|
بحوث ودراسات منوعة أوراق بحثية ودراسات علمية |
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الشواش في منظومة محكومة بالقوى الثقالية والمغناطيسية
الشواش في منظومة محكومة بالقوى الثقالية والمغناطيسية الطالب/أحمد إبـراهيم الـزيـدان جامعة دمشق-كلية العلوم– السنة الثالثة - سوريا المشــرفأ.د/ فوزي غالب عوض حمل المرجع من المرفقات الفصل الأول 1- ربما ظهرت الكلمة "شواش" Chaos لأول مرة في العام (700 ق.م) لدى الشاعر الإغريقي هسيود في قوله: "في البدء كان الشواش، لا شيء سوى الخلاء والهيولى والفراغ غير المحدود." وقد أشار إلى الشواش كلٌّ من شكسبير في عطيل وهنري ميللر في ربيع أسود. يستنتج المرء من هذه الأمثلة أن الشواش كان خاصية للفوضى غير المرغوبة فيها. وقد دمجت اللغة العامية عبر التاريخ فكرة الفوضى في فكرة الشواش. 2- عرَّفت القواميس "الشواش" بأنه الاضطراب أو الاهتياج أو اللجة البدئية. وقد عبَّر المؤرخ والكاتب الأمريكي هنري أدامز (1918- 1858 م) عن المعنى العلمي للشواش بشكل بليغ في قوله: "الشواش غالبًا ما يولِّد الحياة، بينما النظام ((order يولِّد العادة." 3- وضع العالمان< لي Li > و< يورك Yorke > في العام 1975 مصطلح "الشواش" في سياق علمي للإشارة إلى مشكلة رياضية فحواها وصف التطور الزمني الذي يعتمد اعتمادًا حساسًا على الشروط الابتدائية. وقد استخدم البيولوجي والرياضي روبرت ماني Robert Many المصطلح ونشره في الأوساط العلمية حتى اشتهر. هكذا دخلت نظرية الشواش إلى عالم البحوث "من الباب الخلفي"، كما يقال. لم تكن النظرية قانونًا، كما هي الحال في الترموديناميكا أو الفيزياء الكوانتية، لكنها مكَّنتْ الباحثين من تحليل الحوادث والميادين ذات التشابك الإشكالي ( منظومات ذات نقاط استقرارية متعددة ,المجموعة الشمسية, منظومات اجتماعية, بورصات ........إلــخ ) . وفي العام 1977 حاز إيليا بريغوجين IlyaPrigogin على جائزة نوبل في الكيمياء؛ وهو رائد العمل على الأنتروبية (entropy) المنظومات المفتوحة المعبرة كمياً عن عدم الانتظام ، أي تبادل المادة والطاقة والمعلومات بين المنظومة وبيئتها. وقد استخدم بريغوجين مفهوم "البُنى المبدِّدة" dissipative structures لكي يبيِّن أن البنيات الأكثر تعقيدًا يمكن أن تنشأ عن البنيات الأبسط وأن النظام ينبثق عن الشواش. يشبِّه دانييل شتاين Daniel Stein التعقيد / الشواش([1]) بـ "مفهوم غيبي" لأن الكثير من الناس يتحدثون عنه، لكن لا أحد يعلم ما هو في الحقيقة. ثمة تفسيرات متعددة لنظرية الشواش تتطلب استخدام مصطلحات مثل: تركيب، تقاطع مناهج، حافة الشواش، ديناميكا، شبكات عصبية، إلخ؛ لكن هذه التفسيرات جميعًا تحمل معها مفهوم المنظومات المعقدة. مضامين نظرية الشواش عويصة لأنه ليس ثمة من يستطيع معرفة الشروط المطلقة لأية منظومة من أجل التنبؤ التام بسلوكها. مؤشرات إلى التعقيد والشواش : 1-لاحظ البشر طوال آلاف السنين أن أسبابًا صغيرة يمكنها أن تُحدِث نتائج كبيرة غير متوقعة. وما أثار العلماء أنه في بعض المنظومات يمكن أن تقود تغيراتٌ طفيفة في الشروط الابتدائية إلى توقعات متباينة جدًّا، حيث إن التوقُّع (أو التنبؤ) بحدِّ ذاته يصبح بلا فائدة. فقد برهن الرياضي الفرنسي جاك أدامارد Jacques Hadamard، في أواخر القرن الـ19، على النظرية التالية: إن حركة جسيم بلا احتكاك على سطح تعتمد اعتمادًا حساسًا على الشروط الابتدائية. 2- لاحظ كبلر منذ زمن بعيد أن حركة القمر حول الأرض غير منتظمة وقد شكا نيوتن من ذلك شكوى مريرة وفي نهاية القرن التاسع عشر برهن الفلكي الأمريكي <W.G.هل> على أن هذا الاضطراب كله ناتج من الجذب الثقالي للشمس وبعد ذلك بقليل خمن عالم الرياضيات والفلكي والفيزيائي <H. بوانكاريه>([2]) أن حركة القمر ليست إلا مرضاً شاملاً صميماً يكاد يصيب كل شيء([3]). وأدرك بوانكاريه أن معظم المنظومات المتحركة يبطل انتظامها في مدى زماني طويل فلا تبدي أي انتظام ملحوظ أو نمط تكراري, وقد استدل على ذلك من مراقبته لحركة القمر والشمس والأرض حيث كانت حركة الأخيرة عبارة عن مدارات إهليلجية غير مغلقة أي أن الأرض لا تعود لنقطة البدء عندما تنهي دوراً واحداً. حتى إن أبسط المنظومات يمكن أن تسلك سلوكاً شديد التحسس بظروفها البدائية مما يجعل من الشك أمراً لا مهرب منه لمصيرها الأخير. وكان قد حدث أمرٌ غير متوقع في العام 1889 عندما أنشأ ملك النروِج جائزة لمن يجد حلاً للمشكلة التالية: هل المنظومة الشمسية مستقرة أم لا؟ قدَّم بوانكاريه حلاً للمشكلة وفاز بالجائزة. لكن زميلاً له اكتشف لاحقًا أن ثمة خطأً في الحسابات؛ فأُعطِيَ بوانكاريه مهلة ستة أشهر كي يعالج المسألة إذا أراد الاحتفاظ بالجائزة. وقد وجد بوانكاريه، مذهولاً، أنه لا يوجد حلٌّ للمشكلة! وتوصل إلى نتائج قلبت النظرة المقبولة عن الكون الحتمي الخالص التي سُلِّمَ بها منذ أن وضع إسحاق نيوتن الرياضيات الخطِّيةlinear mathematics. وبيَّن بوانكاريه في بحثه عام 1890 أن قوانين نيوتن لا تقدِّم أيَّ حلٍّ لـ"مشكلة الأجسام الثلاثة"، أي كيفية التنبؤ بحركات الشمس والأرض والقمر، ووجد أن تباينات طفيفة في الشروط الابتدائية تُحدِثُ تباينات هائلة في الظواهر النهائية وتتحدى حالةُ التنبؤات. 3- وهكذا صرفتْ اكتشافاتُ بوانكاريه النظر عن النموذج الخطِّي النيوتوني الذي كان يهمل التغيرات الطفيفة التي تبرز بروزًا غير متوقع في مدى زماني طويل. بهذه التكهنات والتصورات البدائية نجح العالم بوانكاريه([4]) بزرع أولى بذور الشواش. ليأتي بعده عالم المناخ الفيزيائي إدوارد لورنتز عام 1960 م فيجني أولى ثماره. 4- كان لورنتز يعمل على مشكلة التنبؤِبالطقس. على حاسوب مزود بنموذج لمحاكاة تحولات الطقس مؤلف من مجموعة مِنْ اثنتيعشرة معادلة لتشكيل الطقس. فيأحد أيام 1961 م، أراد رؤية سلسلة معينة من الحسابات مرة ثانية. ولتَوفير الوقتِ،بدأَ من منتصف السلسلة، بدلاً من بدايتهالاحظ لورنتز عند عودته، أنالسلسلة قد تطورتَ بشكل مختلف. بدلاً من تكرار النمط السابق نفسه، فقد حدث تباعد فيالنمطِ، يَنتهي بانحراف كبير عن المخطط الأصلي للسلسلة الأصلية. وفي النهايةاستطاع لورنتز تفسير الأمور، فقد قام الحاسوب بتخزين الأعداد بست منازل عشرية فيالذاكرة. لكنه كان يظهر ثلاثة أرقام عشرية فقط. عندما قام لورنتز بإدخال عدد منمنتصف السلسلة أعطاه الرقم الظاهر ذو المنازل العشرية الثلاث و هذا أدى إلى اختلافطفيف جدا عن الرقم الأصلي الموجود في الحسابات. ورغم أن هذا الخلاف ضئيلفقد تطور مع تسلسل الحسابات إلى فروق ضخمة تجلت بانحرافات المخططاتالواضحة. كانت الأفكار التقليدية وقتها تَعدُّ مثل هذا التقريب إلى ثلاثةمراتب عشرية دقيقا جداً, ولم يكن الفيزيائيون يلقون بالاً إلى الفروقات التي يمكن أنتنتج بعد مدة زمنية من هذه الفروقات الضئيلة في الشروط البدائية للتجربة، لكن لورنتز غيرهذا الفكر. جاءَ هذا التأثيرِ ليعرف بتأثيرِ الفراشة. فكمية الاختلافالضئيلة في نقاط بداية المنحنيين كانت صغيرة جدا لدرجة تشبيهها بخفقان جناح فراشةفي الهواء, لكن آثارها العظيمة كانت تسمح بالتنبؤ بإعصار يضرب منطقة من العالم. اختلاف المنحنيات بعد عمليات التقريب البسيطة التي قام بهالورنتز وحصر ذلك بوجود حدود لاخطية في معادلاته . من هذه الفكرة، صرّح لورنتز بأنّه من المستحيل توقع الطقس بدقّة. على أيةحال، قادَ هذا الاكتشاف لورنتز إلى تشكيل النظرية التي عرفت لاحقا بنظريةالشواش (Chaos Theory). ويجد الشواش تعبيرًا عنه إما في شكل صيغة أو دالة أو كليهما وأخيراً, نواجه التعقيد / الشواش في حياتنا اليومية في حركة السير، تبدلات الطقس، النظام الشمسي , التنبؤات الجوية , اقتصاد السوق , حركة الأسهم المالية, التزايد السكاني, تغيرات الرأي العام، نمو المدن وانحلالها ، الضوضاء في الأتصالات, انتشار الأوبئة, بحوث المناعة، صناعة القرار؛ ونجده أيضًا في تكنولوجيا الاتصالات والحواسيب التي نعتمدها في كثير من الأحيان لدراسة نماذج تفسر لنا الشواش كما في معادلة الفروق([5]). وظهرت مفاهيم نظرية التعقيد والشواش في البيولوجيا، والإحصاء، وعلم النفس، وعلم الاجتماع، والاقتصاد، والحواسيب، وفي الحقول أغلبها. الشواش والتحديات الثقافية: فقد عرِّف كامبل الشواش: بأنه يلازم تعقيد الطبيعة وتعقيد المعرفة([6]). ويستلزم الجانب الطبيعي من الشواش تَضافُر العلوم الطبيعية كافة، بينما تعالج العلوم الإنسانية الجانب المعرفي من الشواش.. وهو يدرس الاعتماد المتبادل بين الأشياء في حالة البعد عن التوازن. وعندما ينشأ اضطراب من مصدر داخلي أو خارجي في المنظومات الاجتماعية المكونة من مركبات مختلفة يربط بينها روابط واضحة أو مفروضة, فإنها تُظهِر سلوكًا شواشيًّا كما في أثر الفراشة فهو يتضخم على المستوى الماكروي كلما كان الاضطراب بعيداً عن نقاط التوازن أصبحت تعرف بـ "الفوضى الخلاقة" وما هي إلا امتداد لنظرية الشواش وتعميم لها فقد طبق عدو المجتمع ( سواءً أكان داخلياً أم خارجياً) مركزاً على ضرب النقاط التي تخل بالتوازن بين مركبات المنظومة ليصل إلى مبتغاه وضمن هذا السياق ندرج نص أطروحة شامبيتر([7]) التي تقول: "إن المنافسة الهدامة...هي أيضا تدمير هدام يسهم في خلق ثورة داخل البنية الاقتصادية عبر التقويض المستمر للعناصر الشائخة والخلق المستمر للعناصر الجديدة"([8]).تعد هذه الأطروحة من أهم المعتقدات الدبلوماسية التي تبنتها الإدارة الأمريكية بنهجها الذي اتخذ منحى جديداً في الأعوام القليلة المنصرمة والذي اتخذ من مصطلح"الفوضى الخلاقة " أو " البناءة " دليلاً له. مستمدا أفكاره من سياسة و نظرية الشواش فكرها. فالدول الاستعمارية ( باسم هذه النظرية ) وتحت شعار ايدولوجيا الفوضى الخلاقة قسمت الدول التي احتلتها إلى طوائف ومذاهب وأحزاب مما أدى إلى نشوء بلبلة سرعان ما تستفزها الديمقراطية والتعددية والنهضة وهذا ما كان يودي بشعوب تلك الدول إلى أن تتناحر جزئياً لتوشك فيما بعد على التناحر الشامل. ولعل الأمثلة التي ننقلها ([9]) فيما يلي تكون خير شاهد على إمكانية تطبيق نظرية الشواش على المنظومات الاجتماعية. ويورد اسعد الخفاجي في كتابه مثالاً آخر يشمل ابتداع لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال السيد رفيق الحريري التي استنفرت الاحتراب بين الأطياف والتيارات اللبنانية لينتهي الأمر بإقرارها انسحاباً فورياً للجيش العربي السوري من لبنان, وتأجيج النعرات بين السوريين واللبنانيين وخلق حالة من العداء الداخلي في لبنان أضحى الحليف عدوا والعدو حليفا. إذاً فالفوضى الخلاقة تتطلع لزرع الفوضى واستنبات أدوات الفتن والحروب إما بشكل مباشر كما بالعراق وسوريا والسودان وغيرها, أو بشكل غير مباشر( بالتوجيه عن بعد ) كما بحالة لبنان على الأقل منذ اغتيال رفيق الحريري. وبذلك نجد أن نظرية الشواش التي قدمنا بعضاً من مظاهرها هنا - لا تنحصر في جانب التحديات التكنولوجية فحسب بل تتعدى ذلك لتصل إلى عرش السياسية والدبلوماسية من أوسع أبوابها ولتسجل أرقاما قياسية في خلق الفوضى وعدم الاستقرار وبذلك تكون إيديولوجيا "الفوضى الخلاقة" أضحت عنوانً لإمبراطوريات تعيش على دماء الشعوب المتناحرة فيما بينها. وقد يكون مرد ذلك لضعف في البصر لديها أو سوء تقدير مستمر من لدنها يذكيه مع مرور الزمن متطرفون ومحافظون أعماهم جبروت الإمبراطورية...ولكن مع كل هذا فنحن من واجبنا أن نكون واعين بشكل أكثر لنستطيع التصدي لهؤلاء الذين تسول لهم أنفسهم اختلاق الفتنة بين أبناء شعبهم ونختم حدثينا بقوله تعالى ﴿ يٰأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهٰـلة فتصبحوا على ما فعلتم نٰـدمين﴾([10]). الفصل الثاني نظرية الشواش ( Chaos Theory ): من أحدث النظريات الرياضية الفيزيائيـة -وتترجم أحيانا بنظريـة الفوضـى أو العمـاء- التـي تتعامـل مع موضـوع الجمـل التحـريكية (الديناميكية) اللاخطية التـي تبدي نوعا من السـلوك العشوائي يعـرف بالشواش, وهو السـلوك الذي يتصف بالحسـاسـية المرهفـة لشـروط البدء بحيث يصعب التنبؤ بنتيجة واحدة في نهايـة حـركـة المنظومـة أي أننا نكـون أمـام مفترق طرق لكل منه احتماله الخاص. غير أن سلوك هذه الجمل يتصف بقوانين هذه النظرية التي يمكن أن يخضع لها. الفرق بين الشواش والعشوائية(الاضطراب): يحدث الاستقرار في جميع أنواع المنظومات الحية جميعها وغير الحية في شروط معينة, كما في الغازات التي يأخذُ فيها الضغط والحجم ودرجة الحرارة قيمة ثابتة وإذا تغيرت عادة إلى وضعها نفسه قبل التغيير وهذا ما ندعوه بالاستقرار أما إذا لم تعد فنحصل على حالة غير مستقرة. عندما نريد أن ننقل منظومة من حالة الاستقرار إلى حالة اللاستقرار يجب أن نختار للاضطراب عاملاً مناسباً لذلك الهدف. ويمكننا أن ندرس المثال التالي عن حالة الاستقرار إلى الاضطرابية وهو غليان قدر من الماء, نلاحظ في البداية حالة استقرار – لا تدوم طويلاً- بالرغم من تعرض القدر لموقد حراري ثم لا تلبث أن تنتقل المنظومة إلى طور آخر نلاحظ فيه ظهور فقاعات من الهواء تتصاعد نحو الأعلى, تتزايد مع مرور الزمن, إذ يصعب التنبؤ بأماكن حدوثها أو حجمها. من هذا المثال نلاحظ بأنه لكي يحدث الاضطراب يجب أن يجتاز المؤثر عتبة الاضطراب - بداية تشكل الفقاعات في مثالنا هذا - بنجاح ومن هنا يكمن الفرق الجوهري بين الشواش والاضطراب. فالشواش يجب أن تكون حساسيته مرهفة للشروط البدائية (العوامل الخارجية). ومنه إذاً؛ نجد بأننا في المنظومات الشواشية نلغي حاجز العتبة وبالتالي فيمكن لأي مؤثر مهما صغر أن يودي بمنظومة شواشية إلى مفترق طرق ولكل منه احتماله الخاص. وتنفرد المنظومات الشواشية ببعض الخواص التالية([11]): 1- يجب أن تكون موصوفة بمعادلات لا خطية, إذ إن الحد اللاخطي هو المسؤول عن هذا السلوك الشواشي. 2- يجب أن تكون ذات صفات تكرارية - تكرر نفسها - مع مرور الزمن كالمدارات الدورية الكثيفة التي نقابلها في مسألة الأجسام الثلاثة لـ بوانكاريه. 3- ويجب ألا ننسى أن تكون مقيدة بدرجات حُرِّيَّـة كثيرة والتي سنؤجل الحديث عنها للفصل الثالث. الشواش ومسبباته: والسؤال المطروح : متى تكون المنظومات شواشية ومتى لا تكون كذلك ؟ تكمن الإجابة في سر المنظومات التي توصف بمعادلات لا خطية والتي تعرف بالرياضيات بأنها المنظومات التي لا تحقق مبدأي التراكب و/ أو التجانس ويمكن تبسيطها بأنها المنظومة التي لا تتناسب فيها إشارة([12]) الدخل مع إشارة الخرج والحدود اللاخطية تكون المسؤولة عن ظهور ذلك السلوك اللاخطي الغريب الذي دعوناه بالسلوك الشواشي ويمكن للمنظومات أن تكون شواشية في حال كانت ذات درجات حُرِّيَّـة كثيرة وأقرب مثال على ذلك عندما ندخل القمر كجسم ثالث عند دراسة حركة الأرض حول الشمس وهذا ما يعرف بمنظومة الأجسام الثلاثة ( قمر- شمس- أرض ) التي درسها العالم بوانكاريه إذ وجد أن مداراتها غير مغلقة, بمعنى عندما يتحرك أحدها بفضاء الطور من نقطة معينة فإنه لا يعود إلى تلك النقطة بعد أن يقضي دوراً واحداً والذي يحدث انه يعود لنقطة قريبة منها وتجعل من حركة القمر حركة غير منتظمة وهذا ما لاحظه كبلر ونيوتن([13]). تظهر هذه المدارات غير المغلقة في فضاء الطور بصورة واضحة وتحدد مقاطع بوانكاريه أو إسقاطات بوانكاريه أشكالها عندما نسقطها على مستو ذي بعدين. ظاهرة الشواش في جريان الموائع([14]): تعد ظاهرة الشواش في جريان الموائع (fluid flow). أفضل مثال توضيحي للانتقال من الجريان الخطي إلى الجريان الاضطرابي. يوصف جريان السوائل في المجاري والأنابيب - اعتماداً على خصائصه من لزوجة وسرع مفروضة وشروط ابتدائية - بأهم المعادلات الفيزيائية وهي معادلات نافيير ستوكس وهي معادلات لا خطية وإن الحل اللاخطي لها هو الذي يسبب ظهور الحركة الاضطرابية الدَوْاميّة في المائع التي نحن بصدد دراستها بصورة خاصة. انشغل العلماء طويلاً بظاهرة الشواش في حركة جريان الموائع وظهور دوامات صغيرة وكبيرة متداخلة واختلاط تيارات الموائع بعضها ببعض, بحيث يتعذر على المجرب تميز بعضها من بعض وهذا ما كان يجعل المائع ينتقل من حركة تظهر فيها الاضطرابات الصغيرة بصورة واضحة ثم لا تلبث أن تضعف وتختفي([15]) أي ما يدعى بالحركة الطبقية - وهي حركة دورية توصف بمعادلات خطية - والتي ما إن تصادف أي خلل صغير حتى تتفاقم متحولة للحركة الاضطرابية - حركة لا دورية توصف بمعادلات لا خطية - لتصل بعدها في نهاية المطاف إلى كارثة يمكن أن تكون مدمرة في أغلب الأحيان, شَغَلت هذه الظاهرة العلماء, إلى أن أجرى العالمان < سوينيSwinney > و < جولوب Gollub> تجربة([16]) لدراسة الانتقال من الحالة الطبقية إلى الحالة الاضطرابية في حركة السائل ( الموائع ) وكانوا يتوقعون ظهور إيقاعات لاندو المتعارضة([17]). وبالفعل ظهرت بعض الإيقاعات وبينما هم يترقبون المزيد منها حدث ما لم يكن متوقع!. إذ قفز السائل بشكل مفاجئ إلى حالة مختلطة ليس بها أي دورانات مميزة على الإطلاق, لقد اتضح لهم جلياً أن إيقاعات لانداو المتعارضة وبالتالي نظريته لا تصف الواقع الذي نشهده. جاء الجواب الشافي- لو جاز التعبير- على لسان < رويل Ruelle > ليقول إن حركة المائع تقع في منطقة جذب جاذب ما([18]) في فضاء الحالة. الجاذب والجاذب الغريب: [IMG]file:///C:/Users/ENG~1.BAS/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/02/clip_image002.gif[/IMG]نستطيع من مشاهداتنا التجريبية أن نعرف الجاذب([19]) بأنه المحِل الهندسي الذي تنتهي عنده حركة منظومة ما, أي تقع في حالة استقرار تتشعب في ثلاثة أنواعها نذكرها: * الجاذب النقطي: ويتعلق بالمنظومات التي تنهي مسارها بحالة توازن مستقر ومثال على ذلك منظومة بسيطة كالنواس – الذي سنتوسع فيه في الفصل الثالث- الذي تتأرجح ثم لا يلبث أن يستقر في نقطة معينة. * الجاذب الدائري: ويتعلق بالمنظومات التي تملك درجتي حُرِّيَّـة على الأقل مثل المنظومة التي سندرسها عبارة عن نواس خاضع لمغناطيس على شكل حلقة وبشروط معينة ستذكر لاحقاً, ويكون المحل الهندسي هنا على شكل خط [1]- للمجلد الأول من المحاضرات التي ألقيت في المؤتمر الأول حول المنظومات المعقدة في جامعة نيومكسيكو 1988 . [2] - مجلة العلوم عام1993 - المجلد 9 - العددان 11 و12 صفحة 11. [3] - يقصد بالمرض الاضطراب تمهيداً لإطلاق مصطلح الشواش. [4]- يعد عالم الرياضيات والفلكي والفيزيائي <H. بوانكاريه> في وقتنا المعاصر أباً للشواش, لأنه أول من تكلم ببذوره. [5] - سناتي على شرحها في تطبيقات الشواش. [6] - جوهر التنظيم الذاتي في المنظومات المضطربة " للكاتب العراقي د. أسعد الخفاجي }http://albadeal.com/albadeal-2007-1/jane-1-1/2-2-2/alkafajey-1-1.htm{ [7] - "مدخل إلى نظرية التعقيد والشواش" للكاتب [COLOR=**********]معين رومية[/COLOR] دار معابر دمشق. http://maaber.50megs.com/issue_december03/epistemology_1.htm"" [8] - جوزيف شامبيتر (1883-1950), عالم اقتصاد نمساوي, أصدر في سنة 1942 كتابه الشهير عن "الرأسمالية والاشتراكية والديمقراطية" [9]- " جوهر التنظيم الذاتي في المنظومات المضطربة " للكاتب العراقي د. أسعد الخفاجي }http://albadeal.com/albadeal-2007-1/jane-1-1/2-2-2/alkafajey-1-1.htm{ [10]- سورة الحجرات الآية ﴿6﴾. [11]- الظواهر اللاخطية والشواش الأستاذ الدكتور: فوزي عوض – جامعة دمشق. [12]- نقصد بإشارة الدخل الشروط الابتدائية التي تحكم المنظومة وإشارة الخرج عندها هي حالة الاستقرار للمنظومة. [13] - ننظر الفصل الأول- المقدمة التاريخية - الفقرة 4 . [14] - إن ظواهر الشواش كثيرة ولكننا اخترانا هذه الظاهرة للدراسة. [15]- أي نصل لحالة توازن أو ندعوها بحالة استقرار لحالة المائع. [16]- "الفوضى وصناعة عالم جديد" تأليف: جامز جليسك - مجلة عالم الفكر – المجلد العشرون - العدد الأول – 1989 - صفحة 275 . [17]- وضع الفيزيائي السوفيتي <لانداو Landau> نظرية مفادها أن الانتقال من الطبقية إلى الاضطرابية يجري نتيجة لتراكم متزايد لموجات ذات إيقاعات متعارضة في المائع المتحرك. ودعيت هذه الإيقاعات بإيقاعات لانداو. [18] - والذي عرف فيما بعد باسم الجاذب الغريب. [19] - نستطيع التعبير عن الجاذب: بأنه الحفرة التي تقع فيها المنظومة لتستقر فيها بعد حركة معينة تقوم بها لفترة زمنية محددة. حمل المرجع من المرفقات المصدر: ملتقى شذرات
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201) |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
لحكومة, منظومة, الثقالية, الشواش, بالقوى, والمغناطيسية |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع الشواش في منظومة محكومة بالقوى الثقالية والمغناطيسية | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
العثماني... طبيب نفسي لحكومة المغرب المريضة | عبدالناصر محمود | مقالات وتحليلات مختارة | 0 | 03-21-2017 08:28 AM |
أضخم إكتشاف علمي منذ مئة عام: الموجات الثقالية تثبت نظرية آينشتاين حول الارض ! | Eng.Jordan | علوم وتكنولوجيا | 0 | 02-15-2016 02:47 PM |
الوجه الطائفي لحكومة العبادي | عبدالناصر محمود | مقالات وتحليلات مختارة | 0 | 01-26-2016 08:58 AM |
نظرية الشواش Chaos Theory | Eng.Jordan | علوم وتكنولوجيا | 0 | 01-04-2013 03:39 PM |
عباس رئيساً لحكومة انتقالية توافقية فلسطينية | Eng.Jordan | أخبار عربية وعالمية | 0 | 02-06-2012 05:34 PM |