#1  
قديم 11-09-2013, 12:22 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي دور الفكر القومي العربي في وقوع نكسات الأمة


بقلم الكاتب: د.غازي التوبة


لقد وقعت عدة كوارث خلال النصف الثاني من القرن العشرين، منها: «نكبة فلسطين» عام 1948 والتي قادت الى قيام اسرائيل وتهجير معظم افراد الشعب الفلسطيني من وطنهم، ثم جاءت حرب الايام الستة في حزيران عام 1967 بين ثلاثة جيوش عربية واسرائيل، وكانت نتيجتها ان احتلت اسرائيل سيناء من مصر، والجولان من سورية، والضفة الغربية من الأردن، وسميت تلك الهزيمة «بنكسة حزيران»، ثم احتلت اميركا العراق عام 2003، وستكون لهذا الاحتلال آثاره العميقة على اوضاع المنطقة بشكل خاص والأمة بشكل عام، وأخيراً مجزرة غزة الجماعية.


FFDFDFDFFFFFFFFF.bmp
ومن الجدير بالذكر ان هذه النكبات والنكسات التي وقعت في أزمان مختلفة وأقطار متباينة كانت تحمل فكراً واحداً هو الفكر القومي العربي، ويفترض في المراجعات أن تتجه الى فحص بنية الفكر القومي العربي، وظروف نشأته، وعوامل قصوره، وأسباب ايصالنا الى التعثر إلخ..، لكن المراجعات اتجهت بكل اسف الى شخصنة النكبات والنكسات، والى الظواهر الجزئية المرافقة للنكسات: مثل القصور في ادارة الأزمة، أو في ضعف الإعلام، أو في بعض المواقف السياسية إلخ...، ومع أن الأشخاص يتحمّلون جزءاً من المسؤولية فيما وقع، وكذلك الاعلام، والادارة، والسياسة إلخ... لكن يبقى كل ذلك ذا مسؤولية محدودة، والمسؤولية الكبرى يتحمّلها المنهج، وهو في هذه الحالة الفكر القومي العربي، وعلى الأرجح ان القصور في الاشخاص والإعلام والادارة والسياسة واقع تحت تأثير القصور في المنهج.

مؤسسات المجتمع

عندما قرّرت انكلترا الانسحاب من فلسطين عام 1948، ودخلت الجيوش العربية السبعة الى فلسطين في 15 أيار 1948، كانت السيطرة الغالبة لمنهج الفكر القومي العربي وقياداته وشخصياته في كل من العراق وسورية والأردن ولبنان وفلسطين، وكان الفكر القومي العربي هو النافذ في مختلف مؤسسات المجتمع، كالأحزاب والجمعيات والنوادي والنقابات، وكان المفكرون القوميون العرب، والسياسيون القوميون العرب هم أصحاب الشأن الفاعل في تلك الدول والمجتمعات، كساطع الحصري وشكري القوتلي وصبري العسلي ونوري السعيد ورياض الصلح وهاشم الأتاسي إلخ...، وانتهت المواجهات بانتصار الصهاينة واعلان دولة اسرائيل في 15 أيار (مايو) 1948، وشكل قيام الدولة الصهيونية زلزالا في الواقع العربي، وصدمة للكيان العربي، واستتبع ردات عنيفة، وقامت عدة انقلابات تعبيراً عن الاستياء من الهزيمة، والملاحظ ان المراجعات التي حصلت اثر النكبة لم تتعرض للفكر القومي العربي كمنهج قائد بالمراجعة والفحص والتقويم والسبر واعادة النظر، لكنها اتجهت الى امور اخرى واعتبرتها سبب النكبة من مثل الحديث عن خيانات بعض الأشخاص، واجتماعهم بالعدو، وعن الاسلحة الفاسدة، وزيف الديموقراطية السياسية لعدم ارتباطها بالعدل الاقتصادي إلخ....، وقد يكون كل ذلك صحيحاً لكنه لا يتجه الى جوههر البناء واصله وهو الفكر القومي العربي.

منهج الحكم

ثم حكم عبدالناصر مصر بعد انقلاب عام 1952 وجعل القومية هي منهجه في الحكم، واعتبر مصر جزءاً من الأمة العربية، عندئذ وسع الفكر القومي العربي آفاق انتشاره بسبب ثقل مصر المعنوي، وقوتها الناعمة، وتأثيرها التاريخي في العالم العربي، فانتشر الفكر القومي العربي في عدد من البلدان العربية، واستلم دفة القيادة الكاملة في الستينيات من القرن الماضي في عدد من الدول، منها: اليمن، الجزائر، ليبيا، السودان، العراق، سورية. ومن الملاحظ ان الفكر القومي العربي ارتبط بالاشتراكية، ثم وقعت الحرب مع اسرائيل في الخامس من حزيران عام 1967، لكن النتيجة كانت كارثة دمرت العالم العربي، وكان يفترض اعادة النظر في الفكر القومي العربي الذي هو اصل بناء الدول والافراد والمجتمعات التي واجهت اسرائيل، لكن المراجعات والانتقادات والتقويمات أرجعت النكسة الى التهويل الاعلامي، والى سيطرة الخرافة الدينية على عقولنا، والى ضعف فهم المتغيرات السياسية، والى نفوذ الطبقة البرجوازية، والى مفاجأة العدو لنا فجاء من الغرب وكنا نتوقع ان يأتي من الشرق إلخ...
واستمر الفكر القومي العربي يقود معظم الدول العربية بعد النكسة، وقفز حزب البعث عام 1968 الى السلطة في العراق، ثم توصل صدام حسين الى رئاسة الجمهورية عام 1979، ومن المعلوم أن حزب البعث وصدام قوميان عربيان، وقد غزا الأميركان العراق في آذار (مارس) 2003، وانهار الحكم في عشرين يوماً، وجاء الاحتلال بتغييرات كثيرة في أوضاع المنطقة ومستقبلها.

الفرد والدولة

من الجلي ان الفكر القومي العربي كان هو المنهج المتحكم والفاعل في كل شؤون الفرد والدولة والمجتمع وفي مختلف المجالات الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية الخ... اثناء وقوع النكبات والنكسات التي طالت الأمة على مدار القرن الماضي، بدءاً من نكبة عام 1948 ومروراً بنكبة عام 1967 وانتهاء باحتلال العراق 2003، فماذا يعني ذلك؟ ذلك يعني في ابسط الأحوال أن هناك قصوراً في هذا الفكر القومي العربي، ولأنه لم يستطع أن يعبئ الفرد والمجتمع والدولة والجيش والإعلام تعبئة سليمة، ولم يستطع ان يبني تلك العناصر بناء صحيحاً تقود الأمة الى النصر، وهذا القصور يقتضي إعادة النظر في محتواه، وفي العناصر التي يقيم عليها الأمة، وفي تعامله مع التراث، وفي تخطيطه لبناء الفرد والأمة، وهو الذي يتحمل المسؤولية الأولى قبل القيادات التي هي في الغالب والأعم نتاج لهذا المنهج، وان كان لها دور سلبي فهو دور سلبي ذو سقف معين أقل بكثير من سلبية المنهج وآثاره السيئة.

قصور منهجي

ويتركز قصور الفكر القومي العربي في أمرين، الأول: أنه فكر غير موضوعي لم ينطلق من تحليل الواقع المادي في توصيف الأمة العربية وتحديد عوامل وجودها، بل انطلق من مقايسات جزئية في تشابه الواقعين الألماني والعربي بوجود لغتين أصيلتين من جهة، والى وجدو التجزئة السياسية من جهة ثانية، فأسقط النظرية الألمانية التي قالت بأن الأمة الألمانية تقوم على عاملي اللغة والتاريخ، أسقط تلك المقولة على أمتنا واعتبر أن الأمة العربية تقوم على عاملي اللغة والتاريخ، أسقط تلك المقولة على أمتنا واعتبر أن الأمة العربية تقوم على عاملي اللغة والتاريخ، وهو «بذلك» اغفل عامل الدين الذي دخلت حقائقة وافكاره ومثله وآدابه واخلاقه وتصوراته وقيمه واشواقه وشرائعه في كل مجالات المجتمع العربي المعنوي والاجتماعي والفنية والتربوية والاقتصادية والجمالية الخ... ولايمكن ان نفسر اي جانب من جوانب حياة الأمة العربية الا من خلال معطيات الدين الاسلامي. الثاني: انه فكر فقير ثقافياً، وهذا يفسر طغيان الشعارات الماركسية على التيارات القومية العربية في مرحلة ما بعد النكسة، وخير مثال على ذلك حركة القوميين العرب التي بدأت حركة قومية عربية صرفة، مغالية في قوميتها، فانقلبت الى حركة ماركسية تتبنى كل المفردات الماركسية من عنف ثوري، وديكتاتورية البيروليتاريا، وفرز طبقي الخ...، وقد بهتت ملامح القومية العربية في صورتها وتكوينها الى درجة الاختفاء.

وقفة صامدة

لذلك امام هذه الازمة البنيوية التي يعاني منها الفكر القومي العربي، والتي كانت سببا في وقوع النكبات والنكسات خلال القرن الماضي، والتي يمكن ان تكون سبباً لنكسات اخرى، بخاصة ان الفكر القومي العربي مازال لاعباً نشطاً في ساحة العمل العربي والإسلامي، لذلك ارى ان تقف قيادات الأمة الفاعلة طويلاً أمام فكرة القومية العربية، وتقوم دورها السابق قبل أن تقوم بأية حركة في أي اتجاه.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الأمة, العربى, الفكر, القومي, دور, وقوع, نكسات


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع دور الفكر القومي العربي في وقوع نكسات الأمة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المياه والأمن القومي العربي Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 9 06-13-2013 01:27 PM
الفكر القومى والحركة العربية Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 11-20-2012 01:34 PM
مشكلة الصحراء الغربية وانعكاسها على مستقبل الامن القومي العربي Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 11-11-2012 08:21 PM
الأطماع الإسرائيلية في المياه العربية، وانعكاساتها على الأمن القومي العربي Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 0 04-20-2012 09:27 PM
الخرافات في الفكر العربي Eng.Jordan الملتقى العام 0 03-19-2012 02:54 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 03:39 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59