#1  
قديم 11-11-2012, 09:46 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,591
افتراضي التحليل في فلسفة فتجنشتاين



رافد قاسم هاشم
جامعة بابل – كلية الفنون الجميلة
المقدمة :
مشكلة البحث :أن المشكلة الاساسية التي يطرحها هذا البحث للمناقشة هي علاقة فلسفة فتجنشتاين بالتحليل فقد جعل فتجنشتاين التحليل هو الحجر الاساس الذي أرسى عليه فلسفته وجعلها من مقدماته الضرورية للانطلاق في عالم الفلسفة الارحب ، لقد تطرق فتجنشتاين للعديد من المسائل الفلسفية التي درجها للبحث وجعلها من أمهات مشاكله وعالجها معالجة تحليلية أنطلقت في عالم الفلسفة . وبالتالي يمكن القول مشكلة هذا البحث طرحت من خلال تحليل فتجنشتاين لهذه المشكلة في علاقتها بفلسفته بصورة عامة ، أي أن المعضلة الاساسية في فلسفته طرحت نفسها من خلال جعل فتجنشتاين التحليل في الحياة العامة والفلسفة تطرح نفسها بصورة أساسية كأساس وحجر زاوية شكل معظم فلسفته وتلك هي مشكلة ليست فقط فتجنشتاين بل معظم فلاسفة الوضعية المنطقية لانهم وجدوا أن الفلسفة ترجع مشكلاتها الى عدم الاستخدام الصحيح لقواعد اللغة والمنطق في أستخدامها الصحيح هو الذي ولد مشكلة الفلسفة . أي أن معظم مشاكل الفلسفة ترجع الى سوء فهم أستخدام اللغة .
غاية البحث : لقد كانت الغاية الاساسية من هذا البحث تنطلق من مفهوم أساسي طرحه فتجنشتاين في بحثه الفلسفي الاوهو معضلة التحليل والتي جعلها وعممها وجعلها مشكلة فلسفية تنطلق منها بقية معالجته تجاه المسائل الفلسفية المطروحة ، فالغاية الرئيسية للبحث هي البحث في الدقلئق الذرية أو المشكلات الدقيقة التي طرحتها اللغة وعلاقة ذلك بالعالم المادي ، أو الواقع المعاش هذا من جهة بالاضافة الى بيان أهمية التحليل والذي جعله فتجنشتاين الركيزة الاساسية في فلسفته بالاضافة الى بيان أثر التحليل في تلك الفلسفة والتبسيط الذي أبتدعه فتجنشتاين وأثره في توضيح الافكار وطرح مفاهيم جديدة تشكل أسس فلسفته وبصفة عامة يكون الفيلسوف تحليليا أذا ماجعل مهمته أستخدام أو أستنتاج النتائج فيما يتعدى لتحليله سواء أكان هذا شيئا أو عبارة لغوية ، فأذا لم يكتف بمجرد تفتيت ما يتناوله شيئا كان أو عبارة لغوية بل نراه يضبف من عنده أحكاما عن الوجود كله أو بعضه أعتبر فيلسوفا تركيبيا .
لقد أصبح تحليل اللغة العمل الاساسي للفلسفة لامن حيث هي مجرد ألفاظ والاكان ذلك الميدان خاصا بعلماء اللغة وفقهائها بل من حيث ماتشير أليه من أفكار ومعرفة وخاصة تلك المتعلقة بالعلوم بصفة خاصة .
حدود البحث : أن حدود البحث تطرح نفسها من خلال البحث في أطار الفلسفة الوضعية المنطقية وأسسها العامة التي تنتج من سوء أستخدام اللعة لذلك فحدود البحث تتجلى من خلال بحوث الوضعية المنطقية بأعتبارها الفلسفة أو الاتجاه الاساسي الذي تولى البحث في أسس التحليلية العامة ضمن الفلسفة المعاصرة ، وداخل أطرها العامة في مقومات المنهج العلمي المعاصر .
وقد أستخدم هاملان المنهج التحليلي للدلالة على جملة العمليات المنطقية التي يقوم بها الفكر مثل حكم الاستقراء والقياس ، ويعالج منهجا تركيبيا وهو منهج يبدأ من القضية الى نقيضها فالمركب منها .
ويتكون البحث من مبحثين أساسين بالاضافة الى أن كل مبحث يتكون من فصلين ، المبحث الاول وأسميته (التحليل ومعالمه ) يتكون من الفصل الاول وهو التحليل ومعطياته ويتكون من التحليل لغة والتحليل عند فتجنشتاين والفصل الثاني وأسميته تحليل العالم عند فتجنشتاين وأنطلقت فيه بالبحث في تحليل العالم والواقعة الذرية والواقعة عند فتجنشتاين متناولا فيه أهم سمات الواقعة الذرية والفرق بين الواقعة والشي ء .
في المبحث الثاني أسميته (الاشياء وتحليلها عند فتجنشتاين ) وقد أحتوى على فصلين في الفصل الاول وأسميته (المادة وتحليلها ) تضمن على البحث في الاشياء ومعناها في فلسفته والعلاقة ومفهومها في فلسفة فتجنشتاين بالاضافة الى خصائص المادة في فلسفته في الفصل الثاني من المبحث الثاني وأسميته (تحليل اللغة) فقد تناولت فيه بالبحث تحليل اللغة في فلسفة فتجنشتاين والشكل الثابت والمتغير في القضايا عند فتجنشتاين ثم تأتي الخاتمة ونتائج البحث وقائمة المصادر والمراجع .
المبحث الاول
(التحليل ومعالمه )
الفصل الاول : التحليل ومعطياته
(1) معنى التحليل لغة :
التحليل يعني في اللغة الفك والفتح (حل – حلل ) العقدة أي فتحها (فأنحّلت ) أي بمعنى فك (كل ماهو مركب ) أو كلي الى أجزائه أو العناصر المكونة له ويقابلها التركيب الذي يعني بناء كل من أجزائه أي ربط وتجميع عناصر الكل المنفصلة أو الصغيرة الى وحدة شاملة والمعنى الفلسفي للتحليل يعني فك وتفتيت الموضوع الذي تناوله بالبحث الى عناصره أو وحداته الاولية سواء أكان فكرة في الذهن أو قضية من القضايا المنطقية أو جملة من جمل اللغة أو واقعة من وقائع الحياة أيا كان الغرض الذي يسعى اِليه الانسان من وراء هذا التحليل .
والتحليل يختلف تبعا لطبيعة الموضوع أو المركب الذي نحلله فهو قد يكون ماديااِذا كان المركب الذي نحلله ماديا أو عقليا مثل تعريفنا أو تحليلنا لفكرة أو مفهوم معين (1) .
والتحليل كمنهج لايقتصر على الفلسفة وحدها بل نجده متمثلا في أكثر من مجال فكري ، فهناك التحليل الرياضي كما هو معروف في الرياضيات اليونانية . فالمنهج كان لديهم متبعا للبرهنة على قضية ما . ويكون عن طريق تحليلها الى أبسط قول ثم البرهان عليها وقد أورد بابوس تعريفا للتحليل بقوله ( اِن التحليل يتناول حقائق متفقا عليها تكون بمثابة الوسائل المؤدية الى نتائج مركبة نقبلها ) (2).
وهناك التحليل في ميدان التربية ، كما أن هناك التحليل النفسي كما أن هناك التحليل في مجالات الادب.
فالتحليل عملية يراد بها اِِِِِِِكتشاف عناصر موضوع معين من أجل غرض خاص الاأن كلمة تحليل واِن تكن قد فاتتها هذه الدقة في تحديد المعنى ، فهي ليس خلوا من كل تحديد من حيث أنطباقها على عدة معاني اِن تكن مختلفة فيما بينها بعض الاختلاف ، فهي كذلك متشابهة تشابها يبرز جمعها تحت هذا الاسم، وتتجه كلها وجهة واحدة فالاسعمالات المختلفة لهذه الكلمة والمعاني المختلفة التي يأخذ بها الفلاسفة المعاصرون في معناها تتشابه وتتجه كلها وجهة واحدة بحيث تكون أفرادا من أسرة هي التي نطلق عليها أسم (التحليل الفلسفي). فكما أنهم يختلفون في تحديد الكلمة فاِنهم يختلفون في النتائج التي ينتهون أليها في عملية التحليل وهي الوحدات الاولية أو العناصر التي يتركب منها موضوع التحليل فهي بالنسبة الى لوك وهيوم مثلا هي مجموعة من الانطباعات الحسية وهي بالنسبة الى ديكارت (الانطباعات البسيطة ) وبالنسبة الى ليبنتز الذرات الروحية أو (المونادات )(1).
وبصفة عامة يكون الفيلسوف تحليليا اِذا ماجعل مهمته أستخراج أو أستنتاج النتائج فيما يتعدى لتحليله سواء أكان هذا شيئا أو عبارة لغوية ، فاِذا لم يكتف بمجرد تفتيت مايتناوله شيئا كانت أو عبارة لغوية بل نراه يضيف من عنده أحكاما عن الوجود كله أو بعضه أعتبر فيلسوفا تركيبيا . وقد أصبح تحليل اللغة هو العمل الاساسي للفلسفة (لامن حيث هي مجرد ألفاظ ) والاكان ذلك الميدان خاص بعلماء اللغة ونقهائها بل من حيث ماتشير اِليه من أفكار ومعرفة ، وخاصة تلك المتعلقة بالعلوم بصفة خاصة دون أن تتدخل في وظيفة العلماء واِنما هي فقط تحليل قضاياهم وقضايا اللغة بصفة عامة بقصد توضيح غوامضها دون أن يتعرض للضرب في مجاهل الغيب وهذا مادعا فتجنشتاين الى القول بأن الفلسفة التقليدية بمشكلاتها وحلولها التقليدية اِنما تنشأعن جهل بمبادىء الرمزية وسوء أستخدام اللغة . وهناك ثلاث أتجاهات رئيسية بالنسبة الى التحليل وهي :
(1)تحليل المفهوم أو الفكرة عن طريق تطبيقاتها الجزئية لمعرفة المبدأ الكامن وراءها كما هو واضح في المنهج الديالكتيكي عند سقراط وفي محاورات أفلاطون وأخلاق أرسطو .
(2) تحليل المعرفة الانسانية وردها الى مجموعة من البسائط والعناصر الاولية وكذلك تحليل الوجود كما هو عند ديكارت ولوك .
(3) تحليل الاطارات التي تصف فيها المعرفة الانسانية (أي اللغة ) كما هو الحال عند فلاسفة كامبدريج ورسل وفتجنشتاين وجماعة فيننا وكارناب .
(2) التحليل عند فتجنشتاين :
التحليل هو السمة البارزة في فلسفة فتجنشتاين ونستطيع القول أن الفلسفة عند فتجنشتاين هي التحليل ، يستخدم فتجنشتاين التحليل كمنهج في الفلسفة لاكغاية فلسفية فهو لايستهدف التحليل لمجرد تقسيم العالم الى مجموعة من الوقائع وهو يستخدم التحليل لغرض توضيح المشكلات الفلسفية والتي في معضمها كما يقرر هو عبارة عن مشكلات زائفة أو أنها ليست بمشكلات أصلا ، وقد عبر عن هذا الفهم بقوله ( اِن معظم القضايا والاسئلة التي كتبت في أمور فلسفية ليست كاذبة بل هي خالية من المعنى وأن معظم القضايا والاسئلة التي يقولها الفلاسفة أنما تنشأ عن حقيقة كوننا لانفهم منطق لغتنا) (2) .
ويحدد الدكتور زكريا اِبراهيم مهمة الفلسفة عند فتجنشتاين بالقول (وهنا يقرر فتجنشتاين أن الفلسفة ليست نظرية كتلك النظريات التي تنطوي عليها العلوم الطبيعية ، ومن ثم فاِنها لاتصل في خاتمة المطاف الى مجموعة من النتائج التي نسميها بأسم القضايا الفلسفية واِنما هي نشاط أو عملية توضيحية نهدف من ورائها الى حصر الافكار المختلطة الغامضة ، أن قدر الفلاسفة أن يدركوا أن كل مهمتهم هي تحليل (المقال المنطقي ) الذي نصطنعه في وصف العالم الخارجي وبهذا تكون مهمة الفلسفة في نهاية التحليل هي القضاء على الفلسفة أو التخلي عن كل فلسفة(3).
ويحدد الدكتور ياسين خليل طريقة فهم فتجنشتاين للفلسفة بالقول (يكون فهم فتجنشتاين للفلسفة طريقة ومنهجا محدودا باللغة وتحليل الافكار أو الحقائق التي لها علاقة بأجزاء اللغة ، واِن القواعد التي يقترحها في كتابه ليست الاسلما يرتقيه الباحث الى الهدف وعندما يصل اِليه لايكون بحاجة الى السلم)(1)
وقد قادته أهتمامه في السنوات اللاحقة بعيدا عن المنطق في أتجاه التحليل اللغوي والمصدر الذي بحث فيه أراءه هو مذكرات محاضرته (2) .
وبناءا على ماتقدم يصبح لدينا مفهوم الفلسفة لديه هو أنها مجرد توضيح للافكار عن طريق تحليل العبارات التي تصاغ فيها هذه الافكار وهو يقول (اِِن موضوع الفلسفة هو التوضيح المنطقي للافكار الفلسفية ليس مجرد نظرية من النظريات بل هي فاعلية ، فالفلسفة يجب أن تعمل على توضيح وتحديد الافكار بكل دقة ). (3)
ومعنى هذا أن التحليل لايضيف الى معرفتنا معرفة جديدة ولاتنتج عنه مبادىء جديدة بل هي مجرد طريقة لتوضيح الافكار أو لتوضيح مانقوله (وهو يقترح في كتابه أبحاث فلسفية الى أن المشكلات لا يتم حلها بأعطائها تفسيرا جديدا بل بواسطة تنظيم مانعرفه بالفعل من قبل فالفلسفة لديه عبارة عن معركة ضد البلبلة التي تحدث في عقولنا نتيجة اِستخدام اللغة ) لقد كان هدف الفلسفة لديه هو تحليل المشكلات الفلسفية بواسطة تحليل العيارات التي نصوغها منها حتى نتبين فيما اِذا كانت هذه المشكلات حقيقية أم لا(4).
وفي عرض الدكتور عزمي اِسلام حول فتجنشتاين لطريقة التحليل في كتابه (رسالة منطقية فلسفية ) و(أبحاث فلسفية ) في الاول كانت طريققته تعتمد على رد ماهو مركب الى عناصره الاولى أو وحداته الاولية البسيطة التي لاتنحل الى ماهو أبسط منها فالعالم عنده ينحل الى وقائع والوقائع تنحل الى أشياء وسائط ، واللغة تنحل الى مجموعة من القضايا الذرية أو الاولية والقضية الاولية تنحل الى أسماء أما التحليل في فلسفته المتأخرة فيسلك اِتجاها أخر ينصب على اللغة لمعرفة الطريقة التي تستخدم بها الالفاظ بالفعل ، لقد طبق فتجنشتاين التحليل على الكثير من المجالات أهمها : (1) الواقع الخارجي والعالم (2) مجالات اللغة والفكر سواء أكان فلسفيا أم علميا(5) .
الفصل الثاني
(تحليل العالم عند فتجنشتاين )
(1) تحليل العالم
يبدأ فتجنشتاين في رسالة منطقية فلسفية بتحليل العالم وذلك لان تحليل اللغة يعتمد أساسا على تحليل العالم واللغة يحللها الى مجموعة من القضايا الاولية التي يتوقف صدقها أو كذبها على مدى مطابقتها للواقع الخارجي ويصف القضية الاولية بانها (وصف لواقعة من الوقائع لذلك فمن الضروري وجود الوقائع أولا والتي يتوقف بناءا عليها صدق القضايا أو كذبها لانه (اِذا كانت القضية الاولية صادقة كانت الواقعة موجودة واِذا كانت كاذبة كانت الواقعة الذرية غير موجودة بالاضافة الى أن العالم هو مجموع الوقائع الذرية الموجودة (1) .
وفي معرض تساؤل الدكتور زكريا اِبراهيم عن مهمة الفلسفة يقول :
اِن مهمة الفلسفة مزدوجة فهي من ناحية لابد لنا أن نتبين أن كل قضية هي صورة الواقعة وهذا مالايمكن أن نقوله أو نعبر عنه بعبارة لغوية نظرا لانه ليس من شأن أية قضية أن تخبرنا بشيء أو أن تقول لنا شيئا عن نفسها، وأنه ليس في وسعنا أن نخبر بقضية أو قول أو مفهوم كيف يمكن لاية قضية أن تصور الواقع ، وتبعا لذلك فاِنه ليس في وسع الفيلسوف أن يعبر بواسطة اللغة عن ذلك العنصر المشترك الذي يقول بوجودة تشابه بين اللغة المنطقية المكتملة من جهة وما تمثله هذه اللغة في الواقع من جهة أخرى ، ومثل الفيلسوف هنا كمثل المصور من حيث أنه لايستطيع أن يقررشيئا بل كل مانملكه هو أن يظهرنا على ماهو موجود بالفعل وأما فيما يخص المهمة الثانية للفلسفة يقرر الفيلسوف أن الفلسفة ليست نظرية كتلك النظريات التي تنطوي عليها العلوم الطبيعية ومن ثم فاِنها لاتصل في خاتمة المطاف الى مجموعة من النتائج التي يمكن أن نسميها القضايا الفلسفية واِنما هي نشاط أو عملية توضيحية نهدف من ورائها الى حصر الافكار المختلفة الغامضة وحين تتحقق الفلسفة من الاجوبة التي تقدمها لاسئلتها وهي ممالايمكن التعبير عنه ، فاِنه لابد لها من أن نفهم عندئذ أنها لم تحسن وضع تلك الاسئلة وتبعا لذلك فاِن المنهج الصحيح في الفلسفة اِنما هو ذلك الذي يحيل سائر القضايا التي يمكن أن يقال عن الاشياء الى العلماء أنفسهم على اِعتبار أنهم وحدهم الذين يستطيعون أن يتحدثوا عنها. أن قدر الفلاسفة أن يدركوا اِن كل مهمتهم هي تحليل (المقال المنطقي ) الذي نصطنعه في وصف العالم الخارجي(2).
ان كلمة العالم عند فتجنشتاين غير واضحة ولامحددة تحديدا يجعلنا على يقين من المعنى الذي يعطيه لهذه الكلمة .
(أ) فهو أحيانا يستخدم هذه الكلمة لكي يشير بها الى العالم الموجود بالفعل وخاصة في العبارة التي يقول فيها (اِن العالم هو مجموع الوقائع لاالاشياء ) الا انه يقصد بالوقائع هنا تلك الوقائع الموجودة بالفعل ويعبر عن هذا المعنى أيضا بقوله (أن العالم حدوده الوقائع هي جميع ما هنالك منها وقوله (اِن العالم هو مجموع الوقائع الذرية الموجودة ) أي التي لها وجود الامر الذي يجعلنا نميل الى الاعتقاد أن مايقصده فتجنشتين بالعالم هو العالم الفعلي أو الواقعي .
(ب) وهو أحيانا يستخدم هذه الكلمة كي يشير بها الى عالم ليس هو عالمنا الواقعي ويتمثل في أستخدامه هذه الكلمة في بعض عبارات رسالته مثل (الوقائع في المكان المنطقي هي العالم ) بمعنى أن العالم يتكون من وقائع بالاضافة الى الروابط المنطقية التي تربطها بعضها ببعض لان فكرة المكان المنطقي عند فتجنشتاين تشير الى معنى الروابط المنطقية بين الوقائع وبهذا المعنى لايكون العالم الذي يقصده فتجنشتاين هو العالم الخارجي ، لان العالم الخارجي مكون من الوقائع الذرية الموجودة . ومن العبارات التالية أيضا : (أن جملة الوجود الخارجي هي العالم ) و(اِن الوجود الخارجي هو وجود الوقائع الذرية ) الامر الذي يؤدي الى أستنتاج أن العالم على هذا النحو هو وجود وعدم وجود الوقائع الذرية وحيث أن الوقائع الذرية غير موجودة هي وقائع سالبة أو هي الوقائع الني ليس لها وجود فعلي فاِن العالم في هذه الحالة لايكون هو العالم الفعلي فقط بل هو العالم الفعلي والعالم الممكن (المكون من الوقائع الممكنة أيضا )
(ج) وهو أحيانا يفرق بين معنى العالم ومعنى الوجود الخارجي فيذهب الى أن الوجود الخارجي يتكون من (وجود وعدم وجود الوقائع الذرية ) بينما يذهب الى أن العالم هو مجموع الوقائع الذرية الموجودة وعلى ذلك يكون مجال الوجود الخارجي أوسع وأشمل من مجال العالم الذي يقتصر على جزء من مجال الوجود الخارجي وهو الجزء الخاص بالوقائع الذرية الموجودة .
(د) وهو أحيانا أخرى يفرق بين معنى العالم ومعنى الوجود الخارجي فيقول (اِن جملة الوجود الخارجي هو العالم) وبذلك يجعل مجال الوجود الخارجي هو مجال العالم ولايفسر لنا كيف يكون الاثنان شيئا واحدا(1).
أن فتجنشتاين يحلل اللغة الى مجموعة من القضايا الاولية التي يتوقف صدقها أو كذبها على مدى مطابقتها للواقع الخارجي ، والقضية الاولية عند فتجنشتاين ليست (وصفا لواقعة من الوقائع ) وعلى ذلك فمن الضروري وجود الوقائع أولا التي يتوقف بناءا عليها صدق قضايانا أو كذبها لانه ( اِذا كانت القضية الاولية صادقة كانت الواقعة الذرية موجودة . واِذا كانت كاذبة لم يكن للواقعة الذرية وجود ) ولما كان العالم هو مجموع الوقائع الذرية الموجودة كان من الضروري أن يكون حديث فتجنشتاين عن تحليل العالم سابقا على حديثه عن تحليل اللغة (2) .
أن بحث فتجنشتاين في العالم من خلال ( رسالة منطقية فلسفية ) كان بحثا يغلب عليه الطابع الانطولوجي الذي يضفي على معنى العالم صفة الوجود الكلي فضلا عن وجود الوقائع التي يتكون منها هذا هو العالم الواقعي ، أما اِذا كان المعنى غير واقعي عالم ممكن أو منطقي فسيكون المعنى وجوديا أو أنطولوجيا أعم وأشمل من معنى العالم الفعلي لان العالم سيكون في هذه الحالة كلا متضمنا للعالم الحقيقي الذي ينحل الى الوقائع الذرية و(لعوالم الممكنة )(3)
يشبر معنى العالم عند فتجنشتاين الى المضامين الاتية :
(1) اِن مايقصده فتجنشتين بالعالم هو العالم الفعلي الواقعي وخاصة العبارة (العالم هو مجموع الوقائع لاالاشياء )
(2) اِن العالم لايكون هو العالم الفعلي فقط بل هو العالم الفعلي والعالم الممكن من الوقائع الممكنة السالبة.
(3) يكون مجال الوجود الخارجي أشمل وأوسع من مجال العالم الذي يقتصر على جزء من مجال الوجود الخارجي وهو الجزء الخاص بالوقائع الذرية الموجودة .
(4) وأحيانا أخرى لايفرق بين مجال العالم الخارجي ومجال العالم ، ويجعل مجال الوجود الخارجي هو العالم(4).
أن مايقصده فتجنشتاين حين يتكلم عن العالم على أنه مجموع الوقائع الموجودة أي العالم الفعلي وحين يتكلم عن العالم يقصد به الوجود الخارجي بجملته والذي يتكون من الوقائع الموجبة والسالبة معا وذلك لان الطريقة التي تترابط بها الاشياء هي التي تحدد لنا وجود الوقائع الموجبة وعدم وجودها السالبة (1).
ومن هنا يتضح الاستخدام المزدوج لمعنى كلمة عالم في فلسفته .
(1) فهو يستخدمها تارة بمعنى العالم المنطقي المكون من الوقائع السالبة والموجبة أو الوقائع الذرية الموجودة والتي ليس لها وجود .
(2) وهو أحيانا أخرى يستخدمها ليعني بها العالم المتحقق بالفعل ويعرف فتجنشتاين العالم هو جميع ماهنالك ( أي أن العالم يتكون من كل ماهو موجود ونستنتج من ذلك أن العالم مركب وليس بسيط ويسمي فتجنشتاين الاجزاء التي يتكون منها العالم بالوقائع ) (العالم هو مجموع الوقائع لا الاشياء) واِن الواقعة هي الوحدة الاولى التي ينتهي اِليها تحليل العالم وأن كانت هي بدورها تنحل الى أشياء، اِن الاشياء عند فتجنشتاين هي بمثابة( الجوهر ) أو جوهر هذا العالم ، ذلك لان الوقائع حين نحللها فهي تنتهي الى أشياء ، بمعنى اِن الوقائع ليست بسيطة بل مركبة من أشياء (2) .
أما الدكتور زكريا أبراهيم فيقول حول تحليل العالم : (اِن نقطة البدء في كل فلسفة فتجنشتاين هي نظرية أنطولوجية في المضامين الاساسية أو المفهومات النهائية للعالم ، وأية ذلك أن العالم لايتكون من مجرد موضوعات بنظره بل يتكون من موضوعات منظمة أو مرتبة على صورة وقائع واِذا كان فتجنشتاين يسمي هذه الوقائع (بالوقائع الذرية ) فذلك لانها لاتقبل التحليل الى وقائع أخرى تكون أبسط منها (1)(3) .
ويحدد الدكتور ياسين خليل معنى العالم لدى الفيلسوف بالقول بعد التساؤل عن معنى العالم لديه ، اِن العالم يتألف من وقائع فليس العالم الذي يفهمه عالم رجل الفيزياء ، أو عالم الادراك الحسي ، بل عالم مؤلف من وقائع فقط وليس من أشياء وما دمنا قد حددنا العالم بالوقائع فقط فلا مجال للكلام عن موجودات خارج هذا العالم ، وعند البحث عن ماهية هذه الوقائع من حيث الاشياء والتكوين التي تدخل في تركيبها ويميز بين أنواع الوقائع وأشكالها المنطقية ليصل الى مفهوم منطفي هو (الصورة ) باِعتبارها نموذج الحقيقة اِن الصورة تتفق مع الحقيقة أو لاتتفق (صادقة أو كاذبة ) وعند البحث في الفكر وعلاقته بالعالم الخارجي يتناول بالبحث القضية وعلاقتها بالمعنى والدلالة ثم ينتقل الى تحليل مفهوم القضية وطريقة تركيبها وعلاقتها بالواقعة والقضايا تتألف من عناصر لغوية تترتب بأشكال معينة وفق قواعد سنتاكسية فأن الواقعة التي تتألف بدورها من أشياء يكون بينها وبين مكونات القضية علاقة واحد بواحد ، ربط فتجنشتاين القضية بالمعنى واِختلافه بالنسبة للرمز الواحد ، فكان عليه الانتقال الى الطريقة الرمزية لتجنب الغموض والالتباس الذي تقع فيه لغة الحياة اليومية . أن المحور الرئيسي لفلسفته المنطقية هو تبنيه لاراء فريجة ورسل في المنطق والتحليل المنطقي ومحاولته لتطوير نظرية منطقية فلسفية من قاعدة متينة محققا الاهداف الاتية :
(1) ربط المنطق بالواقع : أو النظر الى الواقع من خلال الادوات المنطقية بحيث يبدو الواقع وكأنه مجموعة صور مماثلة لصور منطقية .
(2) التخلص من الاثار الميتافيزيقية في الفلسفة عن طريق تطوير نظرية التماثل بين اللغة والواقع بحيث تظهر المشكلات الفلسفية ليست مشكلات فلسفية بل هي ناتجة عن سوء اِستخدام الفلاسفة للغة .
(3) تطوير بعض النظريات المنطقية والرياضية مع نقد دقيق لنظريات فريجة ورسل خاصة في مثل نظرية المعنى والقضايا وفي حقل اسس الرياضيات . اِن أساس التحليل عند فتجنشتاين لمشكلات الفلسفة هي اللغة واِن اللغة ليست هي لغة الحياة اليومية بل هي المجموع الكلي من قضايا مفيدة ومن هنا كان التحليل يقتصر على نوع معين من القضايا هي قضايا العلوم والمنطق معتقدا من خلال تحليل اللغة أن مهمة بحثه هي وضع حدود تفسير التفكير واللغة تقوم بدور التعبير عن الافكار واِن كل ماهو خارج عن الحدود يعتبر سخف .
يبدأ تحليله بالاشياء التي لها صلة باللغة والتي هي من صميم العالم الخارجي فيضعنا أمام عالمين ، عالم اللغة بما فيه من كثرة كبيرة في العبارة وقدرته في صياغة الفضايا المختلفة والعالم الخارجي بما فيهمن أشياء متكثرة مرتبطة بعلاقات اِن مجموعة القضايا كلها تعبر عن المجموع الكلي للوقائع في العالم وهذه الوقائع تؤلف العالم كما تؤلف قضايا اللغة والوقائع تتألف من أشياء وبذلك يصبح الشيء مجرد جزء من واقعة وهذا الشيء مستقل والاستقلال يوضح أنه صورة علاقة مع ا لواقعة الشيء عند وجوده باِعتباره مستقلا بذاته فهو مستقل ولكن هذا الشي ء يفقد الاستقلال عند وجوده في واقعة يرتبط بعلاقتها وتركيبها العام واِن معرفة الشيء تستدعي معرفة جميع صفاته الداخلية واِن كانت هذه الاشياء العناصر الاولية التي لايمكن تجزئتها الى عناصر أولية أبسط منها(1) .
لقد اِتخذ فتجنشتاين في بادىءالامر موقفا ميتافيزبقبا بمقتضاه يتألف العالم كله من وقائع بسيطة لاتتوقف واقعة منها على واقعة أخرى بأية وسيلة من الوسائل وهذه الوقائع بمثابة مادة موضوع البحث التي ينتهي اِليها العلم التجريبي ولايعطي فتجنشتاين على العكس من رسل في ذلك أية أمثلة لما قرره وقائع بسيطة أو وقائع أولية فلابد أن يكون هناك مثل هذه الوقائع البسيطة في التحليل الاخير لكنه ليس على اِستعداد لان يعين طبيعتها فهو بعدما يقال عنه عادة أنه وقائع يعده في حقيقة الامر حشدا من الوقائع البسيطة (2) .
لقد رفض فتجنشتاين أن يكون العالم مكوناً من أشياء بل أن العالم يكون من وقائع وحسب وأن فتجنشتاين لايصل الى وقائعه عن طريق الواقع كما أنه لايصل الى موضوعاته وأشيائه ومجموعات حالاته عن طريق الواقع وأية محاولة تحاول الزج بمذهب الذرية المنطقية في الواقع لابد أن تكون قائمة على أساس غير سليم فليس عند فتجنشتاين أشياء أو موضوعات أو وقائع أو علاقات واقعية تربط الجواهر المادية في تشكيلات تجريبية قوية بل كل هذا ألفاظ وجمل لفظية ، الفاظ وجمل لاتشير الى معنى في الخارج والالعدنا بهذا من حيث أردنا أن لانبدأ بل لها مغزى داخلي فقط والمقصود بذلك أن لها أمكانية توليد لفظ أخر أو قضية أخرى هذا هو العالم الواقع أو الوقائع والعلاقات (3) .
(2) الواقعة الذرية والواقعة عند فتجنشتاين :
وهي وقائع لاتقبل التحليل الى وقائع أخرى تكون أبسط منها ، صحيح أن في الامكان تحليل الوقائع الذرية ، ولكن ليس في الامكان ردها الى الوقائع الذرية الاخرى ، وأما الواقعة الذرية نفسها فهي مركب يضم مجموعة من الموضوعات . ( اِن الكائنات أو الاشياء ) التي تنحصر ماهية كل منها في كونه عنصرا يدخل في تركيب تلك الواقعة الذرية ، ولكن الموضوعات التي تكون عناصر الوقائع الذرية لاتقبل هي نفسها التحليل نظرا لانها تمثل جوهر العالم والموضوعات في رأيه ناقصة بمعنى أنها لاتوجد الافي علاقة مع موضوعات أخرى ،وهي العلاقة التي تكون الوقائع والوقائع متمايزة ومستقلة كل منها عن الاخرى ، والعالم هو مجموع الوقائع الذرية فضلا عن أنه هو الذي يحدد (لاوجود الوقائع الذرية ) مادام (عدم وجود ) أية واقعة ذرية هو نفسه نوع من الواقعة واِذن فاِن العالم الواقعي (عند فتجنشتاين هو مجموع الوقائع الذرية مضافا اِليها واقعة أخرى هي أن هذه كل الوقائع الذرية) (1).
والواقعة : مما يقول فتجنشتاين (أن ماهو مركب في العالم يعتبر واقعة ) وأن معناها يشير الى ماهو مركب في الوجود الخارجي بمعنى أن وجود الواقعة هو وجود الوقائع الذرية وعلى ذلك (فالواقعة ) ِنما تتكون من عدة وقائع ذرية ولهذا فهي مركبة وليست بسيطة .
صفات الوقائع :
(1) ِانها وقائع مركبة من وقائع ذرية وليست بسيطة .
(2)اِنها منفصلة بعضها عن بعض مستقلة بحيث لايدل اِثباتنا لواقعة على وجود واقعة أخرى أو نفيها ، اِن الوقائع المركبة تتمتع بالاستقلال هي الاخرى بناءا على أن الواقعة الذرية مستقلة بعضها عن البعض الاخر على الرغم من اِمكان ترابطهما في واقعة مركبة وهكذا نصل الى ِن العالم الذي يتكون من جميع الوقائع .
اِن الوقائع لايمكن تعريفها على وجه الدقة اِنما يمكن القول بأنها هي ماتجعل القضايا صادقة أو كاذبة .
(4) يستخدم فتجنشتاين كلمة واقعة على وجوه عدة هي :
(1) الواقعة المركبة وهي التي تتكون من وقائع أبسط منها .
(2) وأما بسيطة لاتتكون من وقائع أخرى أبسط منها وهي مايسميها (الواقعة الذرية )
(3) الواقعة الموجبة : وهي التي تشير الى ترابط الوقائع كما هي موجودة على أرض الواقع .
(4) الواقعة السالبة : وهي التي لاتمثل الطريقة التي توجد بها الاشياء في الواقع الخارجي (2).
يحلل فتجنشتاين العالم الى وقائع مركبة تنحل بدورها الى وقائع أبسط منها والواقعة البسيطة التي لاتتكون من وقائع أخرى والتي لاتنحل الى ماهو أبسط منها يسميها فتجنشتاين بالوقائع الذرية .
اِن الفرق بين الواقعة والواقعة الذرية عند فتجنشتاين هو أن الواقعة الذرية هي مايقابل القضايا الاولية اِذا كانت صادقة وأما الواقعة فهي مايقابل الناتج المنطقي لعدة قضايا أولية حينما يكون هذا الناتج صادقاً . الواقعة (الواقعة المركبة ) والتي تتكون من عدة وقائع ذرية .
اِن كل واقعة كانت واقعة ممكنة ثم تحققت بالفعل ، فليس كل واقعة ممكنة واقعة الا اِذا تحققت فعلا وهذا مايكون (نظرية الامكان ) واِن الواقعة الممكنة تشير الى الواقعة الذرية البسيطة وأما الواقعة التي لها وجود فعلي فهي مانسميه(بالواقعة ) نظرية الوجود الفعلي (3).
(أ) يورد الدكتور (عزمي اِسلام ) مجموعة من الحجج حول نظرية الوجود الفعلي للوقائع نورد منها مايلي:
(1) أن فتجنشتاين أستخدم عبارتي (الواقعة )و (الواقعة الذرية ) للدلالة على اِن ماهية هذه الواقعة ووجودها في الواقع .
(2) اِن فتجنشتاين كان يتكلم عن الواقعة على أنها مكونة من وقائع ذرية وحيث أن الواقعة هي واقعة مركبة فاِن ذلك يؤيد اِعتبار (الواقعة الذرية ) على أنها واقعة فعلية لاشيئا ممكننا .
(3) حين يتكلم عن الواقعة الذرية الممكنة ، يميزها عن الواقعة الذرية الفعلية يالاشارة الى واقعة ذرية مكونة من أشياء وهي التي تعني الامكان قبل التحقق أي قبل أن تتجمع الاشياء لتكون الواقعة الذرية .
(4) اِن قوله أن التركيبة التي قوامها أشياء هي التي تشكل (الواقعة الذرية ) وعلى ذلك فاِن مجرد ترابط عدة أشياء لابد أن يؤدي الى وجود واقعة بالفعل لامكان وجود واقعة .
(5) اِن الوقائع الذرية ليست اِمكانات بل هي وقائع ذات وجود فعلي .
(ب) لانه يقول (اِنه لمن جوهر الشيء ) أن يكون مكونا لواقعة ذرية ما .
حجج تؤيد نظرية الامكان :
(1) يتكلم الفيلسوف عن وجود أو عدم وجود الوقائع الذرية لذلك فعندما نتصور أن واقعة ما موجودة أو غير موجودة هي رديف لعملية الامكان .
(2) يستخدم أحيانا كلمة واقعة ذرية وكلمة واقعة ممكتة بطريقتين متقاربتين ولما كانت أمور الواقع هذه تشكل الاشياء فهي بالتالي ممكنة الوجود (1).
(أ) أهم سمات الواقعة الذرية :
نورد أهم سمات الواقعة الذرية كما أوردها د. (عزمي اِسلام ) :
(1) الوقائع الذرية أبسط مايمكن أن ينحل أليه الوجود الخارجي أو العالم فالعالم ينحل الى عدد من الوقائع المركبة ، والواقعة الركبة هي وجود الواقعة الذرية أي أنها تتكون من عدد من الوقائع الذرية المرتبطة يعضها مع بعض والواقعة الذرية هي أبسط الوقائع التي يمكن أن يرتد أليها تحليلنا للعالم . بحيث أننا لو أستمرينا في تحليل العالم لوجدناه مركبا من وقائع مركبة وهذه اِذا ماحللناها فقد نجدها مكونة من وقائع أقل تركيبا حتى ننتهي أخيرا الى وقائع بسيطة لايمكن أن تنحل الى وقائع أبسط منها تكون هي الوحدات الاولى التي يرتد اِليها تحليلنا النهائي للعالم وهي مانسميه (الوقائع الذرية ) .
(2) الوقائع الذرية : على الرغم من أنها أبسط وحدات ينتهي اِِليها تحليلنا للعالم هي في حد ذاتها مما يمكن تحليلة وليس في هذا تناقض فالواقعة الذرية البسيطة من حيث أنها أبسط مستوى من الوقائع يمكن أن ينتهي اِليه التحليل ( وهي مركبة بمعنى أنها تتكون من أشياء أو عناصر بسيطة ) والواقعة الذرية مجموعة موضوعات (موجودات أو أشياء ) أن الشيء في ذاته ليس له وجود منفصل عن الواقعة وعلى ذلك مماله وجود هو الوقائع لا الاشياء واِن كان وجود الوقائع معتمداً على وجود الاشياء .
(3) الوقائع الذرية مستقل بعضها عن البعض الاخر .
(4) تتكون الوقائع الذرية بناءًا على اِتصاف شيء ما بصفة معينة أو ترابط شيئين أو أكثر على نحو معين ، اِذن فتكوين الواقعة يتحدد بناءا على العلاقات التي تربط بين الاشياء مكونات هذه الواقعة وأن الواقعة هي مجموعة أشياء مترابطة على نحو معين يقول الفيلسوف : اِن التركيبة التي قوامها أشياء هي التي تشكل الواقعة الذرية .
(5) كل واقعة لها (بنية ) ولها (صورة ) وبنية الواقعة الذرية هي الطريقة التي تتشابك بها الاشياء في الواقعة الذرية (صورة الواقعة ) فكان ترابط الاشياء على نحو معين .
اِن بنية الواقعة تتعلق بالواقعة الفعلية التي تتعلق بالطريقة التي تترابط عليها الاشياء بالفعل في الواقعة ، أما صورة الواقعة فتتعلق باِمكان ترابط هذه الاشياء وفقاً لطريقة معينة في واقعة ما ، وعلى ذلك فبنية الواقعة تتعلق بالواقعة نفسها فبينما صورة الواقعة تتعلق بالاشياء التي تتكون منها هذه الواقعة واِمكان ترابط هذه الاشياء على هذا النحو أو نحو أخر .
(6) الواقعة الذرية هي مما يمكن ملاحظته واِدراكه لانها هي التي يتوقف عليها صدق أو كذب القضية الاولية التي تصورها .
(7) ضرورة وجود الوقائع الذرية حتى يمكن أن يكون للغة معنى لان الوقائع الذرية هي مايجعل القضايا الذرية صادقة أو كاذبة بمعنى أن الوقائع الذرية يجب أن تكون أسبق في الوجود من القضايا التي يكون صدقها أو كذبها مرهونا بوجود أو عدم وجود تلك الوقائع .
(8) الوقائع الذرية ليست ثابتة بل متغيرة أما الثابت فهو الاشياء التي تتكون منها هذه الوقائع الذرية (1)
(ب) الفرق بين الواقعة والشي ء :
ينسب الفيلسوف صفة الثبات الى الاشياء بينما الوقائع متغيرة متحولة والنتيجة أن الوقائع لاتتصف بصفة الوجود الفعلي ( التركيبة التي قوامها أشياء هي التي تشكل الواقعة الذرية ).
(2) اِن الوقائع الذرية عند فتجنشتاين ذات نوعان ، وقائع سالبة ووقائع موجبة . اِن وجود الواقعة الذرية تسمى الواقعة الموجبة وعدم وجودها هي الواقعة السالبة اِن الفيلسوف يثبت وجود الواقعة الذرية بناءا على صدق القضية الاولية ويثبت صدق القضية الاولية بناءاً على تصويرها للواقعة أو كونها رسما لها فهو يقول (اِِذا كانت القضية الاولية صادقة كانت الواقعة الذرية موجودة واِذا كانت كاذبة لم يكن للواقعة الذرية وجود ) .
اِن وجود الواقعة الذرية مرتبط بصدق القضية الاولية أو هو مرهون بها ، اِِن صدق القضية يتوقف على وجود الواقعة التي تكون القضية رسما لها . أن وجود الاشياء ووجود الوقائع الذرية عند فتكنشتاين بصفة اللازمة تمليها عليه الضرورة المنطقية وتبرر تحليل العالم الى وحدات أولية يسهل تصويرها أو رسمها بقضايانا الاولية لانه لو لم يسبق وجود القضايا وجود الوقائع الذرية لما اِستطعنا أن نحكم على قضية ما بأنها صادقة أو كاذبة أو خالية من المعنى ولاصبح مبدأ التحقق بلا قيمة (2) .
اِن الاشياء في ترابطها لاترتيط عشوائيا ولايمكن أن تكون مجرد تجمع غير خاضع لشكل بل هي ترتبط بشكل وتركيب الاشياء ترتبط داخل الواقعة بواسطة التركيب فعند النظر الى العالم الخارجي وهو مؤلف من وقائع باِعتبارها مستقلة الواحدة عن الاخرى تمنعنا من النظر الى العالم ككل شامل اِختياره أوليات متكثرة مستقلة الواحدة عن الاخرى وغير قابلة للتجزئة الى أوليات أخرى فعندما تكون الاشياء مركبة فيما بينها ، فلماذا لاتكون الواقعة التي تشير اِليها القضية تركيباً ولاسيما أن صدق قضية ما يعتمد على دلالتها ولكي تكون القضية صادقة لابد من وجود تماثل بينها وبين الواقعة التي تشير اِليها فتكون القضية بمثابة صورة الواقعة وبوءرة تعكس التركيب (3) .
أن الواقعة الذرية عند فتجنشتاين هي مايمكن التعبير عنه باِسم منطقي واحد . ويقدم فتجنشتاين تعريفا للاسم في الرسالة ليقول هو (مالايمكن أن نحلله الى ماهو أبسط منه عن طريق التعريف أنه رمز أولي )
أاِسماء الاعلام عند فتجنشتاين هي مختصرات لاوصاف مثل (قلم ، سقراط ، كتاب ....) والاسم عند فتجنشتاين يعني موضوعا عاما ، والموضوعات بسائط والموضوع هنا هو شي ء ما أو (س) هو شي ء بسيط جدا يمثل النهاية في التحليل . اِن الجزئيات المنطقية رموز بلا مرموزات والقضية أن الجملة الاولية أو البسيطة عند فتجنشتاين وهي ما تقابل عند رسل القضية أو الجملة الذرية وهي التي تشتمل على مجموعة من الاسماء أو مجموعة من الجزئيات المنطقية وهي بهذا المعنى لايمكن أن تنحل الى قضايا أبسط منها اِن الاسم والواقعة الذرية والقضية الاولية كل هذا من قبيل الفرض الفعلي (1)
لقد تبنى الفلاسفة الوضعيون المنطقيون المذهب الواقعي في نظرتهم الى العالم حتى اِن فتجنشتاين يقول (اِن صدق القضية التحليلية كما أنه لايتوقف على طبيعة العالم الخارجي فاِنه لايتوقف كذلك على طبيعة عقولنا) من حيث أن خصائص المادة عندهم هي علاقات منطقية وأن هذه العلاقات المنطقية مستقلة عن الذات العارفة(2)
المبحث الثاني
(الاشياء وتحليلها عند فتجنشتاين )
الفصل الاول : المادة وتحليلها
(1) الاشياء ومعناها في فلسفته :
أ. الاشياء بالنسبة الى فتجنشتاين هي أقصى ماتصل أليه عملية التحليل واِن لم تكن هي المكونات المياشرة التي يتكون منها العالم بل هي المكونات التي تتكون منها الواقعة والوقائع هي التي يتكون منها العالم (3)
(أ) يمكننا تحديد معنى الاشياء وفق ماجاء في الرسالة المنطقية الفلسفية وكما يلي:
(1) اِن الاشياء هي المفردات أو البسائط التي لايمكن أن تنحل الى ماهو أبسط منها ومعنى البسيط أن لايكون أشياء أخرى ، وقد اِختلف حول معنى الاشياء في فلسفته وأهمها :
(أ) اِن الاشياء هي المعطيات الحسية وقد تكلم فتجنشتاين عن الامكان في العبارة بقوله (اِن الاشياء تتضمن اِمكان حملها لاية حالة من حالات الواقع ) .
(ب) المعنى الثاني هو أنها أشياء مفردة مثل الاشياء المكانية (المنضدة ، المكتب ) . (2) يرى أريك ستينوس أن الاشياء عند فتجنشتاين لاتقتصر على معنى بل أيضا (الصفات ) و(العلاقات ) أن وجود الواقعة تفسر وجود الاشياء التي تتكون منها وكذلك الطريقة التي تتشابك بها وأن كل واقعة ذرية تتكون من عدد غير متناه من الاشياء وهي كذلك ماتشير اِليه المحمولات .
(3) يرى كوني أن معنى الاشياء عند فتجنشتاين هي المفردات الجزئية فقط وأن الصفات عنده أما صفات مادية أو صورية وبما أن الصفات الصورية لايمكن تمثلها في مجال الواقع ولايمكن تمثلها بألفاظ بل فقط في قضايا أما الاشياء فهي التي يمكن تمثلها ؟أو تسميتها وبناءا على ذلك لايمكن أن تكون الصفات المادية أشياء .
(4) يؤيد الرأي السابق الفيلسوف بتشر فيرى أن الاشياء ليست هي الا مفردات البسيطة ، وأن الوقائع الذرية لايمكن أن تتكون الا بواسطة تجمع المفردات البسيطة ويقول بتشر (أن العلاقات والصفات ليست أشياء)
(ب) والاشياء بالاضافة الى أنها بسيطة هي بالنسبة له تكون بمثابة المكونات التي تتكون منها الوقائع الذرية وأن الشيء لكي يكون شيئا لابد من دخوله في واقعة ما . واِمكان دخول الشيء في تكوين الواقعة الذرية هي مايسميه (صورة الشيء ، اِننا لانستطيع تمثيل المكانية خارج المكان والاشياء الزمانية خارج الزمان كذلك لانستطيع أن نتخيل شياً ء معزولا عن اِرتباطه بأشياء أخرى .
(ج) الاشياء عند فتجنشتاين ثابتة بل اِنها هي مايمكن أن يكون ثابتا في العالم وهو يقارن بينها وبين الوقائع الذرية التي يتكون منها العالم والتي تدخل هذه الاشياء في تكوينها بالقول : الشيء هو الثابت وهو الموجود أو المتحول المتغير فهو البناء المركب من أشياء والتركيبة التي قوامها أشياء هي التي تشكل الواقعة الذرية .
(د) اِن الاشياء باقية الى الابد خالدة لانها بسيطة لاتنقسم الى أجزاء وماينقسم الى أجزاء هو ما يمكن فساده . وحيث اِن الاشياء ثابتة خالدة ، بسيطة لاتنقسم ، وحيث اِنها هي التي تتكون منها الوقائع الذرية ، وحيث اِن العالم هو مجموع الوقائع الذرية الموجودة فاِن الاشياء تكون هي الاساس الذي يقوم عليه العالم أو هي (جوهر العالم )
(ط) اِن الاشياء عنده ذات طبيعتين مختلفتين فمن ناحية يمكن أن نعتبرها ذات وجود مستقل عن الاشياء الاخرى عن الواقعة الذرية التي تكونها أو أنها ليست ذات وجود منفصل عن الاشياء أو الوقائع الذرية التي تكونها اِن وجود الشيء يرتبط بوجود الواقعة الذرية التي يمكن أن يدخل في تركيبها وبالتالي بوجود الاشياء الاخرى التي يمكن أن ترتبط معه في هذه الواقعة الذرية ، أو تلك اِن الشيء ليس له وجود منفصل ، ولامستقل لانه بحكم طبيعته لابد أن يكون جزءا من واقعة ذرية ما .
(و) اِن الاشياء عند فتجنشتاين هي مايمكن ملاحظته ، واِن الاشياء بما أنها لاتتصف بأية صفة من الصفات التي يمكن ملاحظتها اِذ اِنها تتصف بهذه الصفة أو تلك في أثناء وجودها في واقعة ما ، لاءن الصفات المادية تنشأنتيجة تشكل الاشياء من واقعة ما ، اِن الاشياء عارية من الصفات . ولابد من دخولها في واقعة ما حتى يمكن الحديث عنها 0
اِن الاشياء عند فتجنشتاين لاتتصف يأية صفة فهي بسيطة وهي تتصف بهذه الصفة أو تلك في أثناء وجودها في واقعة ما ، لان الصفات المادية تنشأ أول ما تنشأ نتيجة لتشكل الاشياء في واقعة ما . واِن اِمكان دخول الشيءفي واقعة ما لابد أن يكون كامنا في طبيعة الشي ء ذاته ، ويقول مامعناه أننا لانعرف الاشياء معرفة مباشرة اِنما نعرفها عن طريق الوقائع الذرية الداخلة في تكوينها (1) .
وهناك نوعين من الصفات التي تتصف بها الاشياء :
(1) نوع تتعلق بالاشياء من حيث اِمكان دخولها في تكوين الوقائع ويسميها ( الصفات الداخلية ) .
(2) نوع يتعلق بالاشياء من حيث وجودها بالفعل في الوقائع الذرية ويسميها (يالصفات الخارجية ) .
واِن الصفات الداخلية هي الصفات الاساسية التي لايمكن تصور الشيء بدونها ويعرف الصفة الداخلية بأنها هي اِمكان دخول الشيء في واقعة ما (1). وهي تتحدد بناءا على صورة الشي ء أما الصفات الخارجية التي يمكن ملاحظتها واِدراكها بناءا على دخول الشيء في واقعة (فعلية ) أو هي التي تنشأنتيجة لتشكل الاشياء يجب أن يكون هناك حد لامكان دخول الشي ء في واقعة معينة وعدم دخوله في وقائع أخرى ، اِن الاشياء عند فتجنشتاين لم تكن الا أشياء بالمعنى المنطقي (أو هي بسائط منطقية ) أو هي لاتملك وجود فعلي واقعي في العالم بل هي اِفتراضات منطقية (1)
اِن الاشياء اِذا دخلت في تشكيل معين فيما بينها ولدت مجموعة من الحالات ويقول في مجموعة من الحالات تتلبس الاشياء بعضها بالبعض الاخر كما لو كانت حلقة سلسلة (2).
أن الاشياء أو الموضوعات بالمعنى العادي بهذه الكلمة لاوجود لها عندها (فالشيء أو الموضوع عندهما هو الاسم والاسم ليس الارمزا بلا مرموزات ولكن له من الامكانية مايسمح بأن يحيلنا الى رمز اِخر وبهذا المعنى فالاشياء هي الاسماء أو الرموز ) والتشكيلات هي القضايا أو الجمل ومجموعة الحالات هي مجموعة الاوصاف وبهذا يقول فتجنشتاين عن طريق القضايا وحدها نستطع أن نتصور خصائص من المادة أي أنها تتولد فقط عند دخول الاشياء أو الموضوعات في تشكيل أو في مركب ما (3) .
والمبدأ الرئيسي الذي تقوم عليه كل فلسفة فتجنشتاين هو أنه لابد من أن تكون هناك مثل هذه القضايا البسيطة التي لاتقبل التحليل مادام من الضروري أن تكون هناك قضايا تنطوي في حد ذاتها على معنى محدد دون أن يكون كل كيانها مستندا الى تلك العلاقات المنطقية الباطنية التي تجمع بين بعضها والبعض الاخر ولاشك أن هذا المبدأ لايخرج عن كونه صورة من صور الاتجاه التجريبي التقليدي الذي يقرر أنه أذا أريد لبعض التصورات أو القضايا أن تكون ذات معنى فاِنه لابد لها من أن تكون مشتقة من العالم (4).
وما يجعل في أمكان أية جملة أن تعبر عن قضية أولية اِنما هو كونها (صورة ) تمثل حالة ممكنة من حالات الواقع أعني تنظيما ممكننا للموضوعات تتكون منه الواقعة وحين يقول فيلسوفنا عن القضية أنها صورة للواقعة فهو يعني بذلك أن القضية تمثل أو تصور أو تقابل أو تقوم مقام (الواقعة ) وهو معناه أن القضية صورة منطقية للواقعة . اِن الصورة والواقعة تنطوي على شكل منطقي واحد بعينه(5).
أن كلا من المعنى الذي تنطوي عليه الجملة والواقعة التي تقرر وجودها لايمكن أن يعد (مكانيا ) أما الشي ءالمشترك بين (المعنى ) و(الواقعة ) فهو البناء المنطقي ، أن القضية لاتمثل على وجه التحديد ، صميم الواقعة بل هي تمثل بالاحرى أمكانية الواقعة أعني أمكانية (وجود ) أو (لاوجود ) الوقائع الذرية .
(2) العلاقة ومفهومها في فلسفة فتجنشتاين :
عندما أراد فتجنشتاين أن يوضح معنى العلاقة كما نفهمه قال (بدلا من أن نفهم (2)التركيب الرمزي أ ع ب ، أن(أ) يتصل ب (ب) بعلاقة هي (ع ) . علينا أن نفهمها على أن (أ ) تتصل ب(ب) بالعلاقة (أ ، ع، ب ) والذي يقصده من هذه العبارة أن لانخلع على العلاقة أي وجود مستقل عن التركيب الذي تدخل فيه فلا وجود للعلاقة (ع ) في ذاتها. تماما كما أنه . لاوجود للاسم في ذاته لان الاسم لابد أن يولد أسما أخر (وهو يوضح من معناه أننا لسنا بصدد تركيب شيء بل بصدد تركيب رمزي ولذلك فهو يصرح عن طريق القضايا فقط نستطيع أن نتصور الخصائص المادية أي أن هذه الخصائص تتولد فقط عن طريق تشكيل الموضوعات ، والموضوعات هنا هي (الاسماء ) أو (الالفاظ ). (2)
اِن الاسماء الحقيقية هي رموز مجرد رموز ، الاسماء هي الرموز البسيطة والاشارة اليها بحروف فردية ، واِذا كان ذلك كذلك فمن الخطأ أن نقول اِن (ع ) العلاقة هي التي تربط بين (أ ، ب) بل علينا أن نوجه أنتباهنا الى التركيب اللفظي الجديد الذي أحلنا اليه الرموز (أ) وأعني به التركيب (أ، ع ، ب) في حالة الاجاية عن كيف تكون العلاقة في حالة خصائص المادة . فيجيب فتجنشتاين أن خصائص المادة علاقات في هذه المسألة حاول الوضعيون أن يتوصلوا الى مفهوم أو تحويل مفهوم العلاقات القائمة بين الاشياء الى (صفات ) فالعلاقة القائمة بين (أ، ع،ب ) هي عبارة عن موضوع واحد يشير الى حدود مختلفة وهي هنا لاتشير الى وصف يوصف بها الشيء نفسه وليست علاقات بين شيئين أو رمزين مختلفين ، على أاس أن الصفة داخلة في تركيب الشي(1).
(3) خصائص المادة في فلسفته :
يقسم فتجنشتاين خصائص المادة أو الموضوع الى : خصائص ذاتية ، وخصائص خارجية . والخصائص الذاتية هي التي يجب أن يكون الشيء حاصلا عليها لكي يكون ماهو أما الخارجية فهي التي حدث أن أصبحت له . وواضح أن هذه الخصائص تمثل من العالم المادي مانطلق عليه أسم خصائص المادة الاساسية ولكن معنى هذه الخصاءص وقد تغير تماما هنا فالخصائص قد اِختلفت فهي ليست قائمة في المادة . اِذ أنه لامادة هناك وليست تأثرات ذاتية لانه لا علاقة لها بالذات ولانه لاوجودللذات في فلسفته واِنما هي(اِشكال) أو (جسور ) والمهم هو أن نلاحظ أن هذه العلامات أو الصور أو الاشكال للشعور أو للخاصية الخارجية للشي ء أما الشعور نفسه فلا يرى والهدف الذي يرمي أليه فتجنشتاين هو أن يقول لنا اِن الخصائص الخارجية للاشياء لاترى وهذا أمر طبيعي أذا كانت الاشياء نفسها لاوجود لها والمقصود بالشيء هنا هو الجوهر المادي (2)
والشيء نفسه ينطبق على الخصائص الذاتية فعندما يكون أمامي مصباح أزرق وقلم أحمر فاِن الذي يهمنا هو الصورة أو الشكل الذي يجمعهما وليس اللون فاللون هو خاصية ذاتية للاشياء بالرغم من أختلافها في الالوان وبالاشكال بالرغم من هذا الاختلاف الاأن فتجنشتاين يرى أن هذه الاشكال ضرورية للاشياء بل أن الاشياء حاصلة عليها بنوع من الحتمية فأذن هناك نوع من الحتمية في تعيين خصائص الاشياء لكن هذه الحتمية ليست مطلقة لان الحرية تتخللها فقد يكون الشكل الذي يدخل فيه الشيءلوناً أو حجما أو طعما وبأختلاف الشكل الذي يدخل فيه الشيء تتغير المركبات التي تمثلها أما الاشياء أو الموضوعات فهي ثابتة وبقول : (الموضوعات هي مايكون ثابتا لايريم . أما تشكيلاتها أو مركباتها فهي مايتغير وما لايتغير ) فالموضوعات خالدة وهي تمثل نهاية التحليل(3).
اِن الخصائص الذاتية والخارجية كلها خفي مستورة أن موضوعات فتجنشتاين وخصائصها لاترى .
وحول التفريق بين الاسماء والقضايا يقول فتجنشتاين أن الاسماء لها معنى ومعناها ليس شيئا أخر الا الموضوع الذي تدل عليه وأنني لكي أعرف أسم معين فلابد لي من معرفة موضوعه ، ومن هنا نستدل على أن موضوعات فتجنشتاين موضوعات ميتافيزيقية (4)
ونجد فتجنشتاين يقول في موضع أخر والموضوعات هي مايمكن تسميته الرموز وتمثلها أنني أستطيع فقط أن أتحدث عنها ولكنني لاأستطيع أن أدخلها في كلمات وذلك لان القضايا تستطيع أن تقول كيف تكون الاشياء رلكنها لاتستطيع أن تقول ماهي الاشياء (1)
اِن خصائص الاشياء بنظر فتجنشتاين هي مجرد علاقات مستورة خفية ولكنها تشير اللى أنها ليست كذلك في نظرنا كما أنها ليست تأثرات ذاتية خلف الذات العارفة وهي أيضا ليست (عللا أو مؤثرات قائمة في المادة وتنطبع على أعضاء الحس أنطباع الصورة على الشمع على نحو يصبح فيه الادراك الحسي مجرد ظاهرة فيزيائية أو كيميائية اِنما هي (اِن كانت صفات أو خصائص أولية مثل الشكل والجسم والعدد والحركة تحديدات تجريبية للشيء أو الجوهر داخل المكان – الزماني ، أما أن كانت ثانوية مثل اللون والطعم فهي حركات موضعية على الجسم في الوسط المحيط ومن ثم في العضو الحاس ، فاللون مثلا يختلف باِختلاف الضوء المنتشر على سطح الجسم في الوسط المحيط (2)
وجواب تحديد معنى الموضوعات أو الاسماء التي ترمز اِليها يقول (الاسماء شبيهة بالنقط (جمع نقطة ) أما القضايا شبيهة بالسهم أنها تحمل مغزى ) والذي يقصده الفيلسوف أن الاجسام والموضوعات أو الاشياء شبيهة بالنقط الرياضية وعندمايقول علماء الرياضة عن النقطة الهندسية أنها وهمية باِعتبار أن النقطة لاوجود لها في الواقع ، اِن النقطة الرياضية الحقيقية وجودها مجرد لانها من خلق الوهم . النقطة في عرف الرياضين والهندسيين عبارة عن متصل زماني مكاني بعرف الوضعيين أي يجب أن يكون للنقطة وضعين باِعتبارها متصلا فأول ماتمثله النقطة في هذه اللحظة أو الان تشغله من حيز في الفراغ ياِعتباره شيئا له أبعاد ذاتية (3)
الفصل الثاني
تحليل اللغة
(1) تحليل اللغة في فلسفة فتجنشتاين :
اِن اللغة لديه هي تصوير للعالم الخارجي واللغة تنقسم الى عبارات وقضايا كما العالم ينقسم الى وقائع . هناك قضايا بسيطة هي القضايا الاولية أو الذرية كما لابد من وجود وقائع ذرية تقابل تلك القضايا الاولية بحيث يتوقف صدق أو كذب القضية على وجود أو عدم وجود مثل هذه الوقائع ، اِن وجود الوقائع والاشياء هي التي تكون جوهر العالم لان عدم وجود جوهر للعالم سوف يحيلنا الى جوهر أخر ، وهكذا كان التحليل هو الهدف الاساسي في فلسفته وأن معظم القضايا والاسئلة التي كتبت في أمور فلسفية ليست كاذبة بل هي خالية من المعنى ، اِن سوء فهم منطق اللغة هو الذي أدى الى ظهور معظم المشكلات الفلسفية وان هذه المشكلات لايتم حلها الااِذا أستخدمنا اللغة الاستخدام الصحيح وهو يقول (اِن الفلسفة كلها عبارة عن تحليل للغة ) (4).
يرجع فتجنشتاين نشوء القضايا الميتافيزيقية الى سوء فهم منطق اللغة وهو نتيجة عدة عوامل منها :
(1) اِن الخلط بين الصورة المنطقية الظاهرة للقضايا وبين صورتها الحقيقية .
(2) الظن بأن معنى اللفظة عبارة عن شيء يمكن أن نشير اِليه ونقول هذا هو المعنى .
(3) الخلط بين التصورات الصورية (المعاني الكلية ) وبين تصوراتنا عن الاعلام أن مشكلات الفلسفة تأتي نتيجة الخلط بين التصور الصوري واِسم العلم .
(4) الخلط بين مايمكن قوله ومالايمكن قوله بل اِظهاره فبالنسبة له هناك مايمكن قوله وهنك مالايمكن التعبير عنه بواسطة اللغة بل اِظهاره فقط فاِذا حاولنا أن نقول مالايمكن قوله فاِننا بذلك نتجاوز حدود اللغة ويكون كلامنا لامعنى له (1).
اِن حدود الواقع الذي أدركه هو حدود اللغة التي أعبر بها عن هذا الواقع طالما كانت القضايا رسما للوجود الخارجي .
(2) الشكل الثابت والمتغير في القضايا عند فتجنشتاين :
اِنّ القضية عند فتجنشتاين تنطوي على شكل ومضمون والشكل هو الثابت في حين أن كل ماعداه متغير أن القضية المنطقية (أ، ع ، ب) بالرغم من تغير الاجزاء أو الثوايت الداخلة فيها فاِنها تحافظ على الشكل المنطقي فنقول (د، ه ، و) فالشكل يبقى . الا أن المتغيرات هي التي أختلفت ويقترح فتجنشتاين للتخلص من الاشكالات التي تثيرها لغة الحياة اليومية اِنشاء لغة خاصة تخضع لقواعد النحو المنطقي أو (التركيب المنطقي ) وقد حاول كل من رسل وفريجة اِبتداع رمزيات منطقية من هذا القبيل ، اِن الميزة الكبرى لاية لغة منطقية هي أنها توجه اِنتباهنا نحو الخواص الشكلية أو (الخصائص الصورية ) للموضوعات أو الوقائع أن القضايا لاتعبر عن شكل الوقائع بالمعنى المتعارف عليه بقدر مايكون الكاشف لسرها . ومعنى هذا اِن وجود أي بناء في أية حالة ممكنة من حالات الواقع ليس مما يمكن التعبير عنه في أية قضية تمثل حالة الواقع والهوية القائمة في الشكل بين القضية والواقعة تفسر لنا تمثل القضية للواقعة . اِن الميزة الكبرى التي تتسم بها الرمزية المنطقية الدقيقة هي أنها تجنبنا مشقة النطق بكلام يخلو من كل معنى (ولاشك ) أن الاستعمال الصحيح للرموز عملية سهلة تتحقق بشكل مباشر (2).
أن الموضوعات بنظر فتجنشتاين مفهوم زائف ( شبه تصور ) وذلك لاستحالة العثور على خاصية تكون مشتركة بين جميع الموضوعات ، اِن الموضوعات غير قابلة للتحليل ، وبما أننا نسمي واقعة ذرية ، اِنما نفترض صدق قضية ذرية معينة الا وهي تلك القضية التي تقرر وجود ترابط بين مقومات أو عناصرذلك المركب(3).
أن اللغة في رأي فتجنشتاين لاتستطيع التعبير عن أي شيء يتناقض مع المنطق والواقع أنه ليس فيوسعنا أن نتحدث عن شيء لانعقله أو لانفهمه وليس في وسعنا اِن نقول اِن في العالم (هذا ) ولكن ليس فيه (ذاك) فاِن مثل هذا القول يفترض اِن في وسع المنطق أن يستبعد بعض الامكانيات من العالم في حين اِن مثل هذه العملية تستلزم أن يكون في اِمكان امنطق ( المضي الى خارج حدود العالم )حتى يتسنى له أن ينظر الى تلك الحدود من داخل العالم ومن خارجه(4).
ويقرر فتجنشتاين أن معنى العالم خارج عن العالم ولوكانت هناك قيمة لكان عليها (أن تقوم خارج نطاق جميع الاحداث والوقائع لان الاحداث والوقائع جميعها عرضية ) (5)
لقد كان للفيلسوف تصورا جديدا للغة بعد ظهور كتابه بحوث فلسفية فاِنه نظر اِليها يوصفها نشاطاً ينحصر في ِأستخدام الكلمات كأدوات وأصبحت النظرية الجديدة في المعنى تقرر أن معنى أية كلمة لايتمثل في أي موضوع قد يفترض في الكلمة أنها تقوم مقامه ، واللغة وفق التصور الجديد البرجماتي (وتبعا للغة الحياة اليومية تجعل منها أكثر من مجرد وسيلة لتصوير الوقائع )
اِن اللغة مكونة من كلمات تقوم مقام الموضوعات . واِن للغة اِستعمالات كثيرة تخرج عن نطاق وصف الاشياء ، اِن اللغة أشبه ماتكون باللعبة من حيث أنه لابد من اِلتزام بعض القواعد في كل منها ، واِنه لاسبيل الى بلوغ الوضوح المطلوب حول معنى أية كلمة اللهم الا بالرجوع الى طرق اِستعمالها . لقد أفاض فتجنشتاين في الحديث عن اللغة بوصفها (لعبة ) أحيانا وبوصفها (أداة ) أحيانا أخرى فما ذلك الا لانه قد وجد في المنطق بأنه لغة نشاطا معينا أو صورة من صور الحياة ويدعو فتجنشتاين الى التخلي عن الرأي القائل بأن اللغة هي (مجرد حساب منطقي ) كما يدعو الى رفض النظرية القائلة بأن ماهية الدلالة منحصرة في عملية التمثيل أو التصوير(1)
وحول نظرية فتجنشتاين في المعنى يقول د. زكريا اِبراهيم : اِن الالعاب اللغوية لايكون للالفاظ معنى الا في نطاقها اِنما هي أشكال من الحياة أو أساليب من النشاط (تحكمها أنظمة من القواعد وكل صورة من حيث صور الحياة لابد من أن تنطوي على مواقف وحدانية ، وأهتمامات عقلية وسلوك عملي ، فهو شي ء أشمل وأوسع من تلك العملية الحسابية التي تتداول فيها بعض الرموز المحددة ، أو نتعامل فيها ببعض عملات نقدية من نوع خاص هي مااِصطلحنا على تسميته باِسم (الالفاظ ) ) .
اِن كلمة( لعبة ) تستعمل على أنماط عديدة مختلفة بحيث قد لانجد (موضوعا ) محددا تشير اِليه هذه الكلمة أوقد لانعثر على ماهية جوهرية تجمع بين شتى الموضوعات التي نطلق عليها هذا اللفظ وعند اِستعراض شتى الالعاب نجد أن ثمة سمات خاصة محددة تجمع بين تلك الالعاب واِن كانت هناك شبكة معقدة من المشابهات المتداخلة بين تلك الالعاب ومن هنا فاِن فتجنشتاين يقول بوجود (مشابهات عائلية ) بين كل تلك الالعاب على أعتبار أنها جميعا تنتسب الى عائلة لفظية واحدة ، واِن اِلاستعمالات المتنوعة للتعبير الواحد تكون أسرة لغوية وعائلة لفظية وأن السبيل الوحيد لمواجهة المشكلاتالفلسفية المتعلقة بماهية اللغة اِنما تكون بفحص اللغة على نحو ماهي مستعملة بالفعل في العديد من الحالات .
وهو حين يقول اِن معنى أية كلمة هو اِستعمال هذه الكلمة في اللغة اِنما يعني اِن المهم هنا هو (المقصد ) أو الهدف الذي يرمي أليه من وراء اِستعمالنا لتلك اللفظة ويمكننا اِن نقول أن فهمنا لاية كلمة هو أشبه مايكون بفهمنا لاي فعل فأن الفعل يظل عديم المعنى ، الى أن نتحقق من نوع النشاط الذي ينهض به هذا الفعل وبالتالي الى أن نتمكن من اِدراك الغاية التي يهدف أليها أو المقصد الذي يرمي الى بلوغه (2)
ولو أنعمنا النظر في نظرية فتجنشتاين في المعنى لادركنا أن الفلسفة عنده باِعتبارها توضيحا للمعاني تختلف اِختلافا تاما عن عملية بناء نظام خلقي أو (تدرجي ) من الاشكال المنطقية أو الصور المقالية فعلى حين أن الرسالة وفلسفتها في التحليل المنطقي كانت تهدف الى وضع قواعد دقيقة لعملية أو عمليات (الترجمة ) المنطقية غير أن المباحث الفلسفية قد أصبحت تنظر الى الفلسفة على أنها مجرد جهد سلبي يراد من ورائه الكشف عن المتناقضات التي يقع فيها الفلاسفة الميتافيزيقين فليس دور الفلسفة هو البحث في المعنى أو الاهتمام بدراسة (اللغة العادية ) فحسب اِنما تعتمد وظيفتها أيضا الى القضاء على نوع خاص من الحيرة أو الارتباك اللفظي الذي طالما تعرض له الفلاسفة التقليديون في معالجتهم للعديد من المشكلات الميتافيزيقية ولاشك أن معظم النظريات الميتافيزيقية هي في العادة وليدة سوء فهم لبعض فروض التماثل اللفظي اِن لم تكن عثرة لانخداع الفلاسفة بالتركيب الظاهري لبعض العبارات أو الكلمات ومن هنا فاِن مهمة الفلاسفة تنحصر في الكشف عن المعاني الدقيقة للعبارات أو الكلمات من خلال اِستعمالاتها الحقيقية في صميم اللغة العادية(1)
وتعتمد نظرية التماثل بين اللغة والعالم الخارجي على تحليل مكونات كل منهما لمعرفة اللبنات البسيطة التي تتألف منها اللغة والعالم الخارجي فهي تتناول طبيعة القضايا وعلاقتها بالواقع على أساس وجود صلة تماثل بين القضية والواقعة وعلاقة مطابقة بين أجزاء القضية وأجزاء الواقعة بحيث يمكن النظر الى هذه العلاقة على أساس التماثل في التركيب (2)
وهو يقرر أن اللغة هي المجموع الكلي للقضايا وهو يناقش القضية المفيدة وعلاقتها بالفكرة وبين القضايا الميتافيزيقية هي خالية من المعنى وأن معظم القضايا التي عملها الفلاسفة تقوم على عدم فهم لمنطق اللغة ويركز بحثه على القضايا وعلاقتها بالعالم الخارجي وخصائصها من حيث الصدق والكذب فيرى أن القضية تبين وجود الوقائع الذرية وعدم وجودها وأن المجموع الكلي للقضايا الصادقة هي مجموع العلم الطبيعي. (3)
وفي المرحلة التالية من حياة فتجنشتاين يبدأ بمناقشة اللغة من زاوية جديدة غير زاوية المنطق والرياضة فليس اللغة مجرد قضايا لها علاقة واحد بواحد بل اِنها أداة لتحقيق أغراض بشرية وهكذا بدأ يشق لبناء فلسفة تحليلية جديدة تقوم على دراسة لوظيفة اللغة وعملها اليومي . اِن تحليل اللغة يستلزم شخصا يتحدث بها وشخص أخر يستمع أليه ، وهي وضعية بسيطة باللغة ويسمي فتجنشتاين هذه الوضعيات اللغوية اللغوية (لعب لغوية ) وهو الاصطلاح الذي يؤلف محور فلسفته في تحليل المعاني والافكار والسلوك (4)
وفي موضع أخر يقول الدكتور ياسين خليل (في اللغة نحن نعمل لانفسنا صورا للوقائع واِن العناصر التي تكون الصورة تمثل الاشياء لان الصورة تؤلف أو تتألف من عناصر مرتبطة بطريقة معينة واِن هذه الطريقة في الترابط للصورة هي تركيبها ، وبذلك تكون الرابطة بين تركيب الواقعة وتركيب الصورة وثيقة ومتماثلة وعلى هذا الاساس يجب أن يكون بين الصورة وما تصوره شي ءمتماثل لكي تكون صورة لشيء أخر أو الصورة تتميز بصورة أساسية عن تركيب الواقعة وهي أن الصورة قد تتفق مع الواقعة وقد لاتتفق وأن هذا الاتفاق هو الذي يجعل الصورة صادقة بينما تكون كاذبة في حالة عدم اِتفاق الصورة مع الواقعة والقضية في رأي فتجنشتاين هي صورة الحقيقة(5)
وهنالك تماثل بين القضية والواقعة فالقضية هي صورة الواقعة وأن أولياتها هي الاسماء والاسم في القضية تماثل الشيء في الواقعة على اِعتبار أن دلالة الاسم هو الشيء وأن الشيء هو معنى الاسم ويرى فتجنشتاين أن القضية ماهي الارمز يتألف من أوليات وأن للقضية معنى ودلالة وهنالك اِختلاف بين الاثنين وأن الخلط بينهما يؤدي الى الوقوع في الاخطاء فللقضية معنى تعبر عنه وهي الفكرة ونحن نستطيع أن نفهم القضية بغض النظر عن معرفتنا دلالتها وفيماواِذا كانت صادقة أو كاذبة (6)
وهناك تحديد للعلاقة بين عالم اللغة وعالم الواقع بحيث يمكن الوصول الى النتائج التالية (7)

(أ) تؤلف الاسماء الوحدات الاصغر في عالم اللغة (أ) تؤلف الاشياء الوحدات
الاصغر في عالم الواقع
(ب) تتألف القضية من أسماء (ب ) تتألف الواقعة من أشياء
(ج) القضية هي الوحدة الفكرية الاساسية (ج) الواقعة هي الوحدة الواقعية
بأعتبارها التركيب اللغوي الذي يحتمل التي يتألف منها العالم ولها
الصدق والكذب . تركيب معين ولكنها ليست صادقة وليست كاذبة .
(د) القضية البسيطة قابلة للتجزئة الى (د) الواقعة البسيطة غير قابلة
قضايا أبسط منها للتجزئة الى وقائع أبسط منها .
أن صدق القضية البسيطة أو (الذرية ) أو كذبها يعتمد على الواقعة التي تصورها فتكون القضية صادقة في حالة مطابقتها للواقعة وتكون كاذبة في حالة عدم مطابقتها ، والقضية البسيطة في نظر فتجنشتاين لها مايماثلها في العالم الخارجي وهي الواقعة البسيطة واِذا كانت القضية البسيطة صادقة فاِن الواقعة البسيطة موجودة واِذا كانت القضية البسيطة كاذبة فاِن الواقعة غير موجودة (1)
وحول نظرية المعنى يؤكد د. ياسين خليل مايلي : اِن نظرية المعنى عند فتجنشتاين في الرسالة تختلف عن نظريته في المرحلة المتأخرة فقد أقلع عن كون نظريته في التطابق بين اللغة والواقع بل أخذ بطريقة تجزئة اللغة وملاحظة كيفية عملها في الحياة اليومية فيرى فتجنشتاين أن اللغة مجرد أداة لتحقيق الاغراض والحاجات الانسانية وهي أداة تعمل في الحياة بطرق مختلفة وأن عمل الفلسفة مع اللغة بتجلى في عدم اِستخدام اللغة لتحقيق غرض ما . بل لتكون أداة موضوع للدراسة والتحليل وأن تحليل اللغة يضعنا أمام مشكلة هي أن علينا أن نقوم بتجزئة اللغة لدراستها ونعني بتجزئة اللغة أي أن نقسمها الى أجزاء باِعتبار أن كل جزء منها يقوم بعمل مساو وهذه الاجزاء هي (اللعب اللغوية ) فالاستعمالات في اللغة ثابتة حسب ما متفق عليه ولايجوزاِستخدام هذه العبارات خلاف ما متفق عليه ، اِن اللغة عند فتجنشتاين ماهي الامجموعة من اللعب اللغوية المترابطة وأن الغاية منها هي في تحديد معنى العبارات المستخدمة فاِذا كان للرمز الواحد في اللغة المنطقية فكرة واحدة فقط فأن الكلمة أو الاسم الواحد فيتحليله الحالي للغة معاني كثيرة هي مجموع الاستعمالات للكلمة أو الاسم في عبارات لغوية مختلفة(2).
لقد أدخل فتجنشتاين في معرض تقديمه لارائه تشبيهه (الالعاب اللغوية ) الذي يعني به الاستخدام الفعلي لجزء معين من اللغة هي أشبه بلعبة (كالشطرنج مثلا ) ولهذه اللعبة قواعد معينة ينبغي على كل من مارسوها أن يراعوها . كما أن هناك قيودا معينة على الحركات المسموح بها ويرفض فتجنشتاين عالمه المنطقي السابق كما عرضه في الدراسة رفضا تاما . فقد بدا له عندئذ أن من الممكن تحليل جميع القضايا الى مكونات نهائية بسيطة لاتقبل مزيد من التجزىء ومن ثم كان يطلق على هذه النظرية احيانا أسم (الذرية المنطقية ) وهي تشترك في كثير مع نظريات أسبق منها عن المكونات النهائية ، البسيطة التي قال بها العقلانيون وهذه الفكرة هي أساس جميع محاولات وضع لغة كاملة تعبر عن كل شي ء ناقص قدر ممكن من الدقة أما في المرحلة المتأخرة فقد أنكر فتجنشتاين اِمكان اِيجاد مثل هذه اللغة فمن المستحيل أن نقضي على الخلط قضاءا مبرما (3)
وهكذا فاننا نتعلم كيف نلعب عددا من الالعاب اللغوية المتنوعة نكتب معنى الكلمات عن طريق اِستخدامها ومن خلاله وفي بعض الاحيان نعبر عن ذلك بطريقة أخرى فنقول اِننا نتعلم (النحو ) أو (المنطق ) الخاص يكلمة معينة وهي تعبير فني أصبح شائعا على نطاق واسع في التحليل اللغوي وهكذا فاِن اِثارة المشكلات الميتافيزيقية ينجم عندئذ عن نقص في اِدراك (النحو ) الخاص بالكلمات ذلك لاننا بمجرد أن نفهم القواعد فهما صحيحا ، لاتظل لدينا رغبة في طرح مثل هذه الاسئلة بعد أن يكون العلاج اللغوي قد شفانا من هذه الرغبة (1)
واللغة كما ذهب في الرسالة وهي ناقلة الفكر اِنما تهدف الى نقدير الوقائع وهو ما تحققه عن طريق تصوير هذه الوقائع فقد أراد فتجنشتاين بصفة خاصة من قوله اِن اللغة تصور الوقائع أن يقول اِن اللغة لابد أن تكون شبيهة من حيث البنية فما جاءت لتصوره فالجملة المثبتة تكون صورة لاحدى حالات الواقع الممكنة بنفس الطريقة التي يمكن للخريطة التخطيطية أن تصور بها معركة أو اِن تصور بها الاثاث في الغرفة ، اِن اللغة الكاملة ممكنة التصور كما أنها ممكنة التركيب من حيث المبدأ وفيمثل تلك اللغة على سبيل المثال تكون علاقة الاشياء المكانية مصورة تصويرا واضحا تاما عن طريق العلاقة المكانية بين أسمائها فالاستعمال الوحيد للغة الذي يكون كامل الدلالة . هو أن تصور الوقائع ، وهناك بعد ذلك اِستعمال اِشتقاقي للغة ولكنه أستعماله المشروع وهو الاستعمال الذي نصوغ به تحصيلات الحاصل أما فيما عدا صورة الواقعة الكاملة المعنى ، وتحصيل حاصل المشروع مع خلوه من المعنى فلا يوجد اِستعمال مشروع للغة ، وكل محاولة تبذل لاستخدام اللغة على صورة أخرى لن تكون الاهباء وبصفة خاصة لن تكون جميع الاحوال الاخلاقية والميتافيزيقية الا أشباه قضايا (2)
وعند كتابته كتاب (مباحث فلسفية ) نجده يتخذ طريقا أخر يخالف الطريق الذي أوضحه في الرسالة واما أساس النظرة الجديدة الى اللغة من زاوية جديدة فقد نبذ الرأي القديم الموجودة في الرسالة والقائل بأن هناك من حيث المبدأ لغة علمية كاملة واحدة مهمتها الوحيدة هي وصف االعالم ، أما الان فقد نظرنا الى اللغة على أنها مجموعة غير محددة من المناشط الاجتماعية يخدم كل مناشط منها غرضا مختلفا عن سواه هذا وكل طريقة من هذه الطرق المتميزة في اِستخدام اللغة أسماها فتجنشتاين بلعبة اللغة (3).
اِن القضية عند فتجنشتاين مقطوعة الصلة بمفهوم القضية عند غيره مقتضى فيها بشيء أنها تحمل حكما ولاقضاء وأطرافها . بل ألفاظها (ولانسبة بينها فالقضية عنده لها وجود منطقي ، والقضية عنده تقدم لنا صورة أو لوحة منطقية واِن القضية لاتحمل معنى بل مغزى فقط ومغزاها ليس شيئا ثابتا وليس شيئا ماثلا أمامنا بل قائم فقط في مغزاها الممكن في الاتجاه الذي تشير اِليه لانها (أي القضية ) مجرد سهم لارأس له يقف عنده اِنها أذن ليس سهم بل مجرد مؤشر (4)
اِن تفهم قضية يعني أن نعرف ماذا سيكون عليه الحالة لو كانت صادقة ومعنى هذا أننا نستطيع أن نفهم القضية دون أن نعرف أذا كانت صادقة أو كاذبة ولا أول على هذا أننا نفهم مغزى القضليا الكاذبة فلو كان معنى القضية يتحدد عن طريق مطابقتها للواقع ، لاصبحت جميع القضايا الكاذبة غير مفهومة ولامعنى لها لكننا نفهم مغزى القضية الكاذبة أو على الاقل نفهم ماتشير أليه من معنى(5)
على الرغم من أن القضية تقدم لنا لوحة الاأن ثمة اِختلاف كبير بين اللوحة هنا واللوحة التي يقدمها الفنان فكل عنصر من عناصر الصورة له معنى ودلالة بل يعني شياً ما ويدل على شيء ما ، أما اللوحة التي يقدمها فتجنشتين فلا تقابل شيئا ولاتدل على شي ، لان دخول المعايير والدلالة والمعنى لفقدت وجودها المنطقي وسقطت في عالم الواقع الذي يعتبره المناطقة الذريون العدو اللدود ويقول اِن الاسماء لها معنى ولكن لامغزى لها أما القضايا فتحمل مغزى ولكن لايعني شيئا أن المعنى تشير اِليه الاسم بهذا المعنى هو الموضوع أو الشيء كما يفهمه هو أما مغزى القضية فهو ليس شياً غير واقعها اللفظي اِن القضية كما يفهمها فتجنشتاين لاتعبر عن واقع خارجي ولاتعبر عن موقف أنها تصف موقفا فقط والقضية لاتسمى موقفا اِنها لاتشير الى موقف بل تصف الموقف فقط (والموقف هنا ليس هو الموقف الكائن بالفعل بل هو الموقف الممكن ) والقضية لاتحتوي بالفعل على مغزاها . اِنها تتضمن فقط اِمكانية التعبير عن هذا المغزى(1)
اِن اللوحة اللفظية التي تقدمها القضية تصور فقط التقاء الوقائع(السالبة والموجبة ) واِن مجموع المحصلات الموجبة والسالبة تمثل الواقع وتفترض القضية السالبة وجود القضية الموجبة . بمعنى أن كل قضية لها قطبان الموجب والسالب أي صدقها أو كذبها لاننا هنا في عالم الممكن اللفظي لانتعداه ، اِن واقع القضية عند فتجنشتاين واقع حركي مليء بالحركات مثل حركة الفهم أو المؤشرات وحصيلة هذه الحركة (حركة الالفاظ ) هي ماتقدمه القضية عن الواقع (2)
واِن القضايا الذرية على نوعين (1) القضايا البسيطة أو الذرية . (2) القضايا المركبة والقضية المركبة أو الجزئية هي التي تتكون من قضيتين أو أكثر من القضايا البسيطة ولكن معظم القضايا لديهم مركبة لان القضية البسيطة تمثل واقعة ذرية وبما أن الوقائع الذرية لاتمثل شيئا باِعتبارها تمثل موضوع أو صفة كيفية أو موضوع أو علاقة فاِن وصف الواقعة الذرية عن طريق الالفاظ لايولد وصفا أخر . ويقول في موضع أخر (القضية أية قضية – دالة لصدق القضايا البسيطة . القضية التي من الممكن أن تنحل الى قضايا بسيطة ترتبط عناصرها بألفاظ بنائية مثل (الواو ) واو العطف ، واِن هذه الالفظ البنائية هي مايطلق عليه فتجنشتاين أسم (الثوابت ) واِن هذه الثوابت لاتمثل شيئا مما يجري في الواقع بقوله (فكرتي الرئيسية هي أن الثوابت المنطقية ليست تصويرية ) اِن القضية السالبة لامعنى لها عند فتجنشتاين وذلك لانه لو كان لها مغزى لكان من الممكن أن تنحل الى قضايا أبسط منها ولكننا لانستطيع ذلك بأزائها لانها مجرد حالة تحد من هدف القضية (3)
ويقسم فتجنشتاين القضايا الى ثلاثة أنواع (1) قضية صادقة دائما. (2) قضية كاذبة دائما . (3) قضايا تحتمل الصدق والكذب . والقضايا اللاولى قضية ضرورية مثل قضايا المنطق والرياضيات وهي قضايا تحصيل حاصل ، وهي قضايا تكرارية ،أكرر فيها معنى لاحصل على ماكانت حصيلة من قبل واِن علماء الرياضة يبدأون علومهم من مصادرات وتعريفات يضعونها في حرية تامة غير مشروطة وكل مايصلون اِليه من نتائج يكون متضمنا من هذه المصادرات والتعريفات التي بدوأ منها واِن قضايا المنطق والرياضيات قضايا رمزية تستخدم الرموز في صيغتها والرموز متغيرات في مقابل الثوابت والمتغيرات لاتشير الى شيء محدد في الواقع .والقضايا الكاذبة دائما هي القضايا المتناقضة ذلك مثل قولي (السماء ممطرة ) وغير ممطرة وأن هذه القضية تقدير لواقع كاذب متناقض . أما القضايا الكاذبة فهي تلك التي تصف وقائع تجريبية وتكون هذه القضايا صادقة اِذا كانت الحقيقة التي تقدرها تطابق الواقع وكاذبة اِذا كانت الحقيقة التي تقدرها لاتطابق الواقع (4)
( الخاتمة )
لقد كانت فلسفة فتجنشتاين واحدة من الفلسفات التحليلية التي اِنطلقت من تحليل اللغة باِعتبارها الركيزة الاساسية في نشوء القضايا الميتافيزيقية وبالتالي الى نشوء مشاكل الفلسفة من هنا كان تركيز الوضعية المنطقية عامة وفتجنشتاين بخاصة على أنشاء لغة موحدة منطقية تكون هي البديل الذي نستطيع من خلاله التعامل وبنجاح مع مشاكل الفلسفة وبصورة خاصة من أجل تلافي ذلك اللغط وسوء الفهم والاستخدام للغة وكانت الصورة التي قدمها في كتابه (الرسالة المنطقية الفلسفية ) تراكتاتوس هي الصورة التي كانت الاساس الذي بنى عليه لغته الخاصة .
أما فيما يتعلق بتحليل اللغة لديه فاللغة هي تصوير للعالم الخارجي واللغة تنقسم الى عبارات وقضايا كما العالم ينقسم الىوقائع ، هناك قضايا بسيطة وهي القضايا الاولية أو الذرية كما لابد من وجود وقائع ذرية تقابل تلك القضايا الاولية بحيث يتوقف صدق أو كذب القضية على وجود أو عدم وجود مثل هذه الوقائع .
اِن مثالية فتجنشتاين قائمة على أساس من نظرته الميتافيزيقية التي تتناول في ضوئها كل من العالم واللغة بالتحليل وهي نظرته الذرية المنطقية اِذ قد ترتب على هذه النظرة قوله بالنظرية التصورية للغة على أساس أن القضية الاولية تكون رسما يصور واقعة ذرية وترتب على ذلك أن يكون تحقق القضية بمقارنتها بالواقع الخارجي وهو المعيار الذي بناءا عليه يتبن صدق أو كذب القضية . اِن حدود اللغة التي أعبر بها عن هذا الواقع وتكون حدود لغتي هي حدود هذا الواقع الخارجي الذي تصوره اللغة يعد وقوعه في خبرتي . وفي هذا المعنى يقول فتجنشتاين (اِن معنى العالم هو عالمي يتبدى في الحقيقة القائلة بأن حدود اللغة (اللغة التي أفهمها) تعني حدود عالمي ).
(نتائج البحث )
يمكننا أن نلخص أهم السمات التي توضح أهمية فتجنشتاين في الفكر الفلسفي المعاصر على النحو التالي :
(1)أن فلسفة فتجنشتاين كانت نقطة تحول حاسمة في الفلسفة المعاصرة ، والواقع أن التحول الجديد في الفلسفة الذي تم على يد فتجنشتاين لايرجع الى النتائج الفلسفية التي اِنتهى اِليها بقدر مايرجع الى المنهج الذي اِتبعه في بحثه الفلسفي ولاشك في أنه (قدم لنا طريقة جديدة – ذات أثر بالغ – للنظر الى المشكلات الفلسفية القديمة .2) أن فلسفة فتكنشتاين أشبه ماتكون بالثورة على الفلسفة التقليدية . والثورة التي أحدثها افتجنشتاين في الفلسفة لم تكن مقصورة على اِصطناعه طريقة جديدة في الفكر بل كانت واضحة أيضا فيما يترتب على أصطناع هذا المنهج من تغيير موقفنا من الفلسفة نفسها .
(3) كان فتجنشتاين هو الذي وجه أنظار الفلاسفة المعاصرين الى دراسة اللغة على الرغم من اِقامة فلسفة للغة لم تكن هدفا له ولاجزءاً من هذا الهدف ، فقد بدأ الفلاسفة المعاصرون في السنوات الاخيرة يهتمون بفضل فتجنشتاين بالبحث في طبيعة العبارات التي نقولها عن العقل أو عن الاشياء المادية أو عن الخير، لابالبحث في هذه الاشياء نفسها .
(4) كان فتجنشتاين أول من وجه أنظار الفلاسفة لاالى مجرد البحث في اللغة العادية فهذا مافعله( مور ) واِنما الى أن لغة الاستخدام اليومي هي الاساس الذي نحكم به على صحة أو بطلان العبارات التي نقولها فكل كلمة يتحدد معناها بناءا على الطرق التي تستخدم بها بالفعل في التشكيلات اللغوية أو (العاي اللغة ) المختلفة الخاصة باللغة اليومية وبذلك تصبح مهمة الفيلسوف في نظر فتجنشتاين هي أن يعيد الكلمات من أستعمالها الميتا فيزيقي الى اِستخدامها اليومي .
(5) أن فتجنشتاين كان أول من تكلم في المنطق المعاصر على أنه مجرد علامات اِتفاقية لاتكشف عن طبيعة الاشياء .
(6) أن فتجنشتاين كان أول من قال بأن قواعد المنطق ، اِن هي اِذا ماحللناها . الا قواعد اللغة فأوجد بذلك نوعا من التوازن بين قواعد المنطق من ناحية ، وبين قواعد اللغة من ناحية أخرى على أساس أن صورة المنطق وصورة اللغة متشابهتان لذا فالفكر واللغة تعني شيئاً واحداً .
(7) أن أغلب الافكار التي ذهب اِليها فتجنشتاين سواء في فلسفته الاولى أو فلسفته المتأخرة مثل أفكاره عن الذرية المنطقية والمنطق وعن النظرية التصورية للغة وعن تحقيق القضايا وعن الخلو من المعنى والميتافيزيقا وعن نظرية الاستخدام الفعلي للغة ، فضلا عن تصوره الجديد لوظيفة الفلسفة والمهمة الفيلسوف وللمنهج الذي يصطنعه أثناء أشتغاله بالفلسفة كل ذلك كان له تأثير بالغ في كثير ممن عاصره أو جاء بعده من الفلاسفة .
مراجع ومصادر البحث :
(1) د. عزمي أسلام ،(لدفيج فتجنشتاين ) سلسلة نوابغ الفكر الغربي ،دار المعارف ، مصر ، بدون تاريخ .
(2) د. زكريا اِبراهيم ،(دراسات في الفلسفة المعاصرة ) ،القاهرة ، ج1 ، 1968 ،ط1 .
(3) د. ياسين خليل ،(مقدمة في الفلسفة المعاصرة ) ،ليبيا ، طرابلس ، ط1 ، 1976 .
(4) برتراند رسل ، (حكمة الغرب ) ج2 ،دار العلم للملايين ،بيروت ،لبنان ، 1980 .
(5) كامل محمد عويضة،( لدفيج فتجنشتاين فيلسوف الفلسفة الحديثة )،الناشر: دالا الكتب العلمية، بيروت،لبنان، ط1، 1993.
(6) فؤاد كامل ، جلال العشري ، (الموسوعة الفلسفية المختصرة ) ،دار العلم ، بيروت ،لبنان ، بدون تأريخ .
(7) د. يحيى هويدي ، (الوضعية المنطقية في الميزان ) ،مكتبة القاهرة ، مصر ، ط1 ، 1979 .



(1) د عزمي أسلام (فتجنشتاين ) سلسلة نوابغ الفكر الغربي ، دار المعارف / مصر ، بدون تأريخ ص 59

(2) المصدر السابق ص 60

(1) د عزمي اسلام (فتجنشتاين ) ص61

(2) المصدر السابق .

(3) د زكريا ابراهيم (دراسات في الفلسفة المعاصرة ) القاهرة ، ج1 ، 1968 ، ص254

(1) د. ياسين خليل (مقدمة في الفلسفة المعاصرة ) ، ليبيا ، طرابلس ، ط1 ، ص 1212

(2) برتراند رسل (حكمة الغرب ) ج 2 ، دار العلم للملايين ، بيروت ، 1980 ، ص311

(3) عزمي أسلام (لدفيج فتجنشتاين ) ص 77

(4) المصدر السابق ص 78

(5)المصدر السابق ص 79

(1) لدفيج فتجنشتاين (عزمي أسلام ) ص 80

(2)د. زكريا أبراهيم (دراسات في الفلسفة المعاصرة ) ص 259

(1) كامل محمد محمد عويضة (لدفيج فتجنشتاين فيلسوفالفلسفة الحديثة ) ، دار الكتب العلمية ، بيروت ،لبنان ،ط1 ، 1993 ، ص 122

(2) المصدر السابق ص 120

(3) د. عزمي أسلام (لدفيج فتجنشتاين ) سلسلة نوابغ الفكر الغربي ص 82

(4) المصدر السابق ص 83

(1) المصدر السابق ص 84

(2)المصدر السابق ص 87

(3) د. زكريا أبراهيم (دراسات في الفلسفة المعاصرة ) ص 259

(1) د. ياسين خليل ( مقدمة في الفلسفة المعاصرة ) ص 125

(2) جلال كامل وأخرون (الموسوعة الفلسفية المختصرة ) ص 291

(3) يحيى هويدي (الوضعية المنطقية في الميزان ) ،مكتبة القاهرة ، ط1 ، 1979 ، ص 42

(1) دظ. زكريا أبراهيم (دراسات في الفلسفة المعاصرة ) ص 260

(2) د. عزمي أسلام (لدفيج فتجنشتاين ) ص 89

(3) المصدر السابق ص 93

(1) المصدر السابق ص 97 -99

(1) دعزمي اِسلام ص 180

(2) المصدر السابق ص 111

(3) د. ياسين خليل (مقدمة في الفلسفة المعاصرة ) ص 127

(1) د. يحيى هويدي (الوضعية المنطقية في الميزان )ص 75

(2) المصدر السابق ص83

(3) د. عزمي اِسلام ( لدفيج فتجنشتاين ) ص 113

(1) د عزمي اِسلام (لدفيج فتجننشتاين ) ص122

(2) المصدر السابق ص 125



(1) المصدر السابق ص113

(2) د. يحيى هويدي (الوضعية المنطقية في الميزان ) ص 93

(3) المصدر السابق ص 94

(4)المصدر السابق ص 260

(5) د زكريا اِبراهيم (دراسات في الفلسفة المعاصرة ) ص 261

(6) د. يحيى هويدي (الوضعية المنطقية في الميزان ) ص 95

(1) المصدر السابق ص96

(2) د يحيى هويدي (الوضعية المنطقية في الميزان )ص 105

(3) المصدر السابق ص107

(4) المصدر السابق ص108

(1) المصدر السابق ص109

2) المصدر السابق ص109

(3) المصدر السابق ص110

(4) د. عزمي أسلام (لدفيج فتجنشتاين ) ص 138

(1) المصدر السابق ص 143

(2) د. زكريا أبراهيم (دراسات في الفلسفة المعاصرة ) ص 264

(3) المصدر السابق ص 265

(4) المصدر السابق ص265

(5) المصدر السابق ص269

(1) المصدر السابق ص272

(2 ) المصدر السابق ص277

(1) المصدر السابق ص274

(2) دياسين خليل (مقدمة في الفلسفة المعاصرة ) ص120

(3) المصدر السابق ص115

(4) المصدر السابق ص117

(5) المصدر السابق ص128

(6) المصدر السابق ص128

(7) دياسين خليل (مقدمة في الفلسفة المعاصرة ) ص129

(1) المصدر السابق ص 129

(2) المصدر السابق ص 133

(3) برتراند رسل ( حكمة الغرب ) ج2 ص 312

(1) المصدر السابق ص313

(2) جلال كامل واخرون (الموسوعة الفلسفية المختصرة ) ص292

(3) المصدر السابق ص 293

(4) ديحيى هويدي ( الوضعية المنطقية في الميزان ) ص 120

(5) المصدر السابق ص121

(1) المصدر السابق ص 122

(2) المصدر السابق ص 122

(3)المصدر السابق ص 124 س

(4) المصدر السابق ص

127






مجلة جامعة بابل / العلوم الإنسانية/ المجلد 19 / العدد (2) : 2011

المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
التحليل, فلسفة, فتجنشتاين


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع التحليل في فلسفة فتجنشتاين
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فلسفة الإنسان عند عبد الوهاب المسيري عبدالناصر محمود بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 0 01-22-2015 09:38 AM
فلسفة الطاقة وثنية قديمة في ثوب قشيب عبدالناصر محمود بحوث ودراسات منوعة 1 11-30-2014 08:31 AM
في فلسفة التربية العربية الإسلامية من منظور مستقبلي Eng.Jordan دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 0 05-04-2012 02:29 PM
مقتطفات (1) (فلسفة , علم نفس , علم اجتماع , سياسة). احمد ادريس بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 0 01-24-2012 01:43 AM
فلسفة النسور Eng.Jordan الملتقى العام 0 01-09-2012 06:54 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 06:45 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59