#1  
قديم 08-03-2015, 07:14 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة لبس الحرير والذهب والفضة


لبس الحرير والذهب والفضة
ــــــــــــــ

(الشيخ محمد بهجة البيطار)
ـــــــــــــــ

18 / 10 / 1436 هــ
3 / 8 / 2015 م
ـــــــــ

69046.jpeg


لبس الحرير والذهب والفضة

يحرم لبس الحرير الخالص أو الغالب على رجال هذه الأمة دون نسائها، ومثله الذهب والفضة فقد حرم لبسهما، واستعمال أوانيهما أيضاً، للأحاديث الواردة في ذلك، ففي حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عند أحمد وأصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أحل الذهب والحرير للإناث من أمتي وحرم على ذكورها: وعن عمر رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تلبسوا الحرير فإن من يلبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة".

وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من لبس الحرير في الدنيا فلن يلبسه في الآخرة" متفق عليهما. ومن ذلك ما عند البخاري بلفظ "الذهب والفضة والحرير والديباج لهم في الدنيا ولكم في الآخرة".

وعن حذيفة قال: نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة وأن نأكل فيها وعن لبس الحرير والديباج وأن نجلس عليه" وأخرج مسلم وغيره عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الذي يأكل ويشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر (يصوت) في بطنه نار جهنم، زاد الطبراني، إلا أن يتوب".

قال في نيل الأوطار - بعد رواية الأحاديث المتقدمة وما في معناها "وإذا لم تفد هذه الأدلة التحريم، فما في الدنيا محرم" ا.هـ.

وذكر الشيخ موفق الدين رحمه الله في كل كتبه أن لبس الحرير وافتراشه محرم واستدل عليه بالأحاديث الواردة فيه، وكذلك الشيخ وجيه الدين بن المنجي قال يحرم الحرير لباساً وافتراشاً. وقال الخطابي عند عقول صلى الله عليه وسلم "إنما يلبس هذا من لا خلاق في الآخرة" المراد بهذا الخطاب لباس الحرير ولباس الذهب دون الملك وسائر التصرف بدليل الأحاديث المصرحة باللبس، ولأنه المعهود والمعروف في استعمال الشارع".

وقد اختلفوا في تعليل الحكم فقالوا إنما لأنها أنفس مال لأهل الدنيا فلبسها واستعمالها يكسب العجب والفخر والخيلاء، وفيه كسر لقلوب الفقراء، وتشبه بالأعاجم وهو منهي عنه - وأقول: الذي يظهر لي أن العلة في حرمة استعمال الذهب والفضة هي والله أعلم كونهما نقدين، وبهما يقع التعامل، وعليهما تتوقف مصالح العباد ومعايشهم ففي ذلك الاستعمال المنزلي احتكار لهما؛ وتعطيل للانتفاع بهما؛ وهو بمعنى كنزهما، ومنع حق الله فيهما - وهو الزكاة الشرعية، وقد قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [التوبة: 34].

وأما الحرير الخالص ففي لبسه بذخ وسرف ومخيلة، بل فيه أيضاً كما في الذهب والفضة – مفسدة تشبه الرجال بالنساء في الحلل والحلي والزينة، وقد تقدم بيان ما في ذلك من المفاسد والمضار.

لبس ما نسج من حرير وغيره؛ والذهب مقطماً:
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصمت من قز؛ وقال ابن عباس: "أما السّدى والعلم فلا نرى به بأساً" رواه أحمد وأبو داود والحاكم بإسناد صحيح والطبراني بإسناد حسن كما قال الحافظ في الفتح.

المصمت: الحرير الخالص الذي لا يخالطه صوف ولا قطن ولا غيرهما؛ وقوله السدى – بوزن الحصى هو خلاف اللحمة؛ وهو ما مد طولاً في النسج؛ والعلم هو رسم الثوب ورقمه، وذلك كالطراز والسجافة؛ وفي نيل الأوطار الحديث يدل على جواز لبس ما فيه الحرير هذا المقدار. وقد قيل إن ذلك محمول على أنه أربع أصابع أو دونهما أو فوقها إذا لم يكن مصمتاً جمعاً بين الأدلة، ولكنه يأبى الحمل على الأربع فما دون قوله في حديث الباب "شبر من ديباج" فإن الظاهر أنها من ديباج فقط لا منه ومن غيره. وعن معاوية قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ركوب النمار - وفي رواية النمور وعن لباس الذهب إلا مقطعاً" رواه أحمد وأبو داود والنسائي. المراد بجلد النمور ما يوضع على سراج الفرس أو رحل البعير، وقالوا إنما نهى عن ركوبه لما فيه من الزينة والخيلاء؛ ولأنه زي العجم، وقد تقدمت أحاديث النهي عن التشبه بغير المسلمين؛ وبينا علة ذلك وحكمته. وقوله "وعن لبس الذهب إلا مقطعاً".

في النيل: قال ابن رسلان في شرح سنن أبي داود "المراد بالنهي الذهب الكثير، لا المقطع قطعاً يسيرة منه تجعل حلقة أو قرطاً أو خاتماً للنساء، أو في سيف الرجل، وكره الكثير منه الذي هو عادة أهل السرف والخيلاء؛ وقد يضبط الكثير منه بما كان نصاباً تجب الزكاة فيه" وقد ذكر مثل هذا الكلام الخطابي في المعالم وجعل هذا الاستثناء خاصاً بالنساء، قال: لأن جنس الذهب ليس بمحرم عليهن كما حرم على الرجال". أقول: ومما تقدم يعلم حكم استعمال الذهب والفضة في غير الأكل والشرب، فمن قصر الحرمة على مورد النص؛ أباح استعمالها في غير التختم بالذهب، واستعمال أوانيهما بالأكل والشرب، كالسلاسل والنظارات وساعات اليد والجبب وغيرها، ومن جعل استمال في غير الأكل والشرب بمعناهما منع منه.

والذي يظهر لي أن عدم استعمالها في غير ما ضرورة، هو الأحوط في الدين لأنهما نقدان متداولان بين الناس، ففي استعمالها في الأسلحة والأواني والساعات وغيرها تعطيل للانتفاع بهما وللمصالح المقصودة منهما، وها نحن أولاء نرى أولي السرف والترف قد تفننوا في استعمال الذهب والفضة والحرير، حلياً وحللا، ولباساً وفراشاً وزينة وتفاخراً وتكاثراً، وعجباً وخيلاء؛ ومنعوا حق الله فيها وحق العباد؛ ومن الشبان الذين هم رجال الأمة وعنوان المستقبل من تزينوا بالأسورة والسلاسل والخواتم الذهبية كالنساء ووضعوا المساحيق على وجوههم، وأماتوا الرجولة الصحيحة في نفوسهم وشاركوا النساء في ملابس الزينة وتبديد الثروة، فزادوا الأمة ضعفاً وبؤساً.

بل الداهية الدهما والبلية العظمى أن يأخذ بعض جهال الملوك وأغبياء الأغنياء وبسطاء العوام.. القناطير المقنطرة من الذهب والفضة فيذيبونها ويصبوها فوق القباب والمشاهد والأضرحة؛ ويزينوا بها المنارات والمزارات ويضعوا في مقاصير القبور وحجرها أنواع الحلي والزينة والمجوهرات ويعلقوا فوق جدرانها الملابس والنفائس والذخائر ويجعلوها كلها وقفاً لا ينتفع به أحد، ويتركوا المساكين من حولها يندبون حظهم فيها ونصيبهم منها، ألا إنها ليست قربة ولا صدقة ولا وقفاً على أحد، وأقسم أن لو خرج أولئك الصالحون من قبورهم أنكروا هذه الأعمال الشائنة إنكاراً، ولما أبقوا عندهم من هذه الأموال درهماً ولا ديناراً، بل أنفقوها على المستحقين من الفقراء والمساكين وسائر مصارف الزكاة الشرعية، أو وقفوها على مصالح الأمة العامة كسد حاجة المعوزين وإحياء علوم الدين، وتشييد المدارس؛ وتعليم الصناعات، وترقية شؤون الأمة الدينية والدنيوية.

النحاس والحديد:
أما النحاس والحديد المذكوران في سؤال الأستاذ السائل فهما اللذان ينبغي أني يتخذ منهما أواني الاستعمال، كما تصنع آلات الحرب والقتال، قال تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ﴾ [الحديد: 25]، فالبأس الشديد في الحديد بما كانوا يصنعون منه من السيوف والرماح، وسائر آلات الكفاح، وبما ينشئون الآن من أنواع السلاح كالمدافع البرية، والبوارج الحربية، والأساطيل الجوية، وقوله تعالى ﴿ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ﴾ أي في معايشهم ومصالحهم كالأواني المنزلية والآلات الصناعية.

أليس عجباً من أمة هذا كتابها أن تغفل عن مثل هذه الآيات الكريمة، وتستهلك الذهب والفضة في أنواع الزينة، التي تفسد بأس الأمم القوية فكيف بأمة ضعيفة كأمتنا، ويقول بعض المغفلين: إن في تزيين المشاهد بالذهب والفضة والمعلقات تعظيماً للإسلام وترهيباً للعدو، وهم يرون العدو قد غزا بلاد الإسلام واستولى عليها، ولم ترهبه تلك الزينة منها؛ ولم تصده عنها، بل هي التي أطمعته وإنما كان يصده ويرده إنفاق تلك الكنوز من الذهب والفضة والأعلاق والذخائر في تجهيز الجيوش؛ وبناء المعاقل والحصون.

-------------------
المصدر: مجلة الهدي النبوي
المجلد الرابع - العدد 40 - 15 صفر سنة 1359هـ


----------------------------------------------------
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الحرير, والذهب, والفضة


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع لبس الحرير والذهب والفضة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حلب.. وطريق الحرير Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 06-05-2013 10:11 AM
تأويل رؤيا الذهب والفضة وسائر المعادن والجواهر Eng.Jordan الملتقى العام 1 01-31-2013 08:19 PM
طريق الحرير اوقات نثار الحرف 14 04-25-2012 04:57 PM
حكم لبس الذهب والفضة جاسم داود شذرات إسلامية 0 02-22-2012 03:27 AM
برنت يرتفع إلى 114 دولاراً والذهب إلى 1613 مهند أخبار اقتصادية 0 01-09-2012 10:58 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 03:48 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59