#1  
قديم 03-16-2024, 10:35 AM
الصورة الرمزية أيمن أحمد رؤوف القادري
أيمن أحمد رؤوف القادري غير متواجد حالياً
كاتب وأديب قدير
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: لبنان
العمر: 58
المشاركات: 335
افتراضي الأنثى العربية بين فلسفة اللغة ونظرة المجتمع

الأنثى العربيّة بين فلسفة اللّغة ونظرة المجتمع
د.أيمن أحمد رؤوف القادري
16 آذار 2024

• الهجمة على العربيّة من بوّابة التّأنيث
يقف بعض الدّارسين أحيانًا عند نقاط ظاهريّة من لغتنا العربيّة هي جزء بسيط من صور مترامية الأطراف، ثمّ يبني على هذه النّقاط رؤية شموليّة، ويتبنّاها، ويسوّق لها بوصفها حقيقة دامغة هي أعلى من النّقاش! وتتلقّف هذه الرّؤية "المشوّهة" نفوس مُغرِضة لا تتّسم بالموضوعيّة، فتتّخذها وسيلة للطّعن في اللّغة العربيّة طعنات نجلاء، ووسيلة لتحقير المتكلّمين الأوائل بها.
وللإيضاح أكثر، أتبسّط اليوم في مسألة ظاهرة التّأنيث في لغتنا، فلقد خاضت فيها أقلام غير متبصّرة، وطلعت علينا بنتائج مُـجْحِفة، مفادها أنّ العربيّ احتقر المرأة وأعطاها مرتبة دنيا، أفضت به إلى إبعادها عن مملكة التّذكير في لغته، ولهذا جعل لها التّأنيث، يذكّرها بأنّها كائن مختلف لا يوازيه في القدْر!

• التّأنيث يخدم الوضوح والإيجاز
لا بدّ أن نفهم أنّ العربيّ يحب الوضوح والإيجاز معًا، ولئن قال المثل القديم: "لا يجتمع السّيفان في غِمْد"، لقد أصرّ العربيّ على الجمع بينهما، واستطاع ببراعة مذهلة. إنّ وصف المرأة بكلام مختلف ينبني عليه تخصيص في الضّمير وتعديل في الاسم والنّعت وهيئة الفعل، وهذا يعني أن يُفهَمَ المرادُ بسرعة، فلو قلت: رأى أحمدُ زينب فأحبّها، مُيِّز الـمُـحِبّ من الـمُـحَبّ، بلفظ الضّمير، وبخلو الفعل "أحبّ" من التّاء. ولولا ذلك لوجب أن نقول: رأى أحمدُ زينب، فأحبّ أحمد زينب.
التّأنيث إذًا حقّق أسمى ما يريده العربيّ: الوضوح، والعربيّ هو الّذي عبّر أساسًا عن نفسه بلفظٍ مادتُه الثّلاثيّة "ع ر ب" المرتبطة بدلالة الوضوح، وعبّر عن امتلاك ناصية اللّغة والبلاغة بألفاظ تدلّ على الوضوح أيضًا، كالفصاحة والبيان.

• التّأنيث استقلاليّة
ثمّ إنّ تخصيص الأنثى بأحكام يعني الاهتِمامَ بها، وتقديرَها، ولَـحْظَ أنّ لها كيانَها المستقلّ، فالاستقلال لا يعني الإقصاء، إنّه يعني صون الشّخصيّة الأنثويّة من أن تذوب في الذّكوريّة. إنّه يمنع طمس وجودها، وأن تُلحَقَ بعالم آخر، تشاركه أكثر ما فيه، وتتميّز منه ببعض ما ليس فيه.
وقد يؤكِّد هذه الاستقلاليّة أنّنا واجدون فئة كبيرة من الأسماء المؤنّثة ليست متحدّرة من أسماء مذكّرة، وليست تحوي زيادة التّأنيث: أمّ- سماء- شمس- أرض- بئر- نار- فأس- سِكّين- دِرع- ريح- حرب- إصبع- يد- ذراع- كَتِف- عَين- أُذن- سِنّ- قدَم- رِجل- هِند- دَعد.... وإن كان بعض هذه الأسماء يجوز فيه الـتّذكير.
هذا في الإطار العامّ، أمّا دخولنا إلى تفاصيل أحكام التّأنيث فإنّه يفضي بنا إلى فهم عميق للنّظرة الاجتماعيّة العظيمة الّتي حَظِيَتْ بها المرأة، ولا أغالي. بل إنّني أزعم أنّ ما سأكتبه ينبغي أن يشكّل دعوة قويّة إلى إعادة النّظر في آليات دراسة واقع المرأة الاجتماعيّ في الجاهليّة.

• التّأنيث زيادة لا نقص
تقوم معادلة التّأنيث على الزّيادة في الأصل، وهو المذكّر، والزّيادة تكون بالتّاء المربوطة (مسافر- مسافرة)، أو بالألف المقصورة (عطشان- عَطشى)، أو بالألف الممدودة (أخضر- خضراء).
وهذه المعادلة لم يفهم منها المغرضون إلّا أنّ العربيّ الذَّكَرَ جعل نفسه الأصل، ووهب الأنثى من ذاته كينونة خصَّها بشيء.
وهنا نلفت النّظر إلى مشابهة هذه المعادلة لفكرة انبثاق حوّاء من ضلع آدم، ولكنّنا لن نُعطيَ هذا الأمر حيِّزًا مِن الدّراسة، بل نلفت النّظر إلى أمر آخر، وهو قول النّحويّين، ومنهم ابن عقيل (769ه): "الفرع يحوي خصائص الأصل وزيادة"، وهذا يعني أنّ الأنثى لم تفز بخصائص الذّكَرِ فقط، بل امتلكت إضافات، وهي بذلك تجاوزته. إنّ التّاء الزّائدة على سبيل المثال تندرج تحت الأصل العامّ في الزّيادة: "الزّيادة في المبنى تتبعها زيادة في المعنى"، فالتّأنيث "زيادة" لا "نقص".
وهذه التّاء المربوطة في الاسم خاصّة نجدها خارجة عن دلالتها الأساسيّة هذه، لتنفتح على دلالات كثيرة، كلّ دلالة منها تشير إلى أنّ العربيّ حرّر الأنثى من الجمود، وأعطاها الحيويّة والمرونة والقدرة الاستيعابيّة، وكأنّ ذلك قبس من الطّاقة والسّلطة والتّحكّم.

• التّأنيث تكثير ومبالغة
والتّاء المربوطة لها سلطة الدّخول على المذكّر، واجتياح عالمه، ومن ذلك بعض أسماء العلم: أسامة- حمزة- عِكرِمة- طلحة- معاوية- عبيدة- عُقبة- قتيبة- قَتادة- عنترة- طَرَفة...
وهذه التّاء تدخل على المذكّر لإضفاء دلالة المبالغة، فكأنّ قوّة الصّفة لا تكون إلّا بعبور طريق التّأنيث، ومن ذلك: علّامة- فهّامة- نسّابة- صخّابة- هُمَزة- لُمَزة- ضُحَكة- سُبَّة- نابِغة- داهِية- راوِية....
وترى أنّ كثيرًا من الأسماء المفردة الدّالّة على المذكّر العاقل، تنتقل إلى الجمع بهذه التّاء المربوطة: أستاذ/أساتذة- تلميذ/تلامذة- كاتب/كَتَبة- ماهر/مَهَرة- رامٍ/رُماة- قاضٍ/قضاة- داعٍ/دعاة.... ويندرج في ذلك أيضًا ما كان في المفرد بياء الـنّسبة: حنبليّ/حنابلة- أزرقيّ/أزارقة- إفريقيّ/أفارقة- عبقريّ/عباقرة... وكأنّ هذه التّاء دالّة على تضافر الجهود، في لحظٍ لقدرة المرأة على الإنجاب وتكثير العدد. ولك أن تقدّر أن يعتمد العربيّ على تاء التّأنيث لإبراز التكاثر، حين تفهم قيمته عنده، وقد يكون مفتاح هذا الفهم قوله تعالى: {ألهاكُمُ التَّكاثُرُ}.
وتنتقل المبالغة إلى أسماء المكان، فـ"الـمكتب" مكان للكتابة، أمّا "الـمَكتبة" بتاء التّأنيث، فتشير إلى مكان يزوّد الكاتب والكتابة بالأدوات اللّازمة، فهي أرقى في الدّلالة. وقل ذلك في "مَحَطّ" الّذي قد يكون أيّ موضع آنيّ يحطّ فيه طيرٌ مثلًا، و"مَحطّة" الّتي تدلّ على موقع ثابت مرصود لهذا الغرض.
ولقد اختار العرب للدّلالة على المكان الّذي يكثر فيه الشّيء وزن "مَفعَلة"، نحو: مَأْسَدة (مكان الأسود)- مَسبَعة (مكان السّباع)- مَذأبة (مكان الذّئاب)- مَفعاة (مكان الأفاعي)- مَقْثأة (مكان القثّاء)- مَبطَخة (مكان البطّيخ)- مَلْحَمة (مكان اللّحْم)... وقرّر مجمع اللّغة العربيّة قياسيّة هذا الاشتقاق.
وفي سياق مقارب نجد تاء التّأنيث الّتي تتّصل بالفعل دالّة على المبالغة في عدد الفاعلين إن كانوا من الذّكور، كما في قوله تعالى: {قالتِ الأعرابُ: آمنّا} في إشارة إلى كثرة مَن أعلنوا الإيمان، ولم يتغلغل في قلوبهم. وعلى الــنّقيض من ذلك، نرى هذه التّاء تغيب مع الفاعل المؤّنّث الجمع، إذا أُريدَت الإشارة إلى القلّة، قال تعالى: {قال نِسوةٌ في الـمَدينةِ}، وهذا يعني أنّهن قلّة.

• التّأنيث معبر الحنان
وهذه التّاء تؤدّي دور الحنان، وتعطف على من فقد عزيزًا على ذاته، ولذلك يتحدّث اللّغويّون عن مجيئها للتّعويض عن محذوف، ففي "سمة" جاءت التّاء للتّعويض عن الواو، فالأصل "وسم"، وفي "صفة" جاءت التّاء للتّعويض عن الواو، فالأصل "وصف"... والمصدر "إضاءة" أساسه "إضواء"، وجاءت التّاء للتّعويض عن الواو الأصليّة أو الألف الزّائدة....
ويمتدّ هذا العطف إلى الغرباء الّذين تقطّعت بهم السّبل، فكثير من أسماء العلم الأعجميّة يجد طريقه إلى التّعريب، وهو بمنزلة إعطاء جواز مرور، عبر زيادة التّاء المربوطة: فرنسة (بدلًا من فرنسا)- بريطانية (بدلًا من بريطانيا)- روسية (بدلًا من روسيا)... وبذلك تقبل هذه الأسماء علامات الإعراب الظّاهرة، بدلًا من العلامات التّقديريّة على الألف، وفي ذلك خروج من الغموض إلى الوضوح.
ويدخل في ذلك أمر آخر غير التّاء المربوطة، وهو جمع المؤنّث السّالم، فلقد كان أرحب صدرًا من جمع المذكّر السّالم الّذي لا يتقبّل إلّا الذّكور العقلاء يفيض عليهم بالواو والنّون أو الياء والـنّون. أمّا جمع المؤنّث السّالم فنراه لجمع المؤنّث من العقلاء: فلّاحة/فلّاحات، ولجمع المؤّنّث وغيره من الحيوانات والجمادات والمصادر: بقرة/بقرات- صخرة/صخرات- ضربة/ضرَبات- حمزة/حمزات- علّامة/علّامات- إسطبل/إسطبلات....

• التّأنيث يرافق الأصل
ونجد أنّ هذه التّاء وافرة في التّعبير عن أصل المعنى، فهي حاضرة بقوّة في المصادر أيضًا، حيث لا مسوّغ للتّأنيث، فليس في حقيقة المصدر ذكر وأنثى، ولكنّ العربيّ أراد للأنثى أن تكون شريكة له في قمّة الاشتقاق، كما هي شريكة له في اشتقاق الحيّ من الحيّ، في التّكاثُر.
بل نجد أنّها استأثرت بما يدل على أبرز باب في جمال الكون وبعث الحيويّة فيه، وهو الألوان، فكلّ مصادر الألوان الأساسيّة في الفعل الثّلاثيّة قياسُها أن تنتهي بتاء: زُرقة- خُضرة- صُفْرة- سُمْرة- دُكْنة- حُمرة- صُهْبة- شُهْبة- سُحْمة- صُبْحة- حُلْكة- دُهْمة- مُلْحة- رُقْطة- شُقْرة- حُبْرة- غُبْشة... وما ذُكِّر إلّا البَياض والسَّواد، فالثّلاثيّ من كلّ منهما في وسطه حرف علّة.
وكذلك عبّر عن الصّلات الاجتماعيّة بوزن فُعولة: الأمومة- الأبوّة- البنوّة- الأخوّة- العمومة- الخؤولة... وهل هذه الصّلات إلّا طلائع الوفاء والانتماء؟
وأمّا مصادر المهنة والمهارة فتقترن بالتّاء ضمن وزن "فِعالة" القياسيّ: حِياكة- خِياطة- فِلاحة- زِراعة- حِراثة- تِجارة- نِجارة- عِمارة- طِبابة- صِناعة- صِياغة... وهذا الوزن يكون أيضًا للولاية والسّلطة والتّصدّر: خِلافة- إمارة- إمامة- وِلاية- وِزارة- رِيادة- قِيادة... وبذلك تجد أنّ التّأنيث عبّر به العربيّ عن الحركة والنّشاط والحيويّة والكفاءة، وعبّر به عمّا يوصل الإنسان إلى الاستقلال: كسب المال وامتلاك القرار. فهل هذه الأنثى مظلومة؟!
ويكثر في الفعل الثّلاثيّ اللّازم المضموم العين "فعُل" أن يكون مصدره على وزن "فَعَالة" أو "فُعُولة" مثل: ظَرُف: ظرَافة، شجُع: شجاعة، فصح: فصاحة، سهُل: سُهولة، عذُب: عذوبة... ووزن "فعُل" يكون لما يدلّ على سجية وطبع ملازمَين، فالمصدران المؤنّثان "فَعَالة" و"فُعُولة" يرتبطان بالأصالة والثّبات، وكأنّ هذين من سمات الأنثى العربيّة.

• التّأنيث يقوّي دلالة الأصل
ويدخل في المصادر ما يسمّى بالمصدر الصّناعيّ الّذي لا يكون إلّا بياء مشدّدة تليها تاء مربوطة، وهو يدلّ على مجموعة الصّفات الخاصّة بذلك اللّفظ، أي على الطّاقة المختزنة فيه، وذكر سيبويه (180ه) منه: الجبريّة والـتّقدّميّة. ونوع المصادر هذا شاع في عصرنا، ومنه: الإنسانيّة (خلاصة صفات الإنسان)- القوميّة (خلاصة صفات القوم). وقد يصاغُ المصدر الصّناعيّ من المصدر الأصليّ نفسه: فمن المصدر "الإنتاج" نصوغ "الإنتاجيّة"، ومن المصدر "الاشتراك" نصوغ "الاشتراكيّة"، ومن المصدر "الإشكال" نصوغ "الإشكاليّة"...
ونرى العرب منذ القديم ألحقوا بالمصدر الميميّ نفسه هذه التّاء، فقالوا: مَصْلَح/مَصْلَحَة- مَوَدّ/مَوَدَّة- مَسَرّ/مَسَرَّة- مَعَرّ/مَعَرّة- مَعَزّ/مَعَزّة- مَرضى/مَرضاة- مَأسى/مأساة- مَنجى/مَنجاة- مَدعى/مَدعاة.... وكأنّهم أرادوا إعطاء هذه المصادر قوّة إضافيّة.
ولسنا في هذه الدراسة العاجلة متقصّين كلّ الحالات، وإن كان استقراء المصادر بإلحاح يقود إلى تأكيد هذا المنطلق، ولا يمكن أن يفضي إلى أنّنا نجتزئ وننتقي ما يناسب المنطلق، ونوارِي غيرَه..

• التّأنيث شبيه التّذكير في أصل المشاركة
وزن الفعِل "فاعَل" يدلّ بالدّرجة الأولى على المشاركة والتّفاعل، ومصدر هذا الفعل يكون بوزن "فِعال" بالتّذكير، وبوزن "مُفاعَلة" بالـتّأنيث، فالوزنان يتساوقان معًا. ومن أمثلة ذلك: ناضَل/مُناضلة ونِضال- كافَح/مُكافَحة وكِفاح- عادى/مُعاداة وعِداء- قاتَل/مُقاتَلة وقِتال- عارَك/مُعارَكة وعِراك- خاصَم/مُخاصَمة وخِصام- نازَل/مُنازَلة ونِزال- وادَع/مُوادَعة ووِداع- حاسَب/مُحاسبة وحِساب- واصَل/مُواصلة ووِصال....
ويبدو أن وزن "مفاعلة" بالـتّأنيث أقوى، ومصادق ذلك أمران.
الأوّل أنّ الفعل إذا كان يبدأ بياء امتنع أن يكون مصدره على وزن "فِعال"، فلا يصّح في "ياوَم" أن يكون مصدره "يِوام"، وهكذا نرسو على "مُياوَمة"، وكذلك شأن "ياسَر"، فلا يصحّ "يِسار"، ويصحّ "مُياسَرة".
والثّاني أن وزن "فِعال" قد يلتبس به الجمع الّذي على شاكِلَتِه، فـ"سِهام" جمع "سَهم"، والأَولى أن نذهب عندئذ في مصدر "ساهَم" إلى "مُساهَمة"، وكذلك شأن الفعل "سارَع" مَع "مُسارَعة" و"سِراع"، فالمصدر الثّاني يلتبس بجمع "سريع".
ومعنى ذلك تميّز التّأنيث في الـتّعبير عن المشاركة، إذ وزن "مُفاعَلة" لا يكون إلّا مصدرًا لـ"فاعَل"، والأصل عند العرب الوضوحُ ومَنع الالتباس.

• التّأنيث رونق
رأينا أنَّ العربيّ اختار للألوان جملةً مصادر تنتمي إلى التّأنيث، والألوانُ رونق الحياة، وبهاء التّشكيل.
وفي إشارة أخرى إلى دور المرأة في تزيين الحياة، نرى النّحويّين في "ثَــمّة" و"ثُـمَّت" و"رُبَّـتَ" و"لات" يقولون مرّة إنّ التّاء الزّائدة فيها هي لتأنيث اللّفظ، ويقولون مرّة إنّها لتزيين اللّفظ، وفي رأيي أنّهما يفضيان إلى وجهة واحدة، فهم أقرّوا بأنّ الـمرأة تضفي رونقًا على العيش.

• التّأنيث تفرُّد
وتأتي الـتّاء المربوطة للدّلالة علـى الـتّفرّد، ومن ذلك اسم الجنس الجمعيّ الّذي يختلف عن مفرده بالتّاء في المفرد: دجاج/دجاجة- زهر/زهرة- شجر/شجرة- ورد/وردة- نمل/نملة- نحل/نحلة... ويظهر هذا الـتّفرّد أيضًا في اسم المرّة الّذي يقارب المصدر في دلالته، لكنّه يشير إلى حدوث الفعل مرّة واحدة: ضَرْبة- جَلْسة- مَشْية- طَلْعة...
وإذا أُريدَ لهذا الـتّفرُّد ألّا يكون فقط في العدد، وأن يتعدّاه إلى الــنّوعية، عُمِد إلى اسم الـنّوع، بكسر الحرف الأوّل: ضِرْبة- جِلْسة- مِشْية- طِلْعة...

• اشتراك التّأنيث والـتّذكير في إنتاج العدد
في وجدان كلّ طالب حقدٌ على قاعدة العدد المفرد من ثلاثة إلى عشرة، إذ يخالفُ العددُ المعدود تذكيرًا وتأنيثًا: ثلاثُ نساء وثلاثةُ رجالٍ. ويبقى الأمر في العدد المركب: أربعةَ عشرَ رجلًا وأربعَ عَشْرةَ امرأة، وكذلك في العدد المعطوف خمسةٌ وعشرون رجلًا وخمسٌ وعشرون امرأةً. وأمّا النّاظر بعين اجتماعيّة فله أن يرى في ذلك إصرارًا عربيًّا على أنّ "إنتاج العدد" لا يقوم بطاقة المذكّر مستقلًّا، ولا بطاقة الأنثى مستقلّة، ولا بدّ من تضافر الجهدين. وهكذا تصنع الأنثى الذَّكَرَ، كما يصنع الذّكَرُ الأنثى.

• هل انتهى البحث؟
هذه الإشارات تشكّل نواةً لدراسات عميقة يجب أن تنشأ عبر تقصّي سائر خصائص التّأنيث من جهة، وعبر ربط الخلاصات بتتبّع الـنّصوص التّراثيّة من الشّعر الّذي عبّر عن المرأة بشتّى مسمّياتها (الخليلة والزّوجة والأمّ والأخت والابنة...) مرورًا بالخطب والأمثال، وصولًا إلى الأخبار الّتي تسرد وقائع العصر القديم. وهذا من شأنه إظهار الرّؤية الحضاريّة الإيجابيّة الّتي قدَّم فيها العربيّ الأنثى إلى العالَم من بوّابات اللّغة والأدب والأعراف والسّلوك.


المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-17-2024, 10:17 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,600
افتراضي

زكاة العلم تعليمه


جزاكم الله خيرا
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-17-2024, 11:24 AM
الصورة الرمزية أيمن أحمد رؤوف القادري
أيمن أحمد رؤوف القادري غير متواجد حالياً
كاتب وأديب قدير
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: لبنان
العمر: 58
المشاركات: 335
افتراضي

شكرًا لإدارة الموقع على الترحيب
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الأنثى العربية بين فلسفة اللغة ونظرة المجتمع
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المنتج المتقن ونهضة المجتمع عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 1 06-20-2019 08:56 AM
بحث عام عن اللغة العربية ام زهرة دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 0 10-31-2013 10:46 PM
قل... ولاتقل في اللغة العربية... صباح الورد الملتقى العام 1 09-19-2013 11:20 AM
أسلوب التعلّم عند دارسي اللغة العربية: طلاب كلية اللغة العربية في جامعة الإنسانية بقدح نموذجاً Eng.Jordan بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 0 06-16-2013 10:09 AM
في فلسفة التربية العربية الإسلامية من منظور مستقبلي Eng.Jordan دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 0 05-04-2012 02:29 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 09:04 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59