#1  
قديم 06-13-2015, 06:28 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,139
ورقة مشروعك الرمضاني


مشروعك الرمضاني
ـــــــــــ

(مشعل عبد العزيز الفلاحي)
ـــــــــــــ

26 / 8 / 1436 هــ
13 / 6 / 2015 م
ــــــــــ

الرمضاني 822011432085121.jpg


هل فكرت في مشروعك الرمضاني؟ أم لا زلت تنتظر تباريك الشهر بعد؟ وهل عزمت النية هذا العام أن تكتب لنفسك مشروعاً يعبر عن شخصيتك ويكتب عن أثرك في الأرض، أم لا زلت تائهاً لم تحدد شيئاً بعد؟
ها هو شهر رمضان؛ فهل من جديد؟ بدأت الخطوات الأولى فيه، وها هو بروحه ومشاعره وآثاره وصفاء ليله ونهاره أكبر من أن يتحدث عنه إنسان، وها أنت ما زلت حيّاً وغيرك قد رحل، ومعافىً وغيرك مريض، وحرّاً طليقاً وغيرك في غياهب السجون؛ فماذا تنتظر؟ إنني أود أن أقول لك: إنك طاقة هائلة، وقدرات مكنونة، وإرادة قوية مستكنة في نفسك، ورمضان الوقت المناسب لتفجير هذه الطاقات، وإطلاق هذه القدرات، وفسح المجال لإرادة قلبك ومشاعر حياتك أن تحلِّق بهمومك إلى المعالي.
إن رمضان فرصة قد لا تتكرر في تاريخ إنسان لكونه مرة واحدة في العام، وزمنه محدود، وروح الإنسان ومشاعره في أيامه قابلة للتحليق إلى أوسع طاقات الإنسان وقدراته، وهو كذلك أكبر من أن يُستهلَك في أعمال بسيطة، وجهود غير مرتَّبة، وأولويات غير منتظمة، ومن هنا جاء الحديث معنوناً بـ (مشروعك الرمضاني). إننا نحتاج منك إلى مشروع تقف فيه أولاً مع نفسك وترتب أولوياتك وتستعرض فيه عدداً من المشاريع الممكنة وتمايز بينها على قدر حجمها وأثرها على نفسك وواقعك، ثم تختار مشروعك الرمضاني المناسب.
إن تحديدك لمشروعك الرمضاني يجعلك ترتِّب أولوياتك في شهر رمضان وتستنفر كل طاقاتك لتحقيق هذا المشروع، ويجعل لك هدفاً عريضاً تسعى لتحقيقه وتشعر بعد ذلك بأهميته.. وكم هي الأعوام التي عانقنا فيها رمضان وبكينا فيها أسفاً لفوات حظنا منه ليلة العيد؟ إن مشروعك يمكن أن يكون توبة خالصة لله - تعالى - تُقبِل في هذا الشهر على إعلان عزِّك بالهداية، وتَمَيُّزك بالاستقامة، وتعلن فيها أنك حر من ضغط الأصدقاء ورغبات الأخِلاَّء وتتجرد من كل شهواتك العارضة لتكون في هذا الشهر إنساناً كبيراً بهمِّه وهدفه ورسالته، وتعود أنت ذاتك مشروعاً كبيراً في مشروعات الأمة. وكم من إنسان ألبسه رمضان أعظم حلل التوفيق، وأخرجه يوم العيد في أبهى مباهج الأفراح! ولو لم يكن من ذلك إلا أفراح قلبك وسموُّ روحك لكان كافياً؛ فكيف إذا علمت حديث رسولك صلى الله عليه وسلم وهو يصف أثر توبتك على ربك: «لَلَّهُ أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منزلاً وبه مهلكة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه فوضع رأسه فنام نومة فاستيقظ وقد ذهبت راحلته فطلبها؛ حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش قال: أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت، ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده عليها زاده: طعامه و شرابه. فالله أشد فرحاً بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده»[1].
ويمكن أن يكون مشروعك (تجديد الصلة بالله، تعالى)، فكثير من الناس يعيش شعثاً في وقته وعبادته وصلته بالله، تعالى؛ فليس له وِرْد محدد: من صلاة أو صدقة أو قراءة قرآن أو بر وصلة ومعروف... أو له وِرْد ثابت لكنه وِرْد ضعيف لا يرتقي لمعالم الكبار، فيمكنه أن يكون مشروعه الرمضاني (توثيق الصلة بالله، تعالى) فيرتِّب قبل دخول الشهر وِرْداً ثابتاً في هذا المشروع لا يتنازل عنه في أيام وليالي شهر رمضان كله، وسيجد من صفاء قلبه ورقَّة مشاعره وحياة روحه ما لا تسعه مشاعر إنسان.
ويمكن أن يكون مشروع الإنسان (تدبُّر كتاب الله، تعالى) والوقوف على معاني آيات هذا القرآن العظيم، والشرب من معينه الصافي؛ بحيث يجعل الإنسان لنفسه أوقاتاً محددة لهذا المشروع بعد أن يحدد له كتباً من كتب التفسير تعينه على تحقيق مشروعه.
ويمكن أن يكون مشروع الإنسان (تجديد الصلة بالكتاب): فيحدد عدداً من الكتب في فنه الذي يريد أن يتخصص فيه أو مشروعِه الذي يريد أن يبنيه ويبدأ رحلة العلاقة بالكتاب من جديد، ويمكنه أن يحدد الوقت المناسب والساعات التي يود أن يمضيها في مشروعه حتى يقف على نهايته كما أراد.
ويمكن أن يكون مشروع الإنسان (إغاثة الفقراء والأيتام والأرامل والمساكين) والقيام على رعايتهم في هذا الشهر، وإيصال كل صاحب فضل إليهم وترتيب أوضاعهم والقيام على خدمتهم.
ويمكن أن يكون مشروع الإنسان (تبني مشروعات دعوية وتربوية واجتماعية) توصل رسالتها للناس في حُلَّة مؤثرة وتكتب بآثارها أروع أحداث ترقبها الأمة في حياة أجيالها.
ويمكن للإنسان أن يكون له أكثر من مشروع في رمضان؛ فيكون الأصل (تجديد الصلة بالله - تعالى - وتحقيق التقوى التي أشار الله - تعالى - لها في شرعية رمضان بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183] ثم يمضي بعد ذلك في تحقيق أهداف أخرى تصب في ذات الهدف العام وتصنع مشاريع أخرى كبرى في حياة الإنسان.
إن رمضان فرصة لإحداث نقلة مشاعرية وجسدية في حياتنا، ونقلة لتجريب رحلة المشروع وأثره في أوقاتنا، وفرصة لنقف على الفرق الكبير بين العمل العشوائي غير المرتب، وبين المشروع في حياة الإنسان.
وأذكِّر بأن القنـــاعة بالدون دنـــــــاءة، وأردد هنـا قول القائل:
وتَعْظُم في عين الصغير صغارُها
وتصغر في عين الكبير العظائمُ
لقد آن الوقت أن نخطوَ خطوات أكبر من الواقع الذي نعيشه حتى نُحْدِث الأثر الذي ننشده، وأجزم أن الوقت غير مناسب لتكرير مشاريع ميِّتة أو مستهلكة أو مشاريع تجاوزها الواقع ولم يعد لها رصيد من التأثير، أو حتى من غير المناسب أن نخوض مشاريع أقل من طاقاتنا بكثير.
وأخيراً: أذكرك - أخي - بأن (مشروعك الرمضاني) هو صلتك الحقيقية بشهر رمضان ودليل قدرتك على تفجير طاقاتك، وتحريك إرادتك وهمتك، وإطلاقك لقدراتك نحو مستقبلك العريض. وستأتي - إن شاء الله تعالى - اللحظة التي تقف فيها على تكبيرات المسلمين بفوات رمضان ودخول العيد وقد كتبتَ في تاريخ حياتك أروع الأمثلة على قدرتك على إدارة مشروع حياتك. وقد مددت في خَطْو الأمة خطوات واسعة إلى الأمام.
---------------------------------
[1] متفق عليه 
--------------------------
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
مشروعك, الرمضاني


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع مشروعك الرمضاني
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إفطار أوباما الرمضاني: الدبلوماسيون العرب بلعوا الإهانات بحضور سفير إسرائيل Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 0 07-24-2014 01:51 PM
مشروعك الرمضاني Eng.Jordan شذرات إسلامية 0 06-23-2013 11:14 AM
ماهو مشروعك في الحياة؟ Eng.Jordan شذرات إسلامية 0 04-16-2012 08:50 PM
كيف تبدأ مشروعك الصغير؟ Eng.Jordan الملتقى العام 0 03-12-2012 01:06 PM
أفضل عشر طرق لإفشال مشروعك الجديد Eng.Jordan الملتقى العام 0 01-09-2012 08:35 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 05:30 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59