#1  
قديم 04-24-2017, 02:51 PM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة إذا جاز تحكيم العقل في فروع الدين جاز في أصوله.. ردّ على عدنان إبراهيم


إذا جاز تحكيم العقل في فروع الدين جاز في أصوله.. ردّ على عدنان إبراهيم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(عبدالله بن عيسى الفيفي)
ــــــــــــ

27 / 7 / 1438 هــ
24 / 4 / 2017 م
ـــــــــــــ

أصوله.. maxresdefault.jpg




الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أمّا بعد؛


فإنّ الله تعالى يقول: { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }، وفي هذه الآية أمرٌ صريح بوجوب الانصياع والانقياد والاستسلام لحُكم النبيّ – صلى الله عليه وسلم – الذي هو فرعٌ عن حكم الله – تعالى - أيّا كان نوعه، وأيّا كانت صفته، وأيّا كان شكله، استسلاماً يتضمّن دعامتين عظيمتين، هما: الإقرار والإمرار؛ وذلك يعني الإذعان للحُكم بالمعنى الظّاهر، حتّى يأتي دليلٌ يصرفه عن ظاهره.

وهاتان الدِّعامتان من أجلّ ما يتّصف به أهل السنّة، وهما اللتان حفظتا لمذهبهم اطّراده واتّساقه وسلامته من التناقض والتعارض، وكَفَتاه شرّ تسلّط الفلاسفة والمُتكلّمين وغيرهم، وقد أمر بهما النبيّ - صلى الله عليه وسلّم – أصحابه عندما نزل الوحي بتكليفهم ما لا يُطيقون مما تُخفيه الأنفس { وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ اللَّه } حيث شَكوا مشقّة ذلك عليهم إلى النبي – صلى الله عليه وسلم –، فردّ عليهم: "أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا؟ بل قولوا سمعنا وأطعنا"، وفي هذا من عظيم الأدب وحُسنُ الخُلُق مع الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم - ما فيه، والقصّة أوردها القُرطبيّ في تفسير الآية.

ومن هاتين القاعدتين الجليلتين انبثق جواب الإمام مالك الشهير، للسائل عن كيفيّة الاستواء، حين قال له: "الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة والايمان به واجب"، فرضي الله عن الإمام مالك، ما علِم أنه قد غرس بهذا الجواب الوافي شوكة في حلوق أهل الفلسفة والكلام، وأسّسَ منهجاً تسير عليه أمّة محمد – صلى الله عليه وسلم – إلى يوم الدّين.

وأمّا المتكلّمون – على شاكلة عدنان إبراهيم – فقد ابتدعوا شرطاً لقبول الأخبار، وهو موافقتها لعقولهم، ونحن وإن كنّا نجزم يقيناً بأنّ كلّ نقلٍ صحيح لا يُمكن بحال أن يُعارض العقل السّليم، إلا أنّنا لا نشترط إدراك كلّ أحدٍ لوجه تلك الموافقة العقليّة، بل يكفي ثبوت صحّة الخبر سندا ومتنا وِفقَ قواعد المُحدّثين، ثم إن بدا وجه الموافقة فبها ونِعمت، وإلا سلّمنا ورضينا، وأيقنّا بوجود حِكمة بالغة وعِلّة باهِرة ولكنّ عقولنا عجزت عن الإدراك.

ومن سَفَه المُتكلّمين أنّهم يظنّون بأنّ أهل الحديث عاجزون عن الخوض في العقليّات، وأنّهم لم يختاروا طريق الإقرار والإمرار إلا لقصور الفِكر، وضعْف النّظر، وضيق الأُفُق، والحقّ أنّ عُلماء أهل الحديث من أحدّ النّاس ذكاء، وأشدّهم نباهة، وما أعرضوا عن العقليّات "في أمور الشّرع" إلا لما اقتضته عقولُهم الرشيدة، وفِطرُهم السويّة، ولو جالوا مع أهل الكلام في العقليّات لأوردوهم لُجج البِحار، وهذا كتاب شيخ الإسلام ( درء تعارض العقل والنقل ) قد أبان فيه عن معرفةٍ بمخارج أهل الكلام ومداخلهم، حتّى أقرّ المُنصف بأنّه قد سبَر دلائل قواعدهم ومُقتضيات أصولهم وخبرها أكثر منهم.

يقول الإمام ابنُ القيم في ( طريق الهجرتين ): " كتاب شيخنا وهو بيان موافقة العقل الصريح للنقل الصحيح، فإنه كتاب لم يطرق العالم له نظير في بابه، فإنه هدم فيه قواعد أهل الباطل من أسها فخرت عليهم سقوفه من فوقهم، وشيّد فيه قواعد أهل السنة والحديث وأحكمها ورفع أعلامها وقررها بمجامع الطرق التي تقرر بها الحق من العقل والنقل والفطرة والاعتبار، فجاء كتابا لا يستغني عنه من نصح نفسه من أهل العلم، فجزاه الله عن أهل العلم والإيمان أفضل الجزاء وجزى العلم والإيمان عنه".

وممَا يجدر التنبيه عليه أنّ الإيمان ببعض ما لا يدركه العقل مقصدٌ عظيم للشّارع الحكيم، وهو سِمةٌ للمُتقين، وبه يمتازون عن الكافرين والمنافقين، يقول تعالى في أوائل البَقَرة: { الم، ذَظ°لِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ }، والغيب أمرٌ خارج عند إدراك العقل، ولا يُمكن بحالٍ أن يُحيط به، وبهذا يتحصّل أنّ العقْل تبَعٌ للإيمان ومحكومٌ به، وليس للعقل على الإيمان سُلطان أبدا، لأن الدين والإيمان طريقهما النقل الصّحيح فحسب، وأمّا العقل فمجاله المادّة لا غير، وما يتعلق بالإيمان من عقليّات فتأتي تبعاً على ما تُقرره قواعد الإيمان وتفرضه.

وفي هذا المسلك الرّشيد إشارة "عقليّة" بديعة لم يتفطّن لها أهل العقلنة من الفلاسفة والمُتكلّمين، وهي إدراك عجْز عقل الإنسان ومحدوديّة تصوّره، وكفى بهذا عِلماً وعقلا وفِطنة، وكفى بمن لا يدركها جهلاً وبلاهةً وفِتنة، ولله درّ من قال: "والعجْزعن دَرَكِ الإدارك إدراكُ"، وأعظم الجهل أن تجهل بأنك تجهل، فعقْل الانسان الذي يعجز عن معرفة كُنه الروح التي بين جنبيه، أعجز – من باب أولى – عن معرفة حقائق الغيب التي دلّت عليها النّصوص، وقد سُدّت جميع الطّرق للتعاطي مع تلك النصوص عدا طريقُ الإقرار والإمرار على ما ظهر من معانيها التي فيها كِفاية التّكليف.

لقد أطلق عدنان إبراهيم لعقله العنان؛ ليُحاكم أحاديث النبيّ - صلى الله عليه وسلّم - الصحيحة الثابتة، ويردّها وِفق مقاييس عقله ومعايير فِكره، مُحتذياً بشيخ الطائفة "إبليس" عندما ردّ حُكم الله تعالى بالقِياس { خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ }، وقديماً قيل: أوّل من قاس إبليس وما عُبدت الشمس والقمر إلا بالمقاييس، ورحم الله عُمر الفاروق – رضي الله عنه – عندما بزغ نجم هذه الطائفة في أمّة محمد – صلى الله عليه وسلم – على يد صبيغ بن عسل العراقي، فما كان منه إلا أن أطفا فتنته بجريد النخل وعراجينه.

وإن كان عدنان إبراهيم ومن لفّ لفّه قد فتحوا باب العقل على مصراعيه بالكيفيّة التي نراها في محاضراتهم وخُطَبِهم، ألا فليخبرونا ما الفرق بينهم وبين مسلك الملاحدة؟ وما الذي يميّز بينهم؟ بل إنّه يصْدُقُ على المُتكلّمين أمثاله، أنْ يكونوا فلاسفة أصحابُ هوى وتشهّي، يؤمنون ببعض الفلسفة ويكفرون ببعض.

فإذا كُنتَ يا عدنان تردّ النصوص الصّحيحة الصريحة الثابتة في البخاري ومُسلم لأنّ عقلك لم يقبلها، فلا تثريب على المُلحد أن يجحد الله ويكفر بالقرآن ويسخر بالرُّسُل ويُنكر البعث والنشور لأنّ عقله لا يقبلها، فالباب واحد، وما سوّغته لنفسك يسوّغه المُلحد لنفسه بالطريقة ذاتها، بل ويستطيل عليك بأن يُلزمك بما يجعلك بين خيارين لا ثالث لهما: إما الإلحاد، أو الإيمان على طريقة أهل السنّة المُهتدين، القائم على رُكني الإقرار والإمرار كما تقدّم.

والعجيب أنّ الدكتور - هداه الله - يجعل منهج أهل الحديث سببًا في ظهور الإلحاد، لأنّهم ليسوا أصحاب "كيف، ولماذا، وما العلّة، وما المغزى" وهذا بحسَب تصوّره القاصر إلغاءٌ للعقل، وما عرف أنّ أهل الحديث قد قدَرُوا العقْل حقّ قدْرِه وأنزلوه في محلّه اللائق به، ومَثَلُ أهل الحديث وأهل الكلام، كرجُلَين لدى كلّ واحدٍ منهما سيارة، فأمّا الأوّل فهو يعلم بأنّ السيارة إنّما يؤتى بها من الطّرق البرّيّة السالكة المُعبّدة ولا يستخدمها إلا في مثل هذا، وأمّا الآخر فيظنّ بأنّ السيّارة بما فيها من قوّة محرّك، ومواصفات سلامة وأمان، تستطيع خوض البحر والجري فيه، فلمّا ركبها وخاض بها عرض البحر جعلت تطفو فوقه قليلا حتى توسّطته، ثُمّ دخل الماء إلى جوفها فغرقت وغرق معها.

وأمّا سبب ظهور الإلحاد فهو بلا ريب منهج عدنان إبراهيم وأمثاله، ووالله لا يُنكر هذه الحقيقة الناصعة الظاهرة إلا أجهل الجاهلين، لأن المُتكلّمين ينطلقون من نفس مبادئ الفلاسفة المُلحدين، وهم فرعٌ عنهم إلا أنّهم أصحاب هوى كما أسلفتُ، يؤمنون ببعض العقل ويكفرون ببعض، فهم يُحكّمون العقل في فروع الدّين ولا يُحكّمونه في اًصوله، وإذا جاز تحكيم العقل على فروع الدّين فبأيّ حقّ ودليل وبُرهان يُمنع من الأصول..!!

وبهذا يُعلم أنّ المُلحد لا يُمكن أن يستطيل على السُنّي بحال، لأن السُنّي يكفيه صحّة الخبر، وأمّا المُتكلّم فما أسهل إلزامه بلوازم أهل الفلسفة والإلحاد، وإن لم يلتزمها بطلت دعاويه الفارغة، وأصبح بين الإلحاد أو الإيمان على طريقة أهل السُنّة، وعليه فإنّ تحصين الشباب من فِتَن الإلحاد كما يُدندن الدّكتور حول ذلك كثيرا، إنّما يكون بتعليمهم الإيمان وغرس جذوره في قلوبهم، وأمّا تعليمهم المنطق والفلسفة، وتعويدهم على عرض النّصوص على العقول قبل الإيمان بها، بغضّ النظر عن صحّتها وثبوتها, فإنّ هذا أخذُ بأيديهم إلى ساحات الإلحاد ودفعٌ لهم إلى متاهاته، لأن الشّاب في المرّة الأولى سيعرض حديثاً على عقله، وفي المرّة الثانية آيةً قُرآنية، ثُمّ يخوض في أمور القدر، ثم في أمور الغيب، ثمّ الوجود والكون، وينتهي إلى ربّ العالمين سُبحانه وتعالى، ولا يحقّ لك منطقا وعقلا أن تُبيح له الخطوة الأولى وتمنعه من الثانية والثالثة، وليس هناك حل إلا أن يوصد باب العقل، ويُفتح باب الإيمان الذي لا يُزيح العقل مُطلقا ولكن يضعه في موضعه السليم، المُناسب لوظيفته وقُدُراته.

وممّا يَشْغبُ به الدكتور كثيرا، قضيّة الكُفر والتكفير، حتى يكاد يُلغي الكُفر والتكفير من الوجود، وهذا دليلٌ على جهله بالعقليّات التي يُجعجع بها، لأنّ الكُفر والإيمان نقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان، فإمّا كُفرٌ وإمّا إيمان { هو الذي خلقكم فمنكم كافرٌ ومنكم مؤمن }، وإذا ظهر الكُفر البواح وتوفّرت الشروط وانتفت الموانع، ما المانع من التّكفير! فأهل السُنّة وسطُ بين الخوارج والمُرجئة، فكما أنّهم يتورّعون في الإقدام على التكفير ويحتاطون لذلك أشدّ الاحتياط، فمن ورَعِهم وديانتهم واحتياطهم أنّهم يُكفّرون من ظهر منه الكُفر البواح بعد توفّر الشروط وانتفاء الموانع؛ لأنّه يترتّب على ذلك عقائد وأحكام وحدود هي من شريعة الله، ويجب مُراعاتها والقيام بأمرها.

والرّجل يتهكّم كثيراً بأهل السُنّة، ويصمهم بالتشنّج والتشدّد والجفاء، وهو أحقّ بهذه الأوصاف منهم، خصوصا مع الأحاديث والآيات، فهو صاحب تشنّج وجفاء وغِلظة وقلّة حياء مع أحاديث النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فلا أسهل عليه من ردّ الحديث الثابت الصحيح الذي تلقّته الأُمّة بالقبول، حتى أشياخه من أهل الكلام المُتقدّمين لم يتجرءواعلى ردّها، ومن عجائبه أنّه يستشهد بالحديث إذا راقَ له ولو كان يُناقض طريقته العقلانية في قبول النص، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، استشهاده بما ذكره الثعالبي وابن عبد البر في التمهيد عن ابن عمر، قال: "خرجتُ مرة فمررت بقبور من قبور الجاهلية، فإذا رجل قد خرج من القبر يتأجج نارًا في عنقه سلسلة ومعي إداوة من ماء، فلما رآني قال: يا عبد الله اسقني. قال: قلت: عرفني فدعاني باسمي، أو كلمة تقولها العرب: يا عبد الله، إذ خرج على إثره رجل من القبر فقال: يا عبد الله: لا تسقه، فإنه كافر، ثم أخذ السلسلة فاجتذبه فأدخله القبر. قال: فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته، فنهى أن يسافر الرجل وحده"، فهذا الأثر رغم أنّه ضعيف، ليس خُرافيا عند عدنان إبراهيم، وصالحٌ للاستشهاد به، بينما الأحاديث الصحيحة الصريحة في المسيح الدجّال ونزول عيسى عليه السلام وظهور المهدي، فهي أحاديث خُرافة لا يقبلها العقل..!! والرّجلُ أصلاً حاطبُ ليلٍ في الحديث، وأظنّه لا يعرف من الحديث إلا اسمه، فهو ينسب أحاديث ضعيفة إلى البخاري والبخاري منها براء كما فعل مع أثر ابن عُمر المُتقدّم.

ثُمّ إن مشايخ أهل السُنّة الذين يتهكّم بهم، لم نسمع واحداً منهم في يوم من الأيام يمدح نفسه، أو يذكر الكرامات التي منحها الله إيّاه بسبب ما عنده من تقوى وإيمان، كما يفعل عدنان إبراهيم الذي سمعتُه يحكي عن نفسه بأنّه يستطيع تأليف كتاب في ليلة واحدة، وأنّه قد ناظر أحد الأشخاص حتى اضطرّه إلى الهروب من مجلس المناظرة فَزِعاً، وأنّ الله قد أكرمه الله بكشف الحجاب عن الجنّ فصار يتحدّث معهم كِفاحاً، حتى إنهم قالوا له: يا مولانا ادعُ الله لنا، ولعل أولئك الجِنّ روافض قد أعجبهم نيله من معاوية - رضي الله عنه -، ومن أعجب الكرامات التي اختصّه الله بها أنّه في إحدى المرّات استطاع إضاءة نور الكهرباء بلا واسطة كما قال عن نفسه، بالرّغم من أنّه يُنكر ويستنكر أن يتحدّث الوليّ بكرامات الله عليه كما في بعض خُطبَه، ولكنّ الرّجل لديه جُملة تناقضات، وهذه واحدة منها، ولو تتبعناها لطال بنا المقام، وقد وثّق بعض الإخوة مقاطع في "اليوتيوب" تكشف عددا من التناقضات الصارخة لدى الدّكتور.

وقد لاحظتُ أنّ كثيراً من أتباعه يرمون غيرهم بما هم أحقّ به، من التعصّب والتّقليد الأعمى وإهمال العقل وعدم الاستماع إلى الطرف الآخر والإقصاء وغير ذلك من التّهم الفارغة، التي حفظوها من كثرة ما كرّرها الدكتور في خُطبه ومحاضراته، ثُمّ إنّك تكتشف بعد النّقاش معهم أنّهم لم يقرءوا الرّدود على شيخهم، ولا يعرفون طريقة أهل السنّة في التعامل مع النّصوص، ولا يعرفون ما هي مصادرهم في تلقّي العقيدة، ولم يبحثوا في صحّة ما ينقله شيخهم من الكُتُب وخصوصا الأحاديث، وإنما يكتفون بمعرفة كلّ ذلك من خلال شيخهم الذي يعوزه كثيرٌ من الدقّة والأمانة فضلا عن الاعتقاد السليم والمنهج الواضح المُستقيم، ومن يدخل في حوارٍ معهم يرى بأنّهم في الجُملة عوامّ، وبعضهم قد كرع من كُتُب الفلسفة حتى ارتوى، وبعضهم لديه موقفٌ سابق مع أهل السُنّة، وإذا سألته عن كتب العقائد لعلماء أهل السُنّة، تجده لا يعرفها ولم يسمع بها، ومتى يصل أمثال هؤلاء إلى الحقّ؟ ولو كانوا صادقين لقرؤوا في كُتُب الطّرفين ونظَروا في كلا المذهبين، ثُم احتكموا إلى الكتاب والسنّة، ولكنّ الهوى يُعمي ويُصِمّ.

ومن إنصاف أهل السُنّة أنّك تجد أكثر كُتُب العقائد عندهم قائمةٌ على إيراد الشّبه والردّ عليها، فهم قد حفظوا حقوق خصومهم قبل الرّد عليهم بأن أوردوا أقوالهم كاملة، وجاءوا بها كما هي على مُرادهم، ثُمّ بيّنوا وجه الصّواب والخطأ منها، وقلّما تجد هذا الإنصاف والأمانة والدقّة عند خصومهم، فهم إن أوردوا أقوال أهل السُنّة جاءوا بها مُحرّفة تشويهاً لها وتنفيراً منها قبل الرد عليها، ومن ذلك على سبيل المثال ما شا هدته في إحدى خُطب عدنان إبراهيم، حيث ذكر بأنّه شاهد مقطعا في اليوتيوب لأحد المشايخ الكبار في جماعته يُكفّر القرضاوي في غمضة عين، ثم أخذ يُهاجم هذا الشّيخ والمنهج الذي ينتمي إليه، وحقيقة ما شاهده هو مقطعٌ للشيخ ابن عثيمين – رحمه الله –سُئل فيه عن كلمة قالها القرضاوي بحق الله تعالى، حيث قال: إنّ الله لو عرض نفسه على العباد لما حصل على نسبة 99% كما يحصل الحُكّام، فأجاب الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – بأنّ هذا كُفرٌ بالله تعالى ويجب على قائلها التوبة أو فإنّ على الحاكم ضرب عنقه.

فانظر كيف أنّ عدنان إبراهيم اختزل القصّة في مسألة التكفير، وعرضها بشكل يوحي للسامع بأنّ حقيتها تكفيرٌ مُجرّد غير مبني على أسباب وأدلّة وبراهين، فأين العدل وأين الإنصاف وأين الأمانة، وقبل ذلك أين مخافة الله تعالى ومُراقبته..!؟

نسال الله أن يعصمنا من الزّلل ويحفظنا من الزيع وأن يهدي ضالّ المُسلمين إلى سواء الصّراط.









ــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
أصوله.., الدين, العقل, تحكيم, عدنان, فروع, إبراهيم


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع إذا جاز تحكيم العقل في فروع الدين جاز في أصوله.. ردّ على عدنان إبراهيم
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
انطلاق دورة تحكيم المسابقات القرآنية بالرياض عبدالناصر محمود شذرات إسلامية 0 04-14-2017 07:27 AM
معان: أعمال حرق وتخريب تطال فروع بنوك ومبنى حكومي Eng.Jordan الأردن اليوم 0 04-24-2014 08:38 AM
مستشار تحكيم الفااروق الملتقى العام 0 06-18-2013 08:30 PM
من المعرفة إلى العقل (بحوث في نظرية العقل عند العرب) - محمد المصباحي احمد ادريس بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 0 04-10-2013 12:54 PM
علــم الدلالـة أصوله ومباحثه في التراث العربي Eng.Jordan كتب ومراجع إلكترونية 0 11-05-2012 02:51 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 05:05 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59