#1  
قديم 10-12-2014, 08:12 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة مع اليهود أم ضد اليهود؟


الدكتور المسيري: مع اليهود أم ضد اليهود؟
ـــــــــــــــــــــ

(د. أحمد إبراهيم خضر)
ـــــــــــ

18 / 12 / 1435 هــ
12 / 10 / 2014 م
ـــــــــــ

ly626a735f77.jpg


*ـ يقول الإمام الشاطبي: "الناس يميلون إلى ما ظهر منهم صلاح وفضل"، لكن القاعدة التي يؤكدها "الإمام الشاطبي" في ذلك هي: " أن الاستدلال على تثبيت المعانى بأعمال المشار إليهم بالصلاح لا يكون إلا لمجرد تحسين الظن، ولكنه إذا أخذ بإطلاق فإنه قد يكون من الفوادح".

الأستاذ الدكتور "عبدالوهاب المسيري":
مفكر عربي إسلامي حصل على درجة الماجستير عام 1964 من جامعة كولومبيا، ثم على درجة الدكتوراه عام 1969 من جامعة رَتْجَرز Rutgers عمل أستاذا بجامعة عين شمس، وأستاذا زائرًا في أكاديمية ناصر العسكرية، وجامعة ماليزيا الإسلامية، وكان عضوا في مجلس الخبراء بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام (1970 – 1975)، ومستشارًا ثقافيًا للوفد الدائم لجامعة الدول العربية لدى هيئة الأمم المتحدة بنيويورك (1975 – 1979)، وعضوا بمجلس الأمناء لجامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية بليسبرج، بولاية فرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ومستشارا للتحرير في عدد من الحوليات التي تصدر في ماليزيا وإيران والولايات المتحدة وانجلترا وفرنسا.

من أهم أعمال الدكتور المسيري:
• موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية: نموذج تفسيري جديد (ثمانية مجلدات)
• كتاب رحلتي الفكرية: سيرة غير ذاتية غير موضوعية - في البذور والجذور والثمار.

وللدكتور المسيري مؤلفات أخرى في موضوعات شتى من أهمها:
• العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة (جزأين).
• إشكالية التحيز: رؤية معرفية ودعوة للإجتهاد (سبعة أجزاء).

كما أن له مؤلفات أخرى في الحضارة الغربية والحضارة الأمريكية مثل:
• الفردوس الأرضي.
•الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان.
• الحداثة وما بعد الحداثة.
• ودراسات معرفية في الحداثة الغربية.

والدكتور المسيري له أيضاً دراسات لغوية وأدبية من أهمها:
•اللغة والمجاز: بين التوحيد ووحدة الوجود.
• دراسات في الشعر.
• في الأدب والفكر.
• كما صدر له ديوان شعر بعنوان أغاني الخبرة والحيرة والبراءة: سيرة شعرية.
وقد نشر الدكتور المسيري عدة قصص وديوان شعر للأطفال.

حصل المسيري على "جائزة القدس" وهي من أهم الجوائز في العالم العربي، التي يمنحها الإتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، كما حصل على جائزة "رجل العام"، منحتها له نقابة صيادلة مصر، في إطار احتفالاتها بـ" يوم الصيدلي المصري".

توفي الدكتور المسيري في يوم الخميس 3 يوليو 2008 عن عمر يناهز السبعين عاما بعد مسيرة عطاء حافلة، قضاها في الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية والقضية الفلسطينية.

هذه هي السيرة الذاتية للدكتور المسيري يرحمه الله، تبين في مجملها أنه من هؤلاء المشار إليهم بالصلاح والفضل، ونحسبه كذلك، ولا نزكيه على الله، لكننا نرى أن الأخذ (ببعض) تحليلاته قد يكون من الفوادح كما قال الإمام الشاطبي.

الكثير من المسلَّمات اللصيقة باليهود على امتداد الزمان والمكان حولها الدكتور المسيري ليس إلى مجرد افتراضات فقط، ولكن إلى افتراضات تنم في رأيه عن فهم قاصر اختزالي وساذج يعمل على بث الرعب والهزيمة في نفوسنا، وأنه لا يج-وز لمسلم - حسب رأيه - أن يوجه الاتهام إلى أي إنسان دون قرائن، كما لا يمكن لأي رؤية دينية حقة أن تحكم على اليهود باعتبارهم تجسيداً لفكرة، وأن الإسلام عرف حقوق أعضاء الأقليات، فحدد لهم أن لهم ما لنا وأن عليهم ما علينا، ومن ثم فإن حقوق اليهود مطلقة لا يمكن التهاون فيها.

فعلى سبيل المثال: افتراض أن اليهودي شخص فريد لا يخضع للحركات الاجتماعية التي يوجد فيها، وأنه لا ينتمي إلى الأمة التي يعيش بين ظهرانيها، وأنه يقف دائماً في مقابل الأغيار (غير اليهود)، وأن لليهود يداً خفية توجد في كل مكان، وأنهم أفعى خيالية ميتافيزيقية لا يمسَك بها كالشيطان.وافتراض أن هناك مؤامرة يهودية عالمية تسعى إلى السيطرة على العالم بعد إفساده وتخريبه، وافتراض أن من خصائص اليهود الشر، والمكر، والرغبة في التدمير، وأن هذه الخصائص فطرت في عقولهم، وهي مكون أساسي وثابت في طبيعتهم، وأن سلوكهم إنما هو تعبير عن مخطط جبار، وضعه العقل اليهودي الذي يخطط ويدبر منذ بداية التاريخ.

وافتراض أن اليهود وراء أشكال الانحلال المعروفة والعلنية والخفية في العالم العربي والغربي، بل في كل أرجاء العالم، وأنهم وراء (المحافل الماسونية) التي أسسوها لمؤامراتهم، وأنهم وراء (البهائية) التي تسعى لإفساد ألإسلام وكل العقائد....

كل هذه الافتراضات وغيرها في نظر المسيري متحيزة تؤدي إلى نتائج مضللة، ولا تصدر إلا من ذات مهزومة أدمنت الهزيمة إدماناً كاملاً، واستسلمت لها بعد أن قَبِلت الآخَر وخضعت له، وهي أيضاً دعوة مقنَّعة للإستسلام، جعلت من يروجون لها جنداً يخدمون العدو بنزاهة موضوعية، يتصرفون بأمانة مضحكة دون تمحيص، كما أنها تسويغ للعجز العربي وللتخاذل أمام اليهود.وهي في نظر المسيري أيضاً افتراضات تروج لها الصهيونية العالمية الواعية، والدعاية المعادية لليهود غير الواعية، بالإضافة إلى المخابرات الإسرائيلية؛ فهي تصور اليهود على أنهم عدو لا يقهر، وأنهم قادرون على كل شيء، وأنهم ظاهرة خرافية، وأن لهم قوة عجائبية، ومن المستحيل ضربهم أو إلحاق الهزيمة بهم، وأنهم وحدة متماسكة صلبة وظاهرة واحدة، وتشكيل حضاري واحد وكلٌّ متكامل متجانس، وهذا من شأنه أن يكسب اليهود شرعية غير عادية في عالم يؤمن بالنجاح والحلول العملية.

ولا شك أن هناك الكثير من الحق فيما يقوله المسيري، لكنه حق ملتبس بباطل مكسو بعبارات مستحسنة، فيها من حلو الفصاحة والعبارات الدقيقة ما يسرع إلى قبوله كل من ليس له بصيرة نافذة.

برّأ المسيري اليهود من اتهامات "هتلر" لهم التي سجلها في كتابه (كفاحي)، والتي رأى فيها أن وراء كل أشكال المعاناة والفساد والانحراف والهزيمة التي عانتها بلاده "مخلوق وديع" أسماه بـ "الغريب ذي الشعر الأسود والأنف الطويل" كناية عن اليهود.

وصف "هتلر" في كتابه الآنف الذكر تجربة ألمانيا مع اليهود، وحدد فيه خططه المستقبلية لإعادة بناء ألمانيا بعد تطهيرها مما أسماه "جرثومة اليهود"، وهو وإن كان في منطلقه عنصرياً كما يرى الكثير من المحللين فهذا شأنه، أما ما يقوله عن اليهود فهي قناعاته التي استخلصها من دراساته ومعايشته لليهود.

اعترض المسيري أيضا على الانتقادات الحادة التي وجهها الاشتراكي الفرنسي المعروف "شارل فورييه"، الذي نقل عنه قوله: "إن التجارة هي مصدر الشرور، وأن اليهود هم تجسيد لها، كما أنهم المستغلون الرئيسيون في أوروبا.وأنهم ليسوا جماعة دينية، وإنما هم جماعة قومية غير متحضرة وبدائية ومعادية للحقيقة، ولا بد للمجتمع من التخلص منهم بالدمج أو الطرد.وأشار "فورييه" إلى قوانين الطعام اليهودية على أنها قرينة على صدق كل الشائعات التي أطلقها أعداء اليهود عنهم مثل: اتهامهم باعتقادهم أن سرقة المسيحي أمر شرعى مباح لهم، ولذا يرى "فورييه" أن لفظي "يهودي" و "لص" مترادفان، وأن الإنسان عند التعامل معهم لا يتوقع سوى أكاذيب ولا شيء سوى الأكاذيب التي يشجعهم عليها دينهم.ويرى "فورييه" أيضا أن اليهود عنصر تجاري لا ارتباط ولا انتماء لهم بوطن؛ ولذا فهم لا يتورعون عن ارتكاب أعمال الخيانة العظمى، ويعملون جواسيس لكل الأمم وجلادين لها، وهم كذلك غير مبدعين في الفنون والآداب، ولا يتميزون إلا بسجل طويل من الجريمة والقسوة.

والنشاطات الاقتصادية لليهود كلها هامشية وشرسة وغير منتجة في نظر "فورييه"؛ فهم لا يعملون أبداً بالزراعة، ويشتغلون بالتجارة والأعمال المالية.

وهم إلى جانب ذلك متمرسون في التهرب من دفع الضرائب، ولا يستثمرون أبداً رأسمالهم في الصناعة حتى لا يرتبط مصيرهم بمصير الدولة التي يعيشون فيها.ويقتصر نشاطهم على التجارة وعلى الإستيراد والتصدير حتى يحرموا تجار البلاد المضيفة من الاحتكاك بالبلاد الأخرى.

وهم يحققون الثروات الهائلة على حساب المواطنين، وخصوصاً أنهم بخلاء إلى درجة أن بإمكانهم العيش على أقل القليل، مما يساعدهم على تراكم الثروة بسرعة.

وكان تصور "فورييه" لعلاج المسألة اليهودية هو تطبيق قوانين قاسية على اليهود، ومنعهم من الاشتغال بالأعمال التجارية، وإبعادهم عن الحدود والسواحل والأماكن التي يمكن أن يمارسوا فيها التهريب والتجارة. أما أتباع" فورييه" فكانوا يرون أن العِرْق اليهودي قبيح من الناحية الجسدية، فوجوههم تخرق قواعد الجماليات.

والعِرْق اليهودي عِرْق طفيلي كليةً يصيب المجتمع بالتحلل، ولم يختلف رأي "أدولف ألايز" عن رأي "فورييه" و "هتلر"، فقال: إن اليهود مثل البكتريا القذرة تؤدي إلى عفن المكان الذي تصل إليه.وقد ربطت مدرسة "فورييه" بين "ماركس" والبلشفية من جهة، وبين "ماركس" واليهودية من جهة أخرى، وقال "يوجين دوهرنج" عن اليهود: "إن جمجمة الإنسان اليهودي ليست جمجمة إنسان مفكر؛ فهي ملأى على الدوام بالربا، وأن الحل بالنسبة إلى اليهود هو القتل أو الطرد".

كان هتلر قد أشار إلى "بروتوكولات اليهود" على أنها دستور الحركة اليهودية، وأن هذه البروتوكولات ترى أن محور العمل اليهودي يجب أن ينطلق من بلاده لتحقيق حلمهم في السيطرة العالمية، وأنه إذا تمكن اليهود من إخضاع ألمانيا فسيكونون قد تخلصوا من أهم العقبات الرئيسة التي تعترض طريقهم، لكن "مفكرنا العربي" يرفض كل ذلك ويرى أنه محاولة من الألمان لتسويغ هزيمتهم بأنها طعنة نجلاء من الخلف قام بها اليهود المشتركون في المؤامرة اليهودية الكبرى، أو العالمية.

كما فسر "المفكر العربي" اتهام هتلر اليهود بالترويج للإباحية الجنسية والبغاء بأنه اتهام نتج عن ملاحظات هتلر لنشاط البغايا والقوادين اليهود في فيينا بشكل مكثف، وأن هذا الأمر ترك أثره على أدبيات معاداة اليهود التي وجدت في ذلك قرينة على مؤامرة اليهود في العالم ومحاولتهم إفساده .

كما رفع "المفكر العربي" تهمة هتلر لليهود بالاتجار في الرقيق الأبيض، ويرى أنها وإن كانت حقيقة واقعة فهي في نظره "واقعة جزئية"، وأن تقرير الواقعة الجزئية دون ذكر الحقيقة الشاملة هو جوهر العنصرية.

اعتبر "المفكر العربي" نفسه مجتهداً، وأن ما يقوله يدخل في دائرة الاجتهاد، في حين أن أبسط قواعد الاجتهاد تقول: "لا تجد مجتهداً يثبت لنفسه قولين معاً، وإنما يثبت لنفسه قولاً واحداً، وينفي ما عداه" وهذا ما لم يتبعه "المفكر العربي" في تحليلاته فهو يبرئ اليهود من تهم أثبتها عليهم في الوقت ذاته.

رفض المسيري الأوصاف الشائعة عن اليهود، كتلك التي وصفهم بها هتلر وغيره، فقال في ذلك: " يجب أن نبتعد عن الدهاليز الضيقة المظلمة، وأن نتوقف عن البحث الطفولي الساذج عن اليهودي ذي الأنف المقوس والظهر المحدوب الذي لا يوجد إلا في كتب الكاريكاتير وفي النماذج الاختزالية؛ ظناً منا أننا لو عثرنا عليه، وقضينا عليه فسنستريح".

أما عن بروتوكولات اليهود فيقول "المفكر العربي": أن "البروتوكولات" ليست إلا وثيقة مزورة، وأن نبرتها ساذجة للغاية، وأن كاتبها "سيرجي تيلوف" هو الذي زيفها، رغم أنه لا يجيد التزييف محاولاً أن يضخم اليهود وقوتهم ليخيف الناس منهم.وأن هذه "البروتوكولات" ليست نقداً لليهود بمقدار ما هي تعبير عن إحساس الإنسان الأوروبي في أواخر القرن التاسع عشر بأزمته.

ويرى "المفكر العربي": أن الإشارة إلى "البروتوكولات" واستخدامها في الإعلام المضاد للصهيونية أمر "غير أخلاقي"، وحتى لو كانت حقيقية فإنه لا يمكن إثبات أن هذه الوثيقة تعبِّر عن دوافع أغلبية الجماعات اليهودية في العالم. وأن الهدف من ترويج هذه الوثيقة وغيرها ككتاب "أحجار فوق رقعة الشطرنج" هو إشاعة الخوف من اليهود والصهيونية، ومن ثم تسويغ العجز العربي والتخاذل أمامهما، كما أن استخدام "البروتوكولات" لاتهام اليهود فيه سقوط في العنصرية والعرقية التي تصنف الناس لا على أساس أفعالهم وإنما على أساس مادي علماني لا ديني مسبق وحتمي؛ ولذا فهي لا تميز بين ما هو خير وبين ما هو شر.

وعن رأس المال اليهودي ودوره التخريبي العالمي يقول "المفكر العربي": إن رأس المال اليهودي يتحرك حسب حركة رأس المال المحلي الذي يتحرك بدوره حسب حركة رأس المال العالمي، وأن تأثير رأس المال اليهودي لا يتناسب بتاتاً مع قوته الفعلية

وعن "التلمود" يرفض "المفكر العربي" رأي الحاخامات والمفكرين الصهاينة الذين يرون أن "التلمود" هو الذي علّم اليهود الاستعلاء والتفوق المليء بالعصبية الضيقة الضارية، وأنه هو الذي صنع النفس اليهودية، وصاغ خصائصها، ويرى أي "المفكر العربي" أن التلمود ليس كلاً متجانساً، كما أن اليهود ليسوا على معرفة بكل ما جاء به، وأنه لا يحدد سلوك اليهود في كل زمان ومكان، وينتهي المفكر العربي إلى القول: "إن كل من يحول التلمود إلى نموذج تفسيري لسلوك اليهود أو أعضاء الجماعات اليهودية يكون قد حكم على نفسه بالانفصال عن الواقع والإخفاق الذريع في التنبؤ، وأن استخدام "التلمود" كنموذج تحليلي ينم عن الكسل الفكري ورفض للتعمق في الظاهرة اليهودية وتركيبتها وتنوعها".

ومع ذلك يرى هذا المفكر أنه - أي التلمود الذي هو تفسير الحاخامات للتوراة - هو المعيار السائد المقبول في كل ما يتعلق بحياة اليهود وأعمالهم ونشاطهم الفكري منذ القرن السابع الميلادي، وهو أهم الكتب الدينية عند اليهود وهو الثمرة الأساسية للشريعة الشفهية، وينتشر بين اليهود بشكل متزايد، وأنه ساعد على اكتساب مركزية في الفكر الديني اليهودي وأنه الرقعة اليهودية الخالصة، وأنه قد حلّ محلّ التوراة في العصور الوسطى باعتباره كتاب اليهود المقدس والأساسي، وأنه تركزت فيه كل السلطة الدينية والروحية في اليهودية، وأنه لا يقتصر على الحياة العامة لليهود، وإنما يمتد ليشمل أخص خصوصياتهم.

وأشار "المفكر العربي" إلى أن الشرائع التلمودية تدرس في إسرائيل، ويعاد طبع النسخة الأصلية منها دون تعديل، وأن تأثيره واضح على قوانين الأحوال الشخصية وقوانين الطعام والقوانين الزراعية، وأن بعض الجامعات هناك تشترط على طلابها تحصيل معرفة تمهيدية بالتلمود، ومن المعروف أن التلمود يرى أن هناك نوعين من البشر فقط: اليهود، وغير اليهود. اليهود هم الوحيدون الذين يجسدون روح الإله، وأنه لن يدخل الجنة غير اليهود؛ لأنهم شعب الله المختار، وأن غير اليهود أنجاس.... إلخ.

وكل من ينظر إلى اليهود عبر التلمود هو في نظر "المفكر العربي" صاحب فكر اختزالي بسيط منغلق وساذج وبسيط؛ فالكتب الدينية والمثل العليا ليست هي التي تحدد سلوك فرد ما، وإنما هي مركّب هائل من الأسباب التاريخية الاقتصادية والاجتماعية؛ وعليه - وفق الفكر المركب المنفتح - أن يدرك أن التلمود كتاب تفسير وضعته القيادة الدينية لأقليات متناثرة كانت تعامل معاملة الحيوان، وكانت تعيش في قلق وخوف وإحساس بالخطر المحدق، وأنه ليس كل يهودي قد درس التلمود بعناية فائقة، وأنه يخضع كل حركاته وسكناته، لما يرد فيه من تعاليم دينية، وأنه لا يجب تجريد التلمود من سياقه التاريخي، وألا نستخدمه كنموذج تحليلي لفهم الظاهرة اليهودية.

تصدى "المفكر العربي" لرفض الاتهامات الموجهة لليهود ودورهم في الحركات الهدامة قديمها وحديثها، واعتبر أن العقل الاختزالي هو الذي ينسب لليهود كل الشرور، ويراهم مسؤولين عن هدم المسيحية والإسلام، وأن اليهود يوجدون في كل زمان ومكان بشكل واضح أحياناً وبشكل متخف أحياناً أخرى؛ وذلك لزيادة كفاءتهم في عملية الهدم ونشر الفساد، في نفس الوقت الذي يعترف فيه "المفكر العربي" بأن هناك فكراً هداماً نادت به بعض الجماعات اليهودية، وأن ظاهرة اليهود المتخفين هي ظاهرة حقيقية.

بدأ "المفكر العربي" في عرضه للحركات الهدامة يشكك بأن "عبدالله بن سبأ" شخصية حقيقية، وأن هناك من كان يحمل أفكار "ابن سبأ"، ويروج لها بغض النظر عن وجود ابن سبأ نفسه.

افترض "المفكر العربي" أن الفكر الذي يحمله "ابن سبأ" فكر حلولي بمعنى أنه فكر يفترض الحلول الدائم للإله في الطبيعة والتاريخ، وأن هذا الفكر ذو أصول يمنية، وأن اليهودية التي كانت منتشرة في جنوب الجزيرة العربية يهودية منعزلة عن المراكز والحلقات التلمودية، سواء في فلسطين أو بابل، كما أن الطبيعة الجبلية لليمن تضمن استمرار كثير من العبادات والعادات ذات الطابع البدائي؛ ومن هنا يخرج "عبدالله بن سبأ" من دائرة الفكر التآمري لكونه يمنياً ذا فكر حلولي لم يتأثر بالفكر التلمودي التآمري؛ بفضل الطبيعة الجبلية المنعزلة لليمن.

ويثبت "المفكر العربي" في ذات الوقت أن من 20% إلى 50% من أعضاء الحركات السرية الهدامة الموجودة في الولايات المتحدة هم من اليهود، كما يثبت أيضاً أن نسبة عضوية اليهود في الجماعات السرية في العالم تبلغ 30%، كما يعطي بنفسه أمثلة لهذه الجماعات الهدامة كجماعة "عبدة الشيطان"، ثم يسوغ ارتفاع هذه النسبة لليهود في هذه الجماعات الهدامة بأنه "تعبير عن ضعف العقيدة اليهودية، وعن تزايد الإحساس بالاغتراب؛ نتيجة لتزايد معدلات الترشيد والعلمنة، وتآكل الأسرة كمؤسسة وسيطة، كما يفسر إقبال الشباب اليهودي على العبادات الجديدة بأنه تعبير عن احتجاجهم على النجاح المادي الذي حققه أهلهم باندماجهم في الحضارة الغربية، فهو في تصورهم نجاح خال من المعنى والمضمون الخُلُقي، ويؤدي إلى الاستغراق في الحياة الحسية والاستهلاك غير المتناهي.

وأياً كانت هذه التسويغات أو التفسيرات كما يحلو "للمفكر العربي" أن يسميها فهي ليست صادقة بالضرورة، وتحتمل الخطأ في نفس الوقت الذي تحتمل فيه الصواب، لكنها أياً كانت لا تغير من الحقيقة شيئاً، وهي أن نسبة اليهود في الجماعات الهدامة عالية

يرفض "المفكر العربي" أي ربط بين الماسونية واليهودية، ومن ثم يرفض القول بوجود تعاون سري بينهما للسيطرة على العالم وتخريب المجتمعات، ثم يثبت في نفس الوقت أن ثمة علاقة سرية بنيوية وفعلية قائمة بين الماسونيين وأعضاء الجماعات اليهودية.

يقول "المفكر العربي": "حينما يربط المعادون لليهود بينهم وبين الحركة الماسونية فإنهم محقون في ذلك تماماً؛ إذ إن نسبة أعضاء الجماعات اليهودية في المحافل الماسونية عادة ما يكون أعلى".

ينفي "المفكر العربي" فكرة ارتباط عضوية اليهود في الجماعات الماسونية بيهوديتهم أو بعقيدتهم، ويرى أن انخراطهم في المحافل الماسونية يمثل بالنسبة لبعض منهم صياغة دينية مخففة تساعدهم على التخلص من هويتهم الدينية دون إحساس بالحرج من عدم وجود إيمان ديني على الإطلاق.

هذا التفسير الذي يقول به "المفكر العربي" ليس له من دليل قاطع يثبته، ومع ذلك تظل أمامنا حقيقة قائمة أثبتَ - هو - بالدليل القاطع صحتها، وهي أن هناك ارتباطاً بين اليهود والمحافل الماسونية.

المحور الأساس الذي تدور حوله كل تسويغات "المفكر العربي" للسلوكيات اليهودية هو أنه ينظر إلى اليهود ليس بوصفهم يهوداً وإنما لكونهم (جماعات يهودية) تشكلت من خلال المحيط الحضاري الذي تنتمي إليه، وليس رغماً عنه، وأصبحت (جماعات وظيفية) تم دمجها في مجتمعاتها، وأصبحت جزءاً لا يتجزأ منه خاضعة تماماً لآلياتها، وليس أكثر من ذلك؛ ومن ثم لا شأن لليهود ولعقيدتهم الدينية في كل ما ينسب إلى اليهود من سلوكيات.

ويعترف "المفكر العربي" بأن هذا المَخرج الذي اخترعه هو الذي أعطى القيمة التفسيرية لتحليلاته عن اليهود؛ وذلك لأن مصطلح "جماعات" يؤكد عدم التجانس، رغم وجود عنصر تشابه ووحدة بينها وهو "اليهودية"، ثم يعود المفكر العربي بعد ذلك إلى القول: "إن هذا لا يمنع من حفاظ اليهود على بعض معالم الهوية العرقية لهم."

"المفكر العربي" غير مقتنع برؤية هتلر في كذب ادعاء اليهود بأنهم طائفة دينية، وأنهم في الحقيقة "جنس" كسائر الأجناس، لقد نجح اليهود في إذابة جنسهم وقوميتهم في عقيدتهم كما يقول الشيخ "مصطفي صبرى" يرحمه الله.

وهذا هو ما فات على "مفكرنا العربي" أو تجاهله، فبدأ دفاعه عن عدم ربط سلوكيات اليهود بعقيدتهم مقبولاً؛ فلا يمكن والحال هذه الربط بين التوراة كما أنزلها الله - سبحانه وتعالى - وبين سلوكيات اليهود المشينة؛ فقد وصف الله - تعالى - هذه التوراة بأن فيها هدى ونوراً، وأن رسول الله محمداً -صلى الله عليه وسلم- مكتوب عندهم في هذه التوراة وفي الإنجيل كذلك.

وصمت "المفكر العربي" عن بيان أن اليهود لم يقيموا هذه التوراة، وأنهم حرّفوا الكلم عن مواضعه؛ ومن ثم فإنهم ليسوا على شيء.ومن هنا جاء التلبيس من "المفكر العربي" حيث جمع بين عقيدة اليهود - كما جاءت في التوراة - وبين اليهود كجنس، ثم بيَّن أن كل ما ينسب إلى اليهود لا شأن له بعقيدتهم الدينية، وبدلاً من أن ينسب هذه السلوكيات إلى اليهود كجنس نسبها إلى ما يسميه بـ "الجماعات اليهودية الوظيفية" التي تكون الوظيفة هي سبب تجانسها وليست العقيدة .وعضو الجماعة الوظيفية في نظر "المفكر العربي" هو إنسان اقتصادي محْض متحرر من القيم الأخلاقية، يكرس ذاته لمنفعته وللذته، ويؤمن بالنسبية الأخلاقية، وبازدواجية المعايير، ومرجعيته النهائية في علاقته بالمجتمع المضيف مرجعية مادية.
وهذا الحكم بالرغم من احتمال صحته فيه تعميم شامل، وليس هناك من دليل قطعي لإثبات صحته.

إن القيمة الكبرى التي يعطيها اليهود "للتلمود" ورفع مكانته فوق مكانة التوراة يجعله بمثابة عقيدة اليهود الأولى؛ ومن هنا تسقط تماماً كل دفاعات "المفكر العربي" الرافضة للربط بين سلوكيات اليهود وعقيدتهم الدينية.
إن محاولة الفصل بين اليهود "كجنس" وما يسميه بـ "الجماعات اليهودية" أمر غير منطقي. يفترض خطأً أن هذه الجماعات قد حدث لها ما يسميه العلماء الاجتماعيون بفقدان الطابع القبلي، واستناد "المفكر العربي" إلى هذا الفصل كمفتاح لتسويغ السلوكيات اليهودية يقوم على مسلّمة خاطئة تبناها وهي: اعتقاده أن مصطلح (جماعات) يؤكد عدم التجانس، وهذا خطأ لا يقع فيه دارس مبتدئ لشؤون الجماعات؛ فمجرد الإشارة إلى كلمة "جماعة" يعني الإشارة إلى بناء اجتماعي متكامل، وليس إلى فئة من الأفراد؛ فالروابط التكاملية هي المظهر البنائي للجماعة؛ بمعنى أن بين أفراد الجماعة علاقات معينة تحتم تفكير بعضهم ببعض، وأن الفرد في الجماعة عادة ما يتبنى توقعاتها ومعاييرها وقيمها وأهدافها؛ ويبدو التناقض واضحاً في اعتبار هذه الجماعات "جماعات يهودية ووظيفية" في الوقت نفسه؛ فهذه الخصائص التي تحدثنا عنها هي خصائص ما يسميه هو بـ "الجماعات اليهودية".

أما مصطلح "جماعات وظيفية" فهو لا ينطبق إلا على الجماعات التي تتكون لأداء مهمة متخصصة وهدف محدد كالجماعات المهنية؛ فكيف يمكن وصف الجماعات اليهودية التي يعترف هو نفسه بأنها تحمل بعض معالم الهوية العرقية على أنها جماعات وظيفية بحتة؟ وكيف يمكن الجمع بين قول "المفكر العربي" أن هذه الجماعات التي تنظر إلى المجتمع المضيف نظرة مادية بحتة؛ في الوقت نفسه الذي يقول فيه: إن هذه الجماعات قد اندمجت فيه اندماجاً عضوياً كاملاً، وخضعت كلية لآليات حركته؟ بل إن وصف المجتمع الذي يقيمون فيه بأنه مجتمع مضيف يتناقض مع القول بفكرة الاندماج الكامل هذه، ومن هذا المنطلق يستمر "المفكر العربي" في دفع التهم الموجهة لليهود.

أما عن دور اليهود في الثورة الروسية البلشفية، فإن "المفكر العربي" يرفض ما أثير حول "الثورة البلشفية" بأنها ثورة يهودية، بل إنه يرى أن هذا المصطلح له مضمون عنصري؛ لأنه يفترض أن اليهودي يظل يهودياً مهما غيَّر من آرائه، ومهما اتخذ من مواقف، وأن هذا يفترض بدوره وجود هوية يهودية ثابتة لا تتحول ولا تتغير بتغير الزمان والمكان؛ وهذا ما يرفضه "مفكرنا العربي"، لكنه يسوِّغ كالعادة صعود القيادات البلشفية اليهودية في ميزان القوى بأنه أمر غير ناتج عن يهوديتهم، وإنما كان بسبب الظروف العامة للصراع داخل الحزب الشيوعي والمجتمع السوفييتي، وهذا التسويغ بسيط وغير منطقي؛ فتاريخ الانقلابات والثورات حتى في منطقتنا العربية يبرز كيف أن قادتها استطاعوا الصعود إلى قمة الثورة، بل والاستيلاء عليها لصالحهم الشخصي ولقيمهم الإيديولوجية مستثمرين هذه الصراعات استثماراً ناجحاً.

أما عن اتهام اليهود بالإباحية فإن "المفكر العربي" لا يقر اتهام اليهود بالإباحية المطلقة - كما أوضحنا عند عرضنا لآراء "هتلر" في اليهود - باعتبار أن تلك الإباحية إنما هي امتداد لشيطانية اليهود، وجزء من تآمرهم على المجتمعات التي يعيشون بين ظهرانيها، هذا في نفس الوقت الذي يعترف فيه "المفكر العربي" بأن سلوك الإسرائيليين يتسم بالكثير من الحرية الجنسية، وبانتشار ظواهر البغاء والإيدز والأطفال غير الشرعيين بينهم. كما يورد "المفكر العربي" مقولة "أميون روبنشتاين" الوزير الإسرائيلي الأسبق: بأن إسرائيل من أكثر المجتمعات إباحية.

كما يقر "المفكر العربي" أيضاً بأن العديد من اليهود يعملون في تجارة الرقيق الأبيض اليهودية التي تمتد من شرق أوروبا إلى وسطها وغربها ومنها إلى الشرق، بالإضافة إلى مراكزهم في جنوب أفريقيا ومصر والهند وسنغافورة. ورغم كل ما يقر به "المفكر العربي" فإنه - كالعادة - يرى أن كل ذلك لا يمثل حقيقة واقعة، وأنه مجرد نشاط اقتصادي ومصدر من مصادر الرزق.

يقر "المفكر العربي" بأن رئيس أول جماعة عالمية للشواذ جنسياً من الذكور هو يهودي يدعى "جينوس هيرتشفيلد" ومساعده يهودي كذلك يدعى "كورت هيلي"، وأن الأخير هو أول من طالب باعتبار الشواذ جنسياً أقلية لابد من حماية حقوقها.

كما يشير كذلك إلى يهودية عالم النفس المعروف "سجموند فرويد" الذي نسب "الجنسية المثلية" أو "الازدواجية الجنسية" إلى كل البشر، ويبين "المفكر العربي" في ذات الوقت أن اليهود الإصلاحيين والمحافظين على السواء لا يحرّمون الشذوذ الجنسي، كما أن هناك معابد يهودية تأسست للشواذ جنسياً، وأنه تم ترسيم حاخامات يهود من الشواذ جنسياً.

وكالعادة يبرئ "مفكرنا العربي" اليهود من أي مسؤولية عن انتشار الشذوذ الجنسي؛ ويعطينا تفسيراً غريباً يصعب على أي عقل أن يقبله فيقول: إنه لا بد من الإشارة إلى أن التقبل المتزايد للشذوذ الجنسي هو إحدى سمات المجتمعات العلمانية المتقدمة، وأنه من السخف التحدث عن تاريخ يهودي مستقل أو عن مسؤولية اليهود عن البشر، وأن الوجود الملحوظ لليهود في الحركات الداعية لتطبيع الشذوذ الجنسي أمر نابع من أعضاء الأقليات الذين يوجدون في الهامش، والذين لديهم استعداد أكبر من استعدادات أعضاء الأغلبية لارتياد آفاق جديدة، سواء في عالم الاستثمار أو في عالم الأفكار والسلوك، وهكذا يصبح الشذوذ الجنسي عند "مفكرنا العربي" إبداعاً يتساوى مع الإبداع في عالم الاستثمار والأفكار والسلوك.كما يفرض علينا كذلك أن نعتبر أن لدى أعضاء الأقليات استعداداً أكبر من غيرهم لممارسة الشذوذ الجنسي، ومن ثم نعتبرهم هدفاً محتملاً دائماً للشذوذ الجنسي، وننظر في نفس الوقت إلى وجود الشذوذ الجنسي بين غير أعضاء الأقليات على أنه وجود ليس له أية دلالة حقيقية.

يسرد "المفكر العربي" العديد من أمثلة الجرائم المالية والتزييف والغش التجاري، ويشير بالتحديد إلى فضائح الفساد المالي والسياسي التي ارتبطت باليهود؛ وكالعادة ينزع الصبغة اليهودية من هذه الجرائم، ويربطها بوجود اليهود داخل مجتمعات فاسدة مستغلة تساعد الإمكانيات الفاسدة داخل الإنسان على التحقق.

كما يرى "المفكر العربي" أنه لا يمكن تفسير جرائم الغش التجاري التي يرتكبها اليهود بأنها جزء من المؤامرة اليهودية الأزلية لإفساد أخلاق الأغيار، ويرى بدلاً من ذلك أن الغش التجاري في عصر الرأسمالية يتسم بالرشد وعدم التمييز بين البشر، وأنه غش مجرد لا شخصي تماماً مثل رأس المال المجرد.ورغم هذا التفسير الذي قدمه "المفكر العربي" فإننا نرى أن فيه إدانة لليهود في ذات الوقت حينما يقر بأن في نفوس اليهود إمكانيات فاسدة أصلاً ساعدها فساد المجتمع على الظهور.

يرى "مفكرنا العربي" أن السر الحقيقي للنجاح الصهيوني في الغرب لا يعود إلى سيطرة اليهود على الإعلام ولا إلى شراء اليهود وسيطرتهم المزعومة على التجارة والصناعة، وإنما يعود إلى أن إسرائيل هي جزء من التشكيل الاستعماري الغربي، وأن الإعلام واللوبي الصهيوني يمثلان أداة الغرب الرخيصة، وأن إسرائيل ليست إلا دولة وظيفية عميلة للولايات المتحدة، تؤدي كل ما يوكل إليها من مهام ونجاح، وتنصاع تماماً للأوامر.

أما "الجماعات اليهودية" أينما وجدت فليست جماعة من اليهود ذوي المصالح اليهودية، وإنما هي جماعات تم دمجها وأمركتها تماماً، وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من المجتمع الأمريكي خاضعة تماماً لآلياته، في الوقت الذي يستخدم فيه مصطلح المجتمع المضيف كما أشرنا من قبل.

وعن الشخصية اليهودية في الروايات العالمية: انتقد "المفكر العربي" بشدة أدبيات معاداة اليهود في "الأدب الغربي"، وتصويرها لهم على أنهم شياطين. الشر لصيق بطبيعتهم، يخربون أي مجتمع يعيشون في كنفه، ويحيكون المؤامرات عبر التاريخ للقضاء على الجنس البشري.

تناول "المفكر العربي" أهم شخصيات "أدب شكسبير" في مسرحية (تاجر البندقية)، وهي شخصية "شيلوك" اليهودي الذي يعمل بالربا والتي أصبحت جزءاً من المعجم الإنجليزي، وتعني الرجل الطماع الشره الذي لا تعرف الرحمة طريقاً إلى قلبه.

دافع "المفكر العربي" عن اليهودي، وقال: إنه لا يعرف على وجه الدقة أصل هذا الاسم - شيلوك -؛ فهو ليس اسماً يهودياً، كما انتقد "المفكر العربي" موقف الأديب الروسي "دوستوفيسكي" من اليهود؛ الذي كان يرى فيهم شعباً تحركه القسوة والرغبة في شرب الدماء، كل همهم إفساد الشعب واستغلاله بلا رحمة.

اتهم المفكر العربي "دوستوفيسكي" بالعنصرية الشديدة فكرياً وعقائدياً، وبالاختزالية وضيق الأفق، والجهل الشديد بأحوال اليهود وبالحقائق التاريخية، وشبّه موقف الأديب الروسي من اليهود بموقف هتلر منهم، وسوغ "المفكر العربي" هذه الكراهية لليهود بأنها متجذرة في الوجدان الروسي ومسيطرة عليه، لكن "المفكر العربي" قد أثنى على "تولستوي" من جانب أنه كان ينادي بضرورة حب البشر، ثم انتقده من حيث أن كتاباته تظهر موقفه الأرستقراطي الروسي المعادي لليهود.

أما "هربرت صاموئيل" الذي صنفه اليهود على أنه أول حاكم يهودي على فلسطين منذ سقوط الهيكل، وكان أول مندوب سام بريطاني في فلسطين، وأول من كتب مذكرة مررها على أعضاء الوزارة البريطانية يقترح فيها: إنشاء محمية إنجليزية في فلسطين بعد الحرب، وتشجيع الاستيطان اليهودي فيها، وإعطاء الأولوية للهجرة اليهودية ولبناء مؤسسات استيطانية تساعد في نهاية الأمر على توطين جماعة يهودية يبلغ عددها ثلاثة ملايين، تصبح مكتفية ذاتياً إلى أن تشكل دولة ذات سيادة تكون مركزاً لحضارة جديدة.

تبنى "لويد جورج" رئاسة الوزارة البريطانية التي كانت تضم "بلفور" - تبنى مشروع صموئيل، وعند تنفيذه له عُيّن صموئيل كأول مندوب سام بريطاني في فلسطين. استصدر صموئيل في العام الذي عين فيه كمندوب سام قانون الهجرة الذي سمح لستة عشر ألفاً وخمسمائة يهودي بدخول فلسطين. ساعد صموئيل النشاط الاستيطاني اليهودي، واعترف باللغة العبرية، وزاد عدد المستوطنات في عهده من أربع وأربعين إلى مائة مستوطنة، واستمر اهتمامه بالمستوطن اليهودي حتى بعد تركه منصبه؛ فكان رئيساً لشركة فلسطين للكهرباء، ثم رئيساً للجامعة العبرية.

ورغم تسجيل "المفكر العربي" لكل ذلك عاد ينكر أن كل ما فعله صموئيل كان دافعه يهوديته؛ فيقول: "وصموئيل نموذج جيد للصهيوني غير اليهودي الذي لا تختلف رؤيته لليهود عن رؤية أي عضو في الحضارة الغربية؛ فهو لا يهتم بالعرقية اليهودية ولا بالمصالح اليهودية، ولا بالتاريخ اليهودي، ولا بالعقيدة اليهودية؛ إنه يهودي مندمج تماماً، يود الحفاظ على وضعه، ولكن شأنه شأن أي سياسي غربي، ينظر إلى اليهود من الخارج، ويراهم كمادة بشرية نافعة يمكن أن توظف لصالح الحضارة الغربية.

دافع "المفكر العربي" عن "كيسنجر" قائلاً: بأن محاولة اكتشاف المكون اليهودي في تفكير كيسنجر أمر لا طائل من ورائه، وأن ما يحدد موقف كيسنجر من إسرائيل ليس يهوديته، أو رغبته في الدفاع عن المصالح اليهودية، أو حماية الدولة اليهودية وإنما حرصه على أن تكون إسرائيل حليفاً استراتيجياً للولايات المتحدة، وسوطاً رادعاً في يدها؛ ومن ثم لا يمكن تفسير مواقف كيسنجر السياسية على أساس يهوديته، كما يفعل بعض المحللين العرب.

من يقرأ "للمفكر العربي" سيطرح حتماً سؤالاً مؤداه: هل هو مع إسرائيل أم ضدها؟ هل هو مع دعاة السلام أم من دعاة الحرب؟ وقبل أن يطرح أحد السؤال على "المفكر العربي" طرحه هو بنفسه، وانتقده بأنه سؤال بسيط ينم عن عملية اختزالية، تفترض أن العالم مربعات بيضاء وسوداء، وأن المعرفة يتم التوصل إليها من خلال الاختيارات الموضوعية التي يجيب عليها الإنسان بنعم أو لا، وأنه أي "المفكر العربي" يتجاوز هذه الاختزالية.

ومع ذلك فهو يجيب عن السؤال فيقول: " نحن - والحمد لله - لسنا من دعاة الحرب، ولا من دعاة السلام، وإنما نحن من دعاة إقامة العدل في الأرض، ونحن كبشر نفضل بلا شك أن يقام العدل بالطرق السلمية ومن خلال قرارات الأمم المتحدة، إن توفرت السبل إلى ذلك؛ فإراقة الدماء دون مسوغ مذبحة".ثم يستطرد قائلاً: "ولكن إذا لم تتوفر السبل السلمية فهناك طرق مشروعة، تعترف بها المواثيق الدولية للدفاع عن الأرض والذات مثل المقاومة المسلحة".

وواضح تماماً أن هذه إجابة غير مقنعة، بل إنها هزلية مستخفة بالعقول؛ فما سمع أحد منذ قرون عدة أن ثقافة العدل هذه لها وجود لا على المستوى النظري أو العملي، ولا حققت قرارات الأمم المتحدة العدل يوماً ما، ولا تحقق العدل لا بالطرق السلمية ولا بغيرها، فما زالت فلسطين والجولان في يد اليهود، ومذبحة اليهود الأخيرة في غزة كانت على مرأى ومسمع من العالم كله، وها هو العراق قد سقط، وأفغانستان سقطت أيضا، وها هي ليبيا سلمت أسلحتها طواعية، والبقية تأتي، أما المقاومة المسلحة التي تقاوم بحثا عن هذا العدل، فها هو العالم كله بقرارات من الأمم المتحدة، يتكاتف بأسلحته عالية التدمير وأجهزة أمنه ومخابراته للقضاء عليها .أليس كل ذلك من أجل سلامة أمن واستقرار اليهود؟

ما نتصوره هو أن السبب الذي يكمن وراء كل اجتهادات "مفكرنا العربي" لتبرئة اليهود من سلوكياتهم اللصيقة بهم إنما يكمن في هذا المنظور الذي تبناه "المفكر العربي" من العلوم الاجتماعية الذي يتلخص في منظومة (الاختزال - التقويض - التفكيك - التركيب)، وهي منظومة تفوح منها بشدة رائحة المفكر المعروف "دريدا" صاحب فلسفة التقويض والتركيب، هذه الفلسفة التي أدت "بمفكرنا العربي" طبقاً لمفهوم التفكيك إلى نزع القداسة عما هو مقدس، وما يسمى بتقويض مرجعية المؤلف من جذورها، وأن صاحب النص لا يستطيع أن يفرض على نصوصه المعنى الذي يريده وإنكار لأي نص حتى ولو كان مقدساً له وجود ثابت ومستقر، والسماح للعقل بتجديد النصوص بشكل مستمر.

وقد عبر عن ذلك "مفكرنا العربي" بقوله: "حينما يتم تناول أي نص - أياً كانت قداسته - لابد وأن يؤخذ في الاعتبار سياقه التاريخي... فالمطلق مهما كان إطلاقه لا بد أن يتبدى من خلال النسبي... إن الإنسان الذي يعيش في التاريخ لا يمكنه أن يدرك المطلق إلا من خلال النسبي... وإذا كان هذا ينطبق على الكتب الدينية المقدسة فهو لا شك ينطبق بشكل أكبر على كتب الشروح والتفسير، مهما خلعت على نفسها من قداسة وإطلاق".

يقول "المفكر العربي" ذلك وكأنه لم ينشأ في دار الإسلام، ولم يتعمق في فهم ودراسة القرآن، حتى إنه تبنى المفاهيم الفلسفية عن الله - تعالى – (كالمطلق)، ولم يصف الله - تعالى - كما وصف - سبحانه - به نفسه.

ووفقاً للمنظور الذي تبناه "المفكر العربي" تسقط عن كل النصوص التي جاءت عن اليهود في القرآن والسنّة القدسية التي تحملها.ولكن " أكلما جاءنا رجل ألحن من رجل تركنا كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- واستمعنا إليه ؟" إن نصوص القرآن والسنة تقطع تماماً أن الله - تعالى - قد غضب على اليهود، وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت، ووصفهم الرسول - صلى الله عليه وسلم- بنفس الأوصاف التي وصفهم الله بها، وقال عنهم: إنهم إخوان القردة، وكان يبدأ أحاديثه عنهم بقوله: "قاتل الله اليهود، ولعن الله اليهود"، وقال كذلك: "لا تأووا اليهود؛ فإن الله ضرب على رقابهم بذل مقدم"وقيل: إنه لو بلغت ذنوب المسلمين عدد الحصا والرمال والتراب والأنفاس ما بلغت مبلغ ما قيل لنبي واحد، ولا وصلت إلى قول إخوان القردة: ﴿ إنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ﴾ [آل عمران: 181] وقولهم: ﴿ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 30] وقولهم: ﴿ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾] المائدة: 18].

أنترك نصوصنا المقدسة، ونستمع إلى تحليلات "المفكر العربي" المستوحاة من العلوم الاجتماعية؟ إن طبيعة اليهود كما وصفها القرآن الكريم في شتى المناسبات وحددها المفكرون الإسلاميون "... طبيعة صلدة جامدة، مغطاه، مخلخلة العزيمة، ضعيفة الروح، ما كادت تهتدى حتى تضل، وما كادت ترتفع حتى تنحط، وما تكاد تمضى في الطريق المستقيم حتى ترتكس وتنتكس، وذلك إلى غلظ في الكبد، وتصلب عن الحق، وقساوة في الحس والشعور، لا يدركون إلا المحسوسات، جهل وحمق إلى أبعد الحدود، فهم أشرار تثقل النصيحة على نفوسهم، نقض للعهد، تفلت من الطاعة، نكوص عن التكليف، تفرق في الكلمة، تول عن الحق، ظلم وصد عن سبيل الله، كبر وبخل بالعلم، يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، لا يعتقدون تماما بجدية الحساب يوم القيامة، وجدية القسط الإلهي الذي لا يحابى ولا يميل، ويعتقدون أن النار لن تمسهم إلا أياما معدودة، يشترون الضلالة بالهدى، طابعهم الأصيل تحريف الكلم عن مواضعه، يحسبون أن الله لن يفتنهم بالبلاء ولن يأخذهم بالعقاب، "حسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا"، يزورون على الله عز وجل.

يدعون أنهم لا يزالون "شعب الله المختار" وهم الذين قالوا: ﴿ إن الله فقير ونحن أغنياء ﴾، وهم الذين قالوا: ﴿ يد الله مغلولة ﴾. لا زالوا يدعون ذلك حتى بعد أن انحرفوا عن منهج الله، وعتوا في الأرض عتوا كبيرا، واجترحوا السيئات التي تضج منها الأرض، وبعد أن أحل لهم أحبارهم ما حرم الله عليهم، وبدلوا شريعة الله فاتبعوهم ولم ينكروا عليهم ذلك، لا يتأدبون مع الله تعالى فكثيرا ما يعدلون الخالق بالمخلوق حتى يصفون الله تعالى بالعجز والفقر والبخل وغير ذلك من النقائص التي يجب تنزيه الله عنها، وهي من صفات خلقه، أطماعهم لا تنتهي وأهواؤهم لا تعتدل، أحقادهم تجعلهم يشهدون للباطل وأهله ضد الحق، لا يطيقون أن ينعم الله على عبد من عباده بشيء من عنده، لا تستشعر قلوبهم الإيمان، طبع الله على قلوبهم بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا، وألقى العداوة والبغضاء بينهم إلى يوم القيامة، وهم في شحناء وذل وفي تشرد، ومصيرهم إلى مثل ما كانوا فيه مهما علا أمرهم. لا يسلمون إلا تحت الضغط والقهر، لا يثبتون على قول، عندهم قحة وافتراء، يأكلون أموال الناس بالباطل، يأكلون الربا وقد نهوا عنه، يتولون الذين كفروا ويشركون بالله، قالوا عزير ابن الله، رموا مريم العذراء بالزنا، وادعوا أنهم قتلوا المسيح، لعنوا على لسان داوود وعيسى ابن مريم فبدت اللعنة على سماهم ونضحت بها جبلتهم، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، المعصية والاعتداء في كل صورهما الاعتقادية والسلوكية لهم فيها سجل حافل يضمه تاريخهم، فهي ليست أعمالا فردية في مجتمعهم، ولكنها انتهت إلى أن تصبح طابع الجماعة كلها، لا يتناهون عن منكر فعلوه ولا يسكتون عنه.

في ملامحهم قسوة تخلو منها بشاشة الرحمة، مهما حاولوا – مكرا - إبداء اللين في القول عند الخوف وعند المصلحة، والنعومة في الملمس عند الكيد والوقيعة، فإن جفاف الملامح والسمات ينضح ويشي بجفاف القلوب والأفئدة.

كانوا ولا زالوا عقارب وحيات وثعالب وذئابا، تضمر المكر والخيانة يتآمرون على كل عدو لهم حتى تحين الفرصة فينقضوا عليه، لا تزال تطلع على خائنة منهم فلا يؤمنون إلا قليلا، تلقى الخيانة ظلالها عليهم فهي من جوهر جبلتهم، سجلهم حافل بالتكذيب والإعراض، والقتل، والاعتداء، وبتحكم الشهوات والأهواء، ﴿ كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون ﴾.

طمس الله على أبصارهم فلا يفقهون مما يرون، وطمس على مسامعهم فلا يفيدون مما يسمعون شيئا، ولما تاب الله عليهم وأدركهم برحمته، لم يرعوا ولم ينتفعوا ثم عموا وصموا .ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب على غضب، غضب بكفرهم بالمسيح عليه السلام، وغضب بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم.

لا يقفون لتدمير البشرية بالسلاح الظاهر والجند المكشوف، إنما يقفون بالتصورات والقيم التي ينشئونها ويؤصلونها بنظريات وثقافات ثم يطلقونها لتضغط على الناس في صورة أعراف اجتماعية، لأنهم يعلمون أن النظريات وحدها لا تكفي ما لم تتمثل في أنظمة حكم، وأوضاع مجتمع، وفي عرف اجتماعي غامض لا يناقشه الناس لأنه ملتبس عليهم، متشابكة جذوره وفروعه.تجدهم وراء بيوت الأزياء والتجميل ووراء العرى والتكشف ووراء الأفلام والصور والروايات والمجلات والصحف الداعرة، يهدفون إلى تلهية العالم بهذا السعار وإشاعة الإنحلال الجنسى والنفسى والخلقى ويسعون إلى إفساد الفطرة البشرية، وجنى المال الوفير من وراء ذلك أيضا".

إن تحليلات "المفكر العربي" ليست إلا رؤية واحدة من العديد من الرؤى التي تعج بها العلوم الاجتماعية، يرفض بها ما يسميه "بالنموذج الاختزالي التآمري" الذي تسبب في اتهام اليهود بكل هذه التهم، وسماه "المفكر العربي" بـ "النموذج البسيط المغلق الواحدي المصمت" الذي يتجه نحو اختزال العالم إلى عناصر بسيطة، والفكر الاختزالي في نظر "المفكر العربي" فكر كسول لا يكد ولا يتعب لكي يحيط بتركيبة الواقع، ويقنع بإدراك هذا الواقع على مستوى واحد، وتبنى بدلاً منه نموذجاً آخر استند إليه في تبرئة اليهود هو "النموذج المركب المنفتح التعددي الفضفاض" والذي يحتوي على عناصر متفاعلة مركبة، أهمها العامل الإنساني ودوافعه، والواضح هنا أن هذا الدفاع المستميت عن اليهود من المنظور المركب المنفتح الذي تبناه "المفكر العربي"، قد أوقعه في شراك النموذج الاختزالي الواحدي المنغلق المصمت؛ فبدت دفاعاته عن اليهود - كما تخيلها - متماسكة واحدية صلبة، فيها شمولية التفسير، وطموح في درجة عالية من اليقينية والدقة المتناهية في المصطلحات، وهي نفس خصائص النموذج الاختزالي كما حددها بنفسه.

انتهي "المفكر العربي" إلى نتيجة غريبة لم تكن في الحسبان مطلقاً، وهي: أن اليهود ليسوا بأعدائنا بالدرجة الأولى؛ حيث يقول: "إن عدونا ليس الأفعى اليهودية... وإنما هو العالم الغربي الذي يدافع عن مصالحه الاستراتيجية التي يمكن تعريفها والتصدي لها ومحاربتها في كل مكان".والذي لا شك فيه هو عداء العالم الغربي للإسلام، لكن الله - تعالى - وليس "المفكر العربي" هو صاحب الحق الوحيد في تحديد من هو العدو؛ إذ قال في كتابه العزيز: ﴿ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ ﴾ [النساء: 45].

لقد حدد الله - تعالى - هؤلاء الأعداء في اليهود، كما جاء في الفقرة التي قبْلها في نفس الآية: ﴿ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ ﴾ [النساء: 44] ثم في الفقرة التي تليها في نفس الآية ﴿ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ﴾ [النساء: 46]، وقال الله - تعالى - في سورة المائدة: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ ﴾ [المائدة: 82]، وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسير هذه الآية عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "ما خلا يهودي بمسلم إلا همّ بقتله".

كل هذه الشواهد تثبت صدق الإمام الشاطبي في قوله: "إن الاستدلال على تثبيت المعاني بأعمال المشار إليهم بالصلاح لا يكون إلا لمجرد تحسين الظن، ولكنه إذا أخذ بإطلاق فإنه قد يكون من الفوادح".
انظر مقالتنا "جرثومة اليهود وانهيار الأمة: صنوان لا يفترقان "
"المفكر العربي"

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
اليهود, اليهود؟


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع مع اليهود أم ضد اليهود؟
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شيخ أردني لحاخامات اليهود: بعثني الله لأجدد دين الإسلام.. والقرآن يعترف بسيادة اليهود على فلسطين(فيديو) Eng.Jordan أخبار منوعة 0 06-10-2013 02:56 PM
اليهود ام زهرة رواق الثقافة 0 04-23-2013 06:10 PM
اليهود وهوليود Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 0 05-29-2012 10:57 AM
تاريخ اليهود Eng.Jordan أخبار عربية وعالمية 8 04-02-2012 06:33 PM
تاريخ اليهود Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 04-02-2012 02:05 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 10:43 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59