#1  
قديم 10-18-2019, 01:59 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي موسوعة الاستعمار .. الدول الأوروبية في الخليج العربي


الدول الأوروبية في الخليج العربي
من القرن السادس عشر إلى القرن التاسع عشر
تأليف: نتاليا نيكولايفنا تومانوفيتش
ترجمة: سمير نجم الدين سطاس
مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث- دبي
سنة 2006م، 354ص، 24سم.
إذا نظرنا إلى أحداث اليوم من وجهة نظر تاريخية، سنلاحظبالتأكيد أن الأهداف الأساسية، والاتجاهات، والأساليب التي تتبعها الدول التي تصبوا إلى السيطرة على منطقة الخليج العربي باقية على حالها على مدى أربعة قرون على الرغم من تنوع المصالح وتعدد طرق التأثير الحديثة للإمبريالية.
يقع الخليج العربي على تقاطع طرق تجارية عالمية. وبفضل موقعة الجغرافي الملائم، حيث تتلاقى أوربا وآسيا وإفريقيا، استطاعت طبقة التجار المحلية الاغتناء منذ القدم من الوساطة التجارية بين بلدان الشرق الأدنى والأوسط: جزيرة العرب، وتركيا، وفارس، والهند. وكانت أقصر الطرق بين أوربا والهند والشرق الأقصى وأفضلها في القرون الوسطى تمر من الخليج العربي. وفي عصر اكتناز رأس المال الأولي جذبت ثروات هذه المنطقة، وصلاتها التجارية الواسعة الأوربيين الباحثين عن الثروة، والناس من مختلف المهن، والوظائف، والرتب: كالتجار، والرهبان، والساسة، والعسكريين، والرحالة وغيرهم. وسرعان ما أصبح الخليج العربي، بعد اكتشاف الطريق البحري من قبل فاسكو دي غاما ووصوله إلى الهند، منطقة هامة للتوسع الاستعماري للدول الأوربية في النصف الشرقي من الكرة الأرضية. فهنا، وكما في بقية أصقاع العالم، خاضت هذه الدول صراعاً من أجل الهيمنة. وكان التفوق فيه سجالاً بينها. وكان ذلك يتوقف على وضع المحطات التجارية لهذه الدول، وقواعدها العسكرية في الخليج العربي. ولتسليط الضوء على تاريخ التوسع الاستعماري للدول الأوربية : البرتغال وهولندا وفرنسا وبريطانيا في منطقة الخليج العربي، وتوغل بريطانيا إلى أعماق هذه المنطقة، وسعيها الدؤوب لتعزيز مواقعها من خلال التأثير السياسي أو الاقتصادي أو العسكري، تقدم الباحثة هذا الكتاب الذي قسمته إلى مقدمة وخمسة فصول وخاتمة.
أشارت الباحثة في مقدمة الكتاب إلى أن الصراع من أجل الهيمنة على منطقة الخليج كان أحد الأسباب التي أدت إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى. غير أن الهزيمة التي منيت بها ألمانيا في الحرب قد أخرجتها من دائرة الدول المنافسة لبريطانيا، وحرمتها من المكاسب الاستعمارية. وعند ذلك اشتدت التناقضات بين بريطانيا والدول الأخرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية. واشتد صراع التنافس بين هذه الدولللاستيلاء على موارد النفط في بلدان الشرق الأوسط.
يبين الفصل الأول من الكتاب المعنون بـ "الدراسات التاريخية" أن دراسة التوسع الأوربي في منطقة الخليج العربي بدأها المستعمرون أنفسهم. فقد نشر البرتغاليون والهولنديون من بعدهم مذكرات عن بحارتهم ورحالاتهم، ورسموا الخرائط الجغرافية للمنطقة، ووضعوا وصفاً لطرقاتها وأراضيها، لأهداف خاصة بهم. وبعد أن أبعد الإنكليز أسلافهم تابعوا عملهم في المضمار نفسه. ففي أوائل القرن التاسع عشر بدأت تظهر في إنكلترا، إلى جانب العديد من مذكرات الرحالة والمغامرين، مؤلفات تقوم بعرض الوقائع والأحداث. وهنا تشير الباحثة إلى أن الوثائق البريطانية المنشورة وغير المنشورة تحوي معلومات قيمة، إلا أنها تحمل في طياتها وجهة النظر البريطانية في تفسير الأحداث التاريخية والدفاع عن السياسة البريطانية في منطقة الخليج العربي، الأمر الذي يتطلب من الباحث أن يمعن النظر والبحث في كل وثيقة يستقي معلوماته منها، حتى يستطيع التوصل إلى الحقيقة المجردة. ولإنجاز هذا البحث أشارت الباحثة في هذا الفصل إلى المصادر التي استعانت بها وقسمتها إلى: الوثائق، وتشمل نصوص المعاهدات والمراسلات الرسمية ، والمراسلات الخاصة والمذكرات التي كتبها أشخاص ممن شاركوا بشكل مباشر في صناعة الأحداث؛ والمراجع العلمية التاريخية المتعلقة بدائرة القضايا قيد البحث.
أما الفصل الثاني المعنون بـ "توسع الدول الأوربية في الخليج العربي من القرن السادس عشر إلى القرن التاسع عشر"، فقد تحدثت فيه الباحثة بداية عن المواصفات الجغرافية لمنطقة الخليج، ومناخها، وطبيعة تربتها، وزراعتها، ثم عن تجارتها التي بهرت أنظار البرتغاليين، ودفعتهم لإرسال أساطيلهم؛ لإنشاء إمبراطورية تجارية بحرية تعدهم بثروات لا تنضب. وأشارت في هذا الخصوص إلى أن منطقة الخليج العربي شهدت تطورات تاريخية بالغة الأهمية، فصلت بين حقبتين من حقب التاريخ الإقليمي للمنطقة عندما تقدم الأسطول البرتغالي بقيادة فاسكو دي غاما ، وبسط سيطرته على سواحل الخليج بعد سلسلة من المعارك غير المتكافئة، وذلك في أواخر القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر. وأشارت إلى أن طبيعة السيطرة البرتغالية كانت من أسوأ النظم الاستعمارية، إذ عمل الاستعمار البرتغالي على تدمير القاعدة الاقتصادية الوطنية، وربط الاقتصاد الوطني لمنطقة الخليج العربي بالسوق البرتغالية. وانتهى الاستعمار البرتغالي للمنطقة، الذي استمر مدة قرن ونصف القرن من الزمان على يد اليعاربة، وفي مقدمتهم ناصر بن مرشد اليعربي، الذي تمكن من توحيد قبائل عمان وجنوبي الخليج، وبدأ حرب التحرير عن طريق مهاجمة المواقع والحصون البرتغالية، وذلك خلال الربع الثاني من القرن السابع عشر. كما أشارت الباحثة في هذا الفصل إلى أنه بتصفية النفوذ البرتغالي من الخليج، بدأ الصراع بين الإنكليز والهولنديين في السيطرة على تجارة المنطقة، وهو الصراع الذي كتبت فيه الغلبة للهولنديين حتى نهاية القرن السابع عشر، عندما بدأ يزداد النفوذ البريطاني على حساب النفوذ الهولندي. أما فرنسا فقد بدأت بدورها تسعى للحصول على نصيبها من ثروات الشرق.
وتحدثت الباحثة في هذا الفصل عن ضعف الدولة الصفوية في فارس، واستغلال الإنكليز لذلك من أجل ترسيخ مواقعهم في الخليج العربي، الوقت الذي تعزز فيه أيضاً الوجود الفرنسي في المنطقة، بقيام الفرنسيين بتأسيس وكالة تجارية في بندر عباس في عام 1664، وحصولهم على امتيازات تجارية. وبذلك غدت إنكلترا وفرنسا الدولتين الأساسيتين في العالم اللتين تتنافسان في السيطرة الاستعمارية. وأشارت الباحثة إلى أن هاتين الدولتين كانتا على درجة واحة من الاهتمام بتقويض التجارة الاحتكارية لهولندا وانتزاع سيطرتها البحرية. إلا أن دخول فرنسا في حرب السنوات السبع مع بريطانيا سنة 1756وهزيمتها فيها، جعلت الأخيرة تضع يدها على شبه القارة الهندية، وقد خلا لها الميدان لبسط نفوذها في المناطق المتاخمة للمحيط الهندي .
أما الفصل الثالث الذي يحمل عنوان "تنافس الدول الأوربية في بلاط الشاه في بداية القرن التاسع عشر" فقد تحدثت فيه الباحثة عن الأوضاع في بلاط الشاه، وعن المخططات التي وضعها الإنكليز للسيطرة على منطقة الخليج العربي، كتحريضهم لفارس على محاربة روسيا، وتقديم الوعود بدعمها وتخليهم عنها في الأوقات الحرجة. وكذلك تحدثت عن موقف فرنسا من ذلك، وعن منازعة الأخيرة للإنكليز السيادة، وتهديد مصالحهم في الخليج، وتمكن الإنكليز أخيراً من جعل منطقة الخليج سوقاً لترويج بضائعهم، ومركزاً سياسياً لبريطانيا في الشرق الأوسط، وقاعدة حربية تستطيع الاعتماد عليها في الوقوف في وجه من ينافسها.
أما الفصل الرابع الذي يحمل عنوان "السياسة البريطانية تجاه المشيخات" فقد تحدثت فيه الباحثة عن الأوضاع الداخلية في عمان في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وعن موقف أحمد بن سعيد من الإنكليز، وكذلك عن التنافس بين العتوب وسكان البحرين في التجارة وصيد اللؤلؤ والخلافات بين آل خليفة والجلاهمة، وعن ظهور الوهابيين على مسرح الأحداث. وبعد عرض سلسلة من الأحداث التاريخية الهامة تحدثت الباحثة في هذا الفصل عن النضال الذي خاضه القواسم ضد الإنكليز وقيامهم بشن الهجمات على السفن البريطانية دفاعاً عن حقهم في مياههم الإقليمية، الأمر الذي عدته بريطانيا قرصنة، وجردت الحملات العسكرية التأديبية لمكافحتها. وفي غضون ذلك عرَّضت القرى والمدن للقصف والدمار كما حدث في رأس الخيمة ولنجة ولافت والشارقة وغيرها. وفي هذا الفصل أيضاً تحدثت الباحثة عن الخلافات العمانية القاسمية والعلاقات الإنكليزية العمانية، وعن البطولات التي سطرها السكان العرب في مقاومتهم للمعتدين المستعمرين غير مبالين بتفوق الأخيرين الحربي.
وفي الفصل الخامس المعنون بـ "تحويل الخليج العربي إلى بحيرة بريطانية" سلطت الباحثة الضوء على الاتجاهات الأساسية للسياسة البريطانية في منطقة الخليج العربي المتمثلة بالضغط المستمر على إيران سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، والتأثير المتزايد على عمان تحت ستار علاقات الصداقة، وعن احتلال إيران لهرات، وموقف بريطانيا من ذلك، الذي يتمثل باحتلال هذه الأخيرة لجزيرة خرج؛ وكذلك عن اهتزاز هيبة بريطانيا في المنطقة، بفضل المقاومة البطولية للسكان العرب، ومحاولتها إعادة هيبتها إما بالقوة أو عن طريق المكائد وبسط نفوذها بزعم المحافظة على الأمن في المنطقة .
واختتمت الباحثة كتابها بالحديث عن الفرصة التي انتهزتها بريطانيا، حيث قامت بعقد معاهدات منفردة مع شيوخ وزعماء المنطقة البارزين وزعماءها، ثم فرضتها في شكل معاهدة سلام عامة على كل مشايخ ما أطلقت عليه آنذاك اسم "الساحل المتصالح" في يناير عام 1820. ونصت بنود تلك المعاهدة بمجملها على وقف أعمال المقاومة العربية للوجود البريطاني في المنطقة أو ما أطلقت عليه بريطانيا" النهب والسلب والقرصنة"، وتنظيم الملاحة في الخليج وتأمينها ومعاقبة المخالفين لذلك. وبذلك نصبت بريطانيا من نفسها حكماً بين شيوخ المنطقة لإخضاعهم لسيطرتها. وتعد هذه المعاهدة بداية للاستعمار البريطاني والتجزئة السياسية في المنطقة التي استمرت لأكثر من قرن من الزمان. وأتبعت هذه المعاهدة بسلسلة من المعاهدات غير المتكافئة كتلك التي فرضتها في أعوام 1835و 1892و 1902و 1922.
والخاصية التي يتميز بها هذا العمل أنه أعار أهمية كبرى لمسألة التوسع الأوربي في الخليج العربي، واعتمد على وثائق متنوعة، وبخاصة الروسية والفارسية منها. وينفي أسطورة القرصنة عن القواسم وأهل الخليج، ويؤكد أنها كانت أعمال مقاومة ضد المستعمرين، وبذلك يفند بالدلائل والبراهين ادعاءات الأوربيين، ولاسيما البريطانيين، بأن ساحل الخليج العربي كان ساحل قراصنة، يقطنه شعب لا يعرف سوى القرصنة، وأن بريطانيا وجدت في المنطقة من أجل حماية سكان هذه المنطقة وضمان أمنهم وسلامتهم.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
موسوعة, الأوروبية, الاستعمار, الخليج, اليوم, العربى


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع موسوعة الاستعمار .. الدول الأوروبية في الخليج العربي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
موسوعة الاستعمار .. الاستعمار في العصر الحديث Eng.Jordan رواق الثقافة 0 10-18-2019 01:58 PM
الاتحاد الأوروبي يحقق في امتناع بعض الدول الأوروبية عن استقبال لاجئين عبدالناصر محمود أخبار منوعة 0 06-14-2017 07:59 AM
تصعيد الدول الأوروبية ضد تركيا خطأ استراتيجي عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 03-13-2017 07:32 AM
مشروع تطوير التعليم ما قبل الابتدائي في الدول الأعضاء بمكتب التربية العربي لدول الخليج العربية Eng.Jordan بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 0 08-31-2012 06:57 PM
موسوعة حرب الخليج ... اليوميات - الوثائق - الحقائق Eng.Jordan كتب ومراجع إلكترونية 0 02-09-2012 12:12 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 02:52 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59