#1  
قديم 11-24-2014, 08:14 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة سلطة الثقافة الغالبة


مراجعات على كتاب سلطة الثقافة الغالبة للشيخ إبراهيم السكران*
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

2 / 2 / 1436 هــ
24 / 11 / 2014 م
ـــــــــــ

الثقافة 710523112014022648.jpg


من الكتب التي صدرت مؤخراً للشيخ السكران كتاب "سلطة الثقافة الغالبة " والذي يناقش قضية هامة من قضايا أمتنا , وهي قضية الهوية والثقافة وارتباطهما بهزائم الأمم عسكرياً ونفسياً .

وقد جاء هذا الكتاب في مقدمة ومدخل تنظيري وثلاثة فصول وخاتمة :

-في المقدمة: يورد المؤلف مجموعة من النقول من مختلف العصور لتشير إلى أثر الهزائم العسكرية والغلبة في انهزام الأمم معنوياً وتقمص ثقافات وفلسفات الأمم الغالبة ؛ ليخلص من ذلك إلى إيضاح موضوع الكتاب المحوري وهي حالة إنكسار الفكر العربي لسلطة الثقافة الغربية الغالبة , ومحاولات " تطويع الشريعة للثقافة الغربية الغالبة " ويجلي حالة الإنكسار أمام " التعارض بين الأحكام الشرعية والثقافية الغربية الغالبة " ..

- وفي المداخل النظرية :
-----------------

تحدث في ثلاثة موضوعات هي : التناظر بين الاستبداد السياسي والاستبداد الثقافي ، والخضوع المضمر للثقافة الغالبة ، ثم مصائر الخضوع للثقافة الغالبة .

- وفي الفصل الأول :
-------------

تحدث تحت عنوان " استقبال النص " حول قضايا :" عزل النص عن التجربة البشرية " و"تقنية تبعيض النص " و " قطعنة الشريعة " أي حصر الشريعة في قطعي الثبوت والدلالة .

-وفي الفصل الثاني :
-------------

تحدث عن " العلوم المعيارية " وهو بفند شبهة :أن علم اصول الفقه علم اجتهادي ، ولهذا فلا مانع من تطويره ....وغيرها .

- وفي الفصل الأخير :
-------------

تحدث تحت عنوان " نظام العلاقات " حول قضايا : الطائفية ، والموقف المخالف و " الولاء والبراء " ،،، وغيرها .

ولعلة يتضح المزيد حول مضمون الكتاب أثناء الحديث حول الملاحظات النقدية .

رؤى وملاحظات حول الكتاب :
........................

- كتاب موجة لفئة مستهدفة وخطاب مقنن :
-------------------------

لعل أبرز ما يلمحه القارئ أن الكتاب أشبه مايكون برسالة شخصية إلى فئة ماثلة في ذهن المؤلف تبرز ملامحها بين حين وآخر في طرح المؤلف .

فالمتأمل في أسلوب الطرح ستظهر له السمات التالية :
-----------------------------

تبسيط صياغة الأفكار وقرب تناولها دون تعمق / قرب الاستدلال والمأخذ من الأدلة والبراهين / تبسيط إيراد أفكار أصحاب الثقافة الغالبة / النقاش العقلاني المقنع بلا تعقيد / البعد عن المصطلحات العلمية والفلسفية بخلاف كتابه "التأويل الحداثي للتراث " الذي شحنه بالمصطلحات الكثيرة التي تحتاج للمعاجم الفلسفية المتخصصة .

وكأنه قصد بذلك توسيع دائرة المستفدين من هذا الطرح أبعد من فئة المتخصصين ، أو قل : كأنه وجهة لشريحة المبتدئين في الاطلاع على الطرح الفكري وخوض غمار الأفكار بوصفهم أكثر شريحة مستهدفة من أصحاب التيارات والافكار المختلفة ...

- من الكتاب والسنة وإليهما :
--------------------

يلحظ القارئ أن منطلقات النقاش متمحورة حول الكتاب والسنة وشروحهما ، وربط واستخراج الردود منهما ، وقد انتظم ذلك كامل الكتاب ، حيث لاينفك المؤلف من الاستدعاء المتكرر للنصوص الشرعية باستمرار، وقد تجده يكثف من الاستدلال مع استقاء سلس لموطن الاستدلال يبعث في النفس الانشراح ؛ على غرار تفنيدة لحاكمية الذوق الغربي العقلية على النصوص بعشرات الآيات والأحاديث ص 98- 102

ويتبع ذلك الانطلاق من قاعدة التسليم والتعظيم للنص والدليل الشرعي التي يفترض أن المتلقي معتصم بها ، فتراه يقابل ما يطرحه من شبه المنهزمين أمام الثقافة الغالبة بدلالات الآيات والأحاديث ومنهج السلف صراحة أو استنباطاً ثم يعظم النكير عليهم لتعديهم على النصوص الشرعية وعدم تعظيم الأمر والنهي .

- "ما أرانا نقول إلا معاراً " :
----------------

لايلبث المؤلف -حيناً بعد آخر - أن يذكّر أن طرح أصحاب سلطة الثقافة الغالبة لايعدو أن معاداً أو معاراً من مبتدعة العصور السالفة في تاريخنا ، ومن ذلك إثباته أن ينبوع الإحداث في دين الله كله ناشيء بسبب ضعف تعظيم السلف ص :53 - 55/5 ، و " تقنية تجزئة الوحي " ص :66 ، و"حالة الإيمان المشروط " ص: 68

فهو في كل ذلك يثبت أن الانحرافات من نبع واحد ، و المنطلقات ذاتها ، فمصدر الضلال وأسبابه واحدة .

وفي ذلك تعريص بالمحدثين أنهم لم يأتوا بجديد سوى إعادة إنتاج لضلالات الأقدمين ، ومقابل ذلك يبعث الكاتب سجلات الأقدمين من العلماء ليستخرج من دواوينهم تفكيك لهذه الشُبه ؛ من ذلك نقل كلام شيخ الإسلام على "استجهال السابقين الأولين واستبلاههم .. " ص : 55 ، ورده كذلك -أي شيخ الإسلام -على من قال " أن الفقه من باب الظنون " ص : 74 ، ويكثر أحياناً ويستطرد كتنقله بين الوثائق التاريخية لفقه السلف لتفنيد المعيار في الترجيح عند الاختلاف بالأهون وليس الدليل ص : 81 /83

وفي كل ذلك توهين لشبه القوم ، وإشعار بالاعتبار والاعتزاز لتراثنا ومتانته ، وكذلك ملمح لاتخطئه العين في تمكن المؤلف من علم وتراث وسلف .

- "اصطلاحات وتقعيدات " :
--------------------

يحرص المؤلف باستمرار على ضبط "قواعد" ونحت "اصطلاحات" لفهم انحرافات أصحاب سلطة الثقافة الغالبة ومنطلقاتها وخطورتها ، فهو يحاول أن يسمى كل شبهة بمصطلح محدد يكون بمثابة الأيقونة للوعي بها .

نجد ذلك أصالة في عناوين المباحث ك " تقنية التبعيض " و " قطعنة الشريعة " ، و " مؤدى غثاثة الرخص" ، و "حاكمية الذوق الغربي " .... وغيرها

وفوق ذلك تجده ينحو نحو الترادف في المسميات والاصطلاحات ليحكم ضبط الفكرة، فحالة " عزل النص عن التجربة " يسميها ب " تجريد الإسلام " ، و " تقنية التبعيض " يصفها ب " تجزئة الوحي " و " الإيمان المشروط " .

وقد نجد في بعضها تكلفاً تمجه الأذواق ؛ غير أنها في الجملة داعمة لفهم حقائق الطروحات وخطورة مراميها .

وتجد في طيات الكتاب تقعيدات بارعة وتشخيص دقيق وعميق يستحق أن يقف معها القارئ وقفات متمعنة :

من ذلك الكذب على الله في المعاني عند النخب المثقفة المتغربة ص: 42 .

وأن تأويل وإحداث مبتدعة عصرنا أكثره في ( التشريعات العملية ) ص:44

واستقراؤه لا نعطافات التعارض بين الأحكام الشرعية والثقافية الغربية الغالبة في المشهد المحلي : ص: 22.

وتشخيصه لمخاض الليبرالية المحليه في كونها نتاج إجراءات مبسطة من احتكار رؤساء التحرير فرص الكتابة وبذل المكافآت لمن يكتب بلغةٍ ما ، لا ستمالة الشباب ضعفاء النفوس ص : 62 .

وكشفه لأصل ضلال الطوائف الفكرية المعاصرة في باب ( الموقف من المخالف ) ص : 170

- استقلال واعتزاز :
-------------

ستشعر -ولابد- وأنت تقرأ الكتاب بالثقة في دينك ومنهجه ومبادئه ، ذلك أن المؤلف يوطد مقررات الشريعة في مختلف السجالات ويفند عوارضها بكامل الثقة ولاعتزاز ، فلا يتكلف التنزل المستكين أمام حجج الأخرين ليخرج منها بطرفٍ خفي ، ولا يوارب في رفض الدعاوي المضللة مهما علا النعيق بها ، فهو يرفض التناقض بين إطلاق حرية اللسان وتقييد حرية اليد "إنكار المنكر" وفق المفهوم الغربي بنبرة صاخبة ص : 28-29

ويتحدث عن " مفاهيم العزة ، والكرامة ، والإباء والشموخ .." كعلاج لمشكلة الاستبداد السياسي والثقافي ص30-31

- وكذلك في تشنيعة على طائفة من الشرعيين المتناقضين بسبب دخول شعبة من شعب الحرية الليبرالية الغالبة بين موقفهم ممن انتقد أشخاصهم وذواتهم مقابل من ينتقص من دين الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ص212-213.

- إلى الحجة البالغة : حوارٌ مقنع ونفاذ عميق :
-----------------------------

يستند الكاتب كثيراً إلى أسلوب الحوار تجاه الشبه التي يناقشها إذ في أسلوب الحوار تبسيط للأفكار وإقناع بالحجة ، تأمل سلاسة وسلامة المنطق الحواري في كشف الخضوع المضمر للثقافة الغالبة ص-32.

- وهو يستند إلى أدوات منطق الحجاج العقلي من : الإلزامات وإظهار التناقض ، والأسئلة التي تورد على الأفكار الهشة فتفككها ...، تجد نماذج من ذلك ما بين ص95-98 ؛ فقد استخدم مصطلحي " يلزم من .." و " بناء على ذلك .." سبع مرات ليترك منطق "حاكمية الذوق الغربي" هشيماً .

- وفي تساؤل حول :"هل نطور الوحي ليتناسب مع الذوق المعاصر ' أم نطور الذوق المعاصرة ليرتقي إلى الوحي" بيّن أن " أرقاء الثقافة الغالبة ، يفضلون التغافل عنه ولازوار أمامه" ص:102-103

- التركيز على اعتبار المآلات :
-------------------

يعمد الباحث إلى توجيه دفة الحوار حول الأفكار إلى المآلات دون الانشغال بتعرجات التنظير والاستدلال وتزوير المبدأ ، فهو ينطلق من قاعدة أن النتائج النهائية لأيه فكرة تكشف الهشاشة العلمية في الفكرة ذاتها" فيطبقها على فكرة أن معيار الرخصة وجود فتوى وليس وجود دليل " !! ص76-77

ومن تقريره أن "دراسة آثار المبدأ ولوازم القاعدة هي التي تكشف الاطراد وعدمه .." يجلي تهافت "حاكمية الذوق الغربي" ص93 .

ومثل ذلك في "استراتيجية اللابديل" ص161.

- أولويات الشبهات :
-----------

قد يؤخذ على الكاتب أن شبهات أصحاب سلطة الثقافة الغالبة ليست على نفس الدرجة من الأهمية ، أوقل من الخطورة والانتشار والتداول الإعلامي .

فالمتأمل يجد إشكالات تتأخر عن أهمية ما سواها .. ، فقضايا :" ضغط الثقافة الغالبة على الشعائر ، صلاة الكسوف نموذجاً" و"التركيز على الرواة المكثرين" و"وتوظيف نقد المتون " و "كسر الخصوصية العيدية " و "آيات الغزو .. " ؛ كل هذه ليست بالتأكيد بدرجة المباحث التي في صدر الكتاب في الأهمية ، ولو اقتصر على الأهم لحافظ على تركيز القارئ بأن يجعل من الإشكالات الأولى مقياساً يجري عليه الفروع التي أردفها في ذيل الكتاب ..

وربما أن السبب وراء ذلك في كون الكاتب جعل من المسائل والمعارضات التي صالاها بشخصه معياراً لما طرح ، ولو أنه وسع دائرة الاستقراء لقصر مباحث السجال في أوليات ما كتب .

- مرجع أصيل :
--------

ومع ذلك فالكتاب يستحق أن يجعل منه مرجعاً للشباب الذين ينفتحون - أو يريدون أن ينفتحوا - على السجالات الفكرية المعاصرة في أقنية الفكر والإعلام ، ليمثل لهم هذا الكتاب مصلاً مضاداً تجاه فيروسات الشبهه الخطافة ، ومضلات الأهواء المردية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*{مركز البيان للبحوث}
ـــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الثقافة, الغالبة, سلطة


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع سلطة الثقافة الغالبة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سلطة مغربية باردة بالصور Eng.Jordan البيت السعيد 0 06-13-2013 02:52 PM
سلطة تركية Eng.Jordan البيت السعيد 0 06-18-2012 07:25 PM
سلطة الطبقات بالصور Eng.Jordan البيت السعيد 0 06-18-2012 07:21 PM
سلطة الفتوش Eng.Jordan البيت السعيد 0 06-16-2012 03:20 PM
سلطة دبي للخدمات المالية تحذر من بنك وهمي مهند أخبار اقتصادية 0 01-09-2012 11:18 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 08:25 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59