع بنيسابور من الشيروي وببغداد من ابن الحصين.
توفي في شوال في عشر الثمانين.
وأبو عبد الله محمد بن يوسف بن سعادة المرسي نزيل شاطبة مكثر عن أبي علي الصدفي وإليه صارت عامة أصوله.
وسمع أيضًا من أبي محمد بن عتاب.
وجمع فسمع من ابن غزال ورزين العبدري.
قال ابن الأبار: كان عارفًا يالأثر مشاركًا في التفسير حافظًا للفروع بصيرًا باللغة والكلام فصيحًا مفوهًا مع الوقار والسمت والصيام والخشوع ولي قضاء شاطبة وحدث وصنف.
ومات في أول العام وله سبعون سنة.
ويحيى بن ثابت بن بندار أبوالقاسم البغدادي البقال.
سمع من طراد والنعالي وجماعة.
توفي في ربيع الأول وقد نيف على الثمانين.
والمستنجد بالله أبو المظفر بوسف بن المقتدي لأمر الله محمد بن المستظهر بالله أحمد بن المقتدي العباسي.
خطب له أبوه بولاية العهد سنة سبع وأربعين واستخلف سنة خمس وخمسين.
وعاش ثمانيًا وأربعين سنة.
وأمه طاوس الكرجية أدركت دولته.
وله شعر وسط.
وكان موصوفًا بالعدل والديانة.
أبطل المكوس وقام كل القيام على المفسدين.
توفي في ثامن ربيع الآخر.
حبس في حمام.
(3/48)
________________________________________
وابن الخلال القاضي الأديب موفق الدين يوسف بن محمد المصري صاحب ديوان الانشاء.
توفي في جمادى الآخرة وقد شاخ.
وولي بعده القاضي الفاضل.
سنة سبع وستين وخمس مائة
في أولها تجاسر صلاح الدين وقطع خطبة العاضد العبيدي وخطب للمستضيء أمير المؤمنين.
فأعقب ذلك موت العاضد يوم عاشوراء.
فجلس صلاح الدين للعزاء وبالغ في الحزن والبكاء.
وتسلم القصر وماحوى.
واحتيط على آل القصر في مكان أفراد لهم.
وقرر لهم ما يكفيهم.
ووصل إلى بغداد أبو سعد بن أبي عصرون رسولًابذلك.
فغلقت بغداد فرحًا وعملت القباب.
وكانت خطبة بني العباس قد قطعت من مصر من مائتي سنة وتسع سنين بخطبة بني عبيد.
فقدم صندل المقتفوي بالخلع لنور الدين ولصلاح الدين.
فلبس نور الدين الخلعة وهي فرجية وجبة وقباء وطوق ذهب وزنه ألف دينار وحصان بسرجه وسيفان ولواء وحصان آخر بحيث كتب بين يديه وقلد السيفين إشارة إلى الجمع له بين مصر والشام.
وفيها سار نور الدين لحصار الكرك وطلب صلاح الدين فبعث يعتذر فلم يقبل عذره.
وهم بالدخول إلىمصر وعزل صلاح الدين عنها.
وبلغ صلاح الدين ذلك فجمع خواصه ووالده وخاله شهاب الدين الحارمي وجماعة أمراء وأطلعهم على أمره واستشارهم.
فقال ابن أخيه تقي الدين عمر: إذا جاء قاتلناه.
فتابعه غيره.
فشتمهم أبوه نجم الدين أيوب واحتد وزبرهم وقال لابنه: أنا أبوك وهذا خالك.
أفي هؤلاء من يريد لك من الخير مثلنا فقال: لا.
قال والله لو رأيت أناوهذا نور الدين لم يمكنا إلا أن ننزل ونقبل الأرض
(3/49)
________________________________________
ولو أمرنا بضرب عنقك لفعلنا.
فما ظنك بغيرنا.
وهذه البلاد لنور الدين.
ولو أراد عزلك فأي حاجة له في المجيء بل يطلبك بكتاب.
وتفرقوا وكتب غير واحد من الأمراء بما تم فلما خلا نجم الدين بابنه قال: أنت جاهل تجمع هذا الجمع وتطلعهم على سرك.
فلو قصدك نور الدين لم تر معك منهم أحدًا.
فاكتب إليه واخضع له ففعل.
وفيها توفي أبو علي بن الرحبي أحمد بن محمد الحريمي العطار.
روى عن النعالي وجماعة.
ومات في صفر عن خمس وثمانين سنة.
والعلامة أبو محمد بن الخشاب عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد البغدادي النحوي المحدث.
ولد سنة اثنين وتسعين وأربع مائة.
وسمع من علي بن الحسين الربعي وأبي النرسي.
ثم طلب بنفسه وأكثر عن ابن الحصين وطبقته.
وقرأ الكثير وكتبه بخطه المليح المتقن.
وأخذ العربية عن أبي السعادات بن الشجري وابن الجواليقي وأتقن العربية واللغة والهندسة وغير ذلك.
وصنف التصانيف.
وكان إليه المنتهى في حسن القراءة وسرعتها وفصاحتها مع الفهم والعذوبة.
وانتهت إليه الإمامة في النحو.
وكان ظريفًا مزاحًا قذرًا وسخ الثياب يستقي في جرة مكسورة.
وما تأهل قط ولا تسرى.
توفي في رمضان.
وأبو محمد عبد الله بن منصور بن الموصلي البغدادي المعدل.
سمع من النعالي وتفرد بديوان المتنبي عن أبي البركات ال**** وعاش ثمانين سنة.
والعاضد لدين الله أبو محمد عبد الله بن يوسف بن الحافظ لدين الله
(3/50)
________________________________________
عبد المجيد بن محمد المستنصر بن الظاهر بن الحاكم العبيدي المصري الرافضي خاتمة خلفاء الباطنية.
ولد في أول سنة ست وأربعين وخمس منة وأقامه الصالح ابن رزيك بعد هلاك الفائز.
وفي أيامه قدم حسين بن نزار بن المستنصر العبيدي في جموع من المغرب.
فلما قرب غدر به أصحابه وقبضوا عليه وحملوه إلى العاضد فذبحه صبرًا.
ورد أن موت العاضد كان بإسهال مفرط.

وقيل مات غمًا لما سمع بقطع خطبته.
وقيل بل كان له خاتم مسموم فامتصه وخسر نفسه.
وعاش إحدى وعشرين سنة.
وأبو الحسن بن النعمةعلي بن عبد الله بن خلف الأنصاري الأندلسي المريي ثم البلنسي.
أحد الأعلام.
توفي في رمضان وهو في عشر الثمانين.
روى عن أبي علي بن سكرة وطبقته.
وتصدر ببلنسية لإقراء القراءات والفقه والحديث والنحو.
قال ابن الأبار: كان عالمًا حافظًا للفقه والتفاسير ومعاني الآثار مقدمًا في علم اللسان فصيحًا مفوهًا ورعًا فاضلًا معظمًا دمث الأخلاق.
انتهت إليه رئاسة الإقراء والفتوى وصنف كتابًا كبيرًا في شرح سنن النسائي بلغ فيه الغاية.
وكان خاتمة العلماء بشرق الأندلس.
والقاسم بن الفضل بن عبد الواحد بن الفضل أبو المطهر الإصبهاني الصيدلاني.
روى عن رزق الله التميمي والقاسم بن الفضل الثقفي.
توفي في جمادى الأولى وقد نيف على التسعين.
(3/51)
________________________________________
وأبو المظفر محمد بن أسعد بن الحكيم العراقي الحنفي الواعظ.
كان له القبول التام في الوعظ بدمشق.
ودرس بالطرخانية والصادرية والمعينية.
سمع أبا علي بن نبهان وجماعة.
وروى المقامات عن الحريري.
وصنف لها شرحًا وصنف تفسير القرآن عاش نيفًا وثمانين سنة.
وأبو عبد الله بن الفرس محمد بن عبد الرحيم الأنصاري الخزرجي الغرناطي.
تفقه على أبيه وقرأ عليه القراءات وسمع أبا بكر بن عطية وسمع بقرطبة من أبي محمد بن عتاب وطبقته.
وصار رأسًا في الفقه وفي الحديث وفي القراءات.
توفي في شوال ببلنسية وله ست وستون سنة.
وأبو حامد البروي الطوسي الفقيه الشافعي محمد بنن محمد تلميذ محمد ابن يحيى وصاحب التعليقة المشهورة في الخلاف.
كان إليه المنتهى في معرفة الكلام والنظر والبلاغة والجدل بارعًا في معرفة مذهب الأشعري.
قدم بغداد وشغب على الحنابلة وأثار الفتنة ووعظ بالنظامية وبعد صيته.
فأصبح ميتًا فيقال إن الحنابلة أهدوا له مع امرأة صحن حلو مسمومة وقيل إن البروي قال: لو كان لي أمر لوضعت على الحنابلة الجزية.
وأبو المكارم الباذرائي المبارك بن محمد المعمر الرجل الصالح.
روى عن ابن البطر والطريثيثي.
توفي في جمادى الآخرة.
(3/52)
________________________________________
ويحيى بن سعدون الإمام أبو بكر الأزدي القرطبي المقرئ النحوي نزيل الموصل وشيخها.
قرأ القراءات على جماعة منهم ابن الفحام بالاسكندرية.
وسمع بقرطبة من أبي محمد بن عتاب وبمصر من أبي صادق المديني وببغداد من ابن الحصين.
وقد أخذ عن الزمخشري وبرع في العربية والقراءات وتصدر فيهما مدة.
وكان ثقة ثبتًا صاحب عبادة وورع وتبحر في العلوم.
توفي يوم الفطر عن اثنتين وثمانيم سنة.
سنة ثمان وستين وخمس مائة
فيها دخل قراقوش مملوك تقي الدين عمر بن شاهنشاه ابن أخي السلطان صلاح الدين المغرب فنازل طرابلس المغرب مدة وافتتحها وكانت للفرنج.
وفيها التقى مليح بن لاون الأرمني فهزمهم وكان نور الدين قد استخدم ابن لاون وأقطعه سيس وظهر له نصحه وكان الكلب شديد النصح لنور الدين معينًا له على الفرنج.
ولما ليم نور الدين على إقطاعه سيس قال: أستعين به وأريح عسكري وأجعله سدًا بيننا وبين صاحب القسطنطينية.
وفبها سار نور الدين فافتتح بهنسا ومرعش ثم دخل الموصل ودان له صاحب الروم قلج أرسلان.
(3/53)
________________________________________
وفيها توفي أبو الفضل أحمدبن محمد بن شنيف الدارقزي المقرئ أسند من بقي في القراءات.
لكنه لم يكن ماهرًا بها.
قرأ على ابن سوار وثابت ابن بندار.
وعاش ستًا وتسعين سنة.
وأرسلان خوارزم شاه بن اتسز خوارزم شاه بن محمد نوشتكين.
رد من قتال الخطا فمرض ومات فتملك بعده ابنه محمود فغضب ابنه الأكبر خوارزم شاه علاء الدين تكش وقصد ملك الخطا فبعث معه جيشًا.
فهرب محمود واستولى هو على خوارزم.
فالتجأ محمود إلى صاحب نيسابور المؤيد فنجده والتقيا فانهزم هؤلاء وأسر المؤيد وذبح بين يدي تكش صبرًا وقتل أم أخيه.
وذهب محمود إلى غياث الدين صاحب الغور فأكرمه.
وألذكر ملك أذربيجان وهمذان.
كان عاقلًا جيد السيرة واسع الممالك عدد عسكره خمسون ألفًا.
وكان ابن امرأته أرسلان شاه بن طغرل السلجوقي هو السلطان وألذكر أتابكة لكنه كان من تحت حكمه.
وولى بعده ابنه محمد البهلوان.
وأيوب بن شاذي الأمير نجم الدين الدويني والد الملوك: صلاح الدين وسيف الدين وشمس الدولة وسيف الإسلام وشاهنشاه وتاج الملوك بوري وست الشام وربيعة خاتون.
وأخو الملك أسد الدين شب به فرسه فحمل إلى داره ومات بعد أيام في ذي الحجة.
وكان يلقب بالأجل الأفضل.
دفن عند أخيه ثم نقلا سنة تسع وسبعين إلى المدينة النبوية.
وأول ما ولى نجم الدين ولاية قلعة تكريت بعد أبيه لصاحبها الخادم بهروز نائب
(3/54)
________________________________________
بغداد ثم غضب بهروز عليه بسبب أخيه أسد الدين.
فقصدا أتابك زنكي فاستخدمهما.
فلما ولي بعلبك استناب عليها نجم الدين فعمر بها الخانقاه.
وكان دينًا عاقلًا كريمًا.
والمؤيد أبي به بن عبد الله السنجري صاحب نيسابور.
قتل في هذا العام.
وجعفر بن عبد الله ابن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن علي الدامغاني أبو منصور.
روى عن أبي مسلم السمناني وابن الطيوري.
توفي في جمادى الآخرة.
وملك النجاة أبو نزار الحسن بن صافي البغدادي.
كان نحويًا بارعًا وأصوليًا متكلمًا وفصيحًا متقعرًا كثير العجب والتيه.
قدم دمسق واشتغل بها وصنف في الفقه والنحو والكلام.
وعاش وأبو جعفر الصيدلاني محمد بن الحسن الإصبهاني له أجازة من بيبي الهرثمية.
تفرد بها وسمع من شيخ الإسلام وطبقته بهراة ومن سليمان الحافظ وطبقته بإصبهان.
توفي في ذي القعدة.
سنة تسع وستين وخمسمائة
فيها توفي نور الدين وثارت الفرنج.
ونزلوا على بانياس فصالحهم أمراء دمشق وبذلوا لهم مالًا وأسارى.
فبعث صلاح الدين يوبخهم.
(3/55)
________________________________________
وفيها وعظ الشهاب الطوسي ببغداد فقال: ابن ملجم لم يكفر بقتل علي.
فرجموه بالآجر.
وهاشت الشيعة فلولا الغلمان لقتل.
وأحرقوا منبره وهيئوا له للميعاد الآخر قوارير النفط ليحرقوه.
ولأمه نقيب النقباء فأساء الأدب.
فنفوه من الحضرة فدخل إلى مصر وارتفع بها شأنه وعظم.
وفيها توفي النقيب أوعبد الله أحمد بن علي بن المعمر الحسيني الأديب نقيب الطالبيين.
روى عن أبي الحسين بن الطيوري وجماعة.
وتوفي في جمادى الأولى.
وأبو إسحاق بن قرقول إبراهيم بن يوسف الوهراني الحمزي.
وحمزة اسم قريته.
سمع الكثير وعاش أربعًا وستين سنة.
وكان من أهل المغرب فقيهًا مناظرًا متفننًا حافظًا للحديث بصيرًا والحافظ أبو العلاء العطار الحسن بن أحمد الهمذاني المقرئ الأستاذ شيخ همذان وقارئها وحافظها.
رحل وحمل القراءات والحديث عن الحداد.
وقرأ بواسط على القلا نسي وببغداد على جماعة وسمع من ابن بيان وطبقته وبخراسان القراوي وطبقته.
قال الحافظ عبد القادر: شيخنا أبو العلاء.
أشهر من أن يعرف بل يتعذر وجود مثله في أعصار كثيرة.
وأول سماعه من الدوني في سنة خمس وتسعين وأربع مائة.
برع على حفاظ زمانه في حفظ ما يتعلق بالحديث من الأنساب
(3/56)
________________________________________
والتواريخ والأسماء والكنى والقصص والسير.
وله التصانيف في الحديث والقراءات والرقائق.
وله في ذلك مجلدات كبيرة منها كتاب زاد المسافر خمسون مجلدًا.
قال: وكان إمامًا في العربية.
سمعت أن من جملة ما حفظ في اللغة كتاب الجمهرة.
وخرج له تلامذة في العربية أئمة.
منهم إنسان كان يحفظ كتاب الغريبين للهروي.
ثم أخذ عبد القادر يصف مناقب أبي العلاء ودينه وكرمه وجلالته وأنه أخرج جميع ماورثه وكان أبوه تاجرًا وأنه سافر مرات ماشيًا يحمل كتبه على ظهره ويبيت في المساجد ويأكل خبز الدخن إلى أن نشر الله ذكره في الآفاق.
وقال ابن النجار: هو إمام في علوم القراءات والحديث والأدب والزهد والتمسك بالأثر.
توفي في جمادى الأولى.
وأبو محمد الدهان سعيد بن المبارك البغدادي النحوي ناصح الدين.
صاحب التصانيف الكثيرة.
ألف شرحًا للإفصاح في ثلاث وأربعين مجلدة وسكن الموصل وأضر بأخرة.
وكان سيبويه زمانه.
تصدر للاشتعال خمسين سنة وعاش بضعًا وسبعين سنة.
وعبد النبي بن المهدي اليمني الذي تغلب على اليمن ويلقب بالمهدي.
وكان أبوه أيضًا قد استولى على اليمن فظلم وغشم وذبح الأطفال.
وكان باطنيًا من دعاة المصريين.
فهلك سنة ست وستين.
وقام بعده الولد فاستباح الحرائر وتمرد على الله فقتله شمس الدولة كما ذكرنا.
وأبو الحسن علي بن أحمد بن حنين الكناني القرطبي نزيل فارس.
سمع الموطأ من أبي عبد الله بن الطلاع.
وقرأ القراءات عن أبي الحسن
(3/57)
________________________________________
العبسي وسمع من حازم بن محمد والكبار.
وحج سنة خمس مائة ولقي الكبار وعمر دهرًا ولد سنة ست وسبعين وأربع مائة.
وتصدر للإقراء مدة.
والفقيه عمارة بن علي بن زيدان أبو محمد الحكمي المذ حجي التميمي الشافعي القاضي نجم الدين نزيل مصر وشاعر العصر.
قال ابن خانكان: كان شديد التعصب للسنة أديبًا ماهرًا لم يزل ماشي الحال في دولة المصريين إلى أن ملك صلاح الدين فمدحه ثم أنه شرع في أمور وأخذ في اتفاق مع الرؤساء في التعصب للعبيديين وإعادة دولتهم.
فنقل أمرهم وكانوا ثمانية إلى صلاح الدين فشنقهم في رمضان.
قلت مات في الكهولة.
والسلطان نور الدين الملك العادل أبو القاسم محمود بن أتابك زنكي ابن أقسنقر التركي.
تملك حلب بعد أبيه ثم أخذ دمشق فملكها عشرين سنة.
وكان مولده في شوال سنة إحدى عشرة وخمس مائة.
وكان أجل ملوك زمانه وأعدلهم وأدينهم وأكثرهم جهادًا وأسعدهم في دنياه وآخرته.
هزم الفرنج غير مرة وأخافهم وجرعهم المر.
وفي الجملة محاسنه أبين من الشمس وأحسن من القمر.
وكان أسمر طويلًا مليحًا تركي اللحية نقي الخد شديد المهابة حسن التواضع طاهر اللسان كامل العقل والرأي سليمًا من التكبر خائفًا من الله قل أن يوجد في الصلحاء الكبار مثله فضلًا عن الملوك.
ختم الله له بالشهادة ونوله الحسنى إن شاء الله وزيادة فمات بالخوانيق في حادي عشر شوال.
وعهد بالملك إلى ولده الصالح إسماعيل وعمره إحدى عشرة سنة.
(3/58)
________________________________________
وهبة الله بن كامل المصري التنوخي قاضي القضاة وداعي الدعاة أبو القاسم قاضي الخليفة العاضد.
كان أحد الثمانية الذين سعوا في إعادة دولة بني عبيد. فشنقهم الملك صلاح الدين رحمه الله.
سنة سبعين وخمس مائة
فيها قدم صلاح الدين فأخذ دمشق ولا ضربة ولا طعنة.
وسار الصالح إسماعيل في حاشيته إلى حلب ثم سار صلاح الدين فحاصر حمص بالمجانيق ثم سار فأخذ حماة في جمادى الآخرة ثم سار فحاصر حلب وأساء العشيرة في حق آل نور الدين.
ثم رد وتسلم حمص ثم عطف إلى بعلبك فتسلمها ثم كر فالتقى عز الدين مسعود بن مودود ابن صاحب الموصل وأخو صاحبها.
فانهزم المواصلة على قرون حماة أسوأ هزيمة.
ثم وقع الصلح.
واستناب بدمشق أخاه سيف الإسلام.
وكان بمصر أخوه العادل.
وفيها توفي أحمدبن المبارك المرقعاتي.
روى عن جده لأمه ثابت بن بندار.
وكان يبسط المرقعة للشيخ عبد القادر على الكرسي.
توفي في صفر.
وخديجة بنت أحمد بن الحسن النهرواني.
روت عن أبي عبد الله النعالي.
وكانت صالحة.
توفيت في رمضان.
وشملة التركماني.
تملك بلاد فارس وجدد قلاعًا وحارب الملوك ونهب المسلمين.
وكان يخطب للخليفة.
التقاه البهلوان بن إلدكز ومعه عسكرمن التركمان لهم ثأر على شملة فانهزم جيشه وأصابه سهم فأسر ومات.
وكان ظالمًا جبارًا فرح الناس بمصرعه.
وكانت أيامه عشرين سنة.
(3/59)
________________________________________
وقايماز الملك قطب الدين المستنجدي.
عظم في دولة مولاه وصار مقدم الجيش في دولة المستضيء واستبد بالأمور إلى أن هم بالخروج فسار بعسكره نحو الموصل.
فمات في ذي الحجة وكان فيه كرم وقلة ظلم.
وأبو عبد الله محمد بن عبد الله بن خليل القيسي اللبلي نزيل فارس ثم مراكش.
روى عن ابن الطلاع وحازم بن محمد وسمع صحيح مسلم من أبي علي الغساني.
قال ابن الأبار: كان من أهل الرواية والدراية.
لازم مالك بن وهيب مدة.
سنة إحدى وسبعين وخمس مائة
فيها نقض صاحب الموصل.
وسار السلطان سيف الدين غازي بن قطب الدين.
فالتقاه صلاح الدين بنواحي حلب على تل السلطان.
فانهزم غازي وجمعه وكانوا ستة آلاف وخمس مائة ولكن لم يقتل سوى رجل واحد.
ثم سار صلاح الدين فأخذ منبج ثم نازل قلعة عزاز مدة.
وقفز عليه الإسماعيلية فجرحوه في فخذه وأخذوا فقتلوا.
وافتتح القلعة.
ثم نازل حلب أشهرًا ثم وقع الصلح وترحل عنهم.
وأطلق قلعة عزاز لولد نور الدين.
وفيها توفي الحافظ ابن عساكر صاحب التاريخ الثمانين مجلدة أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة
الله الدمشقي.
محدث الشام ثقة الدين.
ولد في أول سنة تسع وتسعين وأربع مائة وأسمع في سنة خمس وخمس مائة وبعدها من النسيب وأبي طاهر الحنلئي وطبقتهما.
ثم عني بالحديث ورحل فيه إلى العراق
(3/60)
________________________________________
وخراسان وإصبهان.
وساد أهل زمانه في الحديث ورجاله وبلغ في ذلك الذروة العليا.
ومن تصفح تاريخه علم منزلة الرجل في الحفظ.
توفي في حادي عشر رجب.
وحفدة العطاري الإمام نجم الدين أبو منصور محمد بن أسعد بن محمد الطوسي الفقيه الشافعي الأصولي الواعظ تلميذ محيي السنة البغوي وراوي كتابيه شرح السنةومعالم التنزيل.
وقد دخل إلى بخارى وتفقه بها.
ثم عاد إلى أذربيجان والجزيرة.
وبعد صيته في الوعظ.
قال ابن خلكان: توفي في ربيع الآخر.
ثم قال: وقيل سنة ثلاث وسبعين.
سنة اثنتين وسبعين وخمس مائة
فيها أمر صلاح الدين ببناء السور الكبير
المحيط بمصر والقاهرة في البر.
وطوله تسعة وعشرون ألف ذراع وثلاث مائة ذراع بالقاسمي.
فلم يزل العمل فيه إلى أن مات صلاح الدين.
وأنفق عليه أموالًا لاتحصى.
وكان مشد بنائه قراقوش.
وأمر أيضًا بإنشاء قلعة الجبل ثم توجه إلى الاسكندرية وسمع الحديث من السلفي.
وفيها وقعة الكنز.
جمع الكنز مقدم السودان خلقًا.
وجيش بالصعيد وسار إلى القاهرة في مائة ألف.
فخرج لحربه نائب مصر سيف الدين أبو بكر العادل فالتقوا فانكسر الكنز وقتل في المصاف.
(3/61)
________________________________________
قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي: قيل إنه قتل منهم ثمانون ألفًا يعني من السودان.
وفيها توفي أبو محمد صالح بن المبارك بن الرخلة الكرخي المقرئ القزاز.
سمع من النعالي وغيره وتوفي في صفر.
والعثماني أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن يحيى الأموي الديباجي محدث الاسكندرية بعد السلفي في الرتبة.
روى عن أبي القاسم بن الفحام والطرطوشي وخلق.
ويعرف بابن أبي اليابس.
وكان ثقة صالحًا متعففًا يقرىء النحو واللغة والحديث.
وكان السلفي يؤذيه ويرميه بالكذب.
فكان يقول: كل من بيني وبينه شيء فهو في حل إلا السلفي فبيني وبينه وقفة بين يدي الله تعالى.
يقال توفي في شوال عن ثمان وثمانين سنة.
وعلي بن عساكر بن المرحب أبو الحسن البطائحي الضرير المقرئ الأستاذ.
قرأ القراءات على أبي العز القلانسي وأبي عبد الله البارع وطائفة.
وتصدر للإقراء وأتقن الفن وحدث عن أبي طالب بن يوسف وطائفة.
توفي في شعبان.
ومحمد بن أحمد بن ماشاذه أبو بكر الإصبهاني المقرئ المحقق.
قرأ
(3/62)
________________________________________
القراءات وتفرد بالسماع من وأبو الفضل بن الشهرزوري قاضي القضاة كمال الدين محمد بن عبد الله بن القاسم بن المظفر الموصلي الشافعي.
ولد سنة إحدى وتسعين وأربع مائة.
وتفقه ببغداد على أسعد الميهني وسمع من نور الهدى الزينبي وبالموصل من جده لأمه على بن طوق.
وولي قضاء بلده لأتابك زنكي.
ثم وفد على نور الدين فبالغ في تبجيله وركن إليه وصار قاضيه ووزيره ومشيره ومن جلالته أن السلطان صلاح الدين لما أخذ دمشق وتمنعت عليه القلعة أيامًا مشى إلى دار القاضي كمال الدين.
فانزعج وخرج لتلقيه.
فدخل وجلس.
وقال: طب نفسًا فالأمر أمرك والبلد بلدك.
توفي في سادس المحرم وهو من بيت قضاء وفقه.
وأبو الفتح نصر بن سيار بن صاعد بن سيار الكتاني الهروي الحنفي القاضي شرف الدين.
كان بصيرًا بالمذهب مناظرًا دينًا متواضعًا.
سمع الكثير من جده القاضي أبي العلاء والقاضي أبي عامر الأزدي ومحمد بن العميري والكبار وتفرد في زمانه.
وعاش سبعًا وتسعين سنة.
توفي في يوم عاشوراء.
وهو آخر من روى [جامع الترمذي] عن أبي عامر.
سنة ثلاث وسبعين وخمس مائة
فيها وقعة الرملة.
سارصلاح الدين من مصر فسبى وغنم ببلاد عسقلان.
وسار إلى الرملة فالتقى الفرنج فحملوا على المسلمين فهزموهم.
وبيت السلطان وابن أخيه تقي الدين عمر.
ودخل الليل واحتوت الفرنج على المعسكر بما فيه.
وتمزق العسكر وعطشوا في الرمال واستشهد جماعة وتحيز صلاح الدين ونجا ولله الحمد وقتل ولد لتقي الدين عمر وله عشرون سنة
(3/63)
________________________________________
وأسر الأمير الفقيه عيسى الهكاري.
وكانت نوبة صعبة.
ونزلت الفرنج على حماة وحاصرتها أربعة أشهر لاشتغال السلطان بلم شعث الجيش.
وفيها توفي أرسلان شاه بن طغريل بن محمد بن ملكشاه السلجوقي سلطان أذربيجان.
كان له السكة والخطبة.
والقائم بدولته زوج أمه الذكر.
ثم ابنه البهلوان.
فلما توفي خطبوا لولده طغريل الذي قتله خوارزم شاه.
والوزير أبو الفرج محمد بن عبد الله بن هبة الله بن المظفر بن رئيس الرؤساء الوزير أبي القاسم على بن المسلمة.
روى عن ابن الحصين وجماعة وولي أستاذ دارية المقتفي ثم المستنجد ووزر للمستضيء ولقب عضد الدين وكان جوادًا سريًا معظمًا مهيبًا.
خرج للحج في محمل عظيم فوثب عليه واحد من الباطنية فقتله في أوائل ذي القعدة عن تسع وخمسين سنة.
وأبو محمد بن المأمون الاديب صاحب التاريخ هارون بن العباس بن محمد العباسي المأموني البغدادي الأديب.
روى عن قاضي المرستان وشرح أيضًا المقامات الحريري توفي في ذي الحجة
ولاحق بن علي بن كارة أخو دهبل البغدادي.
روي عن أبي القاسم ابن بيان وغيره.
وتوفي في نصف شعبان عن ثمان وسبعين سنة.
وأبو شاكر السقلاطوني يحيى بن يوسف بن بالان الخباز.
روى عن
(3/64)
________________________________________
ثابت بن بندار والحسين بن البسري وجماعة.
توفي في شعبان.
سنة أربع وسبعين وخمس مائة
فيها أخذ ابن قرايا الرافضي الذي ينشد في الأسواق ببغداد فوجدوا في بيته سب الصحابة.
فقطعت يده ولسانه ورجمته العامة.
فهرب وسبح فألحوا عليه بالآجر فغرق.
فأخرجوه وأحرقوه.
ثم وقع القبح على الرافضة وأحرقت كتبهم وانقمعوا حتى صاروا في ذلة اليهود.
وهذا شيء لم يتهيأ ببغداد من نحو مائتين وخمسين سنة.
وفيها خرج نائب دمشق فرخشاه ابن أخي السلطان.
فالتقى الفرنج فهزمهم.
وقتل مقدمهم هنفري الذي كان يضرب به المثل في الشجاعة.
وفيها أطلق السلطان حماة عند موت صاحبها خاله شهاب الدين الحارمي لابن أخيه الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه.
وأطلق له أيضًا المعرة ومنبج وفامية.
فبعث إليها نوابة.
وفيها توفي أبو أحمد أسعد بن بلدرك الجبريلي البغدادي البواب المعمر في ربيع الأول عن مائة وأربع سنين.
ولو سمع في صغره لبقي مسند العالم.
سمع من أبي الخطاب الجراح وأبي الحسن بن العلاف.
والحيص بيص شهاب الدين أبو الفوارس سعد بن محمد بن سعد بن صيفي التميمي الشاعر المشهور وله ديوان معروف.
كان وافر الأدب متضلعًا من اللغة بصيرًا بالفقه والمناظرة.
توفي في شعبان.
وشهدة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج الدينوري ثم البغدادي الكاتبة المسندة
(3/65)
________________________________________
فخر النساء.
كانت دينة عابدة صالحة.
سمعها أبوها الكثير وصارت مسندة العراق.
روت عن طراد والنعالي وابن البطر وطائفة.
وكانت ذا بر وخير.
توفيت في رابع عشر المحرم عن نيف وتسعين سنة.
وأبو رشيد عبد الله بن عمر الإصبهاني آخر من بقي بإصبهان من أصحاب الرئيس الثقفي.
وأبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق بن أحمد اليوسفي أخو عبد الحق.
روى عن ابن بيان وجماعة.
وكان خياطًا دينًا.
توفي بمكة وله سبعون سنة.
وأبو الخطاب العليمي عمر بن محمد بن عبد الله الدمشقي التاجر السفار.
طلب بنفسه وكتب الكثير في تجارته بالشام ومصر والعراق وماوراء النهر.
روى عن نصب الله المصيصي وعبد الله بن الفراوي وطبقتهما.
توفي في شوال عن أربع وخمسين سنة.
وأبو عبد الله بن المجاهد الزاهد القدوة محمد بن أحمد بن عبد الله الأنصاري الأندلسي عن بضع وثمانين سنة.
قرأ العربية ولزم أبا بكر بن العربي مدة.
قال ابن الآبار: كان المشار إليه في زمانه بالصلاح والورع والعبادة إجابة الدعوة.
وكان أحد أولياء الله الذين تذكر به رؤيتهم.
آثاره مشهورة وكراماته معروفة مع الحظ الوافر من الفقه والقراءات.
ومحمد بن نسيم العيشوني.
روى عن ابن العلاف وابن نبهان.
وقع من سلم فمات في الحال في جمادى الآخرة.
(3/66)
________________________________________
سنة خمس وسبعين وخمس مائة
فيها نزل صلاح الدين على بانياس وأغارت سراياه على الفرنج ثم أخبر بمجيء الفرنج فبادر في الحال وكبسهم.
فإذا هم في ألف قنطارية وعشرة آلاف راجل.
فحملوا على المسلمين فبيتوا لهم ثم حمل المسلمون فهزموهم ووضعوا فيهم السيف ثم أسروا مائتين وسبعين أسيرًا منهم مقدم الديوية فاستفك نفسه بألف أسير وبجملة من المال.
وأما ملكهم فانهزم جريحًا.
وفيها نزل قلج أرسلان صاحب الروم على حصن رعبان في عشرين ألفًا.
فنهض لنجدة الحصن تقي الدين صاحب حماة وسيف الذين المشطوب في ألف فارس.
فكبسوا الروميين بغتة فركبوا خيولهم عريًا ونجوا.
وحوى تقي الدين الخيام بما فيها.
ثم من على الأسراء بأموالهم وسرحهم.
وفيها مات المستضيء وبويع ابنه أحمد الناصر لدين الله في سلخ شوال وفيها توفي أحمد بن أبي الوفاء أبو الفتح بن الصائغ البغدادي الحنبلي.
خدم أبا الخطاب الكلواذاني مدة.
وحدث عن ابن بيان بحران.
وأبو يحيى اليسع بن عيسى بن حزم الغافقي المقرئ.
أخذ القراءات عن أبيه وأبي الحسن شريخ وطائفة وأقرأ بالاسكندرية والقاهرة واستملىعليه صلاح الدين وقربه واحترمه.
وكان فقيهًا مفتيًا محدثًا مقرئًا نسابة أخباريًا بديع الخط.
وقيل هو أول من خطب بالدعوة العباسية بمصر توفي في رجب.
وتجنى الوهابية أم عتب آخر من روى في الدنيا بالسماع عن طراد والنعالي.
توفيت في شوال وآخر من حدث عنها ابن قميرة.
(3/67)
________________________________________
والمستضيء بأمر الله أبو محمد الحسن بن المستنجد بالله بن يوسف بن المقتفي محمد بن المستظهر أحمد بن المقتدي العباسي.
بويع بعد أبيه في ربيع الآخر سنة ست وسنين.
ونهض بخلافته الوزير عضد الدين بن رئيس الرؤساء فاستوزره.
وكان ذا دين وحلم وأناة ورأفة ومعروف زائد.
وأمه أرمنية.
عاش خمسًا وأربعين سنة.
خلف ولدين: أحمد الناصر وهاشما.
قال ابن الجوزي في المنتظم: أظهر من العدل والكرم مالم نره في أعمارنا وفرق مالًا عظيمًا في الهاشميين وفي المدارس.
وكان ليس للمال عنده وقع.
قلت: كان يطلب ابن الجوزي ويأمر بعقد مجلس الوعظ ويجلس بحيث يسمع ولا يرى.
وفي أيامه اختفى الرفض ببغداد ووهى.
وأما بمصر والشام فتلاشى.
وزالت دولة العبيديين أولي الرفض.
وخطب له بديار مصر وبعض المغرب واليمن.
وأبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن أحمد اليوسفي الشيخ الثقة عن إحدى وثمانين سنة.
أسمعه أبوه الكثير من أبي القاسم الربعي وابن الطيوري وجعفر السراج وطائفة.
ولم يحدث بما سمعه حضورًا تورعًا.
وكان فقيرًا صالحًا متعففًا كثير التلاوة جدًا توفي في جمادى الأولى.
وأبو الفضل عبد المحسن بن تريك الأزجي البيع.
روى عن ابن بيان وجماعة.
توفي يوم عرفة.
(3/68)
________________________________________
وأبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر القرشي الزبيري الدمشقي القاضي الحافظ.
نزيل بغداد.
سمع من أبي الدر ياقوت الرومي وطائفة بدمشق ومن أبي الوقت والناس ببغداد.
وصحب أبا وأبة هاشم الدوشابي عيسى بن أحمد الهاشمي العباسي البغدادي الهراس.
روى عن الحسين بن البسري وغيره.
توفي في رجب.
وأبو بكر بن خير واسمه محمد بن خير بن عمر بن خليفة اللمتوني الأشبيلي المقرئ الحافظ صاحب شريح.
فاق الأقران في ضبط القراءات وسمع الكثير من أبي مروان الباجي وابن العربي وخلق.
وبرع أيضًا في الحديث واشتهر بالإتقان وسعة المعرفة بالعربية توفي في ربيع الأول عن ثلاث وسبعين سنة.
وأبو بكر الباقداري الضرير محمد بن أبي غالب الحافظ.
سمع أبا محمد سبط الخياط فمن بعده.
وبرع في الحديث حتى صار ابن ناصر يسأله ويرجع إلى قوله.
قال ابن الدبيثي: انتهى إليه معرفة رجال الحديث وحفظه.
وعليه كان المعتمد فيه.
توفي كهلًا في ذي الحجة.
وأبو عبد الله الوهراني المغربي محمد بن محرز ركن الدين وقيل جمال
(3/69)
________________________________________
الدين الأديب الكاتب صاحب المزاح والدعابة والمنام الطويل الذي جمع أنواعًا من المجون والأدب.
مات في رجب بدمشق.
وأبو محمد بن الطباخ المبارك بن علي البغدادي الحنبلي المجاور بمكة.
كان يكتب العبر ويؤم بحطيم الحنابلة.
روى عن ابن الحصين وطبقته وكتب بخطه.
سمع منه أبو سعد بن السمعاني وأبو الفضل متوجهر بن محمد بن تركشاه الكاتب كان أديبًا فاضلًا مليح الإنشاء حسن الطريقة.
كتب للأمير قايماز المستنجدي وروى المقامات عن الحريري مرارًا.
وروى عن هبة الله بن أحمد الموصلي وجماعة.
وتوفي في جمادى الأولىوله ست وثمانون سنة.
وأبو عمر بن عباد الأستاذ المقرئ المحقق يوسف بن عبد الله الأندلسي اللري.
قدم بلنسية وأخذ القراءات عن أبي مروان بن الصقيل وابن هذيل وسمع من طارق بن يعيش وخلق كثير وعني يصناعة الحديث وكتب العالي والنازل وبرع في معرفة الرجال وصنف التصانيف الكثيرة وعاش سيعين سنة.
سنة ست وسبعين وخمس مائة
فيها نزل صلاح الدين على حصن من بلاد الأرمن فافتتحه وهدمه ثم رجع فوافاه القليد وخلع السلطنة بحمص من الناصر لدين الله فركب بها هناك.
وكان يومًا مشهودًا.
(3/70)
________________________________________
وفيها ركب الناصر بأبهة الخلافة وعلى رأسه المظلة السوداء وعلى كريمته الطرحة.
ثم ركب بعد أيام يتصيد.
وفيها توفي أبو طاهر السلفي الحافظ العلامة الكبير مسند الدنيا ومعمر الحفاظ أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الإصبهاني الجرواني.
وجروان محلة بإصبهان وسلفة لقب جده أحمد ومعناه غليظ الشفة.
سمع من أبي عبد الله الثقفي وأحمد بن عبد الغفار بن اشته ومكي السلار وخلق كثير بإصبهان خرج عنهم في معجم وحدث بإصبهان في سنة اثنتين وتسعين.
قال: وكنت ابن سبع عشرة سنة أكثر أو أقل ورحل سنة ثلاث فأدرك أبا الخطاب بن البطر ببغداد وعمل معجمًا لشيوخ بغداد.
ثم حج وسمع بالكوفة والحرمين والبصرة وهمذان وأذربيجان والري والدينور وقزوين وزنجان والشام ومصر فأكثر وأطاب.
وتفقه فأتقن مذهب الشافعي وبرع في الأدب وجود القرآن بالروايات واسوطن الاسكندرية بضعًا وستين سنة مكبًا على الاشتغال والمطالعة والنسخ وتحصيل الكتب.
وقد أفردت أخباره في جزء.
وجاوز المائة بلا ريب.
وإنما النزاع في مقدار الزيادة.
ومكث نيفًا وثمانين سنة يسمع عليه.
ولا أعلم أحدًا مثله في هذا ومات يوم الجمعة بكرة خامس ربيع الآخر رحمه الله.
وشمس الدولة الملك المعظم تورانشاه بن أيوب بن شاذي وكان أسن من أخيه صلاح الدين.
وكان يحترمه ويتأدب معه.
سيره فغزا النوبة فسبى وغنم ثم بعثه فافتتح اليمن وكانت بيد الخوارج الباطنية.
وأقام بها ثلاث سنين. ثم
(3/71)
________________________________________
اشتاق إلى طيب الشام ونضارتها فقدم وناب بدمشق لأخيه.
ثم تحول إلى مصر فتوفي بالاسكندرية في صفر فنقل إلى الشام ودفنته أخته
وأبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن صابر الدمشقي.
ولد سنة تسع وتسعين وعني به أبوه فأسمعه الكثير من النسيب وأبي طاهر الحنائي وطبقتهما.
ولعب في شبابه وباع أصول أبيه بالهوان.
توفي في رجب على طريقة حسنة.
وأبو المفاخر المأموني راوي صحيح مسلم بمصر سعيد بن الحسين ابن سعيد العباسي.
روى الحديث هو وابنه وحفيده وناقلته.
وأبو الفهم بن أبي العجائز الأزدي الدمشقي واسمه عبد الرحمن بن عبد العزيز بن محمد.
وهو راوي حديث سخنام عن أبي طاهر الحنائي.
وأبو الحسن بن العصار النحوي علي بن عبد الرحيم السلمي الرقي ثم البغدادي.
كان علامة في اللغة حجة في العربية.
أخذ عن ابن الجواليقي.
وكتب الكثير بخطه الأنيق وروى عن أبي الغنائم بن المهتدي بالله وغيره وخلف مالًا طائلًا وإليه انتهى علم اللغة.
توفي في المحرم عن ثمان وستين سنة.
وغازي السلطان سيف الدين صاحب الموصل وابن صاحبها قطب الدين مودود بن أتابك زنكي التركي الأتابكي.
توفي في صفر بعلة
(3/72)
________________________________________
السل وله ثلاثون سنة وكان شابًا مليحًا أبيض طويلًا عاقلًا وقورًا قليل الظلم. ومحمد بن محمد بن مواهب أبو العز بن الخراساني البغدادي الأديب صاحب العروض والنوادر وديوان الشعر الذي هو في مجلدات.
كان صاحب ظرف ومجون وذكاء مفرط وتفنن في الأدب.
روى عن أبي الحسين بن الطيوري وأبي سعد بن خشيش وجماعة.
وتغير ذهنه قبل موته بقليل.
توفي في رمضان وله اثنتان وثمانون سنة.
سنة سبع وسبعين وخمس مائة
فيها توفي الملك الصالح أبو الفتح إسماعيل ابن السلطان نور الدين محمود بن زنكي.
ختنه أبوه وعمل وقتًا باهرًا وزينت دمشق ثم مات أبوه بعد ختانه بأيام وأوصى له بالسلطنة فلم يتم وبقيت له حلب وكان شابًا أديبًا عاقلًا محببًا إلى الحلبيين إلى الغاية بحيث أنهم قاتلوا عن حلب صلاح الدين قتال الموت وما تركوا شيئًا من مجهودهم.
ولما مرض بالقولنج في رجب ومات أقاموا عليه المأتم وبالغوا في النوح والبكاء وفرشوا الرماد في الطرق.
وكان له تسع عشرة سنة وأوصى بحلب لابن عمه عز الدين مسعود بن مودود فجأء وتملكها.
والكمال ابن الأنباري النحوي العبد الصالح أبو البركات عبد الرحمن ابن محمد بن عبيد الله.
تفقه بالنظامية على بن الرزاز وأخذ النحو عن ابن
(3/73)
________________________________________
الشجري واللغة عن ابن الجواليقي.
وبرع في الأدب حتى صار شيخ العراق.
توفي في شعبان وله أربع وستون سنة.
وكان زاهدًا عابدًا مخلصًا ناسكًا تاركًا الدنيا له مائة وثلاثون مصنفًا في الفقه والأصول والزهد وأكثرها في فنون العربية فرحمه الله.
وشيخ الشيوخ أبو الفتح عمر بن علي بن الزاهد محمد بن علي بن حمويه الجويني الصوفي وله أربع وستون سنة.
روى عن جده والفراوي وطائفة.
وولاه نور الدين مشيخة الشيوخ بالشام وكان وافر الحرمة.
سنة ثمان وسبعين وخمس مائة
فيها سار صلاح الدين فافتتح حران وسروج وسنجار ونصيبين والرقة والبيرة.
ونازل الموصل فحاصرها وتحير من حصانتها ثم جاءه رسول الخليفة يأمره بالترحل عنها.
فرحل ورجع فأخذ حلب من عز الدين مسعود الأتابكي وعوضه بسنجار.
وفيها لبس لباس الفتوة الناصر لدين الله من شيخ الفتوة عبد الجبار ولهج بذلك وبقي يلبس الملوك.
وإنما كمال المروة ترك لبس الفتوة.
وفيها بعث صلاح الدين أخاه سبف الإسلام طغتكين على مملكة اليمن فدخلها وتسلمها من نواب أخيه.
وفيها مات نائب دمشق فرخشاه وولي بعده شمس الدين محمد بن المقدم
(3/74)
________________________________________
وفيها توفي أحمد بن الرفاعي الزاهد القدوة أبو العباس بن علي بن أحمد.
وكان أبوه قد نزل البطائح بالعراق بقرية أم عبيدة فتزوج بأخت الشيخ منصور الزاهد.
فولد له الشيخ أحمد في سنة خمس مائة.
وتفقه قليلًا على مذهب الشافعي.
وكان إليه المنتهى في التواضع والقناعة ولين الكلمة والذل والانكسار الإزراء على نفسه وسلامة الباطن ولكن أصحابه فيهم الجيد الرديء وقد كثر الزغل فيهم وتجددت لهم أحوال شيطانية منذ أخذت التتار العراق: من دخول النيران وركوب السباع واللعب بالحيات.
وهذا ما عرفه الشيخ ولا صلحاء أصحابه.
فنعوذ بالله من الشيطان.
وأبو طالب الخضر بن هبة الله بن أحمد بن طاوس الدمشقي المقرئ.
آخر من قرأ على أبي الوحش سبيع وآخر من سمع على الشريف النسيب.
توفي في شوال وله ست وثمانون سنة.
وأبو القاسم بن بشكوال خلف بن عبد الملك بن مسعود أبو القاسم الأنصاري القرطبي الحافظ محدث الأندلس ومؤرخها ومسندها وله أربع وثمانون سنة.
سمع أبا محمد بن عتاب وأبا بحر بن العاص وطبقتهما.
وأجاز له أبو علي الصدفي.
وله عدة تصانيف.
توفي في ثامن رمضان.
وخطيب الموصل أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد عبد القاهر الطوسي ثم البغدادي.
ولد في صفر سنة سبع وثمانين وسمع
(3/75)
________________________________________
حضورًا من طراد والنعالي وغيرهما.
وسمع من ابن البطر وابي بكر الطريثيثي وخلق.
وكان ثقة في نفسه.
توفي في رمضان.
قال ابن النجار: كان قرا الفقه والأصول على الكيا الهراسي وأبي بكر الشاشي والأدب على أبي زكريا التبريزي وولي خطابة الموصل زمانًا وتفرد في الدنيا وقصده الرحالون.
وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن علي بن حمنيس البغدادي السراج.
سمع أبا الحسن بن العلاف وأبا سعد بن خشيش وجماعة.
قال ابن الأخضر: كان لايحسن يصلي ولا أن يقول التحيات.
قلت توفي في رجب.
وفروخشاه بن شاهنشاه بن أيوب بن شاذي عز الدين صاحب بعلبك وأبو صاحبها الملك الأمجد ونائب دمشق لعمه صلاح الدين.
كان ذا معروف وبر وتواضع وأدب.
وكان للتاج الكندي به اختصاص.
توفي بدمشق ودفن بقبته التي بمدرسته على الشرف الشمالي في جمادى الأولى وهو أخو صاحب حماة تقي الدين.
والقطب النيسابوري الفقيه العلامة أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود الطرثيثي الشافعي.
ولد سنةخمس وخمس مائة وتفقه على محمد بن يحيى صاحب الغزالي وتأدب على أبيه وسمع من هبة الله السيدي
(3/76)
________________________________________
وجماعة وبرع في الوعظ وحصل له القبول ببغداد ثم قدم دمشق سنة أربعين.
وأقبلوا عليه.
ودرس بالمجاهدية والغزالية.
ثم خرج إلى حلب ودرس بالمدرستين اللتين بناهما نور الدين وأسد الدين.
ثم ذهب إلى همذان فدرس بها.
ثم عاد بعد مدة إلى دمشق ودرس بالغزالية.
وانتهت إليه رئاسة المذهب بدمشق.
وكان حسن الأخلاق قليل التصنع مات في سلخ رمضان.
ودفن يوم العيد بتربته.
وأبو محمد بن الشيرازي هبة الله بن محمد بن هبة الله بن مميل البغدادي المعدل الصوفي الواعظ.
سمع أبا علي بن نبهان وغيره.
وقدم دمشق سنة ثلاثين وخمس مائة وهو شاب.
فسكنها وأم بمشهد علي وفوض إليه عقد الأنكحة.
توفي في ربيع الأول وهو في عشر الثمانين.
وأم بعده بالمشهد ابنه القاضي شمس الدين أبو نصر محمد.
وأبو الفضل وفاء بن أسعد التركي الخباز.
روى عن أبي القاسم بن بيان وجماعة.
توفي في ربيع الآخر وكان شيخًا صالحًا.
سنة تسع وسبعين وخمس مائة
في أولها نازل صلاح الدين حلب وبها عماد الدين مسعود فاقتتلوا ثم وقع الصلح فقتل عليها جماعة.
وفيها توفي بوري تاج الملوك مجد الدين أخو السلطان صلاح الدين وله ثلاث وعشرون سنة.
وتقية بنت غيث بن علي الأرمنازي الشاعرة المحسنة.
لها شعر سائر.
وكانت امرأة برزة جلدة.
مدحت تقي الدين عمر صاحب حماة والكبار
(3/77)
________________________________________
وعاشت أربعًا وسبعين سنة.
ولها ابن محدث معروف.
وأبو الفتح الخرقي عبد الله بن أحمد بن أبي الفتح الإصبهاني مسند إصبهان.
سمع أبا مطيع المصري وأحمد بن عبد الله الشوذرجاني وانفرد بالرواية عن جماعة.
توفي في رجب وله تسع وثمانون سنة وكان رجلًا صالحًا.
والأبلة الشاعر صاحب الديوان أبو عبد الله محمد بن بختيار البغدادي.
ساب ظريف وشاعر مفلق بزي الجند.
وقيل له الأبله بالضد.
توفي في جمادى الأخرة.
ومحمد بن جعفر بن عقيل أبو العلاء البصري ثم البغدادي المقرئ.
قرأ القراءات على أبي الخير الغسال وسمع من ابن بيان وأبي النرسي وعاش ثلاثًا وتسعين سنة.
وأبو طالب الكتاني محمد بن أحمد بن علي الواسطي المحتسب.
توفي في المحرم وله أربع وتسعون سنة.
سمع من محمد بن علي بن أبي الصقر الشاعر وأبي نعيم الجماري وطائفة.
وانفرد بإجازة أبي طاهر أحمد بن الحسن الكرجي والباقلاتي وجماعة.
ورحل إلى بغداد فلحق بها أبا الحسن بن العلاف وكان ثقة دينًا ويونس بن محمد بن منعة الإمام رضي الدين الموصلي الشافعي والد العلامة كمال الدين موسى وعماد الدين محمد.
تفقه على الحسين بن نصر بن خميس وببغداد على أبي منصور الرزاز.
ودرس وأفتى وناظر وتفقه به جماعة.
(3/78)
________________________________________
توفي في المحرم وله ثمان وستون سنة.
سنة ثمانين وخمس مائة
فيها نازل صلاح الدين الكرك.
ونصب عليها المجانيق.
فجاءتها نجدات الفرنج وطلبوا وأ***وا.
فرأى أن حصارها يطول.
فسار وهجم على نابلس فنهب وسبى.
وفيها توفي إيلغازي بن ألبي بن تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق الملك قطب الدين صاحب ماردين التركماني.
وليها بعد أبيه مدة.
وكان موصوفًا بالشجاعة والعدل.
توفي في جمادى الآخرة.
ومحمد بن حمزة بن أبي الصقر أبو عبد الله القرشي الدمشقي الشروطي المعدل.
توفي في صفر وله إحدى وثمانون سنة.
وكان ثقة صاحب حديث.
سمع من هبة الله بن الأكفاني وطائفة.
ورحل فسمع من هبة الله بن الطبر وفاضي المرستان.
وكتب الكثير وأفاد.
وكان شروطي البلد.
والسلطان يوسف بن عبد المؤمن بن علي القيسي أبو يعقوب صاحب المغرب.
كان أبوه قد جعل الأمر بعده لولده محمد وكان طياشًا شريبًا للخمر فخلعه الموحدون بعد شهر ونصف.
واتفقوا على بيعة أبي يعقوب.
وكان أبيض مشربًا بحمرة أسود الشعر مستدير الوجه أعين أفوه حلو الكلام مليح المفاكهة يصيرًا باللغة وأيام الناس قوي المشاركةفي الحديث والقرآن وغير ذلك.
وقيل إنه كان يحفظ أحد الصحيحين.
وكان شيخًا جوادًا همامًا له
(3/79)
________________________________________
همة في أيام خلافته في الفلسفة.
وكان لا يكاد يفارق محمد بن طفيل الفيلسوف.
وأما الممالك فافتتح ما لم يتهيأ لأبيه من الأندلس وغيرها.
وهادن ملك صقلية على جزية يحملها وكان يملي أحاديث الجهاد بنفسه على الموحدين.
وتجهز لغزو النصارى واستنفر الخلق في سنة تسع وسبعين ودخل الأندلس فنازل مدينة سنترين وهي لابن الدنق الفرنجي مدة ثم تكلموا في الرحيل.
فتسابق الجيش حتى بقي أبو يعقوب في قل من الناس.
فانتهزت الملاعين الفرصة وخرجوا فحملوا على الناس فهزموهم.
وأحاطت الفرنج بالمخيم فقتل على بابه طائفة من أعيان الجند وخلص إلى أبي يعقوب فطعن في بطنه.
ومات بعد أيام يسيرة في رجب وبايعوا , ولده يعقوب.
سنة إحدى وثمانين وخمس مائة
فيها نازل صلاح الدين الموصل.
وكانت قد سارت إلى خدمته ابنة الملك نور الدين محمود زوجة عز الدين صاحب البلد وخضعت له فردها خائبة.
وحصر الموصل.
فبذل أهلها نفوسهم وقاتلوا أشد قتال.
فندم وترحل عنهم لحصانتها.
ثم نزل على ميافارقين فأخذها بالأمان ثم رد إلى الموصل وحاصرها أيضًا ثم وقع الصلح على أن يخطبوا له وأن يكون صاحبها طوعه وأن يكون لصلاح الدين شهرزور وحصنوها ثم رحل فمرض واشتد مرضه بحران حتى أرجفوا بموته وسقط شعر لحيته ورأسه.
وفيها هاجت الفتنة العظيمة بين التركمان وبين الأكراد بالجزيرة وأذربيجان وغلب من أجلها وتمادى تطاولها.
وقتل من الفريقين خلق
(3/80)
________________________________________
لايحصون وتقطعت السبل.
وفيها استولى ابن غانية الملثم على أكثر بلاد أفريقية وخطب للناصر العباسي وبعث رسوله يطلب التقليد بالسلطنة.
وفيها توفي صدر الإسلام أبو الطاهر بن عوف بن إسماعيل بن مكي بن إسماعيل بن عيسى بن عوف الزهري الإسكندراني المالكي في شعبان وله ست وتسعون سنة.
تفقه على أبي بكر الطرطوشي وسمع منه ومن أبي عبد الله الرازي وبرع في المذهب وتخرج به الأصحاب وقصده السلطان صلاح الدين وسمع منه الموطأ.
ومحمد البهلوان بن إلذكر الأتابك شمس الدين صاحب أذربيجان وعراق العجم.
توفي في آخر السنة وقام بعده أخوه قزل.
وكان السلطان طغرل السلجوقي من تحت حكم البهلوان كما كان أرسلان شاه من تحت حكم أبيه الذكر.
ويقال كان للبهلوان خمسة آلاف مملوك.
والشيخ حياة بن قيس الحراني الزاهد القدوة شيخ أهل حران وصالحهم المشهور.
توفي في سلخ جمادى الأولى وله ثمانون سنة.
وكان صاحب زاوية وأتباع.
زاره نور الدين ثم صلاح الدين.
وأبو اليسر شاكر بن عبد الله بن محمد التنوخي المعري ثم الدمشقي صاحب ديوان الإنشاء في الدولة النورية.
عاش خمسًا وثمانين سنة.
والمهذب بن الدهان عبد الله بن أسعد بن علي الموصلي الفقيه
(3/81)
________________________________________
الشافعي الأديب الشاعر النحوي ذو الفنون.
توفي بحمص في شعبان.
وكان مدرسًا بها.
وعبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله أبو محمد الأزدي الإشبيلي الحافظ ويعرف بابن الخراط.
أحد الأعلام ومؤلف الأحكام الكبرى والصغرى والجمع بين الصحيحين وكتاب الغريبين في اللغة وكتاب الجمع بين الكتب الستة وغير ذلك روى عن أبي الحسن شريح وجماعة نزل بجاية وولي خطابتها وبها.
توفي بعد محنة لحقته من الدولة في ربيع الآخر عن إحدى وسبعين سنة.
وكان مع جلالته في العلم قانعًا متعففًا موصوفًا بالصلاح والورع ولزوم السنة.
والسهيلي أبو زيد وأبو القاسم وأبو الحسن عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد العلامة الأندلسي المالقي النحوي الحافظ العلم صاحب التصانيف.
أخذ القراءات عن سليمان بن يحيى وجماعة وروى عن أبين العربي والكبار وبرع في العربية واللغات والأخبار والأثر وتصدر للإفادة.
توفي في شعبان في اليوم الذي توفي فيه شيخ الاسكندرية أبو الطاهر بن عوف وعاش اثنتين وسبعين سنة.
وعبد الرزاق بن نصر المسلم الدمشقي النجار.
روى عن أبي طاهر بن الحنائي وأبي الحسن بن الموازيني وجماعة توفي في ربيع الآخر عن أربع وثمانين سنة.
وابن شاتيل أبو الفتح عبيد الله بن غبد الله بن محمد بن نجا الدباس
(3/82)
________________________________________
مسند بغداد.
سمع الحسين بن البسري وأبا غالب بن الباقلاني وجماعة.
تفرد بالرواية عن بعضهم.
ووهم من قال: إنه سمع من ابن البطر.
توفي في رجب عن تسعين سنة.
وعصمة الدين الخاتون بنت الأمير معين الدين أنر زوجة نور الدين ثم صلاح الدين.
وواقفة المدرسة التي بدمشق للحنفية والخانكاه التي بظاهر دمشق توفيت في ذي القعدة ودفنت بتربتها التي هي تجاه قبة جركس بالجبل.
والميانشي أبو حفص عمر بن عبد المجيد القرشي شيخ الحرم.
تناول من أبي عبد الله الرازي سداسياته وسمع من جماعة وله كراس في علم الحديث.
توفي بمكة.
والبانياسي أبو المجد الفضل بن الحسين الحميري عفيف الدين الدمشقي.
روى عن أبي القاسم الكلابي وأبي الحسن بن الموازيني.
توفي في شوال وله ست وثمانون سنة.
وصاحب حمص الملك ناصر الدين محمد بن الملك أسد الدين شيركوه وابن عم السلطان صلاح الدين.
كان فارسًا شجاعًا جريئًا متطلعًا إلى السلطنة.
قيل إنه قتله الخمر وقيل بل سقي السم. مات يوم عرفة.
وأبو سعد الصائغ محمد بن عبد الواحد الإصبهاني المحدث.
روى عن غانم البرجي والحداد وخلق.
(3/83)
________________________________________
وأبو موسى المديني محمد بن أبي بكر عمر بن أحمد بن غانم البرجي وجماعة من أصحاب أبي نعيم.
ولم يخلف بعده مثله.
مات في جمادى الأولى.
وكان مع براعته في الحفظ والرجال صاحب ورع وعبادة وجلالة وتقى.
سنة اثنتين وثمانين وخمس مائة
قال العماد الكاتب: أجمع المنجمون في هذا العام في جميع البلاد على خراب العالم في شعبان عند اجتماع الكواكب الستة في الميزان بطوفان الريح وخوفوا بذلك ملوك الأعاجم والروم.
فشرعوا في حفر مغارات ونقلوا إليها الماء والأزواد وتهيأوا.
فلما كانت الليلة التي عينها المنجمون لمثل ريح عاد ونحن جلوس عند السلطان والشموع توقد فلا تتحرك ولم نر ليلة مثل ركودها.
وقال محمد بن القادسي: فرش الرماد في أسواق بغداد وعلقت المسوح يوم عاشوراء وناح أهل الكرخ وتعدى الأمر إلى سب الصحابة.
وكانوا يصيحون: ما بقي كتمان.
وكان ذلك منسوبًا إلى مجد الدين ابن الصاحب أستاذ الدار.
وقال غيره: تمت فتنة ببغداد قتل فيها خلق من الرافضة والسنة.
وفيها توفي العلامة عبد الله بن بري أبو محمد المقدسي ثم المصري النحوي صاحب التصانيف وله ثلاث وثمانون سنة.
روى عن أبي صادق المديني وطائفة وانتهى إليه علم العربية في زمانه.
وقصد من البلاد لتحقيقه وتبحره ومع ذلك فله حكايات في التغفل وسذاجة الطبع.
كان يلبس الثياب الفاخرة ويأخذ في كمه العنب مع الحطب والبيض فيقطر على رجله ماء العنب
(3/84)
________________________________________
فيرفع رأسه ويقول: العجب أنها تمطر مع الصحو.
وكان يتحدث ملحونًا ويتبرم بمن يخاطبه بإعراب.
وهو شيخ الجزولي.
سنة ثلاث وثمانون وخمس مائة
فيها افتتح صلاح الدين بالشام فتحًا مبينًا ورزق رزقًا متينًا وهزم الفرنج وأسر ملوكهم وكانوا أربعين ألفًا.
ونازل القدس وأخذه ثم عكا فأخذها ثم جال وافتتح عدة حصون ودخل على المسلمين سرور لا يعلمه إلا الله.
وفيها قتل ابن الصاحب ولله الحمد ببغداد فذلت الرافضة.
وفيها قويت نفس السلطان طغريل بن أرسلان بن طغريل بن محمد بن ملكشاه السلجوقي وامتدت يده وحكم بأذربيجان بعد موت أبي بكر البهلوان بن إلذكر.
فأرسل إلى بغداد يأمر بأن يعمر له دار السلطان وأن يخطبوا له.
فأمر الناصر بالدار فهدمت وأخرج رسوله بلا جواب.
وفيها توفي عبد الجبار بن يوسف البغدادي شيخ الفتوة وحامل لوائها.
وكان قد علا شأنه بكون الخليفة الناصر تفتى إليه.
توفي حاجًا بمكة.
وعبد المغيث بن زهير أبو العز الحربي محدث بغداد وصالحها وأحد من عني بالأثر والسنة.
سمع ابن الحصين وطبقته وتوفي في المحرم عن ثلاث وثمانين سنة.
وكان ثقة سنيًا مفتيًا صاحب طريقة حميدة.
تبادر وصنف جزءًا في فضايل يزيد أتى فيه بالموضوعات.
(3/85)
________________________________________
وابن الدامغاني قاضي القضاة أبو الحسن علي بن أحمد ابن قاضي القضاة علي ابن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن علي الحنفي وله سبعون سنة.
وكان ساكنًا وقورًا محتشمًا.
حدث عن ابن الحصين وطائفة.
وولي القضاء بعد موت قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي ثم عزل عند موت المقتفي فبقي معزولًا إلى سنة سبعين ثم ولي إلى أن مات.
وابن المقدم الأمير الكبير شمس الدين محمد بن عبد الملك.
كان من أعيان أمراء الدولتين.
وهو الذي سلم سنجار إلى نور الدين ثم تملك بعلبك.
وعصى على صلاح الدين مدة فحاصره ثم صالحه.
وناب له بدمشق.
وكان بطلًا شجاعًا محتشمًا عاقلًا.
شهد في هذا العام الفتوحات.
وحج فلما حل بعرفات رفع علم السلطان صلاح الدين وضرب الكوسات.
فأنكر عليه أمير ركب العراق طاشتكين فلم يلتفت إليه وركب في طلبه وركب طاشكتين.
فالتقوا وقتل جماعة من الفريقين وأصاب ابن المقدم سهم في عينه فخر صريعًا.
وأخذ طاشكتين ابن المقدم فمات من الغد بمنى.
ومخلوف بن علي بن جارة أبو القاسم المغربي ثم الاسكندراني المالكي.
أحد الأئمة الكبار.
تفقه به أهل الثغر زمانًا.
وأبو السعادات القزاز نصر الله بن عبد الرحمن بن محمد بن زريق الشيباني الحريمي مسند بغداد.
سمع جده أبا غالب القزاز وأبا القاسم الربعي
(3/86)
________________________________________
وأبا الحسين بن الطيوري وطائفة.
توفي وأبو الفتح بن المني ناصح الإسلام نصر بن فتيان بن مطر النهراوي ثم الحنبلي فقيه العراق وشيخ الحنابلة.
روى عن أبي الحسن بن الزاغوني وطبقته.
وتفقه على أبي يكر الدينوري.
وكان ورعًا زاهدًا متعبدًا على منهاج السلف.
تخرج به أئمة.
وتوفي في رمضان عن اثنتين وثمانين سنة ولم يخلف مثله.
ومجد الدين ابن الصاحب هبة الله بن علي.
ولي استاذ دارية المستضيء.
ولما ولي الناصر رفع منزلته وبسط يده.
وكان رافضيًا سبابًا.
تمكن وأحيا شعار الإمامية وعمل كل قبيح إلى أن طلب إلى الديوان فقتل وأخذت حواصله.
فمن ذلك ألف ألف دينار.
وعاش إحدى وأربعين سنة.
سنة أربع وثمانين وخمس مائة
دخلت وصلاح الدين يصول ويجول بجنوده على الفرنج حتى دوخ بلادهم وبث سراياه.
وافتتح أخوه الملك العادل الكرك بالأمان في رمضان سلموها لفرط القحط.
وفيها سار عسكر بغداد وعليهم الوزير جلال الدين بن يونس.
فالتقوا السلطان طغريل بن رسلان السلجوقي فهزمهم ورجعوا بسوء الحال وقبض طغريل على الوزير وكان المصاف وفيها توفي أسامة بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ
(3/87)
________________________________________
الأمير الكبير مؤيد الدولة أبو المظفر الكناني الشيزري أحد الأبطال المشهورين والشعراء المبرزين.
وله عدة تصانيف في الأدب والأخبار والنظم والنثر.
وفيه تشيع.
عمر ستًا وتسعين سنة.
وعبد الرحمان بن محمد بن حبيش القاضي أبو القاسم الأنصاري المريي نزيل مرسية.
عاش ثمانين سنة.
قرأ القراءات على جماعة.
ورحل بعد ذلك فسمع بقرطبة من يونس بن محمد بن مغيث والكبار.
وكان من أئمة الحديث والقراءات والنحو واللغة.
ولي خطابة مرسية وقضاءها مدة واشتهر ذكره وبعد وصيته.
وكانت الرحلة إليه في زمانه.
وقد صنف كتاب المغازي في عدة مجلدات.
وعمر بن بكر بن محمد بن علي القاضي عماد الدين ابن الإمام شمس الأئمة الجابري الزرنجري شيخ الحنفية في زمانه بما وراء النهر ومن انتهت إليه رئاسة الفقه.
توفي في شوال عن نحو ستين سنة.
والتاج المسعودي محمد بن عبد الرحمن البنجديهي الخراساني الصوفي الرحال الأديب عن اثنتين وثمانين سنة.
سمع من أبي الوقت وطبقته.
وأملى بمصر مجالس وعني بهذا الشأن وكتب وسعى وجمع فأوعى وصنف شرحًا طويلًا للمقامات.
قال يوسف بن خليل الحافظ: لم يكن في نقله بثقة.
وقال ابن النجار: كان من الفضلاء في كل فن في الفقه والحديث والأدب.
وكان من أظرف المشايخ وأجملهم.
وأبو الفتح بن التعاويذي الشاعر الذي سار نظمه في الآفاق وتقدم
(3/88)
________________________________________
على شعراء العراق.
توفي في شوال عن خمس وثمانين سنة.
وابن صدقة الحراني أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن الحسن بن صدقة التاجر السفار.
راوي صحيح مسلم عن الفراوي.
شيخ صالح صدوق كثير الأسفار.
سمع في كهولته الكتاب المذكور.
وعمر سبعًا وتسعين سنة.
توفي في ربيع الأول بدمشق له أوقاف وبر.
وأبو بكر الحازمي الحافظ محمد بن موسى الهمذاني سمع من أبي الوقت ومن أبي زرعة ومعمر بن الفاخر.
ورحل سنة نيف وسبعين إلى العراق وإصبهان والجزيرة والنواحي.
وصنف التصاتيف.
وكان إمامًا ذكيًا ثاقب الذهن فقيهًا بارعًا ومحدثًا ماهرًا بصيرًا بالرجال والعلل متبحرًا في علم السنن ذا زهد وتعبد وتأله وانقباض عن الناس.
توفي في جمادى الأولى شابًا عن خمس وثلاثين سنة.
ويحيى بن محمود بن سعد الثقفي أبو الفرج الإصبهاني الصوفي.
حضر في أول عمره على الحداد وجماعة وسمع من جعفر بن عبد الواحد الثقفي وفاطمة الجوزدانية.
وجده لأمه أبي القاسم صاحب الترغيب والترهيب وروى الكثير بإصبهان والموصل وحلب ودمشق.
توفي بنواحي همذان وله سبعون سنة.
سنة خمس وثمانين وخمس مائة
في أول شعبان التقى صلاح الدين الفرنج.
وفي وسطه التقى الفرنج أيضًا فانهزم المسلمون واستشهد جماعة.
ثم ثبت السلطان والأبطال وكروا على الملاعين ووضعوا فيهم السيف.
وجافت الأرض من كثرة القتلى.
(3/89)
________________________________________
ونازلت الفرنج عكا فساق صلاح الدين وضايقهم وبقوا محاصرين محصورين.
والتقاهم المسلمون مرات وطال الأمر وعظم الخطب وبقي الحصار والحالة هذه عشرين شهرًا أو أكثر وجاء الفرنج في البحر والبر وملأوا السهل والوعر حتى قيل إن عدة من جاء منهم أو نجدهم بلغت ستة مائة ألف.
وفيها توفي أبو العباس الترك أحمد بن أبي منصور أحمد بن محمد بن ينال الإصبهاني شيخ صوفية بلده ومسندها.
سمع أبا مطيع وعبد الرحمن الدوني وببغداد أبا علي بن نبهان.
توفي في شعبان في عشر منه.
وابن الموازيني أبو الحسين أحمد بن حمزة بن أبي الحسن علي بن الحسن السلمي.
سمع من جده ورحل إلى بغداد في الكهولة.
فسمع من أبي بكر بن الزاغوني وطبقته وكان صالحًا خيرًا محدثًا فهمًا.
توفي في المحرم وهو في عشر التسعين.
وابن أبي عصرون قاضي القضاة فقيه الشام شرف الدين أبو سعد عبد الله بن محمد بن هبة الله بن المظفر بن علي بن أبي عصرون التميمي الحديثي ثم الموصلي أحد الأعلام.
تفقه بالموصل وسمع بها من أبي الحسن ابنه طوق ثم رحل إلى بغداد فقرأ القرآن على عبد الله البارع وسبط الخياط.
وسمع من ابن الحصين وطائفة.
ودرس النحو الأصلين ودخل واسطًا فتفقه بها ورجع إلى الموصل بعلوم جمة.
فدرس بها وأفتى.
ثم سكن سنجار
(3/90)
________________________________________
مدة ثم قدم حلب ودرس بها.
وأقبل عليه نور الدين فقدم معه عندما افتتح دمشق.
ودرس بالغزالية.
ثم رد وولي قضاء سنجار وحران مدة.
ثم قدم دمشق وولي القضاء لصلاح الدين سنة ثلاث وسبعين.
وله مصنفات كثيرة.
أضر في آخر عمره وتوفي في رمضان وله ثلاث وتسعون سنة.
وأبو طالب الكرخي صاحب ابن الخل.
واسمه المبارك بن المبارك ابن المبارك شيخ الشافعية في وقته ببغداد وصاحب الخط المنسوب ومؤدب أولاد الناصر لدين الله.
درس بالنظامية بعد أبي الخير القزويني.
وتفقه به جماعة.
وحدث عن ابن الحصين.
وكان رب علم وعمل ونسك وورع كان أبوه مغنيًا فتشاغل بضرب العود حتى شهدوا له أنه في طبقة معبد ثم أنف من ذلك فجود الكتابة حتى زاد بعضهم وقال: هو أكتب من ابن البواب ثم اشتغل بالفقه فبلغ في العلم الغاية.
سنة ست وثمانين وخمس مائة
دخلت والفرنج محدقون بعكا والسلطان في مقاتلتهم والحرب سجال فتارة يظهر هؤلاء وتارة يظهر هؤلاء.
وقدمت عساكر الأطراف مددًا لصلاح الدين.
وكذلك الفرنج أقبلت في البحر من الجزائر البعيدة وفرغت السنة والناس كذلك.
وفيها توفي أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ الحافظ الكبير ابن صصري التغلبي الدمشقي.
سمع من جده ونصر الله المصيصي وطبقتهما.
ولزم الحافظ ابن عساكر وتخرج به.
ثم رحل وسمع بالعراق من ابن البطي
(3/91)
________________________________________
وطبقته وبهمذان من أبي العلاء الحافظ وعدة وبإصبهان من ابن ماشاذ وطبقته وبالحيرة والنواحي.
وبرع في هذا الشأن وجمع وصنف مع الثقة والجلالة والكرم والرئاسة.
عاش تسع وأربعن سنة.
وأبو عبد الله بن زرقون محمد بن سعيد بن أحمد الإشبيلي المالكي المقرئ المحدث.
ولد سنة اثنتين وخمس مائة فأجاز له فيها أبو عبد الله أحمد بن محمد الخولاني وسمع بمراكش من موسى بن أبي تليد وتفرد بالرواية عن جماعة.
ولي قضاء سبتة.
وكان فقيهًا مبرزًا عالمًا سريًا بصيرًا بالحديث.
توفي في رجب.
وأبو بكر بن الجد محمد بن عبد الله بن يحيى الفهري الإشبيلي الحافظ النحوي.
بحث كتاب سيبويه على أبي الحسن بن الأخضر وسمع صحيح مسلم من أبي القاسم الهوزني ولقي بقرطبة أبا محمد بن عتاب وطائفة وبرع في سنة إحدى وعشرين وخمس مائة وعظم جاهه وحرمته.
توفي في شوال وله تسعون سنة.
ومحيي الدين قاضي القضاة أبو حامد محمد ابن قاضي القضاة كمال الدين أبي الفضل محمد بن عبد الله بن الشهرزوري الشافعي.
تفقه ببغداد على أبي منصور بن الرزاز وناب بدمشق عن أبيه.
ثم ولي قضاء حلب ثم الموصل وتمكن من صاحبها عز الدين مسعود إلى الغاية.
قال ابن خلكان: قيل إنه أنعم في ترسله مرة إلى بغداد بعشرة آلاف دينار على الفقهاء والأدباء والشعراء والمحاويج.
(3/92)
________________________________________
ويحكى عنه رئاسة ضخمة ومكارم كثيرة.
توفي في جمادى الأولى وله اثنتان وستون سنة.
ومحمد بن المبارك بن الحسين أبو عبد الله بن أبي السعود الحلاوي الحربي المقرئ.
روى بالإجازة عن أبي الحسين ابن الطيوري وجماعة ثم ظهر سماعه بعد موته من جعفر السراج وغيره.
وعاش ثلاثًا وتسعين سنة.
ومسعود بن علي بن النادر أبو الفضل البغدادي قرأ على أبي بكر المزرفي وسبط الخياط.
وكتب عن قاضي المرستان فمن بعده فأكثر.
ونسخ مائة وإحدى وعشرين ختمة.
وعاش ستين سنة وتوفي في المحرم.
وابن الكيال أبو الفتح نصر الله بن علي الفقيه الحنفي.
مقرىء واسط.
أخذ العشرة عن علي بن علي بن شيران وأبي عبد الله البارع وأخذ العربية عن ابن السجزي وابن الجواليقي وتفقه ودرس وناظر وولي قضاء واسط.
توفي في جمادى الآخرة عن أربع وثمانين سنة وحدث عن ابن الحصين.
وزين الدين يوسف بن زين الدين على كوجك صاحب إربل وابن صاحبها وأخو صاحبها مظفر الدين مات مرابطًا على عكا.
سنة سبع وثمانين وخمس مائة
اشتدت مضايقة الفرنج لعكا والحرب بينهم وبين السلطان مستمر. فرمي المسلمون بحجر ثقيل وهو مجيء ملك الأنكلتير في جمادى الأولى وكان رجل الفرنج دهاء ومكرًا وشجاعة.
فراسل صلاح الدين أهل عكا أن اخرجوا
(3/93)
________________________________________
على حمية وسيروا مع الساحل وأنا أحمل بالجيش وأكشف عنكم.
فما تمكنوا من هذا ثم قلت الأقوات على المسلمين بها فسلموها بالأمان.
فغدرت الفرنج ببعضهم.
ووفيها توفي الفقيه أبو محمد عبد الرحمن بن علي بن المسلم اللخمي الدمشقي الخرقي الشافعي.
روى عن ابن الموازيني وعبد الكريم بن حمزة وجماعة.
وكان فقيهًا متعبدًا يتلو كل يوم وليلة ختمة.
أعاد مدة بالأمينية.
توفي في ذي القعدة وسنه ثمان وثمانون سنة والفقيه أبو بكر عبد الرحمن بن محمد بن مغاور الشاطبي الكاتب.
وهو آخر من سمع من أبي علي بن سكرة.
وسمع أيضًا من جماعة.
وكان منشئًا بليغًا مفوهًا شاعرًا توفي في صفر.
وأبو المعالي عبد المنعم بن عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي النيسابوري مسند خراسان.
سمع من جده وأبي بكر الشيروي وجماعة.
وتفرد في عصره.
توفي في آواخر شعبان عن سن عالية.
وتقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب الملك الظفر صاحب حماة أحد الأبطال الموصوفين كان عمه صلاح الدين يحبه ويعتمد عليه وكان يتطاول للسلطنة ولاسيما لما مرض صلاح الدين فإنه كان نائبه على مصر.
توفي وهو محاصر منازكرد في رمضان.
فنقل ودفن بحماة.
وتملك حماة بعده ابنه المنصور محمد.
وقزل أرسلان بن إلذكر ملك آذربيجان وأران وهمذان وإصبهان
(3/94)
________________________________________
والري بعد أخيه البهلوان محمد.
قتل غيلة على فراشه في شعبان.
ونجم الدين الخبوشاني محمد بن الموفق الصوفي الزاهد الفقيه الشافعي.
تفقه على ابن يحيى.
وكان يستحضر كتاب المحيط ويحفظه.
ألف كتاب تحقيق المحيط في ستة عشر مجلدًا.
روى عن هبة الرحمن القشيري وقدم مصر وسكن بتربة الشافعي ودرس وأفتى وكان صلاح الدين يعتقد فيه ويبالغ في احترامه.
وعمر له مدرسة الشافعي.
وكان كالسكة المحماة في الذم لبني عبيد.
ولما تهيب صلاح الدين من الإقدام على قطع خطبة العاضد وقف الخبوشاني قدام المنبر وأمر الخطيب أن يخطب الخطبة لبني العباس.
ففعل ولم يتم إلا الخير.
ثم عمد إلى قبر أبي الكيزان الظاهري وكان من غلاة السنة وأهل الأثر فنبشه وقال: لايكون صديق وزنديق في موضع واحد.
يعني هو والشافعي فثارت حنابلة مصر عليه وقويت الفتنة وصار بينهم حملات حربية.
وقد سقت فوائد من أخباره في تاريخي الكبير توفي في ذي القعدة في عشر الثمانين.
والسهروردي الفيلسوف المقتول شهاب الدين يحيى بن محمد بن حبش بن أميرك أحد أذكياء بني آدم.
وكان رأسًا في معرفة علوم الأوائل بارعًا في علم الكلام فصيحًا مناظرًا محجاجًا متزهدًا زهد مردكة وفراغ مزدريًا للعلماء ومستهزئًا رقيق الدين.
قدم حلب واشتهر اسمه فعقد
(3/95)
________________________________________
له الملك الظاهر غازي ولد السلطان صلاح الدين مجلسًا فبان فضله وبهر علمه فارتبط عليه الظاهر واختص به وظهر للعلماء منه زندقة وانحلال فعملوا محضرًا بكفره وسيروه إلى صلاح الدين وخوفوه من أن يفسد عقيدة ولده.
فبعث إلى ولده بأن يقتله بلا مراجعة فخيره الظاهر فاختار أن يموت جوعًا لأنه كان له عادة بالرياضيات.
فمنع من الطعام حتى تلف.
وعاش ستًا وثلاثين سنة.
قال السيف الآمدي: رأيته كثير العلم قليل العقل.
قال: لابد أن أملك الأرض.
وقال ابن خانكان: حبسه الظاهر ثم خنقه في خامس رجب سنة سبع.
قلت: كان زري اللباس وفي رجله زربول كأنه خربندج.
وسائر تصانيفه فلسفة وإلحاد.
قال ابن خانكان: كان يتهم بالانحلال والتعطيل.
سنة ثمان وثمانين وخمس مائة
فيها سار شهاب الدين الغوري صاحب غزنة بجيوشه فالتقىملك الهند لعنهم الله فانتصر المسلمون واستحر القتل بالهنود وأسر ملكهم وغنم المسلمون مالا يوصف من ذلك أربعة عشر فيلًا.
وافتتحوا في الحرارة قلعة جهير وأعمالها.
وفيها التقى المسلمون بالشام الفرنج غير مرة كلها للمسلمين إلاواحدة كان الملك العادل مقدمها ردهم العدو فهزموهم.
وفيها أخذ صلاح الدين يافا بالسيف ثم هادن الفرنج ثلاثة أعوام وثمانية أشهر.
(3/96)
________________________________________
وفيها توفي الخبزوي أبو الفضل إسماعيل بن علي الشافعي الشروطي الفرضي من أعيان المحدثين بدمشق وبها ولد.
تفقه على جمال الإسلام ابن المسلم وغيره وسمع من هبة الله بن الأكفاني وطبقته ورحل إلى بغداد فسمع أبا علي الحسن بن محمد الباقرجي وأبا الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني والكبار وكتب الكثير وكان بصيرًا بعقد الوثائق والسجلات.
توفي في جمادى الأولى عن تسعين سنة.
وموفق الدين خالد ابن الأديب البارع محمد بن نصر القيسراني أبو البقاءالكاتب.
صاحب الخط المنسوب.
كان صدرًا نبيلًا وافر الحشمة.
وزر للسلطان نور الدين وسمع بمصر من عبد الله بن رفاعة.
توفي بحلب.
وأبو ياسر عبد الوهاب بن هبة الله بن أبي حبة البغدادي الطحان.
روى عن ابن الحصين
وزاهر وقدم حران فروى بها المسند.
وكان فقيرًا صبورًا.
توفي في ربيع الأول عن اثنتين وسبعين سنة.
وحبة بباء موحدة.
والمشطوب الأمير مقدم الجيوش سيف الدين علي با أحمد ابن صاحب قلاع الهكارية أبي الهيجاء الهكاري نائب عكا لما أخذت الفرنج عكا أسروه.
ثم اشترى بمبلغ عظيم.
وقيل إن خبزه كان يعمل في السنة ثلاث مائة ألف دينار.
ثم أقطعه صلاح الدين لقدس فتوفي بها في شوال.
وكان ابنه عماد الدين ابن المشطوب من كبراء الأمراء بمصر.
وقلج أرسلان بن مسعود بن قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش بن
(3/97)
________________________________________
إسرائيل بن سلجوق بن دقاق التركي السلجوقي صاحب الروم وحمو الناصر لدين الله.
امتدت أيامه وشاخ وقوي عليه أولاده وتصرفوا في ممالكه في حياته.
وهي قونية وأقسر وسيواس وملطية.
وعاش سلطانًا اكثر من ثلاثين سنة وتملك بعده ابنه غياث الدين كيخسروا.
وابن مجبر الشاعر أبو بكر يحيى بن عبد الجليل الفهري ثم الإشبيلي شاعر الأندلس في عصره.
وهو كثير القول في يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن.
سنة تسع وثمانين وخمس مائة
فيها توفي بكتمر السلطان سيف الدين صاحب خلاط.
توفي في جمادى الأولى.
وكان فيه دين وإحسان إلى الرعية وله همة عالية.
ضرب لنفسه الطبل في أوقات الصلوات الخمس.
قتله بعض الإسماعيلية.
وصاحب مكة داود بن عيسى بن فليتة بن قاسم بن محمد بن أبي هاشم العلوي الحسني.
وكانت مكة تكون له تارة ولأخيه مكثر تارة.
ومحمود سلطان شاه أخو الملك علاء الدين خوارزمشاه بن أرسلان بن اتسز بن محمد الخوارزمي.
تملك بعد أبيه سنة ثمان وستين.
ثم قوى عليه أخوه وحاربه وتنقلت به الأحوال ثم وثب على مدينة مرو وكان نظيرًا لأخيه في الجلالة والشجاعة.
دفع الغزو عن مرو ثم تجمعوا له وحاربوه وقتلوا رجاله ونهبوا خزانته فاستعان على حربهم بالخطا.
وجاء بجيش عرمرم واستولى على مملكة مرو وسرخس ونسا وأبيورد.
وردت الخطا بمكاسب عظيمة من أموال المسلمين.
ثم أغار على بلاد الغوري وظلم وعسف.
ثم التقى هو والغورية فهزموه.
ووصل إلى مرو في عشرين فارسًا.
وجرت له أمور طويلة.
توفي في سلخ رمضان.
(3/98)
________________________________________
وسنان بن سلمان أبو الحسن البصري الإسماعيلي الباطني صاحب الدعوة وصاحب حصون الإسماعيلية.
كان أديبًا متفننًا متكلمًا عارفًا بالفلسفة أخباريًا شاعرًا ماكرًا من شياطين الإنس.

وأبو منصور عبد الله بن محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب البغدادي.
روى عن أبي القاسم بن بيان وأبي علي بن نبهان.
ومات في ربيع الأول وقد قارب التسعين.
والخضرمي قاضي الإسكندرية أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن محمد المالكي.
روى عن محمد بن أحمد الرازي وغيره.
وصاحب الموصل السلطان عز الدين مسعود بن مودود ابن أتابك زنكي بن آقسنقر.
قال ابن الأثير: بقي عشرة أيام لايتكلم إلا بالشهادتين وبالتلاوة ورزق خاتمة خير.
وكان كثير الخير والإحسان يزور الصالحين ويقربهم ويشفعهم.
وفيه حلم وحياء ودين.
قلت: دفن في مدرسته بالموصل.
وتملك بعده ولده نور الدين.
وصلاح الدين السلطان الملك الناصر أبو المظفر يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدويني الأصل التكريتي المولد.
ولد في
(3/99)
________________________________________
سنة اثنتين وثلاثين وخمس مائة إذ أبوه شحنة تكريت.
ملك البلاد ودانت له العباد وأكثر من الغزو وأطاب وكسر الفرنج مرات.
وكان خليقًا للملك شديد الهيبة محببًا إلى الأمة عالي الهمة كامل السؤدد جم المناقب.
ولي السلطنة عشرين سنة.
وتوفي بقلعة دمشق في السابع والعشرين في صفر وارتفعت الأصوات بالبلد بالبكاء وعظم الضجيج حتى إن العاقل يتخيل أن الدنيا كلها تصيح صوتًا واحدًا.
وكان أمرًا عجيبًا.
سنة تسعين وخمس مائة
فيها سار بنارس أكبر ملوك الهند وقصد الإسلام فطلبه شهاب الدين الغوري فالتقى الجمعان على نهر ماحون.
كذا قال ابن الأثير: وكان مع الهندي سبع مائة فيل ومن العسكر على ما قيل ألف ألف نفس.
فصبر الفريقان وكان النصر لشهاب الدين وكثر القتل في الهنود حتى جافت منهم الأرض.
وأخذ شهاب الدين تسعين فيلًا وقتل بنارس ملك الهند.
وكان قد شد أسنانه بالذهب فما عرف إلا بذلك.
ودخل شهاب الدين بلاد بنارس وأخذ من خزانته ألفًا وأربع مائة حمل وعاد إلى غزنة.
ومن جملة الفيلة فيل أبيض.
حدثني بذلك من رآه.
وفيها حارب علاء الدين خوارزم شاه بأمر الخليفة السلطان طغريل.
فالتقاه وهزم جيشه وقتل طغريل وحمل رأسه على رمح إلى بغداد ومعه قاتله شاب تركي أمير.
وفيها توفي القزويني العلامة رضي الدين أبو الخير أحمد بن
(3/100)
________________________________________
إسماعيل بن يوسف الطالقاني الفقيه الشافعي الواعظ.
ولد سنة اثنتي عشرة وخمس مائة وتفقه على الفقيه ملكدار العمركي ثم بنيسابور على محمد بن يحيى حتى فاق الأقران وسمع من الفراوي وزاهر وخلق.
ثم قدم بغداد قبل ستين ودرس بها ووعظ ثم قدمها قبل السبعين ودرس بالنظامية.
وكان إمامًا في المذهب والخلاف والأصول والتفسير والوعظ وروى كتبًا كبارًا ونفق كلامه على الناس لحسن سمته وحلاوة منطقه وكثرة محفوظاته.
وكان صاحب قدم راسخة في العبادة عديم النظير كبير الشأن.
رجع إلى قزوين سنة ثمانين ولزم العبادة إلى أن مات في المحرم رحمه الله عليه.
وطغريل شاه بن أرسلان شاه بن طغريل بن محمد بن ملكشاه السلجوقي السلطان آذربيجان.
طلب السلطنة من الخليفة وأن يأتي بغداد ويكون على قاعدة الملوك السلجوقية.
فمنعه الخليفة فأظهر العصيان فانتدب لحربه علاء الدين الخوارزمي وقتله.
وكان شابًا مليحًا موصوفًا بالشجاعة.
وعبد الخالق بن فيروز الجوهري الهمذاني الواعظ.
أكثر الترحال وروى عن زاهر والفراوي وطائفة.
ولم يكن ثقة ولا مأمونًا.
وعبد الوهاب بن علي القرشي الزبيري الدمشقي الشروطي.
ويعرف بالحبقبق والد كريمة.
روى عن جمال الإسلام أبي الحسن السلمي وجماعة وتوفي في صفر.
(3/101)
________________________________________
والشاطبي أبو محمد القاسم بن فيره بن خلف الرعيني الأندلسي المقرئ الضرير أحد الأئمة الأعلام.
وأما السخاوي فقال: أبو القاسم.
ولم يذكر له اسمًا سوى الكنية.
والأول أصح.
ولد سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة وقرأالقراءات على ابن العاص النفزي ببلده ثم ارتحل إلى بلنسية فعرض القراءات على ابن هذيل وسمع الحديث من طائفة ثم رحل وسمع من السلفي.
وكان إمامًا علامة محققًا ذكيًا كثير الفنون واسع المحفوظ.
له القصيدتان اللتان قد سارت بهما الركبان وخضع لبراعة نظمهما فحول الشعراء وأئمة القراء والبلغاء.
وكان ثقة في نفسه زاهدًا ورعًا قانتًا لله منقبضًا عن الناس كبير القدر.
نزل القاهرة وتصدر للإقراء بالمدرسة الفاضلية فشاع أمره وبعد صيته وانتهت إليه الرئاسة في الإقراء إلى أن توفي في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة.
وابن الفخار أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن خلف الأنصاري المالقي الحافظ صاحب أبي بكر بن العربي.
أكثر عنه وعن شريح وخلق.
وكان إمامًا معروفًا بسرد المتون والأسانيد عارفًا بالرجال واللغة ورعًا جليل القدر.
طلبه السلطان ليسمع منه بمراكش فمات بها في شعبان وله ثمانون سنة.
ومحمد بن عبد الملك بن بونة العبدري المالقي بن البيطار نزيل غرناطة وآخر من روى بالإجازة عن أبي علي بن سكرة.
سمع أبامحمد بن عتاب وأبا بحر بن العاص وعاش أربعًا وثمانين سنة.
(3/102)
________________________________________
وفخر الدين بن الدهان محمد بن علي بن شعيب البغدادي الفرضي الحاسب الأديب النحوي الشاعر.
جال في الجزيرة والشام ومصر وصنف الفرائض على شكل المنبر.
فكان أول من اخترع ذلك.
وألف تاريخًا وألف كتاب غريب الحديث في مجلدات.
وصنف في النجوم والزيج.
وكان أحد الأذكياء.
مات فجأة بالحلة.
وممن كان في هذا العصر: أبو مدين الأندلسي الزاهد العارف شيخ أهل المغرب شعيب بن الحسين.
سكن تلمسان.
وكان من أهل العمل وله اجتهاد منقطع القرين في العبادة والنسك.
بعيد الصيت.
وأبو الكرم علي بن عبد الكريم بن أبي العلاء العباسي الهمذاني العطار مسند همذان.
حدث سنة خمس وثمانين عن أبي غالب العدل وفيد الشعراني.
وجاكير الزاهد القدوة أحدشيوخ العراق واسمه محمد بن رستم الكردي الحنبلي.
له أصحاب وأتباع وأحوال وكرامات.
سنة إحدى وتسعين وخمس مائة
فيها كانت وقعة الزلاقة بالأندلس
بين يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن وبين الفنش المتغلب على أكثر جزيرة الأندلس.
فدخل يعقوب وعدي من زقاق سبتة في مائة ألف وأما المطوعة فقل ما شئت.
وأقبل الفنش في مائتي ألف وأربعين ألفًا.
فانتصر الإسلام وانهزم الكلب في عدد يسير وقتل من الفرنج كما أرخ أبو شامة وغيره مائة ألف وستة وأربعون ألفًا وأسر ثلاثون ألفًا وغنم المسلمون غنيمة لم يسمع بمثلها حتى أبيع السيف بنصف درهم
(3/103)
________________________________________
والحصان بخمسة دراهم والحمار بدرهم وذلك في تاسع شعبان.
فهؤلاء جاهدوا.
وأما آل أيوب فسار الملك العزيز ولد صلاح الدين من مصر فنزل بحوران ليأخذ دمشق من أخيه الأفضل.
فنجد الأفضل عمه العادل.
فرد العزيز وتبعاه فدخل القاضي الفاضل في الصلح وأقام العادل بمصر فعمل نيابة السلطنة ورد الأفضل.
وفيها توفي ذاكر بن كامل الخفاف البغدادي أخو المبارك.
سمعه أخوه من أبي علي الباقرجي وأبي علي بن المهدي وابي سعد بن الطيوري والكبار وكان صالحًا خيرًا صوامًا توفي في رجب.
وأبو الحسن شجاع بن محمد بن سيدهم المدلجي المصري الفقيه النحوي.
قرأ القراءات على ابن الحطئة وسمع من جماعة وتصدر بجامع مصر وتوفي في ربيع الآخر.
وآخر أصحابه الكمال الضرير.
وأبو محمد بن عبيد الله الحجري الأندلسي الحافظ الزاهد القدوة أحد الأعلام عبد الله بن محمد بن علي عبد الله بن عبيد الله المريي.
ولد سنة خمس وخمس مائة.
قرأ الصحيح للبخاري عن شريح وسمع فأكثر عن أبي الحسن بن مغيث وابن العربي والكبار وتفنن في العلوم وبرع في الحديث وطال عمره وشاع ذكره.
وكان قد سكن سبتة فاستدعاه السلطان إلى مراكش ليسمع منه.
توفي في أول صفر.
(3/104)
________________________________________
سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة
فيها قدم العزيز دمشق مرة ثالثة ومعه عمه العادل فحاصرا دمشق مدة ثم خامر جند الأفضل عليه ففتحوا لهما فدخلا في رجب وزال ملك الأفضل وأنزل في صرخد ورد العزيز وبقي العادل بدمشق وخطب بها للعزيز قليلًا.
وكانت دار الأمير أسامة بجنب تربة صلاح الدين فأمر العزيز القاضي محيي الدين بن الزكي أن يبنيها له مدرسة ففعل.
وفيها سار خوارزم شاه علاء الدين فوصل إلى همذان وطلب السلطنة من الخليفة وأن يجبيء بغداد همذان وطلب السلطنة من الخليفة وأن يجبيء بغداد ويكون سلطانًا بها مع الناصر.
فانزعج الناصر والرعية وغلت الأسعار.
وفيها التقى يعقوب صاحب المغرب والفنش فهزمه أيضًا يعقوب ولله الحمد.
وساق وراءه إلىطليطلة وحاصره وضربها بالمجانيق.
فخرجت والدة الفنش وحريمه وبكين بين يدي يعقوب فرق لهن ومن عليهن.
ولولا ابن غانية الملثم وهيجه ببلاد المغرب لافتتح يعقوب عدة مدائن وفيها توفي أحمد بن طارق أبو الرضا الكركي ثم البغدادي التاجر المحدث.
سمع من ابن ناصر وأبي الفضل الأرموي وطبقتهما فأكثر ورحل إلى دمشق ومصر وهو من كرك نوح.
وكان شيعيًا جلدًا.
والشيخ السديد شيخ الطب بالديار المصرية شرف الدين عبد الله بن علي.
أخذ الصناعة عن الموفق بن العين زربي.
وخدم العاضد صاحب مصر ونال الحرمة والجاه العريض.
وعمر دهرًا.
أخذ عنه نفيس الدين بن الزبير.
(3/105)
________________________________________
وحكي بعضهم أن الشيخ السديد حصل له في يوم واحد ثلاثون ألف دينار.
وحكي عنه ابن الزبير تلميذه أنه طهر ولدي الحافظ لدين الله فحصل له من الذهب نحو خمسين ألف دينار.
وعبد الخالق بن عبد الوهاب بن محمد الصابوني المالكي الخفاف الحنبلي أبو محمد الضرير.
سمعه أبوه من أبي علي الباقرحي وعلى بن عبد الواحد الدبنوري وطائفة.
توفي في ذي الحجة.
وأبو الغنائم بن المعلم شاعر العراق محمد بن علي بن فارس الواسطي.
توفي في رجب وقد نيف على التسعين.
وابن القصاب الوزير الكبير مؤيد الدين أبو الفضل محمد بن علي البغدادي المنشىء البليغ.
وزر وسار بالعساكر ففتح همذان وإصبهان وحاصر الري وصارت له هيبة وعظمة في النفوس.
توفي بظاهر همذان في شعبان وقد نيف على السبعين ورد العسكر.
فلما جاء خوارزم شاه بيته وحز رأسه وطوف به بخراسان.
والمجير الإمام أبو القاسم محمود بن المبارك الواسطي ثم البغدادي الفقيه الشافعي أحد الأذكياء والمناظرين تفقه على أبي منصور بن الرزاز وأخذ علم النظر عن أبي الفتوح محمد بن الفضل الأسفراييني وصار المشار إليه في زمانه والمقدم على أقرانه.
حدث عن ابن الحصين وجماعة.
ودرس بالنظامية.
وكان ذكيًا طوالًا نبيلًا غواصًا على المعاني.
قدم دمشق وبنيت له مدرسة جاروخ
(3/106)
________________________________________
ثم توجه إلى شيراز وبني له ملكها مدرسة ثم أحضره ابن القصاب وقدمه.
ويوسف بن معالي الأطرابلسي ثم الدمشقي الكتاني البزاز المقرئ.
روى عن هبة الله بن الأكفاني وجماعة.
توفي في شعبان
سنة ثلاث وتسعين وخمس مائة
في شوال افتتح العادل يافا عنوة.
وكان لها مدة في يد الفرنج.
وفيها أخذت الفرنج من المسلمين بيروت.
وهرب أميرها عز الدين سامة إلى صيدا.
وفيها توفي سيف الإسلام الملك العزيز طغتكين بن أيوب بن شاذي أرسله أخوه صلاح الدين فتملك اليمن.
وكان بها نواب أخيهما شمس الدولة.
أنشأها في شوال وتملك بعده ابنه إسماعيل الذي سفك الدماء وظلم وعسف وادعى أنه أموي.
وابو بكر بن الباقلاني مقرىء العراق عبد الله بن منصور ابن عمران الربعي الواسطي تلميذ أبي العز القلانسي وآخر أصحابه.
روى الحديث عن خميس الجوزي وأبي عبد الله البارع.
وطائفة.
توفي في سلخ ربيع الأول وله ثلاث وتسعون سنة وثلاثة أشهر.
والجلال عبيد الله بن يونس البغدادي الوزير.
تفقه وقرأ الأصول
(3/107)
________________________________________
والكلام وقرأ القراءات على أبي العلاء العطار وسمع من أبي الوقت وصنف كتابًا في الكلام والمقالات ثم توكل لأم الخليفة ثم توفي وعظم قدره وولي وزارة الناصر لدين الله والتقى طغريل فانكسر عسكر الخليفة وجرت لابن يونس أمور ونجا.
وقدم بغداد فاختفى ثم ظهر وولي الأستاذ دارية ثم حبس حتى مات.
وقاضي القضاة أبو طالب علي بن علي بن هبة الله بن محمد بن النجاري البغدادي الشافعي.
سمع من أبي الوقت وولي القضاء سنة اثنتين وثمانين ثم عزل ثم أعيد سنة تسع وثمانين.
ومحمد بن حيدرة بن أبي البركات عمر بن إبراهيم بن محمد أبو المعمر الحسيني الزيدي الكوفي.
سمع من جده.
وهو آخر من حدث عن أبي النرسي.
وكان رافضيًا.
وناصر بن محمد الزيرج أبو الفتح الإصبهاني القطان.
روى الكثير عن جعفر الثقفي وإسماعيل بن الفضل الإخشيد.
وخلق.
توفي في ذي الحجة.
أكثر عنه الحافظ ابن خليل.
ويحيى بن أسعد بن بوش أبو القاسم الأزجي الحنبلي الخباز.
سمع الكثير من أبي طالب اليوسفي.
وأبي سعد بن الطيوري وأبي علي الباقرجي وطائفة.
وكان عاميًا.
مات شهيدًا.
غص بلقمة فمات في ذي القعدة عن بضع وثمانين سنة.
له إجازة من ابن بيان.
(3/108)
________________________________________
سنة أربع وتسعين وخمس مائة
فيها استولى علاء الدين خوارزم شاه تكش على بخارا.
وكانت لصاحب الخطا لعنه الله.
وجرى له معه حروب وخطوب.
ثم انتصر تكش.
وقتل خلق من الخطا.
وفيها نازل العادل ماردين وحاصرها أشهرًا.
وفيها توفي أبو علي الفارسي الزاهد واسمه الحسن بن مسلم زاهد العراق في زمانه.
تفقه وسمع من أبي البدر الكرخي.
متبتلًا في العبادة كثير البكاء دائم المراقبة.
يقال إنه من الأبدال.
زاره الخليفة الناصر غير مرة.
توفي في المحرم وقد بلغ التسعين.
وصاحب سنجار الملك عماد الدين زنكي بن قطب الدين مودود بن أتابك زنكي.
تملك حلب بعد ابن عمه الصالح إسماعيل.
فسار السلطان صلاح الدين ونازله ثم أخذ منه حلب وعوضه بسنجار فملكها إلى هذا الوقت ونجد صلاح الدين على عكا.
وكان عادلًا متواضعًا موصوفًا بالبخل.
وتملك بعده ابنه قطب الدين محمد.
وأبو الفضائل الكاغدي الخطيب عبد الرحيم ابن محمد الإصبهاني المعدل.
روى عن أبي علي الحداد وعدة.
توفي في ذي القعدة.
وعلي بن سعيد بن فاذشاه أبو طاهر الإصبهاني.
روى عن الحداد أيضًا.
ومات في شهر ربيع الأول.
(3/109)
________________________________________
وقوام الدين بن زبادة يحيى بن سعيد بن هبة الله الواسطي ثم البغدادي.
صاحب ديوان الإنشاء ببغداد ومن انتهى إليه رئاسة الترسل مع معرفته بالفقه والأصول والكلام والنحو والشعر.
أخذ عن ابن الجواليقي وحدث عن علي بن الصباغ والقاضي الأرجاني.
وولي نظر واسط.
ثم ولي حجابة الحجاب.
ثم الأستاذ دارية وغير ذلك.
توفي في ذي الحجة.
سنة خمس وتسعين وخمس مائة
فيها بعث الخليفة خلع السلطنة إلى خوارزم شاه.
وفيها أخرج ابن الجوزي من سجن واسط وتلقاه الناس وبقي في المطمورة خمس سنين.
وفيها كانت فتنة الفخر الرازي صاحب التصانيف.
وذلك أنه قدم هراة ونال إكرامًا عظيمًا من الدولة.
فاشتد ذلك على الكرامية.
فاجتمع يومًا هو والقاضي الزاهد مجد الدين ابن القدوة فتناظرا ثم استطال فخر الدين علي ابن القدوة وشتمه وأهانه.
فلما كان من الغد جلس ابن عم مجد الدين فوعظ الناس وقال: {ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين} أيها الناس.
لا نقول إلا ماصح عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأما قول أرسطو وكفريات ابن سينا وفلسفة الفارابي فلا نعلمها.
فلأي شيء يشتم بالأمس شيخ من شيوخ الأسلام يذب عن دين الله وبكى فأبكى الناس.
وضجت الكرامية وثاروا من كل ناحية وحميت الفتنة.
فأرسل السلطان الجند وسكنهم.
وأمر الرازي بالخروج.
وفيها كانت بدمشق الحافظ عبد الغني.
وكان أمارًا بالمعروف داعية إلى السنة.
فقامت عليه الأشعرية وأفتنوا بقتله.
فأخرج من دمشق طريدًا.
(3/110)
________________________________________
وفيها مات العزيز صاحب مصر وأقيم ولده علي.
فاختلف الأمراء وكاتب بعضهم الأفضل.
فسار من صرخا إلى مصر وعمل نيابة السلطنة.
ثم سار بالجيوش ليأخذ دمشق من عمه فأحرق العادل الحواضر والنيرب.
ووقع الحصار.
ثم دخل الأفضل من باب السلامة وفرحت به العامة وحوصرت القلعة مدة.
وفيها توفي عبد الخالق بن هبة الله أبو محمد الحريمي بن البندار الزاهد.
روى عن ابن الحصين وجماعة.
قال ابن النجار: كان يشبه الصحابة.
مارأيت مثله.
توفي في ذي القعدة.
والملك العزيز أبو الفتح عثمان بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب صاحب مصر.
توفي في المحرم عن ثمان وعشرين سنة.
وكان شابًا مليحًا ظريف الشمائل قويًا ذا بطش وأيد وكرم وحياء وعفة.
بلغ من كرمه أنه لم يبق له خزانة وبلغ من عفته أنه كان له غلام بألف دينار فحل لباسه ثم وفق فتركه وأسرع إلى سرية له فافتضها.
وخرج وأمر الغلام بالتستر وأقيم بعده ابنه وهو مراهق.
وابن رشد الحفيد.
هو العلامة أبو الوليد محمد بن أحمد بن العلامة المفتي أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي.
أدرك من حياة جده شهرًا سنة عشرين.
تفقه وبرع وسمع الحديث وأتقن الطب.
ثم أقبل على الكلام والفلسفة
(3/111)
________________________________________
حتى صار يضرب به المثل فيها.
وصنف التصانيف مع الذكاء المفرط والملازمة للاشتغال ليلًا ونهارًا.
وتواليفه كثيرة في الفقه والطب والمنطق الرياضي والطبيعي والإلهي.
توفي في صفر بمراكش.
وأبو جعفر الطرطوسي محمد بن إسماعيل الإصبهاني الحنبلي.
سمع أبا علي الحداد ويحيى بن منده وابن طاهر ومحمود بن اسماعيل وطائفة.
وتفرد في عصره.
توفي في جمادى الآخرة عن
وأبو بكر بن زهر محمد بن عبد الملك بن زهر الأيادي الإشبيلي شيخ الطب وجالينوس العصر.
ولد سنة سبع وخمس مائة وأخذ الصناعة عن جده أبي العلاء زهر بن عبد الملك.
وبرع ونال تقدمًا وحظوة عند السلاطين وحمل الناس عنه تصانيفه.
وكان جوادًا ممدحًا محتشمًا كثير العلوم.
قيل إنه حفظ صحيح البخاري كله وحفظ شعر ذي الرمة.
وبرع في اللغة.
توفي بمراكش في ذي الحجة.
والجمال أبو الحسن مسعود بن أبي منصور بن محمد الإصبهاني الخياط.
روى عن الحداد ومحمود الصيرفي وحضر غانمًا البرجي وأجاز له عبد الغفار الشيروي توفي في شوال.
ومنصور بن أبي الحسن الطبري أبو الفضل الصوفي الواعظ.
تفقه وتفنن وسمع من زاهر الشحامي وعبد الجبار الخواري وجماعة.
وهو ضعيف في روايته لمسلم عن الفراوي.
توفي بدمشق في ربيع الآخر.
(3/112)
________________________________________
وجمال الدين بن فضلان العلامة أبو القاسم يحيى بن علي البغدادي الشافعي.
عاش ثمانين سنة.
وروى عن أبي غالب ابن البنا.
وكان من أئمة علم الخلاف والجدل مشارًا إليه في ذلك.
ارتحل إلى محمد بن يحيى صاحب الغزالي مرتين.
وكان يجري له وللمجير البغدادي بحوث ومحافل.
توفي في شعبان.
والمنصور أبو يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي القيسي الملقب بأمير المؤمنين.
بويع سنة ثمانين بعد أبيه وسنة اثنتان وثلاثون سنة.
وكان صافي اللون جميلًا أعين أفوه أقنى أكحل مستدير اللحية ضخمًا جهوري الصوت جزل الألفاظ كثير الإصابة بالظن والفراسة خبيرًا ذكيًا شجاعًا محبًا للعلوم كثير الجهاد ميمون النقيبة ظاهري المذهب معاديًا لكتب الفقه والراي.
أباد منها شيئًا كثيرًا بالحريق.
وحمل الناس على التشاغل بالأثر.
سنة ست وتسعين وخمس مائة
فيها تسلطن علاء الدين خوارزم شاه محمد بن تكش بعد موت أبيه علاء الدين..
.
وفيها كانت دمشق محاصرة وبها العادل وعليها الأفضل والظاهر ابن صلاح الدين وعساكرهما نازلة قد خندقوا عليهم من أرض اللوان إلى يلدا خوفًا من كبسة عسكر العادل.
ثم ترضوا عنها ورد الظاهر إلى حلب وسار الأفضل إلى مصر.
فساق وراءه وأدركه عند الغرابي.
ثم
(3/113)
________________________________________
تقدم عليه وسبقه إلى مصر.
فرجع الأفضل منحوسًا إلى صرخد وغلب العادل على مصر وقال: هذا صبي.
وقطع خطبته.
ثم أحضر ولده الكامل وسلطنه على الديار المصرية في أواخر السنة فلم ينطق أحد من الأمراء وسهل له ذلك اشتغال أهل مصر بالقحط.
فإن فيها كسر النيل من ثلاثة عشر ذراعًا إلا ثلاثة أصابع واشتد الغلاء وعدمت الأقولت وشرع الوباء وعظم الخطب إلى أن آل بهم الأمر إلى أكل الآدميين الموتى.
وفيها توفي أبو جعفر القرطبي أحمد بن علي بن أبي بكر المقرئ الشافعي إمام الكلاسة وأبو إمامها.
ولد سنة ثمان وعشرين بقرطبة.
وسمع بها من أبي الوليد الدباغ وقرأ القراءات على أبي بكر بن صيف ثم حج وقرأ القراءات بالموصل على ابن سعدون القرطبي ثم قدم دمشق فأكثر عن الحافظ بن عساكر وكتب الكثير وكان عبدًا صالحًا خبيرًا بالقراءات.
وأبو إسحاق العراقي العلامة إبراهيم بن منصور المصري الخطيب.
شيخ الشافعية بمصر.
شرح كتاب المهذب ولقب بالعراقي لاشتغاله ببغداد.
وإسماعيل بن صالح بن ياسين أبو الطاهر الشارعي المقرئ الصالحي.
روى عن أبي عبد الله الرازي مشيخته وسداسياته توفي في ذي الحجة.
وأبو سعيد الراراني خليل بن أبي الرجاء بدر بن ثابت الإصبهاني الصوفي.
ولد سنة خمس مائة وروى عن الحداد ومحمود الصيرفي وطائفة.
توفي في
(3/114)
________________________________________
ربيع الآخر.
تفرد بعدة أجزاء.
وعلاء الدين خوارزم شاه تكش بن خوارزم شاه أرسلان ابن المز بن محمد بن نوشتكين سلطان الوقت.
ملك من السند والهند وما وراء النهر إلى خراسان إلى بغداد.
وكان جيشه مائة ألف فارس.
وهو الذي أزال دولة بني سلجوق.
وكان حاذقًا يلعب بالعود.
ذهبت عينه في بعض حروبه.
وكان شجاعًافارسًا عالي الهمة.
تغيرت نيته للخليفة وعزم على قصد العراق.
وسار فجاءه الموت فجأة بدهستان في رمضان وحمل إلى خوارزم.
وقيل كان عنده ادب ومعرفة بمذهب أبي حنيفة.
مات بالخوانيق.
وقام بعده ولده قطب الدين محمد.
ولقبوه بلقب أبيه.
ومجد الدين طاهر بن نصر الله بن جهيل الكلابي الحلبي الشافعي الفرضي مدرس مدرسة صلاح الدين بالقدس وله أربع وستون سنة.
وهو أحد من قام على السهروردي الفيلسوف وأفتى بقتله.
والقاضي الفاضل أبو علي عبد الرحيم بن علي بن الحسن اللخمي البيساني ثم العسقلاني ثم المصري محيي الدين صاحب ديوان الإنشاء وشيخ البلاغة.
ولد سنة تسع وعشرين وخمس مائة وقيل إن مسودات رسائله لو جمعت لبلغت مائة مجلدة.
وقيل إن كتبه بلغت مائة ألف مجلد.
وكان له حدبة يخفيها بالطيلسان وله آثار جميلة وأفعال حميدة وديانة متينة وأوراد كثيرة.
(3/115)
________________________________________
وكان كثير الأموال يدخله في السنة من مغله ورزقه خمسون ألف دينار.
توفي في سابع ربيع الآخر.
وعبد اللطيف بن أبي البركات إسماعيل بن أبي سعد النيسابوري ثم البغدادي شيخ الشيوخ.
كان صوفيًا عاميًا.
روى عن قاضي المرستان وابن السمر قندي.
حج وقدم دمشق فمات بها في ذي الحجة.
وابن كليب مسند العراق أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن سعد الحراني ثم البغدادي الحنبلي التاجر.
ولد في صفر سنة خمس مائة وسمع من ابن بيان وابن نبهان وابن بدران الحلواني وطائفة.
وتوفي في ربيع الأول ممتعًا بحواسه.
والأثير أبي الطاهر محمد بن محمد بن أبي الطاهر محمد بن بنان الأنباري ثم المصري الكاتب.
روى عن أبي صادق مرشد المديني وغيره وروى ببغداد صحاح الجوهري عن أبي البركات العراقي.
وعمر وزالت رئاسته.
توفي في ربيع الآخر وله تسع وثمانون سنة.
والشهاب الطوسي أبو الفتح محمد بن محمود نزيل مصر وشيخ الشافعية.
توفي بمصر عن أربع وسبعين سنة.
درس وأفتى ووعظ وصنف وتخرج به الأصحاب وكان يركب بالغاشية والسيوف المسللة وبين يديه من ينادي: هذا ملك العلماء.
وكان رئيسًا معظمًا وافر الهيبة يحمق بظرافة ويتيه على الملوء بصنعة.
وكان صاحب حرمة في القيام على الحنابلة ونصر الأشاعرة.
(3/116)
________________________________________
توفي في ذي القعدة.
وابن زريق الحداد أبو جعفر المبارك بن المبارك بن أحمد الواسطي شيخ الإقراء.
ولد سنة تسع وخمس مائة وقرأ على أبيه وعلي سبط الخياط وسمع من أبي علي الفارقي وأبي علي بن علي بن شيران.
وأجاز له خميس الحوزي وطائفة توفي في رمضان.
سنة سبع وتسعين وخمس مائة
فيها كان الجوع والموت المفرط بالديار المصرية وجرت أمور تتجاوز الوصف ودام ذلك إلى نصف العام الآتي فلو قال القائل: مات ثلاثة أرباع أهل الإقليم لما أبعد.
والذي دخل تحت قلم الحشرية في مدة اثنين وعشرين شهرًا مائة ألف وأحد عشر ألفًا بالقاهرة.
وهذا نزر في جنب ماهلك بمصر والحواضر وفي البيوت والطرق ولم يدفن.
وكله نزر في جنب ما هلك بالإقليم.
وقيل إن مصر كان بها تسع مائة منسج للحصر فلم يبق إلا خمسة عشر منسجًا.
فقس على هذا.
وبلغ الفروج مائة درهم ثم عدم الدجاج بالكلية لولا ما *** من الشام.
وأما أكل لحوم الآدميين فشاع وتواتر.
وفي شعبان كانت الزلزلة العظمى التي عمت اكثر الدنيا.
قال أبو شامة: مات بمصر خلق تحت الهدم.
قال: ثم هدمت نابلس.
وذكر خسفًا عظيمًا إلى أن قال: من هلك في السنة فكان ألف ومائة ألف ألف.
وفيها كاتبت الأمراء بمصر الأفضل والظاهر وكرهوا العادل وتطيروا
(3/117)
________________________________________
بكعبه.فاسرع الأفضل إلى حلب.
فخرج معه أخوه واتفقا على أن تكون دمشق للأفضل ثم يسيران إلى مصر فإذا تملكاها استقر بها الأفضل وتبقى بالشام كلها للظاهر.
فنازلوا دمشق في ذي القعدة وبها المعظم وقدم أبوه إلى نابلس فاستمال الأمراء وأوقع بين الأخوين.
وكان من دهاة الملوك.
فترحلوا.
وكان بخراسان فتن وحروب ضخمة على الملك.
وفيها توفي اللبان القاضي العدل أبو المكارم أحمد بن محمد بن محمد التيمي الإصبهاني مسند العجم.
مكثر عن أبي علي الحداد.
وله إجازة عن عبد الغفار الشيروي.
توفي في آخر العام.
وتميم بن أحمد بن أحمد البندنيجي الأزجي أبو القاسم مفيد بغداد ومحدثها.
كتب الكثير وعني بهذا الشأن.
وحدث عن أبي بكر بن الزاغوني وطبقته.
وظافر بن الحسين أبو المنصور الأزدي المصري شيخ المالكية.
كان منتصبًا للإفادة والفتيا.
انتفع به بشر كثير.
توفي بمصر في جمادى الآخرة.
وأبو محمد بن الطويلة عبد الله بن أبي بكر بن المبارك بن هبة الله البغدادي.
روى عن ابن وأبو الفرج بن الجوزي عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن الجوزي الحافظ الكبير جمال الدين التيمي البكري البغدادي الحنبلي الواعظ
(3/118)
________________________________________
المتفنن صاحب التصانيف الكثيرة الشهيرة في أنواع العلم من التفسير والحديث والفقه والزهد والوعظ والأخبار والتاريخ والطب وغير ذلك.
ولد سنة عشر وخمس مائة أو قبلها.
وسمع من علي بن عبد الواحد الدينوري وابن الحصين وأبي عبد الله البارع وتتمة سبع وثمانين نفسًا.
ووعظ في صغره وفاق فيه الأقران ونظم الشعر المليح وكتب بخطه ما لا يوصف ورأى من القبول والاحترام ما لا مزيد عليه وحكى غير مرة أن مجلسه حزر بمائة ألف وحضر مجلسه الخليفة المستضيء مرات من وراء الستر.
توفي في ثالث عشر رمضان.
وابن ملاح الشط عبد الرحمن بن محمد بن أبي ياسر البغدادي.
روى عن ابن الحصين والكبار توفي في شوال.
وقراقوش الأمير الكبير الخادم بهاء الدين الأبيض فتى الملك أسد الدين شيركوه.
كان خصيًا وقد وضعوا عليه خرافات ولولا وثوق صلاح الدين بعقله لما سلم إليه عكا وغيرها.
وكانت له رغبة في الخير وآثار حسنة.
والكراني أبو عبد الله محمد بن أبي زيد بن حمد الإصبهاني الخباز المعمر توفي في شوال وقد
استكمل مائة عام.
سمع الكثير من الحداد ومحمودالصيرفي وغيرهما.
وكران محلة معروفة بإصبهان.
(3/119)
________________________________________
والعماد الكاتب الوزير العلامة أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد ابن محمد الإصبهاني ويعرف بإبن أخي العزيز.
ولد سنة تسع عشرة بإصبهان وتفقه ببغداد على ابن الرزاز وأتقن الفقه والخلاف والعربية وسمع من علي بن الصباغ وطبقته وأجاز له ابن الحصين والفراوي ثم تعانى الكتابة والترسل والنظم وفاق الأقران وحاز قصب السبق وولاه ابن هبيرة نظر واسط وغيرها ثم قدم دمشق بعد الستين وخمس مائة وخدم في ديوان الإنشاء فبهر الدولة ببديع نثره ونظمه وترقى إلى أعلى المراتب ثم عظمت رتيته في الدولات الصلاحية وما بعدها.
وصنف التصانيف الأدبية وختم به هذا الشأن.
توفي في أول رمضان ودفن بمقابر الصوفية رحمه الله.
وابن الكيال أبو عبد الله محمد بن محمد بن هارون البغدادي ثم الحلي البزاز.
أحد القراء الأعيان.
ولد سنة خمس عشرة وخمس مائة وقرأالقراءات على سبط الخياط ودعوان وأبي الكرم الشهرزوري.
وأقرأ بالحلة زمانًا.
توفي في ذي الحجة.
وأبو شجاع بن المقرون محمد بن أبي محمد بن أبي المعالي البغدادي.
أحد أئمة القراء.
قرا على سبط الخياط وأبي الكرم وسمع من أبي الفتح بن البيضاوي وطائفة ولقي خلقًا لايحصون.
وكان صالحًا عابدًا ورعًا مجاب الدعوة يتقوت من كسب يده.
وكان من الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر.
توفي في ربيع الآخر.
(3/120)
________________________________________
ويوسف بن عبد الرحمن بن غصن أبو الحجاج: الإشبيلي.
أخذ القراءات عن شريح وجماعة وحدث عن ابن العربي وتصدر للإقراء وكان آخر من قرأ القراءات على شريح.
توفي في هذا العام أو في حدوده.
سنة ثمان وتسعين وخمس مائة
فيها تغلب قنادة بن إدريس الحسني على مكة وزالت دولة بني فليتة وفيها توفي أحمد بن ترمش البغدادي الخياط نقيب القاضي.
روى عن قاضي المرستان والكروخي وجماعة وتوفي بحلب.
وأسعد بن أحمد بن أبي غانم الثقفي الإصبهاني الضرير.
سمع هو وأخوه زاهر الثقفي مسند أبي يعلى من أبي عبد الله الخلال.
وسمع هو من جعفر بن عبد الواحد الثقفي وجماعة وكان فقيهًا معدلًا.
والمؤيد أبو المعالي أسعد بن العميد أبي يعلى بن القلانسي التميمي الدمشقي الوزير.
روى عن نصر الله المصيصي وغيره ومات في ربيع الأول وكان صدر البلد.
والملك المعز إسماعيل بن سيف الإسلام طغتكين بن نجم الدين أيوب صاحب اليمن وابن صاحبها.
كان مجرمًا مصرًا على الخمر والظلم.
ادعى أنه أموي وخرج وعزم على الخلافة فوثب عليه أخوان من أمرائه فقتلاه.
ويقال إنه ادعى النبوة ولم يصح.
وولي بعده أخ له صبي اسمه الناصر أيوب.
والخشوعي مسند الشام أبو طاهر بركات بن إبراهيم بن طاهر الدمشقي
(3/121)
________________________________________
الأنماطي.
ولد في صفر سنة عشر وأكثر عن هبة الله بن الأكفاني وجماعة وأجاز له الحريري وأبو صادق المديني وخلق من العراق والمصريين والإصبهانيين.
وعمر دهرًا وبعد صيته ورحل إليه.
وكان صدوقًا.
توفي في سابع صفر.
وحماد بن هبة الله الحافظ أبو الثناء الحراني التاجر السفار.
ولد سنة إحدى عشرة وسمع ببغداد من إسماعيل بن السمرقندي وبهراة من عبد السلام بكبره وبمصر من ابن رفاعة وعمل بعض تاريخ حران أو كله توفي في ذي الحجة بحران.
وعبد الله بن أحمد بن أبي المجد أبو محمد الحربي الإسكافي.
روى المسند عن ابن الحصين وأبو بكر عبد الله بن طلحة بن أحمد بن عطية المحاربي الغرناطي المالكي المفتي تفرد بإجازة غالب بن عطية أخو جدهم وأبي محمد بن عتاب.
وسمع من القاضي عياض والكبار.
وهو من بيت علم ورواية.
وأبو الحسن العمري عبد الرحمان بن أحمد بن محمد البغدادي القاضي.
أجاز له أبو عبد الله البارع وسمع من ابن الحصين وطائفة.
وناب في الحكم.
توفي في صفر.
وزين القضاة أبو بكر عبد الرحمن بن سلطان بن يحيى بن علي القرشي
(3/122)
________________________________________
الدمشقي الشافعي.
سمع من جده القاضي أبو الفضل يحيى بن الزكي وجماعة وأجاز له زاهر الشهامي وجماعة وكان نعم الرجل فقهًا وفضلًا ورئاسة وصلاحًا.
توفي في ذي الحجة.
وعبد الرحيم بن أبي القاسم الجرجاني أبو الحسن اخو زينب الشعرية.
ثقة صالح مكثر.
روى مسلمًا عن الفراوي والسنن والآثار عن عبد الجبار الخواري والموطأ من السيدي والسنن الكبير عن عبد الجبار الدهان وشعب الإيمان توفي في المحرم.
والدولعي خطيب دمشق ضياء الدين عبد الملك بن زيد بن ياسين التغلبي الموصلي الشافعي وله إحدى وتسعون سنة.
تفقه بدمشق وسمع من الفقيه نصر الله المصيصي وببغداد من الكروخي.
وكان مفتيًا خبيرًا بالمذهب.
خطب دهرًا ودرس بالغزالية وولي الخطابة بعده وعلي بن محمد بن علي بن يعيش سبط ابن الدامغاني.
روى عن ابن الحصين وزاهر.
توفي في صفر.
وكان متميزًا جليلًا لقيه ابن عبد الدائم.
ولؤلؤ الحاجب العادلي.
من كبار الدولة.
له مواقف حميدة بالسواحل.
وكان مقدم المجاهدين المؤيدين الذين ساروا لحرب الفرنج الذين قصدوا الحرم النبوي في البحر فظفروا بهم.
قيل إن لؤلؤ سار جازمًا بالنصر وأخذ معه قيودًا بعدد الملاعين وكانوا ثلاث مائة وشيئًا كلهم أبطال من الكرك والشوبك.
مع
(3/123)
________________________________________
طائفة من العرب المرتدة.
فلما بقي بينهم وبين المدينة يوم أدركهم لؤلؤ وبذل الأموال للعرب.
فخامروا معه وذلت الفرنج واعتصموا بحبل.
فترجل لؤلؤ وصعد إليهم بالناس.
وقيل بل صعد في تسعة أنفس فهابوه وسلموا أنفسهم.
فصفدهم وقيدهم كلهم.
وقدم بهم مصر.
وكان يوم دخولهم مشهودًا وكان لؤلؤ أرمنيًا من غلمان القصر.
فخدم مع صلاح الدين مقدمًا للأسطول.
وكان أينما توجه فتح ونصر.
ثم كبر وترك الخدمة.
وكان يتصدق كل يوم بعدة قدور طعام وبإثني عشر ألف رغيف.
ويضعف ذلك في رمضان.
مات في صفر.
وابن الوزان عماد الدين محمد ابن الإمام أبي سعد عبد الكريم بن أحمد الرازي.
شيخ الشافعية بالري وصاحب شرح الوجيز.
توفي في ربيع الآخر.
وابن الزكي قاضي الشام محيي الدين أبو المعالي محمد ابن قاضي القضاة زكي الدين على ابن قاضي القضاة منتخب الدين محمد بن يحيى القرشي الشافعي.
ولد سنة خمسين وخمس مائة وروى عن الوزير الفلكي وجماعة.
وكان فقيهًا إمامًا طويل الباع في الإنشاء والبلاغة فصيحًا كامل السؤدد.
توفي في شعبان عن ثمان وأربعين سنة.
ومحمود بن عبد المنعم التميمي الدمشقي.
روى معجم ابن جميع عن جمال الإسلام.
وتوفي في جمادى الأولى. والسبط أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن أبي سعد الهمذاني سبط ابن لال.
روى عن أبيه وابن الحصين وخلق.
توفي في المحرم.
(3/124)
________________________________________
والبوصيري ابو القاسم هبة الله بن علي بن مسعود الأنصاري الكاتب الأديب مسند الديار المصرية.
ولد سنة ست وخمس مائة وسمع من أبي صادق المديني ومحمد بن بركات السعيدي وطائفة وتفرد في زمانه ورحل إليه.
توفي في ثاني صفر.
سنة تسع وتسعين وخمس مائة
تمكن العادل من الممالك
وأبعد الملك المنصور علي بن العزيز بن صلاح الدين وأسكنه بمدينة الرها.
وفيها رمي بالنجوم.
ورخ ذلك العز النسابة وسبط ابن الجوزي وغير واحد.
فأنبأني محفوظ بن البزوري في تاريخه.
قال: في سلخ المحرم ماجت النجوم وتطايرت كتطاير الجراد ودام ذلك إلى الفجر وانزعج الخلق وضجوا بالدعاء ولم يعهد ذلك إلا عند ظهور نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفيها توفي أبو علي بن أشنانة الحسن بن إبراهيم بن منصور الفرغاني ثم البغدادي الصوفي.
روى عن ابن الحصين وغيره.
وتوفي في صفر.
وأبو محمد بن عليان عبد الله بن محمد بن عبد القاهر الحربي.
روى عن ابن الحصين وجماعة.
تغير من السوداء في آخر عمره مديدة.
وأبو القاسم بن موقا عبد الرحمن بن مكي بن حمزة الأنصاري المالكي التاجر مسند الإسكندرية وآخر من حدث عن أبي عبد الله الرازي.
توفي في ربيع الآخر وله أربع وتسعون سنة ومتع بحواسه.
(3/125)
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59